"اجلس في الوقت الحالي في سفينة في عرض البحر المتوسط و الأمواج تضرب السفينة من كل جانب و الريح مضادة .. تذكرت أن الهي هو صانع الأمواج وهو الذي يأمر البحر فيهيج و يأمره أيضاً فيهدأ و لكنه ضامن سلامة السفينة لأنه يهتم جدا.." السفينة هي فصله المدرسي و ركابها هم التلاميذ.. هو يطلق الأمواج ليدربهم و يأمرهم من جديد ليعلن نهاية الدرس.. و أهم نقطة في الاختيار في السفينة هو معرفة أن ربانها و قبطانها ليس هو من يقف خلف الدفة بل ذلك الشخص المحب الذي أرسل حضوره الكامل لكي يرافق السفينة إلى الأبد.. هو صانع الأمواج .. في متى14 نقرأ كيف انه أرسل التلاميذ ليقوموا بتأدية امتحان و هو "اختبار معرفته" و قد سبقوه حتى وصلوا إلى وسط البحر و بدأت الأمواج تضربهم بقوة.. ومع كل تمايل شديد كان التلاميذ يحاولون حفظ توازنهم داخل السفينة كانوا معا يواجهون نفس الموقف.. لا يستطيع احد منهم أن يخلق توازنا حقيقياً له أو لأخوة .. اهتزاز و عدم الثبات و سفينة من خشب تهتز بشدة في قلب البحر لان الريح كانت مضادة بكل قوة. الجميع كانوا في حالة اهتزاز عظيم .. كان الرب يريد أن يعلمهم مبدأ الثبات حتى و لو كانوا عالمين بأمور البحر و الموج .. كان يريد أن يخليهم من أفكار تعلموها عن الثبات و المحاولات الفردية لإيجاد الحل من تلك الأزمة .. أزمة النجاة .. لذا فقد أرسلهم في قلب البحر و أمر الموج أن يلقنهم الدرس .. سمح أن يكونوا معذبين من الأمواج و أن تكون الريح شديدة لكنه بقى في المشهد لم يتركهم لأنهم خاصته!! يقول لنا الكتاب انه ألزم تلاميذه و هنا يوضح لنا الروح القدس أهمية مثل تلك الاختبارات التي يسمح لنا الرب بأن نجتاز منها لكي نخرج منها بروية جديدة و بأمور روحية جديدة في الأغلب ما يكون الثبات و التأصل في الإيمان هو أهمها و أوضحها .. صعد الرب يسوع حينذاك على الجبل ليصلي منفردا و لاشك انه كان من اجل أحباء قلبه في السفينة أن يتعلموا الدرس .. هو لا يريد أن يسمح أن يدخلهم اختبارا آخر يسبب لهم الارتعاب . هو يريدهم تعلم الدرس لكي يستطيعوا أن يتعلموا مبادئ للحياة و يعرفوه معرفة حقيقية.. كان يهم الرب يسوع جدا أن يعرف التلاميذ أن حضور المعلم بالجسد بينهم لا يختلف عن حضور كاله حي حتى و إن لم يكن واضح لهم في مرمى البصر.. كان الله في العهد القديم يريد أن يعلم الشغب مبدأ عدم التلفت حيث كان يقول "لا تتلقف لأني إلهك".. كان و لازال التلفت و البحث عن العون البشري و الاهتزاز من الأمور التي تعلن عن عدم الثقة في حضور الله .. سفينة في وسط الأمواج : كانت السفينة معذبة حتى آخر ساعات الليل وقت الهزيع الرابع ،و هنا بدأت في مجال الرؤية صورة المرافق الحية تظهر عيانا في المشهد و إن كان آتيا من بعيد في مشهد يزيد الموقف على ما يبدو تشويشا .. جاء الرب يسوع آتيا على الماء .. كثيرا ما نجوز في أمور ربما تكون فوق مستوى إدراكنا البشري ..لماذا نجتاز فيها ولما سمح لنا الله أن نجتاز فيها ؟؟..لكن يأتي الرب يسوع ليعلن أنه يقف في قلب المشهد واضحا لمن يراه ويؤمن برؤية .. لما أبصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين انه خيال .. كثيرا ما يمد لنا الرب يسوع يده لكي ينتشلنا من قلب المشكلة و في الأغلب نراه لكن بلا فهم لأننا نسأل كيف ننتفع برؤيته داخل المشكلة لأننا نريد حلا فورياً!!.. اعتقد التلاميذ أن من يأتي على الماء هو خيال ، أو شبح إذا جاز التعبير .. عدم الرؤية الواضحة لمعطيات الله و محبة الله و معيته تجعلنا نفهم أمور خاطئة عن الله و محبته .. و بدأ التلاميذ يظهرون باطن مخزون الثقة الذي فيهم إذ ابتدءوا يصرخون من الخوف .. بدءوا في مرحلة اليأس و التي تبدأ غالباً بالصراخ لأنهم رأوا شيئا لم يفهموه! لم يكن هدف الرب يسوع من قدومه لهم أن يفهموه فقط بل أن يعرفوا انه هو أيضا صانع الأمواج. أحيانا ينتظر منا الرب أن نفهم أن نعرف معا انه هو .. هو سيأتي في قلب الموقف المؤسف الغامض غير الواضح حتى و لو تأني في مجيئه بعد ضياع كل فرصة في النجاة .. كان التحدي لهم كبيرا !! خاف التلاميذ .. أدرك الرب الموقف بمحبته فهو يعرف تلاميذه لذا أرسل صوته لكي يطمئنهم بنبرات صوته الدافئ و قد حمل لهم دفعه تشجيع تنبع من حضوره و قال لهم "تشجعوا لا تخافوا" و الجميل جدا انه قال لهم " أنا هو" وهنا أعلن لهم انه معهم و لا يوجد داعي للخوف .. "أنا هو لا تخافوا" .. يأتي الرب بصوته الهادئ الجميل ليهدئ من روع التلاميذ المعذبين .. يأتي ليرسل كلماته إلى أعماقهم فيهبهم القوة على الصمود .. يجب رؤية المعلم : نخفق و نعجز عن الوصول إلى نقطة ابعد في إيماننا المسيحي و في الطريق الذي وضعه لنا الرب لنسلك فنبدأ في أن تكون في وضع المعذبين فهناك اهتزاز وتخبط من كل جانب و لا يوجد أرضية ثابتة .. لكن يجب رؤية المعلم .. هو كائن في قلب الموقف .. يجب رؤيته و يجب البحث عنه و سماع صوته . و بدا ينتقل كل الموقف من حيز المشهد المحير إلى رؤية الحبيب و تشجيع حي يعبر إلى الأعماق الحائرة .. لقد استخدم الرب كلمات قليلة ليعلن عن نفسه قال "أنا هو .. لا تخافوا" و كم تذكرني تلك الكلمات بأب يقود ابنه في الظلام عند انقطاع التيار الكهربي فيقول له "تعال يا حبيبي أنا أبيك انتظرك لا تخف .. ياله من أب لنا !! ذلك الإله الرائع المحب .. خطوة تتطلب إيمان : يبدو أن الظلام و الأمواج القوية جعلت الأمر التصديق و الإيمان صعبا على التلاميذ! جاء بطرس الشخص الذي يأخذ مسئولية المغامرة عن باقي إخوته ليبدأ حديثه مع الرب و إن كان يعلم من هو صاحب الصوت .." يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ" .. (مت14:28) جاء صوت الرب يقول لبطرس "تعال" .. نرى قوة الكلمة تأخذ بطرس من قلب المشهد ليتحول من السفينة من الجزء الأمن مؤقتا إلى البحر غير الأمن على الإطلاق – لماذا! لان فم الرب قد أصدر له أمرا .. ياله من أمر الجميل أن نستطيع أن ندرك صوت الرب في قلب مثل ذلك الموقف.. نزل بطرس من السفينة متنبها لذلك الخالق الرائع الذي يحول المشهد كله إلى حياة ! مشى بطرس على الماء ليأتي إلى يسوع .. مفشلات الإيمان : لكن هل لا تتدخل الريح والمرعبات و المشككات هذا المشهد الحلو ..مشهد الإيمان الذي يخلق قوانين جديدة حتى وأن بدت على عكس قوانين الطبية المتعارف عليها ! جاءت الأمواج والريح الشديدة لتؤثر على إيمان بطرس الذي كان يحمله فبدأ بطرس هذه المرة في الاهتزاز لكن خارج السفينة !! الخطأ حدث عندما حول بطرس عينية عن الرب ونظر إلى المفشلات – مفشلات الإيمان .. بدأ بطرس في الغرق و بدأت الأرضية التي كان يقف عليها منذ لحظات الأمواج رخوه تحته لا تستطيع حمله و هنا عرف أن الذي كان يحمله لم يكن الموج بل الإيمان بالسيد و بكلمته و بقوة قدرته .. الإيمان يحملنا بشي غير عياني في قلب مشاهد الخوف و الارتباك و بدون أن نشعر !! بدأت لغة التواصل بين بطرس و الرب يصيبها التشويش حيث بدأ الإيمان يرتبط بالريح و ابتدأ بطرس يفرق .. هل يتركه السيد ؟ .. بطرس يغرق: كان يجب أن يصرخ بطرس و يطلب النجاة من الرب .. و هنا جاء الرب إليه لتلبية لطلبه " قائلا يا رب نجني " .. فمد يده له الرب و امسك به و قال له " يا قليل الإيمان لماذا شككت ؟! " .. ما أعجبه يضع يده على موضع الداء في إيمان بطرس و يعلن له أن الأمر حدث بسبب الإيمان القوي .. لكن الريح هجم على إيمانه و الأمواج ملأت أعماق الرؤية فيه و التي كان يجب أن تملئ بالإيمان .. ببساطة لماذا شككت ؟! لا يهم الله كثيرا إن كان إيماننا ذا حجم محدد مثل حبة الخردل أو مثل جبل و لكن ما يهمه أن يكون هو مصدر ذلك الإيمان و أن ينتهي خط سير الإيمان عنده وان يبدأ أيضا من عنده من الأساس .. الإيمان هو اللغة التي يجب أن يتعامل الله مع أحباؤه . هو يعرف طبيعتهم لذا هو يريد أن يعلمهم .. لغة عدم الاهتزاز .. عدم الشك ، لغة الاطمئنان الكامل ، لغة عدم رؤية المرعبات العينية و الاتكال الحقيقي على الحضور الكامل إلى الأبد الواقف في قلب المشهد .. أخي الحبيب .. تذكر أن الله يحبك لأنك ابنه فهو لن يتركك و سوف يزيل عنك منطقية المرعبات و مقدار مصداقيتها فقط أن آمنت انه هو في المشهد.. هو حي فيه كائن في مكانه حيث أنت .. لكن النقطة الهامة جدا هي أن تراه !! يجب أن تراه ليتحول المشهد من مشهد خاص بك أنت بمفردك إلى مشهد يختص أيضا بحضور و معية السيد .. صلاة سيدي الرب أحبك لأنك عن عمل يديك لا تتخل و أنا صنعه يداك .أشكرك لانك قلت أننا عملك ..سيدي سامحني لاني أحيانا تختفي صورتك أمام عينى فابحث هنا و هناك عن معين لي و أنت واقف تنظر إلى في انتظار و طول أناه.. أبتى أغفر لي عدم تصديقي أنك أنت في قلب المشكلة.. أنت تحامى عنى .. ليس لي سند غيرك... سيدي الرب الأمواج تريد أن تتقاذف و تلتهمني ..ليس لي ملجأ سواك .. هدأ أعماق نفسي .. أدخلني في أمواج الإيمان .. أرسلها لتخترق مجال المشكلة..أبعد عنى مرعبات البحر العظيم ..أوقفني علي رجلي .. تعودت في المسير معك أن أجد صخرة تحت رجليّ.. أقمني يا سيدي علي صخرتك فلا أخور..عزي نفسي .. أظهر ذاتك أمامي فلا أتزعزع ..ألهب قلبي بحضورك فلا ينصرف عقلي عن انك هنا موجود في قلب الموقف للنجاة و الإنقاذ.. غطي بدمك كل مناطق الضعف و التلفت في قلبي فلا أخور .. أجعلني أستمتع برؤيتك فتهدأ أعماقي .. هبني أن أومن أن الغرق لن يصيبني حتى و لو صرت وحيداً في قلب البحر الكبير بأمواجه المرعبة بلا نجاه ..حينئذ يغلب أيماني عينيك فتمد يدك و تنتشلني فاتعلم الدرس و لا أعود أخاف الموج و لا أهواله.. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.