الصفحات

المعمودية المقدسة


يقول أبونا لوقا أنه في يوم من أيام الأحاد سنة 1967 بعد نهاية القداس الالهي ونحن نصرف الشعب . وأذا بسيدة فقيرة تحمل طفلا صغيرا , تقدمت وطلبت من أبونا بيشوي كامل أن يعمد طفلها لأنه مريض وهي تخشي أن يموت دون عماد .
كان أبونا بيشوي يومها يحمل الأسرار المقدسة وهو ذاهب ليناول مريضا في أحدي المستشفيات . التفت الي أبونا بيشوي  وقال للمرأة أبونا ممكن يعمده .. نظرت ألي الطفل الذي تحمله وأذا هو شبه ميت . لونه أصفر مائل الي الزرقه وعيناه مغمضتان متورمتان ويتنفس بصعوبة بالغة , والحق يقال أنني خفت وخشيت أن أعمد مثل هذا الطفل . فأنه كان وهو علي هذه الحال يتنفس بصعوبة فماذا يكون الحال عندما يغطس تماما في ماء المعمودية ؟ وتخيلت أنه يموت بين يدي ... فقلت لأبينا بيشوي ... أنا لا أستطيع فالطفل سوف لا يحتمل وانا خائف .
ساعتها كان يقف بيننا شماس صغير . وكان منصتا لما يدور بيننا فهتف الشماس قائلا .... هو حد بيموت من المعمودية ؟ فألتفت أبونا بيشوي الي الشماس ثم أستدار فقال لي عمده علي أيمان الولد ده أذا كنت خائف .
وتركني ومضي الي المستشفي لكي يناول المريض المنتظر هناك .
ذهبت الي حجرة المعمودية مرغما وصليت علي الطفل وكنت بين الحين والاخر أنظر اليه هل هو حي بعد؟ أنتهيت من الصلوات وكنت في داخلي أصلي من أجل أن يعطيني الرب هذا الأيمان ويطرد عني الخوف .
بعد جحد الشيطان ثم الاقرار بالأيمان بالمسيح دهنت الطفل بزيت الغليلاون وأكملت الصلوات المكتوبة . ثم أخذت الطفل من يد أمه بحرص شديد وأنزلته في المعمودية وأنا أقول أعمدك يا ..... بأسم الاب والابن والروح القدس .
ثم غطسته بسرعة في الماء المقدس وانتشلته . وأنا أقول لنفسي هل ما زال حيا ؟ هل فيه نفس؟ وأذ رأيته يشهق ثم يتنفس كم شكرت الله . دهنته بالميرون المقدس وبعد أن ألبسته ملابس المعمودية . ثم شددته بالزنار وطاف به الشمامسة البيعة المقدسة ثم حللنا الزنار وقرأت لها الوصية وصرفتها بسلام وقلت لها في أول قداس ممكن يتناول أذا عاش !
عاد بعدها أبونا بيشوي وسألني هل عمدت الطفل؟ قلت نعم
أنها أول خبرة لي مع مثل هذه الحالات , وقلت له سامحني فأني كنت في خوف لئلا يموت في يدي ولا يتحمل أن يغطس في ماء المعمودية . طمأنني أبونا بيشوي وقال لابد أن يكون لنا نحن الكهنة أيمان عميق وقوي بفاعلية الأسرار الالهية . اليست المعمودية هي القيامة ... فنحن ندفن في المعمودية للموت حتي كما أقيم المسيح من الاموات نقوم نحن في الحياة الجديدة .
ثم قص لي قصة أنه في أيام خدمته الاولي وكان يعمد طفلة لأسرة غنية وفي أثناء الصلوات قبل المعمودية حضرت أمرأة فقيرة تحمل طفلا صغيرا وقالت ممكن أعمد ابني فقال لها أبونا ممكن وأكمل الصلوات للطفلين ولما خلعت المرأة الفقيرة ملابس أبنها وأذ جسمه مملوء دمامل . فتأففت الام الغنية من المنظر وقالت لأبونا لا يمكن أن أعمد أبنتي مع هذا الطفل لئلا يصيبها هذا المرض . فحاول أبونا أقناعها أن الاسرار المقدسة فيها قوة الهية فائقة ... فلم تقتنع وأصرت أن ابنتها تنزل أولا المعمودية . لم يرد أبونا أن يؤزم الموقف . لضيق الوقت لانه كان قبل القداس .. ولا يتسع الوقت لكثرة الجدال ... فعمد البنت أولا ثم الولد الفقير . وهو يتأسف في نفسه علي قلة الأيمان والنظرة المادية للأسرار . وفي الاسبوع التالي حضرت المرأة الفقيرة مع طفلها وقد تعافي تماما ... بينما كانت الام الغنية تشتكي أن صحة أبنتها ليست علي ما يرام ... فأراها أبونا الطفل الفقير وقال لها لقلة أيماننا نحن لا نحصل علي كثير من النعم . وقادها الي التوبة وتقوي أيمانها وكانت دائما تذكر هذه الحادثة لكثيرين وهي تمجد الله .
سمعت هذا الكلام وتأثرت وكنت أنتظر أري الطفل الذي عمدته تري ماذا حدث له . لا أذكر أنني أخذت عنوان السيدة الفقيرة فهي غالبا من الحضرة أو عزبة المطار ولا أذكر حتي أسمها وسألت أبونا بيشوي فقال أنه لا يعرفها ,
ومضت عدة أسابيع وفي يوم أحد بعد القداس أذ السيدة الفقيرة أمامي فأسرعت اليها أسال كيف حال طفلك ؟ فأشارت بأصبعها ... فنظرت أذ الطفل يحبو في أرض الكنيسة . وجهه مشرق ومكتمل الصحة ... حملته بين ذراعي وكنت أقبله وأنا غير مصدق من الفرح . لقد تبدل الانسان الميت وصار فيه قوة حياة جديدة .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.