الأبواب المغلقة
في تسالونيكي
كانت هناك مركبة خاصة بالدولة تُستخدم في ميدان تسالونيكي الرئيسي باليونان، وقد حاول سائق المركبة أن يرتكب جريمة مؤلمة للغاية.
سمع قائد الفرق العسكرية بذلك فأمر بإلقاء القبض على السائق وإيداعه في السجن. حلّ عيد كبير فتوسلت الجماهير لدى القائد أن يطلق السائق من أجل العيد، ليفرح الكل ببهجة الموكب. أجابهم القائد بعنف وسخرية؛ فهاجت الجماهير، وفقدت وعيها. حاول القائد ورجاله أن يستخدموا العنف، فصارت الجماهير تلقيهم بالحجارة حتى مات القائد...
سمع الإمبراطور بما حدث فاغتاظ جدًا وصمم على تأديب شعب تسالونيكي. تظاهر بأنه يقيم مباريات في الساحة، ودعا كل أهل المدينة. جاء شعب المدينة ومعهم تجار غرباء وسواح كانوا في زيارة المدينة.
هناك صدر الأمر للجند بقتل الحاضرين، فصار الجند يضربون بسيوفهم في وحشية وبعنف.
لم يسمعوا لتوسلات الغرباء ولا للمظلومين...
قُتل عدة آلاف كانوا أبرياء ، وانتقلت الأخبار إلى كل المملكة فملأ الفزع قلوب الكثيرين.
+++
الأبواب مغلقة
ارتدى الإمبراطور ثيابه الملوكية، وانطلق يوم الأحد إلى الكاتدرائية في ميلانو... وإذا به يجد الأبواب مغلقة أمامه.
اغتاظ الإمبراطور جدًا، ونزل بنفسه من المركبة، وقرع الباب فخرج إليه الشماس المكلف بحراسة الأبواب. طلب الإمبراطور منه أن يفتح الأبواب، فأجابه الشماس: "لا أستطيع، لأن أبي الأسقف أمبروسيوس طلب مني إغلاقها وعدم السماح لكم بالدخول والاشتراك في العبادة..."
شعر الإمبراطور بحرج شديد، وعاد بمركبته إلى القصر بنفس محطمة.
التقى به مشيروه، وصاروا يُصوِّرون له أن الأسقف شخص متسلط وعنيف.
كان الإمبراطور متضايقًا جدًا، لا يعرف كيف يتصرف مع الأسقف أمبروسيوس.
+++
أبوة صادقة
بعد ساعات دخل الأسقف أمبروسيوس القصر الإمبراطوري وطلب اللقاء مع الإمبراطور...
حاول الإمبراطور أن يخفي غضبه، لكن ملامح وجهه كانت تعبر عما في داخله.
بلطف تحدث معه الأسقف، وكشف له عن خطورة ما صنعه في تسالونيكي. أخبره الإمبراطور أن ما فعله هو العدالة بعينها، فإنهم قتلة. أوضح له الأسقف أنه كان يجب محاكمة القتلة، لا قتل الآلاف من الأبرياء... وإذ اقتنع الإمبراطور صار الأسقف يحدثه عن التوبة، فبكى بدموع وسجد حتى الأرض يطلب من الله المغفرة...
استغل الأسقف الموقف وطلب من الإمبراطور أن يصدر قوانين تحفظ العدالة منها:
1. تحرير الأبناء الذين باعهم والديهم عبيدا بسبب الفقر.
2. حماية الشعب من سطوة رجال الدولة الرسميين المدنيين والعسكريين.
3.عدم تنفيذ حكم الإعدام على أحدٍ إلا بعد ثلاثين يومًا من صدور الحكم، حتى تُعطى فرصة للقاضي أن يراجع نفسه.
تحول ضيق الإمبراطور من الأسقف إلى صداقة حميمة بقيت حتى اللحظات الأخيرة من حياة الإمبراطور.
+++
شفاعة عن الوثنيين
في كل عمل كان الإمبراطور يطلب صلوات الأسقف أمبروسيوس. وحين دخل في معركة في أكويلا بعث برسالة إلى الأسقف يطلب صلواته. فأرسل إليه الأسقف يقول له: "وضعت رسالتك مع الذبيحة (على المذبح) حتى يتكلم إيمانك أمام الله في الوقت الذي فيه أنطق أنا بالصلاة".
انتصر الإمبراطور وأسر بعضًا من أهل أكويلا وكانوا وثنيين. طلب الأسقف منه أن يعفو عنهم. فرح الوثنيون في ميلانو وفي المدن المحيطة، وشعروا أن الأسقف هو أبوهم الذي يترفق بهم، وأحبوه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.