المقدمة
يُخْبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ كَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ يَسُوعَ لِيُطْلِعَنا عَلى أَسْرارِ اللهِ ، وَيَدُلَّنَا إلى سَبِيْلِ الانْضمَامِ إلى مَلَكُوتِهِ .
وَإِلَيْكَ قِصّةَ اخْتِيَارِ يَسُوعَ لاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً ، اتَّخَذَهُمْ رِفَاقاً فِي أَدَاءِ رسالتِهِ الخَاصَّةِ .
يُمْكِنُكَ مُطالَعَةُ هذِهِ القِصَّةِ فِي كِتابِكَ المُقَدَّسِ ، فَهِيَ مَرْوِيَّةٌ فِي الْفُصُولِ الأُوْلَى مِنْ إِنْجِيْلَيْ مَرْقُسَ وَيُوحَنَّا .
كَثِيْراً مَا كَانَ الفَتَى يَسُوعُ يَسْمَعُ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ عَنِ ابْنِ خَالَتِهِ يُوحَنَّا .
وَهكذا عَلِمَ أَنَّ يُوحَنَّا كَانَ وَاعِظاً ، يَعْيشُ عِنْدَ ضِفَافِ نَهْرِ الأُرْدُنِّ ، وَيَأْتِي النَّاسُ كُلَّهُمْ لِسَمَاعِ مَوَاعِظِهِ .
وَكَانَ يُوحَنَّا يُعَلِّمُهُمْ قَائِلاً : " هَا إِنَّ اللهَ مُرْسِلٌ ابْنَهُ لِيَكُونَ مَلِيكَكُمْ ، وَلكِنَّكُمْ لَسْتُمْ ، بَعْدُ ، مُسْتَعِدِّينَ لاسْتِقْبالِهِ . إِنَّكُمْ شَعْبُ اللهِ ، وَلكنَّكُمْ لا تَسْلُكُونَ حَسَبَ وَصَايَاهُ " .
وَكَانَ النَّاسُ يُدْرِكُونَ صِحَّةَ هذا الكَلامِ ، فَهُمْ غَالِباً ما يُخَالِفُونَ شَرائِعَ اللهِ ، وَيَلْقَوْنَ صُعُوبَةً فِي الْعَيْشِ عِيْشَةَ صَلاحٍ .
وَكانُوا يَقُولٌونَ : " نَحْنُ آسِفُونَ . ما الَّذِي يَتَوَجَّبُ عَلَيْنا فِعْلُهُ ؟ "
وَكَانَ يُوحَنَّا يُجيْبُهُمْ : " تَعالَوْا وَاعْتَمِدُوا فِي النَّهْرِ ، كَيْ تُظْهِرُوا لِلْجَمِيْعِ رَغْبَتَكُمُ الصَّادِقَةَ فِي الَعَيْشِ عِيْشَةً نَظِيفَةً وَصَالِحَةً ، وَسَيَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ " .
مِئَاتٌ مِنَ النَّاسِ جَاؤُوا إِلى يُوحَنَّا فاعْتَمَدُوا ، وَلِذلِكَ دَعَوْهُ يُوحَنَّا المَعْمَدَان .
وَمَعَ أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَرْتَكِبْ قطُّ خَطَأً ، إِلاَّ أَنَّهُ مَضَى إِلى يُوحَنَّا كَيْ يَعْتَمِدَ مِثْلَمَا يَعْتَمِدُ سَائِرُ أَفْرَادِ الشَّعْبِ . وَعِنْدَما خَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الماءِ ، سَمِعَ الحَاضِرُونَ صَوْتاً يَقُول :
" أَنْتَ ابْنِيَ الحَبْيبُ ، وَأَنا بِكَ سُرِرْتُ " .
وَأَدْرَكَ يَسُوعُ أَنَّ عَلَيْهِ الشُّروعَ بِعَمَلِ اللهِ . وَبِمَا أَنَّهُ عَمَلٌ شَاقٌّ استَعَدَّ لَهُ بالاعْتِزالِ ، وَحِيْداً ، عَلى تِلالٍ صَحْراوِيَّةٍ مُتَفَرِّغاً للتَّأَمُّلِ وَالصَّلاةِ .
وَلَمْ يَتَنَاوَلْ أَيَّ طَعامٍ طِيْلَةَ أَيَّامٍ عَدِيْدَةٍ .
وَلكِنَّ إِبْلِيسَ ، العَدُوَّ الذي أَفْسَدَ العَالَمَ الَّذِي خَلَقَهُ اللهُ ، أَرَادَ مَنْعَ يَسُوعَ مِنْ إِتْمَامِ عَمَلِ اللهِ .
فَتَريَّثَ حَتَّى شَعَرَ يَسُوعُ بالْوَحْدَةِ والجُوْعِ الشَّدِيدِ .
وَحِينَئِذٍ اسْتَخْدَمَ جَمِيْعَ الأَسَاليبِ كَيْ يَحْمِلَهُ عَلى إِطاعَتِهِ عِوَضاً عَنْ إطاعَةِ اللهِ .
وَلكِنَّ يَسُوعَ رَدَّهُ قَائِلاً : " لَنْ أَكُونَ أَبَداً خَادِماً لَكَ ، يَا إِبْلِيْسُ . فَكَلامُ اللهِ يَأْمُرُنِي بإِطَاعَتِهِ وَحْدَهُ ، دُوْنَ سِوَاهُ " .
وَهكَذا ، فِي النِهَايَةِ ، ابْتَعَدَ إِبْلِيْسُ ، وَلكِنَّ يَسُوعَ كانَ يَعْلَمُ أَنَّ الشَيْطَانَ لا يَسْتَسْلِمُ أَبَداً لِلْهَزِيمةِ .
وَلَمَّا رَجَعَ يَسُوعُ مِنَ الصَحْرَاءِ ، عَادَ إِلَى مَوْطِنِهِ عِنْدَ ضِفَافِ بُحَيْرَةِ الجَليْلِ ، لِيُبَاشِرَ عَمَلَ اللهِ.
وَرَأَى ، عِنْدَ البُحَيْرَةِ ، رَجُلََيْنِ يَصْطَادَانِ ، فَنَادَاهُما :
" يَا سِمْعَانُ وَيَا أَنْدَرَاوُسُ ، تَعَالَيَا مَعِيْ ، فَنَصْطَادَ بَشَراً نَمْضِي بِهِمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ ، عِوَضاً عَنِ اصْطِيَادِ سَمَكٍ نَبِيْعُهُ فِي السُّوقِ " .
ثُمَّ صَادَفَ يَسُوعُ صَيَّادَيْنَ آخَرَيْنِ ، فَوْقَ مَرْكَبِهِمَا ، يُنَظِّفَانِ شِبَاكَ الصَيْدِ ، فَنَاداهُمَا :
" يَا يَعْقُوبُ وَيَا يُوحَنَّا ، تَعَالَيَا فَأَنَا فِي حَاجَةٍ إِلَيْكُما " .
وَتَرَك الصيَّادُونَ الأَرْبَعَةُ كُلَّ شَيْءٍ عِنْدَ البُحَيْرَةِ ، وَمَضَوْا بِصُحْبَةِ يَسُوعَ .
وَكَانَ فِيلِبُّسُ الشَّخْصَ التَّالِيَ الذِي اخْتَارَهُ يَسُوعُ لِيَعْمَلَ مَعَهُ ، وَهُوَ مِنْ بَيْتَ صَيْدا ، مَدِيِنَةِ سِمْعَانَ وَأَنْدَراوُسَ .
وَبَلَغَ التَأَثُّرُ مِنْ فِيلبُّسَ كُلَّ مَبْلَغٍ ، عِنْدَمَا دَعَاهُ يَسُوعُ للانْضِمَامِ إِلَيْهِ ، فَأَسْرَعَ يُخْبِرُ نَثَنَائِيْلَ بِذلِكَ.
وَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيْلُ :
" لا يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ النَاصِرَةِ رَجُلٌ عَظِيْمٌ " .
وَلكِنَّهُ مَضَى بِرِفْقَةِ فِيلِبُّسَ ، لِمُقَابَلَةِ يَسُوعَ .
فَبَادَرَهُ يَسُوعُ بالتَحِيَّةِ : " أَهْلاً بِكَ ، يا نَثَنَائِيْلُ ، لَقَدْ رَأَي~تُكَ جَالِساً تَحْتَ التْيْنَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْعُوَكَ فِيلِبُّسُ " .
وَاتَّضَحَ لِنَثَنَائِيلَ أَنَّ يَسُوعَ كَانَ يَعْرِفُ كُلَّ شَيْءٍ عَنْهُ ، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ .
وَذَاتَ يَوْمٍ ، دُعِيَ يَسُوعُ وَأَصْدِقَاؤُهُ إِلَى عُرْسٍ فِي قَانَا الْجَلِيْلِ ، وَكَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّ يَسُوعَ تُسَاعِدُ فِي احْتِفَالاتِ الْعُرْسِ ، إِذْ إِنَّها كَانَتْ عَلَى مَعْرِفَةٍ وَثيقَةٍ بِالْعَرُوسِ .
وَكَانَ جَمِيعُ الْمَدْعُوِّينَ يَرْتَدُوْنَ أَجْمَلَ ثِيَابِهِمْ ، وَكُلُّهُم مُبْتَهِجُونَ ، سُعَدَاءُ . وَكَانَتْ مَوَائِدُ الْعُرْسِ مُزْدَانَةً بِالْزُّهُورِ ، وَالْعَرُوسُ تَبْدُو فِي غَايَةِ الْجَمَالِ .
وَفِيمَا الْجَمِيعُ مُتَمَتِّعُونَ ، قَرَأَ يَسُوعُ عَلَى وَجْهِ أُمِّهِ مَرْيَمَ عَلامَاتِ الاضْطِرَابِ ، فَسَأَلَهَا بِرِقَّةٍ : " مَا الأَمْرُ ، يَا أُمَّاهُ ؟ "
فَأَجَابَتْهُ مَرْيَمُ : " يَا حَبِيْبِي ، إِنَّ الأَمْرَ رَهِيْبٌ ! يا
خَجْلَتَاهُ ! إِنَّ النَاسَ لَنْ يَنْسَوْا ذلِكَ أَبَداً . لَقَدْ نَفَذَ لَدَيْنا الْخَمْرُ ، فَهَلْ لَكَ بِمُسَاعَدَتِنا ؟ "
ثُمَّ شَدَّتْ مَرْيَمُ عَلَى ذِرَاعِ رَئِيْسِ الخُدَّامِ ، وَقَالَتْ لَهُ : " نَفِّذْ ، بِدِقَّةٍ ، مَا يَقُولُهُ لَكَ ابْنِيْ " .
وَقَالَ لَهُ يَسُوعُ : " خُذْ هذِهِ الْجِرَارَ الكَبِيرَةَ السِتَّ ، وَامْلأْهَا مَاءً حَتَّى تَفِيضَ " .
وَنَفَّذَ الخَادِمُ أَمْرَ يَسُوعَ ، مُرْغَماً غَيْرَ رَاضٍ ، لأَنَّهُ كَانَ يَرْفُضُ أَنْ يَسْقِيَ ضُيَوفَ الْعُرْسِ مَاءً .
وَعِنْدَمَا امْتَلأَتِ الجِرَارُ ، قَالَ لَهُ يَسُوعُ : " صُبَّ قَلِيْلاً مِنْها ، وَقَدِّمْهُ إِلى رَئِيسِ المَحْفِلِ " .
وَلَمَّا نَفَّذَ الخَادِمُ أَمْرَ يَسُوعَ ، كَادَتِ الكَأْسُ تَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ ، إِذْ إِنَّها كانَتْ خَمْراً .
وَقَالَ كَبِيْرُ المَدْعُوِّينَ : " هذَا أَطْيَبُ خَمْرٍ ذُقْتُهُ في حَيَاتِيْ " .
وَكَانَتْ تِلْكَ عَجِيْبَةُ يَسُوعَ الأُوْلَى ، فِي سِلْسِلَةِ أَعْمَالٍ عَجِيْبَةٍ كَثِيَرَةٍ فَعَلَها .
وَلَمَّا عَادَ يَسُوعُ إِلَى بُحَيرَةِ الجَلِيْلِ ، وَاكَبَهُ جَمْعٌ غَفِيْرٌ ، مِمَّن كَانُوا قَدْ سَمِعُوا بِعَجِيْبَةِ العُرْسِ ، وَحَرِصُوا عَلَى أَلاَّ يَفُوتَهُمْ شَيْءٌ مُثِيْرٌ مِنْ أَعْمَالِهِ .
وَمَرُّوا بِالسَّاحَةِ الَّتِي كَانَ يَجْلِسُ فِيهَا جَابِي الضَرَائِبِ ،
َنَادَاهُ يَسُوعُ : " هِيْهْ ، مَتَّى ، دَعْ عَنْكَ كُلَّ هذِهِ الأَمْوَالِ ، وَهَيَّا فَاتْبَعْنِيْ ، فَأَنَا فِي حَاجَةٍ إِلَيْكَ".
وَنَهَضَ مَتَّى ، تَارِكاً كُلَّ شَيْءٍ ، لِيَلْحَقَ بِفَرِيقِ أَصْدِقَاءِ يَسُوعَ الأَخِصَّاءِ .
لَقَدِ اخْتَارَ يَسُوعُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً ، أَتْبَاعاً لَهُ ، وَاتَّخَذَ مِنْهُمْ أَصْدِقَاءَ يُلازِمُونَهُ بِاسْتِمْرَارٍ ، وَيُنصِتُوْنَ إِلَيْهِ عِنْدَمَا كَانَ يُبَشِّرُ الشَّعْبَ بِرِسَالَةِ اللهِ . وَقَدْ دُعُوا التَّلامِيْذَ الاثْنَيْ عَشَرَ .
وهذِهِ هِيَ أَسْمَاؤُهُمْ :
سِمْعَانُ بُطْرُسُ ، وَأَخُوهُ أَنْدَرَاوُسُ ، يَعْقُوبُ ، وَأَخُوهُ
يُوْحَنَّا ، فيلِبُّسُ ، وَبَرْتُلُمَاوُسُ ، وَتُوْمَا ، وَمَتَّى جَابِيْ الضَّرَائِبِ ، وَيَعْقُوبُ آخَرُ ، وَتَدَّاوُسُ ، وَسِمْعَانُ الوَطَنِيُّ الغَيُورُ ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ .
خاتمة
" من الكتاب المقدّس " سلسلة قصصيّة من 52 رواية للأطفال . كلّ قصّة قائمة بذاتها ويؤلّف مجموعها الكتاب المقدّس ، أي قصّة حبّ الله للبشر ، في كلّ زمان ومكان .
إن الأعداد ( من 31 إلى 52 ) مقتبسة من العهد الجديد وتخبرنا عن حياة يسوع ابن الله وعن تعليمه . وإن هذه القصص تحدّثنا عمّا فعل يسوع وقال ، وعن الشعب الذي لاقاه . إن كلّ ما نعرفه عن حياة يسوع مدوَّن في الأناجيل الأربعة التي كتبها كلٌّ من متى ومرقس ولوقا ويوحنّا . وكلمة " الإنجيل " تعني البُشرى السعيدة .
وختامُ السلسلةِ أربعُ قصصٍ تحدّثنا عن المسيحيّينَ الأوّلينَ الذينَ نشروا بُشرى السعادة هذه بينَ الناسِ ، كما أمرهُم يسوعُ . وما زالَ أحفادُهم يلهجونَ بها حتى أيّامنا الحاضرة .
قصة " يسوع وأصْدقاؤه الأخصَّاء " مُستقاةٌ من العهد الجديد ، الفَصلين 1 إلى 3 من إنجيل مرقس ، والفصلين 1 و 2 من إنجيل يُوحنا .
في مطلع العمل الخاص في سبيل الله ، تمثّل يسوع بشعبه بإقدامه على العمَاد ، مع أنّه ، خلافاً لأيّ شخص آخر ، لم يقترف خطيئة قطّ ، ولم يكن في حاجة إلى بداية جديدة ، ولكنّه حقق مشيئة الله ، وعندما خرج من الماء أعلن الله عن سروره بيسوع . لقد وهبه سلطاناً عظيماً ، ولكنّ يسوع كان يدرك أنّ هذا السلطان يجب أن يستخدمه لصالح الآخرين ، لا لِنفسه ، فصمد في مواجهة كل تجارب إبليس ، فقهره ، وردَّ عليه بعبارات الكتاب المقدّس نفسها . وعندئذ عاد إلى الجليل ، وبدأ يختار فريق أتباعه الاثني عشر .
القصّة التالية (35) في السلسلة عينها ، عنونها " يسوع يعلّم " ، وتُخبرُنا كيف اجتذب يسوع الجماهير إلى سماع رسالة الملكوت
أحدث الموضوعات
From Coptic Books
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010
المشاركات الشائعة
- اكلات صيامى بمناسبة بدء الصوم كل سنة وانتم طيبين
- مسابقة فى صورة اسئلة مسيحية
- افكار تنفع مدارس الاحد { وسائل الايضاح }
- الحان اسبوع الالام mp3
- صور تويتى للتلوين
- دراسة كتاب مقدس ... لابونا داوود لمعى
- صور يسوع المسيح ( مصلوب )
- صلوات الاجبية بالصوت mp3
- حصرياً : اعلان نتيجة مهرجان الكرازة & شعار مهرجان الكرازة 2010 Mp3 ومنهج الألحان
- أرشيف الترانيم والمدائح أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.