الرضيع والأميرة

الرضيع والأميرة
القمص تادرس يعقوب ملطي
ملك مضطرب
وقف فرعون، رمسيس الثاني، في قصره العظيم يراقب إنشاء أبنية فخمة، تُستخدم فيها حجارة كبيرة وثقيلة. وفي خيلاء قال في نفسه:
"عملي هذا عظيم 
كم أنا عظيم!
عبيدي بلا حصر! إنهم جيش من النمل!
هم نملي أنا!
يعملون بجديّة بفضل خطتي الناجحة!"
وسط هذه الأفكار المتشامخة، كان القلق يساوره. ففي غضب شديد كان كمن يلتهب نارًا أو كمن كاد أن ينفجر من الغيظ وهو يقول:
"عبرانيون هم!
جاءوا إلى مصر منذ حوالي 400 عامًا، وكان عددهم قليلاً جدًا. وها هو يتزايد عددهم جدًا.
حقًا إنهم عبيدي، ويعملون لحسابي بجدية، لكنني لا أستطيع أن أثق فيهم.
إن لم أكن حريصًا، فسيثورون علىَّ ويغتصبون مملكتي".
التقى فرعون برجال البلاط وقال لهم:
"لقد صار اليهود أكثر منا عددًا وقوة. هلُمَّ نتصرف بحكمة قبل أن يصيروا خطرًا علينا. لنسلبهم حريتهم، ونذيقهم المرارة؛ عندئذ يتركون مصر، فأصير في أمان! إنني محتاج إلى أعمالهم كعبيد لي ولكن..."
صدرت الأوامر مشددة بسحق اليهود بالضغط عليهم بالأعمال الشاقة في الحقول وبناء المدن العظيمة والهياكل والقصور والمقابر، يلتزمون بحمل الحجارة الثقيلة، وعمل اللَّبِن وحمله بكميات كبيرة. وقد أقيم عليهم رؤساء عمل مرَّروا حياتهم جدًا. ومع هذا كان عددهم يتزايد جدًا.
قي قسوة وأنانية أصدر الملك أمره إلى القابلتين اللتين كانتا تقومان بتوليد العبرانيات أن تقتلان كل طفل ذكر عبراني. إلا أن القابلتين خافتا الله فلم يسمعن للملك، وقام العبرانيون بإخفاء أطفالهن ليلاً ونهارًا، كما كانوا يُصلّون ويُصلّون حتى يعينهم الله بقوته ورحمته.
طفل في وسط البردي
في تلك الأيام كانت هناك سيدة تدعى يوكابد من سبط لاوي، قامت بمساعدة رجلها عمرام وطفليها هرون ومريم بإخفاء الرضيع لمدة ثلاثة شهور. كانوا يبذلون كل الجهد ألا يبكي الرضيع حتى لا يقتله الجند الذين كانوا دائمي الحركة يتصنتون على البيوت لعلهم يسمعون صوت رضيع ذكر.
أخيرًا جمع الكل بعض أعشاب البردي من حافة النهر، وقامت الأم المحبوبة بضفرها كسلة، طلوها بالحُمر والقار حتى لا يتسرب إليها الماء، فصارت أشبه بقارب صغير. ألبست الأم رضيعها، وقبلته، وقمطته بملاءة حوله لتحفظه في دفء وسلام وأمان.
كانت مريم تتطلع إلى ما تفعله أمها وهي في حيرة، وأخيرًا سألت أمها: "ما هذا يا أماه؟ ماذا تفعلين؟ ولماذا؟
أجابتها الأم ودموعها تنهمر من عينيها: "سترين يا ابنتي، سترين! انتظري في هدوء".
صارت الأم ترقُب من إحدى النوافذ الجنود وهم يعبرون ببيتهم، وإذ خلى الطريق منهم حملت رضيعها وطلبت من ابنتها الصغيرة أن ترافقها. وسار الاثنان معًا قرابة ميلٍ حتى بلغوا شاطيء النيل. عندئذ بدأت الفتاة الصغيرة تفهم ما تفعله أمها.
وضعت الأم السلة بين أعشاب البردي، وأَضجعت رضيعها فيها، ثم رفعت عينيها نحو السماء لتصلي لله في صمت... تكلمه بدموعها المنهمرة وتنهدات قلبها غير المنقطعة.
لم تدخل المياه إلى قارب الطفل الرضيع، أما هو فصار يتثاءب ثم نام في هدوء.
مسحت الأم دموعها وهي تهمس: "لن يستطيع الملك أن يجده... إنه مخفي بين البردي؛ إنه محفوظ في يديْ الله!"
في صوت هاديء حزين قالت مريم لأمها: "أماه. سأبقى هنا مع أخي، أقضي معه النهار كله حتى لا تقترب منه الطيور، وإن جاء أحد أتظاهر باللعب".
قبَّلت الأم ابنتها الصغيرة، وحوطتها بحضنها، ثم فارقتها وهي تشعر بأن ابنتها إنسانة ناضجة بقلبها وفكرها، وإن كانت صغيرة بجسدها.
بقيت المسكينة مريم بجوار النهر وحدها تجلس على حجر إلى ساعات طويلة... وكانت بقلبها وكل مشاعرها تتطلع إلى أخيها... بين الحين والحين عندما تطمئن إنه لا يراها أحد تتسلل بين أوراق البردي لتقدم لأخيها شرابًا حتى ينام.
كانت السفن تبحر في وسط النيل، وجاءت بعض النساء يغسلن ثيابهن عند حافة النيل ولم يلاحظ أحد قط السلة حتى شاهدت موكبًا من النساء، فقد تقدمت واحدة الموكب كله... إنها ابنة فرعون، الذي يطلب أبوها قتل الأطفال الذكور، وقد جاءت تستحم. هذا ما أدركته مريم فاختفت بين الأعشاب بعيدًا، وحرصت ألا يصدر عنها صوت.
نزلت الأميرة بيثيه إلى الماء لتستحم فشاهدت السلة. طلبت من إحدى جواريها أن تأتي إليها بالسلة. فتحت الغطاء فبكى الطفل. صرخت الأميرة: لماذا؟ انظرن! إنه رضيع عائم! حتمًا إنه عبراني!... أخرجته الأميرة من السلة وهي متهللة: "كم هو جميل وحلو! إنني آخذه معي إلى القصر وليعيش معي!"
يقول المؤرخ اليهودي يوسيفوس إن الأميرة بيثيه كانت مصابة بالبرص؛ وما أن لمست السلة حتى برأت للحال. هذا ما جعلها أن تترفق بالطفل جدًا.
لم يلاحظ أحد أن مريم كانت مختفية، وإنما تسللت لتسير بجوار الأميرة وجواريها كمن لا تعطي اهتمامًا. اقتربت مريم منهن جدًا.
"سلام" قالت مريم: "أرضيع هذا؟!"
أجابت الأميرة: "نعم، لقد وجدته عائمًا هنا!"
قالت مريم: "أتحتاجين إلى مربية له ترضعه وتهتم به. فإنني أعرف سيدة يهودية يمكن أن ترعاه ليلاً ونهارًا". هذا ما قدمته مريم للأميرة وقد انحنت أمامها، بينما كانت الأميرة تحاول أن توقف بكاء الرضيع بكل وسيلة.
أجابتها الأميرة وهي شاكرة لها: أرجوكِ اذهبي واحضريها إلىَّ".
عودة إلى بيته
إذ جاءت الأم مسرعة انحنت أمام الأميرة، وقالت لها: "كل ما تأمرين به أنفذه". تطلعت إليها الأميرة بابتسامة عريضة وقالت لها: "خذي الرضيع واهتمي به، وأنا أدفع لك الكثير لتربيته. حبيه كأنه ابنك، وعندما يقوى احضريه إلىَّ في القصر". ثم قالت الأميرة: "إني أدعوه موسى"، وهو اسم مصري معناه: "مُنتشل من الماء".
امتلأت عينا الأم بالدموع، وقلبها بالفرح، وشكرت الله الذي ردّ إليها رضيعها وصار في أمان. وكانت مريم أيضًا سعيدة جدًا إذ شعرت أن الله هو الذي حفظ أخاها الرضيع.
حملت الأم رضيعها إلى البيت، حيث نشأ هناك في كوخ صغير مصنوع من اللَّبِن الأخضر (الطوب النّي) في مواقع صنع اللَّبِن. كبر الرضيع وصار يلعب هناك، وكان يسمع أصوات سياط رؤساء العمل المصريين وهي تنهال على العمال العبرانيين... كما سمع من والدته وإخوته عن القصص القديمة عن شعبه، قصص إبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف الذي جاء إلى مصر. كما عرف إنه حتمًا سيترك عائلته ويذهب إلى القصر كابن لابنة فرعون.     

أُغَني لربي بالمزامير

أُغَني لربي بالمزامير
القمص تادرس يعقوب ملطي
"اِنْتِظارًا انتظرت الرب،
فمال إليّ وسمع صراخي" مزمور 40

شعرت بالحزن فصرخت إليك.
أنت معيني، تميل أذنك إليّ.
أذنك تسمع تنهدات قلبي غير المسموعة.
أذنك تسمع صرخات طفل صغير وهمسات فمه.
أحكي لك ما أخجل أن أرويه لأحد.
تمسح دموعي وتُفرِّح قلبي.
أراك تتحنَّن عليّ فأُغني لك.
أرنم لك أغنية جديدة.
أنت فرحي وترنيمتي يا حبيبي يسوع!
"قلبًا نقيَّا اخلق فيّ يا الله،
وروحًا مستقيمًا جدِّده في أحشائي" مزمور 50

الخطية جعلت قلبي غير نظيف.
مَنْ يقدر أن يدخله ويغسله؟
أنت يا مخلصي تغسله بدمك الثمين، وبروحك القدوس تُعيد خِلْقَته.
نعم! جدَّده لكي يستقبلك!
تعال أيها الرب يسوع إلى قلبي.
"مبارك الرب يومًا فيومًا،
يُحَمِّلنا (بالبركات) إله خلاصنا" مزمور 68

مبارك أنت يارب،
في كل يوم تهبني عطايا كثيرة.
أعطيتني صليبك أعظم عطية.
أَحببتني وقدَّمت ذاتك لي.
أراك في قلبي أيها المصلوب الحبيب.
أراك أمامي تقودني، وخلفي تحفظني، وفوقي ترفع 
عينيْ إلى سمواتك، وحولي تُفرِّح حياتي.
أراك في داخلي، فماذا أطلب بعد؟!
"صِرْتُ أجنبيًّا عند إخوتي،
وغريبًا عند بني أميِّ" مزمور 69

مَنْ يفهمني يارب غيرك؟!
أبي وأمي وإخوتي وأصدقائي أحيانًا لا يفهمونني!
أشعر كأني غريب عندهم.
تعال يا مخلصي يسوع فأنت بالحق صديقي 
الحبيب.
أسمعك تناديني باسمي، وتقول لي:
"أنت ابني.
قلبك هو مَسْكَن لي.
أنت نصيبي".
وأنا أناجيك:
"أنت لي يا مخلصي،
وأنا لك.
نعم لستُ بعد وحدي لأنك معي وفي قلبي".
"اللَّهُم التفت إلى معونتي.
يارب أسرع وأعني.
ليَخزَ ويخجل طالبوا نفسي" مزمور 70

عندما أخطيء أَلْجَأ إليك.
الخطية مُرة وعدو الخير يُقاتلني.
لكنني وأنا طفل جندي قوي... أنت قوتي!
لا أخاف... لا أضطرب... لا أهلك!
أنت قائد حياتي.
باسمك غلب داود النبي جِلْيات،
وباسمك أغلب أنا عدو الخير.
إنه تحت أقدام أولادك ضعيف...
إنه ليس قويًا كما يبدو،
لأنك تُحطِّم سُلطانه بصليبك.
"الرب قد مَلَك فلتتهلَّل الأرض" مزمور 90

قُمتَ يا مخلصي من بين الأموات،
ومَلكتَ في قلبي.
الآن فلتتهلَّل الأرض وتُرنِّم لك.
المحيطات والأنهار تُغني لك.
الحقول والغابات والجبال تُسبَّح لك.
الشيوخ والشباب والأطفال يُرتِّلون لك.
عظيم هو الرب قاهر الموت.
نعم! تعال يا مخلصي أُمْلك في قلبي.
قلبي يُرنِّم لك فرحًا!
"هذا هو اليوم الذي صنَعَه الرب
فَلِنفرح ونبتهج فيه" مزمور 118

في كل صباح أجدك تهبني يومًا جديدًا.
كل ساعة أعيشها، وكل دقيقة، بل وكل نسمة هي 
عطاياك لي.
أرى عجبًا في معاملاتك معي.
أما يوم ميلادك فهو أسعد يوم!
وُلِدْتَ أيها الكلمة بالجسد، وصرت لأجلي إنسانًا.
جعلتني أيها الابن الوحيد ابنًا لله.
لك المجد يا مخلصي الصالح!

آدم وحواء

آدم وحواء
القمص تادرس يعقوب ملطي
آدم وحواء
أتريد أن تعرف كيف بدأت الحياة البشرية؟
اقرأ أول قصة في الكتاب المقدس. إنها تحكي لنا عن عالمنا، كم كان جميلاً عندما خلقه الله خصيصًا للإنسان. لقد خلق أبوينا الأولين آدم وحواء، اللذين فتحا أعينهما ليجدا حولهما جنة ممتعة. لقد كانا عروسين في غاية السعادة، يتمتعان بالحياة مع الله المحبوب.
تخبرنا القصة أيضًا عما حدث لهذين العروسين عندما عصيا الله.
جنة جميلة
غرس الله جنة في عدن شرقًا (في منطقة العراق). وكان ينمو فيها كل أنواع الأشجار والنباتات. وعلى حدودها يجري نهر ماؤه يكفي لزراعة عدن كلها. ويتفرع من هذا النهر أربعة أنهار هي:
نهر فيشون، يحيط بأرض بها ذهب وحجر الجزع.
نهر جيحون، يحيط بأرض كوش.
نهر حداقل، يجري شرقي أشور.
نهر الفرات.
كان آدم سعيدًا جدًا، يتحرك قي الجنة كعصفور يطير؛ لا يعرف الغضب ولا الكراهية ولا حب الكرامة؛ لا يعرف الهموم؛ ولا يضطرب من أجل الغد. كل ما يشغله هو صداقة الله له. كان سعيدًا بالله الذي وهبه أن يتمتع بما يتنسمه وما يلمسه وما يأكله، كما وجد متعة في الزراعة ورعاية الجنة!
لم يحرمه الله من شيء، وبحبه أعطاه وصية سهلة، حتى يفرح بطاعته لله كعلامة على الصداقة معه، إذ يرد حب الله له بالطاعة. لقد طلب منه ألا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر التي في وسط الجنة، وقد أحاطها الله بأنواع كثيرة من الأشجار حتى لا يشعر آدم بالحرمان.
آدم صديق الحيوانات والطيور
تطلع آدم حوله فرأى مخلوقات كثيرة جميلة ومتنوعة.
رأى حوله مخلوقات تمشي على أربعة أرجل، ولها أصوات عجيبة، لكنها لا تتكلم. بعضها ضخم جدًا وقوي لكنها تخضع له، تشتاق أن تخدمه. وبعضها صغير للغاية حتى بالكاد يمكنه أن يراها. كما شاهد مخلوقات تطير حوله في الجو، لا يمكنه هو أن يفعل ذلك، إذ لم تكن بعد لديه طائرة أو مركبة فضاء. وكل ما كان يطير حوله إنما ليهبه متعة وفرحًا. نظر إلى المياه فرأى كائنات تسبح في وسط المياه وتنزل إلى الأعماق، فكان يتأمل فيها وهو على الشاطيء، ولم تكن لديه غواصة لينزل بها إلى أعماق المياه.
كان الله يلتقي بآدم الذي يجري إليه ويتحدث معه ويشكره.
- أهذا هو عملك يا الله؟
- هذا هو عملي، الذي صنعته لأجلك يا آدم...
لقد قدمت لك كل الحيوانات والطيور وكل ما هو حولك وتركت لك الحرية لتعطيها أسماءها.
- أهكذا تحبني يا الله؟
- إني أحبك يا آدم وأكرمك أمام كل الأرض!
- أشكرك وأسبحك وأمجدك أيها الخالق العجيب في حبه! إني أحبك يا رب!
التفت الحيوانات والطيور حول آدم، وكأنها جاءت تحييه...
ربت آدم على فرو أحد الوحوش القوية البنية، ذات أسنان قوية ومخالب كبيرة، وقال له: "أنت أيها الوحش القوي ملك الحيوانات، لتعش في الغابة، سأناديك أسدًا". هزّ الأسد رأسه فرحًا، وأخذ يزأر بصوتٍ عالٍ.
رأى آدم حيوانًا يقفز بين أغصان الأشجار وكأنه يحييه بطريقته الخاصة، دعاه قردًا... قفز القرد على ظهر الأسد وأخذ يلعب...
جاءت بعض الطيور من أغصان الشجر، واستقرت على ظهر حيوان ضخم، وكانت تغرد معًا كأنها جوقة من الموسيقيين... دعا آدم الحيوان ديناصورًا ودعا الطيور: بلابل وكناريا...
أطلق آدم أسماء مختلفة لكل أنواع الحيوانات، فأعطى اسمًا للكلب الذي كان يداعب آدم ويلحس قدميه ويديه، وأعطى اسمًا للحصان الذي صار يركبه ويجري به في الجنة شرقًا وغربًا، وهكذا بقية الحيوانات والطيور والزواحف، وكان آخر الأسماء هو الحية.
مرت الأيام، وآدم في كل مرة ينادي أسماء جديدة، وكان قلبه يلهج حبًا وشكرًا، وهو يقول:
"يا سيدي، لقد أعطيتني أصدقاء ومعاونين كثيرين، ماذا أرد لك من أجل أعمال محبتك؟"
أسعد زوجين في العالم!
إذ كان الله يتمشى في الجنة حيث كل شيء بفيض ووفرة رأى الحيوانات والطيور أزواجًا أزواجًا، أما آدم فينقصه شيء، إنه وحيد بدون شريك. ليس جيدًا للإنسان أن يعيش وحيدًا!"
نادى الله آدم الذي كان يعمل في الجنة بفرح... وكان هذا هو الصوت الوحيد الذي سمعه آدم. جرى آدم نحو صوت الرب مثل المغناطيس عندما يجتذب إبرة البوصلة. كان يجري عبر الأشجار، وهو يقول: "هأنذا يا رب!"
دار الحوار التالي بين الله وآدم:
- ما رأيك في هذه الحيوانات والطيور والأسماك؟
- إنها لرائعة! أشكرك يا سيدي.
إني أحبها جميعًا، إنها أصدقائي.
- لكنها لا تتحدث معك يا آدم. ولا تأكل معك.
إنني أخلق لك رفيقة تكون معينة لك.
تكون لبقة ومتفهمة ومحبة.
تتحدث معك وتسندك.
طلب الله من أدم أن ينام، وإذ استيقظ وجد بجواره امرأة خلقها من جنبه، لتكون قريبة جدًا من قلبه. لم يخلقها من رأسه حتى لا تسيطر عليه، ولا من رجليه حتى لا يتسلط عليها...
فرح آدم جدًا بهذه الامرأة، وقال: "إنها من عظمي ومن لحمي!" مدّ يده إليها، وصار يتمشيان معًا في الجنة... وكان يروي لها خبراته المفرحة مع الله، كيف يلتقي معه كل يوم ليتحدثا معًا. صار يحدثها عن معاملات الحيوانات والطيور معه، وكيف أعطى لكل منها اسمًا، كما حدثها أيضًا عن وصية الله بخصوص شجرة معرفة الخير والشر التي في وسط الجنة، وإنه لا يقترب إلى هناك حتى لا يشغل ذهنه بالأمر.
عاشا معًا بروح المرح، يقطفان الثمار ويأكلان، يسبحان في النهر، ويستظلان معًا في النهار تحت الأشجار... وكانا عريانين دون أن يخجلا. كانا يعملان معًا بروح التفاهم، يكتشفان كل يوم أشياءً جديدة.
عند كل غروب كان الله يظهر لهما ويتحدث معهما، وهما يحدثانه عما فعلاه طول النهار بكونه صديقهما الحميم.
حوار مع الحية
صنعت حواء سلة لتضع فيها الفاكهة التي كانت تلتقطها من الأشجار. وفي ذات يوم إذ كانت تجمع الثمار وصلت إلى منتصف الحديقة. هناك شاهدت شجرة كبيرة مليئة بالثمار، فتذكرت حواء ما قاله الله لرجلها آدم، إذ أعطاه حرية الأكل من كل الأشجار ماعدا هذه الشجرة.
وقفت حواء أمام الشجرة، وقد التفت حولها الحيوانات تداعبها، وكانت الطيور تهيم في الجو تغرد، وكان الكل في شبه حفل يومي مفرح... كان الكل فرحًا ماعدا الحية، فقد ملأ الحزن كيانها لأن آدم وحواء على علاقة طيبة مع الله.
لم تكن حواء تسمع إلا صوت الله ورجلها آدم، لكن في هذا اليوم ولأول مرة تسمع كلمات مفهومة تصدر عن فحيح الحية الخبيثة:
"حواء! حواء!
لماذا لا تذوقين من ثمار هذه الشجرة التي في وسط الجنة؟
ألم يسمح لكما الله أن تأكلا من أية ثمار تريدونها؟!
هل منعكم الله من أكل ثمار أية شجرة في الجنة؟!"
أجابت حواء يمكننا أن نأكل من الثمار أو النباتات التي نريدها ماعدا ثمر هذه الشجرة، وإلا هلكنا".
بضحكة ساخرة أجابت الحية: "يا للغباوة! أتصدقين هذا الكلام؟! مستحيل تموتي! فإن أكلتي منها تملأك المعرفة، وتصيرين حكيمة كالله، وتميزين بين الخير والشر. جربي بنفسك، فسترين أن ما أقوله هو حق!"
همست الحية في أذني حواء لتكمل حديثها معها، قائلة: "إنك إذا ما أكلتي من هذه الشجرة تنالين قوة بها تميزين الخير عن الشر، وتصيرين مثل الله، لهذا أمر ألا تلمسا الثمرة ولا تأكلان منها!"
تحركت حواء نحو الشجرة وهي تصارع بين وصية الله ومشورة الحية، وفي هدوء تطلعت إلى الشجرة فوجدت ثمارها شهية للنظر ومبهجة للعيون! رفعت يدها في تردد حتى أمسكت بفرع من فروعها... وبدأت تسأل نفسها: "لماذا يحرمنا الله من هذه الثمرة الجميلة المنظر؟! هل يُسر الله بحرماننا؟! وما هو الضرر الذي يصيب الحية من حرماننا من الأكل؟!... دخل روح الشك من جهة الله في فكرها يصحبه تصديق مشورة الحية.
مدت حواء يدها لتقطف ثمرة واحدة وهي تقول: "لأجرب ثمرة واحدة!"، وإذ قضمتها قالت: "يا لها من ثمرة شهية!" وكانت الحية تراقبها من وراء شجرة صغيرة لترى ماذا يحدث.
استغيب آدم زوجته فصار يبحث عنها حتى وجدها نصف مختبئة وراء أغصان الأشجار. سألها آدم أين أنتِ؟"
أجابت حواء وهي تغطي خوفها بابتسامة عريضة: "إنني أجمع الثمار كما اتفقنا. انظر إلى هذه الثمرة، كم هي لذيذة... إنها لا تشبعك، لكنها تملأك معرفة!"
قال آدم: "هل هذه من ثمر شجرة معرفة الخير والشر؟"
أجابت: "لا تضطرب! فإنها ألذّ ثمرة في الجنة؟"
قال آدم: "لكن الله قد أمرنا ألا نأكل منها وإلا متنا!"
ضحكت حواء واقتربت من آدم لتقول له: "ألا تصدق عينيك... لقد أكلت منها، ولم أمت!"
صمت آدم قليلاً، ليسمعها تقول: "انظر فإنني حية وصارت لي معرفة. تذوقها أنت أيضًا فنصير نحن الاثنان كالله عارفين الخير والشر!"
كانت الحية تتابع الحوار بين الزوجين في ابتسامة خبيثة.
أمسك آدم بالثمرة من يد زوجته واشترك معها في أكلها... وللحال شعر هو وزوجته بإحساس لم يختبراه من قبل: شعور بالخوف الشديد ممتزج بالخزي والعار، كما أدركا أنهما كانا عريانان.
قال آدم: إننا عريانان. لقد أعطى الله الحيوانات فراء وجلدًا لتدفئتها، ووهب الطيور ريشًا، أما نحن فلم يُعطنا شيئًا من هذا!!"
جرى الاثنان ليختبئا وراء شجرة تين، وصارا يقطفان منها بعض الأوراق العريضة ويخيطانها معًا على شكل بنطلون قصير.
ماذا يحدث لزهرة جميلة ترفض أن ترتوي من الماء أو تحرم نفسها من ضوء الشمس؟ إنها تذبل بعد ساعات قليلة! هذا ما حدث لآدم وحواء عندما حرما نفسيهما من الله، وقالا له: "لا!". خسرا صداقته وشعرا بالحرمان من الحياة والسعادة، وصارا فقيرين مع كل ما يملكانه: الجنة كلها! تسلل الخوف والكراهية والحسد... إلى قلبيهما، وعرفا الشر لأول مرة!
"انصتي" قال آدم لحواء: "إني أسمع صوتًا! إنه صوت الرب يتمشى في الجنة!"
لأول مرة يختفي الاثنان من وجه الله، إذ فقدا صداقته لهما بمخالفتهما وصيته.
نادى الله آدم: "أين أنت؟ ولماذا أنت خائف؟"
خرج آدم وحواء من مخبأهما، وفي خجل شديد قال آدم: "سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت".
قال له الله: "من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟"
أجاب آدم: "المرأة التي جعلتها معي أعطتني من الشجرة فأكلت".
سأل الله حواء: "ما هذا الذي فعلتِ؟"
أجابت حواء: "الحية أغرتني فأكلت".
نظر الرب إلى الحية وقال: "لأنكِ فعلتِ هذا ملعونة أنتِ من جميع البهائم... على بطنك تزحفين في التراب طول أيام حياتك. وأجعل عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنتِ تسحقين عقبه".
زحفت الحية متسللة بعيدًا وقد غطى التراب جلدها؛ فابتسمت حواء سعيدة، لأن الله عاقب الحية.
التفت الرب إلى حواء وقال: "لقد أخطأت وعصيتِي وصيتي، وأصغيتي إلى كذب الحية. لذلك فمن الآن تعرفين الألم عندما تلدين". والتفت أيضًا إلى آدم وقال له: "لقد أفسدت كل ما دبرته لك، لأنك لم تصغِ لوصيتي، لهذا يلزمك أن تخرج من الجنة، وتعمل بتعب، وتأكل بعرق جبينك. لن تكون الحياة بعد سهلة إنها مملوءة آلامًا. لن أراك بعد هنا. إنك تخرج وهناك تموت، لأنك من تراب وإلى تراب تعود... تعال الآن لأصنع لك ولزوجتك ملابس من الجلد، فلا تبقيان عريانين".
تسلل آدم وحواء من الجنة عقابًا لهما، وحزن الله إذ رأى آدم وحواء في مذلة وقد تغيرت حياتهما تمامًا. لقد عرف أن نسلهما يواجهان حياة مُرّة...
تطلع آدم وحواء وراءهما فرأيا ملاكًا عظيمًا يقف عند الباب يحمل سيفًا من نار فحزنا جدًا. لكن الله لم يفقدهما الرجاء، إذ بقى يحبهما جدًا. لقد وعدهما بمن يسحق رأس الحية، أي الشيطان؛ وعدهما إنه يرسل إليهما كلمته مولودًا من عذراء، أي من نسل المرأة. هذا هو الوعد بالمخلص...
لقد أرسل رجاله وأنبياءه يشهدون عن مجيء المخلص، حتى جاء بالحق ربنا يسوع المسيح، وردّ لنا كرامتنا، ووهبنا الخلاص، قائلاً:
"هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" يوحنا 3: 16.

الأنبا برسوم العريان‏‏



http://images.alanbabarsom.multiply.com/image/1/photos/1/500x500/113/406056918.jpg?et=hP8J4baSvRcXeQdrA9kv1w&nmid=61991732
http://www.windsorcopts.com/web_images/barsoum_the_naked.jpg
مرد الإبركسيس
شيرى بنيوت إثؤواف إنذيكيئوس آفا برسوم بى ريف فيش بى مينريت أنتى بى إخرستوس.




تمجيد القديس الأنبا برسوم العريان






ما هو هدفك فى الحياة


الكثيرون من الناس، لا يبالون بغاية حياتهم، بل يعيشون ضائعين. فهل فكرت مرة في هدف حياتك؟
جاء حفيد إلى جده مسروراً، وأخبره بنجاحه في الأمتحانات الثانوية العليا. فهنأه الجد بحرارة، وسأله: «والآن ما هي خطوتك التالية؟» فجاوبه: «أتابع أمنية قلبي، وأدخل الجامعة، لأنكب على التحصيل العلمي بشدة». فقال له الجد: «وبعد ذلك؟» فجاوبه الشاب: «أفوز بامتحانات الجامعة النهائية، وآخذ وظيفة عالية محترمة». وسأله الجد: «وبعدئذ؟» فأجاب: «أتزوج فتاة جميلة مهذبة، لأنني لست غبياً لأتزو ج أثناء الدارسة كالآخرين». «رائع جداً قال الجد، ولكن بعدئذ ماذا؟» أجاب الشاب: «أشتغل بقوة وببصيرة حادة، حتى أصير مشهوراً لامعاً». فقال الجد: «وبعد؟» أجابه: «بعدئذ أتقاعد، وأستريح، وأتمتع بالحياة». فكرر الجد السؤال: «وبعد؟» أجاب: «طبعاً لا نعيش إلى الأبد بل عليّ ألأن أودّع أهلي وأصدقائي وأموت» قال الجد: «وبعدئذ؟» فصمت الشاب قليلاً، وصارت عيناه كجمرتي نار، ثم أجاب: «أشكرك يا جدي الحنون، لأنك ذكرتني باكراً أن النجاح في هذه الحياة الدنيا، ليس هو كل شيء. لقد غفلت عن الأبدية بكرة سروري وفرحي. يا جدي الحكيم، تأكد أنك لم تذكرني وتنصحني باطلاً».
لعله قد مر بك مثلما مر بهذا الشاب، إن تفوز وتنجح بكل ميادين الحياة الدنيا، وتهمل المصير الأبدي. أتطمع وتجتهد، لتربح وتصل إلى هدف عال؟ ربما فكرت أن تجمع إرثاً لأولادك، أو كفالة لمستقبلك. هذا بديع. لا ريب. ولكن ماذا تصنع لو توفاك الله فجأة؟ ربما تقول لا حاجة بنا إلى مثل هذا التفكير الأسود. لأن المتشائمين يغرقون في حمامهم الأسود.
إن صاحب رأى وموقف كهذا، لهو قصير البصر. لأن الحياة نفسها محدودة، ولا بد أن تنتهي مهما طالت. لذلك فقد صلى النبي موسى الحكيم بمزموره التسعين بكلمته الشهيرة: «إِحْصَاءَ أَيَّامِنَا هكَذَا عَلِّمْنَا فَنُؤْتَى قَلْبَ حِكْمَةٍ» (مزمور 90: 12). وإنه لحكيم من يفتكر في نهايته، وغبي من لم يستعد لملاقاة الموت.
ذهبت لزيارة طالب جامعي أثناء مرضه في إحدى المستسفيات. ولما شاهدته قلت: «لا نعرف إن كان هذا الفراش الذي يضمك الآن هو الأخير هل فكرت في هذا؟» فأجابني مهتاجاً ساخطاً: «لقد درست المحاماة بتفوق، وأرغب النجاح في العالم». ولما أجبته «الموت لا يبالي بمثل أهدافك» حزن جداً وغضب لجرأتي في مصارحته. وبعد يومين اثنين فقط قرأت في الجريدة خبر وفاته. فقد انتقل من دار الأحياء إلى عالم الأموات. فيا عزيزي هل تعرف معنى الآية «إِحْصَاءَ أَيَّامِنَا هكَذَا عَلِّمْنَا فَنُؤْتَى قَلْبَ حِكْمَةٍ؟»
وقد قص المسيح علينا حادثة، أن مزارعاً من الوجهاء الذوات. ازدادت غلال أراضيه، إلى درحة أن مخازنه لم تعد تسعها. فطلب مهندساً لتخطيط بناء أكبر منها. ولما تمّ له ما أراد وملأ هذه المخازن بمؤنته وغلاته، استراح قائلاً في ليلته تلك: «يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟» (لوقا 12: 19 و20).
من يتجرأ، أن يكلم الوجيه المحترم بهذه الكلمات القاطعة؟ الله وحده. وقد سماه غبياً، لأنه نسي في نجاحاته الدنيوية الحياة الأبدية. وأما أنت فإنك لا تريد أن تكن مهملاً أحمق مثل هذا الغني الغبي، وتنسى نهايتك.
مثلك كالكثيرين في عصرنا، الذين يظنون أنه بالموت ينتهي كل شيء. لا، فإني أكلمك على أساس الكتاب المقدس الذي يعلمنا، أنه بالموت يبدأ الفصل الأخير.
أما الذي آمن بربه المسيح وكرسّ له حياته، فيبتدئ الحياة الأبدية في قربه ومجده؟ وسرّ هذه الحياة الأبدية، أنها مبتدأة اليوم في لحظة القبول. التي يعقبها غفران الخطايا. فمن دخل إلى شركة الحياة مع المسيح يتيقن: أنه أن مات فسينقل إلى المسيح، ويثبت فيه كل حين ويمكث في راحة مجده. أليس هذا هدف الأهداف، الذي يستحق أن نسعى نحوه؟
أما من عاش في دنيانا بدون المسيح وغفرانه ومات، فإنه يموت موت الأشرار، ويخلد في العذاب الأبدي. وقد فسر المسيح هذه الحالة، بالطرح في نار جهنم، حيث دودهم لا يموت ونارهم لا تُطفأ. و هناك يقع الخاطئ تحت تبكيت ضميره الذي يحاسبه على ذنوبه. فيصرخ الألوف مولولين: ليتنا قبلنا دعوة المسيح، وأتينا إليه، يا ليتني استمعت لهذا المنشور الصغير، الذي رسم هدف الحياة واضحة أمام عيني. لقد أهملت وقت النعمة وتخيلت رحمة ربي. لذلك أنا أتعذب في النار الكاوية.
أيها الأخ، إنك مسؤول لتختار هدف حياتك. هل تقبل إلى الخلاص السعيد عند المسيح، أو تسقط إلى هاوية العذاب والسعير؟ فنطلب إليك: اربح الوقت وتأمل فيما هو لسلامك، قبل نهايتك المحتومة. اهتم اهتماماً كاملاً بربك وحده. فلا تخاف من السؤال الهام: وبعد ذاك؟ بل تجيب بفرح: إن هدف حياتي هو ربي يسوع المسيح ولا شيء غيره.
هل يحيرك سؤال ما؟
إن كنت مضطرباً وحائراً في قضايا الإيمان، فاكتب لنا صريحاً، لنجاوبك على أسئلتك.

أنواع من العبوديات


 أنواع من العبوديات
" اعبدوا الرب بفرح " ( مز 100 : 2 )  

إن كان الله لم يخلق بنى آدم لعبادته ، بل إن عليهم واجباً أدبياً نحوه ، أى عبادته بحب وليس بالغصب ، أو خوفاً من عقابه ، أو طمعاً فى ثوابه ، كما تنادى له بعض الأديان المعاصرة ، أو كما ينادى به آباء العهد القديم :
·       اخشوا الرب واعبدوه " ( يش 24 : 14 ) .
·       أعبدوا الرب بخوف " ( مز 2 : 11 ) .

+ وقد استطاع عدو الخير أن يدفع الناس القدماء إلى ترك عبادة إله السماء ، وعبادة أوثان لا تشفع ولا تنفع ، ولا يزال عالم اليوم يضم الملايين من العابدين لغير الله ، ومنهم النماذج التالية :

1 – عبودبة للخطية :
من يعمل الخطية هو عبد للخطية " ( يو 8 : 34 ) ، والوحيد القادر على تحريرك منها هو الرب يسوع إن حرركم الإبن ، فبالحقيقة تكونون أحراراً " ( يو 8 : 37 ) .

2 – عبودية للمال :
+ وما أكثر الجرائم الفظيعة ، التى تُرتكب من أجل جمع المال ، أو سرقته ، أو خطفه .
وقال الرب يسوع : لا يقدر أحد أن يخدم سيدين ، لا تقدروا أن تخدموا الله والمال " ( مت 16 : 24 ) .

+ وهنا يأتى السؤال : ماذا يستفيد الإنسان ، لو ربح العالم كله وخسر نفسه " ( مت 16 : 26 ).

+ تأمل ما حدث للغنى الأنانى ( لو 12 ) وللغنى الغبى ( لو 16 ) !! .

+ وقال القديس بولس الرسول : إن محبة المال أصل لكل الشرور ، الذى إذا إبتغاه قوم ، ضلوا عن الإيمان ، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة " ( 1 تى 6 : 10 ) .

3 – عبودية للشهوات والعادات الفاسدة :
+ وهى نتيجة لحروب إبليس وأصحابه ( أصدقاء السوء ) ووسائل الإعلام العالمية .

+ وفى تعريف للقديس بطرس الرسول ، هم : عبيد الفساد ، لأن ما انغلب من أحد ، فهو له مُستبعد أيضاً " ( 2 بط : 19 ) كالتدخين والخمر والمخدرات ( الأدمان ) والمقامرة ، والجنس : "مستعبدات للخمر الكثير " ( تى 2 : 3 ) ، " ومستبعدين لشهوات ولذات مختلفة " ( تى 3 : 3 ) .
ولكن يمكن التخلص منها عن طريق وسائط النعمة ، والخلاص بمعونة الرب .

4 – عبودية الإستدانة :
+ يلجأ البعض ( غير الحكماء من الجنسين ) أحياناً إلى تقليد الأغنياء الأشرار فى نمط وأسلوب حياتهم ، فيرتكبون خطايا خطيرة ، أو الوقوع تحت نير الإستدانة والربا .

·       وقال سليمان الحكيم :  إن المقترض عبد للمُقرض " ( أم 22 : 7 ) .

+ فلننظر إلى الآباء الحُكماء ، الذين عاشوا على الكفاف وحياة القناعة ، والرضا بالواقع ، وشكر الله على الموجود ، دون طلب قروض للكماليات ، وبالتالى التورط فى الأقساط ، وما يتلوها من مشاكل ومشاغل واهتمامات !! .

+ والآن ( يا أخى / يا أختى ) بعدما عرفت بعض أنواع من العبوديات ، ونتائجها القاسية ، وسهولة التخلص منها بالأعتماد على وسائط النعمة المجانية ، فأرجوك أن تسرع إلى الرب يسوع ، وتقدم له العبادة بفرح وحب ، وسوف يخلصك من كل ما يوجع القلب ، ويريحك من كل تعب .

+ ولتعلم وليعلم كل الناس والأجناس ، أن المسيحية خالية من الفروض ، ولا تقبل أن تتم الممارسات الروحية بالغصب ، بل بالحب للرب ، وللفضيلة الجميلة ، لا طمعاً فى ثواب ، ولا خوفاً من عقاب ، كما تشير به تعاليم العالم المعاصر ، القائمة على الإجبار والترهيب ، والعذاب الشديد ، لمن لا يتمم كل طقوس العبادة المفروضة بالجبر والإلزام !! .

+ وقال داود : " فرحت بالقائلين لى إلى بيت الرب نذهب " ( مز 122 : 1 ) .

القديس بولس الرسول


القديس بولس الرسول
القمص تادرس يعقوب ملطي
حوار في طرسوس

الآن نحن على الساحل الشمالي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط في مدينة طرسوس، عاصمة كيليكيا الغنية، التابعة للدولة الرومانية.
في الحيّ اليهودي، جلس الصبي الصغير شاول بجوار والده، وصار يسأله:
"يبدو لي يا أبي أن صديقك يحترمك لأنك روماني الجنسية؛ ماذا تعني الجنسية الرومانية؟"
أجاب الأب بابتسامة:
"أنت تعلم يا شاول أننا عبرانِيَّون، ونعتز بذلك. أنا فريسي، وأنت أيضًا تصير فريسيًّا: تحفظ الشريعة اليهودية، وكل ما تسلَّمْناه من آبائنا، وتسلك في طاعة الله.
وفي نفس الوقت أنا روماني، قد اقتنيت هذه الجنسية بثمنٍ كثير لكي تصير كل العائلة رومانية".
سأل الصبي شاول: "وما فائدة هذه الجنسية؟"
أجاب الوالد: "عندما تكبر يصير لك الحق الاشتراك في مجلس المدينة، ويكون لك حق التصويت بخصوص القوانين التي تصدر هنا".
تدخَّلت الأم وقالت: "الجنسية الرومانية لقب يعطينا الكرامة والحماية، يمَكَّنُنَا إن شعرنا بظلم أن نرفع شكوانا إلى قيصر روما... ولا يمكن للجند الرومان هنا أن يستخدموا معنا العنف..."
عاش الصبي شاول فخورًا أنه عبراني فريسي، روماني الجنسية، وأيضًا كان نابغة في تعليمه. كانت والدته تروي له كل ليلة قصصًا عن آبائه من العهد القديم، وكان يُسر عندما تُذَكِّره أنه يحمل اسم أول ملك على إسرائيل.
في كل سبت كان والد شاول يقرأ فصولاً من الكتاب المقدس، وكان الصبي يحفظ الكثير منها عن ظهر قلب.
كان شاول يذهب كل صباح إلى المدرسة الملحقة بالمجمع، أي بالمكان الذي يتعبد فيه اليهود.
وبعد الظهر كان والده يعلِّمه فن صُنع الخيام. لقد عرف شاول أن كل أب يهودي صالح يجب أن يُعلِّم ابنه مهنته، مهما كان ناجحًا في دراسته.
في الخامسة عشر من عمره ذهب شاول إلى أورشليم ليتعلَّم الشريعة اليهودية على يَدّيْ معلَّم مشهور يدعى غَمَالائيل.
شاول مضطهد الكنيسة
كان شاول يتابع أخبار تلاميذ يسوع. وكان يدهش كيف يقبل هؤلاء اليهود مَنْ صُلب مخَلِّصًا لهم.
سمع أنهم يقولون بأنه قام من الأموات، وظهر بعد قيامته لكثيرين، وتحدث معهم، وصعد أمامهم... إنه ابن الله وكلمته. كان شاول في بداية الأمر يسخر بالأمر، ظانًا أنه لن يقبل أحد يسوع مخَلِّصًا... لكنه سرعان ما شاهد الجموع تقبل الإيمان بأعداد وفيرة...
ألقى بعض قادة اليهود القبض على الشماس إسطفانوس، وجاءوا به إلى المحاكمة.
قال أحدهم: "هذا الرجل ينطق بكلمات ضد الهيكل والشريعة".
سأل رئيس الكهنة: "أتُرى هذه الأمور حقيقة؟"
تحدث معهم إسطفانوس في صراحة كيف قاوم آبائهم الأنبياء، وقتلوهم، أما هم فصلبوا البار...
اغتاظ الحاضرون، وحنقوا عليه بقلوبهم، وصروُّا بأسنانهم غضبًا. أما هو ففي هدوء وبابتسامة لطيفة نظر إلى فوق وقال: "إني أنظر السموات مفتوحة، وابن الإنسان قائمًا عن يمين الآب".
سدَّ الحاضرون آذانهم بأياديهم، ثم هجموا عليه بنفس واحدة، وسحبوه إلى خارج أسوار المدينة. وصاروا يرجمونه بالحجارة. خلع البعض ثيابهم كي يرفعوا حجارة ثقيلة يضربون بها إسطفانوس.
ووضعوا الثياب عند رجليْ الشاب شاول.
جثا إسطفانوس على ركبتيه، وبفرح صرخ:
"أيها الرب يسوع اقبل روحي...
يا رب لا تُقِم لهم هذه الخطية".
أعمال الرسل 7   
التغيُّر العظيم
بعد استشهاد إسطفانوس صار شاول في حيرة وارتباك.
رأى وجه إسطفانوس يضيء كملاك، وسمعه يقول إنه يرى السموات مفتوحة... وفي محبة يطلب سَماحًا لقاتليه.
وفي نفس الوقت كان مقتنعًا أن تعاليم إسطفانوس تُضَاد ما في الشريعة المُوسَوِيَّة... في نظره مستحيل أن تكون هذه التعاليم من الله.
كان شاول يكره اسم يسوع ولا يطيق أتباعه... وها هم يتزايدون يومًا بعد يوم. لقد وضع في قلبه أن يضع حدًا لهذا الأمر. فكان يدخل البيوت ويَجُر رجالاً ونساءًا ويسلمهم إلى السجن... ومع هذا بقى أتباع يسوع يُبشِّرون به أنه المسيح مخلِّص العالم.
قال شاول لرئيس الكهنة:
"الأمر لا يحتمل السكوت.
هوذا اسم يسوع ينتشر بسرعة حتى خارج أورشليم.
اكتب لي عدة رسائل، واطلب من المسئولين في دمشق أن يساعدوني في البحث عن أتباع يسوع.
فإني أحضرهم إلى أورشليم موثقين بسلال".
كتب رئيس الكهنة الرسائل، وخرج شاول ومعه فرقة من الجند. في الطريق كان يتحدث مع القائد، قائلاً: "وضعت في قلبي أنه لا عمل لي حتى الموت إلا أن أُحطم تلك الأكاذيب التي ينشرها أتباع يسوع المصلوب".
وكان القائد يشجعه بالأكثر... الكل يسرعون نحو دمشق ويتصورون كيف يعودون يسوقون أتباع يسوع إلى السجون.
فجأة أبرق حوله نور بهي للغاية، وكان ذلك في وقت الظهيرة. ارتعب شاول وخاف، وسقط على الأرض في الطريق.
سمع شاول صوتًا من السماء يقول له:
"شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟
أنك تؤذي نفسك!"
لم يكن شاول قادرًا أن يتطلَّع إلى فوق، وفي ضعف سأل: "من أنت يا سيد؟"
جاء الصوت: "أنا يسوع الذي أنت تضطهده!"
حاول شاول أن يفتح عينيه، لكن النور كان قويًا للغاية، فوضع يده على عينيه، وسأل: "يا رب ماذا تريد أن أفعل؟"
جاء صوت ربنا يسوع:
"قم وأدخل المدينة، فيُقال لك ماذا ينبغي أن تفعل".
قام شاول وفتح عينيه لكنه لم يبصر شيئًا، لقد فقد بصره تمامًا. قاده الجند إلى مدينة دمشق.
أعمال الرسل 9    
مع حنانيا
بعد ثلاثة أيام سمع رب البيت قرعات خفيفة على الباب.
- هل شاول الطرسوسي هنا؟
- نعم، لكنه مرهق جدًا. له ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب، وهو يصلي ليلاً ونهارًا. إنه أعمى لا يبصر!
- لقد أرسلني الرب.
- تفضل فإنه ينتظرك.
دخل حنانيا إلى الحجرة التي بها شاول الطرسوسي، الذي شعر به وارتمى عند قدميه:
- إني سعيد أن تأتي إلىّ يا حنانيا.
- أقول الصدق. لقد ظهر لي الرب وطلب مني أن أحضر إليك، لكنني خفت. لكن الرب طمأنني وكشف لي قصة تحولك.
- إنني سعيد جدًا بالسيد المسيح... لقد كنت أظن أنني أخدم الله ولم أدْرِ أنني كنت أضطهده.
- لا تخف يا شاول فقد أرسلني الرب يسوع لكي تبصر وتمتليء من الروح القدس، حتى تشهد أمام كثيرين بما رأيت وبما سمعت.
وضع حنانيا يده على شاول وللحال صرخ شاول:
"أشكرك يا رب لأنك فتحت عينيْ قلبي لأراك، وعينيْ جسدي لأخدمك كل أيام حياتي".
اعتمد شاول وانضم إلى الكنيسة التي في دمشق. وذهب إلى المجمع ليُخبر اليهود عن السيد المسيح. صار يحدثهم:
"لقد كنت أعمى القلب، 
لم أُدرك أن ما سبق أن تنبأ عنه الأنبياء قد تحقق في ربنا يسوع.
لم أكن أفهم الكتاب المقدس،
والآن فتَّح ذهني لأفهمه.
كنت أضطهد المسيح مخلِّص العالم،
لكنه ظهر لي...
إنه يحبني ويُحبكم".
كم كانت دهشة المؤمنين وأيضًا اليهود عندما رأوا ذاك الذي جاء ليضطهد المسيحيين قد صار مؤمنًا وكارزًا باسم يسوع المسيح المصلوب.
انسحب شاول إلى الصحراء العربية شرقي دمشق (صحراء سوريا)، وبقى عامًا يصلي ويخدم الرب... ثم عاد إلى دمشق، وصار يبشر باسم يسوع.
أعمال الرسل 9
هروب في المساء
في الليل بينما كانت دمشق مظلمة، وكان القمر هلالاً، إذ كان مجموعة من المؤمنين يُصَلون في عُلِّية في دمشق، قال أحدهم:
"إن حياة شاول في خطر.
هوذا الأعداء يبحثون عنه في كل مكان.
إنهم يراقبون أبواب المدينة بكل حرص ليلاً ونهارًا.
لقد صمَّمُوا على قتله.
إني خائف عليه".
أجاب آخر:
"لديَّ فكرة خطيرة، لكن على ما أظن ليس أمامنا حلّ آخر غير ذلك.
الأعداء يراقبون الأبواب لكنهم لا يراقبون الأسواء.
ما رأيكم إن كان شاول يهرب عبر الأسوار؟"
قررَّ الكل أنها فكرة صائبة، فجاءوا بسلة ضخمة وقوية وربطوها بحبال من كل جانب. وسار الكل في الظلام إلى أحد البيوت الملاصقة للسور وصعدوا إلى السطح، وجلس شاول في السَلَّة، ودلُّوه ببطء شديد خارج السور.
إذ بلغت السَلَّة الأرض قفز شاول منها وهرب وسط الظلام متجهًا نحو أورشليم، إنسانًا قد تغَيَّر تمامًا!
أعمال الرسل 9
في أورشليم
بعد ثلاث سنوات عاد شاول إلى أورشليم إنسانًا جديدًا. لم يأتِ كما كان يُظن مُكبّلاً المؤمنين بالقيود، إنما جاء كعصفور طائر متهلِّل بالمسيح مُخلِّصه.
خارج أورشليم سار بولس بهدوء نحو الجلجثة، وعند موضع الصليب ارتمى يبكي بدموع غزيرة؛ يبكي بحزن لأنه اضطهد المخلِّص، ويبكي بفرح لأن الصليب اجتذبه إلى الإيمان.
دخل المدينة، وكان له في كل شارع ذكرى، كيف كان يسوق الرجال والنساء والأطفال إلى السجون.
سمع قادة اليهود أن شاول عاد إلى أورشليم، وأنه انضم إلى المسيحيين فلم يعودوا يحبونه. كما وجد شاول مصاعب في الالتصاق بالمسيحيين، الذين لم يستطيعوا أن يصدقوا أنه صار تلميذًا حقيقيًا للسيد المسيح.
ففي أحد بيوت المؤمنين وُجِدت جماعة، كانوا يتحاورون فيما بينهم بخصوص شاول.
قال أحدهم: "ألم تسمع ما حدث اليوم"
أجاب آخر: "ماذا؟"
قال الأول: "أراد شاول الطرسوسي أن يدخل إلى مكان اجتماعنا، وكان بمفرده على غير العادة... لم يرافقه جند ولا قُوَّاد... رآه كثيرون، فصاروا يجرون، أما هو فكان يصرخ: "لا تخافوا! لن أفكر في أذيتكم! لقد آمنت بيسوع مسيحًا ومخلِّصًا. إنه بالحقيقة ابن الله وكَلِمَتَهُ!..."
قاطعه أحد الحاضرين: "هل صدَّقوه؟ إنه مفترس! لعلَّ بهذا يَنْصُب فخًا ليصطادنا ويقع بنا!"
قال الأول: "لا... لقد تقدم الرسول برنابا أمام الحاضرين، وقال لهم: "لا تخافوا! لقد صار بالحقيقة مسيحيًا! اسمعوا له، فَسيَرْوِي لكم عمل السيد المسيح في حياته وخدمته في دمشق... إن اليهود في دمشق يطلبون رأسه! إنه نادم جدًا على ما سبق فصنعه بنا!"
تعجَّب الحاضرون لسماعهم هذه الأخبار، واشتاقوا أن يروا شاول ويسمعون له.
مارس شاول عمله الرسولي، وأعطاه الله نعمة عند الكثيرين، خاصة الأمم (غير اليهود).
شعر اليهود بخطورته فحاولوا أن يقتلوه. عرف المؤمنون ذلك فذهبوا به إلى قيصرية، وأرسلوه في سفينة إلى طرسوس.
أعمال الرسل 9
نشأة الكنيسة في أنطاكية
هرب البعض من الضيق الذي حدث بعد استشهاد القديس إسطفانوس إلى فينيقية وقبرص وأنطاكية، وكانوا يُبشِّرون بالإنجيل لليهود وحدهم.
جاء البعض من قبرص والقيروان إلى أنطاكية، وصاروا يُبشِّرون الأمم، فآمن عدد كبير بالسيد المسيح.
انتشر الخبر في أورشليم فأرسلت الكنيسة القديس برنابا الرسول إلى أنطاكية، الذي فرح بعمل الله هناك.
سافر القديس برنابا إلى طرسوس، وجاء بالقديس بولس إلى أنطاكية، وصارا يعملان معًا لمدة سنة كاملة، ولأول مرة دُعي المؤمنين "مسيحيين".
أعمال الرسل 11
الجمع لأورشليم
في أنطاكية تنبأ أغابوس أن مجاعة عظيمة تصيب المسكونة كلها. فقرَّر المسيحيون هناك أن يجمعوا قدر استطاعتهم، ويبعثوا به إلى أورشليم، ربما لأن المجاعة كانت أكثر شدة هناك. سلموا ما جمعوه للرسولين برنابا وشاول.
أعمال الرسل 11
رحلة الرسول التبشيرية الأولى
قام الرسول بولس بثلاث إرساليات تبشيرية تبدأ من أنطاكية.
في أنطاكية صام العاملون في الكنيسة وصلوا، فطلب منهم الروح القدس أن يفرزوا برنابا وشاول لعمل خاص أعدّه لهما. فصاموا وصلُّوا ووضعوا عليهما الأيادي وأرسلوهما إلى حيث دعاهما الروح القدس.
ذهبا إلى سلوكية، ومن هناك أبحرا إلى سلاميس بجزيرة قبرص التي سبق أن عاش فيها الرسول برنابا، وكان في رفقتهما الرسول مرقس.
استخدم الرسول اسمه الروماني "بولس"، ربما بعدما التقى بوالي الجزيرة الروماني في بافوس، وكان يُدعى سرجيوس بولس. كان الوالي حكيمًا يشتاق أن يتعرف على الله. سمع عن مجيء الرسل فاستدعاهم. اغتاظ الساحر عليم، وكان يُشكِّك الوالي في الإيمان.
تَطلَّع القديس بولس إلى الساحر وقال له:
"يا ابن إبليس، يا عدو كل البر، 
متى تتوقف عن مقاومة الحق؟"
سقط الساحر على الأرض، وصار يتحسْسَّها، ويطلب من يمسك به لأنه صار أعمى... أما الوالي فدُهش وآمن.
سافر الثلاثة إلى برجة، وهناك يبدو أن الرسول مرقس أصيب بمرض فقرر أن يعود إلى أورشليم، الأمر الذي أحزن قلب الرسول بولس، وإن كان فيما بعد عرف أهمية الدور الذي يقوم به مرقس الرسول.
أكمل الرسولان برنابا وبولس رحلتهما التبشيرية حتى بلغا لِسْترَه. هناك تحدث الرسولان عن السيد المسيح.
رأى بولس الرسول رجلاً مقعدًا لا يقدر أن يمشي، لأنه وُلد هكذا، وكان الرجل ينصت إلى كلمات الرسول. قال له الرسول: "قم"، فقام الرجل في الحال، وصار يمشي على قدميه لأول مرة في حياته.
ذُهل كل الحاضرين.
قال أحدهم: "مستحيل! إني غير مصدق. إني أراه دائمًا مَحْنى الظهر. ها هو يقف منتصبًا، ويسير على قدميه!"
قال آخر: "حقًا إن بولس لرجل عظيم! ألعله هو وبرنابا إلهين نزلا إلى أرضنا؟! ألعلَّ بولس هو الإله هرمس وبرنابا هو الإله زفس؟"
أسرع كاهن زفس ومعه آخرون، وجاءوا بثيران، قيَّدوها وانحنوا ليذبحوها أمام الرسولين بولس وبرنابا.
صرخ القديس بولس: "ما هذا الذي تفعلونه؟"
قلت الجماهير: "نقدم لكما ذبيحة!"
مزق بولس وبرنابا ثيابهما، واندفعا إلى الجمع صارخين وقائلين: "أيها الرجال لماذا تفعلون هذا؟ 
نحن بشر مثلكم، عبيد الله.
جئنا لكي نبشركم بالإله الحيّ خالق السماء والأرض، وأن تقبلوا كلمته، يسوع المسيح مخلِّص العالم".
هدأت الجموع، لكن جماعة من اليهود جاءوا من أنطاكية وأيقونية هيجوا الجمع ضد الرسول بولس، فرجموه بالحجارة، وجرّوه خارج المدينة، ظانين أنه قد مات.
القديس الذي قبلاً راضيًا بقتل إسطفانوس هو نفسه يُرجم من أجل الإنجيل الذي كان قبلاً يقاومه.
أحاط به التلاميذ، وأعطاه الرب قوة فقام ودخل المدينة. وفي الغد خرج مع برنابا فرحًا، حيث زارا دِرْبَة وأيقونيَّة وأنطاكية بيسيدِيَّة وبِرْجة بَمْفيليَّة وأتاليَّة، ومن هناك أبحرا إلى أنطاكية بكيليكيَّة.
لقد سار الرسول بولس أكثر من 2000 ميلاً في رحلاته التبشيرية. تارة كان يتسلق التلال، وأخرى يسير في طرق خطيرة وعْرة، يحتمل الأمطار الغزيرة، وحرارة الشمس والبرد القارص...
أع 13: 14
رحلة بولس الرسول التبشيرية الثانية
بقى القديس بولس في أنطاكية لمدة عام زار خلالها أورشليم مع القديس برنابا، وتحدثا مع الرسل عن عمل الله معهما، خاصة مع الأمم، حيث عُقِد مجمع للرسل هناك.
قرر الرسولان بولس وبرنابا أن يتفقَّدا البلاد التي سبق أن خدموها. ذهب القديس برنابا مع القديس مرقس إلى قبرص، بينما أخذ القديس بولس القديس سيلا وزارا البلاد التي سبق زيارتها في الرحلة الأولى: طرسوس ودِرْبة ولِسْتِرة وأيقونيَّة وأنطاكية بيسيديَّة.
سافر الرسولان إلى ميناء ترواس. هناك رأى القديس بولس في الليل رجلاً مَقْدونِيًا يقول له: "أعبر وأعنَّا!" بالفعل عبرا إلى مقدونيَّة في شمال اليونان بأوربا، ومن هناك ذهبا إلى فيلبِّي.
التقى بهما جماعة من المؤمنين بجوار النهر، كان من بينهم سيدة بائعة أُرجوان تدعى ليديا طلبت من الرسولين أن يقيما في بيتها.
بدأ الرسولان يكرزان في فيلبِّي.
هناك أخرج القديس بولس روحًا نجسًا من جارية (عَبْدة) كانت تمارس العِرافة (التنبوء بالمستقبل)، فهاج سادتها، لأنهم كانوا يكسبون كثيرًا من عِرافتها.
أمسكوا بالرسولين بولس وسيلا وجرُّوهما إلى الحاكم قائلين: "هذان الرجلان يبلبلان مدينتنا وهما يهوديَّان ويناديان بعوائد لا يجوز لنا أن نقبلها ولا نعمل بها إذ نحن رومانيُّون".
هاج الجمع عليهما، ومزَّق الولاة ثيابهما، وأمروا أن يُضربا بكل عنف وقسوة، حتى امتلأ جسماهما بالجراحات وأخيرًا أُلقيا في السجن.
وكان الكل يتوقعون أن يسمعوا صراخهما طول الليل من شدة الألم وكثرة الجراحات. لكن على غير ما توقعوا سمعوهما يصليان ويسبحان الله. في منتصف الليل اهتز السجن كله، وسقطت السلاسل، وانفتحت الأبواب. اضطرب السجَّان جدًا، وظن أن المسجونين قد هربوا. أمسك بالسيف ليضرب نفسه، لكن الرسول صرخ: "قف! لا تصنع بنفسك شيئًا رديئًا: جميعنا موجودون". سقط السجَّان عند قدميهما وقال: "ماذا أفعل يا سيدَيَّ لكي أخلص؟"
تحدث الرسولان مع السجَّان عن السيد المسيح فآمن، وأخذهما معه إلى بيته حيث آمن الجميع وغسلوا جراحاتهما ونالوا العماد...
في الصباح أُطلق الرسولان بولس وبرنابا، واعتذر لهما الحكام. عادا إلى بيت ليديا، وصليا لله وشكراه.
ذهبا إلى تسالونيكي، وكرزا بالسيد المسيح المخلِّص، فأمن كثير من اليونانيين، فغضب بعض اليهود، وقالوا: "هؤلاء الرجال قد قلبوا العالم رأسًا على عقب، وها هم قد جاءوا هنا"
هناك التقى الرسولان بالقديس تيموثاوس الذي صار تلميذًا محبوبًا للقديس بولس، وبالقديس لوقا الرسول.
بقى الرسولان تيموثاوس وسيلا في مقدونيَّة بينما أبحر القديسان بولس ولوقا إلى أثينا عاصمة اليونان ومركز الثقافة في الشرق والغرب في ذلك الحين.
كانت أثينا مركزًا للعلم والفلسفة...
كان الرسول بولس يبشر بالسيد المسيح في المجمع اليهودي وأيضًا في الأسواق حيث مراكز العلم، وكان يحدثهم عن المسيح القائم من الأموات. فكانوا يسخرون بالقيامة من الأموات.
دعاه بعض المتعلمين لكي يتحدث معهم في مجمعهم في أريوس باغوس. هناك قال لهم أنه رأى مذبحًا مكتوبًا عليه: "الإله المجهول". قال لهم: "هذا الإله الذي تعبدونه ولا تعرفونه، أُخبركم عنه"، ثم حدثهم عن السيد المسيح والقيامة من الأموات.
استهزأ البعض بالحديث، وآخرون صاروا مترددين، بينما آمن قلة بالسيد المسيح، منهم ديوناسيوس الأريوباغي.
ذهب القديس بولس إلى كورنثوس، وهناك كان يمارس حرفته التي تعلمها منذ صبوَّته، أي صنع الخيام، لكي يكسب القليل فينفق على نفسه.
أقام مع أكيلاَّ وزوجته بِرِسْكِلاَّ اليهوديين صانعي الخيام. وكان الرسول يتحدث في المجمع كل يوم سبت، وقَبِل الكثيرون الإيمان. أقام الرسول في كورنثوس عامًا ونصف يكرز ويكتب رسائل إلى المؤمنين في مدن أخرى سبق أن زارها.
سافر الرسول في البحر إلى سورية، ومنها إلى أفسس.
أعمال الرسل 15-18
الرحلة التبشرية الثالثة
أبحر القديس بولس من أفسس إلى قيصرية. انحدر إلى أنطاكية، ثم توجه إلى كورة غلاطية، ومن هناك إلى فِرِّيجيّة. افتقد مجموعات المؤمنين وكان يشجعهم ليثبتوا في الإيمان.
ذهب إلى أفسس حيث كان يوجد مجموعة كبيرة من المؤمنين. بقى هناك لمدة عامين يعلم ويصنع آيات وأشفية.
تزايد عدد المؤمنين فثار الصُيَّاغ صانعي التماثيل الذهبية للإلهة أرطاميس التي كانت تُباع في الهيكل العظيم، إذ كسدت تجارتهم جدًا. حدثت مظاهرة ضخمة وظل الشعب يصرخ لمدة ساعتين، قائلين: "عظيمة هي أرطاميس التي للأفسُسيين". وسحب الوثنيُّون جماعة من المؤمنين إلى الساحة. حاول القديس بولس أن يتدخل لكن المؤمنين خافوا عليه وألزموه ألا يظهر على الساحة.
تدخل كاتب المدينة وتحدث معهم وهدَّأ من توتُّرهم وصرف المحفل، طالبًا الالتجاء إلى القضاء في محفلٍ رسمي إن كان لأحد شكوى، بدلاً من الشغب. رغم هذه الثورة كان عدد المسيحيين في تزايدٍ مستمر.
بعدما انتهى الشغب دعا الرسول بولس التلاميذ وودعهم وسافر مع القديس لوقا إلى مقدونية ثم توجه إلى اليونان حيث قضى ثلاثة أشهر. ومن هناك توجه إلى ترواس...
 تحدث في المساء مع جمهور المؤمنين في العُلِّية، وكان شاب يدعى أَفْتيخوس يجلس على قاعدة النافذة، تثقَّل بالنوم جدًا وبالتدريج مال وسقط من الدور الثالث. صرخ الكثيرون إذ أنه مات. نزل الرسول بولس وانحنى نحوه وقال لهم: "لا تضطربوا، إنه حيّ" فأمسك به وأقامه. قدموا خبزًا للفتى فأكل، وتكلم الرسول بولس حتى الفجر ثم خرج.
في الصباح أبحر الرسول متجهًا إلى فلسطين. في قيصرية جاء نبي اسمه أغابوس، أمسك بمنطقة الرسول بولس وربط يديْ نفسه ورجليه، وتنبأ بأن صاحب المنطقة سيربطه اليهود ويسلمونه إلى الأمم. طلب المسيحيون من الرسول ألا يصعد إلى أورشليم، لأن حياتُه في خطر. فقال لهم: "إني مستعد أن أموت لأجل يسوع المسيح".
صعد الرسول من قيصرية أورشليم، وفي اليوم السادس رآه بعض اليهود القادمين من آسيا، فأمسكوا به وأثاروا الجمهور ضده. جرُّوه خارج الهيكل وحاولوا قتله لولا تدخل الجند الرُّومان. طلب الرسول من القائد أن يسمح له أن يتحدث مع الجموع.
أخبرهم كيف كان غيورًا مثلهم وكان يضطهد أتباع المسيح، لكن ظهر له السيد المسيح في الطريق إلى دمشق، ودعاه للخدمة وسط الأمم. لم تصدقه الجماهير، بل كانت تصرخ: "أقتله أقتله ينبغي ألا يعيش". قبض عليه الرومان ووضعوه تحت التحفظ خشية قتله.
نذر أربعون يهوديًا أنهم لن يأكلوا ولن يشربوا حتى يُقتل الرسول بولس. خططوا أن يختفوا بجوار الطريق الذي سيعبر فيه فيقتلوه.
لكن ابن أخت الرسول بولس سمع عن الخطة وأبلغ خاله، الذي أرسله إلى القائد.
شكر القائد ابن أخت الرسول وطلب منه ألا يُخبر أحدًا.
كان الرسول روماني الجنسية لهذا لم يكن ممكنًا أن يُسجن بدون محاكمة. وكان يَلزَم إخراجه من أورشليم في أمان، لهذا قرَّر القائد إرساله إلى الحاكم الروماني في قيصرية، وطلب أن تقوم في الساعة الثالثة من الليل قافلة قوامها 70 فارسًا و200 جنديًا لحراسته حتى يَذهبوا إلى فيلِكس الوالي.
سمع فيلكس القضية، وقد أجَّل قرارُه. كان مقتنعًا أن الرسول لم يصنع شيئًا يستحق الإدانة، لكن لكي يرضِي اليهود أبقاه مسجونًا لمدة عامين.
وصل حاكم جديد يُدعى فستوس، كان قد سمع عن قضية بولس الرسول، وأدرك الرسول أن الحَاكم الجديد أيضًا يريد إرضاء اليهود، لهذا رفع شكواه إلى قيصر في روما.
بعد أيام جاء الملك أغريباس وأخته برنيكي إلى قيصرية ليسلِّما على فستوس. سمع الملك عن القديس بولس وطلب أن يستمع إليه.
في الغد تكلم القديس بولس في دار الاستماع أمام أغريباس الملك وبرنيكي...
تأثر الملك جدًا، وارتعب أمام الأسير بولس. قال له القديس بولس: "كنت أصلي إلى الله أن جميع الذين يسمعونني اليوم يصيرون هكذا كما أنا ما عدا هذه القيود".
قال أغريباس الملك لفستوس: "كان يُمكن أن يطلق هذا الإنسان لو لم يكن يرفع دعواه إلى قيصر".
إلى روما
سافر الرسول ومعه لوقا البشير وبعض الأسرى في سفينة تحت حراسة عسكرية. انطلقت السفينة إلى آسيا. وهناك أخذوا سفينة أكبر مبحرة إلى إيطاليا. لكن الريح كانت ضدهم والحركة بطيئة، فذهبوا إلى ميناء كِرِِيت.
عرف الرسول بولس أن الإبحار خَطَر فحذَّر القائد من الإبحار. لكنَّ القائد قرر أن يُبحر إلى ميناء أفضل في نهاية كِرِيت غير مُبالٍ بكلمات بولس الأسير.
ما انطلقت السفينة حتى هاجت الأمواج، وكانت العَاصفة عنيفة للغاية، ففقد البحارة السيطرة على السفينة، وصاروا يَلقون كل الأمتعَة التي بها... استمرت حوالي أسبوعين، لم يأكل خلالها أَحَد، وفَقَدوا رجاءُهم في الخَلاص.
تشَّجع الرسول بولس بالله ووقف يسندهُم، قائلاً: "لا تضطربوا لقد وعدني إلهي إنه لن تُفقد نفس واحدة حتى إن فقَدْنا السفينة كلها".
بالليل لاحظوا أن البَر قريب، وإذ كانُوا يترقبون النهار، تحَدَّث معهم الرسول ثانيةً، قائلاً: "أطلب إليكم أن تأكلوا، فإنه لن يُفقَد أحدًا". وبدأ يأكل خبزًا ويشكر الله، عندئذ صار الكلُ يأكُلون.
في النهار بَدأت السفينة تنكسر، وقفزَ الكُل في البحر وسبحوا، والذين لم يستطيعوا أمسكوا بألواح خشبية أو بقطع من السفينة حتى بلغوا البَرّ. وهكذا تحقق وعد الله للقديس بولس ولم يهلك أحد.
أسرع سكان جزيرة مالطا إلى الشاطيء، وأوقدوا نارًا لكي يستدفيء طاقم السفينة وركابها. صار الرسول يجمع حطبًا ويلقيه في النار. خرجت أفعى ضخمة ولدغته في ذراعه.
قال أحد الحاضرين: "حتمًا إنه يموت".
قال آخر: "لابد أن هذا الأسير خاطيء، فإنه أُنقذ من الغرق لكن العدالة الإلهية اقْتَصَّتْ منه".
أما القديس بولس فنفَض الوحش إلى النار، ولم يُبالِ بتعليقات الحاضرين ونَظراتهم بل جلسَ يستدفيء في هدوء وابتسامة، ولم يَمُت.
قال الشعب: "كيف لم يصبُه سُم الحية؟ إنه إله!"
بدأ الرسول يبشرهم بالسيد المسيح الذي يُخلص الخطاة، كما شفى والد بوبليوس رئيس الجزيرة الذي كان مصابًا بحمى ونزف دم، وشفى كثيرين باسم ربنا يسوع المسيح.
بعد ثلاثة أشهر أبحر الكل إلى روما حيث سُمح له أن يُقيم في منزل تحت الحراسة.
تعَجب العسكر إذ لم يروا قط سجينًا كهذا دائم الفرح، يهتَم بهم وبالزائرين، يُسبح ويُرتل ويُصلي ولا يشكو قط، يَبعث رسائل.
التقى الرسول بعبدٍ يُدعى أنسيموس سرقَ مالاً من سيده فليمون وهرب. تحدَّث معه فآمن بالسيد المسيح وصارا كارزًا بالإنجيل. كتب القديس بولس رسالة إلى فليمون يطلب منه الصفح عنه كأخ له، وقد أوضح له أن أنسيموس صار نافعًا في الخدمة، هو ابن بولس في القيود ونَظيرُه وأحشَاؤه.
بقى الرسول في روما سنتين، وأخيرًا أحضره الإمبراطور الذي أمر بقتله بالسيف، فاستشهد وهو متهلل، لأنه يلتقي بالسيد المسيح الذي خدمه بأمانة وقد اشتهى أن يراه.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010