هدية أم إهانة


  هدية أم إهانة   

دخلت سميرة بيت صديقتها لوسي وهى تقول لها:
- هل تاسوني مرثا، خادمة اجتماع الشابات عندك؟
- لا، لماذا تسألين؟
- عربتها المرسيدس تقف عند الباب.
- ربما تشتري شيئًا؟
- هل تشتري هذه المليونيرة من محلات فقيرة مثلنا؟
بينما كانت الشابتان تتحدثان إذا بقرعٍ على الباب. وإذ فتحت لوسي الباب وجدت سائق (شوفير) مرثا يقف على الباب ويقدم لها علبة جميلة، وهو يقول لها:
"السيدة مرثا أرسلت لكِ هذه العلبة وهي تسأل عنك". شكرته لوسي وطلبت منه أن يدخل، فاستأذن قائلاً بأن السيدة مرثا تنتظره، لأنه سيقوم بتوصيلها إلى مكانٍ معينٍ.
طلبت لوسي منه أن يشكر السيدة مرثا، وقالت له: "قل لها إنني سأذهب اجتماع الشابات غدًا وأشكرها بنفسي".
نادت لوسي والدتها واخوتها وهي متهللة جدًا.
قالت: "انظروا، مرثا تهتم بي، أرسلت لي هدية!"
سألت الأم: "وما هي مناسبة الهدية؟"
أجابت: "اهتمامها الشديد بي، إنها مملوءة حبًا".
سرعان ما فتحت العلبة، وقد ظهرت عليها علامات التعجب. لقد وجدت زهورًا ذابلة تمامًا، كادت أن تتساقط، وقد جفت الأوراق...
"ما هذا؟"، قالت سميرة وهي في غضبٍ شديدٍ.
قالت الأم: "لا تتضايقي يا لوسي. لعلها أخطأت في وضع الهدية، فوضعت هذه الزهور الذابلة عوض الهدية".
وعلقت سميرة: "أنا أعرف مرثا سيدة محبة وسخية، رقيقة المشاعر جدًا. لعلها أعطت هذه الهدية للسائق منذ أسبوع، وهو أهمل وتكاسل فقدمها اليوم!"
قالت الأم: "على كلٍ غدًا اجتماع الشابات، اذهبي واشكريها، واسأليها متى أرسلت هذه الهدية".
في اليوم التالي ذهبت لوسي الاجتماع وإذ التقت بمرثا دار بينهما الحديث التالي.
- أشكرك على اهتمامك بي وإرسالك الهدية.
- عفوًا، فإنها هدية بسيطة جدًا.
- لقد وصلتني هديتك. هل أرسلتيها بالأمس؟
- لماذا تسألين؟... لقد أرسلتها بالأمس... أراكِ مندهشة!
- نعم، فقد وصلتني زهورًا ذابلة تمامًا!
- أنا أعلم أنها ذابلة. فقد أُعجبت بها حين كنت أتمشي في الحديقة منذ حوالي أسبوع، فقطفتها لنفسي، ووضعتها على مائدة الأكل. كانت زهور جميلة ورائحتها زكيه. وإذ ذبلت فكرت أن ألقيها في سلة المهملات، لكنني فكرت فيكِ، وقلت في داخلي: "أرسلها إلى لوسي صديقتي المحبوبة بدلاً من إلقائها في سلة المهملات؟
- هل تحسبينني صديقة محبوبة حين تهديني زهورًا ذابلة لا يليق إلا بإلقائها في سلة المهملات؟ أم تظنين إنني فقيرة للغاية فتهينيني بإرسال هذه الزهور؟
- لا تغضبي يا صديقتي فإني أحبك وأفكر فيك.
- هل هذا حب أم إهانة؟
- أتظنين في هذا إهانة؟
- نعم... إنني لن أحضر بعد هذا الاجتماع، ولن التقي بعد معكِ. ابتسمت مرثا وربتت بيدها على كتفيْ لوسي، وقالت لها:
- لا تتضايقي يا لوسي...
- كيف لا أتضايق؟ هل تحسبينني بلا مشاعر؟ أو بلا كرامة؟
- إني أحبك، وأعلم أنكِ مرهفة المشاعر جدًا ورقيقة للغاية... لكنني أردت أن أكشف لكِ عن أمرٍ خطيرٍ يمس حياتك.
- ماذا تقصدين؟
- إن كنتِ قد حسبتي هدِيتي هذه إهانة، فأنتِ إذن تهينين اللَّه كل يوم.
- كيف؟
- تقضين أفضل أوقاتك في الدراسة ومع الأصدقاء وفي راحة الجسد ومشاهدة المسلسلات التليفزيونية والإنترنت، وأخيرًا قبل أن تنامي وأنتِ مرهقة جدًا تقدمين من فضلات وقتك دقائق للصلاة وقراءة الكتاب المقدس. إنك تهينين اللَّه، كأنه لا يستحق إلاّ الفضلات من وقتك واهتماماتك. هذه هي هديتك للَّه الذي يحبك ويعتز بك كابنة له، ويطلب نفسك كعروسٍ سماوية.
- ماذا أفعل الآن؟
- اذكري أن الآب قدَّم لكِ ابنه البكر فدية عنكِ، فهل تبخلين عليه ببكور وقتك واهتماماتك. والكلمة الإلهي نفسه "أخلى نفسه آخذًا صورة عبدٍ، صائرًا في شبه الناس، وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه، وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في7:2).

 

V   قدَّمت لي يا سيدي ذاتك هدية،
     فماذا أُقدم لك؟
     تسألني أن أقتنيك لكي تقتنيني.
     لكنني في غباوتي أُقدم لك فضلات حياتي،
     أبخل عليك ببكور وقتي، وإضرام مواهبي لحسابك.
    

V  
قدَّمت لي سمواتك مسكنًا لي،
     وجعلت خليقتك السماوية أصدقاء لي وأحباء.
     فأهلني لتسكن أنت فيّ،
     وتقيم ملكوتك السماوي في داخلي.

    
V
   أحببتني أولاً،
     هب لي أن أحبك فوق الكل!
     هب لي أن أُسلمك قلبي وفكري وأحاسيسي!
  
  ترنيمه يسوع بيدور علي   

شفاعة القديسين


شفاعة القديسين
هي حقيقة واقعة يعيشهاأبناء الكنيسة الأُرثوذُكسيّة كإيمان حيّ يلمسون آثاره العملية في حياتهم يوميًا.. فالقديسون المنتقلون إلى السماء ليسوا هم الجزء الميت من الكنيسة، وإنّما هم قلب الكنيسة النابض،والأعضاء الحيّة الفَعّالة داخل جسد المسيح السِرِّي
..
+ القديسون حاضرون في الكنيسة على الدوام.. تَرفع لهم الكنيسة الأيقونات الجميلة وتقيم لهم التذكارات والأعياد والتماجيد، وتتشفّع بهم،وتكرم رفاتهم، وتقتدي بآثارهم، وتستنير بمنهجهم الروحي.. عملاً بقول الإنجيل: "انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثّلوا بإيمانهم" (عب7:13).
+
والقديسون إنجيليون في منهجهم، فهم أحبّوا الكتاب المقدّس وحفظوه، ولهجوا فيه ليلاً ونهارًا،وشرحوه بحياتهم وسلوكهم قبل كلماتهم، أي أن الذي يريد أن يفهم كيف يعيش الوصية الإلهيّة يستطيعأن ينظر للقديسين فيجدها مُنَفَّذة عمليًا في حياتهم.. فهم بذلك يسندون إيمان الكنيسة بعيدًا عن فلسفةالكلام والحفظ الحرفي فقط للوصيّة..
+
والقديس صار قدّيسًا، ليس لأنه عمل بعض المعجزات، ولكن لأن وصية الإنجيل كانت مُطَبَّقة في حياته. فالذي يعيش الوصية هذا هو القديس.. والذي يغرس نفسه على مجاري مياه النعمة الإلهيةويتقّدس بالصلاة والكلمة والأسرار سوف يتفاعل الروح القدس داخله، فتتقدّس حواسه ومشاعرهوأفكاره وطاقاته بل وحياته كلها.. ويصير قدّيسًا..!
+
والقديسون عندما يسيرون مع الله وتنكشف لهم أسرار حُبّه وجماله الفائق، يشتاقون أن يتمتّع كل العالم معهم بعِشرة الله التي تفوق الوصف، ويشتهون خلاص كل نفس من سلطان العدوودخولها في الملكوت الإلهي المفرّح للقلب.. من أجل هذا فهم يصلُّون دائمًا من أجل خلاص العالم.. ويتشفعون من أجل الخطاة لتدركهم المراحم الإلهية.. ويبذلون كل جهدهم في حَثّ الغافلينوالمتمردين على التوبة من أجل حياتهم الأبدية.. وفي هذا نجد أن القديسين الذين تحرّروا منرباطات الجسد يكونون أكثر نشاطًا وقوّة في خدمة النفوس الشاردة، من الخدّام الذين لا يزالونفي قيود الجسد، بطاقاتهم المحدودة..
+
وأخيرًا، القدِّيسون هم عائلتنا الروحية التي نحيا وسطها.. هم سحابة الشهود التي تظلِّلنا(عب12:1)، وهم الأنوار التي تحيط بنا وتشجِّعنا على الجهاد والثبات في الطريقّ الضيّق.. همأعضاء معنا في جسد المسيح السرّي، يسندون ضعفنا، ويرشدوننا بخبراتهم.. يصلُّون لأجلنا،ويفرحون بتوبتنا ونموّنا الروحي..
إنّنا سعداء بانتمائنا لهذه العائلة العظيمة، المترابطة في جسد واحد رأسه المسيح، ونحن جميعًالنا شرف العضويّة المقدّسة فيه

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010