‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسة الكتاب المقدس. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسة الكتاب المقدس. إظهار كافة الرسائل

من يدحرج الحجر؟

النسوة والقبر الفارغ

[ من إنجيل معلمنا لوقا البشير ]

(1:24-12)
أرادوها له موتاً ودفناً، وختموا القبر عليه فترك لهم القبر فارغاً وقام.
آيات كثيرة عملها المسيح أمامهم ولكن قيامته كانت هي الآية الكبرى.


إن قصة النسوة اللاتي ذهبن إلى القبر باكراً جداً لها ظروف أبدع في وصفها ق. يوحنا، كيف أنهن قمن والظلام باقٍ وأتين وقد صار النهار والشمس مُشرقة إذ أن نظام فتح باب المدينة الغربي يكون دائماً بعد شروق الشمس. لذلك ولو أنهن قمن والظلام باقٍ إلاَّ أنهن لم يأتين إلى القبر إلاَّ والشمس قد أشرقت. لذلك يقول ق. مرقس إنهن اشترين الحنوط بعد انقضاء السبت وأتين إلى القبر إذ طلعت الشمس. ولكن ق. لوقا يقولها باختصار إن النسوة أتين في أول الأسبوع أول الفجر حاملات الطيب. أمَّا إنجيل ق. مرقس فيقول إن النسوة وقفن يَقُلن: مَنْ يُدحرج لنا الحجر؟ والقديس لوقا يختصرها ويقول: وجدن الحجر مُدحرجاً عن فم القبر، فدخلن ولم يجدن جسد يسوع ورأين ملاكين كرجال ذوي ثياب برَّاقة، أمَّا في إنجيل ق. مرقس فحُلَّة الملاك بيضاء، وهما ملاكان في إنجيل ق. لوقا.
ولنا تعليق على هذه الاختلافات، وهو أن رؤية ملاك أو ملاكين تحتاج إلى عاملين: الأول انفتاح بصيرة الشخص الذي يرى، فربما اثنان: واحد يرى والثاني لا يرى، والعامل الثاني رغبة الشخص السماوي، سواء كان المسيح أو ملاك، في أن يُظهر ذاته أو أن يلغي ظهوره؛ فله قدرة على ذلك. لذلك لا يمكن التحكُّم في منظر روحي واحد لأكثر من شخص واحد، وحتى هذا ربما يرى أو لا يرى بحسب رغبة الملاك. والملاكان أخبرا النسوة أن لا يطلبن الحي بين الأموات ليس هو هنا بل قام حسب الكتب وحسب ما قاله لهن سابقاً.
أمَّا النسوة فذهبن يُخبرن الأحد عشر ولكنهم لم يصدِّقوهن، غير أن ق. بطرس ذهب وحده، وق. يوحنا يذكر في إنجيله أنه كان معه التلميذ الآخر الذي يحبه يسوع، ونظر بطرس الأكفان موضوعة وحدها فذهب متعجِّباً.
1:24 «ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ».
نذكر في آخر الأصحاح الثالث والعشرين أنه انتهى بآية: » وفي السبت استرحن حسب الوصية «(راجع خر 10:20، تث 14:5). وكان هذا السبت هو آخر سبت يُسمع عنه في العهد القديم الذي مضى في ظلمة القبر والجسد مسجَّى فيه، ويبتدئ العهد الجديد بيوم أول الأسبوع، في أول الفجر أي فجر الأحد، ليكون هو يوم الرب أي ذكرى يوم قيامة المسيح من بين الأموات.
وكلمة أول الفجر تعني والظلام باقٍ، ولكن القول باكراً جداً يعني قبل طلعة الشمس.
من يدحرج الحجر :
2:24-6 «فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجاً عَنِ الْقَبْرِ، فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ. وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ. وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ، قَالاَ لَهُنَّ: لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا لكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ».
والحجر الذي يغلق به باب القبر المنحوت في الصخر يكون مستديراً ليسهُل دحرجته بالنسبة لرجلين، وهو ليحفظ الجسد من تعدِّي الوحوش. والخبر الوحيد الذي تقوم عليه القصة بأكملها أنهن لم يجدن جسد الرب يسوع. ورواية ق. لوقا تمتاز بقول الملاكين للنسوة: » لماذا تطلبن الحي بين الأموات « وهو قول بديع يُعطي المسيح لقب "الحيّ" مع أنه قد مات. كذلك في الرواية مقابلة بين أن النسوة: "وجدن" و"لم يجدن"، » وجدن الحجر مدحرجاً « » ولم يجدن جسد يسوع «
ويُلاحَظ أن ق. لوقا يُعطي للمسيح لقب رب: » الرب يسوع « وهو نفس اللقب الذي نجده في سفر الأعمال يتكرَّر كثيراً: (21:1 و33:4 و16:8)، وهو نفس اللقب الذي استخدمه ق. يوحنا (2:20). وهنا عن وعي كبير يعطي ق.
لوقا لقب "رب" ليسوع بعد القيامة مباشرة، وهذا من الدلائل الواضحة أن ق. لوقا يكتب عن وعي واضح بلاهوت المسيح. كذلك فإن ق. لوقا يعطي تصويراً مناسباً للحالة بالنسبة للنسوة: » وإذ كُنَّ خائفات ومنكسات وجوههن إلى الأرض « خائفات من واقع المكان ومنكِّسات الوجه حشمة مع رهبة أمام الملاكين.
وكون ق. لوقا يحتفظ لروايته بوجود ملاكين للقيامة يتناسب مع وجود ملاكين عند الصعود (أع 10:1)، وهذا يوافق رواية ق. يوحنا (12:20).
7:24-12 «قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ. فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ، وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ، وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهذَا كُلِّهِ. وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ، اللَّوَاتِي قُلْنَ هذَا لِلرُّسُلِ. فَتَرَاءَى كَلاَمُهُنَّ لَهُمْ كَالْهَذَيَانِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ. فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ، فَانْحَنَى وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَحْدَهَا، فَمَضَى مَتَعَجِّباً فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ».
ما أقرب اليوم بالبارحة. إن الحوادث التي تجري أمامنا الآن رآها ووصفها المسيح كلمة كلمة. وكم كرَّر الرب قوله: » وقلت لكم الآن قبل أن يكون، حتى متى كان تؤمنون «(يو 29:14). نعم فقد سبق الرب وأعلن ما سيكون، وها هو أمامنا كائن. ولكن المذهل للعقل أن يكون رد فعل التلاميذ أنه هذيان، وكأن المسيح ما قال وما حذَّر وما وعَّى. ولكن علينا أن لا نبالغ في اندهاشنا لأن الأعمال التي عُملت بالمسيح في الصلب لا يكاد إنسان واحد في الوجود يُصدِّقها: أن المسيح ابن الله يؤلَّم هكذا ويُصلب ويموت!! ولكن أن يقوم من الأموات فهذا يكون المقبول والصحيح والمناسب، ولكن أن يبدو خبر القيامة كالهذيان فهنا إشارة خفية عن غياب الروح القدس الذي وحده سيفتح وعي التلاميذ ليدركوا كل شيء على حقيقته. وهذا مطبَّق إلى الآن، فالمسيحيون يؤمنون بالموت والقيامة بغاية اليقين، أمَّا غير المسيحيين فمن العسير أن يؤمنوا بذلك لغياب الروح القدس.
أمَّا قيام بطرس وحده وركضه السريع ليتحقَّق الأمر فلأن موضوع إنكاره للمسيح دوَّخ نفسه وهو الآن يتشوَّق بشدَّة أن يعرف ماذا تمَّ للمسيح، هل قام حقـًّا؟ ولكن كان لا يزال إلى تلك اللحظة ركيك الإيمان إذ لمَّا نظر الأكفان وحدها كان عليه أن يعلم أنه قام، فجسد القيامة روحي وهو لا يحتاج إلى أكفان!! لقد ترك الأكفان في القبر تحكي أنه كان هنا!!
وما يهمنا جداً أنه بعد النسوة جاء ق. بطرس وشهد القبر فارغاً، فهنا شهادة جديدة ومهمَّة للغاية. صحيح أنه لم يبلغ إلى إيمان القيامة ولكن وصل إلى أنه وجد القبر فارغاً.

في المسيرة إلى عمواس

(13:24-35)
صديق البشرية العجيب رافقهم في المسيرة ليعرف ما رأيهم فيه بعد أن صُلب ومات ودُفن؟
ووبَّخهم كثيراً لبطء إيمانهم، ولم يستطع أن يمنع نفسه عنهم، فعند كسر الخبز ظهر ثم اختفى.
قصة تلميذي عمواس لا تقلُّ جمالاً عن قصة الميلاد، وكلاهما للقديس لوقا فقط. يُضاف إليهما قصة ق. بطرس وكرنيليوس (أع 10) في سفر الأعمال. هنا يُقدِّم لنا ق. لوقا حادثة فريدة عن القيامة انفرد بها هو وحده دون جميع الأناجيل، وهي قصة تلميذي عمواس. فتلميذا المسيح - أحدهما اسمه كليوباس - كانا عائدين من أُورشليم بعد هذه الأخبار المذهلة قاصدين قريتهما عمواس، وإذ بهما يجدان مَنْ يفاجئهما ويسألهما عمَّا يتباحثان، فراجعاه في حزنٍ واندهاش: وأين كنت أنت؟ هل كنت متغرِّباً وحدك في أُورشليم؟ ألم تسمع بالأهوال التي حدثت؟ وهنا يحدث العجب، فالمسيح يظهر لهما بهيئة رجل غريب متغرِّب كان في أُورشليم ويسألهما عمَّا حدث. والقصة تحوي أهم حدث بالنسبة لفهم مسيح القيامة، فهو قادر أن يظهر وقادر أن يلغي ظهوره، يقابل ذلك عين الإنسان التي ترى فهي قد تنفتح من قبَل الله لترى ما لا يُرى، أو تنغلق فلا ترى شيئاً من أمور الروح. ولكن المسيح لم يكن مسروراً أبداً لمَّا وجدهما متعثِّريْن في قبول خبر القيامة الذي أتت به النسوة رسمياً لتخبرن به التلاميذ والرسل، حتى أنه من حزنه نعتهما بالغباء وبطء الإيمان بالقلب. وعليه أخذ يفتح فهمهما قليلاً قليلاً من موسى والأنبياء والمزامير، نبوَّات تحكي عن كل ما سمعاه ورأياه من جهة المسيح. ولمَّا دخلا القرية ترجَّياه أن يأتي ويبيت معهما، فوافق وعند كسر الخبز أعلن شخصه وفي الحال اختفى عنهما.
هذه القصة يقدِّمها ق. لوقا كدرس تعليمي للكنيسة كيف انعمى الشعب وحُكَّامه وصلبوا مَنْ أتاهم بملكوت الله وهم لاهون، بل كيف أُعثر فيه تلاميذه أنفسهم وجميع الرسل الموجودين في أُورشليم ولم يدركوا رسالته التي سبق وعلَّم بها، كما عيَّرهم حبقوق النبي في ذلك الزمان: » انظروا بين الأُمم وأبصروا وتحيَّروا حيرة لأني عامل عملاً في أيامكم لا تصدِّقون به إن أُخبر به «(حب 5:1).
يُلاحِظ القارئ كيف وقفت النسوة "محتارات"، وهو نفس الحال الذي سبق وأنبأ به حبقوق: » انظروا ... وتحيَّروا حيرة « إنه عجب أن يكون تطبيق النبوَّة حرفياً. والقديس لوقا لم يأخذ هذه القصة عن أحد الإنجيليين بل هي من تحقيقاته والتي بمقتضاها يظهر بوضوح أن القيامة جاءت كنور يضيء كل الماضي ويجعله مقروءاً اليوم في حوادث الموت والقيامة. فلولا القيامة ما عُرفت النبوات عن مَنْ هي؟ وإلى أين؟ ففي القيامة تكميل جميع الكتب والوعد. هذه القصة بالذات تشرح ذلك شرحاً.
وقد التقطت الكنيسة من هذه القصة مفهوم حضور المسيح في الإفخارستيا في لحظة كسر الخبز، وهي من أقدس اللحظات في القداس. وهي بالتحديد أثناء القسمة حيث يقسِّم الكاهن القربانة (القسمة الأُولى). وتقسيم القربانة فن كهنوتي يُسلَّم بتسليم السرّ، لأن تقسيم القربانة يتبع تفصيل جسم الذبيحة المذبوحة حيث يستلمها الكاهن بحسب أصول التسليم الموروثة والموضَّح مضمونها في شرح تقديم الذبيحة في العهد القديم، إذ بعد أن يقسِّم الكاهن الجسم تقسيماً فنياً يعود ويضعه على مذبح النحاس ويعود بأقسام الجسم إلى وضعها الصحيح قبل التقسيم بضم الأجزاء على بعضها قبل أن يُشعل النار لتلتهمها النار ويصعد دخانها إلى الله. هكذا يعمل الكاهن في الطقس القبطي بدقة: فبعد أن يقسِّم القربانة حسب أصول الكهنوت (في القسمة الأُولى التي يقسِّم فيها القربانة إلى الثلث والثلثين) يعود ويضمّها جميعاً صحيحة كما كانت ويطلب حلول الروح القدس (الإبيكليسيس). هنا حضور الرب واستعلانه للعيون التي تُبصر. وبعد تمام القسمة الثانية يصلِّي الكاهن صلاة الاعتراف العلني.
13:24-16 «وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أُورُشَلِيمَ سِتِّينَ غَلْوَةً، اسْمُهَا عِمْوَاسُ. وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ بَعْضُهُمَا مَعَ بَعْضٍ عَنْ جَمِيعِ هذِهِ الْحَوَادِثِ. وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ، اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. وَلكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ».
كان التلميذان يسردان معاً أخبار قيامة المسيح بعد الصلب وكان ذهنهما منشغلاً حزيناً، وإذا بالمسيح يمشي بجوارهما ثم ينضم إليهما ولكن أُمسكت أعينهما عن معرفته. وهنا في الحقيقة ينبغي أن نوعِّي القارئ بما يحدث عند ظهور المسيح أو عدم ظهوره. فالأمر يتعلَّق بقدرة الوعي الذاتي للإنسان على الانفتاح لاستخدام رؤيته الروحية الممنوحة له من الله. فالمسيح ممكن أن يُظهر ذاته أو يلغي هذا الظهور بناءً على قدرته في ذلك، ولكن يمكن أيضاً أن يفتح وعي الإنسان أو يغلقه هو بحسب إرادته كما حدث هنا مع تلميذي عمواس، إذ حدث ظهور المسيح وعدم فتح الوعي عند التلميذين، وعند كسر الخبز فتح أعينهما ليرياه حاضراً بصفته في وضع القيامة، وفي الحال اختفى. » حقاً أنت إله محتجب يا إله إسرائيل المخلِّص. «(إش 15:45)
17:24-20 «فَقَالَ لَهُمَا: مَا هذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟ فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا، الَّذِي اسْمُهُ كِلْيُوبَاسُ وَقَالَ لَهُ: هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ؟ فَقَالَ لَهُمَا: وَمَا هِيَ؟ فَقَالاَ: الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيًّا مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ».
كان كليوباس مندهشاً كيف أن إنساناً في أُورشليم لم يعرف ما حدث من جهة "يسوع الناصري"، وهو كان في عُرفهما نبيًّا مقتدراً في الفعل والقول أمام الله والناس. والعجيب أن نفس التلميذين لا يعرفان معنى الذي حدث ولا سببه بالنسبة للحكم بالموت والصلب، ومن كلامهما يتضح لنا أن شيئاً مهماً جداً قد حدث ولكن لا يعلمان "كيف"؟! وهنا واضح اتهام رؤساء الكهنة والحكَّام بما حدث لنبي مقتدر قولاً وعملاً أمام الله والناس.
21:24-24 «وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ. بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِراً عِنْدَ الْقَبْرِ، وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ، فَوَجَدُوا هكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضاً النِّسَاءُ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ».
إن كلام التلميذين يُحسب تسجيلاً صادقاً لمشاعر التلاميذ حتى تلك اللحظة. ويعود كليوباس ليقول نفس المشاعر التي قالتها النسوة، » قد حيَّرننا « على نفس مستوى نبوَّة حبقوق: » انظروا بين الأُمم وأبصروا وتحيَّروا حيرة لأني عامل عملاً في أيامكم لا تصدِّقون به إن أُخبر به «(حب 5:1). وحيرة التلميذين وبقية التلاميذ معهما هي نوع من قساوة القلب بحسب كلام المسيح، لأنه كان واجباً عليهم أن يفتِّشوا الكتب ليعرفوا ماذا يحدث أمامهم. وبالرغم من رؤيتهم القبر فارغاً بما لا يُعطي للشك مكاناً أنه قام، إلاَّ أنهم لم يمتد إيمانهم ليكتشفوا الحقيقة. أمَّا الكلمة الفاصلة في هذا القول فهي ما جاء في الآية (21): «نحن كنَّا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل»!! لذلك كان حزن التلميذين شديداً، فهو رجاء خاب وأمنية سقطت بدون تحقيق. وهكذا تبدأ دينونة التلاميذ في نظر المسيح، ونعتهما بالغباء وقساوة القلب في الإيمان، لأن التعليم كله عن الفداء يقوم أساساً على القيامة، والقيامة أُذيعت أول ما أُذيعت بواسطة الملاك عند القبر للنسوة ويشهد بذلك القبر الفارغ. فكان المسيح ينتظر أن يؤمن التلاميذ بالفادي الذي مات على الصليب أمامهم ودُفن وقام. لأن تحقيق الرؤيا العينية ليس أساساً للإيمان: » طوبى للذين آمنوا ولم يروا «(يو 29:20)، فكان مفروضاً أن يؤمن ق. بطرس بما رأى وبما عاين وما سمع، وكذلك النسوة وبقية التلاميذ لأن الإيمان القلبي لا يطلب العيان، فانتظار الرؤية العينية يُضعف مستوى الإيمان.
25:24-27 «فَقَالَ لَهُمَا: أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ، أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟ ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ».

مال إليَّ قبل أن يميل النهار. دعوته ليبيت عندي ليستريح في قلبي من وعثاء السفر.
فمهما اظلمَّت الدنيا فهو نور في قلبي يقيم. وعندما تركني كل صحبتي وجدته كل صباح في صحبتي!!


توبيخ المسيح العنيف لهما يُظهر لنا بوضوح فعلاً أن مستوى إيمانهما مع بقية التلاميذ كان منحطّاً جداً. فكل ما سبق من تعاليم المسيح التي علَّم بها عمَّا سيكون وتوضيح عمليات الآلام والتسليم والصلب والموت التي أوضحها عدَّة مرَّات؛ ثم كل الحوادث التي يقولون عنها سبق وقال لهم، كيف حينما أتت لا تكون هي بحد ذاتها كفيلة أن تحرِّك إيمانهم؟ ثم بقية الكتب والآيات التي فتح المسيح سرَّها لهم كيف ولا آية منها توقظ قلوبهم وتفتح عيونهم؟ هذا الشيء أحزن قلب المسيح جداً.
ولكن من كلام المسيح هنا ننتبه نحن أيضاً جداً إلى أهمية ما قاله الأنبياء وما سلَّمه الله لموسى من جهة الآتي بعده، وكل الوحي والعلامات التي ساقها على الأنبياء بتدقيق حتى لا يوجد عمل أو قامة للمسيح إلاَّ ويكون قد سبق وتنبَّأ عنها الأنبياء.
وقول ق. بطرس المشهور عن أهمية النبوَّات ليس هو منه بل بتوبيخ من المسيح مرَّات ومرَّات:
» ونحن سمعنا هذا الصوت مُقبلاً من السماء، إذ كُنَّا معه في الجبل المقدَّس. وعندنا الكلمة النبوية، وهي أثبت، التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها، كما إلى سراج منير في موضع مظلم، إلى أن ينفجر النهار، ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم، عالمين هذا أولاً: أن كل نبوَّة الكتاب ليست من تفسير خاص. لأنه لم تأتِ نبوَّة قط بمشيئة إنسان، بل تكلَّم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس. «(2بط 1: 18-21)
وقيامة المسيح بالذات أخذت من الأنبياء الشيء الكثير خاصة إشعياء بعد وصف الآلام بتدقيق (إش 53 كله)؛ ولكن في الحقيقة من تصرف المسيح مع التلميذين وبقية التلاميذ ينكشف عذر واضح في تعوُّق التلاميذ لإدراك ما في الكتب من نبوَّات عنه، لأنه جاء في نهاية الإنجيل وقال: » هذا هو الكلام ... حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب «(لو 24: 44و45). إذن فدراية التفسير للنبوَّات كانت تحتاج إلى ذهن مفتوح بعطية خاصة. كذلك ما هو واضح لنا الآن أن التلاميذ بمجرَّد أن حلَّ عليهم الروح القدس طفقوا يتكلَّمون بالنبوَّات بطلاقة وكأنهم يحفظونها عن ظهر قلب، مع أنهم لم يحفظوا!! وهذا واضح حينما عاد الرسل بعد أن هدَّدوهم في السنهدرين يصلُّون ويتحقَّقون مما حدث للمسيح تحقيقاً لما جاء في المزمور الثاني (أع 25:4)، وفي (أع 35:8) يشرحون أقوال إشعياء النبي، وفي (أع 3: 22و23) يذكرون قول موسى عن إقامة الآتي بعده (تث 15:18). أمَّا قيامة المسيح فحقَّقها ق. بطرس في (أع 2: 26-32). وهكذا فالقيامة تغطِّيجميع النبوَّات في كل الكتب. لذلك تُعتبر لحظة حديث المسيح مع تلميذي عمواس بخصوص الأنبياء والنبوَّات هي بداية الشرح المسيَّاني! الذي اهتمت به الكنيسة بنوع خاص جداً في ليتورجيتها وطقوسها بعد عيد القيامة مباشرة كدروس للمؤمنين وقراءات من كافة الكتب.
28:24-31 «ثُمَّ اقْتَرَبُوا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَيْهَا، وَهُوَ تَظَاهَرَ كَأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ إِلَى مَكَانٍ أَبْعَدَ. فَأَلْزَمَاهُ قَائِلَيْنِ: امْكُثْ مَعَنَا لأَنَّهُ نَحْوُ الْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ النَّهَارُ. فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا. فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ خُبْزاً وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا. فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا».
هذه الآيات القليلة فتحت عندنا طاقات غير متناهية لتُدخِل لنا النور السماوي ليمسح من عيوننا البكاء على إسرائيل وما عملته إسرائيل في عريسها. هنا تعود إسرائيل وتُبرز لنا عيِّنات من شعبها التقي البسيط الحلو المعشار والودود، كيف بحبِّهم وسخاء بذلهم ألزماه!! ألزماه حقـًّا ألزماه. ألزما الرب الإله يسوع المسيح، ألزماه بالدخول إليهم فدخل. وهكذا أعطى المسيح لأول مرَّة قيادته لآخر ليلزمه بالدخول وقبول الضيافة، وكأن المسيح كان عطشاناً إلى هذا السلوك والوعي البسيط المبارك، فَقَبِلَ في الحال ودخل وبارك أول بيت مسيحي في العالم حينما كسر فيه الخبز فاستُعلن مسيح الله لأول مرَّة في الإنجيل!! » هنذا واقفٌ على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشَّى معه وهو معي «(رؤ 20:3). هذا الحبيب وقد بدأت حلاوة حبه ووداعة ألوهيته تتبيَّن لمحبِّيه. ولكن لابد أخيراً من أن يختفي!!
32:24-35 «فَقَالَ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ: أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِباً فِينَا إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي الطَّرِيقِ وَيُوضِحُ  لَنَا الْكُتُبَ؟ فَقَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَجَدَا الأَحْدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ، هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ! وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ، وَكَيْفَ عَرَفَاهُ عِنْدَ كَسْرِ الْخُبْزِ».
وصار للتلميذين خبرة روحية ينقلانها بهدوء عجيب إلى قلوبنا وأفهامنا، كيف أحسَّا بحضورالمسيح وحديثه من الكتاب المقدَّس. وكيف التهب قلبهما بحضوره السرِّي غير المعلن ولا منظور، فأصبحت خبرة الكنيسة الأُولى بحضور الرب وممارسته تعليمه لقلوب أولادها. ولم يحتمل التلميذان بعد أن نالا أول اختبار لعمل القيامة الجديدة وهو شرح الكتب المقدَّسة، فقاما وأسرعا وأخبرا وبشَّرا. هذا درس ق. لوقا للكنيسة الساهرة، لأن أول اختبار تلقَّته الكنيسة من القيامة هو من إنجيل ق. لوقا ومن تلميذي عمواس. إذ ذهبا مُسرِعَين إلى أُورشليم وبشَّرا الكنيسة المجتمعة في العلية، وبمناسبة مجيء التلميذين إلى أُورشليم تلقينا أول إشارة لظهور الرب لسمعان أولاً وسلَّما الكنيسة هذا الخبر: » وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب، وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر ... «(1كو 15: 4و5)


الظهور للتلاميذ 
(36:24-43)


كان لابد أن يُسلِّم سر قيامته المقدَّسة لتلاميذه، فبعد أن قام أظهر ذاته بجسد البشرية الجديد واستعلن جراحه ليؤمنوا أن بصليبه أُظهرت الحياة، وبموته كانت القيامة وكان استعلان ابن الله.
لقد تعلَّمنا من قصة ق. لوقا عن تلميذي عمواس أن حضور الرب هو الذي يُنشئ الخبر ثم يُنشئ البشارة. وعجيب حقـًّا أن يظهر المسيح كالمعلِّم من جديد ليرافق هذين التلميذين التقيين ويُفرِّحهما باستعلان نفسه قائماً من الأموات، في الوقت الذي كان لا يزال لم يُعلن نفسه للتلاميذ الأحد عشر. ويهتم ق. لوقا أن يتبع الظهور لتلميذي عمواس بالظهور للتلاميذ الأحد عشر ومَنْ معهم، ضاغطاً بشدة على استعلان القيامة منظورة ومسموعة يسبقها ظهور خاص لسمعان.
وهنا وبدون مقدِّمات يظهر المسيح فجأة للأحد عشر المجتمعين في حالة ترقُّب وربما بيقين ظهوره فظهر. ولكن وبالرغم من حالة الخوف التي نازعتهم بسبب ضعف إيمانهم رفع عنهم المسيح هذا الخوف والشك بأن أعلن نفسه لهم بأكثر وضوح، ليس كروح كما ظنوا ولكن بلحمه وعظامه. وإذ وجد أنه لا يزال بعضهم يشك في أمر وجوده الشخصي كيسوع، طلب طعاماً وأكل قدَّامهم كما يأكلون. وهنا ولأول مرَّة نأخذ ملامح واضحة لمعنى وحقيقة جسد القيامة، فالمسيح هنا يظهر كمسيح السماء وليس مسيح الأرض بعد، حتى ولو كان على الأرض. فكان كل هم المسيح أن يجعلهم يُدركون معنى القيامة وحقيقتها الملموسة إن صحَّ هذا القول. ولكن لا يظن أحد أنه حينما جعلهم يجسُّون لحمه وعظامه أن جسد القيامة فيه لحم وعظام، ولكن هو بإرادته يكثِّف نفسه حتى يتوافق مع طبيعتنا إلى لحظة ثم يسحب التكثيف الذي أجراه على نفسه فلا يعود يُرى وبلا لحم وعظام يحيا في السماء لأن » لحماً ودماً لا يرثان ملكوت الله «(1كو 5:15). فالمسألة مجرَّد قدرة على الظهور وقدرة على سحب الظهور من تحت العيان ليُمارس وجوده السمائي. والذي ينبغي أن نقوله عن ق. بولس أن جسم القيامة شيء وجسم الطبيعة على الأرض شيء آخر، هذا جسم روحاني سمائي، وهذا جسم ترابي مادي أرضي (1كو 15: 40و44). والمهم الذي يلزم أن نعرفه أن جسم القيامة جسم لا يُرى بالعين ولا يُسمع بالأُذن وهو لا يعمل بالعين ولا بالأُذن، ولكن يتفاهم الإنسان مع الإنسان ومع المسيح في القيامة بالتخاطب الفكري دون كلام، حيث الفكر مكشوف للفكر، وهو أقوى وأصدق من الكلام بالفم والسماع بالأُذن.
وظهور الرب للتلاميذ في إنجيل ق. يوحنا والأبواب مغلَّقة (19:20-23) يماثل قصة تلميذي عمواس، فهو تقليد اختباري واحد ليكشف قدرة المسيح المقام أن يظهر بكامل هيئته الأُولى ثم ينسحب من الوجود المحسوس.
وفي هذا الجزء الأخير من الإنجيل يكدِّس ق. لوقا التعليم الخاص الذي لقَّنه المسيح للأحد عشر، ليكون إيمان الكنيسة الثمين جداً لتحفظه في خزانة قلبها وترضِّعه لأولادها جيلاً بعد جيل. وتأكيد كل الملابسات على وضوح رؤية المسيح بالعين وسماعه بالأُذن، هو لرفع العَمَى والصمم الذي أصاب إسرائيل على طول المدى الذي أوصلها إلى الهاوية، وليجعل الأسفار المقدَّسة مفهومة ومحسوسة ومسموعة بالروح.
36:24-43 «وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: سَلاَمٌ لَكُمْ! فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحاً. فَقَالَ لَهُمْ: مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي. وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِينَ مِنَ الْفَرَحِ، وَمُتَعَجِّبُونَ، قَالَ لَهُمْ: أَعِنْدَكُمْ ههُنَا طَعَامٌ؟ فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ. فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ».
واضح أن ظهور المسيح للأحد عشر هو توثيق للظهورات الفردية التي ظهر فيها، وتخصيص الكنيسة المجتمعة بظهوره ووجوده بقوة قيامته وفعلها وامتدادها لتدخل كيان الكنيسة كفعل دائم. فظهوره هنا للأحد عشر هو تدشين أول كنيسة روحية على الأرض تجتمع مع عريسها السمائي الذي أعطاها لحمه وعظامه وقوة قيامته. وصارت بذلك الكنيسة هي نفسها جسد المسيح السرِّي. وواضح من بقية الآيات أنه سلَّم الكنيسة تحقيق وجوده السمائي ملموساً ومحسوساً ومنظوراً. فلمَّا خافوا وظنوه روحاً كملاك مثلاً، أفهمهم أن الخلائق السمائية ملائكة وغير ملائكة ليس لها جسم ولا لحم ولا عظام كما هو كائن أمامهم باعتباره الابن المتجسِّد هو هو، ولم يَقِلّ شيئاً بل زاد أنه امتدَّ بوجوده الجسدي بالقيامة إلى السماء. ولكن وجوده السمائي هو بالجسد الروحاني وليس بالجسد الأول، ولكن الجسد الروحاني الجديد بالنسبة للمسيح له استطاعة أن يكون مرئياً ومحسوساً، كما أن له استطاعة أن يسحب وجوده المنظور ليصبح موجوداً كما كان تماماً ولكن غير منظور وغير محسوس.
وهو حينما يكثِّف ذاته ليكون موجوداً بجسده الأول يمكنه أن يأكل بصفة استثنائية لكي يؤمنوا أنه هو هو. ولكن في السماء أي بوجوده الروحاني في القيامة لا يأكل ولا يشرب.
وحينما ألحَّ عليهم أن يجسُّوه وينظروا يديه المجروحتين وقدميه المجروحتين، كان ليؤكِّد لهم موته وصلبه الذي جازه من أجل البشرية التي فيه، التي أخذها لنفسه ليصنع فيها ولها وجوداً جديداً قائماً من الأموات بواسطة موته بها وقيامته بها. فصارت البشرية لها ما للمسيح من موت سابق وقيامة حاضرة ووجود سمائي دائم.
آخر وصية للإرسالية : (44:24-49)

ذهبوا إلى كل بلاد العالم حاملين الإنجيل باستعداد سفك الدم، فزرعوا بدمائهم كنائس بلا عدد.


كل الأناجيل تحتفظ بهذا الجزء من ختام الإنجيل بوصية الإرسالية. وكل إنجيلي يضع هذه الوصية بأسلوبه، وهنا في إنجيل ق. لوقا يراجع المسيح معهم ما سبق وعلَّمهم به. وكيف أن الأسفار كلها ستكمل بواسطة إرسالية التلاميذ كجسم واحد متحد به وفيه، الذين سيحملون مفتاح المعرفة ليدركوا معنى ومبنى كل ما جاء بخصوص العمل المسيَّاني في جميع الكتب، كما سبق وأوضح لتلميذي عمواس. بمعنى أن ظهور المسيح سواء للأفراد أو للأحد عشر مجتمعين كان مخصَّصاً بالدرجة الأُولى لتسليم التلاميذ أول كل شيء سرّ فهم الأسفار بانفتاح ذهنهم، وثانياً لإدراك وتتميم كل ما جاء في الكتب لتكميل العصر المسيَّاني الذي لازلنا نسعى فيه لنكمِّله. على أساس أن فهم الأسفار وانفتاح الذهن لمطالب العصر المسيَّاني يعمل كله للبشارة والكرازة بكل وسائلها لجميع الأُمم. وقد حمَّل التلاميذ رسالته ليكمِّلها معهم بوعد دائم. فبقدر ما يشهدون له يعطيهم المزيد من المعرفة لمزيد من الشهادة، وينالون قوة من الأعالي حتى يستطيعوا بها أن يواجهوا كل العواصف وخاصة مقاومة الحق.
والقديس لوقا يشترك مع ق. متى في الوصية بالذهاب إلى "جميع الأُمم"، والقوة الإلهية الممنوحة لهم. كما يشترك مع إنجيل ق. يوحنا في الوعد بالروح القدس وسرّ غفران الخطايا. وهذا كله صار تقليداً كنسياً يدخل في صميم التعليم. وهو يقوم أساساً على الوصية بالذهاب بعيداً لتسليم الأخبار السارة وغفران الخطايا وإعطاء القوة السمائية لكل مَنْ يعمل لاسم المسيح.
ويلزم أن نفهم أن ق. لوقا ليس هو الذي سلَّم هذا التقليد للكنيسة بل استلمه وسجَّله للأجيال القادمة.
44:24-49 «وَقَالَ لَهُمْ: هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ، أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ. حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. وَقَالَ لَهُمْ: هكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ، وَهكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذلِكَ. وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي».
المسيح يطبِّق موته مع آلامه ثم دفنه ثم قيامته على ما سبق أن قاله لهم، وما سبق أن تنبَّأ به الأنبياء كما جاء في الكتب عمَّا حدث له في الحوادث الأخيرة. هنا تطبيق علم على عمل، نبوَّة على واقع، تعليم على تنفيذ، حتى يصير كل ما حدث هو موضوع المعرفة، كما يصير هو موضوع العمل بالمعرفة. ونستشف من ذلك أن المسيح الآن يميِّز في تعليمه بين ما قاله وهو معهم سابقاً وما هو الآن بالروح، بمعنى أنه أصبح للمسيح وجودان متميِّزان من صميم التعليم: وجوده الأرضي ووجوده السمائي، وهذا وذاك أكملهما في تعليمه السابق واللاحق، وأعطى توجيهاً لدراسة موسى والأنبياء والمزامير لندرك هذه الرسالة العظمى في واقعها الأرضي ووجودها السمائي.
ولكي يجعل الأسفار مضيئة في أذهان تلاميذه أيَّدهم بانفتاح ذهنهم للمكتوب، لكي يستطيع الذهن إدراك ليس مجرَّد ما هو في الأسفار وإنما السر الروحي العميق الذي وراء كل ما كُتب عن المسيح. والقول الذي سبق المسيح وقاله: » لكم قد أُعطي أن تعرفوا أسرار ملكوت الله «(لو 10:8)، هنا دخل هذا الوعد حيِّز التنفيذ. فهنا الذهن المفتوح يبدأ يشتغل لحساب سر الله والحياة الأبدية في كل الأسفار ولكل الناس إلى مدى الأيام.
ثم وضع النقط على الحروف بالنسبة لابن الإنسان الذي طالما كان يذكره، فهو هنا مسيَّا بكامل سرِّه وقوته لأن المسيح كان دائماً حينما يتكلَّم عن آلامه وموته وقيامته ينسبها لابن الإنسان، هنا كشف سرّ ابن الإنسان أنه مسيَّا الدهور.
ثم نفس هذه الآلام والصلب والموت والقيامة التي سُلِّمت للكنيسة هي بعينها التي تحوي القوة للتوبة ومغفرة الخطايا. فاسم المسيح الذي يحمل كل ما أكمله من موت وآلام وقيامة، ثم مجد القيامة، هذا كله لحساب توبة الإنسان ومغفرة خطاياه!! هذه هي القوة المذّخرة لحساب الكنيسة الكارزة بالاسم المبارك الذي يحمل لها قوة ونفاذ عملها وصلواتها من أجل الخطاة الذين يطلبون التوبة وينالون غفران الخطايا، لجميع الأُمم مبتدأً من أُورشليم. لذلك أوصى تلاميذه أن لا يبرحوا من أُورشليم حتى يُلبسوا قوة من الأعالي، وهي بعينها القوة الحاملة لسرِّ الإرسالية والمفتوحة على ملكوت الله. لقد أرسى المسيح بانفتاح ذهن التلاميذ على الأسفار وبمنحهم قوة من الأعالي، أرسى ملكوت الله لكي يكمِّلوا ما ابتدأه المسيح، وسيكمِّله المسيح بإرسال الروح القدس: » وها أنا أُرسل إليكم موعد أبي « ليؤازر هذه الإرسالية بقوة عظيمة لا تهدأ حرارتها حتى يأتي المسيح

يوم الكفارة العظيم عند اليهود

يوم الكفارة العظيم [ لاويين 16 ]
مقدمة
إن كانت بعض الشعوب قد تعرفت خلال التقليد على الذبائح الدموية ، إذ تسلموها عن نوح وبنيه الثلاثة ، وقد شوهوا مفاهيمها وغايتها ، لكن الشعب اليهودى قد أنفرد بطقس " يوم الكفارة العظيم " الذى عبثا نجد ما يشبهه لدى أى شعب آخر .
قبل تعرضنا لتفسير الإصحاح السادس عشر من سفر اللاويين الخاص بهذا اليوم الفريد نود تسجيل بعض الملاحظات عن هذا اليوم من جهة أهميته وغايته والإستعداد له وطقوسه .
أهميته :
كان لأهمية هذا اليوم وشهرته عند اليهود أن علماء التلمود دعوه " اليوم " كما جاء فى عب 7 : 27 ، وأيضا كما قيل " الصوم " فى سفر الأعمال ( 27 : 9 ) ، إذ لا يحتاج إلى تعريف . لعلهم كانوا يتطلعون إليه كما نتطلع نحن إلى يوم " الجمعة العظيمة " بكونه يوم الكفارة العظيم ، الذى فيه نرى رئيس كهنتا الأعظم يشفع بدمه الثمين عن العالم كله ، ليدخل بمؤمنيه منهم إلى سماء السموات ، فيكون لهم موضع فى حضن أبيه السماوى ، أو لعله يمثل يوم عماد السيد المسيح الذى فيه أدخلنا إلى التمتع بالسماء المفتوحة خلال اتحادنا مع الآب فى إبنه المدفون فى مياة المعمودية القائم من الأموات وتمتعنا بالبنوة بروحه القدوس .
وتظهر أهميته أيضا من دعوته " سبت السبوت " أو " سبت الراحة " ، وكأن فيه تتحق الراحة التامة بكونه " عيد الأعياد " . يظهر ذلك بارتباطه بعيد المظال الذى يحسب خاتمة السنة اليهودية الدينية حيث يقيمون فيه فرحهم بالحصاد وشكرهم لله فى الخامس عشر من الشهر السبتى أو السابع آخر شهورهم ، يسبقه " يوم الكفارة العظيم " فى اليوم العاشر حيث يعلن كمال المصالحة بين الله وشعبه ، وتقديس كل الجماعة لكى تتهيأ للفرح الكامل وتقدر أن تقدم ذبيحة شكر لله فى عيد المظال . وإن عرفنا أن عيد المظال قد صار فيما بعد رمزا لضم الأمم للعضوية فى الكنيسة المقدسة ، يكون يوم الكفارة ( الصليب ) هو الطريق الذى فيه تم هذا العمل العظيم . هذا ويليق بنا أن نذكر أن السنة اليوبيلية ، " سنة التحرر الكامل " كانت تعلن لنا دائما فى يوم الكفارة .
ولأهمية هذا اليوم كان شيوخ السنهدريم السبعون يدربون رئيس الكهنة الجديد على طقوسه وتحفيظه جميع الأمور المتعلقة به .
هذا وسنرى خلال طقوسه الفريدة التى يمارسها رئيس الكهنة بنفسه خلال تطهيرات مستمرة غير منقطعة مع صوم الشعب اليوم كله كيف يكشف عن دور هذا اليوم فى حياة الشعب القديم وما حمله إلينا من رموز روحية نبوية تمس علاقتنا بالله وخلاصنا الأبدى 
غايته :
" كفارة " فى العبرية " كبوديت " ، تعنى " تغطية " أو " ستر " ، إذ فى هذا اليوم تغفر الخطايا ويستر على الإنسان بالدم الثمين ، فيكفر رئيس الكهنة عن نفسه وعن الكهنة وعن كل الجماعة بل وعن الخيمة وكل محتوياتها تكفيرا عاما وجماعيا عن كل ما سقطت فيه الجماعة ككل أو كأعضاء طوال العام . تختم شريعة هذا اليوم بالقول :
" ويكفر الكاهن الذى يمسحه ... ويكفر عن مقدس القدس ، وعن خيمة الإجتماع والمذبح يكفر ، وعن الكهنة وكل شعب الجماعة يكفر ، وتكون هذه لكم فريضة دهرية للتكفير عن بنى إسرائيل من جميع خطاياهم مرة فى السنة " ( ع 32 – 34 ) .
الإستعداد ليوم الكفارة :
كان رئيس الكهنة وحده يقوم بخدمة ذلك اليوم فى طقس طويل بعد استعداد طويل ، يساعده أكثر من خمسمائة كاهن . كان رئيس الكهنة يقضى السبعة أيام السابقة ليوم الكفارة فى حجرة داخل الهيكل خارج بيته . وفى مدة هيكل سليمان كان شيوخ السنهدريم يلازمونه ويقرأون عليه أوامر الرب الخاصة بهذا اليوم مرارا وتكرارا . وكان يستظهرها حتى يحفظها جيدا ويتدرب على إدائها ... وفى الليلة السابقة لليوم كان يظل مستيقظا حتى الصباح حتى لا يتعرض لحلم عارض ليل يدنس جسده ، وكان الكهنة والشيوخ حوله حتى لا يغفل أو ينعس .
ولما كان رئيس الكهنة يقوم بالخدمة وحده دون أن يراه أحد فى قدس الأقداس ، لذلك كان الكهنة والشيوخ يستحلفونه هكذا : " نستحلفك بمن أسكن إسمه فى بيته أنك لا تغير شيئا من كل ما نقوله لك " .
طقوس يوم الكفارة :
يقوم رئيس الكهنة بأربع خدمات :
أ – خدمة الصباح اليومية أو الدائمة على مدار السنة ، وهى خاصة بالكهنة ، لكنه فى هذا اليوم يقوم بها رئيس الكهنة بنفسه .
عند منتصف الليل تلقى قرعة ليقوم الكاهن برفع الرماد عن المذبح حتى لا تقدم ذبائح يوم الكفارة على رماد قديم ، ولتمييز هذا اليوم عن الأيام العادية . ثم يأخذون رئيس الكهنة إلى المغسل لغسل جسده ثم يغسل يديه ورجليه . يذكر التقليد اليهودى أن رئيس الكهنة يغتسل 5 مرات فى هذا اليوم وعشر مرات يغسل يديد ورجليه ، وأنه لا يغتسل فى الحمام العادى وإنما فى إناء ذهبى مخصص لهذا الغرض .
هذا وإن كان شيخا يحتاج إلى مياة دافئة ، يسكبون فى الإناء ماء ساخنا للتدفئة أو يضعون فى المياة حديدا ساخنا لذات الغرض .
يلبس رئيس الكهنة الملابس الفاخرة التى للمجد والبهاء ( خر 28 ) ، ويدخل القدس ويصلح السرج ويرفع البخور ، ثم يقدم المحرقة الدائمة خروفا حوليا مع تقدمة عشر من الدقيق الملتوت بربع الهين من الزيت المرضوض وسكيبه ربع الهين من الخمر ( خر 29 : 38 – 42 ) ، وكانت هذه تضاعف إن كان اليوم سبتا ( عد 28 : 9 ، 10 ) .
ب – خدمة الكفارة العظيم ... وهى الخدمة التى وردت تفاصيلها فى الإصحاح السادس عشر ، نتعرض لها اثناء التفسير .
ج – خدمة تقديم الذبائح الإضافية المقررة لهذا اليوم ( ع 29 : 7 – 11 ) حيث يقدم رئيس الكهنة محرقات إضافية وهى ثور وكبش وسبع خراف حولية وتقدمتها ثلاثة أعشار دقيق ملتوت بالزيت عن الثور وعشران عن الكبش وعشر عن كل خروف ، وسكائبها  من الخمر نصف الهين عن الثور وثلث الهين عن الكب وربع الهين عن الخروف الواحد . كما يقدم ذبيحة خطية أخرى من تيس من المعز .
د – خدمة المساء اليومية أو الدائمة تماثل خدمة الصباح ، يقوم بها رئيس الكهنة بملابسه الفاخرة .
السيد المسيح والكفارة :
إذ حمل كلمة الله جسدنا جاء إلينا فى عالمنا ليعيش فى وسطنا وكأنه قضى عاما يختمه بيوم الكفارة العظيم ، فيكفر عن خطايانا ويحملنا إلى حضن أبيه ، مستشفعا فينا كرئيس الكهنة السماوى لا خلال دم ثيران وتيوس بل بدمه .
يقول العلامة أوريجانوس : [ تأمل أن الكاهن الحقيقى هو الرب يسوع المسيح ( عب 4 : 14 ) الحامل الجسد كمن يقضى عاما كاملا مع شعبه ، إذ يقول بنفسه : " روح السيد الرب على  لأن الرب مسحنى لأبشر المساكين ، أرسلنى لأعصب منكسرى القل ، لأنادى المسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق ، لأنادى بسنة مقبولة للرب " ( إش 61 : 1 ، 2 ) . فى هذه السنة دخل فى يوم الكفارة مرة واحدة إلى قدس الأقداس ( خر 30 : 10 ) عندما أكمل رسالته وصعد إلى السموات ( عب 4 : 14 ) عن يمين الآب ، لحساب الجنس البشرى ، يشفع فى كل المؤمنين به . يتحدث الرسول يوحنا عن هذه الكفارة التى لحساب البشر فيقول : " يا أولادى أكتب إليكم هذا لكى لا تخطئوا ، وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا " ( 1 يو 2 : 1 ، 2 )
إذ يمتد يوم الكفارة حتى الغروب ، أى حتى نهاية العالم ، نقف أمام الباب ننتظر كاهننا الذى تأخر داخل قدس الأقداس ، أى أمام الآب ( 1 يو 2 : 1 ، 2 ) يفع فى خطايا الذين ينتظرونه ( عب 9 : 28 ) . لكنه لا يشفع فى خطايا الجميع ، إذ لا يشفع فيمن هم من طرف التيس المرسل فى البرية ( لا 16 : 9 ، 10 ) بل الذين هم من طرف الرب وحدهم ، الذين ينتظرونه أمام الباب ، لا يفارقون الهيكل عابدين بأصوام وطلبات ليلا ونهارا ( لو 2 : 37 ) . 
+  +  +
يوم الكفارة العظيم [ لاويين 16 ]
( 1 ) الدخول إلى قدس الأقداس : إذ خرجت نار من عند الرب  وأكلت إبنى هرون ناداب وأبيهو لأنهما قدما نارا غريبة ( لا 10 ) حدث رعب شديد عند هرون وإبنيه الآخرين ، إذ خاف الكل من اللقاء مع الله ، فجاءت شريعة يوم الكفارة العظيم تعلن عن الإستعدادات اللازمة لرئيس الكهنة ليدخل باسم الجماعة كلها إلى قدس الأقداس مرة واحدة ، إذ قيل :
" وقال الرب لموسى : كلم هرون أخاك أن لا يدخل كل وقت إلى القدس داخل الحجاب أمام الغطاء الذى على التابوت لئلا يموت ، لأنى فى السحاب أتراءى على الغطاء " ع 2
لم يكن ممكنا حتى لرئيس الكهنة أن يدخل قدس الأقداس ليقف أمام غطاء تابوت العهد حيث يتراءى الله هناك على الغطاء ، بين الكاروبين ، على " كرسى الرحمة " ... إنما يدخل مرة واحدة فقط كل سنة بعد ممارسة طقس طويل ودقيق واستعدادات ضخمة حتى لا يحسب مقتحما للموضع الإلهى ويموت . هذا العجز سره ليس إنحجاب الله عن شعبه أو كهنته ، إنما هو ثمر طبيعى لفسادنا البشرى الذى أعاقنا عن اللقاء مع العروس . وكما يقول الرسول بولس : " معلنا الروح القدس بهذا أن طريق الأقداس لم يظهر بعد " ( عب 9 : 8 ) . كان الأمر يحتاج إلى عمل إلهى ، هذا هو ما تم بالمسيح يسوع ربنا رئيس الكهنة الأعظم الذى دخل بنا إلى مقدسه السماوى ، قدس الأقداس الحقيقى . فطقس يوم الكفارة بكل دقائقه هو ظل لعمل السيد المسيح الذى شق حجاب الهيكل ونزع العداوة بين السماء والأرض ، وصالحنا مع أبيه القدوس .
لم يكن ممكنا لرئيس الكهنة أن يدخل إلا خلال الذبيحة ، إذ قيل : " بهذا يدخل هرون إلى القدس ، بثور أبن بقر لذبيحة خطية وكبش لمحرقة " ع 3 . يلزمه أن يكفر عن نفسه كما عن الشعب . وقد ألتحمت هنا ذبيحة الخطية بكبش المحرقة .
( 2 ) ثياب يوم الكفارة :
إذ ينتهى رئيس الكهنة من الخدمة الصباحية الدائمة ليبدأ طقس يوم الكفارة يخلع ملابسه الذهبية التى للمجد ويرحض جسده ثم يرتدى ملابس كتانية خاصة بهذا اليوم ، تتكون من : قميص ، سروال ، منطقة ، عمامة ( خر 28 : 40 – 42 ) ، وهى ملابس كهنة عادية ، ربما لكى لا يتعالى أو يستكبر ، أو ليشعر أن طقس هذا اليوم إنما لنزع خطاياه مع خطايا إخوته وبنيه من الكهنة والشعب .
رئيس كهنتنا ربنا يسوع لم يكن فى حاجة إلى غسلات جسدية أو روحية ، إنه لا يلبس ثيابا كتانية فى ذلك اليوم بل سلم ثيابه يقتسمها الجند فيما بينهم ليرفع على الصليب عريانا ، فيكسونا بثوب بره . يهبنا ذاته كثوب بر نرتديه ، كقول الرسول : " لأن كلكم الذين أعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح " ( غلا 3 : 27 ) .
( 3 ) ذبائح عن نفسه وعن الشعب :
إذ يبق فقدم رئيس الكهنة ذبيحتى خطية ومحرقة عن نفسه ( ع 3 ) قل ارتدائه الملابس الكهنوتية ، نجده الآن يأخذ تيسين من المعز لذبيحة الخطية واحدا كمحرقة من مال الجماعة .
عند تقديمه ثور الذبيحة عن نفسه وعن الكهنة يعترف رئيس الكهنة بخطاياه وخطايا الكهنة ، قائلا : " أيها الإله ( يهوه ) ، لقد أخطأت وعصيت أنا وبيتى . لذلك أتوسل إليك يا الله ( يهوه ) أن تكفر عن خطاياى وآثامى ومعاصى التى ارتكبتها أمامك أنا وبيتى – كما كتب فى ناموس موسى عبدك : لأنه فى ذلك اليوم يكفر عنكم ويغسلكم ، من كل معاصيكم أمام يهوه تغسلون " .
 ويلاحظ فى هذا الإعتراف يذكر اسم " يهوه " ثلاث مرات .
ويكرر الإسم " يهوه " ثلاث مرات أخرى حين يعترف على ن الثور باسم الكهنة ، مرة سابعة يذكر إسم " يهوه " عندما يعمل قرعة على التيسين ليكون أحدهما من نصيب يهوه . ثم يعترف ذاكرا الإسم ثلاث مرات أخرى حين يعترف وهو يضع يده على رأس التيس الذى يحمل خطايا الشعب . فى هذه المرات العشرة التى ينطق فيها إسم يهوه ، إذ ينطق بالإسم يسقط الواقفون بجواره بوجوههم إلى الأرض بينما تردد الجموع العبارة : " مبارك هو الإسم ، المجد لملكوته إلى أبد الأبد "
[ نلاحظ أن السيد المسيح عندما أعلن نفسه للجند وخدام الهيكل فى البستان عندما أتوا ليقبضوا عليه ؛ أنهم رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض ، وكأنه حتى فى هذه اللحظة الحرجة يحاول أن يفهم اليهود قساة القلب : من هو ؟ ] .. 
بعد ذلك " يأخذ التيسين ويوقفهما أمام الرب لدى باب خيمة الإجتماع ، ويلقى هرون على التيسين قرعتين :" قرعة للرب وقرعة لعزازيل " ع 7 ، 8 . يقدم هذين التيسين كذبيحة واحدة عن الخطية ، واحد يذبح عن خطايا الشعب والآخر يطلق فى البرية لإعلان حمل الخطية ورفعها . 
هناك تفاسير كثيرة لكلمة " عزازيل " ، يمكن إختصارها فى الآتى :
أولا : يرى البعض أن عزازيل إسم شخص ، يعنى به الشيطان . إن انطلاق التيس فى البرية يشير إلى قوة الذبيحة التى تتحدى الشيطان ، وكأن السيد المسيح الذبيح قد جاء ليحطم إبليس فى عقر داره .
ثانيا : الرأى الغالب أن كلمة " عزازيل " تعنى " الإقصاء التام " أو العزل الكامل ، وكأن ذبح التيس الأول يشيرإلى حمل السيد للخطية للتكفير عنها ، أما إطلاق الآخر فيشير إلى انتزاعها تماما وإقصائها بعيدا عن الشعب
 ثالثا : يرى البعض فى التيس الذى يطلق فى البرية بأسم عزازيل أى " العزل الكامل " رمزا لعجز الذبيحة الحيوانية عن تحقيق الخلاص الحقيقى ، فإطلاق التيس فى البرية يعنى أن التيس قد أنطلق إلى مكان غير مسكون حتى يأتى حمل الله الحقيقى القادر وحده أن يرفع خطايانا كقول إشعياء النبى أن يهوه قد وضع إثمنا عليه ( إش 53 : 6 ) .
إن التيسين يمثلان فريقين ، يتأهل أحدهما أن يدخل دمه إلى المقدسات الإلهية ويكون من نصيب الرب ، أما الفريق الآخر فيلقى فى البرية الجافة عن كل فضيلة والقفرة من كل صلاح . هذا التمايز يظهر عندما تنتهى حياة كل واحد منا ، إذ قيل : " فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم ، ومات الغنى أيضا ودفن ، فرفع عينيه فى الهاوية ..." ( لو 16 : 22 ، 23 ) .
 الأول حملته الملائكة كخدام الرب كما إلى مذبحه المقدس ، بكونه نصيب الرب ، والثانى انطلق إلى الهاوية إلى أماكن العذاب كمن يترك فى البرية .
[ قدم التيس الأول ذبيحة للرب بينما طرد الثانى حيا . فى الأناجيل يقول بيلاطس للكهنة وللشعب اليهودى :
 " من تريدون أن أطلق لكم : باراباس أم يسوع الذى يدعى المسيح ؟! " ( مت 27 : 17 ) . حينئذ صرخ كل الشعب أن يطلق باراباس لكى يسلم يسوع للموت ]
( 4 ) تقديم البخور :
يملأ رئيس الكهنة المجمرة الذهبية الخاصة به من جمر النار عن مذبح المحرقة ، وهى النار التى من لدن الرب ( لا 9 : 24 ) ، ثم يضع ملء حفنتيه من البخور العطر الدقيق " الناعم " ( خر 30 : 34 – 37 ) فى إناء صغير ذهبى ، وإذ كانت العادة أن يمسك البخور بيمينه والمجمرة بيساره ، ففى هذه المناسبة لضخامة حجم المبخرة يصرح له بالعكس أن يمسك المجمرة بيمينه والبخور بيساره ليدخل للمرة الأولى إلى قدس الأقداس بجنبه كى لا يتطلع بعينيه إلى تابوت العهد ، هنا يختفى رئيس الكهنة عن الأنظار ليبقى وحده فى قدس الأقداس . يضع المجمرة على الأرض على حجر ضخم ويملأها بخورا فيمتلىء قدس الأقداس بسحابة البخور لتحجب تابوت العهد عن عينيه فلا يموت .
يقدم رئيس الكهنة الصلاة التالية بسرعة دون إطالة حتى لا يقلق الشعب عليه :
[ إن حسن فى عينيك أيها الرب إلهنا . وإله آبائنا ، ألا يحل بنا سبى فى هذا اليوم ولا خلال هذا العام . نعم وإن حل بنا سبى هذا اليوم أو هذا العام فليكن إلى موضع فيه تمارس الشريعة .
إن حسن فى عينيك أيها الرب إلهنا وإله آائنا ألا يحل بنا عوز هذا اليوم ولا هذا العام . وإن حل بنا عوز هذا اليوم أو هذا العام  فليكن هذا عن جود أعمالنا المحبة .
إن حسن فى عينيك أيها الرب إلهنا وإله آبائنا أن يكون هذا العام عام رخاء وفيض ومعاملات وتجارة ، عام مطر غزير وشمس وندى ، فلا يحتاج فيه شعبك إسرائيل عونا من آخر . ولا تسمع لصلاة المسافرين ( ربما بإمتناع المطر ) .
أما من جهة شعبك إسرائيل فليته لا يتعظم عدو عليه .
إن حسن فى عينيك أيها الرب إلهنا وإله آبائنا ليت بيوت أهل شرون لا تكن قبورا لهم ( ربما لأجل تعرضهم للفيضانات المفاجئة ) ]  
يخرج رئيس الكهنة من قدس الأقداس بظهره حتى يكون وجهه متجها أمام الرب .
نستطيع أن نرى فى النار التى حملها رئيس الكهنة فى المجمرة إشارة إلى تجسد الكلمة ، إذ حل بملء لاهوته فى أحشاء البتول ، المجمرة الذهب . وقد وضع ملء يديه من البخور الدقيق إشارة إلى حمله أعماله المقدسة التى قدمها السيد المسيح بيديه المبسوطتين على الصليب لتفيح رائحته الذكية فينا .
( 5 ) الدم وغطاء التابوت :
يتسلم رئيس الكهنة إناء الدم من الكاهن ويدخل للمرة الثانية إلى قدس الأقداس ، وينضح بأصبعه مرة واحدة على غطاء التابوت من ناحيته الشرقية ، أى المواجهة للخارج ، ثم ينضح سبع مرات على أرضية قدس الأقداس أمام التابوت . بعد هذا يخرج إلى القدس ويترك إناء الدم فى مكان معد لذلك على قاعدة ذهبية ثم يخرج خارجا .
( 6 ) تقديم التيس الأول :
يذبح التيس الأول الذى وقعت قرعته أنه ليهــوه ، ويفعل بدمه كما فعل بدم الثور ، إذ ينضح على الغطاء وقدام الغطاء على الأرض ، ثم يخرج ليضع الوعاء على قاعدة ذهبية
" فيكفر عن القدس من نجاسات بنى إسرائيل ومن سيآتهم مع كل خطاياهم . وهكذا يفعل لخيمة الإجتماع القائمة بينهم فى وسط نجاساتهم " ع 16
يتم هذا التكفير بمزج دم الثور بدم التيس فى القدس ، ثم ينضح رئيس الكهنة على القدس ومشتملاته ثم يخرج خارجا لينضح على الدار الخارجية . وكأن رئيس الكهنة يعترف أنه هو والكهنة والشعب يخطئون فى حق الله وبيته ويطلبون المغفرة فى استحقاقات الذبيحة حتى يبقى الله حالا فى وسطهم خلال بيته المقدس .
يتم ذلك فى الوقت الذى فيه ينتظر الكهنة مع الشعب فى الدار الخارجية ، بينما يقوم رئيس الكهنة بالعمل فى قدس الأقداس والقدس بمفرده ، إشارة إلى السيد المسيح الذى وحده دخل إلى الأقداس السماوية بدمه لتقديسنا ، وكما يقول الرسول :
" لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات " ( عب 7 : 26 ) .
بقولـه : " لا يكن إنسان فى خيمة الإجتماع من دخوله للتكفير فى القدس إلى خروجه " ع 17 . يعلن أنه لا يستطيع أحد من البشر أن يقوم بدور الكفارة إنما الحاجة إلى رئيس الكهنة الفريد ربنا يسوع .
( 7 ) تقديم التيس الثانى :
بعد تقديم التيس الأول بذبحه والتكفير بدمه ، يأتى دور التيس الثانى الذى لعزازيل ( ع 20 ) ، الذى يوقف أمام باب خيمة الإجتماع ليعرضه أمام الله ثم يضع رئيس الكهنة يديه على راسه وكأنه يلقى بكل الخطايا عليه ، ويعترف عن خطاياه وخطايا الشعب كما سبق فرأينا قبلا وبنفس العبارات .
يرسل التيس مع أحد الكهنة يعينه رئيس الكهنة ليطلقه فى البرية عند صخرة تسمى " زك " على جبل عال ، تبعد حوالى 12 ميلا من أورشليم .. عندما يصل الكاهن إلى الصخرة يقطع الخيط القرمزى المربوط به التيس إلى جزئين ، يربط جزءا منه فى الصخرة ، والآخر بقرنى التيس ، ثم يلقى بالتيس من أعلى الصخرة ليسقط ميتا فلا يستخدمه أحد . وإن كان الطقس حسب الكتاب المقدس أمر بإطلاقه لا بقتله . بهذا يشعر الشعب بأن خطاياهم طوال العام قد طردت عنهم .
( 8 ) تقديم المحرقات وذبيحة الخطية :
إذ ينتهى الكهنة من خدمة يوم الكفارة يدخل إلى القدس ويخلع الثياب الكتانية ويستعد لإرتداء الملابس التى للمجد ( خر 28 ) ويقوم بتقديم المحرقات عن نفسه وعن الشعب بعد أن يرحض جسده .
لم يكن ممكنا لرئيس الكهنة أن يقدم المحرقات التى هى موضع سرور الله إلا بعد التكفير عن نفسه والكهنة وعن كل الشعب خلال ذبيحة الخطية . إذ لا يقدر المؤمن أن يقدم ذبيحة التسبيح والفرح إلا بعد تقديم التوبة لنوال المغفرة فى استحقاقات الدم .
كان رئيس الكهنة أيضا يلتزم بتقديم محرقات إضافية للعيد وهى ثور وكبش وسبعة خراف حولية ( عد 29 : 7 – 11 ) مع تقدماتها وسكائبها ( عد 28 : 12 – 14 ) . وإن كان بعض الدارسين يرون أن هذه الذبائح الإضافية تقدم بعد المحرقة الصباحية الدائمة قبل البدء فى طقس يوم الكفارة .
يقدم رئيس الكهنة أيضا ذبيحة خطية إضافية هى تيس من المعز ( عد 29 : 10 ، 11 ) . ربما خشية أن تكون هناك أخطاء قد ارتكبت سهوا أثناء خدمة اليوم سواء من جانب رئيس الكهنة أو الكهنة أو الشعب .
الذين يطلقون التيس الحى عزازيل ، ولحم ثور الخطية وتيس الخطية وجلدهما مع فرثهما ( بقايا الطعام بالمعدة ) للحرق كانوا بعد أداء عملهم يغتسلون : الثياب والأجساد .. ثم يعودون إلى الهيكل مع الشعب ليقرأوا الفصول الخاصة بيوم الكفارة من سفر لاويين ( 23 : 26 – 32 ) ، ومن سفر العدد ( 29 : 7 – 11 ) والشعب واقفا يسمع .
أخيرا يقدم رئيس الكهنة ذبيحة المساء اليومية أو الدائمة بنفسه .
( 9 ) الكفارة فريضة دهرية :
جعل الله " يوم الكفارة " فريضة دهرية يلتزم بها رئيس الكهنة اللاوى حتى يأتى رئيس الكهنة الأعظم ربنا يسوع فيتممه فى جسده ذبيحة فريدة تدخل بنا إلى المقدسات السماوية أبديا .
مع هذا الطقس الرهيب الذى كان اليهود يمارسونه بمهابة ورهبة كل عام كانوا يشعرون بالعجز ، إذ يمارسون الرمز لا الحق ذاته . يظهر ذلك من نغمة ليتوجيتهم فى ذلك اليوم ، إذ جاء فيها :
 [ بينما المذبح والهيكل قائمان فى موضعهما يكفر عنا تيسان خلال القرعة ، لكن الآن بسبب خطايانا لو أن يهوه يود هلاكنا فإنه لا يقبل من أيدينا محرقة أو ذبيحة ] .
+      +      

الكتاب المقدس المسموع mp3 كاملا للتحميل على اكثر من سيرفر



تم رفع الكتاب المقدس كاملا بصيغة mp3 

لتحميل الكتاب المقدس المسموع ملف واحد بحجم 
1.1 جيجا 
لاصحاب السرعات العالية )



او لتحميل الكتاب المقدس مقسم على جزئين 

العهد القديم

العهد الجديد


لتحميل الكتاب المقدس كل سفر بمفردة لاصحاب السرعات الضعيفة )


التكوين
الخروج
اللاويين
العدد 
التثنية
يشوع 
قضاة
راعوث
صموئيل اول
صموئيل ثانى
الملوك الاول
الملوك الثانى
اخبار الايام الاول
اخبار الايام الثانى
عزرا
نحميا
استير
ايوب 
المزامير 
الامثال
الجامعة
نشيد الانشاد
اشعياء
ارميا
مراثى ارميا 
حزقيال
دنيال
هوشع
يوئيل
عاموس
عوبديا
يونان
ميخا
ناحوم
حبقوق
صفنيا
حجى
زكريا
ملاخى
متى 
مرقس
لوقا
يوحنا 
عامل الرسل 
رومية
كورونثوس الاولى
كورونثوس الثانية
غلاطية
افسس
فيلبى
كولوسى
تسالونيكى الاولى
تسالونيكى الثانية
تيموثاوس الاولى
تيموثاوس الثانية
تيطس 
فليمون
العبرانيين
يعقوب
بطرس الاولى
بطرس اثانية
يوحنا الاولى
يوحنا الثانية
يوحنا الثالثة
يهوذا
رؤيا يوحنا اللاهوتى





صلوا من اجلى 

جامايكا جيمس 

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010