الصفحات

† سيرة رائعة للقديس العظيم الانبا كاراس السائح

سيرة القديس العظيم الانبا كاراس السائح

مقدمة:

ما اعجب هذه السيرة العطرة..إنها حقآ كرائحة بخور ذكية أمام اللله.

تعجبت كثيرآ من هذه الدالة القوية التى ربطت بين السيد المسيح والأنبا كاراس ، أتأمل كيف كان يحضر أليه كل يوم ويمسك يده ..ويتحدث معه فى داله عجيبة ...لقد كانت أذن الرب قريبة من شفتيه يتكلم معه دون ان يشعر بحاجز.

أتصور حياة اهذا القديس العظيم داخل هذه البرية ...

كيف كان يصلى بكل مشاعره... كيف كانت تخرج صلواته ممتزجه بدموعه...بل وبنبضات قلبه....وكيف عاش هذه السنين متجردآ من كل شئ،

لقد ترك المناصب..ترك ملك أخيه (ثيؤدوسيوس الكبير) ..ترك المال والممتلكات وأرتفع فوق العالم وشهواته..يكفيه أن يكون مع الرب فى هذه البرية ويقول له :"معك لا اريد شيئآ على الارض" (مز 73:25)

حياة القديس الانبا كاراس:

يقول لنا الأنبا بموا أعلمكم يا اخواتى بما جرى ..فى يوم من الأيام سمعت صوتى من السماء يقول لى ثلاث مرات :"يابموا يابموا يابموا" وهنا لفت إنتباهى ان هذا الصوت صوت من السماء وغير مألوف لدى إذ لم ينادينى أحد بإسمى كثيرآفرفعت عيني إلى السماء وقلت تكلم يارب فإن عبدك سامع فقال لى الصوت :"قم يابموا وأسرع عاجلآ إلى البرية الجوائية حيث تلتقى بالأنبا كاراس السائح فتأخذ بركته لأنه مكرم عندى جدآ أكثر من كل أحد لأنه كثيرآ ماتعب من أجلى وسلامى يكون معك"

فخرجت من كنيستى وسرت فى البرية وحدى فى فرح عظيم وانا لست اعلم الطريق فى يقين أن الذى أمرنى سوف يرشدنى .. ومضى ثلاثة أيام وفى اليوم الرابع وصلت لأحدى المغارات . وكان الباب مغلقآ بحجر كبير فتقدمت إلى الباب وطرقته كعادة الأخوة الرهبان وقلت أغابى (أى محبة ) بارك عليا يا أبى القديس وللوقت سمعت صوتا يقول لى :"جيد أن تكون هنا يا بموا كاهن كنيسة جبل شهيت الذى استحق أن يكفن جسد القديسة الطوباوية "إيلارية" أبنة الملك العظيم زينون" ثم فتح لى الباب ودخلت وقبلنى وقبلته ثم جلسنا نتحدث بعظائم الله ومجده فقلت له :"ياأبى القديس هل يوجد فى هذا الجبل قديس لآخر يشبهك" فتطلع إلى وجهى وأخذ يتنهد ثم قال لى :"ياأبى الحبيب يوجد فى البرية الجوانية قديس عظيم العالم لا يستحق وطأة واحدة من قدميه وهو الأنبا كاراس"

وهنا وقفت ثم قلت" أذن يا أبى من انت " فقال لى :"أنا اسمى "سمعان القلاع" وانا لى اليوم ستين سنة لم أنظر وجه إنسان وأتقوت فى كل يوم سبت بخبزة واحده اجدها موضوعه على هذا الحجر والذى تراه خارج المغارة " وبعد أن تباركت منه سرت فى البرية ثانيآ ثلاثة أيام بين الصلاة والتسبيح حتى وصلت إلى مغارة أخرى كان بابها مغلقآ فقرعت الباب وقلت " بارك عليا يا أبى القديس" فاجابنى قائلآ:"حسنآ قدومك إلينا يا قديس الله أنبا بموه الذى أستحق أن يكفن جسد القديسة "إيلارية" أبنة الملك زينون أدخل بسلام" فدخلت ثم جلسنا نتكم وقلت له علمت أنه فى هذه البرية قديس أخر يشبهك فإذا به يقف ويتنهد قائلآ:"الويل لى أعرفك ياأبى أن داخل البرية قديس عظيم..صلواته تبطل الغضب الذى يأتى من السماء هذا الذى هو حقآ شريك للملائكة"فقلت له وما هو أسمك يا أبى القديس فقال لى :"أسمى "أبامود القلاع" ولى فى البرية تسعة وسبعين سنه وأعيش على هذا النخيل الذى يطرح لى التمر واشكر المسيح"

وبعد أن باركنى خرجت من عنده بفرح وسلام وسرت قليلآ إذا بى أجد انى لا أستطيع أن أنظر الطريق ولا أستطيع أن أسير وبعد مضى من الوقت فتحت عينى فوجدت نفسى أسير امام مغارة فى صخرة فى جبل فتقدمت ناحية الباب وقرعته وقلت أغابى وللوقت تكلم معى صوت من الداخل قائلآ :"حسنآ أنك أتيت اليوم ياأنبا بموا قديس الله الذى استحق أن يكفن جسد القديسة "إيلارية " إبنه الملك زينون".

فدخلت المغارة وأخذت أنظر إليه لمدة طويلة لأنه كان ذا هيبة ووقار.

فكان أنسان منير جدآ وهو متوسط القامة وذو لحية طويلة لم يتبقى فيها إلا شعيرات سوداء قليلة ويرتدى جلبابآ بسيطآ وهو نحيف الجسم وذو صوت خفيف وفى يده عكازآ.

ثم قال لى :"لقد أتيت اليوم وأحضرت معك الموت لأن لى زمن طويل فى انتظارك أيهاالحبيب"

ثم قلت له ما أسمك يا أبى القديس؟ فقال لى أسمى كاراس..قلت له وكم من السنسن لك فى هذه البيرة قال :"منذ سبع وخمسين سنة لم أنظر فيها وجه إنسان وكنت فى انتظارك بكل فرح وأشتياق"

ثم مكثت عنده يومآ وفى نهاية اليوم مرض قديسنا الأنبا كاراس بحمى شديدة وكان يتنهد ويبكى ويقول:"الذى أخاف منه عمرى كله جائنى فيارب إلى أين أهرب من وجهك كيف أختفى حقآ ما أرهب تلك الساعة كرحمتك يارب وليس كخطاياى".

ولما اشرقت الشمس اليوم الثانى كان النبا كاراس راقدآ لا يستطبع الحراك وأذا بنور عظيم يفوق نور الشمس يضئ على باب المغارة ثم دخل إنسان منير جدآ يلبس يلبس ملابس بيضاء ناصعة كالشمس.. وفى يده اليمنى صليب مضئ وكنت فى ذلك الحين جالسآ عند قدمى القديس كاراس وقد تملكنى الخوف والدهشة وأما هذا الانسان النورانى فقد تقدم نحو الأنبا كاراس ووضع الصليب على وجهه ثم تكلم معه كلامآ كثيرآ وأعطاه السلام وخرج.

فتقدمت إلى أبينا القديس الأنبا كاراس لأستفسر عن هذا الأنسان الذى له كل هذا المجد فقال لى بكل ابتهاج:"هذا هو السيد المسيح وهذه هى عادته معى كل يوم يأتى إليا ليباركنى ويتحدث معى ثم ينصرف" فقلت له يا أبى القديس أنى اشتهى أن يباركنى رب المجد فقال لى:"انك قبل ان تخرج من هذا المكان سوف ترى الرب يسوع فى مجده ويباركك ويتكلم معك أيضآ".

ولما بلغنا اليوم السابع من شهر أبيب وجدت الأنبا كاراس قد رفع عينيه إلى السماء وهى تنغمر بالدموع ويتنهد بشدة. ثم قال لى:"عمودآ عظيمآ قد سقط فى صعيد مصر وخسرت الأرض قديسآ لا يستحق العالم كله أن يكون موطئآ لقدميه.انه القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وقد رأيت روحه صاعدة إلى علو السماء وسط ترتيل الملائكة واسمع بكاءآ وعويلآ على أرض صعيد مصر كلها وقد اجتمع الرهبان حول جسد القديس المقدس يتباركون منه وهو يشع نورآ".، ولما سمعت هذا احتفظت بتاريخ نياحته الأنبا شنودة وهو اليوم السابع من أبيب .وفى اليوم التالى الأنبا كاراس أى الثامن من شهر أبيب أشتد المرض على أبينا الانبا كاراس وفى منتصف هذا اليوم ظهر نور شديد يملأ المغارة ودخل إلينا مخلص العالم وأمامه رؤساء الملائكة ميخائيل وغبريال ولفيف من الملائكة ذو الستة الأجنحة وأصوات التسابيح هنا وهناك مع رائحة بخور وكنت جالسآ عند قدمى الأنبا كاراس فتقدم السيد المسيح له المجد وجلس عند رأس القديس الأنبا كاراس الذى أمسك بيد مخلصنا اليمنى وقال له:"من أجلى ياربى وإلهى بارك عليه لانه قد آتى من كورة بعيدة لأجل هذا اليوم". فنظر رب المجد إلى وقال:" سلامى يكون معك يابموا الذى رأيته وسمعته تقوله وتكتبه لأجل الإنتفاع به.أما أنت ياحبيبى كاراس فكل إنسان يعرف سيرتك ويذكر أسمك على الأرض فيكون معه سلامى وأحسبه مع مجمع الشهداء والقديسين وكل إنسان يقدم خمرآ أو قربانآ أو بخورآ أوزيتآ أو شمعآ تذكارآ لإسمك انا اعوضه اعافآ فى ملكوت السموات وكل من يشبع جائعآ او يسقى عطشانآ أو يكسى عريانآ أو يأوى غريبآ بأسمك أنا أعوضه اضعافآ فى ملكوتى ومن يكتب سيرتك المقدسة أكتب أسمه فى سفر الحياة وكل من يعمل رحمة فى يوم تذكارك اعطيه ما لم تراه عين وما لم تسمع به أذن وما لم يخطر على قلب بشر" والأن يا حبيبى كاراس أريدك ان تسألنى طلبة أصنعها لك قبل انتقالك.

فقال له الأنبا كاراس ياربى لقد كنت أتلو المزامير ليلآ ونهارآ وتمنيت أن أنظر داود النبى وأنا فى الجسد وفى لمح البصر جاء داود وهو يمسك بيده قيثارته وينشد مزموه"هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فلنفرح ونبتهج فيه" فقال الأنبا كاراس إننى أريد أن أسمع العشرة فى دفعة واحده والالحان والنغمات معآ فحرك داود قيثارته وقال كريم أمام الرب موت أحباؤه وبينما القديس فى إبتهاج عظيم إذ بنفس القديس تخرج من جسده المقدس إلى حضن مخلصنا الصالح.

ثم ذهبت انا بموا وقبلت جسد القديس كاراس... وكفنته... فأشار لى رب المجد بالخروج من المغارة فخرجت ثم خرج هو مع الملائكة بتررتيل وتسابيح أمام نفس القديس وتركنا الجسد فى المغارة ووضع رب المجد يده عليها فسارت كأن ليس لها باب قط يفتح وصعد الكل إلى السماء بفرح.

وبقيت أنا وحدى واقفآ فى هذا الموضع حتى غاب عنى هذا المنظر الجميل وعندما فتحت عينى وجدت نفسى أمام مغارة الانبا أبامود القلاع فاقمت عنده ثلاثة أيام أخرى ثم تركته ورجعت إلى جبل شهيت حيث كنيستى وهناك قابلت الأخوة كلهم وقلت لهم سيرة القديس الطوباوى الأنبا كاراس السائح العظيم وكلام قديسنا من نياحة الانبا شنودة رئيس المتوحدين.

وبعد خمسة أيام جائت ألينا رسالة من صعيد مصرتقول أن القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين قد تنيح بسلام فى نفس اليوم الذى رآه الأنبا كاراس.

بركة السيدة العذراء أم النور

والقديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين

والأنبا كاراس السائح تكون معنا

ولربنا المجد الدائم آمين .

فى سنكسار الكنيسة:

تقرأ سيرة القديس العظيم الأنبا كاراس السائح فى يوم تذكاره ، وقد جائت سيرته المقدسة بسنكسار كنيستنا القبطية فى يوم 8 أبيب وهو يوم نياحته...

ويذكر أنه كان أخآ للملك ثيؤدوسيوس الكبير الذى كان ملكآ على الدولة الرومانية فى الفترة من عام (379 إلى 395 ميلادية )،

ومن تاريخ الكنيسة نستنتج أن القديس العظيم الأنبا شنودة رئيس المتوحدين تنيح يوم 7 أبيب سنة 451 ميلادية وفى اليوم التالى تنيح الأنبا كاراس السائح فى 8 أبيبب سنة 451. وتحتفل الكنيسة به فى يوم 8 أبيب.

بركته تكون معانا....آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.