كل سنة و انتم طيبين بمناسبة عيد الصليب ..صلاه و تأملات


صلاة
إن يداي هما التي تستحقان المسامير لأنها مّدت للخطيه ... لكنك سمّرت بدلا عني...
فيا إلهي .... سمّر حبي فيك ...سمّر إيماني فيك ... سمّر نظري فيك .... سمّر آمالي فيك
سمّرني كي لا أرتفع من فرط الكبرياء، سمّر وداعتك واتضاعك في قلبي ... إن صليبك الغالي هو أجمل هديه منك لي أقبله وأحمله بفرح وإن لم ترسل لي يا حبيبي
صليبا سأبحث لي عن صليب داخلي ، ربما تدريب على احتمال. ربما صوم، ربما سهر
ودراسه، ربما خدمه.. ولكن كل هذا بسرور . يارب ... أعطيني أن أحبك فلا أحب أكثر منك.. وأن أحب صليبك وأكرس حياتي كلها لأجلك
إلهي ... أغرسني فيك غصنا حيا أيها الكرمة الحقيقبة لاثبت فيك الي الابد

أقوال عن الصليب  +الصليب هو حياتى فلا حياة إلا من خلال الصليب .
+سيظل يسوع فاتحاً ذراعيه باستمرار لأنه يريد نفسى التى مات عنها لكى يحتضنها .
+ ليس الصليب مكاناً للعدل الإلهى فقط ولكن مكاناً للحب حتى الموت .
+ليس الصليب مكاناً ساكناً علق عليه يسوع فى أحد الأيام . بل هو قاعدة حركة قلب الرب نحو البشرية كلها.
+كان الصليب فى مظهره الخارجى تعبيراً عن ظلم العالم ، أما من الداخل فالصليب كله سرور وحب وتسليم للآب لأجل خلاص العالم .
+ الصليب هوالمنارة التى أوقد عليها المسيح نورالعالم ،الذى من قبله صرنا نوراً للعالم .
+ إن الذى يسير مع يسوع حتى الصليب يستحق أن يأخذ العذراء أماً له .
+ الهرب من الصليب يعادل الهروب من المجد الإلهى .
+ الصليب مدرسة .. فالهروب منها ضياع للمستقبل .
+الصليب هو الطريق الوحيد إلى القيامة .. فالهروب منها هو الدخول للموت الأبدى .
+من فقد صليبه فقد مسيحيته .
+من فقد صليبه افتقد طريقه لله .
+من فقد صليبه صارت حياته باردة فاترة لا تعامل بينه وبين الله .
+الصليب فى طبيعته أقوى درجات الحب وأعمقها .
+بقدر ما يزداد تأملنا فى الصليب بقدر ما تتعمق شركتنا ومعرفتنا للرب يسوع .
+إن كنت تطلب الحرية من الخطية فتدرب على التأمل المستمر فى المسيح المربوط لأجلك .
+ الصليب لا يجب أن ننظر إليه نظره عابرة ، بل أن نتملى ونشبع منه .
+إن تدرب الانسان على تذوق الحلاوة فى كلمة الله والصليب سيجعل النفس تتأفف من كل لذة جسدية .
+ نفس بلا صليب كعروس بلا عريس .
+ إن سقوط يسوع تحت نير الصليب= قيامى وحريتـى من عبودية الخطية .
+ الصليب هو وسيلة التحرر من الذات وصلبها .
+ ليس الصليب مجرد لون من التأمل الروحى الجميل ، ولكنه أيضاً احتمالاً للألم من أجل الوقوف ضد العالم .
+ بدون ألم ليس هناك إكليل .
+ إن كل نفس شاركتك يا يسوع آلام صـليبك .. أبهجت قلبها بقوة قيامتك .
+ الذى لم يذق طعم المسامير لن يصل إلى يسوع المسيح على الصليب .
+ أثر المسامير شهادة أبدية على محبة الرب لنا وعلامة أبدية لنزول الدم والغفران.
+الذى عرف طريق جنبك الالهى المطعون ووضع فمه على الجرح وشرب لا يعطش إلى الأبد .
+إن مكان الحربة هو المكان الذى تضع فيه النفوس العطشانة أفواهها لتشرب من الحمل المذبوح وترتوى من ماء الحياة .
+الصليب هو سلاحنا أثناء الحرب الروحية .
+إن كل جهاد ضد الخطية من أجل الحفاظ على حريتى هو حمل الصليب .
+ كل فضيلة نصل فى الجهاد فيها حتى الموت تصبح لنا بمثابة استشهاد .
+إن خدمة الطيب ( الصليب ) هى عمل النفوس التى فطمت عواطفها ومشاعرها عن حب العالم وشهواته وربطتها بحب الله .
+العين المصلوبة عين مختونة محفوظة لله .. حيث تتدرب فى المخدع على القداسة والطهارة وتخزين الصور الشهية للصليب فى قاع العين ليستخدمها الفكر ويتمتع بها إلى أن ينام بسلام فى بحر من هذه المناظر الشهية .
+الصليب سلاح النفس الطاهرة .
+الصليب هو قوة الله للخلاص .. به نغلب الشيطان والموت والجحيم والعالم والجسد .
+الصليب شهادة على ضعف العالم . .
+الأذرع المفتوحة هى سر الانتصار . فرفع اليد بمثال الصليب قوة جبارة فى انتصارات الخدمة .
+الهدف الذى يحرك الكاهن والخادم للخدمة هو حبه للمصلوب .

من أقوال القمص بيشوى كامل

المسيحية والصليب


المسيحية والصليب

  للمتنيح الأنبا يؤانس

  " ولكننا فى هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذى أحبنا "  
تقديم : المسيحية والصليب أمران متلازمان ، وصنوان لا يفترقان .. فأينما وحينما يرى الصليب مرفوعا أو معلقا ، يدرك المرء أنه أمام مؤسسة مسيحية أو مؤمنين مسيحيين .. ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية ، بل هو قلبها وعمقها ...
لقد تأسست المسيحية على أساس الصليب وبالصليب .. ولا نقصد بالصليب قطعتى الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذى علق ومات على الصليب عن حياة البشر جميعا ، والخلاص الذى أتمه ، وما صحبه من بركات مجانية ، نعم بها البشر قديما ، وما زالوا ينعمون ، وحتى نهاية الدهر ...
والفكرة الشائعة عن الصليب أنه رمز للضيق والألم والمشقة والأحتمال .. لكن للصليب وجهين : وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالأول ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته .. ونقصد بالثانى مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات .. ويلزم المؤمن فى حياته أن يعيش الوجهين ، ويختبر الحياتين ...
بالنسبة للمؤمن المسيحى ، فإن الصليب بهذه المفاهيم ، هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته .. عليه يبنى إيمانه ، وبقوة من صلب عليه يتشدد وسط الضيقات وما أكثرها .. هذا ما عناه القديس بولس الرسول بقولـه : " ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى .. فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم " ( عب 12 : 2 ، 3 ) .
ملايين المؤمنين فى انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، وأكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستأهلوا أفراح القيامة ...
هذا بينما عثر البعض فى الصليب ، وآخرون رفضوا حمله ، فألقوه عنهم ..
ولم يكن مسلك هؤلاء وأولئك سوى موتا إيمانيا وروحيا لهم " نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة . وأما للمدعوين يهودا ويونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله " ( 1 كو 1 : 23 ، 24 ) .
+  +  +
لماذا الصليب ؟
صليب المسيح هو محور المسيحية وقلبها وعمقها .. حوله يدور كل فكر العهد الجديد ، وفيه يرتكز كل غنى الإنجيل ومجده .. إنه رمز المسيحية وشعارها ومجدها .. وبقدر ما ينكر الملحدون وغير المؤمنين صفته الكفارية ، فإن المؤمنين المسيحيين يجدون فيه سر النعمة التى يقيمون فيها ، بل ومفتاح أسرار ملكوت السموات ..
والمعروف عن الصليب أنه عار ، لكن للصليب مجا .. ومجد الصليب كعاره تماما . فالتأمل فى عار الصليب ، هو رؤية مجده .. هكذا نفهم كلمات القديس بولس الرسول : ان كلمة إن كلمة الصليب عند العالكين جهالة ، وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله
( 1 كو 1 : 18 ) .
إن الصليب يستمد قوته وكرامته من السيد المسيح الذى علق عليه .. وحينما نتحدث عن الصليب فإنما نشير حتما إلى موت المسيح .
وحينما نذكر موت المسيح فواضح أن صليبه وارد أيضا فيه .. لذا فلا غرابة إن رأينا أسفار العهد الجديد المقدسة تمتلىء بالكلام عن موت المسيح وبالتالى عن الصليب .
كان الصليب ومن صلب عليه هو جوهر كرازة الكنيسة الأولى ، وهو الحق الأول والأساس فى الإيمان المسيحى .. ولعل كلمات بولس الرسول لمؤمنى كورنثوس تظهر لنا هذا المعنى .. " فإننى سلمت إليكم فى الأول ما قبلته أنا أيضا . إن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب . وأنه دفن وانه قام فى اليوم الثالث حسب الكتب ( 1 كو 15 : 3 ، 4 ) ..
وعلى نحو ما كان المذبح والذبيحة هما حجر الزاوية فى عبادة العهد القديم ، كذلك الصليب وموت المسيح الكفارى ، هما حجر زاوية الإيمان فى العهد الجديد .. من أجل هذا فإن كل أسفار العهد الجديد تناولت قصة الصليب باستثناء ثلاث رسائل قصيرة هى الرسالة إلى فليمون ، ورسالتا يوحنا الثانية والثالثة .
إنه أمر يدعو للدهشة فى زماننا أن توجد بشارة مفرحة فى صلب إنسان ، تماما كما حدث حينما بدأ المسيحيون الأوائل يكرزون بالمسيح مصلوبا ..
كيف يكون عملا وحشيا بربريا ، وضع نهاية مخزية وحزينة لحياة الرب يسوع ، يصبح قوة ونصرة وإعلانا عن محبة الله الفائقة للبشر ؟! ..
وكيف صار الصليب – وهو رمز قديم لوحشية الإنسان – ذا تأثير حضارى واسع ، استطاع أن يغير وجه العالم حينما جدد الخليقة ؟ .. . 
 الصليب قديما فى بعض الشعوب
هل كان الصليب آلة تعذيب انفرد بها المسيح وخصصت له . أم أنه عرف فى بعض الشعوب ؟
عرف الصليب كآلة تعذيب وعقوبة إعدام بين بعض الشعوب – غالبا الشرقية ... فلقد عرف عند الفينيقيين . وذكر عن الأسكندر الأكبر أنه حكم على ألف شخص من أهالى صور بالصلب .. وعرف عند الفرس . ( عزرا 6 : 11 ) ، وأيضا ( استير 5 : 14 ، 8 : 7 ) .. ويبدو أن هذه العقوبة عرفت عند المصريين أيضا ، ووردت فى قصة رئيس الخبازين الذى فسر له يوسف حلمه ( تك 40 : 19 ) .
كما عرفت عقوبة الأعدام صلبا لدى الرومان ، وكانت غالبا قاصرة على العبيد والغرباء . أما المواطنون الأحرار فكانوا لا يعاقبون بها .
كانت هذه العقوبة تنفذ فى حالة الجرائم الخطيرة كخيانة الدولة وسرقة المعابد والهرب من الجندية .. ويشهد التاريخ أن الرومان خلال ثورات العبيد صلبوا أعدادا كبيرة منهم .. ويذكر يوسيفوس المؤرخ اليهودى المعاصر لخراب أورشليم وهيكلها ، أن تيطس القائد الرومانى كان يصلب خمسمائة يهودى كل يوم !! ويبدو أن قصد الرومان من استخدام هذه العقوبة بالذات كان هو تثبيت سلطانهم فى الدولة ، ويفسر ذلك أن تنفيذ هذه العقوبة كان يتم فى مكان مكشوف ، ليكون ردعا للآخرين .. وقد ألغى الملك قسطنطين الكبير عقوبة الأعدام صلبا لأسباب دينية .
ويبدو أن بنى إسرائيل عرفوا هذه العقوبة ، فقد أشير إليها فى سفر التثنية .. وعلى أن المعلق ملعون من الله ( تث 21 : 22 ) .

كلمة الصليب فى أسفار العهد الجديد :
لم يرد لفظ الصليب فى أسفار العهد القديم ، لكنه ورد بأكثر من معنى فى كتاب العهد الجديد . وأكتسبت معنى خاصا لأرتباطها بموت المسيح ،  هناك كلمتان مستعملتان للتعبير عن آلة التعذيب التى نفذ بها حكم الموت على الرب يسوع : اكسيلون XYLON  وتعنى خشبة أو شجرة ، استاوروس STAUROS  وتعنى صليب بمفهومه الحالى ... الكلمة الأولى وردت للتعبير عن الخشب كمادة . راجع : [ تث 21 : 23 ، أع 5 : 30 ، 10 : 39 ، 1 بط 2 : 24 ، غلا 3 : 13 ) .
وقد وردت كلمة استاروس ومشتقاتها فى قصة آلام المسيح . راجع [ مر 15 : 1 – 47 ، متى 27 : 1 ، لوقا 23 : 1 – 56 ، يو 18 : 19 : 24 ، رؤيا 11 : 8 ) .. كما وردت فى رسائل بولس الرسول ..
إن كلمة " اكسيلون " تعنى شجرة .. وهذا يقودنا للتفكير فى شجرة الحياة التى كانت فى وسط الجنة ( تك 2 : 9 ) .. تلك التى بعد أن طرد الإنسان الأول من الجنة ، أقيم كاروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة الطريق إليها . وهى التى قال الله عنها : " لعله ( الإنسان ) يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد " ( تك 3 : 24 ) .. وتعود هذه الشجرة – شجرة الحياة – للظهور ثانية فى سفر الرؤيا " من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التى فى وسط فردوس الله " ( رؤ 2 : 7 ) .
 ونقرأ عن أورشليم الجديدة فى سفر الرؤيا ، أنه على جانبى نهر الحياة فيها تنمو " شجرة حياة تصنع أثنتى عشرة ثمرة وتعطى كل شهر ثمرها .. وورق الشجرة لشفاء الأمم " ( رؤ 22 : 2 ) .. ونقرأ أن الأبرار وحدهم لهم سلطان على هذه الشجرة ( رؤ 22 : 14 ) .
وهكذا نرى أن ما كان ممنوعا ومحرما على الإنسان الأول صار مباحا للخليقة الجديدة .. إن شجرة الحياة ترمز للحياة ، وتقدم الحياة عكس ما يقدمه الصليب ( الخشبة ) ألا وهو الموت ...
+  +  +     
 لماذا الصليب عثرة ؟
يقول بولس الرسول " نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة " ( 1 كو 22 – 24 ) .
فماذا الذى أعثر اليهود فى الصليب ؟
هناك فرق كبير جدا بين تقديم المسيح لإنسان يهودى ، وتقديمه لإنسان وثنى ، أو تبشير يهودى بالمسيح ، وتبشير وثنى بالمسيح ..
بالنسبة لليهود توجد أرضية مشتركة بين المسيحيين وبينهم ، هى كتاب العهد القديم .. وهذا بلا شك يسهل مهمة تبشير اليهودى وإيمانه .. أما بالنسبة للوثنيين فالأمر يختلف ، إذ لا يوجد شىء مشترك بيننا وبينهم .
ويقدم لنا سفر أعمال الرسل مثلين على ذلك . عظة بولس الرسول الكرازية فى المجمع اليهودى فى مدينة أنطاكية بيسيدية ( أعمال الرسل 13 : 16 – 41 ) ، وخطابه الكرازى الذى وجهه فى مدينة أثينا فى الأريوس باغوس إلى جماعة من الفلاسفة الوثنيين ( أع 17 : 22 – 31 ) .. وعلى الرغم من وجود هذه الأرضية المشتركة مع اليهود ، فقد كان الصليب عثرة بالنسبة لهم .. والسؤال لماذا ؟
يورد القديس لوقا فى الإصحاح الأخير من بشارته قصة تلميذين للمسيح ، كانا يسيران من أورشليم فى الطريق إلى قريتهما عمواس التى تبعد عنها مسافة ستين غلوة تقطع سيرا فى ساعتين ، كان ذلك مساء يوم أحد القيامة .. كانا يسيران عابسين ، وقد ملأت خيبة الأمل قلبيهما .. كانا يتحدثان فى الطريق عن أحداث صلب الرب يسوع ، وفيما هما فى الطريق ظهر لهما الرب يسوع وسار معهما ، ولكن أمسكت اعينهما عن معرفته ولما سألهما عما يتحدثان فيه ، ولماذا يسيران عابسين ، أجابه أحدهما .. " هل أنت متغرب وحدك فى أورشليم ، ولم تعلم الأمور التى حدثت فيها فى هذه الأيام .. المختصة بيسوع الناصرى الذى كان إنسانا نبيا مقتدرا فى الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب ، كيف أسلمه رؤساء الكهنة وحكامنا لقضاء الموت وصلبوه . ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدى إسرائيل . ولكن مع هذا كله ، اليوم له ثلاثة أيام منذ حدث ذلك ، بل بعض النساء منا حيرننا إذ كن باكرا عند القبر ، ولما لم يجدن جسده ، أتين قائلات إنهن رأين منظر ملائكة قالوا إنه حى . ومضى قوم من الذين معنا إلى القبر فوجدوا هكذا كما قالت أيضا النساء . وأما هو فلم يروه "  ...
وهنا قال لهما الرب " أيها الغبيان والبطيئا القلوب فى الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء ، أما كان ينبغى أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده . ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به فى جميع الكتب " ( لو 24 : 13 – 27 )
نحن هنا أمام أثنين من تلاميذ المسيح نفسه ، عاينا معجزاته ولازماه فى كرازته نحو ثلاث سنوات ، ومع ذلك نراهما ، وقد خابت آمالهما إزاء أحداث الصلب ، لولا أن الرب يسوع فى محبته – وهو العالم بكل شىء – ظهر لهما ، وهدأ من روعيهما ، وبدأ يشرح لهما سر الصليب والقيامة مؤكدا لهما – وهما اليهوديان – النبوات والإشارات والرموز التى وردت عنه فى أسفار العهد القديم .
وإذا كان الأمر كذلك مع تلميذين رأيا الرب يسوع وعاينا معجزاته ولازماه ، فكم وكم يكون أثر كرازة الرسل والكارزين الأوائل ، وهم يكرزون بإنجيل المصلوب بين أقوام لا يعرفونهم .. أى بشارة مفرحة تلك التى تكون فى صلب إنسان مات بهذه الطريقة الوحشية البربرية ؟! .
كان اليهود – لقرون عديدة – ينتظرون المسيا .. الممسوح والمعين من الله لخلاصهم .. لكن فكرتهم عن الخلاص كانت فكرة عالمية ، ولذا فقد كانوا ينتظرون هذا المسيح المخلص ، إنسانا من طراز شمشون الجبار الذى قتل ألفا من الفلسطينيين بفك حمار !! كانت بلاد فلسطين فى ذلك الوقت خاضعة للأستعمار الرومانى . لذا كانت كل آمالهم أن يحررهم هذا المسيا من ربقة الأستعمار الرومانى ، ويقيم ثانية دولة داود الدينية ..
إنهم لم يفطنوا إلى حقيقة رسالة المسيح . لقد جاء محررا لهم وللبشر جميعا من أشر أنواع العبودية ، وهى العبودية للخطية والشر .. لم يفهموا المسيح وبالتالى لم يقبلوه .. لقد حسبوه ضعيفا لأنه لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته ، قصبة مرضوضة لا يقصف ، وفتيلة مدخنة لا يطفىء ( متى 12 : 19 ، 20 ) ... لم يرقهم تعليم المسيح عن الوداعة والإتضاع ... " سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن .. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر . بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا . ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ، .... " ( متى 5 : 38 – 44 ) .. وقد انطبع ذلك الإحساس فى استهزائهم به وهو معلق على الصليب ، إذ قالوا عنه " خلص آخرين ، فليخلص نفسه إن كان هو المسيح مختار الله " ( لو 23 : 35 ) ..
هكذا كانت الكرازة بالمسيح مصلوبا عثرة لليهود لأنهم لم يفهموا أن " ضعف الله أقوى من الناس " ( 1 كو 1 : 25 ) .
 ولماذا الصليب جهالة ؟
اليونانيون ( الأغريق ) شعب عريق أسسوا امبراطورية شاسعة ، ونبتت الفلسفة على أرضهم . وظهر منهم آباء الفلسفة القديمة من أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو ، كما ظهر من بينهم الحكماء والمشرعون ... لقد كانت الآلهة الوثنية فى الشعوب الراقية بشرا لها أجسام وحواس . يولدون لكن لا يموتون ، يأكلون ويشربون . ينامون ويستيقظون ويسافرون ويخوضون غمار المعارك والحروب . ويتزوجون ويتناسلون ... ويضرب بولس الرسول مثلا باليونانيين الذين حققوا قمة الرقى الثقافى فى العالم القديم ، نيابة عن العالم الوثنى ... فإنهم على الرغم من رقيهم الفكرى والحضارى – من جهة الدين – فى الدرك الأسفل من الإنحطاط الأدبى والفساد الخلقى .
لقد مجد اليونانيون القوة فى كل صورها ، حتى أن فيلسوفهم أفلاطون فى جمهوريته أعتقد أن الأطفال المولودين من آباء مسنين يجب التخلص منهم بتركهم عرايا ، إذ لا يجب أن يثقل على الدولة بهم ...
لقد قابل بولس الرسول فى مدينة أثينا فريقا من فلاسفتها ، ولما سمعوه يتكلم قالوا : " ماذا يريد هذا المهزار أن يقول " !! ولما سمعوا منه عن الرب يسوع الذى أقامه الله من بين الأموات ، وبه سيدين المسكونة بالعدل ، بدأوا يستهزئون به ( أع 17 ) .
وهكذا كانت الكرازة بالمسيح مصلوبا بين اليونانيين تعتبر جهالة ... فأى تمجيد ، وأى بشارة مفرحة فى صلب إنسان وموته بطريقة فيها المذلة والعار والخزى والأزدراء ..
+  +  +     
  كيف حملت الكنيسة الصليب
هناك مفاهيم كثيرة يمكن أن تدخل تحت عنوان " الكنيسة والصليب " .. هلى هو موضوع يصف حقبة من حياة الكنيسة مضت وانتهت ، أم هو موضوع الحاضر المعاصر ... إن المعنى يشمل الأمرين معا ! الحاضر على ضوء الماضى .. وما نعنيه هو " كيف حملت الكنيسة الصليب " ؟ .. كيف أحبته فاحتضنته .. كيف تعاملت معه ، وكيف حملته .. كيف تصرفت إزاء الضيقات ، وكل قوى الشر التى تصدت لها فى العالم .. كيف عاونت كل إبن من أبنائها ، وكل عضو فيها على حمل الصليب .. كيف صارت شاهدة للصليب وسط عالم وضع فى الشرير .. ونود أن ننبه قبل الخوض فى الموضوع أن كل ما ينطبق على الكنيسة ، ينطبق على كل عضو فيها ...
من أين نبدأ موضوعنا .. ؟ نستعرض الصورة التى أسس بها المسيح كنيسته .
 الكنيسة كما أسسها المسيح :
مواصفات هذه الكنيسة :
أ – حملان بين ذئاب :
 فى إرسالية السبعين رسولا التدريبية ، حينما أرسلهم الرب يسوع أثنين أثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتى ، قال لهم " اذهبوا ، ها أنا أرسلكم مثل حملان بين ذئاب " ( لوقا 10 : 3 ) .
والحملان صورة للمؤمنين بالمسيح فى وداعتهم وبساطتهم .. أما الذئاب فرمز لأهل العالم فى غدرهم وشرهم .. طبيعة الكنيسة كما أسسها المسيح وكما يريدها دائما " حملان بين ذئاب " ..
إن الحمل صورة للرب يسوع الذى قيل عنه إنه لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته ..
صورة للمسيح الوديع الذى دعانا أن نتعلم منه الوداعة وتواضع القلب فنجد راحة لنفوسنا .. المسيح حمل الله الذى بلا عيب يدعو كل من يتبعونه أن يكونوا حملانا . هكذا يقدمهم للعالم ...
" حملان بين ذئاب " ... إنه منظر يبعث الرعب فى النفس ... إن ذئبا واحدا يكفى لأفتراس قطيع من الحملان الصغيرة التى لا تقوى على الحركة أو الهرب .. هل يعقل أن مسيحنا المحب يرسل أولاده للعالم كحملان بين ذئاب ؟! نعم .. هكذا أرسلهم ، لأنه كان يعلم أنه قادر على حمايتهم من ضراوة الذئاب ووحشيتها .. والعجيب ، أنه فى النهاية – كما يقول القديس أغسطينوس – حولت الحملان الذئاب وجعلت منهم حملانا !!
ويعنى أغسطينوس بذلك الشعوب الوثنية التى آمنت بالمسيح وتغيرت طبيعتها بفضل هذه الحملان !!
ب – متجردة من المقتنيات :
" لا تقتنوا ذهبا ولا فضةولا نحاسا فى مناطقكم ، ولا مزودا للطريق ولا ثوبين ولا عصا " ( متى 10 : 9 ، 10 ) ..
" لا تحملوا شيئا للطريق " ( لوقا 9 : 3 ) ... هذا ما أوصى به السيد المسيح رسله وتلاميذه حينما أرسلهم فى إرساليات تدريبية .. لقد جردهم من كل شىء : من المال والطعام والثياب وحتى العصا التى يدافع بها عن نفسه فى الطريق الموحشة .. لقد جردهم من كل شىء ليكون هو لهم كل شىء ... لا تحملوا شيئا للطريق : لأنه هو نفسه الطريق .. المسيح للنفس المؤمنة هو كل شىء .. هو غناها فمن التصق به وافتقر إلى شىء ؟ .. وهو غذاء النفس ، وكساؤها .. ألم يوصينا بولس الرسول أن نلبس الرب يسوع المسيح ( رو 13 : 14 ) .
لقد عاشت الكنيسة المسيحية وصية سيدها ومعلمها : " ليس لى فضة ولا ذهب " ... (  أع 3 : 1 – 8 ) .
لكنها كانت غنية بإيمانها " كفقراء ونحن نغنى كثيرين ، كأن لا شىء لنا ونحن نملك كل شىء " ( 2 كو 6 : 10 ) ..
وحينما نمتلك المسيح فنحن نملك كل شىء .. وحينما عاشت الكنيسة أمينة لتعاليم الرب ووصاياه ، كان هو أمينا معها فى إتمام مواعيده . وهكذا كانت تجرى المعجزات باسم الرب يسوع .. وحينما تركت الكنيسة عنها وصية مخلصها ، فقدت السلطان أن تصنع باسمه الآيات والمعجزات 
 جـ - مشابهة لصورة ابن الله :
يصف القديس بولس الرسول أولئك الذين يحبون الله المدعوين حسب قصده أنهم " مشابهين صورة إبنه ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين " ( رومية 8 : 29 ) . .. وأحد أوجه الشبه مع ابن الله هو الألم ... يتنبأ إشعياء النبى عن السيد المسيح فيقول عنه أنه :
" رجل أوجاع ومختبر الحزن " ( إش 53 : 3 ) ... هذه صفة أصيلة فى المسيح المخلص .. فالمسيح لم ير يوما ضاحكا ، لكنه شوهد باكيا عند قبر لعازر ( يو 11 : 35 ) .. وقبيل آلامه على الصليب ، كان محصورا فيما كان عتيدا أن يكمله ، وسمع يقول :
" نفسى حزينة جدا حتى الموت " ( مر 14 : 34 ) ... فلقد تجسد ابن الله من أجل فداء البشر ، والفداء استلزم الألم والصليب ... وإن كان المسيح قد تألم ، فليس التلميذ أفضل من معلمه ، ولا العبد أفضل من سيده ( متى 10 : 24 ) .
 الصليب فى حياة المسيح :
إن كان إشعياء النبى قد تنبأ عن المسيح أنه رجل أوجاع ومختبر الحزن ( إش 53 : 3 ) ، فإن هذه الآلام والأحزان لم تبدأ فى جثسيمانى ، بل بدأت منذ ولادته بالجسد ...
لقد ولد الطفل يسوع وهو يحتضن الصليب ، وظل يحتضنه فى حب ويحمله حتى علق عليه عند الجلجثة .. ونحن وإن كنا نجهل معظم حياة الرب يسوع بالجسد حتى بدأ خدمته الكرازية فى سن الثلاثين ، لكننا نستطيع أن نتبين ملامح الصليب ونراها من خلال بعض المواقف 
 نرى الصليب فى مولده ، حينما ولد فى مذود للبهائم إذ لم يكن ليوسف ومريم موضع فى قرية بيت لحم ( لو 2 : 7 ) ... نراه فى مذبحة أطفال بيت لحم ( متى 2 : 16 ، 17 ) ... وفى الهرب إلى مصر طفلا والتغرب بين ربوعها حتى مات هيرودس الملك الطاغية الذى كان يطلب نفس الصبى ليقتله ( متى 2 : 14 ، 20 ) .
ويلخص بطرس الرسول مسلك المسيح واحتماله الآلام بقولـه " لأنكم لهذا دعيتم ، فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا ، تاركا لنا مثالا لكى تتبعوا خطواته .. الذى لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه مكر " ( بطرس الأولى 2 : 21 ، 22 ) ..
 قال رب المجد يسوع

" إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى " ( متى 16 : 24 ) . وإن كان المسيح قد دعانا أن ننكر ذواتنا ، فلقد أنكر هو نفسه وأخفى لاهوته فى بعض المواقف ...
فلقد أنكر نفسه حاملا الصليب حينما تقدم إلى يوحنا المعمدان كأحد الخطاة ليعتمد منه ( متى 3 : 13 ، لوقا 3 : 21 ) .. وأنكر نفسه فى تجربة إبليس له ( متى 4 : 1 – 10 ) ... وحينما قدم عظته على الجبل أفتتحها بتطويب المساكين بالروح والحزانى فى العالم ( متى 5 : 3، 4 ) ..
كان المسيح يحتضن الصليب حينما شتم ولم يكن يشتم عوضا ، ولا يهدد ، بل كان يسلم لمن يقضى بعدل ( بط الأولى 2 : 23 ) ..
 وحين أنكر اليهود بنوته لأبيه السماوى ... ( يو 6 : 42 ) .
 وحين وجه اليهود إليه أقذع شتائمهم أنه سامرى وبه شيطان ( يو 8 : 48 ) ، وأنه لا يخرج الشياطين إلا بقوة بعلزبول رئيس الشياطين ( متى 12 : 24 ) ...
 وحينما أتهمه الفريسيون والكتبة أنه ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت ( يو 9 : 16 ، 5 : 18 ) ...
 وفى غيرها كثير جدا كان المسيح يحتضن الصليب ، ما رد اتهاما لقائليه ، ولا عاملهم بنفس روحهم .
+  +  +
 الضيقات وحمل الصليب فى تعليم المسيح
إن كنا قد رأينا الصليب أو مثال الصليب فى حياة المسيح بالجسد ، فقد أعلن هو عنه صراحة حينما كان يتكلم عن الضيقات كنصيب مقدس للمؤمنين عليهم أن يحرصوا عليه ، وألا يفرطوا فيه من أجل البركة ..
بعد لقاء المسيح مع الشاب الغنى ، الذى دعاه إلى أن يوزع ماله على الفقراء ويحمل الصليب ، لكن هذا الكلام لم يرقه فاغتم ومضى حزينا ( مرقس 10 : 17 – 22 ) ، قال له بطرس " ها نحن قد تركنا كل شىء وتبعناك " . فكان جواب الرب عليه " الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتا أو أخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو إمرأة أو أولادا أو حقولا لأجلى ولأجل الإنجيل ، إلا ويأخذ مئة ضعف الآن فى هذا الزمان بيوتا وأخوة وأخوات وأمهات وأولادا وحقولا مع اضطهادات ، وفى الدهر الآتى الحياة الأبدية " ( مرقس 10 : 28 – 30 ) ...
 وهنا نلاحظ أن المسيح له المجد يحصى الأضطهادات ضمن البركات التى يعوض بها الإنسان فى هذا العالم عن محبته له !!
كمبدأ عام فى حياة المؤمنين قال المسيح " اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق " ( لو 13 : 24 ) ... " لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك ، وكثيرون هم الذين يدخلون منه . ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذى يؤدى إلى الحياة ، وقليلون هم الذين يجدونه " ( متى 7 : 13 : 14 ) ..
  أما عن تعليمه بخصوص الضيقات فقد قال :
" فى العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم " ( يو 16 : 33 ) ..
" ستبكون وتنوحون والعالم يفرح . أنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح . المرأة وهى تلد تحزن لأن ساعتها قد جاءت . ولكن متى ولدت الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح ، لأنه قد ولد إنسان فى العالم "
 ( يوحنا 16 : 20 ، 21 ) ...
" تأتى ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله . وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفونى . لكنى قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أنى أنا قلته لكم " ( يو 16 : 2 – 4 ) ...
 " وسوف تسلمون من الوالدين والأخوة والأقرباء والأصدقاء ويقتلون منكم . وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمى . ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك . بصبركم اقتنوا أنفسكم " ( لو 21 : 16 – 19 ) ...
 أما عن حتمية حمل كل مؤمن للصليب فقال :
" من لا يأخذ صليبه ويتبعنى فلا يستحقنى . من وجد حياته يضيعها . ومن أضاع حياته من أجلى يجدها " ( متى 10 : 38 ، 39 ) ..
" إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى ، فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ، ومن يهلك نفسه من أجلى يجدها " ( متى 16 : 24 ، 25 ، لوقا  9 : 23 ، 24 ) ...
" من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذا " ( لو 14 : 27 ) ...

الضيقات وحمل الصليب فى تعليم الرسل :
عاشت الكنيسة الأولى حياة الرب يسوع مشاركة إياه فى الآلام والضيقات ... وسفر أعمال الرسل الذى يسجل أحداث الكنيسة فى تاريخها المبكر ، يذكر ما تعرض له رسل المسيح وتلاميذه من ضيقات وشدائد ... فلقد حبس الرسولان بطرس ويوحنا بعد معجزة شفاء مقعد باب الهيكل الجميل ( أع 4 : 3 ) .. وقبض على الرسل جميعا ووضعوا فى حبس العامة ... لكن ملاك الرب فى الليل فتح أبواب السجن وأخرجهم ..
أهين الرسل وسجنوا وقتلوا ... [ راجع أعمال الرسل ] .

أما عن موقف الآباء رسل المسيح ومشاعرهم من جهة الضيقات والآلام فتعكسها كتاباتهم .. ونعرض لبعض منها :
يفتتح يعقوب الرسول رسالته التى وجهها للمؤمنين عامة بقولـه " احسبوه كل فرح يا أخوتى حينما تقعون فى تجارب متنوعة . عالمين أن امتحان إيمانكم ينشىء صبرا ، ......" ( يعقوب 1 : 2 – 4 ) .

ويقول بطرس الرسول : " أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص .. الذى به تبتهجون مع أنكم الآن إن كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة . لكى تكون تزكية إيمانكم ، وهى أثمن من الذهب الفانى ، مع أنه يمتحن بالنار " ( بط 1 : 5 – 7 ) ..... ،
[ راجع 1 بط 3 : 13 ، 4 : 1 ، 4 : 13 ، 14 ] .
 أما يوحنا الحبيب فهو الذى حفظ لنا قول الرب يسوع :
" الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة فى الأرض وتمت فهى تبقى وحدها . ولكن إن ماتت تأتى بثمر كثير . من يحب نفسه يهلكها ، ومن يبغض نفسه فى هذا العالم ، يحفظها إلى حياة أبدية " ( يوحنا 12 : 24 ، 25 ) .
ويفتتح رؤياه وهو منفى فى جزيرة بطمس " من أجل كلمة الله ، ومن أجل شهادة يسوع المسيح " ، بقولـه " أنا يوحنا أخوكم وشريككم فى الضيقة ، وفى ملكوت يسوع المسيح وصبره " ( رؤ 1 : 9 ) ...
ويسجل لنا يوحنا منظرا رآه واعلن له " .... قال لى هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة . وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم فى دم الخروف . من أجل ذلك هم أمام عرش الله ويخدمونه نهارا وليلا فى هيكله ، والجالس على العرش يحل فوقهم . لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا شىء من الحر . لأن الخروف الذى فى وسط العرش يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية ، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم " ( رؤ 7 : 9 – 17 ) .
 أما رسائل بولس الرسول فتمتلىء رسائله بالكلام عن الضيقات والآلام وبركاتها والكنوز المذخرة فيها ، كانعكاس لخبرته الشخصية وتجربته مع الألم والضيق ..
ومنذ بداية قصة بولس مع المسيح – بعد اهتدائه قرب مدينة دمشق – قال عنه لحنانيا :
" سأريه كم ينبغى أن يتألم من أجل اسمى " ( أع 9 : 15 ، 16 ) ...
 ولم تكن هذه الكلمات نوعا من التوعد لهذا الخادم الجديد جزاء أخطائه السابقة ، لكنها اعلان عما تفعله الآلام بالنفس التى تحب الرب من أعماقها .. إن الآلام تكمل الإنسان .

وهذا ما اختبره بولس وقاله عن المسيح له المجد " لأنه لاق بذاك الذى من أجل الكل وبه الكل وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد ، أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام " ( عب 2 : 10 ) .. كان بولس الرسول طراز عجيب من البشر ، فبعدما استعرض عمق محبته لسيده وأن لا شىء يمكن أن يفصله عنه حتى الموت فى صوره المختلفة ، هتف فى ( رومية 8 : 37) :
" ولكننا فى هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذى أحبنا 

عيد الصليب

عيــــد الصليب

تقديم : المسيحية والصليب أمران متلازمان ، وصنوان لا يفترقان .. فأينما وحينما يرى الصليب مرفوعا أو معلقا ، يدرك المرء أنه أمام مؤسسة مسيحية أو مؤمنين مسيحيين .. ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية ، بل هو قلبها وعمقها ...
لقد تأسست المسيحية على أساس الصليب وبالصليب .. ولا نقصد بالصليب قطعتى الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذى علق ومات على الصليب عن حياة البشر جميعا ، والخلاص الذى أتمه ، وما صحبه من بركات مجانية ، نعم بها البشر قديما ، وما زالوا ينعمون ، وحتى نهاية الدهر ...
والفكرة الشائعة عن الصليب أنه رمز للضيق والألم والمشقة والأحتمال .. لكن للصليب وجهين : وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالأول ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته .. ونقصد بالثانى مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات .. ويلزم المؤمن فى حياته أن يعيش الوجهين ، ويختبر الحياتين ...
بالنسبة للمؤمن المسيحى ، فإن الصليب بهذه المفاهيم ، هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته .. عليه يبنى إيمانه ، وبقوة من صلب عليه يتشدد وسط الضيقات وما أكثرها .. هذا ما عناه القديس بولس الرسول بقولـه : " ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى .. فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم " ( عب 12 : 2 ، 3 ) .
ملايين المؤمنين فى انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، وأكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستأهلوا أفراح القيامة ...
هذا بينما عثر البعض فى الصليب ، وآخرون رفضوا حمله ، فألقوه عنهم ..
ولم يكن مسلك هؤلاء وأولئك سوى موتا إيمانيا وروحيا لهم " نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة . وأما للمدعوين يهودا ويونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله " ( 1 كو 1 : 23 ، 24 ) .
+     +      +  
لماذا الصليب ؟
صليب المسيح هو محور المسيحية وقلبها وعمقها .. حوله يدور كل فكر العهد الجديد ، وفيه يرتكز كل غنى الإنجيل ومجده .. إنه رمز المسيحية وشعارها ومجدها .. هكذا نفهم كلمات القديس بولس الرسول :
" إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة ، وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله "
( 1 كو 1 : 18 ) .
إن الصليب يستمد قوته وكرامته من السيد المسيح الذى علق عليه .. وحينما نتحدث عن الصليب فإنما نشير حتما إلى موت المسيح .
وحينما نذكر موت المسيح فواضح أن صليبه وارد أيضا فيه .. لذا فلا غرابة إن رأينا أسفار العهد الجديد المقدسة تمتلىء بالكلام عن موت المسيح وبالتالى عن الصليب .
كان الصليب ومن صلب عليه هو جوهر كرازة الكنيسة الأولى ، وهو الحق الأول والأساس فى الإيمان المسيحى .. ولعل كلمات بولس الرسول لمؤمنى كورنثوس تظهر لنا هذا المعنى .. " فإننى سلمت إليكم فى الأول ما قبلته أنا أيضا . إن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب . وأنه دفن وانه قام فى اليوم الثالث حسب الكتب ( 1 كو 15 : 3 ، 4 ) ..
وكيف صار الصليب – وهو رمز قديم لوحشية الإنسان – ذا تأثير حضارى واسع ، استطاع أن يغير وجه العالم حينما جدد الخليقة ؟ .. . 
 +      +       + 
كيف حملت الكنيسة الصليب :
هناك مفاهيم كثيرة يمكن أن تدخل تحت عنوان " الكنيسة والصليب " .. هلى هو موضوع يصف حقبة من حياة الكنيسة مضت وانتهت ، أم هو موضوع الحاضر المعاصر ... إن المعنى يشمل الأمرين معا ! الحاضر على ضوء الماضى .. وما نعنيه هو " كيف حملت الكنيسة الصليب " ؟ .. كيف أحبته فاحتضنته .. كيف تعاملت معه ، وكيف حملته .. كيف تصرفت إزاء الضيقات ، وكل قوى الشر التى تصدت لها فى العالم .. كيف عاونت كل إبن من أبنائها ، وكل عضو فيها على حمل الصليب .. كيف صارت شاهدة للصليب وسط عالم وضع فى الشرير .. ونود أن ننبه قبل الخوض فى الموضوع أن كل ما ينطبق على الكنيسة ، ينطبق على كل عضو فيها ...
من أين نبدأ موضوعنا .. ؟ نستعرض الصورة التى أسس بها المسيح كنيسته .
الكنيسة كما أسسها المسيح :   ..  مواصفات هذه الكنيسة :
أ – حملان بين ذئاب : فى إرسالية السبعين رسولا التدريبية ، حينما أرسلهم الرب يسوع أثنين أثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتى ، قال لهم " اذهبوا ، ها أنا أرسلكم مثل حملان بين ذئاب " ( لوقا 10 : 3 ) .
ب – متجردة من المقتنيات :
" لا تقتنوا ذهبا ولا فضةولا نحاسا فى مناطقكم ، ولا مزودا للطريق ولا ثوبين ولا عصا " ( متى 10 : 9 ، 10 ) .. " لا تحملوا شيئا للطريق " ( لوقا 9 : 3 ) ...
 وحينما نمتلك المسيح فنحن نملك كل شىء .. وحينما عاشت الكنيسة أمينة لتعاليم الرب ووصاياه ، كان هو أمينا معها فى إتمام مواعيده . وهكذا كانت تجرى المعجزات باسم الرب يسوع .. وحينما تركت الكنيسة عنها وصية مخلصها ، فقدت السلطان أن تصنع باسمه الآيات والمعجزات .
جـ - مشابهة لصورة ابن الله :
يصف القديس بولس الرسول أولئك الذين يحبون الله المدعوين حسب قصده أنهم " مشابهين صورة إبنه ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين " ( رومية 8 : 29 ) . .. وأحد أوجه الشبه مع ابن الله هو الألم ... يتنبأ إشعياء النبى عن السيد المسيح فيقول عنه أنه :
" رجل أوجاع ومختبر الحزن " ( إش 53 : 3 ) ... هذه صفة أصيلة فى المسيح المخلص .. فالمسيح لم ير يوما ضاحكا ، لكنه شوهد باكيا عند قبر لعازر ( يو 11 : 35 ) .. وقبيل آلامه على الصليب ، كان محصورا فيما كان عتيدا أن يكمله ، وسمع يقول :
" نفسى حزينة جدا حتى الموت " ( مر 14 : 34 ) ... فلقد تجسد ابن الله من أجل فداء البشر ، والفداء استلزم الألم والصليب ... وإن كان المسيح قد تألم ، فليس التلميذ أفضل من معلمه ، ولا العبد أفضل من سيده ( متى 10 : 24 ) .
الصليب فى حياة المسيح :
إن كان إشعياء النبى قد تنبأ عن المسيح أنه رجل أوجاع ومختبر الحزن ( إش 53 : 3 ) ، فإن هذه الآلام والأحزان لم تبدأ فى جثسيمانى ، بل بدأت منذ ولادته بالجسد ...
 لقد ولد الطفل يسوع وهو يحتضن الصليب ، وظل يحتضنه فى حب ويحمله حتى علق عليه عند الجلجثة .. ونحن وإن كنا نجهل معظم حياة الرب يسوع بالجسد حتى بدأ خدمته الكرازية فى سن الثلاثين ، لكننا نستطيع أن نتبين ملامح الصليب ونراها من خلال بعض المواقف ...
نرى الصليب فى مولده ، حينما ولد فى مذود للبهائم إذ لم يكن ليوسف ومريم موضع فى قرية بيت لحم ( لو 2 : 7 ) ... نراه فى مذبحة أطفال بيت لحم ( متى 2 : 16 ، 17 ) ... وفى الهرب إلى مصر طفلا والتغرب بين ربوعها حتى مات هيرودس الملك الطاغية الذى كان يطلب نفس الصبى ليقتله ( متى 2 : 14 ، 20 ) .
ويلخص بطرس الرسول مسلك المسيح واحتماله الآلام بقولـه " لأنكم لهذا دعيتم ، فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا ، تاركا لنا مثالا لكى تتبعوا خطواته .. الذى لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه مكر " ( بطرس الأولى 2 : 21 ، 22 ) ..

 قال رب المجد يسوع : " إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى " ( متى 16 : 24 ) . وإن كان المسيح قد دعانا أن ننكر ذواتنا ، فلقد أنكر هو نفسه وأخفى لاهوته فى بعض المواقف ...

فلقد أنكر نفسه حاملا الصليب حينما تقدم إلى يوحنا المعمدان كأحد الخطاة ليعتمد منه ( متى 3 : 13 ، لوقا 3 : 21 ) .. وأنكر نفسه فى تجربة إبليس له ( متى 4 : 1 – 10 ) ... وحينما قدم عظته على الجبل أفتتحها بتطويب المساكين بالروح والحزانى فى العالم ( متى 5 : 3، 4 ) ..
كان المسيح يحتضن الصليب حينما شتم ولم يكن يشتم عوضا ، ولا يهدد ، بل كان يسلم لمن يقضى بعدل ( بط الأولى 2 : 23 ) ..
 وحين أنكر اليهود بنوته لأبيه السماوى ... ( يو 6 : 42 ) .
 وحين وجه اليهود إليه أقذع شتائمهم أنه سامرى وبه شيطان ( يو 8 : 48 ) ، وأنه لا يخرج الشياطين إلا بقوة بعلزبول رئيس الشياطين ( متى 12 : 24 ) ...
 وحينما أتهمه الفريسيون والكتبة أنه ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت ( يو 9 : 16 ، 5 : 18 ) ...
 وفى غيرها كثير جدا كان المسيح يحتضن الصليب ، ما رد اتهاما لقائليه ، ولا عاملهم بنفس روحهم .
+     +      +
الصــليب فى حيــاة السيـدة العـــذراء :
ما من شك أن السيدة العذراء  قد حملت الصليب منذ طفولتها .. فقد دخلت الهيكل فى سن الثالثة من عمرها ! .. وبشرت وحملت بالسيد المسيح فى سن مبكرة .. وتحملت نظرات الشك من أقرب الناس إليها – وهو يوسف النجار خطيبها – لقد وردت أول أشارة عن الصليب فى حديث سمعان الشيخ إلى السيدة العذراء : " وباركهما سمعان وقال لمريم أمه ها أن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين فى إسرائيل ولعلامة تقاوم " ( لو 2 : 34 ) .
+ وعند الصليب .. كيف تحملت هذه السيدة البارة أهوال ما يحدث حولها ولم تفتح فمها بكلمة واحدة .. إبنها الحبيب يهان ويجلد ويستهزئون به ويذبح .. هل رأينا أعجب من هذا أن يحاكم اليهود شخصا بريئا – بل هو البراءة نفسها ليصلبوه ؟!
لا شك أن فى داخل السيدة العذراء تصارعت مشاعر كثيرة : مشاعر الأم  وهى ترى إبنها يموت هكذا معذبا على الصليب ، ومشاعرها كخادمة باذلة وهى ترى إبنها يتمم الفداء للبشرية .. وكأنها كانت عند الصليب لتقوى وتعضد المصلوب على احتمال الألم .
ولو تفوهت بكلمة واحدة لتعلن للعالم بأن المصلوب هذا هو إبن الله .. لفشلت قضية الخلاص ؟!!
ولكنها آثرت السكوت لمحبتها للبشرية أيضا .. حقا لقد حملت السيدة العذراء صليب آخر .. إنه الصليب الرابع غير المنظور على الجلجثة

الضيقات وحمل الصليب فى تعليم المسيح

إن كنا قد رأينا الصليب أو مثال الصليب فى حياة المسيح بالجسد ، فقد أعلن هو عنه صراحة حينما كان يتكلم عن الضيقات كنصيب مقدس للمؤمنين عليهم أن يحرصوا عليه ، وألا يفرطوا فيه من أجل البركة ..
بعد لقاء المسيح مع الشاب الغنى ، الذى دعاه إلى أن يوزع ماله على الفقراء ويحمل الصليب ، لكن هذا الكلام لم يرقه فاغتم ومضى حزينا ( مرقس 10 : 17 – 22 ) ، قال له بطرس " ها نحن قد تركنا كل شىء وتبعناك " . فكان جواب الرب عليه " الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتا أو أخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو إمرأة أو أولادا أو حقولا لأجلى ولأجل الإنجيل ، إلا ويأخذ مئة ضعف الآن فى هذا الزمان بيوتا وأخوة وأخوات وأمهات وأولادا وحقولا مع اضطهادات ، وفى الدهر الآتى الحياة الأبدية " ( مرقس 10 : 28 – 30 ) ...
 وهنا نلاحظ أن المسيح له المجد يحصى الأضطهادات ضمن البركات التى يعوض بها الإنسان فى هذا العالم عن محبته له !!
 أما عن حتمية حمل كل مؤمن للصليب فقال :
" من لا يأخذ صليبه ويتبعنى فلا يستحقنى . من وجد حياته يضيعها . ومن أضاع حياته من أجلى يجدها " ( متى 10 : 38 ، 39 ) ..
" إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى ، فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ، ومن يهلك نفسه من أجلى يجدها " ( متى 16 : 24 ، 25 ، لوقا  9 : 23 ، 24 ) ...
" من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذا " ( لو 14 : 27 ) ...
الضيقات وحمل الصليب فى تعليم الرسل :
عاشت الكنيسة الأولى حياة الرب يسوع مشاركة إياه فى الآلام والضيقات ... وسفر أعمال الرسل الذى يسجل أحداث الكنيسة فى تاريخها المبكر ، يذكر ما تعرض له رسل المسيح وتلاميذه من ضيقات وشدائد ...
أما رسائل بولس الرسول فتمتلىء رسائله بالكلام عن الضيقات والآلام وبركاتها والكنوز المذخرة فيها ، كانعكاس لخبرته الشخصية وتجربته مع الألم والضيق ..
ومنذ بداية قصة بولس مع المسيح – بعد اهتدائه قرب مدينة دمشق – قال عنه لحنانيا :
" سأريه كم ينبغى أن يتألم من أجل اسمى " ( أع 9 : 15 ، 16 ) ...
وهذا ما اختبره بولس وقاله عن المسيح له المجد " لأنه لاق بذاك الذى من أجل الكل وبه الكل وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد ، أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام " ( عب 2 : 10 ) .. كان بولس الرسول طراز عجيب من البشر ، فبعدما استعرض عمق محبته لسيده وأن لا شىء يمكن أن يفصله عنه حتى الموت فى صوره المختلفة ، هتف فى ( رومية 8 : 37) :

" ولكننا فى هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذى أحبنا "

 
الصليب والعبادة المسيحية
لماذا يستخدم المسيحيون علامة الصليب ؟
منذ نشأة المسيحية استخدم المسيحيون علامة الصليب ... هذه حقيقة يؤكدها جميع العلماء والباحثين .. فالصليب وعلامة الصليب تراث تقليدى يتغلغل فى حياة المؤمنين بتسليم رسولى ..
وتعلم الكنيسة أبناءها المؤمنين أن يرسموا علامة الصليب على ذواتهم عند بدء الصلوات وفى ختامها . عند النوم وحال اليقظة . فى دخولهم إلى بيوتهم وخروجهم منها . فى أكلهم وشربهم . عند بدء كل عمل ، وعند ارتداء ثيابهم .. وبالجملة فإن علامة الصليب تتخلل حياتهم اليومية .. لقد صاحبت كل عمل دينى أو دنيوى فى حياة المسيحى من اليقظة فى الصباح حتى رقاد النوم فى الليل .
فلماذا يرسم المسيحيون علامة الصليب ؟
( 1 ) ليبرهنوا على تبعيتهم للمسيح المصلوب .. فالصليب هو العلامة المميزة للمؤمنين بالمسيح ، المنضمين تحت لوائه ، لأنه علامة مخلصهم ..
فالصليب سوف يظهر مرة أخرى  فى السماء كالعلم الذى يتقدم أمام الملك .. وحينئذ ينظر إليه الذين طعنوه والذين استهزأوا به . وإذ يعرفونه ( المسيح ) من الصليب يندمون حيث لا زمان للتوبة . أما نحن فنفتخر بالصليب ونعظمه عابدين الرب الذى أتى وصلب عليه .
( 2 ) إعلانا لإيمانهم المسيحى وافتخارا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به تم فداؤنا وخلاصنا وانفصالنا عن الشيطان والعالم ، وانطلاقنا من أسر اجحيم وعبودية إبليس " أما أنا فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به صلب العالم لى وأنا صلبت للعالم " ( غلاطية 6 : 14 ) .
( 3 ) إيمانا من المسيحيين بأن جميع بركات العهد الجديد الروحية إنما كانت بفضل صليب مخلصنا ..
( 4 ) وحين يرسم المؤمنون الصليب على جباههم ، أو حين يرسمه الكهنة على المؤمنين أو على أوانى الكنيسة يذكرون كل المعانى التى تشتمل عليها الديانة المسيحية ...
فيذكرون عمل المسيح الفادى وخلاصه العظيم ، وجميع البركات الخلاصية النابعة من الصليب .. ويذكرون أنهم ليسوا بعد لأنفسهم ، بل للذى مات لأجلهم وقام ( 2 كو 5 : 15 ) .. ويذكرون أنهم اشتروا . بدم ثمين ، فعليهم أن يمجدوا الله فى أرواحهم وفى أجسادهم التى هى له ( 1 كو 6 : 20 ) .. وعندما يذكرون تلك المعانى تضطرم فيهم محبة الله ، ويزدادون تعلقا به ورجاء فيه ...
رموز الصليب فى العهد القديم :
1 – " وجعل الرب لقايين علامة لكى لا يقتله كل من وجده " ( تك 4 : 15 )
حمل قايين أمرين أولهما اللعنة وثانيهما العلامة . والرب يسوع المسيح فى صليبه وفداءه حمل اللعنة عنا وحمل الصليب عنا أيضا – وهذا هو صليب ربنا يسوع المسيح حيث يحمل حياة لنا وخلاصا من عقوبة الخطية .
2 – أبناء يوسف أفرايم ومنسى وبركة يعقوب أب الآباء : " وأخذ يوسف الأثنين أفرايم بيمينه عن يسار إسرائيل ، ومنسى ( البكر ) بيساره عن يمين إسرائيل ( ليأخذ البركة ) وقربهما إليه  [ مثال علامة الصليب ] أشيــاء ترمز إلى الصليب :
سلم يعقوب [ تك 28 ] – عصا موسى [ خر 4 ]  -  عصا هارون [ خر 7 ] – عصا الفصح [ خر 12 ] – الحية النحاسية [ عدد 21 : 4 ] – الخشب الذى جعل الحديد يطفو [ 2 مل 6 : 6 ] .

القديس مار افرام السرياني


قراءة من القديس مار افرام السرياني
  حديثنا في البكرعن مولده وهو في عيده معونتنا الخفية،
 لا تحسبنّ ليلة العيد هذه مثل سائر الليالي عيده هو أجرهُ يسمو مئة الغيرة،
عيد يقاتل السهر والنعاس فيه، وفيه المُنشد يقاتل الصمت بألحانه،
 والعيد حامل الخيرات واول الاعياد ومبدأ الافراح بأسرها.
اليوم الملائكة ورؤساء الملائكة هبطوا الارض،
 وسبحوا تسبيحة جديدة انهم لها بطون الى العيد العجيب،
 ومبتهجون مع الساهرين وحين سبحوا كانت التجذيف من الافواه
 بورك بمولد فيه ردد العالم منها ليلة المجد.
هذا الليل هو من ضم الساهرين في السماء الى الساهرين في الارض.
 اتى الملاك ليجعل في الارض ملائكة فغدا الساهرون شُركاء الملائكة،
 وغدا المُسبحون شركاء السارفيين.
 فطوبى لمن غدا كنّارة تُسبحك وغدا ثوابهُ نعمتك.
مار إفرام السرياني (كنّارة الروح القدس)
 إذا لم يختلف النور
فالظلمة لا تقوى على الظهور
وإذا لم يلم النور أشعته
فالظلمة لا تبسط جناحيها السوداوين
مادام الكرى بعيدا عن عينك أيها الساهر
القديس إفرام، أشهر الأدباء الأراميين قاطبة، نُعت بتاج الأمة الأرامية السريانية ‏ومنار الكنيسة ، معلم العلماء وقطب دائرة الشعراء، نبي السريان وعمود ‏الكنيسة. قال عنه القديس يوحنا الذهبي الفم: (إفرام كنّارة الروح القدس)
لقب بالقاب عدة كقيثارة الروح القدس وشمس السريان ، وهو  احد اباء ومعلمي الكنيسة الذي تجمع على قداسته جميع الطوائف المسيحية الرسولية
 حياته ورسالته
 ولد عام 306 ميلادية في مدينة نصيبين شمال شرق سوريا الفاصلة بين دولتيّ الروم والفرس
‏يقول بعض المؤرخين، السريان خصوصاً، انه ولد من أبوين
مسيحيين تّقيين، ربما استناداً الى ما ‏ورد في إحدى خطبه: «إني ولدت في طريق الحقيقة ولو أن صباي لم يشعر بذلك». بينما يقول ‏غيرهم: إن والده كان وثنياً من الرها وأمه فكانت مسيحية، ولما عرف الأب بميل إبنه ‏الشاب الى المسيحية واحتقاره الديانة المجوسية، غضب عليه وطرده من البيت، فالتجأ الى ‏أسقف مدينة نصيبين القديس يعقوب، وقبل العماد المقدّس في السنة الثامنة عشرة من عمره ‏تقريباً.
ثم «لازمه ملازمة الظل»
 
 تتلمذ للقديس يعقوب اسقف نصيبين ولما اراد أن يرسمه كاهنا، اعتذر لتواضعه، واكتفى بأن يبقى شماساً إنجيلياً. ثم أقيمَ استاذاً لمدرسة نصيبين الشهيرة التي ذاع صيتها في بلاد الشرق ، فانكبَّ على التدريس والتأ ليف حتى بلغت تلك المدرسة أوج الازدهار وكان تلاميذها من مشاهيرالعلماء السريان وبرز منها عدد كبير من ‏الكتّاب والملافنة والقديسين منهم أفراهاط الحكيم الفارسي مؤلف كتاب «البراهين»، ‏وغريغوريوس الراهب الأهوازي صاحب كتاب «السيرة الرهبانية»، في أواخر القرن الرابع.‏
علّم مار إفرام في مدرسة نصيبين زهاء 38 عاماً، وكان يغتنم بعض أوقات الفراغ للتأليف ‏شعراً ونثراً.
بعد وفاة القديس يعقوب اسقف نصيبين واصل إفرام مهمته التعليمية بنجاح ‏وتفوّق في عهد خلفائه الثلاثة،
وهم: بابو (338 ـ343)
 أولغاش (343 ـ 361)
إبراهيم ‏‏(361)
والذين تولوا كرسي أسقفية نصيبين.‏
أنشد إفرام مناقبهم الجليلة في ميامر عديدة،
وصف فيها
مار يعقوب بالغيرة والحزم
وبابو ‏بالتواضع ومحبة الفقراء
وأولغاش بالعلوم والأد ب
وإبراهيم بالوداعة ومحبة الفقر‏
ويُحكى أن شابور الثاني ملك الفرس رفع الحصار عن مدينة نصيبين سنة 338 بفضل صلوات مار ‏إفرام السرياني وأعجوبة حد ثت على يده. أما إفرام فنسب ذلك الحدث العجيب الى شفاعة ‏راعي الأبرشية القديس يعقوب.‏
بعد الحروب بين الفرس والرومان إلتزم الإمبراطور الروماني جوفيان أن يوقع معاهدة مع ‏الفرس، العام 363، تقضي بالتنازل لهم عن مدينة نصيبين. فرحل القديس افرام مع كثيرين من ‏مواطنيه الى مدينة الرها، مروراً بمدينة آمد
وفي الرها واصل التعليم في مدرسة عُرفت ‏بمدرسة الفرس، لأنها تأسست خصيصاً للسريان النازحين من مدينة أصبحت تحت حكم الفرس، وأكثر ‏معلّمي المدرسة كانوا من النازحين أيضا مع افرام السرياني.‏
مارس هذا المعلّم الشهير التعليم حتى أواخر حياته، عام 373. وكان يشغل أوقات فراغه ‏بالمطالعة والتأليف والتأمل، مختلياً في جبل الرها، المدعو الجبل المقدس، لأنه اشتهر بكثرة ‏مغاوره التي اتخذها النسّاك صوامع لهم.‏
يتفق المؤرخون على أن إفرام السرياني كان ورعاً تقياً نقياً وديعاً. ورغم سمو قداسته وسعة ‏علمه اعتبر نفسه غير أهل لدرجة الكهنوت، بسبب تواضعه، فاكتفى بأن يكون شماساً لكنيسة ‏الرها. بشّر بملكوت الله وخدم القريب، لاسيما المعوز
والجائع
والمريض
ازدهرت الحياة الرهبانية في القرن الرابع للميلاد ، وظهر نساك في براري سورية الشمالية والوسطى ، وملأت الأديرة والجبال ما بين النهرين ، ودخل فيها آلاف الرهبان والراهبات .
وقيل أن مار افرام تنسك على اثر دخوله في مدرسة مار يعقوب اسقف نصيبين . وأتم نذوره الرهبانية الثلاثة :
الطاعة
والفقر
والبتولية
وكان مار افرام لا يأكل سوى خبز الشعير والبقول المجففة ، ولا يشرب سوى الماء ، ولا يلبس الا أطمارا بالية
قال عنه باسيليوس الكبير (331-379): «ان مار افرام جوهرة نادرة المثال، غالية الاثمان، ‏اختفى بحجاب تواضع عميق عن أعين البشر، مستأثراً بدرس الفضيلة والحكمة السامية ليحوز ‏القربى لدى الله تعالى العارف بخفايا القلوب ومكنونات الصدور
منذ وفاته، العام 373، رفع افرام السرياني على المذابح، واعلنه البابا بندكتس الخامس ‏عشر ملفانا للكنيسة الجامعة في 5 تشرين الاول سنة 1920
بدأت الطقوس الكنسية في فجر المسيحية كأدعية تُتلى ومزامير تُرنم في اجتماعات المؤمنين للصلاة والاحتفال بالقربان المقدس . واهتم مار أفرام بالحياة الطقسية في الكنيسة إذ أدخل إليها أناشيده المنظومة على ألحان خاصة . كما نظم جوقة مختارة من فتيات الرها اللواتي علمهن ما اقتبسه من الأنغام الموسيقية وما نظمه من القصائد الروحية والتراتيل التي ضمنها العقائد الدينية وناهض بها الهراطقة . وقد صارت أناشيد أفرام وأشعاره جزءا لا يتجزأ من الطقس الكنسي في حياته وماتزال الكنيسة السريانية تترنم بها صباح مساء
والى مارافرام يعود فضل تنظيم الحياة الطقسية في الكنيسة السريانية وتنظيم الجوقات الكنسية التي تصدح اليوم آذان المؤمنين في الكنائس وتخلق في نفوسهم الخشوع وتساعدهم على التعبد للرب والاهتداء الى الإيمان الأفضل
مؤلفاته
 
 جميع مؤلفاته كتبها باللغة السريانية وترجمت لمختلف لغات العالم و تعد من روائع الادب المسيحي السوري ، وتمتاز مؤلفاته الكثيرة بالرقة و بجمال التفكير والتعبير ومازالت تتلى حتى اليوم كجزء من ليتورجيات الكنائس السريانية المختلفة ، كتب الكثير في مدح السيدة العذراء
برع القديس افرام السرياني بتفسير الكتاب المقدس- وعقائد الإيمان القويم واتبع في ذلك الطريقة الشعرية حيث ابدع اجمل ما كتب في شرح وإيضاح المعاني الروحية لكلمة الله ، إضافة إلى ذلك اهتم بالكرازة وعاش حياة المتصوفين
هذا وقد ترجمت مؤلفاته الى اليونانية في حياته أو في العقد الأول بعد وفاته نظرا لأهميتها ، كما نقلت بعدئذ الى لغات شتى ، أهمها العربية .. فقد ترجم الى العربية ابراهيم بن يوحنا الانطاكي سنة 980 عددا من مقالات أفرام في الرهبنة ،اضافة الى ما ذكره رئيس أساقفة دمشق للسريان الكاثوليك ، غريغوريوس يعقوب حلياني 1750، وفيه يتحدث عن الشعر السرياني والدور الريادي الذي قام به مار افرام كماأن ثمة 51 مقالة نقلت الى العربية من اليونانية حوالي القرن الحادي عشر ، هذا وأصلها السرياني مفقود
كتابات افرام السرياني كثيرة ومتنوعة، ويغلب فيها الشعر على النثر. ذكر المؤرخ ‏اليوناني سوزومين (423 ب.م) ان القديس افرام السرياني كتب زهاء ثلاثة ملايين من ‏الاشعار، وقال القديس ايرونيموس (340-420) ان منظومات مار افرام السرياني المنيفة ‏على ثلاثة ملايين من الأبيات الشعرية فرضت وجودها بامتياز في الكنائس المسيحية منذ كان بعد ‏في قيد الحياة».‏
‏اهتم بعض العلماء في الشرق والغرب بنشر مؤلفات مار افرام استناداً الى المخطوطات ‏اللندنية والفاتيكانية وغيرها. واشهر من اهتم بهذه الاثار الكتابية النفيسة هو الراهب ‏البندكتاني الالماني ادموندس بك الذي نشر، بطريقة علمية حديثة، كتابات مار افرام، ‏باللغة الالمانية في 14 مجلداً كبيرا، من 1955-1970 ضمن مجموعة «الكتبة المسيحيين الشرقيين». ‏واخذ عنه كثيرون في ما بعد، وترجمت كتاباته الى لغات عدة.‏
روحانيته
 
كان افرام السرياني، شاعرا ورجل تأمل وصلاة، تعمق في روحانية الوحي الالهي، وفي اقوال ‏الانبياء والرسل، فجاءت كتاباته امتدادا طبيعياً لروحية العهد القديم والجديد، من يطالع ‏شروحه للكتب المقدسة ويقرأ اناشيده في الحقائق الالهية يواجه روحاً نبوية ممتاز بالرؤى ‏الروحانية السماوية».‏
بعدما تشبّع افرام وارتوى من منبع الاسرار الالهية، عبّر عما يختلج في اعماقه باناشيد ‏ وترانيم شعرية رائعة، تعلمها منه الفتيان والفتيات فأ نشدوها ورتلوها في ‏الكنائس والشوارع والبيوت والحقول.‏
روحانية افرام تظهر بخاصة في عبادته للعذراء مريم. هذه العبادة كانت عميقة وثابتة. ‏ولقد ردد مراراً: «عظامي تصرخ من القبر: ان مريم قد ولدت ابن الله. وما اكثر الاناشيد ‏والقصائد التي خصصها لمديح مريم!‏
وتسمو روحانيته كذلك في توقه الحار الى القداسة، فالقداسة ثمرة «الطريق الحرج» طريق ‏الصليب الذي تكلم عنه المسيح مراراً.‏
فما أصدق كلام ابن سيراخ اذ طبق على افرام السرياني: «في جميع اعماله حمد القدوس العلي ‏بكلام مجد، وبكل قلبه انشد واحب الذي صنعه. اقام المرتلون امام المذبح ليرسلوا الحانهم ‏العذبة. جعل للأعياد رونقاً وللحفلات بهاء تاماً ليسبّح الرب القدّوس...» (ابن سيراخ47/8-‏‏10).‏

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010