الصفحات

مشتاق أن أرى يسوع




مشتاق أن أرى يسوع!

القمص تادرس يعقوب ملطي

فى بيت مرقس

فى اليوم السابق لعيد الميلاد المجيد، أى فى يوم برمون الميلاد (الاستعداد لعيد الميلاد)، استيقظ مرقس باكرًا جدًا. وصار يسجد أمام الله عدة مرات، وهو يردد:

"أشكرك ياربي يسوع؛

من أجلي نزلت إلى أرضنا؛

إنى أحبك ... مشتاق أن أراك!

صلى مرقس صلاة باكر كعادته، ثم خرج مع والديه وإخوته إلى الكنيسة للاشتراك فى القداس الإلهي.

بعد الصلاة اجتمع مرقس مع زملائه، وحملوا الملابس والمأكولات وبعض لعب الأطفال، وذهبوا إلى إحدى أحياء القاهرة الفقيرة لتوزيعها. وكانوا فرحين ومتهللين.

عاد مرقس إلى بيته فى وقت متأخر، ووجده مزينًا وجميلاً.

أمام أيقونة الميلاد

إذ دخل مرقس بيته لفت نظره اهتمام كل الأسرة بأيقونة الميلاد التى حوطوها بالزهور ... أما هو فوقف فى صمت أمامها، وصار يقول فى قلبه:

"كم أنا سعيد يارب!

أبونا إبراهيم رأى ميلادك قبل مجيئك بآلاف السنين فتهلل (يوحنا 8: 56).

وداود النبى قبل مجيئك بألف عام قال: "هذا هو اليوم الذى صنعه الرب، لنفرح ونبتهج فيه" مزمور 118: 24.

وإشعياء النبى رآك قبل مجيئك بأكثر من 700 عامًا فقال: "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنًا وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام" إشعياء 9: 6.

أشكرك ياربي يسوع لأنك جئت إلىّ.

صرت ولدًا وأنت خالق السماء والأرض.

أنت تحبني جدًا، وأنا أيضًا أحبك!

صرت هدية لي، أقتنيك فى قلبى، وأنت واهب كل العطايا.

حملت لأجلي الصليب على كتفك لكي تفديني من خطاياي.

عجيب أنت يارب فى حبك يارئيس السلام!"

تطلع مرقس حوله، فوجد كل شىء نظيفًا ومرتبًا ومزينًا، فقال فى نفسه: " تُرى هل تجد ياربي قلبي نقيًا ومزينًا بالمحبة فتسكن فيه؟!

أنت أتيت فى مزود بسيط،

تعال، اسكن فى قلبي.

تعال، إنى مشتاق إليك.

إنى مشتاق أن أراك فى قلبى!"

ساعد مرقس والديه وإخوته فى الإعداد للعيد، ثم استأذنهم ليذهب إلى الكنيسة ليحضر صلاة عيد الميلاد المجيد.

قبّل مرقس والديه وإخوته وخرج....

فى كنيسة مارمرقس

ذهب مرقس إلى كنيسة مارمرقس بالبطريركية بكلوت بك، وهناك وجد شحاذًا يلبس ثيابًا مهلهلة جدًا يتحدث مع فراش الكنيسة.

استمع مرقس إلى الحوار. وعرف أن الفراش يمنع الشحاذ من الدخول.

بلطف انفرد مرقس بالفراش الذى يحبه، وسأله: لماذا تمنع هذا الرجل؟

أجاب الفراش: أنت تعلم أن مندوب الملك وبعض كبار الشخصيات من وزراء وأعضاء البرلمان سيحضرون، فماذا يقولون عنا وهم يرون هذا الذى يرتدي الثياب المهلهلة؟

بابتسامة لطيفة قال مرقس: إنها كنيسته، كيف نحرمه من بركة الصلاة فى ليلة العيد؟ إنه كان يجب أن نقدم له الثياب الجديدة بدلاً من أن نمنعه. اتركه يدخل فإننى أجلس بجواره فى ركنٍ داخل الكنيسة.

دخل مرقس مع الشحاذ إلى الكنيسة، وأخذ الاثنان ركنًا فيها، وكان مرقس سعيدًا جدًا بصحبة هذا الشحاذ وشركته معه فى الصلاة.

فى حجرة مرقس

حسب مرقس نفسه سعيدًا جدًا أن يكون فى صحبة هذا الشحاذ التَّقى المحِب للصلاة. وبعد القداس الإلهى ألحّ مرقس على الشحاذ أن يذهب معه إلى بيته ليأكلا معًا من طعام العيد.

قرع مرقس الباب، وإذ فتح أخوه الصغير الباب وجد مرقس ومعه الشحاذ.

جرى الابن الأصغر إلى أمه يحكي لها ما رآه، فحزنت الأم جدًا لأنها قد دعت أقرباءها للمشاركة معًا فى طعام العيد.

وبَّخت الأم ابنها مرقس، قائلة له:

"هل يليق هذا التصرف فى مثل هذا اليوم؟

إننى لم أمنعك من خدمة الفقراء؟

لكن اليوم عيد، وقد دعوت الأقرباء ليشاركوننا طعام العيد، فلماذا أتيت إلينا بهذا الشحاذ؟"

ابتسم مرقس وهدأ من روع أمه، وقال لها:

"لاتضطربى ياأماه،

فإنه سيأكل معي في حجرتي.

قالت الأم:

"وماذا يقول عنا الحاضرون؟"

أجابها مرقس:

"سأذهب إليهم، وأعتذر لهم بأن ضيفًا ما معي فى حجرتي".

من يصلي على الطعام؟

دخل مرقس مع ضيفه إلى حجرته الخاصة، وكأنه قد وجد كنزًا. إنه كان يحب الفقراء. لقد اشتاق أن يقدم له من ملابسه لكى يكسيه، لكنه انتظر حتى يأكلا معًا.

بسرعة أحضر الطعام على مكتبه، وطلب من الشحاذ أن يصلي على الطعام. لكن الشحاذ سأل مرقس أن يصلي هو:

أصّر مرقس أن يصلي الشحاذ... وعندئذ بسط يديه للصلاة. وفجأة أشرق نور قوي جدًا ملأ الحجرة وأشع على بقية الحجرات.

جرت الأم ومعها كل الحاضرين نحو حجرة مرقس يستطلعون الأمر. فوجدوا مرقس واقفًا فى حالة ذهول ودهشة، يتطلع إلى فوق بفرح شديد!

سألوه:

"أين الشحاذ؟"

قال:

"بدأ يبارك الطعام، فامتلأت الحجرة كلها نورًا واختفى!"

بكت الأم بمرارة، وهى تقول: "ليتنى استضفته مع كل أفراد الأسرة والأقرباء" كانت مرة النفس من جهة تصرفها، وإن كانت قد فرحت جدًا بقلب ابنها الحنون. لقد أدركت أن بحبه للفقراء استضاف السماوي نفسه. عرفت أن قلب ابنها مزود مملوء نقاوة وحبًا، لذا يسكن الرب فيه!




القمص تادرس يعقوب ملطي




تعال أيها الرب يسوع إلى قلبي،

إنى مشتاق إليك.

أنت ترسل لي الفقراء والمحتاجين،

والحزانى والمتضايقين،

والمرضى والمعوقين،

والغرباء والمسجونين،

لكى أخدمك فيهم.

أراك فى إخوتك الأصاغر،

وأفرح بهم وبك.

متى تأتي وتأخذني معك؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.