الصفحات

† إذا أردت ان تدرب نفسك علي الهدوء






إذا أردت ان تدرب نفسك علي الهدوء ـ وبخاصة هدوء القلب وهدوء الأعصاب وهدوء الحياة ـ فعليك بالنصائح الآتية‏:‏

‏1‏ـ لاتسمح لأي شيء أن يثيرك،‏ بل تقبل كافة الأمور بنفس هادئة،‏ لا تنفعل كثيرا بالاسباب الخارجية مهما كانت تبدو متعبة‏،‏ ولا تقلق وتضطرب‏، وان انفعلت‏، حاول ان تضع حدوداً لانفعالك‏، وان تهدئ نفسك‏، ولاتتصور أو تتخيل نتائج خطيرة سوف تحدث‏،‏ فهذا التخيل سوف يزعجك،‏ وقل لنفسك‏:‏ ان كل مشكلة لها حل أو بضعة حلول‏.‏ فكر اذن في الحلول‏، حينئذ يدخل الهدوء الي قلبك‏.‏

وان عجزت عن ايجاد حل،‏ استشر غيرك،‏ وان عجز الغير ايضا فاعط المشاكل مدي زمنيا تحل فيه‏،‏ واطلب معونة الله وتدخله وستره‏.‏

‏2‏ـ كن دائما قوي القلب قوي الايمان،‏ واسع الصدر في مقابلة المتاعب‏، بحيث لا تتضايق بسرعة،‏ واعلم ان الضيقة قد سميت هكذا‏،‏ لان القلب قد ضاق عن ان يتسع لها‏،‏ اما القلب الواسع فانه لايتضيق بشيء و ان قطعة من الطين اذا القيت في كوب من الماء فانها تعكره‏،‏ اما اذا ما القيت في المحيط فانها لاتعكره‏،‏ بل يفرشها في أعماقه ويقدم لك ماء رائعا‏..‏

‏3‏ـ مما يفيدك في حياتك، ان تكون لك روح المرح والبشاشة‏.‏

فإنها تجلب للانسان هدوءا في النفس،‏ واسترخاء في الاعصاب‏،‏ وتبعد عنه الكآبة والاضطراب‏، ومهما كان الجو مكهربا وصاخبا‏،‏ فإن الانسان المرح،‏ يستطيع بفكاهة لطيفة ان يزيل جو التوتر‏..‏

وعموما فإن المتصفين بالمرح‏،‏ تكون أعصابهم هادئة‏،‏ بل انهم بالأكثر يمكنهم ان يهدئوا غيرهم أيضا‏.‏ كما ان الوجوه البشوشة تشيع الهدوء في الاخرين‏.‏ لهذا درب نفسك علي البشاشة والمرح‏،‏ وتقبل كثيرا من الأمور بهذه الروح‏.‏

‏4‏ـ كذلك ان أردت ان تكتسب الهدوء‏،‏ يمكنك ذلك بمعاشرة الاشخاص الهادئين‏، بعكس الذي يختلط دائما بالمضطربين والثائرين،‏ فانهم ينقلون اليه عدوي مشاعرهم،‏ فالخائفون ينقلون اليه خوفهم‏،‏ والمتشائمون ينقلون اليه تشاؤمهم، وكذلك فالذين يحاربهم الشك والضيق ينقلون الي غيرهم الشكوك والضيقات،‏ أما معاشرة الهادئين فانها تمنح الثقة والطمأنينة والسلام‏.‏

إن معاشرة الهادئين هي من أفضل أنواع المهدئات‏.‏

‏5‏ـ كذلك درب نفسك علي عدم الاندفاع وعدم التسرع، واعرف ان قلة الصبر تدل علي عدم هدوء الانسان في الداخل‏، فالانسان الهادئ يكون دائما طويل البال، فان اضطرب يفقد القدرة علي الصبر‏،‏ ولايستطيع ان ينتظر حتي تحل الأمور،‏ إنما يريد ان يعمل الان أي عمل أو يتكلم أي كلام أو يتخذ أي قرار‏!!‏ وفي ذلك ما يضره‏.‏

‏6‏ـ مادمت لم تصل بعد الي فضيلة الهدوء‏،‏ ابعد اذن بقدر امكانك عن أسباب الاثارة وكل مصادرها،‏ ابحث ما هي الأسباب التي تجعلك تفقد هدوءك‏، سواء كانت منك أو من الخارج‏، وتحاشي هذه الاسباب وبخاصة في المعاملات‏، وكما قال أحد الحكماء لا تأخذ وتعطي مع انسان يقاتلك به العدو وابعد عن المناقشات الحادة‏، ولا تستصحب غضوبا‏، وابعد ايضا عن القراءات التي تفقدك الهدوء‏، وعن سماع الأخبار التي تزعجك‏.‏

‏7‏ـ وفي معاملاتك مع الاخرين لاتفترض المثالية في جميع الناس‏، فان قوبلت بتصرف خاطئ من البعض لاتتضايق‏.‏ فالناس هكذا فيهم الطيب والردئ‏، ولا تتوقع انك ستتعامل مع ملائكة أو قديسين‏، إنما مع بشر عاديين‏، لا نسمح لأخطائهم من نحونا ان تقلقنا‏..!‏

‏8‏ـ ابعد عن استخدام العنف بكل أنواعه‏، ولا تواجه العنف بالعنف‏، فليس هذا هو اسلوب الروحيين‏، فالانسان الروحي لايغلبنه الشر‏، بل يغلب الشر بالخير‏.‏ وإذا تملكتك الحيرة في التصرف‏، فشاور أحد الحكماء واعمل بمشورته‏، فإنك بهذا تضيف الي فكرك فكرا أكثر خبرة‏، وتتعلم الحياة عمليا‏..‏

‏9‏ـ لا تلجأ الي العقاقير لكي تحصل علي الهدوء‏، وأعلم ان استخدام المسكنات والمهدئات والمنومات لها ردود فعلها واحذر من ان تتعودها‏.‏

انها كلها تتيهك عن نفسك‏، دون ان تحل مشاكلك أو تزيل متاعبك‏.‏

إنما اعمل علي حل إشكالاتك داخل نفسك‏، وبحلول عملية وطرق روحية‏.‏

‏10‏ـ كذلك لا تلتمس الهدوء بالانطواء والهرب‏، ولا تظن انك في انطوائك علي نفسك قد صرت هادئا‏!‏ كلا‏، فهذا مرض اخر وليس هدوءا‏، فان كانت لك مشكلة في بيتك‏، لا تظن ان حل المشكلة هو في هروبك الي النادي أو المقهي أو احدي السهرات‏، بينما تظل المشكلة قائمة كما هي‏، لاتصلح الا بمواجهتها‏، ومعرفة أسبابها وحلها عمليا‏.‏

‏11‏ـ تعود الهدوء في دخولك وخروجك‏، وفي طريقة كلامك بحيث تكون الفاظك هادئة ليست فيها كلمة عنيفة أو جارحة‏، وقبل ان تلفظ كلمة فكر في نتائجها وفي تأثيرها علي غيرك‏.‏

وإذا كتبت خطابا غير هاديء‏، فلا ترسله بسرعة‏، بل اتركه يوما أو يومين‏، وأعد قراءته‏، وغير ما يلزم تغييره فيه‏، وكل فكر يلح عليك‏، لاتسرع في تنفيذه ولا تطاوعه‏، بل انتظـر حتي تفحصه في هدوء‏..‏

‏12‏ـ اخيرا‏، انصحك بأن تعطي جسدك ما يحتاجه من الراحة ولا ترهقه‏، فإن الانسان في حالة الارهاق‏، تكون أعصابه عرضة لعدم الاحتمال‏، وربما يفقد هدوءه ويتصرف بغضب أو عصبية لأتفه الأسباب مما يندم عليه فيما بعد‏.‏ لذلك لاتدخل في مناقشة حادة وانت مرهق‏، ولا تأخذ قرارا مصيريا وانت مرهق‏.




ابونا انطونيوس فهمى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.