القمص تادرس يعقوب ملطي
في البدء
منذ زمن بعيد جدًا كان الناس يتطلعون إلى الشمس والقمر والنجوم، متسائلين:
"من صنع هذه الكواكب؟
ومن نظَّمها هكذا في السماء؟"
كما تساءلوا:
"من خلق الإنسان؟
من الذي صنع عالمنا الجميل هذا؟"
تخبرنا القصة الأولى التي وردت في الكتاب المقدس عن الذي يحبك ويحبني. إنه هو الذي خلق العالم وكل ما فيه من أجلنا.
يمكنك أن تجد هذه القصة في كتابك المقدس، في سفر التكوين، الأصحاح الأول.
إنها أشبه بأنشودة رائعة في شكل قصة بسيطة، واقعية وسهلة الفهم.
القمص تادرس يعقوب ملطي
قبل أن توجد أنت أو أنا، وقبل أن توجد القارات والبحار، أو السماء والكواكب، أو المسكونة والفضاء نفسه، وقبل أن توجد الحيوانات أو الطيور أو الأسماك أو الأشجار، كان الله وحده كائنًا.
الله هو صاحب السلطان اللانهائي، كلي السعادة، وصلاحه بلا قياس.
في محبته قرر أن يقدم للغير شركة في حياته وسعادته، يقدمها لك ولي.
لقد كنا في فكر الله؛ وقد أراد أن يخلق هذا العالم الجميل لأجلنا.
خلق الله أولاً السموات والأرض، كمّ من السحاب والضباب سريع الحركة والدوران، لا شكل له وبلا صلابة.
كانت الأرض خاوية وبلا جمال؛ وكانت مظلمة جدًا جدًا. وكان روح الله يرف على وجه المياه.
قال الله: "سأصنع عالمًا!"
قال: "ليكن نور"، فكان نور؛ وفصل الله النور عن الظلمة. ودعا الله النور نهارًا، والظلمة ليلاً.
ورأى الله النور الذي صنعه، فقال: "إنه حسن!"
كانت المياه في كل موضع، لهذا فصل الله السماء أو الجلد عن الأرض، مقررًا أن يحفظ بعض المياه في السحاب والأخرى على الأرض.
بدت السماء بزرقتها مع السحب البيضاء بديعة للغاية، فقال الله: "إنه حسن".
حرك الله المياه إلى مواضع عميقة على الأرض، ودعاها بحارًا وبحيرات وأنهارًا.
وإذ أشرق النور على المياه صار المنظر بديعًا.
صارت الأمواج على الشواطيء بلون أبيض جميل، تتحرك متتابعة ودون توقف. وفي مواضع أخرى كانت الأمواج ترتطم بالصخور بقوة فتتناثر كرذاذ في الهواء.
قال الله: "إنه حسن ".
الآن لدينا البحر والأرض؛ وقد أحب الله هذا العالم الجديد.
يعرف الله أن النباتات تحتاج إلى ضوء ودفء، فخلق الشمس لتسطع في وقت النهار. قال الله: "بهذا تصير مزروعاتي نامية ودائمة الخضرة!"
كان الله يعلم إنه سيخلق بعض حيوانات تستيقظ ليلاً، وتحتاج إلى ضوء أيضًا، ولكن ليس بمثل قوة الشمس ودفئها. فخلق القمر والنجوم لتسطع في السماء.
فرح الله بهذا كله، وقال: "إنه حسن!".
صارت الأرض ممهدة للزرع. فجعل الله العشب ينمو على وجه الأرض، وقد أنتجت الأرض خضروات ونباتات تُعطى بذارًا كأنواعها.
ظهرت الأشجار بأزهارها البنفسجية والحمراء والصفراء والبيضاء.
نظر الله إلى الأرض الخضراء المزدهرة المزينة بالنباتات والزهور من كل شكل وبكل لون، وأحب صنعة يديه.
قال الله: "إنه حسن! إنها ستأتي قريبًا بأثمار شهية للأكل، ومكسرات للتسلية.
رأى الله أمواج البحر تتناثر على شكل قطرات كثيرة على الرمال، كما شاهد الشمس تسطع على وجه المياه، وقد امتلأ الجو بعبير النباتات والأزهار.
قال الله: "إنها أماكن جميلة تصلح للحياة. سأصنع حيتان ضخمة وأسماك صغيرة جدًا وكل الكائنات التي تعيش في البحار لتستمتع بالماء.
سأخلق أيضًا طيورًا ذات أجنحة ناعمة لتطير في الهواء". وقال الله: "إنه حسن!"
قال أيضًا: "الآن أخلق كائنات صغيرة كالنملة، وأيضًا بعض الحيوانات الضخمة كالفيل والديناصور.
خلق الله بعض الحيوانات تحجل وأخرى تقفز؛ بعضها تمشي وأخرى تزحف. خلق حيوانات ذات فراء ناعمة، وحيوانات لها صدفة صلبة. أوجد حيوانات بأشكال مختلفة وأحجام متنوعة.
للقرود أذيال قوية تساعدها على التسلق،
وللبومة عينان واسعتان تساعداها على الرؤية في الظلام.
كل الحيوانات سواء في البحر أو الجو أو على الأرض لا ينقصها شيء.
تطلع الله حوله إلى كل ما خلقه وسُرَّ به، وقال: "إنه حسن".
الآن صار العالم مهيئًا لعيش فيه الإنسان. أما أروع ما قاله الله وهو:
"هناك كائن آخر أريد أن أخلقه. الإنسان! إنه يستطيع أن يعيش في هذا العالم الجميل، يعمل فيه، ويستمتع به، ويرعاه.
لنقيمه هنا.
لنخلقه على صورتنا ومثالنا، وليكن له السلطان على كل الخليقة التي صنعتها".
هكذا خُلق الإنسان من التراب الذي أخذه من الأرض، نفخ فيه نسمة حياة ودعاه "آدم".
أعطى الله آدم جنة جميلة للغاية كمنزل خاص به. وأحب آدم الجنة. وبدأ يعطي للحيوانات أسماءً فدعا حيوانًا ضئيلاً ذات صدفة حوله "سلحفاة". ودعا حيوانًا ذا رقبة طويلة جدًا "زرافة".
جاءت كل الحيوانات أزواجًا أما آدم فكان وحيدًا، لا يوجد معه إنسان آخر.
قال الله: "ليس جيدًا أن يكون الرجل وحده، فأصنع له معينًا نظيره".
وأوقع الله على الرجل نعاسًا فنام، وأخذ واحدة من ضلوعه وملأ مكانها لحمًا، وصنع منها امرأة. ثم أحضرها إلى آدم ليعيشا معًا. لهذا يتزوج الرجل والمرأة ليُكوّنا عائلة.
صار الرجل والمرأة صديقين حميمين لله.
بارك الله الرجل والمرأة وأراهما كل ما صنع لأجلهما ليستمتعا به.
قال الله: "سينجبان أولادًا، حينئذ يتكاثر الناس ليهتموا بالأرض الجديدة".
قال آدم وحواء لله:
"نشكرك.
فإن هذه الأرض هي مكان جميل.
وكل ما خلقته هو بديع ونافع وصالح.
لقد أعددت لنا منزلاً متسعًا باتساع المسكونة.
هذا العالم جيد جدًا. الآن نستطيع أن نستريح ونستمتع به.
حقًا. إنك تحبنا يا الله، ونحن أيضًا نحبك.
نعبدك، ونسبحك ونشكرك".
واستراح الله بعد أن انتهى من كل عمله، وفرح بكل ما عمله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.