المقدمة
يُخْبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ كَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ يَسُوعَ لِيُرِيَنَا مَنْ هُوَ اللهِ ، وَيُعَلِّمَنَا كَيْفَ نَدْخُلٌ مَلَكُوتِهِ .
إِلَيْكَ قِصّةَ رَوَاهَا يَسُوعُ في وَعْظِهِ ، لِيُعَلِّمَنَا فِيهَا أَنَّ اللهَ يَوَدُّ ، مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ في مَلَكُوتِهِ ، أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِدّاً لِخِدْمَةِ كَلِّ قَرِيبٍ .
تَجِدُ هذِهِ القِصَّةِ فِي كِتابِكَ المُقَدَّسِ ، في الفَصْلِ العَاشِرِ مِنْ إنْجِيْلِ لُوْقا .
كَانَتْ جَمَاهِيرُ النَّاسِ تَقْصُدُ يَسُوعَ لِتَسْمَعَ تَعَالِيمَهُ . وَكَانَ بَيْنَهُمْ أُنَاسٌ مُغْرضُونَ ، يَسْعَوْنَ إِلى اصْطِيَادِهِ بِكَلِمَةٍ تُفْقِدُهُ مَحَبَّةَ الشَّعْبِ .
فَرَاحُوا يَسْتَنْبِطُونَ الأَسْئِلَةَ الصَّعْبَةَ ، وَيَطْرَحُونَهَا غَيْرَةً مِنْهُمْ وَحَسَداً ، لأَنَّ الشَّعْبَ كَانَ يُقْبِلُ إِلى يَسُوعَ بِشَغَفٍ طَالِباً سَمَاعَهُ .
وَجَاءَ يَسُوعَ يَوْماً عَالِمٌ في شُؤُونِ الشَّرِيعَةِ ، وَطَرَحَ عَلَيْهِ سُؤَالاً ، قَالَ :
" أَرْغَبُ في أَنْ أَحْصُلَ عَلى الحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتي تَتَحَدَّثُ عَنْهَا . فَمَاذَا يَنْبَغي لِي أَنْ أَفْعَلَ ؟ "
أَجَابَهُ يَسُوعُ وَقَالَ : " مَاذَا تَفْرِضُ عَلَيْكَ شَرِيعَةُ اللهِ ؟ "
" تَفْرِضُ عَلَيَّ أَنْ أُحِبَّ اللهَ بِكُلِّ قَلْبِي ، وَكُلِّ ذِهْني ، وَأَنْ أُحِبَّ سَائِرَ النَّاسِ مِثْلَما أُحِبُّ ذَاتي ".
فَقَالَ يَسُوعُ : " بِالصًّوَابِ تَكَلَّمْتَ . فَمَا الَّذِي لَمْ تَفْهَمْهُ بَعْدُ ؟ "
أَرادَ مُعَلِّمُ الشَّرِيعَةِ أَنْ يُرِبْكَ يَسُوعَ بِسُؤَالِهِ . وَلكِنَّ يَسُوعَ كَانَ أَفْطَنَ مِنْهُ . فَعَادَ مُعَلِّمُ النَّامُوسِ ، وَطَرَحَ سُؤَالاً آخَرَ فَقَالَ : " وَمَاذَا يَعْني ذلِكَ ؟ "
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ : " سَأَسْرُدُ عَلَيْكَ قِصَّةً ، مِنْهَا تَسْتَنْتِجُ جَوَاباً صَالِحاً لِسُؤَالِكَ " .
أَنْصَتَ الَحاضِرُونَ وَاسْتَمَعُوا ، فَقَصَّ عَلَيْهِمْ يَسُوعُ رِوَايَتَهُ ، وَقَالَ :
" حَدَثَ يَوْماً أَنَّ رَجُلاً مُسَافِراً سَارَ وَحْدَهُ ، لاَ يُرَافِقُهُ أَحَدٌ في طَرِيقٍ كَثِيرَةِ الأَخْطَارِ ، مُنْحَدِرَةٍ مِنَ القُدْسِ إِلى أريحَا " .
" وَفِيما هُوَ سَائِرٌ فَاجَأَهُ اللُّصُوصُ ، وَخَرَجُوا لَهُ مِنْ خَلْفِ صُخُورٍ كَانَتْ عَلى جَانِبِ الطَّرِيقِ . فَأَشْبَعُوهُ ضَرْباً ، وَسَلَبُوا مَالَهُ ، وَفَرُّوا هَارِبِينَ " .
" لَمْ تَكُنِ الدَّرْبُ كَثِيفَةَ السَّيْرِ . وَانْقَضَى زَمَنٌ غَيْرُ قَصِيرٍ قَبْلَ أَنْ يَمُرَّ أَحَدٌ .
وَأَوَّلُ مَنْ جَاءَ المَكَانَ أَحَدُ الكَهَنَةِ . فَلَمَّا أَبْصَرَ المُسافِرَ طَرِيحَ الأَرْضِ عَلَى حَافَّةِ الطَّرِيقِ ، تَوَلاَّهُ الذُّعْرُ .
وَخَافَ أَنْ يَعُودَ اللُّصُوصُ إِلَيْهِ وَيَحْمِلُوا عَلَيْهِ . فَتَسَارَعَتْ خَطَوَاتُهُ ، وَفَرَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْتَرِبَ ".
" وَجَاءَ بَعْدَ الَكاهِنِ رَجُلٌ لاَوِيٌّ ، يَخْدُمُ هِيْكَلَ الرَّبِّ في مَدِينَةِ القُدْسِ " .
" فَاقْتَرَبَ مِنَ المُسَافِرِ الطَّرِيحِ ، وَاكْتَفَى بِإِلْقَاءِ نَظْرَةٍ عَلَيْهِ ، ثُمَّ سَارَعَ بِالفِرَارِ ، قَبْلَ أَنْ يَتَثَبَّتَ أَنَّه حَيٌّ أَوْ مَيْتٌ " .
فَهَزَّ المُسْتَمِعُونَ رُؤُوسَهُمْ ، لِعِلْمِهِمْ أَنَّ مَنْ رَمَسَ إِنْسَاناً مَيْتاً ، حُظِّرَ عَلَيْهِ دُخُولُ الهَيْكَلِ .
وَتَابَعَ يَسُوعُ قِصَّتَهُ وَقَالَ :
" ثُمَّ مَرَّ بِالمَكَانِ رَجُلٌ سَامِرِيٌّ " . وَعِنْدَ سَمَاعٍ هَّا الاسْم ، أَبْدَى النَّاسُ اسْتِيَاءَهُمْ ، لأَنَّ اليَهُودَ يُبْغِضُونَ السَّامِرِيَِينَ . إِلاَّ أَنَّهُمْ حَرِصُوا أَنْ يَعْرِفُوا مَا سَيَحْدُثُ فَصَمَتُوا .
تَابَعَ يَسُوعُ قَائِلاً :
" وَلَمَّا أَبْصَرَ السَّامِرِيُّ هذَا الرَّجُلَ المِسْكِينَ ، نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ ، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ خِرْجِهِ قَلِيلاً مِنَ المَاءِ وَبَعْضاً مِنَ القِمَاشِ النَّاعِمِ .
وَتَبَيَّنَ لِلسَّامِرِيِّ أَنَّ الرَّجُلَ عَلَى قَيْدِ الحَياةِ . فَنَظَّفَ جِرَاحَهُ ، وَغَسَلَ رُضُوضَهُ ، وَنَاوَلَهُ مَاءً لِيَشْرَبَ " .
" وَبَعْدَ أَنْ ضَمَّدَ جِرَاحَهُ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّتِهِ . وَسَاقَ حِمَارَهُ بِهُدُوءٍ ، نُزُلاً حَتَّى الفُنْدُقِ .
وَكَانَ مِنْ عَادَة السَّامِرِيِّ أَنْ يُقٍيمَ في هذَا الفُنْدُقِ . وَكَانَ صَاحِبُهُ يَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً جَيِّدَةً .
فَاسْتَرَاحَ الجَرِيحُ في هذَا الفُنْدُقِ وَطَابَتْ نَفْسُهُ .
" وَفي الغَدِ كَانَ عَلَى السَّامِريِّ أَنْ يُتَابِعَ سَفَرَهُ . فَقَبْلَ أَنْ يُغَادِرَ المَكَانَ ، تَوَجَّهَ إِلى صَاحِبِ الفُنْدُقِ ، وَأَعْطَاهُ بَعْضَ المَالِ ، وَقَالَ لَهُ :
" أَرْجُو أَنْ تَهْتَمَّ بِهذَا الرَّجُلِ الجَرِيحِ ، وَتُوَفِّرَ لَهُ الطَّعَامَ وَالرَّاحَةَ إِلى أَنْ يُعَافَى . وَمَهْمَا تُنْفِقْ مِنَ المَالِ فَوْقَ مَا تَركْتُهُ لَكَ ، فَأَنَا أَدْفَعُهُ عِنْدَ عَوْدَتي " .
وَتَوَجَّهَ يَسُوعُ إِلى مُعَلِّمِ الَّشرِعَةِ المُتَحَذْلِقِ ، وَسَأَلَهُ قَائِلاً :
" قُلْ لي : أَيٌّ مِنْ هؤُلاَءِ الرِّجَالِ الثَّلاَثَةِ أَحَبَّ الرَّجُلَ الجَرِيحَ مَحَبَّةً حَقِيقِيَّةً ؟ "
شَقَّ عَلَى مُعَلِّمِ الشَّرِيعَةِ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِكَلِمَةِ " السَّامِرِيِّ " . فَقَالَ : " ذاكَ الَّذِي صَنَعً إِلَيْهِ الرَّحْمَةَ ! "
َقَالَ لَهُ يَسُوعُ : " بِالصَّوابِ أَجَبْتَ ! لَقَدْ أَبْصَرَ السَّامِرِيُّ رَجُلاً مُعْوِزاً ، فَصَنَعَ إِلَيْهِ رَحْمَةً " .
" هكَذَا يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَلَ ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ الحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ ، وَتَرِثَ مَلَكُوتَ اللهِ " .
خاتمة
" من الكتاب المقدّس " سلسلة قصصيّة من 52 رواية للأطفال . كلّ قصّة قائمة بذاتها ويؤلّف مجموعها الكتاب المقدّس ، أي قصّة حبّ الله للبشر ، في كلّ زمان ومكان .
إن الأعداد ( من 31 إلى 52 ) مقتبسة من العهد الجديد وتخبرنا عن حياة يسوع ابن الله وعن تعليمه . وإن هذه القصص تحدّثنا عمّا فعل يسوع وقال ، وعن الشعب الذي لاقاه . إن كلّ ما نعرفه عن حياة يسوع مدوَّن في الأناجيل الأربعة التي كتبها كلٌّ من متى ومرقس ولوقا ويوحنّا . وكلمة " الإنجيل " تعني البُشرى السعيدة .
وختامُ السلسلةِ أربعُ قصصٍ تحدّثنا عن المسيحيّينَ الأوّلينَ الذينَ نشروا بُشرى السعادة هذه بينَ الناسِ ، كما أمرهُم يسوعُ . وما زالَ أحفادُهم يلهجونَ بها حتى أيّامنا الحاضرة .
وردت " قصّة السَامريّ الرحيم " في العهد الجديد ، في الفصل العاشر من إنجيل لوقا . هي بلا ريب ، أشهر قصّة رواها يسوع . لقد شاء معلّم الشّريعة أن يُريك يسوع بسؤاله . فتنبَّهَ يسوع لهذا الإحراج ، وجعل معلّمَ الشريعة يُجيب عن سؤاله بمفسه ، معتمداً على ما جاء في الكتب المقدسة . إن الوصية الأولى في الناموس تفرض على الإنسان أن يحبَّ الله . والوصّية الثانية تفرض عليه أن يعامل غيره من بني البشر ، كما يشاء هو أن يُعامَل . مَنْ أتمَّ هذه الوصية نال الحياة الأبدية . ويتضّح من القصة أيضاً كم يصعب على الإنسان أن يحبّ أعداءه. من اكتفى بحفظ وصايا الله ، لا ينال الحياة الأبدية . وحدها محبة القريب تجعلنا كاملين . وقد بيَّن يسوعُ لسائله جهلهُ لتعاليم الملكوت ، التي جاء يسوع ينشرها بين البشر . والتعليم الأساسيّ يقوم بأننا لن ننال الحياة الأبدية إلاَّ بيسوع .
وتخبرنا القصة اللاحقة (39) في السلسلة عينها ، وعنوانها " قصة الزارع " ، عن الطرق المختلفة التي يتجاوب بها الناس عند سماعهم البشارة .
أحدث الموضوعات
From Coptic Books
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010
المشاركات الشائعة
- اكلات صيامى بمناسبة بدء الصوم كل سنة وانتم طيبين
- مسابقة فى صورة اسئلة مسيحية
- افكار تنفع مدارس الاحد { وسائل الايضاح }
- الحان اسبوع الالام mp3
- صور تويتى للتلوين
- دراسة كتاب مقدس ... لابونا داوود لمعى
- صور يسوع المسيح ( مصلوب )
- صلوات الاجبية بالصوت mp3
- حصرياً : اعلان نتيجة مهرجان الكرازة & شعار مهرجان الكرازة 2010 Mp3 ومنهج الألحان
- أرشيف الترانيم والمدائح أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.