الصفحات

كيف أحب الله

أحباب الله في قلبه وكيف أنه تعالى كان يسمي نفسه بهم فيقول لموسي "أنا إله آبائك إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب" (أع 22:7)... وكيف أنه يرحم الناس من أجلهم فيقول لسليمان "فإني أمزق المملكة عنك تمزيقاً وأعطيها لعبدك إلا أني لا أفعل ذلك في أيامك من أجل داود أبيك.... علي أني لا أمزق منك المملكة كلها بل أعطي سبطاً واحداً لك لأجل داود عبدي" (1مل 11:11 ،12).
+
إذا أردت أن تحب الله عليك أن تخصص دقائق كثيرة تقضيها مع القديسين، تقرأ أخبارهم وتعرف قصصهم وتتأمل حياتهم، وتدرك مدي الصلة العجيبة التي كانت تربطهم بالله.
عِش في هذا الوسط المقدس فترة من الزمن بين آبائك الذين يقول عنهم الوحي الإلهي أن العالم لم يكن مستحقاً لهم
. تأمل كيف أحبوه حباً فإشتغل فيهم روح الانطلاق حتى يقول داود النبي "غريب أنا علي الأرض" (مز 19:119) وحتى يقول بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً (مز 1:22).
+
تأمل كيف تدرج القديسون في القداسة حتى أصبحوا صورة مقاربة من السيد المسيح. تخيل الأنبا بولا عندما طرق الشيطان بابه فأجابه "بولا ليس هنا ولكن هنا المسيح في صورة بولا"
+ تأمل الطرق التي كان ينتقل بها كثير من القديسين... كيف أن أنبا سيزوئيس عند انتقاله أضاء وجهه جداً إذ رأى القديسين والملائكة آتين إليه ثم أشرق وجهه للغاية وقال هوذا رب المجد آتٍ إليَّ وأسلم الروح.
+
تأمل أيضاً طرق انتقال الأنبا بولا وأنبا يوحنا القصير... اقرأ عن هؤلاء الذين عند انتقالهم كانت تمتلئ غرفهم بالنور أو رائحة البخور أو كليهما. قَربَّ كل هؤلاء إلي قلبك وتقرّب أيضاً إلي قلوبهم تجد أن محبة الله سرت منهم إليك.
+
فكرّ كثيراً في الله، أعطه حيزاً وافراً من عقلك ووقتك. أكثر من التأملات الروحية المفيدة. أنشدها من صميم مشاعرك. اقرأ صلاة الصلح من القداس الإلهي وتأمل كل حرف فيها بمحبة زائدة.
+
اعرف أن المرأة الخاطئة أحبت كثيراً لأنه غُفر لها كثيراً وأنت هل تعلم أيضاً أن الله قد غفر لك الكثير، وأنه لم يصنع معك حسب خطاياك، ولم يجازيك حسب آثامك؟ إنما أطال آناته عليك جداً لعلك تخجل وتعود... من أجل هذا أطلب إليك أن تحدد لنفسك فترة أو فترات كل يوم تحاسب فيها نفسك وتقارن بين معاملة الله لك ومعاملتك له.
هكذا إذ تشعر بالفارق الكبير بين المعاملتين ستفعل كما فعلت المرأة الخاطئة وتحب الله
.
+
اذكر صفات الله الجميلة التي تحببك فيه، اقرأ كثيراً عن محبة الله وتحننه. اقرأ عن المسيح الطيب الهادئ المحب الوديع المتواضع القلب. ادرس كل صفاته السامية كاملة واهتف مع داود "لا مثل لك بين الآلهة يا رب ولا من يصنع كأعمالك" (مز 8:86). تعلّق بهذه القداسة وحاول أن تعود كما كنت صورة الله ومثاله وهكذا ستحب الله.
+
اجعل مثلك الأعلى هو الله نفسه وعندئذ ستحبه. فالجميع يحبون مثلهم العليا.
+
اجعل الماديات التي تقابلك تُذكرّك بالله، إذا رأيت عصفوراً تذكّر أن واحد من هؤلاء لا يسقط بدون إذن أبيك. وإذا نظرت إلي السماء فاعرف إنها تسبح بمجد الله. وإذا رأيت وجهك علي المرآة فتذكر أنك علي صورة الله وإن جميع شعور رأسك محصاة.
+
لتكن لك الصلوات التأملية التي فيها محبة الله أو تتأمل في حياة السيد المسيح أو في إحدى قصص أو أمثاله مطبقاً إياها علي نفسك.
+
ليدخل في صلاتك عنصر المناجاة. كلّم الله فإنك تكلّم شخصاً أمامك يقف ناظراً إليك، ثم ناجِ الله بعبارات المحبة متذكراً فضله عليك. مردداً صفاته.
+
تستطيع أن تثبت في محبة الله بحياة الاختبار، تعال وانظر، عاشر الله الرب إلهك أدرك بنفسك كم هو طيب ومحب، انتهز الحوادث التي تحدث لك كل يوم لكي تزيد بها محبتك لله. كوّن صلة وعلاقة متينة بينك وبين الله. بل كوّن صداقة شخصية معه كما كان يفعل إبراهيم. اجعله الشخص الوحيد الذي تقول له أسرارك، اذكر له احتياجاتك. واطلب منه أن يرشدك ويعينك. قل له كل يوم "أمكث معي يا سيدي" واشعر بفرقة وألم في الوقت الذي تشعر فيه أنه ليس معك.
+
اشعر أن الله معك باستمرار. ينظر إلي كل عمل تعمله ويرشدك ويشجعك. تخيل أنه عن يمينك فلا تتزعزع. تذكر قول داود النبي "إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي". وقل مع عروس النشيد "يمينه تحت رأسي وشماله تعانقني".
تأكد أنه يحبك ويحميك إلي المنتهي بل ويحبك في أوقات ضلالك ويسعى إليك وينتظر مجيئك في كل حين
.
+
تذكر أنك محتاج إلي الله وأنك شيء ضئيل جداً في العالم الكبير المضطرب وأن الله لو تخلى عنك لحظة واحدة فستهبط إلي أعماق الهاوية، لذلك تمسك به جداً ولا تدعه يفلت من يدك لأنك بدونه لا تستطيع أن تفعل شيئاً.
أرجع كل نعمة وبركة ومساعدة تحصل عليها إلي الله وحده
.
وأخيراً صلّ إلي الله أن يهبك هذه المحبة
. وتأكد أنه سيهبك إياها مادمت تطلبها بإيمان وصدق ورغبة مُلّحة.
(بقلم المتنيح القمص أنطونيوس باقي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.