ثلاثيات الصوم المقدس
نيافة الأنبا تواضروس
فترة الصوم المقدس من أقدس فترات السنة الكنسية، حيث نصوم الأربعين يوماً المقدسة كما صامها السيد المسيح عنا، ونحن نصوم معه.
ولأهمية هذا الصوم نراه مرتبطاً بثلاثة أصوام أخرى هى :
1- صوم يونان : وهى بطول ثلاثة أيام، نصومها قبل الصوم الكبير بأسبوعين وهى على نفس الطقس من حيث الانقطاع والميطانيات والنبوات والقداسات المتأخرة، كما تنتهى أيضاً بفصح يونان (يوم الخميس) كمثال لعيد القيامة بإعتبار أن يونان النبى هو الشخصية الوحيدة التى شبه المسيح نفسه بها.
2- أسبوع الاستعداد : وهو الذى يسبق الأربعين المقدسة مباشرة، ونصومه تعويضاً عن السبوت التى تخلل فترة الأربعين يوماً ولا يجوز فيها الصوم الانقطاعى، وبذلك تكون الأربعين يوماً كاملة صوماً إنقطاعياً. .
3- أسبوع الآلام : وهو أقدس أصوام السنة كلها ويبدأ عقب جمعة ختام الصوم ويستمر ثمانية أيام، وبذلك تكتمل أيام الصوم الكبير كلها 55 يوماً، ويتخلل هذا الأسبوع أحد الشعانين وأيام البصخة وخميس العهد وجمعة الصلبوت وسبت النور، وينتهى بقداس عيد القيامة المجيد.
أما رحلتنا الثلاثية فى هذه المرة فهى مع آحاد الصوم الكبير التى هى بمثابة محطات زمنية للصوم، حيث نجد ثلاثية رائعة فى كل محطة كما فى الجدول التالى:
الأحد | إنجيل القداس | الموضوع | الثلاثيـــــــــــــــة | |||
1 | أحد الرفاع | (مت 1:6-18) | ثلاثة محاور | الصدقة | الصلاه | الصوم |
2 | أحد الاستعداد | (مت 19:6-33) | ثلاثة محاذير | لا تكنزوا | لا يقدر | لا تهتموا |
3 | أحد التجربة | (مت 1:4-11) | ثلاثة تجارب | الطعام | العالم | الغنى |
4 | أحد الأبن الضال | (لو 11:15-32) | ثلاثة صفات | الأب المحب | الإبن التائب | الأخ الرافض |
5 | أحد السامرية | (يو 1:4-42) | ثلاثة مراحل | يهودى - سيد | نبى - المسيا | المسيح - مخلص العالم |
6 | أحد المخلع | (يو 1:5-18) | ثلاثة مشاهد | وحيد | مخلع | صحيح |
7 | أحد المولود أعمى | (يو 1:9-41) | ثلاثة مواقف | الفريسيون | الأبوان | المريض |
أولاً: أحد الرفاع (مت 1:6-18) ثلاث محاور
1- الصدقة أو الرحمة هى المحور الأول : فى خطوات الحياة الروحية حيث ينفتح قلب الإنسان نحو الاخر يشعر بإحساسه، وبإحتياجاته، وأتعابه، وبذلك يتكامل جسد المسيح بكل أعضائه ولذا ترنم الكنيسة (طوبى للرحما على المساكين...) طوال فترة الصوم.
2- الصلاة هى المحور الثانى : حيث ارتبط بإلهى بصورة حية من خلال التسبيح فنرتفع نحو مسيحنا القدوس فى تسليم حقيقى لسيدنا الحنون ولراحة قلوبنا.
3- الصوم وهى المحور المكمل : لصورة الحياة الروحية حيث يكون تدريبنا الروحى مأخوذاً من (مت 6:6) ".. ادخل إلى مخدعك (قلبك) وأغلق بابك (فمك)..." وغلق الباب (الفم) ليس بالإمتناع عن الطعام والكلام وإنما بالضبط، وكل من يجاهد يضبط نفسه فى كل شئ.
ثانياً: أحد الكنوز (مت 9:6-33) ثلاث محاذير:
1- الصدقة أو الرحمة هى المحور الأول : فى خطوات الحياة الروحية حيث ينفتح قلب الإنسان نحو الاخر يشعر بإحساسه، وبإحتياجاته، وأتعابه، وبذلك يتكامل جسد المسيح بكل أعضائه ولذا ترنم الكنيسة (طوبى للرحما على المساكين...) طوال فترة الصوم.
2- الصلاة هى المحور الثانى : حيث ارتبط بإلهى بصورة حية من خلال التسبيح فنرتفع نحو مسيحنا القدوس فى تسليم حقيقى لسيدنا الحنون ولراحة قلوبنا.
3- الصوم وهى المحور المكمل : لصورة الحياة الروحية حيث يكون تدريبنا الروحى مأخوذاً من (مت 6:6) ".. ادخل إلى مخدعك (قلبك) وأغلق بابك (فمك)..." وغلق الباب (الفم) ليس بالإمتناع عن الطعام والكلام وإنما بالضبط، وكل من يجاهد يضبط نفسه فى كل شئ.
ثانياً: أحد الكنوز (مت 9:6-33) ثلاث محاذير:
1- لا تكنزا لكم كنوزاً على الأرض : والمقصود أن لا تكون تعلقات قلوبنا بالأرض بل بالسماء، لأن من أهداف الصوم زيادة إشتياقاتنا للملكوت بعيداً عن تطلعات وشهوة العيون والشهرة والسلطان والجمال ومحبة الأرضيات. 2- لا يقدر أحد أن يخدم سيدين : ليس من اللائق أن ننشغل عن مسيحنا القدوس بسيد آخر، مثل الذين سقطوا فى المادية وعبادة المال ومحبته وكل شروره. 3- لا تهتموا للغد : الاهتمامات الأرضية المستقبلية أحياناً تفقد الإنسان سلامه، فى حين أن الغد هو من يد الله. ولأنه كذلك فهذا يجعلنا دائماً فى طمأنينة. |
ثالثاً: أحد التجربة (مت 1:4-11) ثلاث تجاربن هو المعرض للسقوط فى هذه العبادة؟
1- تجربة الخبز أو الطعام أى لقمة العيش : وتعنى التشكيك فى أبوة ورعاية الله ويكون السؤال: هل حياتى هى من الله أم من الطعام؟! 2- تجربة العالم أو مجد العالم : وتعنى الوقوع فى شهوة العيون والمجد الباطل واستعراض الإمكانيات والتباهى بما نملك. 3- تجربة الغنى أو الطريق السهل : وهى الخضوع لجنون الغنى والطمع وحبالمال، وهذا ما نسميه "تعظم المعيشة" وحب حياة الراحة الرخوة بلا تعب ولا إجتهاد.. |
رابعاً: أحد الإبن الضال (لو 11:15-32) ثلاث إختيارات من هذه الضلالة الجديدة؟
هنا الأحد يقدم ثلاثة شخصيات بثلاث صفات أساسية يمكنك أن تختار منها : 1- الآب المحب : حيث نقابل الأب المشتاق الذى يحترم إرادة الآخر (إبنه) ولا ييأس من خطئه ويتحنن عليه عندما يرجع ويقبل توبته. وهذا يمثل الإنسان الذى يقدر أن يسامح وينسى لأنه يحب. 2- الإبن التائب : وهو الإبن الشاطر الذى رجع إلى نفسه وبإرادته وعاد إلى صوابه قبل أن ينجرف أكثر فى خطاياه. وهو يمثل الإنسان الشجاع الذى اعترفبخطيته، وأخذ الخطوة العملية ليحتمى فى بيت أبيه أى الكنيسة. 3- الإبن المتذمر : وهو الأخ الكبير الغضوب المتذمر من عودة أخيه الأصغر. وهو يمثل الإنسان الذى يعيش مغترباً ومبتعداً بكيانه حتى وإن كان يعيش بجسده فى داخل بيت أبيه. |
خامساً: أحد السامرية (يو 1:4-42) ثلاث مراحل :
لقد تدرج عمل النعمة مع هذه المرأة السامرية خلال حوارها مع السيد المسيح حيث نادته بثلاثة ألقاب متتالية.. 1- مرحلة يهودى - سيد : فى بداية مقابلتها مع المسيح لم تر فيه سوى أنه رجل "يهودى" الجنس وهى امرأة سامرية، وهناك عداء مستحكم بين الجنسين.. ولكن حلاوة كلام المسيح جعلتها تسترسل معه فى الحوار، وخفت من حدتها إلى أسلوب أكثر رقة، ولذا نادته بلقب "سيد" كتعبير عن الإحترام والتوقير فقط. . 2- مرحلة نبى - مسيا : وعندما كشف سرها وخطيتها برقة بالغة رأت أنه "نبى"، ولذا انتهزت الفرصة لتسأل عن موضع السجود هل هو فى أورشليم أم فى السامرة؟ وعندما أجابها المسيح إجابة روحية خالصة لم تسمعها من قبل.. راجعت معلوماتها ورأت أنه المسيا. 3- مرحلة المسيح - مخلص العالم : بعدما حضر التلاميذ تركت هى المسيح عائدة إلى مدينتها لتخبر أهلها عن هذه المقابلة العجيبة مع "المسيح". وصارت كارزة تشهد بما سمعت ورأت وأحست.. وبعد أن مكث المسيح يومين فى مدينتهم.. أعلنت مع أهل مدينتها أن "هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم". |
سادساً: أحد المخلع (الوحيد) (يو 1:5-18) ثلاث مشاهد
1- وحيد.. قبل المسيح : كان مهملاً متروكاً وحيداً عبر سنوات طويلة، لم يجد من يمد له يد المعونة.. يمثل صورة الضيق والتعاسة وخيبة الأمل المتكررة وحالة العزلة عبر 38 سنة.. وقد عبر عن كل ذلك بعبارة غاية فى الرقة "ليس لى إنسان" وبالرغم من أنه كان مطروحاً فى ساحة بيت حسدا (وتعنى بيت الرحمة) إلا أنه كان يعانى من عدم الرحمة من كل الذين حوله، فهو بلا أمل، بلا صحبة، بلا رحمة. 2- مخلع.. أمام المسيح : وعندما جاءه المسيح جاءته الرحمة، ولكن المسيح احترم إرادة المريض وسأله أولاً أتريد أن تبرأ؟ وهذا السؤال موجه لكل خاطئ يود التوبة كما أن حديث المسيح معه كان عن الشفاء وليس عن المرض وهكذا يبدو مسيحنا متحنن يشفق على شعبه ومجيئه هو مجىء الشفاء والفرح. 3- صحيح.. بعد المسيح : ويسمع المريض أمر المسيح بالشفاء، فيقوم فى الحال بإيمان وطاعة ويحمل سريره ويسير، وتتبدد مظاهر ضعفه ومرضه، وينطلق صحيحاً معافياً.. ويتضح من مقابلته مع المسيح بعد واقعة شفائه أن خطيته كانت سبب مرضه، ويشجعه المسيح على أن يسلك بحذر من الخطية ونراه بعد ذلك يقدم شهادة قوية أمام اليهود. |
سابعاً: أحد المولود أعمى (يو 1:9-41) ثلاث مواقف :
1- موقف الفريسيين : بعد أن كان موقف الجيران كله حيرة وتعجب وعدم إكتراث بالموضوع، بدأ الفريسيون التحقيق مع هذا الإنسان ولكن كان تحقيقاً ظالماً، ولقساوة قلوبهم لم يفهموا ولم يؤمنوا بالطبع، وحدث انشقاق بينهم. 2- موقف الأبوين : لقد آمنا لأنهما أكثر الناس معرفة بإبنهما ولكن خوفهما من اليهود منعهما من إعلان ذلك. فكان كلامهما فيه شئ من التحفظ. "هو كامل السن اسألوه فهو يتكلم عن نفسه". 3- موقف المريض نفسه : رغم أنه كان أعمى منذ ولادته وكان معرضاً لتعييرات الناس إلا أنه احتمل هذه التجربة الأليمة. وفى طاعة وخضوع وإيمان تمم أمر المسيح فيه، وبكل طهارة اللسان وشجاعة شهد للمسيح بلا خوف منشغلاً بنفسه دون النظر أو التطلع إلى أخطاء وخطايا الآخرين. "اخاطئ هو لست أعلم. إنما أعلم شيئاً واحداً. أنى كنت أعمى والآن أبصر". |
ولكن يا صديقى هناك إرتباط وثيق بين هذه الأحاد الثلاثة فى:
أحد السامرية | أحد المخلع | أحد المولود أعمى | |
الشخص | إمرأة | مريض | معوق (أعمى) |
المكان | ماء بئر يعقوب | ماء بركة بيت حسدا | ماء بركة سلوام |
ترمز إلى | الرافضين | المقيدين | البعيدين (غير المؤمنين) |
المسيح | مجدداً (يجدد الحياة) | محرراً (واهب الحرية) | مخلصاً (مانح النور) |
بعد مقابلة المسيح | شهدت للمسيح أمام أهل مدينتها | شهد للمسيح أمام اليهود | شهد للمسيح أمام اليهود |
وهكذا تكتمل رحلتنا فى ثلاثيات الصوم الكبير