خطورة خطايا اللسان
خطورة خطايا اللسان
بقلم: البابا شنودة الثالث
أخطاء اللسان كثيرة نذكر عينات منها: خطايا الكذب، مثل الكذب الصريح، انصاف الحقائق، كلمات الغش والخداع، والتضليل والتلفيق، وشهادة الزور، والمبالغة والمكر. من المبالغة احيانا كأن نقول: كل سكان البلدة الفلانية بخلاء! وقطعا ليس الكل كذلك، او ان تقول: جميع الشعب غاضبون! بينما انت لاتعرف مشاعر الجميع، عموما كلمة كل أو جميع لاتخلو أحيانا من الخطأ
ومن اخطاء اللسان ايضا كلمات الإساءة إلي الآخرين: مثل كلام الشتيمة والنرفزة، والسب واللعن، وتحقير الآخرين، والتهكم عليهم، ومسك سيرتهم، والغيبة والنميمة والدسيسة. وكذلك الفاظ التهديد والتعيير والتشهير بالآخرين، وافشاء اسرار الناس، وإلقاء المسئولية عليهم ونشر الشائعات المسيئة. ومن أخطاء اللسان ايضا مايتنافي مع العفة: مثل القصص البطالة، والفكاهات الماجنة، والاغاني العالمية، وكل كلام الإغراء الجنسي، والاسلوب غير المهذب، والعبارات الوقحة. وكل ماتستحيي الاذن الطاهرة من سماعه
ومن الاخطاء ايضا كلام القسوة، مثل الكلام الجارح الموجع الذي لايبالي قائله بمشاعر من يتحدث اليه، وكذلك ألفاظ التخويف ومااليه
ومن اخطاء اللسان مايمس العقيدة والإيمان: مثل كلام التجديف، ونشر الشكوك في المعتقدات والمسلمات، ونشر البدع وتشويه أفكار البسطاء بالخرافات والأساطير، وغير المعقول ولامقبول واستخدام اسم الله باطلا فيما لايجوز
ومن اخطاء اللسان مايتعلق بتعظيم النفس: كعبارات الكبرياء والخيلاء، والافتخار الباطل بالنفس، ومحاولة تبرير الذات في اخطائها، ومقاطعة الآخرين اثناء كلامهم، والكلام بغطرسة، وان يرفع الصغير صوته علي من هو اكبر منه، وكذلك كلام العناد والمقاوحة
ومن الناحية الاخري الكلام الخاص بصغر النفس: مثل كلام التملق والمديح الزائد الزائف، والسلوك بلسانين، وكلام النفاق والرياء وكثرة الشكوي والتذمر وعبارات اليأس
ومن خطورة أخطاء اللسان:
إن الكلمة التي تخرج من فمك لاتستطيع ان تسترجعها ابدا، وربما تندم عليها، او تحاول تبريرها او الاعتذار عنها، ومع كل ذلك فكل ماتقوله قد سمعه غيرك بكل مايحمل السماع من تأثرات، وهنا تختلف خطايا اللسان عن خطايا الفكر والقلب التي هي في داخلك المقصورة عليك وحدك ولم تنكشف للآخرين
خطورة اخري من خطايا اللسان هي تأثيرها علي السامعين، ولنفرض مثلا ان مشاعرك ساءت من جهة انسان، ومازال الأمر داخل قلبك لم يصل بعد الي من فكرت بالسوء من نحوه، فإلي هنا لاتسوء العلاقة بينك وبينه، أما إن كشفت مشاعرك بألفاظ اساءت اليه، فمن الصعب ان تعالج الامر. لم يعد الامر حينئذ مقصورا علي خطية داخلك، انما تطور الي علاقة خارجية، وربما تحاول ان تصلح هذه العلاقة فلاتستطيع، أو أن تصالح من سمع إساءتك اليه فيرفض ذلك، لان ردود الفعل التي حدثت نتيجة كلماتك، مازال تأثيرها يعمل داخل قلبك، وقد لايعرض الامر بسلام، لان كلامك قد سمعه آخرون. وهنا تتسع الدائرة ويتحمس له الذين سمعوا، او قدتتغير قلوبهم من نحوك، او قد يرد عليك بالمثل.. وفي كل ذلك ربما تؤخذ عليك فكرة لاتعجبك ولاتستطيع ان تغيرها
وبقدر مايكون كلامك جارحا، فعلي هذا القدر يكون تأثيره اعمق، وقد يزداد التأثير إن كانت لهجة صوتك تماثل قسوة الفاظك وقد يدخل ذلك لذاكرة الناس ربما لاتنسي
خطورة اخري لأخطاء اللسان: وهي انك قد تخطيء وتندم وتتوب، ولكن اخطاءك تسبب ردود فعل وخطايا لغيرك قد لايتوب عنها. وقد تسبب لغيرك عقدا نفسية من جهتك او من جهة أمثالك، ويغرس كلامك في قلوب البعض شكوكا بمن قد شهرت بهم. وتكون انت المسئول عما سببته لغيرك من أخطاء علي الرغم من توبتك
وإن كان ما أخطأت به بلسانك ليس إساءات للناس، انما حكايات ماجنة وكلمات بذيئة، صار يرددها من سمعها منك علي الرغم من توبتك، وتكون انت علي الرغم من التوبة مسئولا عن خطايا لسانك بالنسبة لغيرك
واحيانا يكون خطأ لسانك مثالا خاطئا قدمته لمن هو اصغر منك وصار يتبعه، وربما تغير انت تعليمك الخاطيء، بينما يستمر بعض السامعين في ترديده، وتكون مسئولا عنه، فماذا يكون موقف ضميرك حينئذ؟
ان خطايا اللسان ليست عقيمة، فما اكثر اولادها.. ولاشك ان الكلمة مسئولية، سواء ان سمعت او كتبت، وسعيد من يشعر بهذه المسئولية، ويقدرها حق قدرها
من خطورة خطية اللسان انها ليست مقصورة علي اللسان، بل هي اولا خطية قلب عبرت علي العقل ثم عبر عنها اللسان، فالذي يتكلم مثلا بألفاظ قاسية، واضح ان القسوة في قلبه، وكل الفاظه الخاطئة تدل علي وجود نفس الخطأ داخل القلب، إذن فخطية اللسان هي خطية مركبة: خطية لسان وخطية قلب وخطية فكر، لذلك الذي يريد ان يصلح اخطاء لسانه ويتخلص منها عليه ان يصلح أولا جذورها في قلبه
خطية اللسان اذن في الترتيب الزمني هي الخطية الثانية او الثالثة، اما الاولي ففي القلب. واحيانا تكون خطية اللسان ابنة لخطية أم. فمثلا الذي يكذب بلسانه، قديكون ذلك لكي يغطي علي خطية اخري قد ارتكبها، او خطية يريد ان يرتكبها، وفي حالة هذه التغطية باللسان تكون في قلبه إما مشاعر الخوف مما ارتكبه، او مشاعر الشهوة مما يريد ان يرتكبه
وخطية النرفزة مثلا ترتبط بخطية اخري هي عدم الاحتمال، وخطية الالفاظ القاسية ترتبط بعدم المحبة او بعدم احترام الذي يسمع
إن أدركت خطورة خطايا اللسان وخطورة نتائجها، فاحرص دائما علي انك لاتخطيء بلسانك مهما كانت الاسباب، تدرب علي ان تترك الالفاظ غير اللائقة التي تعودت عليها، وتدرب علي ان تحترم سامعك قبل ان تسيء إليه
في جريدة الأهرام – السنة 133 – العدد 44715 – يوم الأحد الموافق 10 مايو (أيار) 2009 ميلادية، 2 بشنس 1725 شهداء (قبطية)، 15 جمادى الأولى 1430 هجرية (للهجرة) – الصفحة العاشرة (10)، قضايا وآراء
بقلم: البابا شنودة الثالث
أخطاء اللسان كثيرة نذكر عينات منها: خطايا الكذب، مثل الكذب الصريح، انصاف الحقائق، كلمات الغش والخداع، والتضليل والتلفيق، وشهادة الزور، والمبالغة والمكر. من المبالغة احيانا كأن نقول: كل سكان البلدة الفلانية بخلاء! وقطعا ليس الكل كذلك، او ان تقول: جميع الشعب غاضبون! بينما انت لاتعرف مشاعر الجميع، عموما كلمة كل أو جميع لاتخلو أحيانا من الخطأ
ومن اخطاء اللسان ايضا كلمات الإساءة إلي الآخرين: مثل كلام الشتيمة والنرفزة، والسب واللعن، وتحقير الآخرين، والتهكم عليهم، ومسك سيرتهم، والغيبة والنميمة والدسيسة. وكذلك الفاظ التهديد والتعيير والتشهير بالآخرين، وافشاء اسرار الناس، وإلقاء المسئولية عليهم ونشر الشائعات المسيئة. ومن أخطاء اللسان ايضا مايتنافي مع العفة: مثل القصص البطالة، والفكاهات الماجنة، والاغاني العالمية، وكل كلام الإغراء الجنسي، والاسلوب غير المهذب، والعبارات الوقحة. وكل ماتستحيي الاذن الطاهرة من سماعه
ومن الاخطاء ايضا كلام القسوة، مثل الكلام الجارح الموجع الذي لايبالي قائله بمشاعر من يتحدث اليه، وكذلك ألفاظ التخويف ومااليه
ومن اخطاء اللسان مايمس العقيدة والإيمان: مثل كلام التجديف، ونشر الشكوك في المعتقدات والمسلمات، ونشر البدع وتشويه أفكار البسطاء بالخرافات والأساطير، وغير المعقول ولامقبول واستخدام اسم الله باطلا فيما لايجوز
ومن اخطاء اللسان مايتعلق بتعظيم النفس: كعبارات الكبرياء والخيلاء، والافتخار الباطل بالنفس، ومحاولة تبرير الذات في اخطائها، ومقاطعة الآخرين اثناء كلامهم، والكلام بغطرسة، وان يرفع الصغير صوته علي من هو اكبر منه، وكذلك كلام العناد والمقاوحة
ومن الناحية الاخري الكلام الخاص بصغر النفس: مثل كلام التملق والمديح الزائد الزائف، والسلوك بلسانين، وكلام النفاق والرياء وكثرة الشكوي والتذمر وعبارات اليأس
ومن خطورة أخطاء اللسان:
إن الكلمة التي تخرج من فمك لاتستطيع ان تسترجعها ابدا، وربما تندم عليها، او تحاول تبريرها او الاعتذار عنها، ومع كل ذلك فكل ماتقوله قد سمعه غيرك بكل مايحمل السماع من تأثرات، وهنا تختلف خطايا اللسان عن خطايا الفكر والقلب التي هي في داخلك المقصورة عليك وحدك ولم تنكشف للآخرين
خطورة اخري من خطايا اللسان هي تأثيرها علي السامعين، ولنفرض مثلا ان مشاعرك ساءت من جهة انسان، ومازال الأمر داخل قلبك لم يصل بعد الي من فكرت بالسوء من نحوه، فإلي هنا لاتسوء العلاقة بينك وبينه، أما إن كشفت مشاعرك بألفاظ اساءت اليه، فمن الصعب ان تعالج الامر. لم يعد الامر حينئذ مقصورا علي خطية داخلك، انما تطور الي علاقة خارجية، وربما تحاول ان تصلح هذه العلاقة فلاتستطيع، أو أن تصالح من سمع إساءتك اليه فيرفض ذلك، لان ردود الفعل التي حدثت نتيجة كلماتك، مازال تأثيرها يعمل داخل قلبك، وقد لايعرض الامر بسلام، لان كلامك قد سمعه آخرون. وهنا تتسع الدائرة ويتحمس له الذين سمعوا، او قدتتغير قلوبهم من نحوك، او قد يرد عليك بالمثل.. وفي كل ذلك ربما تؤخذ عليك فكرة لاتعجبك ولاتستطيع ان تغيرها
وبقدر مايكون كلامك جارحا، فعلي هذا القدر يكون تأثيره اعمق، وقد يزداد التأثير إن كانت لهجة صوتك تماثل قسوة الفاظك وقد يدخل ذلك لذاكرة الناس ربما لاتنسي
خطورة اخري لأخطاء اللسان: وهي انك قد تخطيء وتندم وتتوب، ولكن اخطاءك تسبب ردود فعل وخطايا لغيرك قد لايتوب عنها. وقد تسبب لغيرك عقدا نفسية من جهتك او من جهة أمثالك، ويغرس كلامك في قلوب البعض شكوكا بمن قد شهرت بهم. وتكون انت المسئول عما سببته لغيرك من أخطاء علي الرغم من توبتك
وإن كان ما أخطأت به بلسانك ليس إساءات للناس، انما حكايات ماجنة وكلمات بذيئة، صار يرددها من سمعها منك علي الرغم من توبتك، وتكون انت علي الرغم من التوبة مسئولا عن خطايا لسانك بالنسبة لغيرك
واحيانا يكون خطأ لسانك مثالا خاطئا قدمته لمن هو اصغر منك وصار يتبعه، وربما تغير انت تعليمك الخاطيء، بينما يستمر بعض السامعين في ترديده، وتكون مسئولا عنه، فماذا يكون موقف ضميرك حينئذ؟
ان خطايا اللسان ليست عقيمة، فما اكثر اولادها.. ولاشك ان الكلمة مسئولية، سواء ان سمعت او كتبت، وسعيد من يشعر بهذه المسئولية، ويقدرها حق قدرها
من خطورة خطية اللسان انها ليست مقصورة علي اللسان، بل هي اولا خطية قلب عبرت علي العقل ثم عبر عنها اللسان، فالذي يتكلم مثلا بألفاظ قاسية، واضح ان القسوة في قلبه، وكل الفاظه الخاطئة تدل علي وجود نفس الخطأ داخل القلب، إذن فخطية اللسان هي خطية مركبة: خطية لسان وخطية قلب وخطية فكر، لذلك الذي يريد ان يصلح اخطاء لسانه ويتخلص منها عليه ان يصلح أولا جذورها في قلبه
خطية اللسان اذن في الترتيب الزمني هي الخطية الثانية او الثالثة، اما الاولي ففي القلب. واحيانا تكون خطية اللسان ابنة لخطية أم. فمثلا الذي يكذب بلسانه، قديكون ذلك لكي يغطي علي خطية اخري قد ارتكبها، او خطية يريد ان يرتكبها، وفي حالة هذه التغطية باللسان تكون في قلبه إما مشاعر الخوف مما ارتكبه، او مشاعر الشهوة مما يريد ان يرتكبه
وخطية النرفزة مثلا ترتبط بخطية اخري هي عدم الاحتمال، وخطية الالفاظ القاسية ترتبط بعدم المحبة او بعدم احترام الذي يسمع
إن أدركت خطورة خطايا اللسان وخطورة نتائجها، فاحرص دائما علي انك لاتخطيء بلسانك مهما كانت الاسباب، تدرب علي ان تترك الالفاظ غير اللائقة التي تعودت عليها، وتدرب علي ان تحترم سامعك قبل ان تسيء إليه
في جريدة الأهرام – السنة 133 – العدد 44715 – يوم الأحد الموافق 10 مايو (أيار) 2009 ميلادية، 2 بشنس 1725 شهداء (قبطية)، 15 جمادى الأولى 1430 هجرية (للهجرة) – الصفحة العاشرة (10)، قضايا وآراء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.