‏إظهار الرسائل ذات التسميات سير القديسين. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سير القديسين. إظهار كافة الرسائل

القديس مار افرام السرياني


قراءة من القديس مار افرام السرياني
  حديثنا في البكرعن مولده وهو في عيده معونتنا الخفية،
 لا تحسبنّ ليلة العيد هذه مثل سائر الليالي عيده هو أجرهُ يسمو مئة الغيرة،
عيد يقاتل السهر والنعاس فيه، وفيه المُنشد يقاتل الصمت بألحانه،
 والعيد حامل الخيرات واول الاعياد ومبدأ الافراح بأسرها.
اليوم الملائكة ورؤساء الملائكة هبطوا الارض،
 وسبحوا تسبيحة جديدة انهم لها بطون الى العيد العجيب،
 ومبتهجون مع الساهرين وحين سبحوا كانت التجذيف من الافواه
 بورك بمولد فيه ردد العالم منها ليلة المجد.
هذا الليل هو من ضم الساهرين في السماء الى الساهرين في الارض.
 اتى الملاك ليجعل في الارض ملائكة فغدا الساهرون شُركاء الملائكة،
 وغدا المُسبحون شركاء السارفيين.
 فطوبى لمن غدا كنّارة تُسبحك وغدا ثوابهُ نعمتك.
مار إفرام السرياني (كنّارة الروح القدس)
 إذا لم يختلف النور
فالظلمة لا تقوى على الظهور
وإذا لم يلم النور أشعته
فالظلمة لا تبسط جناحيها السوداوين
مادام الكرى بعيدا عن عينك أيها الساهر
القديس إفرام، أشهر الأدباء الأراميين قاطبة، نُعت بتاج الأمة الأرامية السريانية ‏ومنار الكنيسة ، معلم العلماء وقطب دائرة الشعراء، نبي السريان وعمود ‏الكنيسة. قال عنه القديس يوحنا الذهبي الفم: (إفرام كنّارة الروح القدس)
لقب بالقاب عدة كقيثارة الروح القدس وشمس السريان ، وهو  احد اباء ومعلمي الكنيسة الذي تجمع على قداسته جميع الطوائف المسيحية الرسولية
 حياته ورسالته
 ولد عام 306 ميلادية في مدينة نصيبين شمال شرق سوريا الفاصلة بين دولتيّ الروم والفرس
‏يقول بعض المؤرخين، السريان خصوصاً، انه ولد من أبوين
مسيحيين تّقيين، ربما استناداً الى ما ‏ورد في إحدى خطبه: «إني ولدت في طريق الحقيقة ولو أن صباي لم يشعر بذلك». بينما يقول ‏غيرهم: إن والده كان وثنياً من الرها وأمه فكانت مسيحية، ولما عرف الأب بميل إبنه ‏الشاب الى المسيحية واحتقاره الديانة المجوسية، غضب عليه وطرده من البيت، فالتجأ الى ‏أسقف مدينة نصيبين القديس يعقوب، وقبل العماد المقدّس في السنة الثامنة عشرة من عمره ‏تقريباً.
ثم «لازمه ملازمة الظل»
 
 تتلمذ للقديس يعقوب اسقف نصيبين ولما اراد أن يرسمه كاهنا، اعتذر لتواضعه، واكتفى بأن يبقى شماساً إنجيلياً. ثم أقيمَ استاذاً لمدرسة نصيبين الشهيرة التي ذاع صيتها في بلاد الشرق ، فانكبَّ على التدريس والتأ ليف حتى بلغت تلك المدرسة أوج الازدهار وكان تلاميذها من مشاهيرالعلماء السريان وبرز منها عدد كبير من ‏الكتّاب والملافنة والقديسين منهم أفراهاط الحكيم الفارسي مؤلف كتاب «البراهين»، ‏وغريغوريوس الراهب الأهوازي صاحب كتاب «السيرة الرهبانية»، في أواخر القرن الرابع.‏
علّم مار إفرام في مدرسة نصيبين زهاء 38 عاماً، وكان يغتنم بعض أوقات الفراغ للتأليف ‏شعراً ونثراً.
بعد وفاة القديس يعقوب اسقف نصيبين واصل إفرام مهمته التعليمية بنجاح ‏وتفوّق في عهد خلفائه الثلاثة،
وهم: بابو (338 ـ343)
 أولغاش (343 ـ 361)
إبراهيم ‏‏(361)
والذين تولوا كرسي أسقفية نصيبين.‏
أنشد إفرام مناقبهم الجليلة في ميامر عديدة،
وصف فيها
مار يعقوب بالغيرة والحزم
وبابو ‏بالتواضع ومحبة الفقراء
وأولغاش بالعلوم والأد ب
وإبراهيم بالوداعة ومحبة الفقر‏
ويُحكى أن شابور الثاني ملك الفرس رفع الحصار عن مدينة نصيبين سنة 338 بفضل صلوات مار ‏إفرام السرياني وأعجوبة حد ثت على يده. أما إفرام فنسب ذلك الحدث العجيب الى شفاعة ‏راعي الأبرشية القديس يعقوب.‏
بعد الحروب بين الفرس والرومان إلتزم الإمبراطور الروماني جوفيان أن يوقع معاهدة مع ‏الفرس، العام 363، تقضي بالتنازل لهم عن مدينة نصيبين. فرحل القديس افرام مع كثيرين من ‏مواطنيه الى مدينة الرها، مروراً بمدينة آمد
وفي الرها واصل التعليم في مدرسة عُرفت ‏بمدرسة الفرس، لأنها تأسست خصيصاً للسريان النازحين من مدينة أصبحت تحت حكم الفرس، وأكثر ‏معلّمي المدرسة كانوا من النازحين أيضا مع افرام السرياني.‏
مارس هذا المعلّم الشهير التعليم حتى أواخر حياته، عام 373. وكان يشغل أوقات فراغه ‏بالمطالعة والتأليف والتأمل، مختلياً في جبل الرها، المدعو الجبل المقدس، لأنه اشتهر بكثرة ‏مغاوره التي اتخذها النسّاك صوامع لهم.‏
يتفق المؤرخون على أن إفرام السرياني كان ورعاً تقياً نقياً وديعاً. ورغم سمو قداسته وسعة ‏علمه اعتبر نفسه غير أهل لدرجة الكهنوت، بسبب تواضعه، فاكتفى بأن يكون شماساً لكنيسة ‏الرها. بشّر بملكوت الله وخدم القريب، لاسيما المعوز
والجائع
والمريض
ازدهرت الحياة الرهبانية في القرن الرابع للميلاد ، وظهر نساك في براري سورية الشمالية والوسطى ، وملأت الأديرة والجبال ما بين النهرين ، ودخل فيها آلاف الرهبان والراهبات .
وقيل أن مار افرام تنسك على اثر دخوله في مدرسة مار يعقوب اسقف نصيبين . وأتم نذوره الرهبانية الثلاثة :
الطاعة
والفقر
والبتولية
وكان مار افرام لا يأكل سوى خبز الشعير والبقول المجففة ، ولا يشرب سوى الماء ، ولا يلبس الا أطمارا بالية
قال عنه باسيليوس الكبير (331-379): «ان مار افرام جوهرة نادرة المثال، غالية الاثمان، ‏اختفى بحجاب تواضع عميق عن أعين البشر، مستأثراً بدرس الفضيلة والحكمة السامية ليحوز ‏القربى لدى الله تعالى العارف بخفايا القلوب ومكنونات الصدور
منذ وفاته، العام 373، رفع افرام السرياني على المذابح، واعلنه البابا بندكتس الخامس ‏عشر ملفانا للكنيسة الجامعة في 5 تشرين الاول سنة 1920
بدأت الطقوس الكنسية في فجر المسيحية كأدعية تُتلى ومزامير تُرنم في اجتماعات المؤمنين للصلاة والاحتفال بالقربان المقدس . واهتم مار أفرام بالحياة الطقسية في الكنيسة إذ أدخل إليها أناشيده المنظومة على ألحان خاصة . كما نظم جوقة مختارة من فتيات الرها اللواتي علمهن ما اقتبسه من الأنغام الموسيقية وما نظمه من القصائد الروحية والتراتيل التي ضمنها العقائد الدينية وناهض بها الهراطقة . وقد صارت أناشيد أفرام وأشعاره جزءا لا يتجزأ من الطقس الكنسي في حياته وماتزال الكنيسة السريانية تترنم بها صباح مساء
والى مارافرام يعود فضل تنظيم الحياة الطقسية في الكنيسة السريانية وتنظيم الجوقات الكنسية التي تصدح اليوم آذان المؤمنين في الكنائس وتخلق في نفوسهم الخشوع وتساعدهم على التعبد للرب والاهتداء الى الإيمان الأفضل
مؤلفاته
 
 جميع مؤلفاته كتبها باللغة السريانية وترجمت لمختلف لغات العالم و تعد من روائع الادب المسيحي السوري ، وتمتاز مؤلفاته الكثيرة بالرقة و بجمال التفكير والتعبير ومازالت تتلى حتى اليوم كجزء من ليتورجيات الكنائس السريانية المختلفة ، كتب الكثير في مدح السيدة العذراء
برع القديس افرام السرياني بتفسير الكتاب المقدس- وعقائد الإيمان القويم واتبع في ذلك الطريقة الشعرية حيث ابدع اجمل ما كتب في شرح وإيضاح المعاني الروحية لكلمة الله ، إضافة إلى ذلك اهتم بالكرازة وعاش حياة المتصوفين
هذا وقد ترجمت مؤلفاته الى اليونانية في حياته أو في العقد الأول بعد وفاته نظرا لأهميتها ، كما نقلت بعدئذ الى لغات شتى ، أهمها العربية .. فقد ترجم الى العربية ابراهيم بن يوحنا الانطاكي سنة 980 عددا من مقالات أفرام في الرهبنة ،اضافة الى ما ذكره رئيس أساقفة دمشق للسريان الكاثوليك ، غريغوريوس يعقوب حلياني 1750، وفيه يتحدث عن الشعر السرياني والدور الريادي الذي قام به مار افرام كماأن ثمة 51 مقالة نقلت الى العربية من اليونانية حوالي القرن الحادي عشر ، هذا وأصلها السرياني مفقود
كتابات افرام السرياني كثيرة ومتنوعة، ويغلب فيها الشعر على النثر. ذكر المؤرخ ‏اليوناني سوزومين (423 ب.م) ان القديس افرام السرياني كتب زهاء ثلاثة ملايين من ‏الاشعار، وقال القديس ايرونيموس (340-420) ان منظومات مار افرام السرياني المنيفة ‏على ثلاثة ملايين من الأبيات الشعرية فرضت وجودها بامتياز في الكنائس المسيحية منذ كان بعد ‏في قيد الحياة».‏
‏اهتم بعض العلماء في الشرق والغرب بنشر مؤلفات مار افرام استناداً الى المخطوطات ‏اللندنية والفاتيكانية وغيرها. واشهر من اهتم بهذه الاثار الكتابية النفيسة هو الراهب ‏البندكتاني الالماني ادموندس بك الذي نشر، بطريقة علمية حديثة، كتابات مار افرام، ‏باللغة الالمانية في 14 مجلداً كبيرا، من 1955-1970 ضمن مجموعة «الكتبة المسيحيين الشرقيين». ‏واخذ عنه كثيرون في ما بعد، وترجمت كتاباته الى لغات عدة.‏
روحانيته
 
كان افرام السرياني، شاعرا ورجل تأمل وصلاة، تعمق في روحانية الوحي الالهي، وفي اقوال ‏الانبياء والرسل، فجاءت كتاباته امتدادا طبيعياً لروحية العهد القديم والجديد، من يطالع ‏شروحه للكتب المقدسة ويقرأ اناشيده في الحقائق الالهية يواجه روحاً نبوية ممتاز بالرؤى ‏الروحانية السماوية».‏
بعدما تشبّع افرام وارتوى من منبع الاسرار الالهية، عبّر عما يختلج في اعماقه باناشيد ‏ وترانيم شعرية رائعة، تعلمها منه الفتيان والفتيات فأ نشدوها ورتلوها في ‏الكنائس والشوارع والبيوت والحقول.‏
روحانية افرام تظهر بخاصة في عبادته للعذراء مريم. هذه العبادة كانت عميقة وثابتة. ‏ولقد ردد مراراً: «عظامي تصرخ من القبر: ان مريم قد ولدت ابن الله. وما اكثر الاناشيد ‏والقصائد التي خصصها لمديح مريم!‏
وتسمو روحانيته كذلك في توقه الحار الى القداسة، فالقداسة ثمرة «الطريق الحرج» طريق ‏الصليب الذي تكلم عنه المسيح مراراً.‏
فما أصدق كلام ابن سيراخ اذ طبق على افرام السرياني: «في جميع اعماله حمد القدوس العلي ‏بكلام مجد، وبكل قلبه انشد واحب الذي صنعه. اقام المرتلون امام المذبح ليرسلوا الحانهم ‏العذبة. جعل للأعياد رونقاً وللحفلات بهاء تاماً ليسبّح الرب القدّوس...» (ابن سيراخ47/8-‏‏10).‏

عودة رفات القديس مارمرقس



عودة رفات القديس مارمرقس 


في مثل هذا اليوم من سنة 1684 للشهداء الأطهار الموافق الاثنين 24 من شهر يونيو سنة 1968 لميلاد المسيح وفي السنة العاشرة لحبرية البابا كيرلس السادس وهو البابا المائة والسادس عشر في سلسلة باباوات الكرسي الإسكندري عاد إلى القاهرة رفات القديس العظيم ناظر الإله الإنجيلي مار مرقس الرسول كاروز الديار المصرية والبطريرك الأول من بطاركة الإسكندرية 

وكان البابا كيرلس السادس قد انتدب وفدا رسميا للسفر إلى روما لتسلم رفات القديس مرقس الرسول من البابا بولس السادس . وتألف الوفد من عشرة من المطارنة والأساقفة بينهم ثلاثة من المطارنة الأثيوبيين ومن ثلاثة من كبار أراخنة القبط 

أما المطارنة والأساقفة فهم حسب أقدمية الرسامة : الأنبا مرقس مطران كرسي أبو تيج وطهطا وطما وتوابعها ، ورئيس الوفد الأنبا ميخائيل مطران كرسي أسيوط وتوابعها ، الأنبا أنطونيوس مطران كرسي سوهاج والمنشاة وتوابعهما والأنبا بطرس مطران كرسي أخميم وساقلته وتوابعهما ، والأنبا يوأنس مطران تيجراي وتوابعها بأثيوبيا ، والأنبا لوكاس مطران كرسي اروسي وتوابعها بأثيوبيا ، والأنبا بطرس مطران كرسي جوندار وتوابعها بأثيوبيا ، والأنبا دوماديوس أسقف كرسي الجيزة وتوابعها ، والأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي والأنبا بولس أسقف حلوان وتوابعها


وطار الوفد البابوي الإسكندري إلى روما في يوم الخميس 13 بؤونه سنة 1684 الموافق 20 من يونيو سنة 1968م في طائرة خاصة أقلتهم ومعهم نحو 90 قبطيا من المرافقين كان من بينهم سبعة من الكهنة وفي الساعة الثانية عشر من يوم السبت الموافق 15 من بؤونة الموافق 22 من يونيو ذهب الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية في موكب رسمي إلى القصر البابوي بمدينة الفاتيكان وقابلوا البابا بولس السادس وتسلموا منه الرفات المقدس في حفل رسمي كان يجلله الوقار الديني ويتسم بالخشوع والتقوى ولقد كانت لحظة تسلم الرفات المقدس بعد أحد عشر قرنا كان فيها جسد مار مرقس محفوظا في مدينة البندقية ( فينيسيا ) بإيطاليا لحظة رهيبة بقدر ما هي سعيدة .


وفي اليوم التالي وهو الأحد 16 بؤونة الموافق 23 يونيو أقام الوفد البابوي السكندري قداسا حبريا احتفاليا بكنيسة القديس أثناسيوس الرسولي بروما خدم فيه جميع المطارنة والأساقفة العشرة والكهنة المرافقون وقد حضر أعضاء البعثة البابوية الرومانية وجميع المرافقين من القبط وعدد كبير من الأقباط المقيمون بروما ومن الأجانب ومندوبي الصحف ووكالات الأنباء وكان قداسا رائعا رفع بروحانية عميقة . وبعد قراءة الإنجيل حمل المطارنة والأساقفة صندوق الرفات المقدس وطافوا به 3 مرات أنحاء الكنيسة ثم بخر المطارنة والأساقفة أمام الرفات بحسب ترتيب أقدمية الرسامة وكان الكهنة والشمامسة يرتلون الألحان المناسبة


وعاد الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية يحملون الرفات المقدس في يوم الاثنين في موكب رسمي تتقدمه الدراجات البخارية إلى المطار . ومن هناك استقلوا طائرة خاصة قامت خصيصا من القاهرة ووصلت إليها في العاشرة والنصف من مساء اليوم نفسه 

وكان البابا كيرلس في انتظار وصول الرفات وكان يصحبه مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد كبير من المطارنة والأساقفة الأقباط والأجانب ورؤساء الطوائف والأديان مصريين وأجانب وألوف من أفراد الشعب مسيحيين ومسلمين يرتلون وينشدون أحلي الأناشيد الدينية وكان المطار كله يدوي بالترانيم 

وعندما رست الطائرة صعد البابا إلى سلم الطائرة وتسلم من يد رئيس الوفد الصندوق الثمين الذي يحمل رفات مار مرقس الرسول وفي هذه اللحظة رأي الكثيرون وخاصة المطلون من شرفات المطار ثلاث حمامات بيضاء ناصعة البياض حلقت فوق الطائرة ولما كان الحمام لا يطير في هذا الوقت من الليل فلم يكن هذا أذن بحمام عادي ولعله أرواح القديسين ترحب برفات القديس العظيم مار مرقس


ونزل البابا كيرلس يحمل صندوق الرفات علي كتفه بين ترتيل الشمامسة ويتبعه موكب ضخم من كتل بشرية تعد بالألوف يرنمون مع الشمامسة فرحين متهللين حتى أن رئيس البعثة البابوية الرومانية ذهل من تلك المظاهرة الدينية الكبيرة وأعرب عن تأثره البالغ بتدين الأقباط وعظيم إجلالهم وإكبارهم للقديس مرقس وقال أن ما رآه فاق كل تقديره فما كان يتوقع بتاتا أن يكون استقبال رفات مار مرقس بهذه الحماسة الروحية البالغة خاصة وان الجماهير ظلت منتظره بالمطار منذ الخامسة مساء - حيث كان مقررا وصول الطائرة - إلى الساعة الحادية عشرة مساء أو يزيد 


وعاد البابا في سيارته ومعه صندوق الرفات إلى الكاتدرائية المرقسية الكبرى القديمة بالأزبكية ووضع الصندوق علي المذبح الكبير المدشن باسم مار مرقس وظل الصندوق هناك إلى اليوم الثالث لوصوله . وفي صباح يوم الأربعاء 19 بؤونة الموافق 26 يونيو في نحو السادسة صباحا حمل البابا صندوق الرفات وأتي به في سيارته الخاصة إلى دير الأنبا رويس الذي كان يعرف بدير الخندق والمقامة علي أرضه الكاتدرائية المرقسية الجديدة التي افتتحها البابا كيرلس بحضور الرئيس جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية والإمبراطور هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا في اليوم السابق مباشرة وأعني به الثلاثاء 18 بؤونة الموافق 25 يونيو 

وقد وضع البابا رفات مار مرقس علي مائدة في منتصف شرقية هيكل الكاتدرائية الجديدة . وظل كذلك طوال مدة القداس الحبري الحافل الذي رأسه البابا كيرلس السادس واشترك معه البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد من مطارنة السريان والهنود والأرمن الأرثوذكس وحضر القداس الإلهي جلالة هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا وعدد كبير من رؤساء الأديان ومندوبي الكنائس والطوائف من مختلف بلاد العالم وعدد من أفراد الشعب يزيد علي ستة آلاف نسمة 

وبعد القداس نزل البابا في موكب رسمي يحمل صندوق الرفات إلى المزار الجميل المعد له تحت الهيكل الكبير ووضع الصندوق في جسم المذبح الرخامي القائم في وسط المزار وغطي بغطاء رخامي ومن فوقه مائدة المذبح وأنشدت فرق مختلفة ألحانا مناسبة تحية لمار مرقس بسبع لغات مختلفة أي بالقبطية والأثيوبية ، والسريانية ، والأرمنية واليونانية واللاتينية والعربية وكان يوما سعيدا من أسعد الأيام التي شهدتها مصر وكنيسة الإسكندرية والكرازة المرقسية


بركة مار مرقس الرسول تشمل الجميع ، آمين

القديس يوسف النجار


مار يوسف البتول خطيب مريم العذراء

وخــادم الميــلاد البتــولى
يوسف النجار يرجع في أجداده إلى داود الملك ، وإلى سبط يهوذا، فهذا الرجل الفقير كان من سلالة الملك العظيم المشهور ، وكان باراً،( وكلمة بار تعني المطيع لوصايا الله ، مستقيم ، إنسان خلاق ) فهو يخاف الله ويطيع وصاياه ، لا يعرف التواء القصد أو السبيل ، فهذا أصدق صورة ووصف لتصرف يوسف تجاه أعظم تجربة وقفت في طريقه فترة من الزمن ، وكشفت عن فكره وخلقه ومشاعره وأسلوبه في التصرف !!..
يوسف البار  والسر العظيم :
وجد يوسف نفسه ذات يوم أمام السر الذي انحنى الرسول بولس أمامه وهو يقول : " عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " ( 1 تي 3: 16) وهو السر المكتوم منذ الدهور في يسوع المسيح ، وهو كإنسان يهودي مؤمن لا يستطيع أن يقبل الخيالات الوثنية . .. نعم كان هناك الإيمان بالمسيا ، الذي يحلم به جميع اليهود ، وكانت تتمنى كل عذراء يهودية أن يأتي المسيح منها لتطوبها الأجيال كلها..... كان من السهل التصور أن المسيا سيجيء . ويكون أعظم الأنبياء ، ولكنه سيكون واحداً من بني الإنسان يأتي بالصورة التي يأتي بها غيره من الناس ، مهما سمت عظمته ومهما بدا متميزاً عن الآخرين !!... أما أن يأتي على وجه فريد بالصورة التي جاء بها يسوع المسيح ، فهو ما يتجاوز الفكر أو الخيال البشري .
كان من الصعب على مريم نفسها والملاك يخبرها بالقصة ، أن تعي فحواها العجيب ، غير أنه وهو يؤكد لها الحقيقة : أن " الذي حبل به فيها هو من الروح القدس " . من يستطع أن يفهم العذراء ، والسيف يدخل إلى قلبها لحظة بعد أخرى . إذ كيف يصدقها الناس ، وكيف يقتنعون بروايتها ، وهي سر عظيم لم يحدث في التاريخ البشري سوى هذه المرة الواحدة !!....
يوسف يسمع ويرى هذه الرواية .... ويدخل في أقسى صراع بشري بين العقل والقلب ... والعاصفة التي هبت عليه جعلته في دوامة تمزق نفسه تمزيقاً !!....إن الكلمة يشهرها في القول : " فيوسف رجلها إذ كان باراً ولم يشأ أن يشهرها "(مت 1: 17) . فالقصة أعلى من كل مفهوم يواجهه الذهن البشري ...إن قلبه يصدق كل حرف وكل كلمة من العذراء الطهور التي عاشتكالزهرة البيضاء النادرة الجمال أمام الناصرة والأجيال كلها، وهو يعلم أنها لا يمكن أن تكذب ، هي تقول الصدق ، وتعيشه مهما كلفها من أعباء وتبعات ،... لكن عقله يتمزق ،...فإذا كانت العذراء نفسها تقول :
" كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً "! .
فماذا يمكن أن يقول الرجل الذي لم ير الرؤيا ولم يسمع صوت الملاك !! ؟.... والصعوبة تبلغ أقصاها في أن الرجل رغم فقره العميق ، كان على استعداد أن يعيش "باراً" شريفاً أمام الله والناس إلى حد الموت ، وهو لا يقبل أي مهادنة أو تردد في طاعة صوت الله وشريعته ، مهما كان هذا على حساب عواطفه وقلبه
كانت المشكلة أمامه قاسية ، تبدو كالطريق المسدود ، والذي لا منفذ منه ، ومن المتصور أنه قضى أياماً وليالي لا يعرف كيف يجد السبيل إلى حل الموضوع ،ومن المعتقد أنه صلى صلواتحارة إلى الله ، ليرشده إلى الطريق الإلهي الصالح !!... لقد كان أمامه سبيلان للتخلص من العذراء ، السبيل الأول هو السبيل العلني والذي يتخلص فيه منها كلياً، مع ما فيه من تشهير رهيب بمركزها وسمعتها ، فيعطيها كتاب الطلاق ،... والسبيل الآخر هو السبيل السري ، إذ يخليها من الرابطة الزوجية سراً أمام اثنين من الشهود ، وهو لا يتهمها في هذه الحالة بنفس التهمة التي يمكن أن تكون في الإخلاء العلني ،.... بل هو إخلاء مبني على الكراهية ، وإن كانت الثمرة التي لا بد أن تأتي ، تحسب في هذه الحالة منه ، وتنسب إليه !!.... لكن الرجل البار الذي قام فكره المرتفع على السماحة والرقة والحنان ،.. الرجل الذي كان أول من ظهر على مسرح الإنجيل ليربط الرحمة بالعدل ، والشدة بالمحبة ، والذي علمنا أن الصرامة لا يمكن أن تكون في وضعها الديني الصحيح ، إلا متحلية باللطف ، وأن الإنسان الذي في الغضب لا يتعلم أن يذكر الرحمة ، يخشى أنه لم يتعرف التعرف الصحيح على الله الذي في الغضب يذكر الرحمة ، " فهوذا لطفالله وصرامته "!!..(رو11: 22) . وكان من أهم ما اكتشفه الرجل أن الحياة مفعمة بالأسرار التي تعلو على كل فهم ، وأن الحكم الظاهر ، قد يكون أبعد الأحكام عن الحقيقة .
لم تذهب صلوات الرجل عبثاً ، كما أن العذراء كانت ولا شك تصلي حتى يفتح الله عيني خطيبها ليعرف الحقيقة المذهلة التي تقبلتها هي في روح الطاعة والخضوع ، رغم ما تكلفها من ألم وعنت وقسوة ومشقة . جاء الملاك إلى الرجل ، وكشف له الحقيقة في حلم ،... ونحن لا نعلم هل هو الملاك جبرائيل الذي جاء إلى مريم ، أم ملاك آخر ،... على أي حال إنه ملاك الرب الذي يرسله الله إلينا في أعماق حيرتنا وضيقنا والطريق المسدود أمامنا ،
ليحول القلق إلى راحة ، والخوف إلى أمن والشك إلى يقين ، والحزن العميق إلى الفرح الطاغي !!....
يوسف والخدمة المقدسة :
عندما استيقظ يوسف من نومه كان مستعداً لخدمة الله ، فالله أعده للخدمة ، فهو الشخص الثاني التالي للعذراء في إيواء المسيح ورعايته وحمايته وهو يشق طريقه على الأرض إلى هضبة الجلجثة لخلاص العالم . كان يوسف يعلم أنه من نسل داود ، وأن الأيام قد دارت به وببيته العظيم حتى وصل على ما وصل إليه من ضيق وضنك وفاقة ،....لكنه أدرك أن مجده الدابر ، عاد ليتألق بمجد لم يعرفه داود وجميع من جاءوا من نسله من ملوك وأبطال ،... إذ هو مجد المسيا في هذا الصبي الذي كان عليه أن ينسبه إليه ، ويعطيه اسم يسوع : " وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم " ( مت 1: 21) ... كان هو حاضن " المسيا" ومربيه . وقد فاز بيته الفقير بهذا الشرف الرفيع الذي لم يمنح لأصحاب القصور في الأرض !!.... ارتبط اسم يسوع بالرجل البار في السجلات الرومانية ، وفي الحياة البيتية ، لقد وضعته العناية ليكون بمثابة ( الأب ) الأرضي ،... لمن ولد فريداً بين الناس ، ولا يعرف إلا أباه السماوي وهو القائل ليوسف وأمه وهو في الثانية عشر من عمره : " لماذا كنتما تطلبانني ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي " ( لو2 : 49 ). ..!!..
 نقف اجلالا واكراما لذلك الرجل المختفي الذي لم ينطق بكلمة واحدة لا بلسانه ولا في الكتب ، وحتى الأناجيل لم تذكره إلا ما جاء في انجيل متى عند سرده لقصة ميلاد يسوع حيث قال عنه :
" كان يوسف خطيبها بارا " ( متى 1 : 19 ) .
يوسف الذى دعاه الكتاب الـمقدس "بالبار" كما دعا من قبل نوح البار وأيوب الصديق..
يوسف الذى عهد الروح القدس لـه برعاية عروس الروح القدس مريم ، وعهد له الأب السماوي برعاية الإبن الوحيد يسوع..
يوسف الذى أُعطي الشرف فى تسمية إبن الله بيسوع..
يوسف الذى لازم العذراء وإبنها يسوع فى بيت الناصرة..
فــمــن هــو القديس يوسف ؟
ولماذا ظهر فى حياة العذراء مريم؟..وكيف ظهر؟
ولماذا إختاره الله لأن يكون أبـاً ليسوع وحارساً لـمريم وإبنها؟
ومـاذا يـمكن أن نتعلم من حياة هذا القديس البار؟
وكيف يـمكن إكرامـه؟
 + مــن هــو يــوســـف ؟؟
تجاهل الباحثون والمؤرخون عن ذكره ، وحتى الكهنة والوعّاظ " مع الأسف " في عصرنا الحاضر تناسوه في خطبهم ومقالاتهم .. الروحانيون وأصحاب التقوى والفضيلة والذين هاموا بحب المسيح وذاقوا طعم التجرد والتضحية ونكران الذات ، هولاء وحدهم رفعوه الى المقام السامي الذي لم ينله أحد سواه فاعتبروه : 
" أشرف قديس ... بتولا ... عفيفا ... زين الأبكار ... يوسف المختار ... كاملا بالفضائل ... مملوءا من الانعام ... شاهدا لسر الفداء ... أبا ومربيا للأيتام ... شفيع العوائل ... جليلا في الأنام ... فخر العباد ... شفيع العمال ... شفيع الميتة الصالحة ... وصديق الله " . 
ولقد جاء ذكر يوسف فى الأناجيل الأربعة فى الأحداث التالية:
+       "لـما خُطبت مريم امه ليوسف وُجدت من قبل أن يجتمعا حبلى من الروح القدس" (متى 18:1)
+       "وإذ كان يوسف رجلها باراً" (متى 19:1)
+       "وفيما هو متفكر فى ذلك إذا ملاك الرب ترآى له فى الحلم قائلا يايوسف بن داود.." (متى 20:1)
+      الذهاب الى بيت لحم للإكتتاب (لو 1:2-5)
+       حضور ولادة يسوع
+    مقابلة الرعاة - تقدمة يسوع فى الهيكل ومقابلة سمعان الشيخ وحِنة بنت فنوئيل
+      بعد زيارة المجوس وهروبه الى مصر وظهور الـملاك له فى حلم
+      ظهور الـملاك له فى حلم فى مصر وطُلب منه العودة الى أرض اسرائيل
+      ظهور الـملاك والوحي له بالذهاب الى نواحي الجليل وسكن فى مدينة الناصرة.
+       الذهاب كل سنة الى أورشليم فى عيد الفصح
+       لـما بلغ يسوع الثانية عشر وصعودهم الى أورشليم كعادتهم
+       فقد يسوع فى الهيكل وعندما وجدوه
+       عندما نزل معهما يسوع وأتى الناصرة وكان خاضعا لهما.
بعد هذا لم يُذكر أي حديث عن يوسف، فلم نقرأ انه قد حضر حفل العرس فى قانا الجليل الذى دُعيت اليه العذراء ودُعي اليه يسوع وتلاميذه. كما لم نقرأ أي شيئ عنه بعد ذلك فى خدمة الرب يسوع، وعندما صُلب يسوع ورأى أمه عُهد بها الى تلميذه يوحنا فأخذها الى بيته (يو25:19). وهذا يعني ان القديس يوسف كان قد توفى قبل ذلك بزمن طويل.
يوسف ، الصدّيق والبار ... لم يخطر على باله يوما أن مريم ستكون أم المخلص المنتظر ، وأن الملاك جبرائيل قد حمل اليها البشارة ، رغم كونه متعمقا بكل ما جاء في الكتب المقدسة عن المسيح المنتظر وعن كيفية مجيئه وما قيل عنه في سفر اشعيا النبي : هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ... ( اشعيا 7 : 14 ) . كان يوسف ينتظر الخلاص من الله شأنه شأن سائر شعب الله المنكوب ، لأنه بعد أن مدّ الفقر والاستياء أذياله على عموم الناس كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر رسولا من السماء ينعش ويعيد روح الله في قلوب البشر . وحدث ليوسف ما لم يحدث لغيره سواه ... عندما أراد أن يأتي بخطيبته الى بيته ، وجـــدها ( حبلى ) . تنتظر مولودا ... فأضطرب وخاف كما جاء في الانجيل ، وتساءل ما عسى أن يكون هذا ، فاحتار في أمرها .. وهكذا تعرّض يوسف لمحنة قاسية أوشكت أن يؤدي بعلاقته مع مريم الى حد القطيعة والانفصال : فهو يعتبرها شريكة عذراء طاهرة ، وإذا بها حبلى .. ذلك يفوق ادراك عقله ، لكن رغم ذلك لم يفقد صوابه ولا تفوّه بكلمة لا مع مريم ولا مع غيرها حول أي نوع من القلق والظنون لأنه كان مقتنعا ببراءة مريم خطيبته ، ولم يسيء الظن بها مطلقا ، ولكن عدم تمكنه من ايجاد تفسير لما يراه عليها من تغييرات ، دفعه الى أن يتخذ قرارا بتخليتها سرّا دون اثارة اية ضجّة تلحق بها الضرر ، لأنه مجرّد أن يخبر عن سرّها تنال مريم عقوبة الرجم حتى الموت بحسب الشريعة اليهودية ، لكنه لم يفعل ، قد يكون باعتقادي لهذا الأمر بالذات يدعوه الانجيل : البار ... الصدّيق . لم يتركه الله طويلا في حالة الشك والاضطراب ، فارسل له الملاك وأخبره حقيقة مريم وشجّعه وأفهمه بأن الرب اختاره هو أيضا لتحمّل أعظم مسؤولية ألقيت على عاتق بشر ، ليكون أبا ومربيا لإبنه الوحيد يسوع المسيح ، من دون تأثير على حريته أو الضغط على قراره .
عندما أدرك يوسف مقاصد الله وتدابيره من الملاك استجاب لها واندمج معها ، فآمن بالسر الكبير وقبل المهمة التي كلّفه بها الله أن يكون أمام المجتمع الأب الشرعي ليسوع الذي كان الجميع يكنّونه بابن النجار .( يوحنا 6 : 42 ) . هكذا آمن يوسف واحتفظ بمريم وأتى بها الى بيته فرحا مسرورا لهذا الشرف السامي الذي خصّه به الله ليكون مربيا ليسوع ابن الله .
عندما ولد يسوع تهلل قلبه من أصوات الملائكة وهم ينشدون المجد والسلام بمولده . مع مريم استقبل الرعاة والمجوس الذين اتوا من الشرق ليسجدوا له . مع مريم هرب بيسوع الى مصر لما أوحي اليه أن حياة الطفل مهددة . مع مريم ويسوع ذاق طعم التشرد والهرب والغربة والانتظار ، لكنه كان ينعم بفرح كبير كونه حارس مخلّص العالم . نذر يوسف حياته كلها مضحيا بكل ما لديه للعناية بيسوع وبأمه مريم . أحبّهما من كل قلبه لذلك استحق أن يموت ميتة صالحة بين يدي يسوع ومريم العذراء . 
+ مــاذا نـتـعـلـم مـن حـياة يوسف ؟

1. بــرارتــه (بـار- بـرارة- صِدّيق )
يذكر لنا الكتاب الـمقدس أن نوح هو أول من لُقب بأنه بار "كان نوح رجلا باراً كاملا فى أجياله وسار نوح مع الله" (تك 9:6) ، وجاء ذكر أيضا أن أيوب كان صديقاً"وكان هذا الرجل سليما مستقيما يتقي الله ويجانب الشر " (أيوب 1:1). وسفر الحِكمة فى الاصحاح العاشر منه حافل بالرجال الذين كانوا أبراراً وما فعلوه من أجل تحقيق خِطة الله الخلاصية من اجل البشر.
وكان للرجل البار مكانة فى قلب الله حتى انه قال لإبراهيم" إن وجدت فى سدوم خمسين باراً فى الـمدينة فإني أصفح عن الـمكان كله من أجلهم" (تك 26:18)،ويذكر الـمرنّم ذلك قائلاً:"لأنك تبارك الصديق يارب كأنه بترس تحيطه بالرضا"(مز 12:5)،"القليل الذى للصِدّيق خير من ثروة أشرار كثيرين"(مز 16:37)،و"ينصرهم الرب وينجّيهم"(مز29:36).
وسوف نجد فى القديس يوسف  أن برارته قد ظهرت فى إختيار الله له لأن يكون حارساً لسر التجسد وتحادث الـملاك معه أربع مرات، وصيانته لبتوليته قبل الزواج وأثناؤه (مت 18:1) فكان زواجاً بتوليا وهذا يُفهم من قول السيد الـمسيح عن البتوليـة:"لأن من الخصيان من ولدوا كذلك من بطون أمهاتهم ومنهم من خصاهم الناس ومنهم من خصوا أنفسهم من أجل ملكوت السموات فمن إستطاع ان يحتمل فليحتمل "(مت 13:9). وظهرت ايضا برارته عندما هـمّ أن يخلي سبيل مريم سراً عندما ظهرت عليها علامات الحبل وهو يعلم ان هذا الحملْ ليس منه ولم يستخدم حقه طبقا للشريعة من إشهار أمرها فكان قراره بأن تعود لـمنـزلها ولكن رحمة الرب كانت أسرع فإذ ملاك الرب قد ظهر له فى حلم قائلا له: "يايوسف بن داود لا تخف أن تأخذ إمرأتك لأن الذى سيولد منها إنما هو من الروح القدس".
وظهرت برارتـه ايضاً فى إيـمانه القوي بكل ما جاء فى النبؤات عن الـمسيّا الـمنتظر فلو كان هذا الحبل من الله فليترك خطيبتـه خشية ان يتداخل فى أمر السماء،او لإحساسه بعدم الإستحقاق لهذه النِعمة مثل مـا فعلت اليصابات عندما قالت للعذراء:"من أين لي هذا أن تأتـي أم ربّي إليّ"(لو43:1)،أو كما فعل بطرس عندما وجد سفينته قد امتلأت بالسمك فقال ليسوع:"أخرج عني يارب فإنيّ رجل خاطئ "(لوقا8:5). ولـم تكن برارتـه فقط فى "أن يخليها سِراً" بل فـى كل ما فعله بعد أن علِم بسر التجسد الإلهـي.
2. أمــــانــتــه
ثلاثة جواهر وأسرار عظيمة إئتمنـه عليها الرب :
مـريم أم الله، و يسوع إبن الله،وسر التجسد
3. إستسلام لإرادة الرب
لقد كانت صلاة القديس يوسف والتى أعلنها لأحدى القديسين "أيتها السماء هبيـني أن أتـمم إرادة ربـي" وكأنه متنبئا لقول يسوع:"لتكن مشيئتك".
فإستمع لأمر السماء بأن يأخذ امراته الى بيته(متى 20:1) واستسلم لكل اوامر الرب دون اي تساؤل او تذمر او هروب من الـمسؤولية،كما فعلت خطيبته العذراء مردداً نفس كلماتها"فليكن لي بحسب قولك"(لوقا38:1).
4. القنــاعــة
"التقوى الـمقترنة بالقناعة هى تجارة عظيمة لأنا لم ندخل العالم بشيئ ومن الواضح أنا لا نستطيع أن نخرج منه بشيئ فإذا كان لنا القوت والكسوة فإنا نقتنع بهما" (1تيموثاوس 6:6).
5. طاعتـه
تنفيذ إرادة الرب بلا تردد فلقد اُمر بأن يأخذ إمرأته مريم فنفّذ، وأُمر بأن يرحل الى مصر ويتغرب فنفذ الأمر،مع ان حدث الحبل المقدس شيئ عجيب وفريد وصعب التصديق. ولقد اطاع الشريعة عندما قدّم عن الطفل زوجي يمام (لوقا22:2)، وعندما كان يصعد كل عام الى اورشليم للعبادة فى الهيكل
(لوقا41:2). لقد كانت كل حياة القديس يوسف طاعة كاملة.
6. مــحـبـته
تُعرف المحبة من محبـة الله وبذل الذات من أجل الآخريـن "فكل من يحب فهو مولود من الله وعارف بـه ومن لا يحب فانه لا يعرف الله لأن الله محبة"
(1يو7:4-8)، والقديس يوسف أظهر محبتـه لله بطاعـة وصايـاه وتنفيذه
لـمشيئة الرب وخدمـة العذراء ابنهـا.
7. إيــمــانـــه
سمع القديس يوسف من الـملاك الذى ظهر له فـى الحُلم أن الطفل الآتي هو "الذى يخلص شعبه من خطاياهم" وبعد هذا هروب ولم تتغير الظروف فكيف يكون هذا الطفل هو مخلص العالم ويبقى الحال كما هو عليه؟.
إنتظار طويل كان مع إبراهيم دام 80 سنة بعد الوعد بإبن الـموعد أسحق   وإنتظار طويل من موسى دام 40 سنة فى البرية حتى الوصول لأرض الـموعد،ولكن يذكر لنا الكتاب ان يوسف:
- نفذ كلام الملاك على الفور دون تردد
- واظب على تنفيذ الوصايا والشرائع
- واظب على تربية يسوع كأي أب حتى أن الكتاب يذكر "وكان يسوع يتقدم فى الحكمة والسن والنعمة عند الله والناس" (لو 52:2)
- "إن الإيمان هو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا ترى" (عب 1:11)
- إيمان عامل بلا ضجيج فلم يُخبـر العالـم بأنه أب لـمخلّص إسرائيل بل صنع ما أراده الله فى أن يحرس يسوع وأمه.
عن الإيمان وأهميته نجد العديد من النصوص الكتابية والتى توضح انه بدون الإيـمان لن نستطيع أن نحيا أو نفهم عمق اسرار الله ومحبته (عب 11) ومن أمثلته إيـمان الـمرأة الكنعانية (مت22:15-28)،ويـائيـر رئيس المجمع (لو41:8-56) وغيرهم.
8. الأبوه الصـالـحـة
الأبوة هى عطية سـماوية "الذى منه تُسمّى كل أبـوة فـى السـماوات وعلى الأرض"(أفسس15:3)،وكان القديس يوسف مثالا للأعمال الصالحة لهذا دعاه الكتاب بـأنـه كان "بـاراً".ويوصي القديس بولس تلميذه تيطس قائلاً:"وأنت اجعل نفسك مثالاً للأعمال الصالحة وتعليمك منـزهاً عن الفساد وقوراً وكلامك صحيحاً لا يُلام عليـه"(تيط 7:2-8)، ويوصي الآبـاء بقولـه: "وأنتم ايها الأبـاء فلا تحنقوا بنيكم بل ربّوهم بأدب الرب وموعظته "(افسس 4:6).
فـى كتاب يشوع بن سيراخ نجد العديـد من الوصايـا للآبـاء
(سيراخ 1:30-13).والقديس يوسف كان أباً صالحاً قام بكل مسؤوليات الأب من رعاية وتوجيه وتعليم ومثل صالح ليسوع حتى ان الكتاب المقدس ذكر ان "يسوع يتقدم فى الحكمة والسن والنعمة عند الله والناس"(لو52:1).  
      بعض الألقاب التى عُرف بها القديس يوسف
+  شفيع العذارى لأنه كان بتولا ومتزوجا من عذراء و هـو شفيع الـمتزوجين لأنه كان زوجا لأقدس إمرأة. 
+ شفيع الأبـاء لأنه كان رأس العائلة الـمقدسة.
+ شفيع العاملين لأنه حصل على خبزه بعرق جبينه.
+ شفيع الشباب والنشئ لأنه إستطاع أن يربي يسوع فى طفوليته.
+ شفيع النفوس المتألمة والمتضايقة لأنه عانى مثلهم وهو على الأرض.
+ شفيع الـمتدينين لأنه كان يواظب على تنفيذ أوامر الشريعة.
+ شفيع الكهنـة لأنه أول من لـمس الجسد المقدس وحمله بيده.
+ شفيع كل من يحمل الـمسؤولية لأنه رعى بيته ومالـه بأمانـة.
+ شفيع الخـطأة لأنه يصلي من أجل ضعفاتهم.
+ شفيع من هم فى النـزاع الأخير لأنه يقوي إيمانهم.
+       +      +
"يـا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ إمرأتك"
                                           متى 20:1  
يذكر لنا الكتاب المقدس انه بعد ان مضى الملاك جبرائيل بعد سماعه قبول مريم بأمر التجسد الإلهي "ها أنا آمة للرب فليكن لي بحسب قولك. وانصرف الملاك من عندها"(لوقا38:1)،ان العذراء مريم "قامت وذهبت مسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا"(لوقا39:1-40) ولقد اعتقد البعض ان مريم قد قطعت هذا الطريق مع يوسف الى مدينة يهوذا والتى تبعد عن الناصرة مسافة سفر تصل الى حوالي اربعة ايام فى طرق جبلية صعبة. ولكن هذا الاعتقاد خاطئ لانه لم يكن القديس يوسف بكل تأكيد فى بيت زكريا وإلاّ لعلم بالحديث الذى دار بين العذراء والقديسة اليصابات وبالتالي لعرف بالسر الإلهي. ولكن الأكيد هو انه قد عرف بهذه الزيارة لأنـه كان خطيبها وانها ستتغيب لفترة من الزمن. ومكثت العذراء فى بيت زكريا نحو ثلاثـة أشهر ثم عادت الى بيتها"
(لوقا56:1) وهذا يعني انها قد حضرت ميلاد يوحنا المعمدان ثم رجعت الى بيتها فى الناصرة.
وفى الناصرة بدأت تظهر علامات الحبل الإلهي وبدأ معها حيرة العذراء. ان خطيئة الزنى فى الشريعة عقوبتها الرجم بالحجارة وعلى مشهد من الناس كقول الكتاب المقد س:"يخرجون الفتاة ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لانها عملت قباحة فى اسرائيل بزناها"(تثنية الإشتراع 20:22-21).
ماذا تفعل مريم إذن؟.. أتبوح بالسر الإلهي؟،انها لا تملك فهو سر عَلَوي ولم يُكشف إلاّ لأليصابات بعد ان "إمتلأت من الروح القدس" (لوقا41:1).
ولكنها ترى يوسف خطيبها فى حيرتـه، ويوسف الذى يقول عنه الكتاب المقدس "البار" ماذا يـمكن ان يقول؟!.أيشك فى هذه العذراء التى نشأت فى هيكل اورشليم وتغذت بالترانيم والشعائر وعاشت حياتها فى بتولية وطهارة؟! ومريم لـِما لا تنطق وتبوح بسر هذا الحبل؟!.
لقد أعلن أكثر العلماء اللاهوتيون ان يوسف لم يشك لحظة واحدة فى طهارة العذراء مريم فهو يؤمن تماما بفضيلتها ولم يفترض اي افتراض وامتنع ان يوجه اي سؤال لها،ويؤكد هذا الموقف صدق برارته فيقول الكتاب الـمقدس "فهّم أن يُخليها سِراً"(متى19:1). فالقديس يوسف كان من حقه ان يُشهر أمر مريم وان يشكوها الى شيوخ المدينة لتُرجم ولكنه تنازل عن حقه هذا حتى لا يقضي عليها ادبيا وجسدياً فكان قراره بعد فترة من التأمل هوترك الأمور الى الله "أن يخليها سراً". وكان قرار السيدة العذراء هو ايضا الصلاة وترك الأمور للعناية الالهية. ولم يخب امل مريم ولا يوسف ففى اللحظة التىأوشك فيها يوسف ان ينفذ قراره كقول الكتاب الـمقدس:"هـّم"،"وفيما هو متفكر فى ذلك" ظهر له ملاك الرب فى حلم قائلاً:"يايوسف ابن داود لا تخف ان تأخذ امرأتك مريم فإن المولود فيها انما هو من الروح القدس وستلد إبناً فتسميه يسوع لأنه هو الذى يخلص شعبه من خطاياهم"(متى 20:1-21).
ها هو ملاك الله يحمل البشرى ليوسف، يحمل الحل والخلاص
ان بشارة الملاك هذه تشابه فى عناصرها كل ما سبق وان ذُكر فى الكتاب المقدس عند ظهور ملاك الله ليحمل بشرى بميلاد شخص أوتكليف بمهمة إلهية. ومن تلك العناصر ان يُدعى بالإسم واللقب والدور المطلوب.
جاءت اولى الكلمات ليوسف : "يايوسف ابن داود" (متى 20:1) بنفس الاسلوب الذى جاء به ملاك الرب الى جدعون قائلاً:"الرب معك أيها الجبـّار"(قضاة12:6) ليشير الى الدور الذى سيقوم به جدعون فى خطة الله. ثم قال له ملاك الرب: "لاتخف" وهو نفس التعبير الذى جاء كثيرا فى العهد الجديد فمثلا عند البشارة بميلاد يوحنا المعمدان لزكريا الكاهن "فقال له الملاك لا تخف يا زكريا"(لوقا13:1)،وعند البشارة بميلاد يسوع للعذراء مريم"فقال لها الملاك لا تخافى يامريم"(لوقا30:1)،وعند دعوة السيد المسيح لسِمعان"لا تخف فإنك من الآن تكون صائداً للناس"(لوقا10:5)، وعند ظهور الـملاك للنسوة وبشارتهن بقيامة يسوع "قال للنسوة لا تخفن"
(متى5:28)،وظهور يسوع لهن وطلبه لهن بإخبار اخوته "قال لهن يسوع لا تخفن.اذهبن وقلن لإخوتى ليذهبوا الى الجليل"(متى10:28)،ثم عندما قال الرب لبولس الرسول فى الرؤيا ليلا"لا تخف بل تكلّم ولا تسكت" (اعمال9:18).    
فقول الـملاك ليوسف "لا تخف" لا يعني تخفيف الخوف والقلق والشك، كالخوف الذى كان لجدعون عندما قال: "آه ايها الرب الإله إني رأيت ملاك الرب وجها لوجه"،وهنا قال له الـملاك"سلام لك لا تخف فإنك لا تـموت"(قضاة22:6-23)، ولكن كان للتأكيد والشرح ليوسف ان هذا الإرتباط بمريم العذراء هو إختيار سماوي كما شرح الملاك روفائيل لطوبيا الإبن عن زواجه من سارة ابنة رعوئيل التى كان قد عقد لها على سبعة ازواج فماتوا(طوبيا15:6-17).
رسالة الـملاك ليوسف تعنـي:    
- امرأتك ..طاهرة مـختارة أم لـمولود عجيب
- امرأتك.. ستلد ابنا ليس لـمثله شبيه فهو من الروح القدس
- امرأتك يا يوسف هى ام المخلص،هذا الذى كنت تنتظره انت وجميع الشعب ليخلصكم من خطاياكم.
- امرأتك يا يوسف هى بريئة من كل دنس
فلا تخف يا يوسف .. لاتخف يا يوسف
لا تخف يا يوسف..وكيف يـمكن ان تشعر الآن بالخوف بعد ان عرفت ان مريم هى ام يسوع؟، بل افرح وابتهج ورنم فها ان مريم امراتك هى حبلى من الروح القدس.
لا تخف يا يوسف يا ابن دود.. ايها الصِدّيق ..يا من تحترم الشريعة والناموس لا عن خوف بل عن يقين ومحبة.
لا تخف ان تأخذ مريم، امرأتك، يعنى انك مسؤول عنها تماما،مسؤول عن رعايتها ورعاية وليدها.
لا تخف فانت نجار بسيط وفقير ولكن الرب معك فى بيتك فى حياتك،فلِم الخوف؟.
وعندما يعلن له الـملاك انه"ابن داود" اي انه من سلالة الـملوك،تلك السلالة الطاهرة التى جاء عنها فى النبؤات انه سيأتى منها شيلو المخلص كما جاء على لسان يعقوب قبل موته:"لايزول صولجان من يهوذا ومشترع من صلبه حتى يأتى شيلو وتطيعه الشعوب"(تكوين10:49)، وها هو قد اتى ملء الزمان.
يا يوسف..ان وليد العذراء سـمّيه يسوع.. هو يسوع لانه يخلص..لانه يطهر..لانه يقدس..لانه يرحم..لانه يحب..لانه تجسيد للكلمة الازلية.
يا يوسف خذ امراتك..خذها الى بيتك انها عطية السماء لك..انها بركة السماء لك ولاهل بيتك لانك كنت بارا.
يا يوسف انت الان الاب الاعتباري للمسيح وحامي الاسرة المقدسة.
يا لعمق كلمات السماء ليوسف، حقا كما قال الكتاب الرسول بولس:"يـا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه ما ابعد احكامه عن الادراك وطرقه عن الاستقصاء"(رومية33:11).
بعد هذا يذكر الكتاب المقدس: "فلما نهض يوسف من النوم صنع كما امره ملاك الرب فاخذ امراته"(متى24:1) منفذا احكام الله.
ان الله يكلمنا بطرق كثيرة،فقديما كلمنا بالاباء والانبياء"(عبرانيين1:1) ثم كلمنا اخيرا فى هذه الايام فى الابن وكلمته موجودة بيننا. وهو احيانا يكلمنا فى الرؤى والاحلام والالهامات فهل ننصت الى الروح الساكن فينا ونصنع كما صنع يوسف كما امره ملاك الرب؟
كلام الله فى الاحلام هى موهبة تمنح لاصحاب القلوب التقية والنقية ولقد صدق يوسف قول ملاك الرب فى الحلم ولم يشك فيه.
ان الـملاك لم يظهر للعذراء فى حلم وإنـما ظهر ليوسف وأبلغه بأوامر إلهية بالنسبة للصبي وأمه وهذا إبراز لقيمة يوسف ومكانته امام الله. ان دوره ليس دورا هامشياً أو ثانويـاً وإنـما شاءت إرادة الله ان يجعل يوسف خادما للتجسد الالهي وان يكون له دور ايجابي فعّال فلم يدعه الرب كمّاً مهملاً وإنـما تعامل معه مباشرة وامره بتنفيذ تدبيره مشركا اياه فى العمل والتنفيذ:" ان تأخذ امراتك"(متى20:1) – "ان تسميه يسوع"(متى 21:1)-"قم فخذ الصبي وامه واهرب الى مصر وكن هناك حتى اقول لك"(متى 13:2)-"قم فخذالصبي وامه واذهب الى ارض اسرائيل"(متى 20:2) وكلها اوامر الهية. لقد كان يوسف فى تصديقه لأوامر الله شبيها بابراهيم الذى كان الرب يقول عنه"هل اخفى عن ابراهيم ما انا فاعله وابراهيم يكون امة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع امم الارض لانى عرفته"(تكوين17:18-19)،لهذا لم يخف الله تدبيره عن يوسف فشرح له سبب كل امر من تلك الاوامر الالهية.
لقد اعطى الله ليوسف كرامة اخرى فلقد اعطاه ان يشترك مع مريم فى التسمية "فسمّيه يسوع" وبالفعل بعد ولادة الطفل وبلغ يومه الثامن "دعي اسمه يسوع كما سماه الملاك قبل الحبل به فى بطن امه"(لوقا31:2) وفى انجيل متى جاء"فسماه يسوع"(متى 25:1).
عندما تكلم الملاك مع يوسف ليوجه له امرا بالهروب الى مصر قال له:"قم وخذ الصبي وامه واهرب الى ارض مصر وكن هناك حتى اقول لك فقام وخذ الصبي وامه ليلا وانصرف الى مصر"(متى13:2)، وعندما وجه امرا له بالعودة قال له:"قم وخذ الصبي وامه واذهب الى ارض اسرائيل لانه مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي فقام واخذ الصبي وامه وجاء الى ارض اسرائيل"(متى20:2-21). هنا نجد ان حديث الملاك ليوسف قد تغيرت كلماته بعد ولادة العذراء للسيد المسيح عما كان قبلها. فعندما ازال شكه قال له "يايوسف ابن داود لاتخف ان تاخذ امراتك لان الذى حبل به فيها هو من الروح القدس فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما امره ملاك الرب واخذ امرته"(متى20:1و24). قبل ان تلد العذراء امسيح كان يمكن للملاك ان يدعوها امراة يوسف حيث لم تكن مريم بذى ولد اما بعد ان ولدت المسيح لم يقل له قم خذ امراتك والصبي او قم خذ الصبي وامراتك انما قال له "قم خذ الصبي وامه" وهنا اصبحت العذراء منتسبة للسيد المسيح،إلاّ ان الكتاب الـمقدس دعاه ابن يوسف دون مريم(متى 16:19، والجميع كانوا يقولون عنه: "اليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذى نحن عارفين بابيه وامه"(يوحنا42:6).                   
+      +        +   
يوسف رجـل الأحــلام
فى العهد الجديد يظهر فقط فى انجيل متى الأحلام كوسيلة لنقل رسالة او رؤية سماويـة،فهناك عدة حوادث لرسائل سماوية جاءت عن طريق الأحلام،خمس منهم تختص بحوادث طفولة يسوع. من تلك الخمس هناك أربع أحلام ليوسف وواحدة للمجوس. الأحلام التى جاءت ليوسف خطيب مريم العذراء هـى  كالتالـي:
1.   أخذ مريم كزوجة وتسمية الطفل "يسوع" (متى20:1و21)
2.   الذهاب الى مصر لإنقاذ الطفل وأمه (متى13:2)
3.   العودة من مصر الى اسرائيل (متى19:2-20)
4.   الذهاب الى ناحية الجليل (متى21:2).
ولقد كان لتنفيذ القديس يوسف لتلك الرسائل السماويـة تحقيقاً للنبؤات عن ألقاب ستطلق على السيد الـمسيح من ان اسمه سيكون "يسوع"
(متى25:1)، و"ابن الله"(متى15:2)،و"الناصري"(متى23:2).
بينما الأحلام كانت قليلة فى العهد الجديد لكنها كانت متعددة فى العهد القديم وكان يصحبها العديد من الحوادث. عندما كان هناك أشخاص من غير اليهود مثل رئيس السقاة او رئيس الخبازين أو فرعون أو نبوخذنصر يحلمون،كان هناك شخص عبراني مثل يوسف او دانيال يقوما بتفسير لتلك الأحلام (تكوين 5:40و41) و(دانيال1:2-49و1:4-25). بينما يعقوب عندما حلم لم يكن محتاج لمن يفسر له ما رآه فى الحُلم(تكوين12:28-17).
ان الله الذى "لايراه إنسان ويعيش"(خروج20:33) عادة يكشف عن طريق الاحلام والرؤى خططه لمختاريه ودورهم الذى سيقومون به لتنفيذ إرادة الله مثل ما فعل مع ابراهيم "وقع سبات على ابرم ..فقال لأبرام اعلم يقينا ان نسلك سيكون غرباء..."(تكوين12:15-16)، وأبيملك " فأتى الله ابيملك  فى حلم الليل وقال له انك هالك بسبب المرأة التى أخذتها"(تكوين3:20و6)،ولابان " فوافى الله لابان الارامي فى الحلم ليلا وقال له إياك ان تكلم يعقوب بخير او شر"(تكوين24:31)، ويعقوب (اسرائيل)"فرأى حلما كأن سلما منتصبة على الارض وراسها الى السماء وملائكة الله تصعد وتنزل عليها واذ الرب واقف على السلم"(تكوين12:28-15) و "فكلم الله اسرائيل ليلا فى الحلم ..."(تكوين2:46-4)، ويوسف "وراى يوسف حلما فاخبر اخوته به.."(تكوين5:37-11)،وصموئيل النبي (الملوك الاول1:3-14)،وناتان النبي(الملوك الثانى 4:7-17)،و سليمان الملك"وفى جبعون تجلى الرب لسليمان فى الحلم ليلا وقال اطلب ما اعطيك.."(الملوك الثالث5:3)، ودانيال "حينئذ كشف السر لدانيال فى رؤيا ليل"(دانيال18:2-23). 
 واحلام القديس يوسف والذى يذكر عنه الكتاب انه "بار" فان ملاك الرب هو الذى ظهر له وهو نفس ما جاء مراراً عن "ملاك الرب" الذى يُرسل برسائل هامة كالتى حملها الى هاجر (تكوين7:16-12)، والى ابرام (تكوين11:22)،والى موسى (خروج2:3)، والى شعب اسرائيل (قضاة1:2 -4)، والى زوجة منوح العاقر(قضاة3:13-5)،و الى ايليا النبي(الملوك الثالث7:19).
ان انواع الرسائل فى كل تلك الاحلام متشابهة مع تلك التى جاءت للقديس يوسف من حيث مضمونها او تفسيرها فهى تحمل تعميقا للإيمان.
لقد ذكر القديس متى فى انجيله كيف ان القديس يوسف قد استقبل تلك الاحلام او الرسائل السماوية والتى تدل على النعمة التى حازها هذا القديس من استقبال تعليمات الرب له كما استقبلها آباؤه أومن سبقوه من انبياء العهد القديم من قبل.
لقد استقبل القديس يوسف رسالة اولية عن من هو الطفل يسوع الذى هو من الروح القدس والذى جاء ليخلص شعبه من خطاياهم،ثم تبعها رسالات اخرى عن كيفية تعاونه فى عمل الخلاص بحراسته وحمايته للطفل وامه.
ان هذه الطريقة الفريدة عن الاتصالات السماوية هى تلك التى جاءت للقديس يوسف ولهذا فيمكن ان يُطلق عليه انه "رجل الأحلام"، نفس اللقب الذى أُطلق من قبل على يوسف الصِدّيق كما جاء فى سفر التكوين "هو ذا صاحب الاحلام"(تك19:37).
+      +      +
أين الإكرام اللائق بالقديس الصامت يوسف النجار

 إن المتأمل فى أسباب محبة القديسة الطاهرة العذراء لمصر وظهوراتها الكثيرة وأشهرها وأعظمها عندما ظهرت للبابا أبرآم إبن زرعة لتطمئنه عن سلامة الكنيسة وتقول له أن الذى سينقل جبل المقطم هو علمانى بسيط، مجرد إسكافى ليست له أى رتبة كنسية، ثم أرشدته إلى سمعان الخراز وتمت المعجزة وأنقذ الله كل الأقباط بشفاعة القديسة الطاهرة وبصلوات العلمانى البسيط الذى لم يخدم ولو لمرة واحدة فى الهيكل ..
ثم قلت هل هذه المحبة هى فى تدبير وفكر الله منذ الأزل لأنه باركها بالخيرات الكثيرة. ثم قلت ربما كان مجئ العائلة المقدسة لأرض مصر هو السبب لأن رب المجد عاش فى مصر سنوات وشرب من مائها وأكل من زرعها وجلس مع أطفالها يبشرهم بالخلاص... وفجأة إكتشفت أننى لم أسمع عن كنائس قبطية كثيرة على إسم القديس يوسف النجار رغم أن مصر تباركت لسنوات بزيارة هذا القديس البار الذى شهد له الروح القدس كما كتب القديس متى البشير فى بشارته "وإذ كان بارا....."
وهنا نتأمل فى حياة هذا القديس:
+ التقليد المقدس يشرح لنا كيف إختارته العناية الإلهية ليحرس القديسة الطاهرة البتول. لقد عقد قرانه عليها حسب النظام اليهودى (الذى يعادل خطوبة جبنيوت فى كنيستنا) ولكن لم تزف إليه كزوجة لأنهما كانا متفقان على حفظ نذرها للبتولية. وبحسب النظام اليهودى هى فى عرف الزوجة أمام الشعب، ولهذا نجد إختلافات فى بعض الترجمات الغربية لأن هذا النظام غير معروف لهم، وهكذا يدعوه البعض خطيبها والبعض زوجها.  
+ عندما ظهرت علامات الحبل المقدس وداهمه الشك فى القديسة الطاهرة لم يرفع صوته بكلمة وإنما فكر فقط فى تخليتها سرا.
+ وعندما أعلمه ملاك الرب بتفاصيل الحبل المقدس لم يتكلم أيضا بل خضع بكل تواضع.
+ عندما جاءت الأوامر بالإكتتاب لم يتوانى عن مشقة السفر مع القديسة لبيت لحم ولم يستنكف المبيت فى المزود ومع ذلك ظل صامتا.  
+ عندما تم الميلاد المقدس رأى بعينيه وسمع تسبيح الملائكة وفرحة الرعاة عند زيارتهم ومن المؤكد أنه تهلل معهم ومع ذلك ظل صامتا.
+ عندما دخل بالطفل يسوع مع أمه للهيكل ليصنعا تقدمة كأمر الناموس رأى بعينيه وسمع تهليل ونبوات سمعان الشيخ وحنة النبية ومع ذلك ظل صامتا.
+ وعندما وصل المجوس الى مكان المولود رآهم يسجدون ويقدمون هداياهم ومن المؤكد أنهم تكلموا عن النجم الذى أرشدهم إلى مكانه وتنبأوا عن يسوع ملك اليهود ومع ذلك ظل صامتا.
+ وعندما أمره ملاك الرب بالسفر لأرض مصر لم يناقش أو يقترح مكان قريب وإنما نفذ الأمر دون مناقشة وظل صامتا.
+ لقد تحمل فى صمت المشقات الرهيبة فى رحلته إلى أرض مصر، ولا أشك لحظة أن الفرح والسلام والتهليل كان يملأ قلبه لأنه كان يجول مع ملك السلام.
+ وعنما أمره ملاك الرب بالعودة نفذ الأمر دون أى تذمر وظل صامتا.
+ وعندما رجع مع القديسة العذراء إلى أورشليم للبحث عن الفتى الرب يسوع وهو فى عمر الثانية عشر ووجداه فى الهيكل يناقش الكهنة لم يتكلم وإنما ظل صامتا وترك كلام العتاب للأم الحنون.
وهكذا نرى أن هذا القديس العظيم رأى بعينية ولمس بيديه ما إشتهى الأنبياء أن يروه وأكثر، لأنه لم يكن معاينا فقط لكل هذه الأمور التى تفوق عقل البشر، بل كان أيضا مربيا لمن أوجده لهذا الغرض، وفى هذا العجب كل العجب، ومع ذلك فى إنسحاق وتواضع عجيب ظل صامتا ولم يفتخر أو يقول أنه نال بركات أكثر من الآخرين!!!؟؟؟ ولهذا تحنن الله عليه وأراحه من أتعابه وهو يعيش حياة الفرح والسلام من قبل أن تبدأ أوجاع الكرازة وجحد اليهود للمخلص وصراخهم لهيرودس "أصلبه أصلبه...".  
إذا هو المثل الأعلى للخادم المؤتمن الأمين العفيف المتواضع الصامت الذى ينبغى لكل من يتقدم لأى خدمة مقدسة فى الكنيسة أن يتتلمذ على يديه لينال إكليله كما نال هذا القديس العظيم إكليل خدمته المقدسة.
 كم من الكنائس قد أطلق عليها إسم هذا القديس الذى إئتمنه الرب على رعايته وأمه القديسة الطاهرة لسنوات؟
لماذا لا نطلق إسم القديس على أول كنيسة تنشأ من جديد فى كل بلد زارتها العائلة المقدسة تكريما لخدمته المقدسة العفيفة والصامتة؟ أو على الأقل وبسبب صعوبات إنشاء كنائس جديدة لماذا لا نضيف إسمه إلى إسم شفيع أى كنيسة قائمة.
ألا يستحق هذا القديس المختار والمذكى من الله مثل هذا التكريم؟
أخيرا أقول أننى أشعر أن القديسة الطاهرة ستبارك هذا الإقتراح وتسرع وتساعد فى إصدار تراخيص البناء وأكثر إن تشفعنا بها.    
هذا هو يوسف الذي ضرب أروع مثال في التضحية والعطاء ونكران الذات خدمة لخير البشرية الأكبر الذي سيحققه ابنه يسوع يوما ما ، ويكفيه شرفا وفخرا وهو الرجل المتواضع المختفي أن يكون قد أوصل بالتعاون مع مريم ابنه يسوع الى كمال الرجولة من خلال تربية متكاملة الجوانب 
هذه كانت رسالة يوسف وتضحيته العظمى .. فهل نجد اليوم أمثال يوسف ... ؟؟ حتى من بين المكرسين للرب ...!!! الذين عرفوا حقا معنى التضحية وذاقوا طعم التجرد وذهبوا الى أقصى حدود في نكران الذات لإجل خلاص النفوس
 +       +        +

تمجيد القديس يوسف النجار خطيب العذراء مريم


  الأمر يخص الفادي لذا أرسل ملاك نوراني             يطمئنه بالحبل الالهي فصاح ده مش استحقاقي


ها قد اقتنيت الحقل الذي يسبى العقل              به الجوهرة الثمينة يسوع غالي القيمة

السماء لن تنسى أتعابك و سهرك و ترحالك             و بذلك في خدمتك و شهامتك و كمالك

لم تكن أباً للمسيح بل أخذت اللقب صريح                لا على سبيل المديح بل تكريماً لشخصك الخديم

نلت كرامة الأبوة و عظمك الرب يقوه            
 و أرسل ملاكه يعلنك مصر تكون ملجأك


و اصبحت الشخص المسؤل لذا جاك الملاك مرسول   خذ الطفل و أم النور و الى مصر قم على طول

لم يعين في مصر مكان فطافوها معاك يا مقدام         و تبارك وادينا و جبل قسقام بالزيارة الفريدة المنال

مصر يا بختك يا هناك بالطفل يسوع لما جاك           راكباً سحابه خفيفة هى العذراء الأم العفيفة

يوسف ظل يعمل نجار يعول الصبية و أبنها البار               حتى جاء الوحي بالعودة و أتاه الملاك لثالث مرة

هكذا تم المكتوب من مصر دعوت أبني المحبوب             فالوقت في مصر قد طال و الخطر مضى و زال

أطاع يوسف في الحال و أسرج دابته و قال              يا لهذه الاتعاب اللطيفة أرافق الاله و أمه القديسة

ورجع مع العذراء و الغلام الى الناصرة بسلام               و الصبي ينمو في القامة ممتلئ نعمة و حكمة تامة

لذا نطوّبك بالألحان و نسأل توبة و غفران              من لدن الرب الديان الذي تجسد و صار انسان

و تطوّبك كل العذارى السالكات بالبر و الطهارة                يا من صرت منارة تضيئ لجميع السهاري



                تفسير أسمك في أفواه كل المؤمنين الكل يقولون يا أله القديس يوسف النجار
أعنا أجمعين

بــركة وصلوات وشفاعــــة أبونا القديس يوسف البـــــار تكون معنـــــا جميعـــــا

الشهيد مارمرقس البشير


الشهيد مارمرقس البشير

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين




الشهيد مارمرقس البشير - كاروز الديار المصرية

Saint Mark The Evangelist

 مرقس الرسول - مرقس الانجيلي - مرقس ناظر اﻹله

استشهد يوم 30 برمودة بالاسكندرية عام 68 ميلادية وفي 30 بابة تذكار بناء كنيسته، وظهور رأسه المقدسة باﻹسكندرية

ويردد أوليري ما يقوله بعض مؤرخي وأساتذة التاريخ المسيحي في الغرب بأن المصادر الأولى - مثل أوريجانوس وﺇكلمنضس اﻹسكندري - لم تشر ﺇلى مارمرقس كمؤسس لكنيسة اﻹسكندرية، وأن المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري قد سجل بصفة عامة في القرن الرابع عبارة تقول ﺇنهم يقولون ﺇن مارمرقس هو أول من حمل اﻹنجيل لمصر.. وهي حجتهم الوحيدة


Eusebius, Ecclesiastical (Eccles) History, II. 16
Church History (Book II)

Chapter 16. Mark first proclaimed Christianity to the Inhabitants of Egypt.

1. And they say that this Mark was the first that was sent to Egypt, and that he proclaimed the Gospel which he had written, and first established churches in Alexandria.

2. And the multitude of believers, both men and women, that were collected there at the very outset, and lived lives of the most philosophical and excessive asceticism, was so great, that Philo thought it worth while to describe their pursuits, their meetings, their entertainments, and their whole manner of life.


والواقع أن كرازة مارمرقس في مصر كانت أمراً واقعياً ومعروفاً لكل أقباط مصر، كما أن يوسابيوس نفسه قد ذكر بالترتيب خلفائه البطاركة الذين تلوه حتى أيامه (للمزيد في كتاب: تاريخ كنيسة بنتابولس) وأكد أنهم كانوا خلفاء اﻹنجيلي مارمرقس

ويذكر أوليري أن قوانين الرسل تؤكد أن أنيانوس
Anianos
كان أول أسقف للاسكندرية. وقد رسمه اﻹنجيلي مارمرقس، وأما الأسقف التالي فهو أبيليوس
Abilios
وقد رسمه القديس لوقا اﻹنجيلي في رأي البعض




The Apostolic Constitutions
Apostolic Constitutions (Book VIII)
Mark the Evangelist, 30 Barmoudeh (25 April) and 30 Babeh (27 October). Early authorities such as Origen and Clement of Alexandria, make no reference to St. Mark as the founder of the Church of Alexandria, but we find it in fourth century writers first in Eusebius, H.E., ii. 16 who gives it as a general belief 'they say that Mark was the first who brought the Gospel to Egypt.' Rather later Apostolical Constitution, viii. 46, state that Anianos the first bishop of Alexandria was ordained by the Evangelist St. Mark, the next bishop Abilios by St. Luke. The tradition is fully developed in the apocryphal Acts of the Apostles where we find an account of 'The Martyrdom of St. Mark', according to that Martyrdom St. Mark exercised his ministry in Rakoti (Alexandria) where his first convert was the shoe-maker Anianos.

The pagans of the city were greatly annoyed by the progress of the Gospel and planned to entrap St. Mark and encompass his death. Aware of this, he ordained Anianos to act as bishop in his place, and also ordained three priests, Milius, Cerdon, and Primus, all of whom succeeded to the see of Alexandria in due course.

(B.M. 131-2, in Crum, Catalogue of the Coptic MSS., Crum, Theol. Texts, 15. white, Monasteries, i. no. vi. G. Wien K. 9450, 9439 and Clar. P. 139-142. Paris 129/13 - these give only fragments of the Coptic text: the whole is extant in Arabic and Ethiopic translations.)


كما يشير ﺇلى سيرة مارمرقس واستشهاده باﻹسكندرية - راقودة أو راكودة - وهو اسم اﻹسكندرية قديماً
 وكان أول من آمن به هناك اﻹسكافي أنيانوس. وقد أشرنا ﺇلى مخطوط عن استشهاده يوم عيد القيامة المجيد وكان موافقاً 8 مايو في تلك السنة

وقد ناقشنا طريقة تعذيب القديس مارمرقس واستشهاده في اﻹسكندرية. وقلنا رأينا ان دور اليهود هو الأساسي، فقد أثاروا الوثنيين من المصريين والرومان ضد القديس، فجروه في شوارع اﻹسكندرية وحبسوه في مكان خرب، وأن الرب يسوع قد طمأنه بنيل ﺇكليله، وكتابة ﺇسمه في سفر الحياة

وفي اليوم التالي جره الأشرار في الشوارع، حتى أسلم روحه الطاهرة. ولما أضرموا ناراً لحرقه هطلت أمطار غزيرة، وحدثت رعود وبروق وزلازل، وهرب على أثرها الأشرار. فأخذ المؤمنون جسده الطاهر، وأخفوه في الكنيسة، بعدما جعلوه في تابوت

ويذكر السنكسار أنه رسم أنيانوس أسقفاً وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة، وأنه مضى ﻹفتقاد شعبه في بنتابوليس (ليبيا الشرقية). ولما عاد نال ﺇكليله في اﻹسكندرية سنة 68 ميلادية

وتذكر المخطوطات القبطية أن مارمرقس البشير هو أول باباوات اﻹسكندرية وأحد الرسل السبعين الذين اختارهم السيد المسيح، وأن أمه مريم هي التي في بيتها صنع الرب يسوع الفصح، وفيه حل الروح القدس على الرسل وأعضاء الكنيسة الأولى. وأنه خدم مع خاله القديس برنابا في قبرص، حيث استشهد، ثم توجه مارمرقس ﺇلى مصر وليبيا سنة 56 ميلادية وخدمهما 12 سنة، حتى نال ﺇكليله في اﻹسكندرية

ويذكر أوليري أن القديس مارمرقس البشير قد رسم الآباء ميليوس، وكاردونس، وبريموس كهنة
Milius, Cerdon, Primus
وهم الذين تولوا كرسي مارمرقس بالترتيب بعد أنيانوس




كتاب السنكسار

التقويم القبطي 30 برمودة للشهداء
8 مايو/أيار 2012

شهادة القديس العظيم مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
استشهاد مارمرقس الرسول اول باباوات الاسكندرية – 30 برمودة

في مثل هذا اليوم الموافق 26 أبريل سنة 68 ميلادية (للميلاد) استشهد الرسول العظيم القديس مرقس كاروز الديار المصرية، وأول باباوات الإسكندرية، وأحد السبعين رسولا. كان اسمه أولا يوحنا، كما يقول الكتاب: أن الرسل كانوا يصلون في بيت مريم أم يوحنا المدعو مرقس (ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ. أعمال الرسل 12: 12) وهو الذي أشار إليه السيد المسيح له المجد بقوله لتلاميذه: أذهبوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له. المعلم يقول ﺇن وقتي قريب وعندك أصنع الفصح مع تلاميذي (فَقَالَ: اذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ: إِنَّ وَقْتِي قَرِيبٌ. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي. متى 26: 18). ولقد كان بيته أول كنيسة مسيحية، حيث فيه أكلوا الفصح، وفيه اختبأوا بعد موت السيد المسيح، وفي عليته حل عليهم الروح القدس

ولد هذا القديس في ترنا بوليس (من الخمس مدن الغربية بشمال أفريقيا) من أب اسمه أرسطوبولس وأم أسمها مريم، إسرائيلي المذهب وذي يسار وجاه عريض. فعلماه وهذباه بالآداب اليونانية والعبرانية ولقب بمرقس بعد نزوح والديه إلى أورشليم، حيث كان بطرس قد تلمذ للسيد المسيح. ولأن بطرس كان متزوجا بابنة عم أرسطوبولس، فكان مرقس يتردد علي بيته كثيرا، ومنه درس التعاليم المسيحية

وحدث أن أرسطوبولس وولده مرقس كانا يسيران بالقرب من الأردن، وخرج عليهما أسد ولبؤة وهما يزمجران، فخاف أبوه وأيقن بالهلاك، ودفعته الشفقة علي ولده أن يأمره بالهروب للنجاة بنفسه. ولكن مرقس طمأنه قائلا: لا تخف يا أبي، فالمسيح الذي أنا مؤمن به ينجينا منهما. ولما اقتربا منهما صاح بهما القديس قائلا: السيد المسيح ابن الله الحي يأمركما أن تنشقا وينقطع جنسكما من هذا الجبل. فانشقا ووقعا علي الأرض مائتين. فتعجب والده وطلب من ابنه أن يعرفه عن المسيح، فأرشده إلى ذلك وآمن والده وعمده بالسيد المسيح له المجد

وبعد صعود السيد المسيح استصحبه بولس وبرنابا للبشارة بالإنجيل في إنطاكية وسلوكية وقبرص وسلاميس وبرجة بمفيلية، حيث تركهما وعاد إلى أورشليم. وبعد انتهاء المجمع الرسولي بأورشليم استصحبه برنابا معه إلى قبرص

وبعد نياحة برنابا، ذهب مرقس بأمر السيد المسيح إلى أفريقية وبرقة والخمس المدن الغربية. ونادي في تلك الجهات بالإنجيل، فآمن علي يده أكثر أهلها. ومن هناك ذهب إلى الإسكندرية في أول بشنس سنة 61 ميلادية (للميلاد). وعندما دخل المدينة انقطع حذاؤه، وكان عند الباب إسكافي، أسمه إنيانوس، فقدم له الحذاء وفيما هو قائم بتصليحه، جرح المخراز إصبعه، فصاح من الألم وقال باليونانية: اس ثيؤس (يا الله الواحد)، فقال له القديس مرقس: هل تعرفون الله؟. فقال: لا وإنما ندعو باسمه ولا نعرفه. فتفل علي التراب وأخذ منه ووضع علي الجرح فشفي للحال. ثم أخذ يشرح له من بدء ما خلق الله السماء والأرض، فمخالفة آدم ومجيء الطوفان، إلى إرسال موسى، وإخراج بني إسرائيل من مصر وإعطائهم الشريعة وسبي بابل. ثم سرد له نبوات الأنبياء الشاهدة بمجيء المسيح. فدعاه إلى بيته وأحضر له أولاده فوعظهم جميعا وعمدهم باسم الأب والابن والروح القدس

ولما كثر المؤمنون باسم المسيح، وسمع أهل المدينة بهذا الآمر، جدوا في طلبه لقتله، فرسم إنيانوس أسقفا وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة، ثم سافر إلى الخمس المدن الغربية وأقام هناك سنتين يبشر ويرسم أساقفة وقسوسا وشمامسة

وعاد إلى الإسكندرية، فوجد المؤمنين قد ازدادوا وبنوا لهم كنيسة في الموضع المعروف ببوكوليا (دار البقر) شرقي الإسكندرية علي شاطئ البحر. وحدث وهو يحتفل بعيد الفصح يوم تسعة وعشرين برمودة سنة 68 ميلادية (للميلاد)، وكان الوثنيون في اليوم نفسه يعيدون لألههم سرابيس، أنهم خرجوا من معبدهم إلى حيث القديس، قبضوا عليه وطوقوا عنقه بحبل وكانوا يسحبونه وهم يصيحون: جروا الثور في دار البقر. فتناثر لحمه وتلطخت أرض المدينة من دمه المقدس، وفي المساء أودعوه السجن، فظهر له ملاك الرب وقال له: افرح يا مرقس عبد الإله، هوذا اسمك قد كتب في سفر الحياة، وقد حسبت ضمن جماعة القديسين. وتواري عنه الملاك. ثم ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام. فابتهجت نفسه وتهللت

وفي اليوم التالي (30 برمودة) أخرجوه من السجن، وأعادوا سحبه في المدينة، حتى أسلم روحه الطاهرة، ولما أضرموا نارا عظيمة لحرقه، حدثت زلازل ورعود وبروق وهطلت أمطار غزيرة، فارتاع الوثنيون وولوا مذعورين. وأخذ المؤمنون جسده المقدس إلى الكنيسة التي شيدوها، وكفنوه وصلوا عليه، وجعلوه في تابوت ووضعوه في مكان خفي من هذه الكنيسة

صلاة هذا القديس العظيم والكاروز الكريم تكون معنا ولربنا المجد دائما. آمين

المراجع

كتاب السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين المستعمل في كنائس الكرازة المرقسية في أيام وآحاد السنة التوتية. الجزء الثاني. وضع الأنبا بطرس الجميل أسقف مليج والأنبا ميخائيل أسقف أتريب والأنبا يوحنا أسقف البرلس وغيرهم من الآباء القديسين. الناشر مكتبة المحبة القبطية الأرثوذكسية بالقاهرة. في عهد صاحب القداسة الأنبا شنودة الثالث بابا وبطريرك الاسكندرية والكرازة المرقسية. الطبعة الثالثة. 1694 للشهداء و 1978 ميلادية. صفحة 140 - 142


قديسو مصر، حسب التقويم القبطي، لعالم القبطيات الانجليزي اوليري
The Saints of Egypt, In The Coptic Calendar, By: De Lacy Evans O'Leary
دراسة تشمل 700 شخصية قبطية وغيرها، مستمدة من المخطوطات القبطية بالخارج، مع ﺇضافات وتعليقات علمية للمعرب. ترجمة وتعليق دياكون د. ميخائيل مكسي اسكندر. مكتبة المحبة، سلسلة دراسات روحية وتاريخية متعمقة. باشراف نيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر. طبع بشركة هارموني للطباعة. رقم الايداع بدار الكتب 15067 / 2000 . الترقيم الدولي 8 - 0535 - 12 - 977 . الجيزة في الصوم الكبير عام 2000. سير القديسين في التقويم القبطي رقم 352 الشهيد مارمرقس البشير كاروز الديار المصرية صفحة 283 - 285

الأنبا ابرام والقمص ميخائيل البحيري

الأنبا ابرام والقمص ميخائيل البحيري

يرى كثيرون أن هناك تشابهاً كبيراً بين الأنبا ابرام وتلميذه القمص ميخائيل البحيري المحرقي وكان لكليهما سيره ملائكيه وفضائل نسكيه وعجائب وأقوال وأعمال
وعندما طردوا الأنبا ابرام ومجموعة من زملاؤه وتلاميذه من دير السيدة العذراء المحرق رفض أن يخرج تلميذه القمص ميخائيل من الدير معهم وقال: لا تحرموا المجمع من وجود رجال الله، أتركوه فهو يعزينا عن عملنا وتعب أيدينا
كان القمص ميخائيل البحيري المحرقي رجل صلاة وكان يقول: يجب على المصلي أن يثق تماماً ويؤمن بحرارة قلبية بأن صلاته مسموعة
كان القمص ميخائيل البحيري المحرقي محباً لقراءة الكتب وعندما ضعف نظره كان يطلب من أحد الرهبان أن يقرأ له، ومن عباراته: القراءة كالصلاة ففي القراءة يخاطبنا الله وفي الصلاة نخاطب نحن الله
كان له صوت جميل يترنم في كل وقت، وكان صانع سلام في الدير بين الرهبان وبعضهم
من أقوال القمص ميخائيل البحيري المحرقي
محبة المال لص يسلب الانسان أعز ما لديه وهو محبة الله
ﺇثبت في الله يحبك الجميع
لا تبك موتى الأجساد بل ﺇبك موت الأرواح
حاذر من التهاون في أمر خلاصك لأنك لا تعرف متى ينتهي الأجل

من سيرة القديس القمص ميخائيل البحيرى المحرقى
في أول اجتماع للمجمع المقدس حضره نيافة الأنبا شنودة أسقف التعليم (مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث)، وكان ذلك سنة 1963م اقترح أن يُضم إلى عداد قديسي الكنيسة: الأنبا إبرآم أسقف الفيوم، والأنبا صرابامون أبو طرحة أسقف المنوفية. واقترح أحد الأعضاء أن يُضم أيضًا القمص ميخائيل البحيري (المعاصر للأنبا إبرآم)، ووافق المجمع المقدس بدون مناقشة، إذ كان هؤلاء الثلاثة جميعًا فوق مستوي النقاش... وأصبح الأمر رسميًا
هو تلميذ القديس الأنبا ابرآم أسقف الفيوم. ولد هذا القديس سنة 1563 ش - 1848م في بلدة اشنين النصارى إحدى قرى مركز مغاغة بمحافظة المنيا، من أبوين مسيحيين بارين فاضلين مملوءين من نعمة الله، محبين للخير، مشهودًا لهما من جميع الناس بالتقوى والفضيلة. ولما بلغ الثانية عشر من عمره تنيح أبوه، ثم بعد ذلك بأربع سنوات توفت أمه
يروي لنا القديس: بعد نياحة والدي أخذني أقاربي إلى أحد البيوت المجاورة خوفًا من أثر البكاء علي صحتي. وبينما أنا جالس في عزلتي علي سطح المنزل إذ بي أري والدي صاعدًا إلى السماء، محاطًا بالملائكة النورانيين، فعرفته وناديته: يا أبي، يا أبي. فقالت لي الملائكة: أطلب لكي تكون آخرتك كآخرته، ثم اختفوا عني
رهبنتهاعتاد أحد الآباء الرهبان يدعي القمص تاوضروس المحرقي أن ذهب إلى قرية اشنين النصارى. وكان يلتقي به الشاب الصغير ميخائيل يسمع منه الكثير عن سير القديسين وحياة الرهبنة كحياة سامية في الرب، فكان يمارس هذه التداريب تحت إرشاد أب اعترافه، فذاق الحياة الرهبانية في غرفته الخاصة. في العشرين من عمره ترهب بدير السيدة العذراء بالمحرق في وقت رئاسة القمص بولس الدلجاوي (القديس أنبا إبرآم)، وعاش على طريق معلمه الأنبا ابرآم، فكان متحليًا بالفضائل الكثيرة أبرزها التواضع والمحبة. وأخذ يدرب نفسه على تجليد الكتب، فجلد الكتب القديمة بمكتبة الدير لصيانتها، وأتى زوار الدير إليه بكتبهم أيضًا، وكان يقبل منهم أي أجر ويوزعه على الفقراء من الرهبان والأهالي. وقد دفعه تجليد الكتب إلى قراءتها، ولشغفه بها كان يشجع الرهبان على الاستزادة من القراءة. تتلمذ القديس علي يدي الشيخ المختبر القمص صليب العلواني، فنال معرفة جليلة وتمتع بتداريب روحية للنمو الروحي

سيامته قساًوفي طوبة سنة 1591 ش (1874م) طلب معلمه من رئيس الدير سيامته قسًا. وتم ذلك علي يدي الأنبا أثناسيوس أسقف صنبو وديروط (وقنام) وقسقام
فضائلهكان معلمًا فاضلاً ورجل معجزات فنال على يديه كثيرون نعمة الشفاء التي عجز عنها الطب. فكان الكثيرون يقصدونه من جميع البلاد لينالوا منه البركة. تميز بحبه للهدوء والخلوة بعيدًا عن الضوضاء، وكان لا ينام في الليل إلا اليسير ويقضي الليل مسبحًا مرنمًا ساهرًا. منحه الله سلطانًا على الوحوش وكذلك على الأرواح الشريرة وعلى السحرة والمشعوذين. وقد مرَّ بتجارب عديدة من عدو الخير، فكان يتلقى هذه التجارب بقوة وثبات ولا يكل من ضرباته، بل كلما تظهر له الشياطين يبادلها برسم الصليب والتواضع التام، وكان يصارعهم حتى فقد بصره، وكان يحاربهم بأصوامه الكثيرة والصلاة. ومن تواضعه أنه حتى بعد رسامته قمصًا كان يقوم بنظافة كنائس الدير دون تَكبُّر، كما كان يقوم بزراعة البستان داخل الدير من ناحية قصر رئاسة الدير، ومازال منها حتى الآن نخلتان في الناحية الغربية من القصر في الطريق المؤدي إلى الكنيسة الأثرية بدير المحرق تعرفان باسم نخلتيّ أبينا القديس ميخائيل البحيري. عزل القمص بولس الدلجاوي من رئاسة الدير في عام 1586 ش هبت عاصفة شديدة ضد رئيس الدير القمص بولس الدلجاوي (الأنبا ابرآم) فعُزل من رئاسة الدير وطُرد منه. ترك هذا الأب الدير ومعه أبناؤه، وطلبوا من القمص ميخائيل البحيري مرافقتهم. لكن القمص بولس الدلجاوي لم يوافقهم عل طلبهم وقال لهم: دعوه في الدير ولا تحرموا المجمع من وجود رجال الله، لئلا يكون محاطًا بالغضب الإلهي. دعوه فإن هذا يعزينا عن عملنا وتعب أيدينا، ويكون بركة في هذا المكانحزن القديس لمفارقته أبيه ورئيسه المحبوب. وقد لاقي القديس الكثير من المضايقات، إذ حاول الرهبان أن يرغموه علي ترك الدير. أما هو فاحتمل الكثير في هدوء وصبر طاعة للوصية الإلهية. كمثال إذ كان يقوم بصنع الخبز ذهب أحد المجهولين إلى قلايته وأخذ كل ملابسه ومتعلقاته منه. عاد إلى القلاية وثوبه مملوء بالعجين ومبلل بالماء فلم يجد ما يرتديه. اشتكي لرئيس الدير متوقعًا أن يقدم له ثوبًا يرتديه وإذ به يلومه مدعيًا أنه قد أهان الرهبان واتهمهم بالسرقة، مع أنه لم يتهم أحدًا. واضطر أبوه الروحي القمص صليب العلواني أن يقدم له ثوبًا خشنا كان يرتديه طوال الشتاء ولم يكن لديه ما يستبدله لتنظيفه. ولم يفقد هذا القديس سلامه ولا فرحه الداخلي وسط كل المتاعب، بل هذه كلها كانت تدفعه للجهاد الروحي ليسند الكثيرين

فقدان بصرهإذ فقد بصره وضعف سمعه جدًا وخارت قوته الجسمية كان لا يكل عن الذهاب إلى الكنيسة يوميًا. وإذ سأله أحد أبنائه الذي كان يستعين به للذهاب إلى الكنيسة: يا أبتاه اجلس في قلايتك ويكفي صلواتك بها فأنت لا تقدر أن تسمع ولا أن تري، فما الداعي لذهابك إلى الكنيسة؟ أجابه: يا ابني، عندما أذهب إلى الكنيسة أشتم رائحة البخور، هذا يعزيني كثيرا، فأري ما لم تره عين وأسمع ما لم تسمعه أذن. محبته للفقراء ونسكه لم يكن في قلايته شيء يُذكر فقد تدرب علي يديه معلمه الأنبا إبرآم أن يقدم كل ما في يديه لاخوة يسوع الأصاغر. دعوه في الدير (رجل الرحمة وأب المحتاجين). منذ دخل الدير لم يأكل لحمًا قط؛ وكان يصوم إلى المساء، ولا يعطي جسده راحة في نوم أو أكل أو شرب. لم يعرف الراحة إذ كان محبًا للعمل. ربط عمله ونسكه بحياة الصلاة، فكان يصلي كل يوم جميع المزاميرمؤانسته للوحوش :- إذ كان في الخامسة عشر من عمره ذهب مع بعض الشبان للعمل في إنشاء الطرق والجسور. عاد مع أحد رفقائه إلى بلدته ليلاً، وكان من المعروف وجود ضباع في هذا الطريق. فجأة ظهرت ضبعتان فخاف الزميل جدًا أما هو فقال له: لا تخف، فإنهما كلبان أليفان، إذ لم يكن قد رأي ضبعًا قبل ذلك. فوجئ الزميل بالضبعين يقتربان من القديس، وكان يداعبهما كما لو كانا كلبين إليفين. وإذ اقترب من القرية اشتمت الكلاب رائحة الضبعين فصارت تنبح مما أزعج القرية وظن أهل القرية أن لصوصًا قد اقتربوا من القرية، فخرجوا من منازلهم حاملين أسلحة، وفوجئوا بهذا المنظر ، ومجدوا الله العامل في قديسيه
ثعبان يسكن معه القلايةاعتاد القديس أن يقول: اذهب يا مبارك. كلما دخل أحد الرهبان إلى قلايته. ولم يعرف أحد سرّ هذه العبارة حتى أصر أحد أولاده الروحيين أن يعرف السًر، إذ قال له: بحق أبوتك تقول لي من هو هذا المبارك، هل يوجد من يخدمك أو يجلس معك أحد السواح؟ فبكي القديس وقال: ويحي أنا الشقي لأجل ذلك أريك إياه. عندئذ نادي قائلا: تعال يا مبارك؛ عليك ألا تخف يا ابني. وإذ بثعبان ضخم يبلغ طوله ما يقرب من مترين، خرج من وراء (النملية) أي (دولاب الطعام). وقال له القديس: هذا هو صديقي، يشاركني طعامي، واستلذ النوم فوق طيات جسمه إذ أضع رأسي عليه. وبعد ذلك قال: اذهب يا مبارك. واختفي الثعبان من حيث أتى

نياحة القديسأخيرًا بعد حياة حافلة بالجهاد تنيح يوم 23 فبراير سنة 1922م في الأسبوع الثاني من الصوم المقدس. تم نقل رفاته فى عهد الانبا ساويرس أسقف ورئيس الدير المحرق اطال الله حياة نيافته يوم 23 فبراير 1991 م ، الموافق 16 أمشير 1707 ش وبحضور 13 أسقف وذلك من مقبرة رؤساء الدير أسفل المعمودية بكنيسة مارجرجس بالدير المحرق إلى المقصورة الخاصة به فى صحن نفس الكنيسة
من أقوال القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي
أتريد راحة البال؟ حافظ على شروط المحبة، محبة الله ومحبة القريب
اثبت في الله يهبك الجميع
اعتياد الأعمال الصالحة يورث سجية البر والتقوى
صلاته فلتكن معنا... آمين

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010