بــــولس واصدقائه
المقدمة
يُخْبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ كَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ يَسُوعَ لِيُطْلِعَنا عَلى أَسْرارِ اللهِ ، وَيَدُلَّنَا إلى سَبِيْلِ الانْضمَامِ إلى مَلَكُوتِهِ .
هذِهِ الْقِصّةَ تَرْوِي بَعْضاً مِنْ مُغَامَرَاتِ رَجُلٍ اسْمُهُ بُوْلُسُ ، بَدَأَ حَيَاتَهُ زَعِيْماً مِنْ زُعَمَاءِ الْيَهُوْدِ ، وَتَصَدَّى بِعُنْفٍ لأَتْبَاعِ يَسُوْعَ المُبَشِّرِيْنَ بِهِ ، وَسَجَنَ مِنْهُمْ عَدَداً كَبِيْراً .
وَلكِنَّهُ ، فِيْمَا بَعْدُ ، رَأَى يَسُوْعَ بِنَفْسِهِ ، وَأَصْبَحَ مِنْ أَتْبَاعِهِ .
وَبِإِمْكَانِكَ العُثُوْرُ عَلَى هذِهِ القِصَّةِ فِي كِتابِكَ المُقَدَّسِ ، فِي سِفْرِ أَعْمَالِ الرُّسُلِ .
عِنْدَمَا قَصَدَ بُوْلُسُ مَدِيْنَةَ دِمَشْقَ ، كَانَ يُر~يْدُ أَنْ يَقْبِضَ عَلَى كُلِ مَنْ يُبَشِّرُ بِيَسُوْعَ ، وَيَرْمِيَهُ فِي السِّجْنِ .
وَلكِنَّ اللهَ أَوْقَفَهُ عَلَى طَرِيْقِ دِمَشْقَ وَكَلَّمَهُ .
وَعَزَمَ بُولُسُ فِي النِّهايَةِ عَلَى التَّكَلُّمِ عَنْ يَسُوعَ نَفْسِهِ .
فَفَرِحَ أَتْبَاعُ يَسُوْعَ فَرَحاً عَظِيْماً لِذلِكَ ، وَقَالُوْا :
" هَا قَدْ أَصْبَحَ بُوْلُسُ وَاحِداً مِنَّا ، وَمُنْدَفِعاً لِلْتَّبْشِيْرِ ، بَعْدَ أَنْ كَانَ يَسْتَهْدِفُ رَمْيَنَا فِي السُّجُوْنِ " .
أَمَّا أَصْدِقَاءُ بُوْلُسُ الْقُدَامَى ، فَقَدْ تَسَاءَلُوْا : " كَيْفَ اسْتَطَاعَ بُوْلُسُ أَنْ يَتَبَدَّلَ عَلَى هذا النَّحْوِ ؟ عَلَيْنَا الْقَضَاءُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي نَشْرِ قِصَّةِ قِيَامَةِ يَسُوْعَ " .
وَعَلِمَ أَتْبَاعُ يَسُوْعَ بِمَا كَانَ لِبُوْلُسَ مِنْ مَكِيْدَةٍ ، فَسَاعَدُوْهُ ، ذَاتَ لَيْلَةٍ ، عَلَى الْفِرَارِ مِنْ دِمَشْقَ ، فَدَلَّوْهُ ، فِي سَلَّةٍ ، مِنْ فَوْقِ سُوْرِ الْمَدِيْنَةِ .
وَفِي أَنْطَاكِيَةَ ، كَانَ أَتْبَاعُ يَسُوْعَ يُذِيْعُوْنَ بِشَارَتَهُ ، وَقَدْ غَمَرَهُمُ السُّرُوْرُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : " عَلَيْنَا أَنْ نَتَبَدَّلَ . نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ مِنَّا شَعْباً جَدِيْداً " .
وَتَكَاثَرَ عَدَدُ الَّذِيْنَ آمَنُوا ، وَعَادُوْا إِلَى اللهِ ، بِحَيْثُ أُطْلِقَ ، فِي أَنْطَاكِيَةَ ، عَلَى أَتْبَاعِ يَسُوْعَ ، اسْمٌ جَدِيْدٌ ، فَدُعُوْا مَسِيْحِيِّينَ .
وَبَلَغَتْ أَخْبَارُ أَنْطَاكِيَةَ هذِهِ أُوْرَشَلِيْمَ ، فَجَاءَها رَجُلٌ يُدْعَى بَرْنَابَا ، كَيْ يَطْلُبَ الْمُسَاعَدَةَ ، وَدَعَا بُوْلُسَ إِلَى مُرَافَقَتِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ .
وَاتَّضَحَ أَنَّ اللهَ كَانَ يُوْكِلُ إِلَى كُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ بِيَسُوْعَ عَمَلاً خَاصّاً يَعْمَلُهُ ، إِذْ أُعْطِيَ بَعْضُهُمْ سُلْطَانَ شِفَاءِ الْمَرْضَى ، وَآخَرُوْنَ مَوْهِبَةَ الْوَعْظِ ، وَكُلِّفَ آخَرُوْنَ بِمُسَاعَدَةِ الشَّعْبِ .
وَعَلِمَ الْجَمِيْعُ أَنَّ الرَّبَّ أَوْكَلَ إِلَى بُوْلُسَ وَبَرْنَابَا مُهِمَّةً خَاصّةً ، فَلَمْ يُرِدْ أَهْلُ أَنْطَاكِيَةَ أَنْ يُمْسِكُوا بِهِمَا ، وَيُجْبِرُوهُمَا عَلَى الإِقَامَةِ مَعَهُمْ ، إِذْ كَانَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَمْضِيَا إِلَى الْمُدُنِ وَالبُلْدَانِ الأُخْرَى ، لِنَشْرِ بُشْرَى يَسُوْعَ .
وَلَمَّا وَصَلَ بُوْلُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى بَلْدَةِ لِسْتَرَةَ ، أَخَذَا يُبَشِّرانِ بِيَسُوْعَ فِي الطُّرُقَاتِ .
وَكَانَ مِمَّنْ أَصْغَى إِلَيْهِمَا رَجُلٌ مِسْكِيْنٌ مُقْعَدٌ ، لَمْ يَسْتَطِعْ يَوْماً أَنْ يَقِفَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَيَمْشِيَ .
وَآمَنَ ذلِكَ الرَّجُلُ بِكُلِ أَقْوالِ بُوْلُسَ . فَتَيَقَّنَ بُوْلُسُ أَنَّ اللهَ كَانَ يُرِيْدُ شِفَاءَهُ وَقَالَ لَهُ : " انْهَضْ ".
وَقَفَزَ الرَّجُلُ وَاقِفَاً ، وَرَاحَ يَمْشِي ، وَغَدَتْ سَاقَاهُ شَدِيْدَتِيْنِ سَلِيمَتَيْنِ .
وَعِنْدَمَا رَأَتِ الْجُمُوْعُ تِلْكَ الْمُعْجِزَةَ ، تَخَيَّلُوْا أَنَّ بُوْلُسَ وَبَرْنَابَا قَدْ حَقَّقَاهَا بِقُدْرَتِهِمَا الْخَاصَّةِ ، وَأَخَذُوا يَهْتِفُوْنَ : " إِنَّهُمَا إِلهَانِ مُتَلَبِّسَانِ بِمَظْهَرٍ بَشَرِيٍّ " .
وَلكِنَّ بُوْلُسَ قَالَ لَهُمْ : " لاَ تَكُوْنُوا حَمْقَى ، فَمَا
نَحْنُ سِوَى بَشَرٍ عَادِيّينَ مِثْلَكُمْ . وَقَدْ جِئْنَا نَحْمِلُ إِلَيْكُمْ بُشْرَى اللهِ ، الَّذِي خَلَقَ هذَا الْكَوْنَ . وَقُدْرَتُهُ هِيَ الَّتِي جَعَلَتِ الرَّجُلَ الْمُخَلَّعَ يَمْشِي ، فَعَلَيْكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا
ثُمَّ ، بَعْدَ تَنَقُّلاتٍ عَدِيْدَةٍ ، حَضَرَ بُوْلُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى أُوْرَشَلِيْمَ ، حَيْثُ كَانَ التَّلامِيْذُ يَنْتَظِرُونَهُمَا لِمُبَاحَثَتِهِمَا . وَانْعَقَدَ اجْتِمَاعٌ عَظِيْمُ الشَّأْنِ .
وَقَالَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ : " أَوَّلَ الأَمْرِ ، خُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ بُشْرَى اللهِ كَانَتْ مُوَجَّهَةً إلَى شَعْبِ اللهِ الْخَاصِّ ، فَقَطْ ، أَيِ الْيَهُوْدِ ، وَلكِنَّنَا نَتَسَاءَلُ الآنَ هَلْ يَجِبُ نَشْرُ هذِهِ البُشْرَى إِلَى كُلِّ إِنْسَانٍ . فَمَا رَأْيُكَ ، يَا بُوْلُسُ ؟ "
وَقَامَ بُوْلُسُ وَبَرْنَابَا ، وَأَخْبَرَا بِكُلِّ مَا جَرَى لَهُمَا ، وَبِالَّذِيْنَ نَالُوا الشِّفَاءَ ، وَالَّذِيْنَ انْقَلَبَتْ نُفُوْسُهُمْ بِفَضْلِ مَوْهِبَةِ الرُّوْحِ الْقُدُسِ .
وَأَضَافَ بُوْلُسُ : " إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ كُلَّ ذلِكَ لِجَمِيْعِ النَّاسِ ، فِي كُلِّ مَكَانٍ ، لا لِلْيَهُوْدِ ، شَعْبِهِ الْخَاصِّ ،
فَقَطْ . وَمِنْ ثَمَّ يَتَّضِحُ لَنَا مَشِيْئَتَهُ هِيَ أَنْ تَمْتَدَّ بِشَارَتُهُ إِلى الْعَالَمِ أَجْمَعَ " .
فَوافَقَهُ التَّلامِيْذُ وَالزُّعَمَاءُ جَمِيْعُهُمْ .
وَهكَذا مَضَى بُوْلُسُ لِيُوَاصِلَ تَبْشِيْرَهُ ، وَاصْطَحَبَ ، في هذِهِ الْمَرَّةِ ، صَدِيْقاً اسْمُهُ سِيْلا ، وَانْطَلَقَ بَرّاً وَبَحْراً إِلَى أَنْ وَصَلا إِلَى مَدِيْنَةِ فِيْلِبِّي .
وَحَالَمَا بَلَغَاهَا ، جَاءَا إِلَى مَكَانٍ قَائِمٍ عَلَى ضِفَّةِ النَّهْرِ ،
حَيْثُ كَانَ النَّاسُ يَجْتَمِعُوْنَ لِلصَّلاةِ . فَأَخْبَرَهُمْ بُوْلُسُ عَنْ يَسُوْعَ ، وَبَشَّرَهُمْ بِأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يَغْفِرًَ لَهُمْ وَيَهَبَهُمْ حَيَاةً جَدِيْدَةً .
وَآمَنَ عَدَدٌ كَبِيْرٌ مِنَ الْفِيْلِبِيِّينَ بِتَعَالِيْمِ بُوْلُسَ وَسيِلا . وَلكِنَّ آخَرِيْنَ أَثَارُوا شَغَباً .
فَاقْتِيْدَ بُوْلُسُ وَسيْلا إِلَى السِّجْنِ ، وَجُلِدَا ، وَقُيِّدَا
بالسَّلاسِلِ طَوَالَ اللَّيْلِ ، وَأَقَامَا فِي سِجْنٍ وَسِخٍ ، تَفُوْحُ مِنْهُ رَوَائِحُ كَرِيْهَةٌ .
وَكَانَ اللَّيْلُ قَدْ تَقَدَّمَ ، وَكَانَ ظَهْرَاهُمَا ، فِي مَوَاضِعِ السِّيَاطِ يُؤْلِمَانِهِمَا . وَمَعَ ذلِكَ أَخَذَا يُصَلِّيَانِ ، وَيُنْشِدَانِ
للهِ أَنَاشِيْدَ الْمَدِيْحِ ، مُشِيْدَيْنِ بِحُبِّهِ وَقُوَّتِهِ ، وَبِيَسُوْعَ وَقِيَامَتِهِ .
وَفِيْمَا كَانَا يُرَتّلانِ ، حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ ، فَاهْتَزَّتْ أَرْضُ السِّجْنِ ، وَارتَجَفَتْ جُدْرَانُهُ ، وَتَحَطَّمَتْ أَقْفَالُ الأَبْوَابِ ، وَأَصْبَحَ السَّجِيْنَانِ طَلِيْقَيْنِ .
وَأَسْرَع حَارِسُ السِّجْنِ ، وَهُوَ يَخْشَى ، إِذَا فَرَّ السُّجَنَاءُ ، أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْمَوتِ .
وَكَمْ كَانَتْ دَهْشَتُهُ ، عِِنْدَمَا صَاحَ بِهِ بُوْلُسُ قَائِلاً : " ها إِنَّنَا جَمِيْعَنَا ههُنَا " . فَقَالَ الْحَارِسُ : " هذا هُوَ عَمَلُ
إِلهِكُمْ ، وَهُوَ الَّذِي حَرَّرَكُمْ . وَإِنَّنِي أَسْأَلُهُ الصَّفْحَ ، وَأُرِيْدُ أَنْ يَكُوْنَ إِلهِي أَيْضاً " .
وَهكَذا آمَنَ حَارِسُ السِّجْنِ ، وَكُلُّ أَفْرَادِ أُسْرَتِهِ ، وَأَصْبَحُوا أَتْبَاعاً لِيَسُوْعَ .
ثُمَّ وَاصَلَ بُوْلُسُ سَفَرَهُ ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّ شُعُوْباً كَثِيْرَةً لَمْ تَكُنْ قَدْ سَمِعَتْ بَعْدُ بِيَسُوْعَ .
وَكَانَ يَوَدُّ أَنْ يَسْتَفِيْدَ مِنْ كُلِّ لَحْظَةٍ ، لِنَشْرِ بُشْرَى اللهِ بَيْنَها .
خاتمة
" من الكتاب المقدّس " سلسلة قصصيّة من 52 رواية للأطفال . كلّ قصّة قائمة بذاتها ويؤلّف مجموعها الكتاب المقدّس ، أي قصّة حبّ الله للبشر ، في كلّ زمان ومكان .
إن الأعداد ( من 31 إلى 52 ) مقتبسة من العهد الجديد وتخبرنا عن حياة يسوع ابن الله وعن تعليمه . وإن هذه القصص تحدّثنا عمّا فعل يسوع وقال ، وعن الشعب الذي لاقاه . إن كلّ ما نعرفه عن حياة يسوع مدوَّن في الأناجيل الأربعة التي كتبها كلٌّ من متى ومرقس ولوقا ويوحنّا . وكلمة " الإنجيل " تعني البُشرى السعيدة .
وختامُ السلسلةِ أربعُ قصصٍ تحدّثنا عن المسيحيّينَ الأوّلينَ الذينَ نشروا بُشرى السعادة هذه بينَ الناسِ ، كما أمرهُم يسوعُ . وما زالَ أحفادُهم يلهجونَ بها حتى أيّامنا الحاضرة .
قصص بولس وأصدقائه مستمدةٌ من " أعمال الرسل " حيث يروي الفصل 9 منها قصة دمشق ، والفصلان 11 و 13 أحداث أنطاكية ،والفصل 14 أحداث لِسْتَرَةَ ، والفصل 15 قصة مؤتمر أورشليم ، والفصل 16 قصة فيليبي .
منذ ارتد بولس إلى المسيحية ، أنذره الربُّ بكثير من الآلام كان عليه احتمالها إكراما ليسوع . ولكن بولس لم يتراجع مرة واحدة ، إذ كان لابد له منم التبشير . وكان ذلك التبشير دينا للعالم عليه . ومع أنه لاقى في كل مكان معارضة ، إلا أنه لقي في كل مكان أناساً تواقين إلى سماع البشرى .
العدد الأخير (52) ، من هذه السلسلة عينها ، عنوانه " بولس الأسير " ويخبرنا كيف كتبت تلك الرسائل ، وكذلك قصة تحطم سفينة كانت تقلُّ بولس .
التسميات:
ركـن الاطـفـال
أحدث الموضوعات
From Coptic Books
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010
المشاركات الشائعة
- اكلات صيامى بمناسبة بدء الصوم كل سنة وانتم طيبين
- مسابقة فى صورة اسئلة مسيحية
- افكار تنفع مدارس الاحد { وسائل الايضاح }
- الحان اسبوع الالام mp3
- صور تويتى للتلوين
- دراسة كتاب مقدس ... لابونا داوود لمعى
- صور يسوع المسيح ( مصلوب )
- صلوات الاجبية بالصوت mp3
- حصرياً : اعلان نتيجة مهرجان الكرازة & شعار مهرجان الكرازة 2010 Mp3 ومنهج الألحان
- أرشيف الترانيم والمدائح أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.