أناسٌ لاقاهم يسوع
المقدمة
يُخْبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ كَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ يَسُوعَ لِيُريَنَا مَنْ هُوَ اللهِ ، وَيُعَلِّمَنَا كَيْفَ نَدْخُلُ مَلَكُوتِهِ .
إِنَّ القِصّةَ الَّتِي بَيْنَ يَدَيْكَ تَحْكي قِصَّةَ أُنَاسٍ لاَقَاهُمْ يَسُوعُ .
تَجِدُ هذِهِ القِصَصَ مُفَصَّلَةً في الأَناجِيلِ ، فِي كِتابِكَ المُقَدَّسِ .
كَانَ أَطْفَالُ الجَلِيلِ يُحِبُّونَ صُحْبَةَ يَسُوعَ ، وَيَقُولُونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : " هَيَّا بِنَا نَسْعَى إلى يَسُوعَ! "
وَكَثِيراً مَا كَانَ وَالِدُوهُمْ أَيْضاً يَتْرُكُونَ أَعْمَالَهُمْ في البَيْتِ أَوِ الحَقْلِ وَيَنْطَلِقُونَ مَعَهُمْ لِيَرَوْا يَسُوعَ.
أّمَّا هُوَ فَمَا كَانَ يَوْماً لِيَشْغَلَهُ أَمْرٌ عَنِ التَّحَدُّثِ إِلى النَّاسِ .
وَكَانَتْ جَمَاهِيرُ الشَّعْبِ تَبْتَهِجُ لَدَى رُؤْيَتِهَا يَسُوعَ يَشْفي المَرْضَى : فَهذَا مُقْعَدٌ لأَوَّلِ مَرَّةٍ ، وَذَاكَ أَعْمَى يُشِيرُ إِلى
الأَشْجَارِ وَالزُّهُور ، وَالدَّهَشُ يَمْلأُ وَجْهَهُ لأَنَّهُ أَبْصَرَ فَجْأَةً وَعَلَى غَيْرِ أَمَلٍ .
وَكَانَ الشَّعْبُ يُصْغِي إِلَى يَسُوعَ عِنْدَمَا يَرُدُّ عَلَى أَسْئِلَةٍ صَعْبَةٍ ، أَوْ يَشْرَحُ إِلَى يَسُوعَ عِنْدَمَا يَرُدُّ عَلَى أَسْئِلَةٍ صَعْبَةٍ ، أَوْ يَشْرَحُ عَنْ مَلَكُوتِ اللّهِ .
هَلْ تَذْكُرُ الرَّجُلَ المَدْعُوَّ نِيقُودِيمُوسَ ؟ لَقَدْ كَانَ هذَا الرَّجُلُ وَجِيهاً عَظِيماً ، لَدَيْهِ أَسْئلَةٌ كَثِيرَةٌ يَوَدُّ طَرْحَهَا عَلَى يَسُوعَ .
لكِنَّهُ كَانَ يَخَافُ أَنْ يَرَاهُْ أَحَدُ الزُّعَمَاءِ ذَاهِباً إِلَى يَسُوعَ .
فَتَرَقَّبَ يَوْماًَ حُلُولَ اللَّيِْلِ وَقَصَدَهُ .
فَخَاطَبَهُ يَسُوعُ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ وَقَالَ لَهُ : " صَدِّقْني ، يَا
نيقُودِيمُوسُ .لَقَدْ أَحَبَّ اللهُ العَالَمَ حَتَّى إِنَّهُ أَرْسَلَني إِلَيْهِ ، أَنَا ابْنَهُ الوّحِيدَ ، لأُعْطِيَ الحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ بي " .
فَخَرَجَ نِيقُودِيمُوسُ مِنْ عِنْدِ يَسُوعَ وَهُوَ يَحْمِلُ في رَأْسِهِ أُمُوراً كَثِيرَةً يَتَأَمَّلُ فِيهَا .
وَمَا عَادَ يَغِيبُ عَنْ بَالِهِ اليَوْمُ الَّذِي لاَقَى فِيهِ يَسُوعَ .
وَكَانَ أَيضاً رَجُلٌ مٌقْعَدٌ لَمْ يَمْشِ يَوماً لأَنَّهُ وُلِدَ كَسِيحَ السَّاقَيْنِ . فَحَمَلَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْدِقَائِهِ إِلى يَسُوعَ لِيَراهُ .
فَلَمَّا أَبْصَرُوا كَثْرَةَ النَّاسِ حَوْلَهُ ، يَئِسُوا مِنَ الوُصُولِ إِلَيْهِ .
حِينَئِذٍ خَطَرَتْ لأَحَدِهِمْ فِكْرَةٌ جَيِّدَةٌ ، فَقَالَ : " تَعَالَوْا
نُدَلِّيهِ مِنَ السَّقْفِ ، مِنْ تِلْكَ الكُوَّةِ " .
حِينَئِذٍ شَفَى يَسُوعُ الرَّجُلَ ، حَتَّى إِنَّهُ نَهَضَ وَسَاعَدَ رَفَاقَهُ في حَمْلِ سَرِيرِهِ إِلَى البَيْتِ .
وَمَا عَادَ يَغِيبُ عَنْ بَالِهِ اليَوْمُ الَّذِي لاَقَى فيهِ يَسُوعَ .
هَلْ تَذْكُرُ المَرْأَةَ السَّامِرِيَّةَ الَّتي لاَقَتْ يَسُوْعَ عِنْدَ البِئْرِ ؟
لَقَدْ فَاجَأَهَا ، فَعَرَضَ عَلَيْهَا مَاءً لِتَشْرَبَ . فَقَالَتْ لَهُ : " كَيْفَ ذلِكَ وَلاَ دَلْوَ عِنْدَكَ تَدْلَوهَا في البِئْر ؟ "
فَأَجَابَهَا قَائِلاً : " المَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا ، هُوَ مَاءٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، يَمْنَحُ الحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ . ففي مَلَكُوتِ اللهِ لاَ يَعْطَشُ المَرْءُ ثَانِيَةً ! "
رَجَعَتِ المَرْأَةُ إِلَى المَدِينَةِ تُحَدِّثُ الشَّعْبَ وَتَقُولَ : " لاَ شَكَّ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ ، لأَنَّهُ عَرَفَ كُلَّ مَا عِنْدِي مِنْ أَسْرَارٍ " .
وَمَا عَادَ يَغِيبُ عَنْ بَالِهَا اليَوْمُ الَّذِي لاَقَى فِيهِ يَسُوعَ .
وَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَخْجَلُونَ أَنْ يَطْلُبُوا مُسَاعَدَةً مِنْ يَسُوعَ .
وَإِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ في حَاجَةٍ إِلى أَنْ يَشْفِيَهَا ، لِكَوْنِهَا مَرِيضَةً مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ . وَلَقَدْ صَرَفَتْ كُلَّ مَالِهَا في مُعَايَنَةِ الأَطِبَّاءِ ، وَلَمْ يُحَسِّنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَالَهَا .
وَعِنْدَمَا أَبْصَرَتْ يَسُوعَ يَشْفِي المَرْضَى ، قَالَتْ في نَفْسِهَا : " يَا لَيْتَني أَلْمُسُ وَلَوْ طَرَفَ ثَوْبِهِ فَتَتَحَسَّنَ حَالي ! " وَلَمَّا مَرَّ بِهَا يَسُوعُ ، مَدَّتْ يَدَهَا إِلى ثَوْبِهِ وَلَمَسَتْهُ ، فَتَحَسَّنَتْ حَالُهَا لأَنَّ يَسُوعَ شَفَاهَا .
وَمَا عَادَ يَغِيبُ عَنْ بَالِهَا اليَوْمُ الَّذِي لاَقَتْ فِيهِ يَسُوعَ .
وَسَمِعَ رَجُلٌ اسْمُهُ يَائِيرُسُ بَخَبَرِ يَسُوعَ ، فَرَكَضَ يَبْحَثُ عَنْهُ لأَنَّ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُنْقِذَهَا .
وَكَانَ الشَّعْبُ مُزْدَحِماً حَوْلَ يَسُوعَ ، حَتَّى إِنَّهُ أَبْطَأَ ، فَلَمْ يَصِلْ يَائِيرُسُ إِلَى الْبَيْتِ إلاَّ وَقَدْ مَاتَتِ الفَتَاةُ .
كَانَ البَيْتُ كُلُّهُ يَبْكِي عَلَيْهَا . فَدَخَلَ يَسُوعُ الغُرْفَةَ حَيْثُ كَانَتِ الفَتَاةُ ، وَمَسَكَ يَدَهَا وَقَالَ : " هَيَّا ! قُومِي ! " وَأَخَذَ الجَمِيعَ دَهَشٌ عَظِيمٌ لَمَّا رَأَوْهَا قَدْ قَامَتْ ، وَعَادَتْ إِلَيْهَا الحَيَاةُ وَالعَافِيَةُ .
وَمَا عَادَ يَغِيبُ عَنْ بَالِ يَائِيُرُسَ اليَوْمُ الَّذِي لاَقَى فِيهِ يَسُوعَ .
وَفي أَحَدِ الأَيَّامِ سَمِعَ يَسُوعُ رِجَالاً يُنَادُونَهُ قَائِليِنَ : " يَا يَسُوعُ ، تَطَلَّعْ إِلى المُصِيبَةِ الَّتي حَلَّتْ بِنَا ! "
فَتَطَّعَ يَسُوعُ إِلَى أَيْدِيهِمْ وَوُجُوهِهِمْ ، وَقَالَ لَهُمْ : " لَقَدْ طَلَبْتُمُ العَوْنَ مِنِّي ، فَكُونُوا مُعَافَيْنَ ، وَعُودُوا إِلَى بُيُوتِكُمْ " .
وَكَانَ هؤُلاءِ الرِّجَالُ مُصَابِينَ بِمَرَضٍ كَرِيهٍ ، بِالبَرَصِ يَنْهَشُ بَشَرَتَهُمْ ، حَتَّى إِنَّ جَمِيعَ النَّاسِ كَانُوا يَتَجَنَّبُونَهُمْ .
وَبَيْنَمَا كَانُوا عَائِدِينَ إِلَى بُيُوتِهِمْ لاَحَظُوا أَنَّ بَشَرَتَهُمْ أَصْبَحَتْ نَاعِمَةً ، وَجِرَاحَهُمُ انْدَمَلَتْ ، فَأَسْرَعُوا لِيُطْلِعُوا أَقَارِبَهُمْ عَلَى مَا جَرَى وَنَسُوا أَنْ يَقُولُوا لِيَسُوعَ " شُكْراً لَكَ ! "
وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَقَطْ عَادَ إِلَى يَسُوعَ وَشَكَرَ لَهُ أَنَّهُ عَافَاهُ .
وَمَا عَادَ يَغِيبُ عَنْ بَالِهِ اليَوْم؟ُ الَّذِي لاقَىَ فِيهِ يَسُوعَ .
وَتَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ رَجُلٌ وَجِيهٌ وَقَالَ لَهُ : " مَا بَرِحْتَ تُحَدِّثُنَا عَنِ الحَيَاةِ في مَلَكُوتِ اللهِ . فَهَلْ لي أَنْ أَعْرِفَ المَزِيدَ عَنْهَا ؟ كَيْفَ أَحْصُلُ عَلَيْهَا ؟ "
كَانَ جَمِيعُ النَّاسِ يَتَرَقَّبُونَ يَسُوعَ مَا عَسَاهُ أَنْ يَقُولَ ، وَيُريدُونَ أَنْ يَعْرِفُوا جَوَابَهُ . فَأَجَابَ : " إِنَّكَ تُحِبُّ اللهَ ، وَتَعْمَلُ بِمَا يَأْمُرُ ، لكِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ تُحِبُّ المَالَ أَكْثَرَ مِنَ اللهِ . فَإِذَا تَخَلَّيْتَ عَنْ كُلِّ مَا لَكَ وَوَزَّعْتَهُ ، أَصْبَحْتَ أَهْلاً لامْتِلاَكِ الحَيَاةِ الإِلهِيَّةِ " .
فَابْتَعَدَ الرَّجُلُ والحُزْنُ يَمْلأُ قَلْبَهُ ، وَلَمْ يَسْتَطِعِ التَّخَلِّيَ عَنْ مَالِهِ لأَنَّهُ كَانَ غَنِيّاً جِدّاً .
وَمَا عَادَ يَغِيبُ عَنْ بَالِ ذلِكَ الرَّجُلِ اليَوْمُ الَّذِي لاَقَى فِيهِ يَسُوعَ .
كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى جَالِساً عَلَى حَافَّةِ طَرِيقِ أَرِيحَا ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يَعْرِفُونَهُ .
فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعَ قَادِماً ، صَرَخَ بِصَوْتٍ جَهِيرٍ قَائِلاً : " اسْتَجِبْ لي ، يَا يَسُوعُ ! " فَقَالَ لَهُ النَّاسُ كُلُّهُمُ : " اهْدَأْ ، يَا رَجٌلُ ! " أَمَّا هُوَ فَرَاحَ يَصْرُخُ بِصَوْتٍ أَعْلَى .
فَتَوَقَّفَ يَسُوعُ وَسَأَلَهُ : " مَاذَا تُرِيدُني أَنْ أَفْعَلَ ؟ "
فَأَجَابَ الأَعْمَى : " حَسْبِي أَنْ أُبْصِرَ ! " فَقَالَ يَسُوعُ : " سَتُبْصِرُ ، لأَنَّكَ آمَنْتَ بي " .
وَلِلحَالِ أَبْصَرَ بَارْتِيمَاوُسُ ، وَرَأَى كَمْ كَانَ العَالَمُ جَمِيلاً .
وَمَا عَادَ يَغِيبُ عَنْ بَالِهِ اليَوْمُ الَّذِي لاَقَى فِيهِ يَسُوعَ .
وَكَانَ كُلُّ مَن لاَقَى يَسُوعَ يَذْهَبُ وَيُخْبِرُ الآخَرينَ عَنْهُ . وَمَا عَادَ يَغِيبُ عَنْ بَالِهِمِ اليَوْمَ الَّذِي لاقَوْا فِيهِ يَسُوعَ .
خاتمة
" من الكتاب المقدّس " سلسلة قصصيّة من 52 رواية للأطفال . كلّ قصّة قائمة بذاتها ويؤلّف مجموعها الكتاب المقدّس ، أي قصّة حبّ الله للبشر ، في كلّ زمان ومكان .
إن الأعداد ( من 31 إلى 52 ) مقتبسة من العهد الجديد وتخبرنا عن حياة يسوع ابن الله وعن تعليمه . وإن هذه القصص تحدّثنا عمّا فعل يسوع وقال ، وعن الشعب الذي لاقاه . إن كلّ ما نعرفه عن حياة يسوع مدوَّن في الأناجيل الأربعة التي كتبها كلٌّ من متى ومرقس ولوقا ويوحنّا . وكلمة " الإنجيل " تعني البُشرى السعيدة .
وختامُ السلسلةِ أربعُ قصصٍ تحدّثنا عن المسيحيّينَ الأوّلينَ الذينَ نشروا بُشرى السعادة هذه بينَ الناسِ ، كما أمرهُم يسوعُ . وما زالَ أحفادُهم يلهجونَ بها حتى أيّامنا الحاضرة .
وفي قصة " أناس لاقاهم يسوع " ، استقينا قصة نيقوديموس من إنجيل يوحنا ، الفصل 3 ، وقصة الأصدقاء الأربعة من إنجيل مرقس ، الفصل 2 ، وقصة المرأة قرب البئر من إنجيل يوحنا ، الفصل 4 ، وقصة المرأة المريضة وابنة يائيرس من إنجيل لوقا ، الفصل 8 ، وقصة البُرص العشرة من إنجيل لوقا ، الفصل 17 ، وقصة الشاب الغني من إنجيل متى ، الفصل 19 ، وقصة الأعمى بارتيماوس من إنجيل مرقس ، الفصل 10 . وهذا قليل من كثير من قصص أولئك الناس الواردة أسماؤهم في الإنجيل ، والذين تبدَّلت حياتهم لأنهم لاقوا يسوع . وما زال يسوع حتى الآن يبدِّل حياة من لاقاه . وما غاب قطّ عن بال أحد ذلك اليوم الذي لاقى فيه يسوع .
إن القصة التالية (46) ، وعنوانها " يسوع الملك " ، تخبرنا كيف دخل يسوع ظافراً إلى أورشليم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.