المؤمن وتحديات الإيمان
V مهما وصل الإنسان المسيحى إلى درجة عالية من الإيمان ، لابد أن يضع عدو الخير العراقيل والعقبات فى سبيل زعزعة هذا الأيمان ، أو عدم نمو الإيمان فى القلب ، لذلك يجد المؤمن تحديات كثيرة لإيمانه ، كما نرى فيما يلى :
1 – الوقوع تحت سطوة الزمان :
لا شك أن الإنسان الطبيعى ( السوى ) يتلهف على المستقبل ( لأنه عالم مجهول بالنسبة له ، وربما يخشاه ) ، ويتحسر على الماضى ( الذى يحمل فى طياته كل ذكرياته السعيدة والمؤلمة ) ، وفى نفس الوقت لا يكون فى وسعه القبض على زمام الحاضر بكلتا يديه ( تحقيق طموحاته أو بعض منها ) .
+ إذن حياة الإنسان – عادة – ما تكون ضائعة بين ماض يُثقل كاهله بأفكاره ، وحرمانه من طموحاته ، ويخشى ويهلع لأخطار المستقبل ، ويخشى أن تمتد إليه الحرمانات ، التى ربما قد يكون حرم منها فى الماضى ، ويظل يتوقع آلاماً ثقيله ، وقد تدخله هذه الحالة فى دائرة الحزن والهم والتخوف من الفشل وضياع حياته .
+ لذلك يقول مرنم إسرائيل الحلو : " إلى متى أجعل هموماً فى نفسى وحزناً فى قلبى ، كل يوم " ( مز 13 : 2 ) .
هنا يسأل الوحى المقدس كل نفس : إلى متى تحتفظ بالهموم فى قلبك ، فتعانى منها كل يوم ؟! ولماذا كل الهم ؟!
لماذا تتحسر على ماض لن يعود ؟! لماذا التفكير الكثير فى المستقبل القريب أو البعيد ؟! لماذا الخوف من اللحظة التى أعيشها الآن ؟!
+ إن داود صاحب السؤال ، هو الذى أجاب على هذا التساؤل وقال : " إلق على الرب همك ، وهو يعولك " ( مز 55 : 22 ) .
" إلق على الرب همك " واترك له سفينة حياتك ليُسيرها ، وثق فى وعوده ، وقدرته اللامتناهية ، تمسك بإيمانك هذا ولا تجعل الشيطان يزعزع أو يضعف أو يقلل من ايمانك ، ولا تقع تحت سطوة الزمان الذى هو لله وحده .
+ مع ان الإيمان يرتفع على العلم والمنطق ، لأن له إمكانيات معجزية عجيبة ، فالرب يسوع سار على الماء ، وأقام لعازر بعدما أنتن فى القبر ، وأسكت الرياح بكلمته ، وأمر المفلوج أن يقوم ويحمل سريره ...... الخ .
+ أبعد هذا أفلسف كل أمور حياتى بحسابات عقلى فقط ( الذى ربما قد يصيب أو يخطئ ) ، وأترك أو اتجاهل قدرة الله المعجزية تعمل فى حياتى ، كما عملت فى غيرى من قبل ؟!! .
3– الخوف والشك :
+ الخوف على المستقبل ، يأتى للإنسان من عدم الثقة الكاملة فى معونة الرب القوية .
+ ولنأخذ الدرس من الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا ، ومن الشهداء ، ومن يوسف وداود ، ودانيال وأصحابه الذين لم يوجد خوف فى قلوبهم أبداً لا من حاضر ولا مستقبل ، رغم صعوبة الإمتحان ، وطول مدته جداً .
+ وقد فشل بطرس الرسول فى الإختبار الإيمانى ، ليسير على سطح الماء ، بأمر من الله ( مت 14 : 28 – 31 ) ، فقاده شكه إلى أنه كاد أن يغرق !!
فوبخه الرب وعاتبه قائلاً له : " يا قليل الإيمان لماذا شككت ؟! " ( مت 14 : 31 ) .
+ عزيزى / عزيزتى ، اترك الخوف والشك ، وعدم الثقة فى معونة الرب ، أترك كل هذا حتى لا يكرر على مسامعك الكلمات التى قالها لبطرس !! .
+ وقد طالب القديس بولس الرسول ، بالسلوك فى الإيمان ، بكل تواضع ووداعة ... الخ ( أف 4 : 1 – 2 ) ، والثقة التامة فى وعود الله ، وانتظار تحقيقها بالطريقة التى يختارها الله لنا .
+ وقد علمنا الآباء الحكماء ، أن نصلى ، ونقول : : " أختر يارب الوقت المناسب ، والطريقة المناسبة ، وما يحسن فى عينيك أفعله " ونحن نقبله بكل حاله ( أو علله ) أو تأجيله ، أو بعدم تحقيقه نهائياً لنا
+ وقد علمنا رب المجد يسوع ، أن نصلى دائماً ، ونخاطب الله المحب ونقول بكل ثقة وإيمان كامل : " لتكن مشيئتك " .
+ وقد صلى مؤمن بسيط ، وقال بروح الإيمان والتسليم الكامل لله : " إن المر الذى تختاره يارب لى ، خير من الحلو الذى أختاره لنفسى " .
+ فهو أعلم بالصالح والأوفق لك فعلاً ، فاشكره على كل حال واقبل من يديه ما يختاره لك برضاء تام ، لتشعر بالفرح والسلام ، وينمو ويقوى ايمانك ولا يتزعزع أبداً .
من أقوال آبائنا القديسين
إذا أكمل الإنسان جميع الحسنات وفي قلبه حقد على أخيـه ... فهـو غـريب عـن اللــه .
القديس الأنبا باخوميوس ( أب الشركة )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.