الصفحات

الخطيئة الأصلية


الخطيئة الأصلية
يُحكى أن حطّاباً كان يشتكي من مشقات الحياة وكان في كل مرة يردد في نفسه ويقول لولا آدم وحواء لم يخطأ لكنا في راحة الآن لم نكن لنشقى ونتألم في هذه الحياة. ظل على هذا المنوال سنين طويلة يُلقي اللوم والعتب عليهما إلى أن ظهر له ملاك الرب وقال له, الرب أرسلني لكي أريحك من شقائك وعذابك, سأضع روحك في جنة كالتي كانا فيها آدم وحواء شرط أن لا تتكلم مهما حصل وإلا ستعود إلى الأرض ثانيةً.
فرح الحطّاب كثيراً ووعد الملاك بأن لا يتكلم أبداً ثم قال له الملاك أغمض عينيك. بعدما أغمض عينيه نقل الملاك روحه بلحظة إلى جنة تشبه جنة عدن مليئة بالأشجار المثمرة والورود الملونة والطيور الجميلة والأنهر النقية والصافية. عندما فتّح الحطّاب عيونه إندهش من روعة جمال الجنة وبما فيها فن وإبداع من لدن الخالق.
بدأ يتمشى فيها وهو مغمور بالفرح والسلام إلى أن وصل إلى مكان رأى فيها إمرأة تجمع القش من أرض الجنة وتضعه على قماش. بعدما إنتهت من التجميع ربطت القماش ببعضها لتضعها على ظهرها ولكنها لم تستطع من كثرة ثقلها. أنزلت كيس القماش على الأرض وحلته من جديد وبدأت تجمع القش مرةً أخرى وتضعهم فوق القش القديم اللذي على القماش. بعدما إنتهت من التجميع حاولت أن تحمل الكيس مرة أخرى فلم تستطع وعاودت الكرى مرة تلوة الأخرى.
لم يستطع الحطًاب أن يحافظ على سكوته أمام هذا المشهد فاقترب من المرأة وقال لها, يا أختي إذا أردتي أن تحملي الكيس يجب عليكي أن تخفيفي من ثقله لا أن تضيفي عليه. عندما قال هذه الكلمات وجد نفسه أمام الملاك في نفس المكان الذي تقابلا فيه. قال له الملاك لماذا تكلمت؟ قال الحطاب لم أستطع على ذاتي.
قال له الملاك الرب سيعطيك فرصةً ثانية ولكن حاول أن لا تتكلم. أخذ الملاك روحه ووضعه في جنة أجمل من التي كان فيها, بدأ أيضاً يتمشى ويتمشى وهو مسحور من روعة جمال هذه الجنة إلى أن رأى فلاح بيده منجل يحصد سنابل الحنطة الصفراء اللذين نضجوا وسنابل الحنطة الخضراء اللذين لم ينضجوا. إستغرب الحطّاب على هذا المشهد ولم يستطع أن يتمّلك نفسه فترة طويلة فذهب إلى الفلاح وقال له. يا أخي إذا أردت أن تحصد السنابل الصفراء فهذا جيد ولكن لماذا تحصد سنابل الخضراء اللذين لم ينضجوا بعد؟ مرة أخرى وجد نفسه أمام الملاك, سأله الملاك، هذه مرة أخرى لم تستطع أن تحافظ على الوصية. الرب يعطيك فرصة ثالثة وأخيرة إذا إستطعت أن تحافظ على سكوتك فستظل في الجنة إلى الأبد.
نقل الملاك روحه للمرة الثالثة إلى جنة تفوق سحراً وجمالاً كالتي كان فيهما تمتم في نفسه وقال هذه المرة لن أتفوه بكلمة مهما أرى أمامي وبدأ كالعادة يمشي وهو مبهر من الذي يراه من حوله.وصل على حافة جبل يطل على وادٍ واسعٍ فسيح رأى في هذا الوادي كثيراً من قبائل الأرض ملتفين حول صخرة كبيرة جدأ, يحاول كل منهم أن يجر الصخرة بحبل ضخم إلى إتجاهه. إنتظر الحطّاب ليرى من الذي سيستطيع أن يجر الصخرة إلى ميله ولكن عبثاً يحاولون لأنهم يجرون الصخرة بعكس بعضهم البعض. تأثر الحطاب من هذا المشهد المحزن الذي يراه أمامه. نزل إليهم وقال لهم, لن تستطيعوا أن تحركوا الصخرة من مكانها إلا إذا توحدتم في إتجاه واحد.
مرة ثالثة رأى نفسه أمام الملاك, إعترف الحطّاب بضعفه وتغير تفكيره تجاه آدم وحواء وأراد من الملاك أن يفسر له ما رأه من رموز. فقال له الملاك المرأة التي كانت تملىء كيسها بدل أن تفرغه يشبه الإنسان الذي يُخطي والخطايا تثقل عليه لدرجة لايستطيع أن يحملها بدل أن يذهب إلى الكنيسة ويتوب عنها أي يخففها بل بالعكس يزيدها وآخرته تكون محزنة. أما عن الفلاح الذي كان يحصد الأخضر واليابس هذا يرمز إلى الموت, جعل الله وقت الموت غامضاً ليكون الإنسان مستعداً في صباه وفي شيخوخته لملاقاته. قبائل الأرض التي رأيتها ترمز إلى الطوائف المسيحية والصخرة ترمز إلى المسيح. كل طائفة تحاول أن تكتسب المسيح حسب معتقدها ولا يحاولون أن يُقربوا وجهة نظرهم ليتوحدوا, نسوا بأن الكنيسة تابعة للمسيح وليس المسيح تابع للكنيسة.
صلاة
ياالهي منذ ان انشقت الكنيسة عن بعضها فقد تسبب هذا الحادث بجرح عميق في قلبك ولن يلتأم هذا الجرح الا عندما تتوحد الأعياد وأن تحترم كل طائفة عقيدة الطائفة الأخرى. إجعلنا يا رب دعاة سلام ومحبة بين الطوائف المسيحية وكلل سعينا إلى الوحدة بالنجاح مثلما سعى بولس الرسول لهاذا العمل المقدس منذ لحظة إعتناقه للمسيحية وحتى يوم موته منقاداً من روحك القدوس آمين
نيكولا يوسف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.