الصفحات

طائرة سماوية




طائرة سماوية

الأصابع المنيرة

كان الصبي الصغير "شنودة" محبوبًا جدًا من والديه ومن كل أصدقاء الأسرة، فقد عُرف منذ طفولته المبكرة بالجدية. كان دائم البشاشة، لكنه لا يميل إلى المزاح. لاينطق بكلمة جارحة؛ ولا يكذب قط؛ يخدم الآخرين؛ يحب العطاء أكثر من الأخذ.

اعتاد أن يأخذ في كل صباح طعامًا لرعاة غنم أبيه ويذهب به إليهم ثم يعود فرحًا. لكن والديه لاحظا أنه يتأخر كل يوم فقلقا جدًا.

صمم الأب أن يعرف سبب تأخيره، فخرج وراءه دون أن يدري الصبي، وإذ سار مسافة من المنزل مال عند رجل فقير وقدم له نصيبه من الطعام... ففرح الأب جدًا من أجل محبة ابنه للفقراء، لكنه تضايق لأن ابنه يقضي اليوم كله صائمًا وهو صبي صغير... ففكر أن يفاتح ابنه في الأمر عندما يعود إلى المنزل. وضع في قلبه أن يُخبر زوجته بما رآه حتى تعطيه طعامًا أكثر لكي يقدم لهذا الفقير احتياجاته ويجد لنفسه طعامًا.

انطلق الصبي بعد ذلك إلى بئر والأب يتبعه من بعيد، وهو متهلل من أجل ابنه المحب للعطاء، وحزين لأجل صومه مدة طويلة كل يوم...

وضع الصبي الطعام في ركن بجوار البئر ثم بسط يديه ليصلي.

دُهش الأب لمنظر ابنه، خاصة عندما بدأت أصابعه تتوهج كنار مشتعلة.

في البداية لم يصدق الرجل عينيه، لكن الطفل أطال الصلاة وأصابعه تنير كالشموع. عندئذ أدرك عمل نعمة الله الغنية في ابنه، فشكر الله وصار يسبحه.

+++

الراهب الصغير

إذ نما الصبي اشتاق أن يذهب إلى الدير الأحمر بسوهاج، وكان رئيسه في ذلك الحين خاله الأنبا بيجول. لم يمنعه والده بالرغم من صغر سنه...

انطلق الشاب الصغير إلى الدير، وهناك لم ينشغل بالالتقاء بخاله، إنما كان يتسلل إلى الأماكن الهادئة ليختلي بالله...

شعر الشاب أنه في فردوس مفرح، فرفع قلبه إلى الله كي يرشده في حياته. بالليل نظر خاله رؤيا، إذا بملاك الرب يظهر له ويطلب منه أن يُلبس ابن أخته شنودة إسكيم الرهبنة... دُهش الأنبا بيجول لذلك. لكنه تأكد من الأمر بواسطة آباء رهبان شيوخ آخرين تنبأوا عنه.

صار القديس شنودة قائدًا روحيًا عظيمًا، اهتم ببنيان النفوس، كما كان قائدًا قوميًا اهتم بالأدب القبطي، وقاوم الأشرار والظالمين فكان الحكام يهابونه.

لقاء الأحباء

كان البابا كيرلس الكبير يحب القديس أنبا شنودة جدًا، ويعتز بمشورته وصلواته. لهذا اختاره مع الأساقفة في الوفد المرافق له عند ذهابه إلى أفسس حيث عُقد المجمع المسكوني الثالث سنة 341م بسبب نسطور الذي قسَّم السيد المسيح إلى شخصين: يسوع ابن الإنسان، والكلمة ابن الله، وفصل بينهما.

عند رجوع الوفد القبطي من أفسس دخل البابا والأساقفة السفينة، وكان القديس أنبا شنودة في المؤخرة. إذ رآه طاقم السفينة إنسانًا يلبس ثيابًا رثة رفضوا قبوله في السفينة. حاول أن يؤكد لهم إنه مع الوفد المرافق للبابا، لكنهم لم يسمعوا له.

لم يكن لدى القديس مالاً عندئذ للعودة، عندئذ ركع عند الشاطيء وصرخ إلى الرب إلهه أن يدبر له الأمر... فجأة وجد نفسه محمولاً على سحابة عبرت به على المركب...

رآه القديس البابا كيرلس... وجرى حوار ودي بينهما، أحدهما كان فى السحابة كمن في طائرة سماوية والآخر في السفينة.

سبقت السحابة السفينة، وفي نفس اليوم صلى القديس شنودة صلاة الغروب مع رهبانه في الصعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.