الصفحات

انا فرحانة


انا فرحانة

في ليلة عيد النيروز 10 سبتمبر عام 1979 كانت كنيسة مارجرجس باسبورتنج مزدحمة بالشعب للاحتفال بهذا العيد و كان من عادة أبونا بيشوي كامل في عشية النيروز أن يجمع ما أستطاع من أيقونات الشهداء و يدور بها في الكنيسة بعد لحن "افنوتي ناي نان" و هو يمشي يكاد يقفز من الفرح الروحي الذي كان يفيض من قلبه على شعبه، فيتهلل الجميع.

و لما ضاق الشيطان بهذه الروح، ملأ قلب بعض الشباب المستهتر، فوقفوا على جسر الترام المقابل للكنيسة، و أخذوا يقذفون الكنيسة بالطوب، فأصابت هذه الحجارة نوافذ الكنيسة، فتطاير الزجاج و....

و فجأة ارتفعت صرخة إحدى السيدات، لقد جاءت طوبة في نظارتها، فتهشم زجاج النظارة و دخل عينها و نزفت عينها و وجهها دما غزيراً ....

أسرع "أبونا بيشوي كامل" نحو السيدة "لندا" التي أصيبت يحاول أن يضمد شيئا، و لكن العجيب في الأمر أن السيدة "لندا" كانت رغم الألم تشكر ربنا قائلة لأبونا: "الحمد الله يا ابونا، الحمد الله، إن الطوبة لم تأتي في تاسوني انجيل (تاسوني انجيل زوجة أبونا بيشوي كامل) التي كانت تقف بجانبي الحمد الله إن الطوبة لم تصب إحدي الفتيات الصغيرات، أنا إمرأة كبيرة، مش مهم، دي بركة عيد النيروز، أنا فرحانة...."

تعجب الجميع من هذه السيدة التي ينزف الدم من عينيها و تتألم و هي فرحانة. أسرع "أبونا بيشوي كامل" و أخذ االسيدة "لندا" إلي طبيب العيون الدكتور "ماهر ميخائيل" . رفع الدكتور الضمادات التي كانت على عينيها، فوجد النزيف مستمرا و شظايا الزجاج متناثرة داخل العين، فقال الطبيب لأبونا: أنا لا أستطيع أن أفعل شيئا، سأعطيها مسكنا و شيئا يساعد على وقف النزيف و في الغد تأتي لنكشف على العين لنرى ماذا سنفعل.

و رغم ألمها، أصرت السيدة "لندا" على حضور سهرة عيد النيروز لتشترك في التسابيح الجميلة حتى الصباح. و قد حاول "أبونا بيشوي كامل" أن يثنيها عن ذلك حتى تذهب لتستريح و لكنها أصرت على تكملة السهرة. فقال أبونا بيشوي: "لندا ستدخل الملكوت حدف، الملائكة أول ما يشوفوها حيرموها في الملكوت على طول"

و تناولت "لندا" وعادت لبيتها، ثم ذهبت مع أبونا "بيشوي كامل" إلي الدكتور ماهر ميخائيل الذي ما أن رفع الضمادات من على عينها حتى رأى المفاجأة التي أذهلت الجميع، فقد كانت العين سليمة تماما لا خدش و لا جرح و لا شظايا الزجاج التى رأها بالأمس، فالعين صحيحة تماما.

يارب .. لقد نظرت يا سيدي إلي محبة هذه السيدة التي فرحت أن كل الزجاج أصاب عينها و لم يصب أحد غيرها .. لقد نظرت يا سيدي إلي فرح السيدة بأن تتألم مع شهدائك .. و هل تنسى تعب محبتها ؟!


من كتاب رائحة المسيح في حياة أبرار معاصرين

للقمص لوقـا سـيداروس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.