الصفحات

صلاة السجدة


صلاة السجدة
ثلاث صلوات تقام يوم "عيد العنصرة" الذي هو تذكاراً لحلول الروح القدس،
 ويقع في يوم الخمسين من عيد القيامة المجيد، لذا يُسمى "عيد الخمسين"، وبعد عشرة أيام من عيد الصعود. ومنذ أيام الرسل ويُحتفل بهذا العيد، فيرجح الآباء أن يكون المقصود من قول مُعلمنا القديس بولس الرسول: "يَنْبَغِي عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ أَعْمَلَ الْعِيدَ الْقَادِمَ فِي أُورُشَلِيمَ" (أع18 :21) عيد حلول الروح القدس، فمن المُستبعد أن يكون المقصود بالعيد هو عيداً يهودياً، ويؤكد ذلك "لأَنَّ بُولُسَ عَزَمَ أَنْ يَتَجَاوَزَ أَفَسُسَ فِي الْبَحْرِ لِئَلاَّ يَعْرِضَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ وَقْتاً فِي أَسِيَّا لأَنَّهُ كَانَ يُسْرِعُ حَتَّى إِذَا أَمْكَنَهُ يَكُونُ فِي أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ الْخَمْسِينَ" (أع20 :16)، فيشهد موسهيم المؤرخ البروتستانتيّ أن: مسيحيّ القرن الأول اجتمعوا للعبادة في اليوم الأول من الأسبوع الذي فيه استرجع المسيح حياته (القيامة من الأموات)، ويتضح أنهم كانوا يحفظون يومين سنويين دينيين الواحد تذكاراً لقيامة المسيح، والثاني تذكاراً لحلول الروح القدس على الرسل .
تعيد الكنيسة بتذكار حلول الروح القدس في الصباح، بعد قراءة الإبركسيس، وباقي الطقس يتم في الساعة التاسعة (الثالثة بعد الظهر) يوم أحد عيد العنصرة.
المعاني الروحية في توقيت صلاة السجدة في الساعة التاسعة -الثالثة بعد الظهر
حلول الروح القدس على التلاميذ في الساعة الثالثة، كما هو واضح من كلام القديس بطرس الرسول "فَوَقَفَ بُطْرُسُ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَيُّهَا الرِّجَالُ الْيَهُودُ وَالسَّاكِنُونَ فِي أُورُشَلِيمَ أَجْمَعُونَ لِيَكُنْ هَذَا مَعْلُوماً عِنْدَكُمْ وَأَصْغُوا إِلَى كَلاَمِي. لأَنَّ هَؤُلاَءِ لَيْسُوا سُكَارَى كَمَا أَنْتُمْ تَظُنُّونَ لأَنَّهَا السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ النَّهَارِ" (أع2: 14، 15) ومع ذلك نصلي صلاة السجدة في الساعة التاسعة، حيث كان ذبح خروف الفصح في العهد القديم نحو غروب الشمس "فِي المَكَانِ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيُحِل اسْمَهُ فِيهِ. هُنَاكَتَذْبَحُ الفِصْحَ مَسَاءً نَحْوَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي مِيعَادِ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ" (تث16 :6)، وقد أسلم الرب يسوع روحه في هذه الساعة "وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي... فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ" (مت27 :46، 50). وعلى ذلك رتبت الكنيسة عمل صلاة السجدة في الساعة التاسعة (الثالثة بعد الظهر) إلى أن "فِصْحَنَا أَيْضاً الْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا" (1كو5 :7)، الذي ارتفع بيمين الله (قام وصعِد) وأخذ موعد الروح القدس وسكبه على التلاميذ يوم الخمسين من قيامته .
بعد ذبح خروف الفصح أعطى الله موسى الشريعة على الجبل، وتعليم قومه بأن يحفظوها ويعملوا بها لينالوا بركة الله الموعود بها للمطيعين وحافظي الوصية وأن يعلموها لأولادهم لكي يتعلموا أن يتقوا الرب، ثم وصيته بعمل الفصح في شهر أبيب تذكاراً لخروجهم من أرض مصر . الروح القدس الذي أُعطي في يوم الخمسين هو "الناطق في الأنبياء" ، "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بط1 :21)، وكما أنه لأجل خلاص الشعب الإسرائيليّ في يوم الخمسين بعد تقدمة ذبيحة الخروف قد أعطى الناموس على جبل سيناء، هكذا بعد الآم الرب الخلاصية قد انسكب الروح القدس على التلاميذ الأطهار وعلى الشعب المؤمن في يوم الخمسين من قيامته، حتى يعلم الشعب أن الناموس القديم كان مُعداً للإنجيل وأن الناموس الجديد قد تأيد وتثبت بواسطة الروح القدس الذي تثبت القديم أيضاً، الناموس قد أكمل بواسطة النعمة "لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا" (يو1 :17).
وذلك لأن عيد البنطيقستي في كنيسة أورشليم لم يكن عيداً مختصاً بحلول الروح القدس فقط، بل هو اليوم الذي يُحتفل فيه بكلّ مراحل الخلاص الذي أكمله الرب على أرضنا (الميلاد – الغطاس - الصلب – القيامة –الصعود)، وهذا ما تُشير إليه السائحة الأسبانية إيجيريا (القرن الرابع) في وصفها للموكب الذي كان يجرى الأحتفال به بعد ظهر ذلك اليوم، حيث يتجه الجمع مع الإكليروس إلى جبل الزيتون ليصنعوا تذكاراً للصعود المجيد، ثم يتبعه الاحتفال بحلول الروح القدس قرب نهاية اليوم (صلاة السجدة) .
† فكرة اليوبيل أو الحرية – حيث أن شعب الله قد تحرر من عبودية فرعون التي هي رمزاً لعبودية الشيطان، بعد ذبح خروف الفصح "وَتُقَدِّسُونَ السَّنَةَ الْخَمْسِينَ وَتُنَادُونَ بِالْعِتْقِ فِي الأَرْضِ لِجَمِيعِ سُكَّانِهَا. تَكُونُ لَكُمْ يُوبِيلاً وَتَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ وَتَعُودُونَ كُلٌّ إِلَى عَشِيرَتِهِ" (لا25 :10)، فمن بركات التجسد الإلهيّ، إننا نلنا الفداء وأخذنا نعمة التبني بواسطة عطايا الروح القدس الذي حل على الكنيسة في يوم الخمسين، فقد كانت تُقدم ذبيحة صباحية وذبيحة مسائية، ولذلك نعمل القداس صباح يوم عيد حلول الروح القدس ونحتفل بعيد حلول الروح القدس، ثم من وقت الساعة التاسعة أي الساعة 3 بعد الظهر نبدأ صلاة السجدة وهى الذبيحة المسائية.
لماذا أُطلق عليها "صلاة السجدة"؟
أُطلق على هذه الصلاة اسم "السجدة" لأن الكنيسة تمارسها بإحناء الرأس مع الركب (الركوع والسجود)، فالسجدة اسم ونموذج لما تم للرسل، إذ بينما هم يصلون في علية صهيون حل الروح القدس عليهم، وهكذا نتوسل مثلهم بإحناء القلب والجسم معاً ونسجد مستمدين الرحمة والغفران مِن أجل خطايانا وجهلات الشعب، طالبين من الله أن يخلق فينا قلباً نقياً وروحاً مستقيماً يجدده في داخلنا ولا يطرحنا من قدام وجهه وروحه القدوس لا ينزعه منا(مز51 : 10، 11) .
فقد كانت العادة في قديم الزمان أن تُصلى صلوات السجدة والشعب وقوف، ويقال أن السبب في اتخاذ السجود عند صلاتها يرجع إلى الأب مكاريوس البطريرك الأنطاكيّ (القرن السابع عشر) الذي حدث معه عندما كان يُصلي السجدة، إذ هبت ريح عاصفة كما حدث في عُلية صهيون في يوم الخمسين، فخرَّ المُصلون ساجدين من الرعب طالبين مراحم الله، فهدأت الريح، ثم عاد المصلون للوقوف فعادت الريح، ثم تكررت ثالثةً فعرفوا أن مشيئة الله أن يصلوا ساجدين، ومن ذلك الحين تمارس بسجود،  ، وكذلك قول الأب الكاهن في الطلبة "إقبلنا إليك نحن الجاثين لك...اطّلع يارب من علوك المقدس على شعبك المطامن الرأس... انظر إلى شعبك المنحنين لك بركبهم ... أقبل طلباتهم لأن ركبهم منحية لك..."،" .
كل سنة وحضراتكم طيبين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.