همسات روحية لنيافة الأنبا رافائيل أحد المخلع


همسات روحية
لنيافة الأنبا رافائيل
 ---------------
الأحد الخامس
---------------
أحد المخلع (لو 5: 15-1 )


لقد كان هذا الرجل مريضاً منذ زمان، رمزاً للبشرية التي تعانى من فساد الطبيعة منذ آدم. وكان ملقى مطروحاً عند البركة (رمزاً للمعمودية) يتوقع تحريك الماء مع باقى البشرية المريضة - "جمهور كثير من مرضى وعُمى وعُرج وعُسم لأن ملاكاً (رمزاً للروح القدس) كان ينزل أحياناً في البركة ويحرك الماء.  فمَنْ نزل أولاً بعد تحريك الماء (الماء والروح) كان يبرأ من أى مرض اعتراه (البرء من فساد الطبيعة)".
والخمسة أروقة التي كانوا مطروحين فيها دون شفاء، لعلها تشير إلى إمكانيات العهد القديم التي كان - على غناها وغزارتها - عاجزة عن تخليص الإنسان، فأسفار موسى الخمسة، وأنواع الذبائح الخمسة لم تكن كافية لبرء الإنسان.. لقد جاء الرب يسوع ليخلصنا بالمعمودية، ولكنه يسأل الإنسان (أتريد أن تبرأ ؟)، كما يسأل الكاهن الموعوظ (هل آمنت؟).
العودة إلى الله الشافي
كان المفلوج ملقى على الأرض به مرض منذ ثمان وثلاثين سنة، ينتظر تحريك الماء حتى يبرأ...
إنه عاجز عن الحركة... لا يستطيع العودة... 
يا للعجب... إن الطبيب بنفسه جاء إليه ليشفيه... وقال له: "أتريد أن تبرأ" (يو6:5).
ما هذه العذوبة؟!! يا للرقة...
هل تستأذن منه لكى تشفيه؟‍‍!!
يقول يسوعنا الحبيب... لقد انتظرته كثيراً (38 سنة) لكي يعود، لكنه تقاعس حتى ضمرت أطرافه، وضاعت منه أى فرصة للعودة... كان لابد أن آتى بنفسي لأفتقده... ولكن ليس دون رأيه.... لم يكن مرضه مرضاً عادياً... بل كان ثمرة خطية "ها أنت قد برئت، فلا تخطئ أيضاً، لئلا يكون لك أشر" (يو14:5).
سيدي المحبوب ها أنا مفلوج
ولى زمان طويل متكاسل في فراش المرض والخطية
حتى ماتت فىَّ كل رغبة في التوبة.
وذبلت فىَّ كل رغبة للصلاة والعودة إليك...
فهل لي في هذا الموسم المبارك أن تفتقدني بصلاحك وتبرئني...
إنني عاجز عن العودة... فهل لي أن تأتى إلىَّ؟
لقد فشلت معي بركة بيت حسدا بكل أروقتها الخمسة...
فهل تأتى إلىَّ لتشفيني بالكلمة..؟
ليس ليَّ ملجأ سواك.. وليس ليَّ طبيب إلا إياك...
فدعني أقبل نعمتك كما قبلها المفلوج فحمل سريره
ونهض ليخدمك ويبشر باسمك في كل مكان..

من كلمات البابا شنودة الثالث



ليتني يارب أنسى الكل ، وتبقى أنت وحدك تشبع حياتي

يوم الكفارة العظيم عند اليهود

يوم الكفارة العظيم [ لاويين 16 ]
مقدمة
إن كانت بعض الشعوب قد تعرفت خلال التقليد على الذبائح الدموية ، إذ تسلموها عن نوح وبنيه الثلاثة ، وقد شوهوا مفاهيمها وغايتها ، لكن الشعب اليهودى قد أنفرد بطقس " يوم الكفارة العظيم " الذى عبثا نجد ما يشبهه لدى أى شعب آخر .
قبل تعرضنا لتفسير الإصحاح السادس عشر من سفر اللاويين الخاص بهذا اليوم الفريد نود تسجيل بعض الملاحظات عن هذا اليوم من جهة أهميته وغايته والإستعداد له وطقوسه .
أهميته :
كان لأهمية هذا اليوم وشهرته عند اليهود أن علماء التلمود دعوه " اليوم " كما جاء فى عب 7 : 27 ، وأيضا كما قيل " الصوم " فى سفر الأعمال ( 27 : 9 ) ، إذ لا يحتاج إلى تعريف . لعلهم كانوا يتطلعون إليه كما نتطلع نحن إلى يوم " الجمعة العظيمة " بكونه يوم الكفارة العظيم ، الذى فيه نرى رئيس كهنتا الأعظم يشفع بدمه الثمين عن العالم كله ، ليدخل بمؤمنيه منهم إلى سماء السموات ، فيكون لهم موضع فى حضن أبيه السماوى ، أو لعله يمثل يوم عماد السيد المسيح الذى فيه أدخلنا إلى التمتع بالسماء المفتوحة خلال اتحادنا مع الآب فى إبنه المدفون فى مياة المعمودية القائم من الأموات وتمتعنا بالبنوة بروحه القدوس .
وتظهر أهميته أيضا من دعوته " سبت السبوت " أو " سبت الراحة " ، وكأن فيه تتحق الراحة التامة بكونه " عيد الأعياد " . يظهر ذلك بارتباطه بعيد المظال الذى يحسب خاتمة السنة اليهودية الدينية حيث يقيمون فيه فرحهم بالحصاد وشكرهم لله فى الخامس عشر من الشهر السبتى أو السابع آخر شهورهم ، يسبقه " يوم الكفارة العظيم " فى اليوم العاشر حيث يعلن كمال المصالحة بين الله وشعبه ، وتقديس كل الجماعة لكى تتهيأ للفرح الكامل وتقدر أن تقدم ذبيحة شكر لله فى عيد المظال . وإن عرفنا أن عيد المظال قد صار فيما بعد رمزا لضم الأمم للعضوية فى الكنيسة المقدسة ، يكون يوم الكفارة ( الصليب ) هو الطريق الذى فيه تم هذا العمل العظيم . هذا ويليق بنا أن نذكر أن السنة اليوبيلية ، " سنة التحرر الكامل " كانت تعلن لنا دائما فى يوم الكفارة .
ولأهمية هذا اليوم كان شيوخ السنهدريم السبعون يدربون رئيس الكهنة الجديد على طقوسه وتحفيظه جميع الأمور المتعلقة به .
هذا وسنرى خلال طقوسه الفريدة التى يمارسها رئيس الكهنة بنفسه خلال تطهيرات مستمرة غير منقطعة مع صوم الشعب اليوم كله كيف يكشف عن دور هذا اليوم فى حياة الشعب القديم وما حمله إلينا من رموز روحية نبوية تمس علاقتنا بالله وخلاصنا الأبدى 
غايته :
" كفارة " فى العبرية " كبوديت " ، تعنى " تغطية " أو " ستر " ، إذ فى هذا اليوم تغفر الخطايا ويستر على الإنسان بالدم الثمين ، فيكفر رئيس الكهنة عن نفسه وعن الكهنة وعن كل الجماعة بل وعن الخيمة وكل محتوياتها تكفيرا عاما وجماعيا عن كل ما سقطت فيه الجماعة ككل أو كأعضاء طوال العام . تختم شريعة هذا اليوم بالقول :
" ويكفر الكاهن الذى يمسحه ... ويكفر عن مقدس القدس ، وعن خيمة الإجتماع والمذبح يكفر ، وعن الكهنة وكل شعب الجماعة يكفر ، وتكون هذه لكم فريضة دهرية للتكفير عن بنى إسرائيل من جميع خطاياهم مرة فى السنة " ( ع 32 – 34 ) .
الإستعداد ليوم الكفارة :
كان رئيس الكهنة وحده يقوم بخدمة ذلك اليوم فى طقس طويل بعد استعداد طويل ، يساعده أكثر من خمسمائة كاهن . كان رئيس الكهنة يقضى السبعة أيام السابقة ليوم الكفارة فى حجرة داخل الهيكل خارج بيته . وفى مدة هيكل سليمان كان شيوخ السنهدريم يلازمونه ويقرأون عليه أوامر الرب الخاصة بهذا اليوم مرارا وتكرارا . وكان يستظهرها حتى يحفظها جيدا ويتدرب على إدائها ... وفى الليلة السابقة لليوم كان يظل مستيقظا حتى الصباح حتى لا يتعرض لحلم عارض ليل يدنس جسده ، وكان الكهنة والشيوخ حوله حتى لا يغفل أو ينعس .
ولما كان رئيس الكهنة يقوم بالخدمة وحده دون أن يراه أحد فى قدس الأقداس ، لذلك كان الكهنة والشيوخ يستحلفونه هكذا : " نستحلفك بمن أسكن إسمه فى بيته أنك لا تغير شيئا من كل ما نقوله لك " .
طقوس يوم الكفارة :
يقوم رئيس الكهنة بأربع خدمات :
أ – خدمة الصباح اليومية أو الدائمة على مدار السنة ، وهى خاصة بالكهنة ، لكنه فى هذا اليوم يقوم بها رئيس الكهنة بنفسه .
عند منتصف الليل تلقى قرعة ليقوم الكاهن برفع الرماد عن المذبح حتى لا تقدم ذبائح يوم الكفارة على رماد قديم ، ولتمييز هذا اليوم عن الأيام العادية . ثم يأخذون رئيس الكهنة إلى المغسل لغسل جسده ثم يغسل يديه ورجليه . يذكر التقليد اليهودى أن رئيس الكهنة يغتسل 5 مرات فى هذا اليوم وعشر مرات يغسل يديد ورجليه ، وأنه لا يغتسل فى الحمام العادى وإنما فى إناء ذهبى مخصص لهذا الغرض .
هذا وإن كان شيخا يحتاج إلى مياة دافئة ، يسكبون فى الإناء ماء ساخنا للتدفئة أو يضعون فى المياة حديدا ساخنا لذات الغرض .
يلبس رئيس الكهنة الملابس الفاخرة التى للمجد والبهاء ( خر 28 ) ، ويدخل القدس ويصلح السرج ويرفع البخور ، ثم يقدم المحرقة الدائمة خروفا حوليا مع تقدمة عشر من الدقيق الملتوت بربع الهين من الزيت المرضوض وسكيبه ربع الهين من الخمر ( خر 29 : 38 – 42 ) ، وكانت هذه تضاعف إن كان اليوم سبتا ( عد 28 : 9 ، 10 ) .
ب – خدمة الكفارة العظيم ... وهى الخدمة التى وردت تفاصيلها فى الإصحاح السادس عشر ، نتعرض لها اثناء التفسير .
ج – خدمة تقديم الذبائح الإضافية المقررة لهذا اليوم ( ع 29 : 7 – 11 ) حيث يقدم رئيس الكهنة محرقات إضافية وهى ثور وكبش وسبع خراف حولية وتقدمتها ثلاثة أعشار دقيق ملتوت بالزيت عن الثور وعشران عن الكبش وعشر عن كل خروف ، وسكائبها  من الخمر نصف الهين عن الثور وثلث الهين عن الكب وربع الهين عن الخروف الواحد . كما يقدم ذبيحة خطية أخرى من تيس من المعز .
د – خدمة المساء اليومية أو الدائمة تماثل خدمة الصباح ، يقوم بها رئيس الكهنة بملابسه الفاخرة .
السيد المسيح والكفارة :
إذ حمل كلمة الله جسدنا جاء إلينا فى عالمنا ليعيش فى وسطنا وكأنه قضى عاما يختمه بيوم الكفارة العظيم ، فيكفر عن خطايانا ويحملنا إلى حضن أبيه ، مستشفعا فينا كرئيس الكهنة السماوى لا خلال دم ثيران وتيوس بل بدمه .
يقول العلامة أوريجانوس : [ تأمل أن الكاهن الحقيقى هو الرب يسوع المسيح ( عب 4 : 14 ) الحامل الجسد كمن يقضى عاما كاملا مع شعبه ، إذ يقول بنفسه : " روح السيد الرب على  لأن الرب مسحنى لأبشر المساكين ، أرسلنى لأعصب منكسرى القل ، لأنادى المسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق ، لأنادى بسنة مقبولة للرب " ( إش 61 : 1 ، 2 ) . فى هذه السنة دخل فى يوم الكفارة مرة واحدة إلى قدس الأقداس ( خر 30 : 10 ) عندما أكمل رسالته وصعد إلى السموات ( عب 4 : 14 ) عن يمين الآب ، لحساب الجنس البشرى ، يشفع فى كل المؤمنين به . يتحدث الرسول يوحنا عن هذه الكفارة التى لحساب البشر فيقول : " يا أولادى أكتب إليكم هذا لكى لا تخطئوا ، وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا " ( 1 يو 2 : 1 ، 2 )
إذ يمتد يوم الكفارة حتى الغروب ، أى حتى نهاية العالم ، نقف أمام الباب ننتظر كاهننا الذى تأخر داخل قدس الأقداس ، أى أمام الآب ( 1 يو 2 : 1 ، 2 ) يفع فى خطايا الذين ينتظرونه ( عب 9 : 28 ) . لكنه لا يشفع فى خطايا الجميع ، إذ لا يشفع فيمن هم من طرف التيس المرسل فى البرية ( لا 16 : 9 ، 10 ) بل الذين هم من طرف الرب وحدهم ، الذين ينتظرونه أمام الباب ، لا يفارقون الهيكل عابدين بأصوام وطلبات ليلا ونهارا ( لو 2 : 37 ) . 
+  +  +
يوم الكفارة العظيم [ لاويين 16 ]
( 1 ) الدخول إلى قدس الأقداس : إذ خرجت نار من عند الرب  وأكلت إبنى هرون ناداب وأبيهو لأنهما قدما نارا غريبة ( لا 10 ) حدث رعب شديد عند هرون وإبنيه الآخرين ، إذ خاف الكل من اللقاء مع الله ، فجاءت شريعة يوم الكفارة العظيم تعلن عن الإستعدادات اللازمة لرئيس الكهنة ليدخل باسم الجماعة كلها إلى قدس الأقداس مرة واحدة ، إذ قيل :
" وقال الرب لموسى : كلم هرون أخاك أن لا يدخل كل وقت إلى القدس داخل الحجاب أمام الغطاء الذى على التابوت لئلا يموت ، لأنى فى السحاب أتراءى على الغطاء " ع 2
لم يكن ممكنا حتى لرئيس الكهنة أن يدخل قدس الأقداس ليقف أمام غطاء تابوت العهد حيث يتراءى الله هناك على الغطاء ، بين الكاروبين ، على " كرسى الرحمة " ... إنما يدخل مرة واحدة فقط كل سنة بعد ممارسة طقس طويل ودقيق واستعدادات ضخمة حتى لا يحسب مقتحما للموضع الإلهى ويموت . هذا العجز سره ليس إنحجاب الله عن شعبه أو كهنته ، إنما هو ثمر طبيعى لفسادنا البشرى الذى أعاقنا عن اللقاء مع العروس . وكما يقول الرسول بولس : " معلنا الروح القدس بهذا أن طريق الأقداس لم يظهر بعد " ( عب 9 : 8 ) . كان الأمر يحتاج إلى عمل إلهى ، هذا هو ما تم بالمسيح يسوع ربنا رئيس الكهنة الأعظم الذى دخل بنا إلى مقدسه السماوى ، قدس الأقداس الحقيقى . فطقس يوم الكفارة بكل دقائقه هو ظل لعمل السيد المسيح الذى شق حجاب الهيكل ونزع العداوة بين السماء والأرض ، وصالحنا مع أبيه القدوس .
لم يكن ممكنا لرئيس الكهنة أن يدخل إلا خلال الذبيحة ، إذ قيل : " بهذا يدخل هرون إلى القدس ، بثور أبن بقر لذبيحة خطية وكبش لمحرقة " ع 3 . يلزمه أن يكفر عن نفسه كما عن الشعب . وقد ألتحمت هنا ذبيحة الخطية بكبش المحرقة .
( 2 ) ثياب يوم الكفارة :
إذ ينتهى رئيس الكهنة من الخدمة الصباحية الدائمة ليبدأ طقس يوم الكفارة يخلع ملابسه الذهبية التى للمجد ويرحض جسده ثم يرتدى ملابس كتانية خاصة بهذا اليوم ، تتكون من : قميص ، سروال ، منطقة ، عمامة ( خر 28 : 40 – 42 ) ، وهى ملابس كهنة عادية ، ربما لكى لا يتعالى أو يستكبر ، أو ليشعر أن طقس هذا اليوم إنما لنزع خطاياه مع خطايا إخوته وبنيه من الكهنة والشعب .
رئيس كهنتنا ربنا يسوع لم يكن فى حاجة إلى غسلات جسدية أو روحية ، إنه لا يلبس ثيابا كتانية فى ذلك اليوم بل سلم ثيابه يقتسمها الجند فيما بينهم ليرفع على الصليب عريانا ، فيكسونا بثوب بره . يهبنا ذاته كثوب بر نرتديه ، كقول الرسول : " لأن كلكم الذين أعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح " ( غلا 3 : 27 ) .
( 3 ) ذبائح عن نفسه وعن الشعب :
إذ يبق فقدم رئيس الكهنة ذبيحتى خطية ومحرقة عن نفسه ( ع 3 ) قل ارتدائه الملابس الكهنوتية ، نجده الآن يأخذ تيسين من المعز لذبيحة الخطية واحدا كمحرقة من مال الجماعة .
عند تقديمه ثور الذبيحة عن نفسه وعن الكهنة يعترف رئيس الكهنة بخطاياه وخطايا الكهنة ، قائلا : " أيها الإله ( يهوه ) ، لقد أخطأت وعصيت أنا وبيتى . لذلك أتوسل إليك يا الله ( يهوه ) أن تكفر عن خطاياى وآثامى ومعاصى التى ارتكبتها أمامك أنا وبيتى – كما كتب فى ناموس موسى عبدك : لأنه فى ذلك اليوم يكفر عنكم ويغسلكم ، من كل معاصيكم أمام يهوه تغسلون " .
 ويلاحظ فى هذا الإعتراف يذكر اسم " يهوه " ثلاث مرات .
ويكرر الإسم " يهوه " ثلاث مرات أخرى حين يعترف على ن الثور باسم الكهنة ، مرة سابعة يذكر إسم " يهوه " عندما يعمل قرعة على التيسين ليكون أحدهما من نصيب يهوه . ثم يعترف ذاكرا الإسم ثلاث مرات أخرى حين يعترف وهو يضع يده على رأس التيس الذى يحمل خطايا الشعب . فى هذه المرات العشرة التى ينطق فيها إسم يهوه ، إذ ينطق بالإسم يسقط الواقفون بجواره بوجوههم إلى الأرض بينما تردد الجموع العبارة : " مبارك هو الإسم ، المجد لملكوته إلى أبد الأبد "
[ نلاحظ أن السيد المسيح عندما أعلن نفسه للجند وخدام الهيكل فى البستان عندما أتوا ليقبضوا عليه ؛ أنهم رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض ، وكأنه حتى فى هذه اللحظة الحرجة يحاول أن يفهم اليهود قساة القلب : من هو ؟ ] .. 
بعد ذلك " يأخذ التيسين ويوقفهما أمام الرب لدى باب خيمة الإجتماع ، ويلقى هرون على التيسين قرعتين :" قرعة للرب وقرعة لعزازيل " ع 7 ، 8 . يقدم هذين التيسين كذبيحة واحدة عن الخطية ، واحد يذبح عن خطايا الشعب والآخر يطلق فى البرية لإعلان حمل الخطية ورفعها . 
هناك تفاسير كثيرة لكلمة " عزازيل " ، يمكن إختصارها فى الآتى :
أولا : يرى البعض أن عزازيل إسم شخص ، يعنى به الشيطان . إن انطلاق التيس فى البرية يشير إلى قوة الذبيحة التى تتحدى الشيطان ، وكأن السيد المسيح الذبيح قد جاء ليحطم إبليس فى عقر داره .
ثانيا : الرأى الغالب أن كلمة " عزازيل " تعنى " الإقصاء التام " أو العزل الكامل ، وكأن ذبح التيس الأول يشيرإلى حمل السيد للخطية للتكفير عنها ، أما إطلاق الآخر فيشير إلى انتزاعها تماما وإقصائها بعيدا عن الشعب
 ثالثا : يرى البعض فى التيس الذى يطلق فى البرية بأسم عزازيل أى " العزل الكامل " رمزا لعجز الذبيحة الحيوانية عن تحقيق الخلاص الحقيقى ، فإطلاق التيس فى البرية يعنى أن التيس قد أنطلق إلى مكان غير مسكون حتى يأتى حمل الله الحقيقى القادر وحده أن يرفع خطايانا كقول إشعياء النبى أن يهوه قد وضع إثمنا عليه ( إش 53 : 6 ) .
إن التيسين يمثلان فريقين ، يتأهل أحدهما أن يدخل دمه إلى المقدسات الإلهية ويكون من نصيب الرب ، أما الفريق الآخر فيلقى فى البرية الجافة عن كل فضيلة والقفرة من كل صلاح . هذا التمايز يظهر عندما تنتهى حياة كل واحد منا ، إذ قيل : " فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم ، ومات الغنى أيضا ودفن ، فرفع عينيه فى الهاوية ..." ( لو 16 : 22 ، 23 ) .
 الأول حملته الملائكة كخدام الرب كما إلى مذبحه المقدس ، بكونه نصيب الرب ، والثانى انطلق إلى الهاوية إلى أماكن العذاب كمن يترك فى البرية .
[ قدم التيس الأول ذبيحة للرب بينما طرد الثانى حيا . فى الأناجيل يقول بيلاطس للكهنة وللشعب اليهودى :
 " من تريدون أن أطلق لكم : باراباس أم يسوع الذى يدعى المسيح ؟! " ( مت 27 : 17 ) . حينئذ صرخ كل الشعب أن يطلق باراباس لكى يسلم يسوع للموت ]
( 4 ) تقديم البخور :
يملأ رئيس الكهنة المجمرة الذهبية الخاصة به من جمر النار عن مذبح المحرقة ، وهى النار التى من لدن الرب ( لا 9 : 24 ) ، ثم يضع ملء حفنتيه من البخور العطر الدقيق " الناعم " ( خر 30 : 34 – 37 ) فى إناء صغير ذهبى ، وإذ كانت العادة أن يمسك البخور بيمينه والمجمرة بيساره ، ففى هذه المناسبة لضخامة حجم المبخرة يصرح له بالعكس أن يمسك المجمرة بيمينه والبخور بيساره ليدخل للمرة الأولى إلى قدس الأقداس بجنبه كى لا يتطلع بعينيه إلى تابوت العهد ، هنا يختفى رئيس الكهنة عن الأنظار ليبقى وحده فى قدس الأقداس . يضع المجمرة على الأرض على حجر ضخم ويملأها بخورا فيمتلىء قدس الأقداس بسحابة البخور لتحجب تابوت العهد عن عينيه فلا يموت .
يقدم رئيس الكهنة الصلاة التالية بسرعة دون إطالة حتى لا يقلق الشعب عليه :
[ إن حسن فى عينيك أيها الرب إلهنا . وإله آبائنا ، ألا يحل بنا سبى فى هذا اليوم ولا خلال هذا العام . نعم وإن حل بنا سبى هذا اليوم أو هذا العام فليكن إلى موضع فيه تمارس الشريعة .
إن حسن فى عينيك أيها الرب إلهنا وإله آائنا ألا يحل بنا عوز هذا اليوم ولا هذا العام . وإن حل بنا عوز هذا اليوم أو هذا العام  فليكن هذا عن جود أعمالنا المحبة .
إن حسن فى عينيك أيها الرب إلهنا وإله آبائنا أن يكون هذا العام عام رخاء وفيض ومعاملات وتجارة ، عام مطر غزير وشمس وندى ، فلا يحتاج فيه شعبك إسرائيل عونا من آخر . ولا تسمع لصلاة المسافرين ( ربما بإمتناع المطر ) .
أما من جهة شعبك إسرائيل فليته لا يتعظم عدو عليه .
إن حسن فى عينيك أيها الرب إلهنا وإله آبائنا ليت بيوت أهل شرون لا تكن قبورا لهم ( ربما لأجل تعرضهم للفيضانات المفاجئة ) ]  
يخرج رئيس الكهنة من قدس الأقداس بظهره حتى يكون وجهه متجها أمام الرب .
نستطيع أن نرى فى النار التى حملها رئيس الكهنة فى المجمرة إشارة إلى تجسد الكلمة ، إذ حل بملء لاهوته فى أحشاء البتول ، المجمرة الذهب . وقد وضع ملء يديه من البخور الدقيق إشارة إلى حمله أعماله المقدسة التى قدمها السيد المسيح بيديه المبسوطتين على الصليب لتفيح رائحته الذكية فينا .
( 5 ) الدم وغطاء التابوت :
يتسلم رئيس الكهنة إناء الدم من الكاهن ويدخل للمرة الثانية إلى قدس الأقداس ، وينضح بأصبعه مرة واحدة على غطاء التابوت من ناحيته الشرقية ، أى المواجهة للخارج ، ثم ينضح سبع مرات على أرضية قدس الأقداس أمام التابوت . بعد هذا يخرج إلى القدس ويترك إناء الدم فى مكان معد لذلك على قاعدة ذهبية ثم يخرج خارجا .
( 6 ) تقديم التيس الأول :
يذبح التيس الأول الذى وقعت قرعته أنه ليهــوه ، ويفعل بدمه كما فعل بدم الثور ، إذ ينضح على الغطاء وقدام الغطاء على الأرض ، ثم يخرج ليضع الوعاء على قاعدة ذهبية
" فيكفر عن القدس من نجاسات بنى إسرائيل ومن سيآتهم مع كل خطاياهم . وهكذا يفعل لخيمة الإجتماع القائمة بينهم فى وسط نجاساتهم " ع 16
يتم هذا التكفير بمزج دم الثور بدم التيس فى القدس ، ثم ينضح رئيس الكهنة على القدس ومشتملاته ثم يخرج خارجا لينضح على الدار الخارجية . وكأن رئيس الكهنة يعترف أنه هو والكهنة والشعب يخطئون فى حق الله وبيته ويطلبون المغفرة فى استحقاقات الذبيحة حتى يبقى الله حالا فى وسطهم خلال بيته المقدس .
يتم ذلك فى الوقت الذى فيه ينتظر الكهنة مع الشعب فى الدار الخارجية ، بينما يقوم رئيس الكهنة بالعمل فى قدس الأقداس والقدس بمفرده ، إشارة إلى السيد المسيح الذى وحده دخل إلى الأقداس السماوية بدمه لتقديسنا ، وكما يقول الرسول :
" لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات " ( عب 7 : 26 ) .
بقولـه : " لا يكن إنسان فى خيمة الإجتماع من دخوله للتكفير فى القدس إلى خروجه " ع 17 . يعلن أنه لا يستطيع أحد من البشر أن يقوم بدور الكفارة إنما الحاجة إلى رئيس الكهنة الفريد ربنا يسوع .
( 7 ) تقديم التيس الثانى :
بعد تقديم التيس الأول بذبحه والتكفير بدمه ، يأتى دور التيس الثانى الذى لعزازيل ( ع 20 ) ، الذى يوقف أمام باب خيمة الإجتماع ليعرضه أمام الله ثم يضع رئيس الكهنة يديه على راسه وكأنه يلقى بكل الخطايا عليه ، ويعترف عن خطاياه وخطايا الشعب كما سبق فرأينا قبلا وبنفس العبارات .
يرسل التيس مع أحد الكهنة يعينه رئيس الكهنة ليطلقه فى البرية عند صخرة تسمى " زك " على جبل عال ، تبعد حوالى 12 ميلا من أورشليم .. عندما يصل الكاهن إلى الصخرة يقطع الخيط القرمزى المربوط به التيس إلى جزئين ، يربط جزءا منه فى الصخرة ، والآخر بقرنى التيس ، ثم يلقى بالتيس من أعلى الصخرة ليسقط ميتا فلا يستخدمه أحد . وإن كان الطقس حسب الكتاب المقدس أمر بإطلاقه لا بقتله . بهذا يشعر الشعب بأن خطاياهم طوال العام قد طردت عنهم .
( 8 ) تقديم المحرقات وذبيحة الخطية :
إذ ينتهى الكهنة من خدمة يوم الكفارة يدخل إلى القدس ويخلع الثياب الكتانية ويستعد لإرتداء الملابس التى للمجد ( خر 28 ) ويقوم بتقديم المحرقات عن نفسه وعن الشعب بعد أن يرحض جسده .
لم يكن ممكنا لرئيس الكهنة أن يقدم المحرقات التى هى موضع سرور الله إلا بعد التكفير عن نفسه والكهنة وعن كل الشعب خلال ذبيحة الخطية . إذ لا يقدر المؤمن أن يقدم ذبيحة التسبيح والفرح إلا بعد تقديم التوبة لنوال المغفرة فى استحقاقات الدم .
كان رئيس الكهنة أيضا يلتزم بتقديم محرقات إضافية للعيد وهى ثور وكبش وسبعة خراف حولية ( عد 29 : 7 – 11 ) مع تقدماتها وسكائبها ( عد 28 : 12 – 14 ) . وإن كان بعض الدارسين يرون أن هذه الذبائح الإضافية تقدم بعد المحرقة الصباحية الدائمة قبل البدء فى طقس يوم الكفارة .
يقدم رئيس الكهنة أيضا ذبيحة خطية إضافية هى تيس من المعز ( عد 29 : 10 ، 11 ) . ربما خشية أن تكون هناك أخطاء قد ارتكبت سهوا أثناء خدمة اليوم سواء من جانب رئيس الكهنة أو الكهنة أو الشعب .
الذين يطلقون التيس الحى عزازيل ، ولحم ثور الخطية وتيس الخطية وجلدهما مع فرثهما ( بقايا الطعام بالمعدة ) للحرق كانوا بعد أداء عملهم يغتسلون : الثياب والأجساد .. ثم يعودون إلى الهيكل مع الشعب ليقرأوا الفصول الخاصة بيوم الكفارة من سفر لاويين ( 23 : 26 – 32 ) ، ومن سفر العدد ( 29 : 7 – 11 ) والشعب واقفا يسمع .
أخيرا يقدم رئيس الكهنة ذبيحة المساء اليومية أو الدائمة بنفسه .
( 9 ) الكفارة فريضة دهرية :
جعل الله " يوم الكفارة " فريضة دهرية يلتزم بها رئيس الكهنة اللاوى حتى يأتى رئيس الكهنة الأعظم ربنا يسوع فيتممه فى جسده ذبيحة فريدة تدخل بنا إلى المقدسات السماوية أبديا .
مع هذا الطقس الرهيب الذى كان اليهود يمارسونه بمهابة ورهبة كل عام كانوا يشعرون بالعجز ، إذ يمارسون الرمز لا الحق ذاته . يظهر ذلك من نغمة ليتوجيتهم فى ذلك اليوم ، إذ جاء فيها :
 [ بينما المذبح والهيكل قائمان فى موضعهما يكفر عنا تيسان خلال القرعة ، لكن الآن بسبب خطايانا لو أن يهوه يود هلاكنا فإنه لا يقبل من أيدينا محرقة أو ذبيحة ] .
+      +      

سامحني وأعف عني وأسندني





ربي يسوع

سامحني وأعف عني وأسندني لكي لا أخطئ إليك ثانية

دعني أقبل قدميك وأبلهما بدموعي وحبي

دعني أرتمي في حضنك الإلهي كطفل في حجر أمه

أبكي بفرح العودة

أبكي برجاء النصرة

أبكي بروح القيامة من سقطاتي الرديئة

سأكون لك بنعمتك

لن يستعبدني العالم ثانية

لن يسبيني الشيطان مرة أخرى

لن يخدعني الجسد بأوهامه

لقد ذقت مرارة الخطية واكتشفت وهمها الرديء

كنت أظنها حرية مفرحة وجدتها عبودية قاسية

الآن أدرك بنعمتك انك وحدك فيك الحرية والفرح والسعادة

وبدونك حياتي مرة وكئيبة

الآن أدرك لماذا يفرح الصائم "متى صمتم فلا تكونوا عابسين" (مت6: 16) أنني أفرح الآن بعودتي إليك بعد التوهان

الآن استقر في حضنك بعد الضياع

الآن نفسي تتوق إلى القداسة بعد أن دنست نفسي وجسدي بأفعالي الذميمة

الآن يتغير اتجاه حياتي ليكون المسيح هدفي ومحور اهتمامي بل "ولي الحياة هي المسيح" (في1: 21) 

بعد أن كان العالم ولقمة العيش، والجسد، والزلات قد استولوا علي اغتصاباً،

 فأفقدوني هويتي ومعنى وجودي وسلبوا مني فرحتي، وتركوني ملقى بين حي وميت انتظر سامرياً صالحاً يضمد جراحاتي

لأنه هكذا أحب الله العالم


لأنه هكذا أحب الله العالم
 


كان عند أحد الملوك الوثنيين
 وزير مسيحي، 
ونظراً لأن ذلك الوزير كان أميناً ومخلصاً
وعاقلاً ومدبراً، فإن الملك كان
كثيراً ما يجالسه ويحادثه
ويستشيره .

وذات يوم بينما كانا
يتناقشان، قال الوزير: 
"إنَّ المسيح نزل من السماء
ليخلصنا "...

فقال له الملك  :
 "إني إن أردت أن أحقق غرضاً،
فإني آمر أحد خدامي أن يؤدي
الأعمال اللازمة لتحقيق هذا
الغرض، ودون أن أتعب أو أتحرك ،

فلماذا يأتي الله نفسه ويأخذ
جسداً من عذراء ويولد في مذود حقير
بين الحيوانات، ثم يتعب ويتألم ،
ويُصلب بينما يستطيع أن يخلص
العالم بكلمة واحدة؟؟ "...

فطلب الوزير من الملك أن
يعطيه مهلة ثلاثة أيام ليجيبه عن   
سؤاله 

... خرج الوزير ....
وذهب إلى أحد النحاتين الماهرين 
وأمره أن يصنع تمثالاً من الخشب 
يماثل في حجمه
وهيأته حجم وهيئة 
"ابن الملك"

الطفل البالغ من العمر سنتين ،
وذهب الوزير سراً إلى خادمة في
القصر الملكي كانت هي المكلفة
بالعناية بالأمير الصغير والتجول
به في عربته الخاصة في حدائق القصر .
وقال الوزير لتلك الخادمة
:"اسمعي...
خذي هذا التمثال وألبسيه ملابس 
مشابهة تماماً ملابس الأمير الصغير 
 وضعيه في المركبة الملكية الصغيرة...
وسيكون جلالة الملك وأنا نتنـزه في حدائق
القصر، غداً في الساعة الخامسة مساء... 
وعندما ترينني قد رفعت يدي اليسرى إلى
أعلى، إقلبي العربة وأسقطي
التمثال الخشبي في البركة، ولا
تخشى عقاباً "...

وفي الغد في الساعة الخامسة مساءً، 
كان الملك
جالساً مع وزيره المسيحي بجوار  
البركة يتحادثان. 
وطالب الملك وزيره بإجابة السؤال، 
وكانت الخادمة مقبلة في تلك اللحظة 
تدفع العربة الملكية التي يجلس فيها
تمثال الأمير الصغير.
وعندئذٍ رفع
الوزير ذراعه اليسرى، 
فقلبت الخادمة العربة وسقط التمثال 
في الماء، وكان منظره يشبه تماماً
منظر الأمير الصغير... 
فلم يتمالك الملك نفسه،
وجرى بسرعة نحو
البركة وانبطح لينتشل 
"ابنه"
من الغرق! ولكنه سرعان ما
اكتشف أنه تمثال لا أكثر ،
فاندهش، وتساءل في غضب... 
فهدّأه الوزير قائلاً: 
"لقد تم هذا كله بأمري وتدبيري"....
  ثم سأله
 " 
ولكن لماذا لم تأمرني يا مولاي
أنا أو أي واحد من الخدم أن ننزل
ونخلص ابنك..؟؟" فأجاب الملك
 " المحبة الأبوية هي التي دفعتني
إلى ذلك وكيف أقعد عن خلاص ابني
وآمر غيري بتخليصه..؟؟" فقال له
الوزير: "هذه هي إجابتي عن
سؤالك ".....
 العبرة

إن الله يحبنا أكثر من محبة
الآباء لأولادهم، ولذلك دفعته
أن ينزل إلى الأرض، ويولد في المذود
الحقير ويتألم ثم يصلب ويقوم، لكي
يخلصنا هو  ،
ولا يمكن أن يقوم بمهمة خلاصنا
أحد غيره  .

 "لأنه هكذا أحب الله العالم
حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك
كل من يؤمن به بل تكون له الحياة
(الأبدية" (يوحنا 3:16

من أقوال القمص بيشوي كامل


النظر ليسوع المصلوب ينزع منا لذة الذات واهتماماتها
+
النظر ليسوع العريان ينزع منا لذة المظاهر
+
النظر ليسوع المهان ينزع منا حب الكرامة واﻹدانة
+
النظر للمسامير تنقذنا من الأفكار الشهوانية
+
قلل من الطعام وخفف من المنام، وأوجز في الكلام لتتذوق حلاوة اﻹلهام ولذة السلام

طقس عيد حلول الروح القدس وصلاة السجدة



 طقس عيد حلول الروح القدس وصلاة السجدة
هو عيد عظيم يحوى في ذاته أسرار عظيمة من العهدين وقد كان من أعياد اليهود الثلاثة الكبيرة (الفصح والحصاد والمظال) حيث كان يسمى عيد الحصاد عيد الاسابيع (خر 34: 22) وسمى في العهد الجديد: يوم الخمسين (أع 2: 1، 20: 16، 1 كو 16: 8) وهو آخر سبعة أسابيع بعد اليوم الاول من أيام الفطير (خر 23: 16.. راجع لا 23: 35) (خر 23: 14 – 17).. وسمى عندهم عيد الجمع (خر 24: 22 راجع لا 23: 34) صنع تذكارا لقبول موسى الشريعة التي وضعت أساسا لسياسة الشعب الدينية والمدينة عند مدخل أرض الميعاد وتخلص من العبودية... وكانوا يكرسون هذا التذكار شاكرين الله لانتهاء الحصاد الذي يبتدئ في جمع أبكار غلات الحقل (خر 23: 16، لا 23: 10 –11) وفيه كان يقربون في الهيكل التقدمات العديدة عن الخطية بخبز ترديد (لا 23: 17، 20).. كما أنهم كانوا يعيدونه بفرح عظيم اذ كان يذهب للاحتفال به في أورشليم اليهود المشتتة في جميع أقطار الأرض (أع 2: 5).
كان هذا العيد فى العهد القديم رمزا لما صنعه السيد للجنس البشرى والكنيسة تحتفل به تذكارا لتلك الاعجوبة العظيمة التي قدست العالم وفتحت طريق الايمان وقدست الرسل بنوع خاص وهى حلول الروح القدس على جمهور التلاميذ يشبه السنة نار منقسمة كأنها من نار استقرت على كل واحد منهم بينما كانوا مجتمعين للصلاة بنفس واحدة في العلية في يوم الخمسين (أع 2: 1 – 4).
أن أصل وضع هذا العيد في الكنيسة يرجع إلى الرسل أنفسهم وتدل شهادات الكتاب وأقوال الاباء والتاريخ على أن الرسل وضعوه واحتفلوا به... كما سنرى:
اولا: ان الرسول بولس  بعد أن مكث في أفسس أياما ودع المؤمنين وأسرع بالذهاب إلى أورشليم قائلا لهم: على كل حال ينبغى أن اعمل العيد القادم في أورشليم (اع 18: 31).. وكاتب الاعمال قال (انهم لما جاءوا إلى ميليتس عزم بولس أن يتجاوز إلى أفسس في البحر لئلا يعرض له أن يصرف وقتا في آسيا لأنه كان يسرع حتى اذا أمكنه يكون في أورشليم في يوم الخمسين (اع 20: 16) ثم أنه لما كان في اسيا وعد مؤمنى كورنثوس بالحضور عندهم بعد أن يعيد عيد العنصرة (1 كو 16: 7، 8).


ثانيا: قد امر الرسل بالاحتفال به كما يتضح من أقوالهم وهى: (ومن بعد عشرة أيام بعد الصعود: فليكن لكم عيد عظيم لانه في هذا اليوم في الساعة الثالثة أرسل الينا يسوع المسيح البار اقليط (لفظة يونانية) أصلها باراكليطون ومعناها المعزى (يو 16: 26) الروح المعزى امتلانا من موهبته وكلمنا بألسنه ولغات جديدة كما كان يحركنا وقد بشرنا اليهود والامم بأن المسيح هو الله (دستى 31).. ولا تشتغلوا يوم الخميس لان فيه حل الروح القدس على المؤمنين بالمسيح (رسط 66 و199).
ثالثا: أما أقوال الاباء والتاريخ فهى تثبت أنه تسليم رسولى.. فاورجانوس قال أنه تسليم من الرسل أنفسهم (ضد مليتوس ك 8 وجه 19) ويوستيوس اشهيد (راجع تاريخ آوسابيوس 4 ف 5) وآغريغوريوس في مقالته على العنصرة.. وعليه أجمعت سائر الكنائس الرسولية فى العالم. والبروتستانت أيضا يشهدون بما قلناه كما اتضح من أقوالهم التي ذكرناها عند التكلم عن عيد القيامة المجيد ونزيد عليه هنا ما قاله صاحب ريحانه النفوس وهو: (بما أن تاسيس الكنيسة المسيحية من وقت أن فاض الروح القدس وآمن به 3 الاف نفس في يوم واحد يستحق هذا الحادث العظيم أن يذكر عوض القصد الاصلى الذي رتب لاجله عيد الفصح اليهودى (صحيفة 14، 15).. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). الى أن قال: وقد جمعنا هذين العيدين (القيامة والعنصرة) لانهما رتبا في زمان واحد في القرن الاول (صحيفة 15).
طقس العيد:
أ- تسبحة عشية أحد العنصرة:
توجد ابصاليه واطس بكتاب اللقان والسجدة وكذلك بالابصلمودية السنوية. باقى التسبحة فرايحى عادى.
ب- رفع بخور عشية:
توجد أرباع الناقوس وذكصولوجية خاصة بالعيد (نص ذكصولوجية عيد العنصرة موجودة هنا بموقع الأنبا تكلاهيمانوت بقسم الإبصلمودية المكتوبة).
ج- تسبحة نصف الليل:
توجد أبصالية آدام خاصة بالعيد بكتاب اللقان والسجدة وكذلك الابصلمودية السنوية.. يوجد طرح خاص بعيد العنصرة يقال بعد الثيئوطوكية (موجود بكتاب دورة عيدى باقى تسبحة العيد فرايحى عادية كطقس الاعياد السنوية.
د- رفع بخور باكر:
يصلون رفع بخور كالمعتاد.. وبعد (أفنوتى ناى نان..) يرد الشعب كيرياليسون بالناقوس ثلاث مرات ثم لحن القيامة (كاطانى خوروس) ثم يرتلون البرلكس (يا كل الصفوف السمائيين) وبعده يصعد الكهنة بالمجامر والصلبان والشمامسة بأيديهم الشموع وامامهم أيقونة القيامة المقدسة.. ثم تبدأ الدورة (راجع عيد الصعود المجيد) ونكمل صلاة رفع بخور باكر كالمعتاد.
ه- القداس:
عند تقديم الحمل يصلون مزامير الساعة الثالثة فقط ويقرأ أنجيلها ولكن لاتقال القطع هنا بل يصلون قدوس الله قدوس القوى.. ثم يقدم الحمل مع (كيريا ليسون 41 مرة).. وتكمل الصلاة كالعادة إلى نهاية قراءة الابركسيس فلا يقرا السنكسار بل يصلى الكاهن قطع الساعة الثالثة قبطيا ثم عربيا (راجع كتاب خدمة الشماس قبطى). ثم يقولون لحن حلول الروح القدس (بى ابنفما امباراكليطون.. الروح المعزى) وهو يقال في عيد العنصرة وفي رسم الاساقفة والمطارنة وفي الاكاليل وحل زنانير الشمامسة والعرسان.. وبعد ذلك مرد المزمور الذي يقال ايضا فى عشية وباكر والقداس.. ثم المزمور يطرح بالسنجارى ثم الانجيل ثم هذا الطرح (الاثنى عشر رسولا...) موجود بكتاب دورة عيدى الصليب والشعانين وطروحات الصوم الكبير والخماسين).. وهناك مرد انجيل.. يوجد أسبسمسين آدام وواطس... وفي وقت التوزيع يصلى المرتلون لحن (آسومين توكيريو..) وهى قطعة رومى تقال في صوم أبائنا الرسل.
و- صلوات السجدة:
كانت العادة قديما في عهد الرسل أن يقرأ المصلون صلوات السجدة وهم وقوف ويقال أن السبب في اتخاذ السجود عند قراءتها كما  هو متبع الان يرجع إلى ما حدث مرة من أنه بينما كان الانبا مكاريوس البطريرك الانطاكى يتلو الطلبات اذ هبت ريح عاتية كما حدث في علية صهيون يوم عيد الخمسين فخر المصلون ساجدين من فهبت الريح ثانية فسجدوا فهبطت الريح ثم قاموا ليكملوا الصلاة وقوفا فهبت الريح الثانية فسجدوا فهبطت ثم عادوا للوقوف فعادت فسجدوا فهدأت فعلموا أن مشيئة الله تريد أن تؤدى هذه الصلوات في حالة سجود وخشوع ومن ذلك الحين أخذت الكنيسة هذه العادة إلى يومنا هذا.. ولا يخفى أن هذه الامور ظاهرة في الكتاب المقدس اذ كان كلما حل الله في مكان تهب الريح العاصفة وقد حدث ذلك مرات عديدة (1 مل 19: 11) والسجود ملازم لصلوات استدعاء الروح القدس في الكنيسة سواء في المعمودية أو في سر الافخارستيا وفي سر التوبة والاعتراف والزيجة والكهنوت.. وعلى هذا الرسم تستقبل الكنيسة فعل الروح القدس وهى ساجدة.
وتشير ايضا أنه في صلوات السجدة تحرق البخور وهذا لأنه في يوم الخمسين انتشرت رائحة الروح القدس الذكية بين التلاميذ وملأت العالم كله بواسطة عملهم الكرازى.. والروح القدس هو الله، والبخور اشارة على وجود الله في المكان فبمجرد فى حضرة الله وكانما رائحة البخور الذكية هى رائحة الرب كما يقول سفر النشيد (ما دام الملك في مجلسة أفاح ناردين رائحته).. وفي رفع البخور اشارة للاشتراك مع السمائيين في رفع الصلوات كما ذكر سفر الرؤيا (ملاك وقف عند المذبح ومعه مجمرة من ذهب وأعطى بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي أمام العرش (رؤ 8: 3). فالكنيسة تصلى وملاك يرفع الصلوات مع تلك التى تخرج من أفواه القديسين المنتقلين كرائحة ذكية أمام عرش الله.
وفى صلوات السجدة تطلب الكنيسة راحة ونياحا لأنفس الراقدين رافعة صلوات مزدوجة لانها لا تغفل في عيدها هذا أن تصلى مع الكنيسة المنتصرة التي في السماء فترفع في هذا اليوم بخورا كثيرا جدا مع صلوات متواترة على ارواح المنتقلين كنوع من الشركة المتصلة وتبادل الشفاعة لانها ترى في ذلك كمال التعبير.
آما السجدات الثلاثة فتحدثنا عن موضوع الروح القدس.
ففى السجدة الاولى. نرى فى صلاة السيد المسيح الشفاعية من أجل التلاميذ والمؤمنين به مجد الروح القدس فيقول الرب (يكونون معى حيث اكون أنا لينظروا مجدى) (يو 17: 24). أما في السجدة الثانية نلمس وعد الله لنا بارسال الروح القدس بقوله (وها أنا أرسل لكم موعد أبى) (لو 24: 49) والسجدة الثالثة ترى فيها بركات الروح القدس المشبهة بالماء الذي يعطيه الرب يسوع يطلب فينبع فيه ويجرى من بطنه أنهار ماء حى (يو 4: 14).
ونرى ايضا اشارة صريحة لطقس السجدة (ولكن تأتى ساعة وهى الان حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للاب بالروح والحق..  الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى أن يسجدوا) (يو 4: 24).
ومن أقول القديسين الجميلة عن السجود قال القديس باسيليوس الكبير: (كل مرة نسجد فيها إلى الارض نشير إلى كيف احدرتنا الخطية إلى الارض وحينما نقوم منتصبين نعترف بنعمة الله ورحمته التي رفعتنا من الارض وجعلت لنا نصيبا في السماء) وقال الشيخ الروحاني وهو القديس يوحنا الدلياثي: (محبة دوام لا سجود أمام الله في الصلاة دلالة على موت النفس عن العالم وادراكها سر الحياة الجسدية).
ترتيب صلوات السجدة:
السجدة الاولى:
يحضر الشعب إلى البيعة وقت الساعة التاسعة من مساء يوم أحد العنصرة.. ولعل هذه تذكيرا لنا بيسوع له المجد الذي كان معلقا على الصليب في مثل هذه الساعة وفاضت روحه المقدسة في هذه الساعة وتذكرنا بشريعة موسى التي أعطاه الله اياها في يوم عيد الخمسين الذي يقع بعد عيد الفصح وكانت وسط البروق والرعود والدخان والزلازل وسجود الشعب... وتذكرنا بصعود يسوع إلى السماء اذ أخذته سحابة عن اعينهم بعدما وعدهم بحلول الروح القدس عليهم... تعمل السجدتين الاولى والثانية في الخورس الثالث مكان البصخة أما السجدة الثالثة وهى التي تذكرنا بحلول الروح القدس فتعمل في الخورس الاول أمام الهيكل.
  يبتدئون بصلاة الساعة السادسة والتاسعة والغروب والنوم. (ويضاف الستار في الاديرة) ثم يقال لحن (نى اثنوس تيرو..) ثم الهوس الرابع ثم الابصالية (وهى خاصة بالعنصرة.. موجودة بكتاب اللقان والسجدة) اى ناهوس ناك ابشويس.. ثم ابصاليه الاحد الادام (اى كوتى انثوك..) ثم لحن ليبون.. ثم ثيؤطوكية الاحد كلها ثم ختام الثييئوطوكيات الادام (نكناى أو بانوتى..) ثم يبدأ الكاهن برفع بخور: اليسون ايماس، صلاة الشكر ثم ارباع الناقوس آبى اخرستوس بين نوتى.. ثم يقال ما يلائم ويختم (ابؤرو انتى تى هيرنى..) وفي هذه الاثناء يضع الكاهن خمس أيادى بخور في المجمرة المختصة بخدمة المذبح بمشاركة اخوته الكهنة وقبل وضع اليد الخامسة يقول (مجدا واكراما.. نياحا وبرودة لانفس عبيدك..) ثم يقول الكاهن سر بخور باكر.. ثم يقرأ رئيس الكهنة هذه النبوة وهى من سفر التثنية لموسى النبى (5: 22 – 6: 3) يرد الشعب (تين أو أوشت أمموك أوبى أخرستوس..) يبخر الكاهن ويصلى سر البولس وهو في مكانة.. ويقرأ البولس وهو من (1 كو 12: 28 – 13: 12) ثم يصلون أجيوس. ثم آوشية الانجيل ثم المزمور ثم الانجيل (مز 97: 7، 8، 1).. الانجيل (يو 17: 1 – 26)... ثم يقال الطرح الادام (كان الرسل يبشرون بالتعليم المقدس الانجلى) ثم يقال مرد الانجيل صعد إلى سماء السماء ناحية المشرق..) ثم يصلى الكاهن الاواشى الاتية.
1- المرضى   2- المسافرين
3- أهوية السماء   4- خلاص المسكن
ثم يصرخ الشماس قائلا: اسجدوا لله بخوف ورعدة.. ثم يقول الكاهن هذه الطلبة والشعب كله ساجد (الذى بلا عيب غير الدنس..).
السجدة الثانية:
قال القديس مار اسحق: (كلما استنار الإنسان فى الصلاة كلما شعر بضرورة وأهمية ضرب المطانيات ويحلو له الثبات.. كل ما يرفع رأسه ينجذب من فرط حرارة قلبه للسجود لأنه يحس بمعونة قوية في هذه الاوقات ويزداد فرحة وتنعمه...).
يبتدئ الكاهن مثل الاول: اليسون ايماس.. ثم صلاة الشكر ثم يرفع البخور ويصلى سر بخور الابركسيس وهو واقف مكانه ثم يتوجه إلى موقد جفن النار ويضع فيه يد بخور واحدة ويقول (نياحا وبرودة لانفس عبيدك الذين رقدوا...) وفي أثناء ذلك يرتل الشمامسة (أموينى مارين أو أوشت... شيرى نى ماريا...) وما يلائم ويختم:
ذوكصابترى "كيرياليصون كيرى أفلو جيسون ناى نى أفنوندتى بين يوت: أو أوشت... شيرى نى ماريا...". وما يلائم ويختم: ذوكصابترى: كيرياليسون كيرى أفلوجيسون ناى نى أفنوتى: بين يوت: كى نين.. ذوكصابترى آوثيئون ايمون مز 50.. ثم يقرأ كبير الكهنة هذه النبوة وهى من سفر التثنية لموسى النبي (6: 17 – 25) يرد الشعب قائلا: تين أو أوشت امموك آوبى أخرستوس.. يقرأ البولس من (1 كو 13: 13 – 14 – 17) ثم أجيوس آوثيئوس.. آوشية الانجيل – المزمور الانجيل (مز 13: 17) (لو 24: 36 – 53) ثم يقال الطرح الواطس (كان الاثنى عشر رسولا في أورشليم) ثم يردون الانجيل بالطريقة السنوية (أف اى انجى ابشويس) ثم يقول الكاهن:
1- أوشية الملك 2- الراقدين.
3- القرابين   4- الموعوظين.
ثم يصرخ الشماس قائلا: اسجدوا لله بخوف ورعدة.. هنا يسجد الشعب ويقول الكاهن الطلبة (أيها الرب الهنا الذي أعطى السلام للناس).
السجدة الثالثة:
يصعد الكهنة والشمامسة والمرتلون إلى الخورس الداخلى (الاول) لصلاة السجدة الثالثة ويفتح الكاهن ستر الهيكل ويصلى أليسون ايماس.. ثم صلاة الشكر.. ثم يصعد إلى الهيكل ويضع خمس أيادى بخور ويصلى سر بخور عشية ويطوف حول المذبح ثلاث دورات ثم يخر أمام باب الهيكل كنظام بخور عشية.. وفي هذه الاثناء يرتل الشمامسة والشعب بالناقوس (شيرى تى أككليسيا... تين أو أوشت.. شيرى ناشويس ان يوتى... شيرى تى ماريا.. ثم ربع لصاحب البيعة ثم يختمون بـ هيتين تى ابريسفيا.. مز 50.  وذكصاصى أوثئوس ايمون).. يقرأ الكاهن النبوة أخرستوس.. ثم البولس وهو من (1 كو 14: 18 – 40) ثم لحن الروح القدس (بى ابنفما امبراكليطون..) ثم يصلى الشعب آجيوس أوثيئوس ثم أوشية الانجيل ويطرح المزمور بالطريقة السنوية ويقرا الانجيل (مز 66: 4، مز 72: 11) (يشوع 1 – 14) ثم الطرح الواطس (روح الله هو الاب..) ثم يرد مرد الانجيل بلحن الواطس (ابسيكى انتى اسهيمى..) ثم يصلى الكاهن الاواشى الكبار:
1- اوشية السلامة 2- أوشية الآباء   3- أوشية الذين أوصونا أن نذكرهم 4- أوشية الاجتماعات
(ويكمل عبادة الاوثان بالكمال..) ثم تفضل يا رب، قدوس الله.. أبانا الذى.. ثم آمين الليويا تين تى هو ارو.. والذكصولوجيات بالطريقة السنوية.. وفي اثناء ذلك يصعد الكاهن إلى المذبح ويدور دورة واحدة ثم ينزل ويبخر أمام باب الهيكل لسائر الجهات وللكهنة والشعب مثل رفع بخور عشية تماما... بعد انتهاء الذكصولوجيات يقال قانون الايمان.. ثم افنوتى ناى نان.. كيريا ليسون بالكبير ثلاث مرات.. وهنا ينبه الشماس: (اسجدوا لله الاب ضابط الكل... فيسجد جميع الشعب ويصلى الكاهن هذه الطلبة (الينبوع الفائض كل حين..) ثم يقول الكاهن أبانا الذي فى السموات... ويرفع الصليب ويقول الثلاثة تحاليل.. ثم يقرا هذا التحليل (الروح المعزى الذي نزل من السماء..) ثم يقول الكاهن هذه البركة ويصرف الشعب بسلام من الرب آمين.

سلامٌ في وسط الضيقات

سلامٌ في وسط الضيقات

حدث أنَّ ملكاً خصَّص جائزة ثمينة للفنان الذي يرسم أجمل صورة تُعبِّر عن السلام. وحاول كثيرون من الفنانين رسم أجمل صورة، وقدَّموها إلى الملك
واستعرض الملك كل الصُّور التي قدَّمها الفنانون. ولكنه لم يُعجَب إلاَّ بصورتين، وكان عليه أن يُفاضِل بينهما

إحداهما كانت تُصوِّر بِرْكة هادئة، وسطح البِرْكة رائق مثل مرآة صافية، وحولها تقف الجبال الشاهقة، وفوقها سماء صافية زرقاء، تتخلَّلها بعض السُّحُب البيضاء الرقيقة

أما الصورة الثانية فكانت تُمثِّل أيضاً جبالاً شاهقة، ولكنها وعرة وعارية من كل عُشب، وفوقها سماء مغبرة، يتساقط منها أمطار غزيرة ويتخلَّلها ضوء البرق في جوانبها. وفي جانب أحد الجبال يهدر شلاَّل من ماء مُزبد

وطبعاً، فإنَّ هذا المنظر لا يعدو مُعبِّراً عن السلام أبداً

وبينما كان الملك يُحدِّق بدقة في الصورة، رأى خلف الشلاَّل في الصورة، شُجيرة صغيرة للغاية، ناميةً من خلال شقٍّ في صخرة. وفي داخل الشُّجيرة لاحَظ الملك صورة طير قد بنى هناك عُشّاً. وفي وسط الضجيج الذي يُحدثه الماء المندفع من الشلال، رقد الطير في عُشِّه هادئاً، في سلامٍ تام



فأيٌّ من الصورتين تظنُّ أنها فازت بالجائزة؟ لقد اختار الملك الصورة الثانية! هل تعلم لماذا؟ اختار الملك الصورة الثانية

لقد فسَّر الملك ذلك بقوله:

السلام لا يعني أنه لا يوجد إلاَّ في مكان لا يشوبه الضجيج والاضطراب أو العمل الشاق؛ ولكن السلام يعني أن تكون في وسط كل هذه الظروف الصعبة، وتظل مُحتفظاً بسلامك داخل قلبك


دَعْنا نُسبِّح الرب:

أيها الرب الإله، أُسبِّحك في وسط أحلك الأوقات، من خلال الأسى والضيقات

أيها الرب الإله، أُسبِّحك وأرفع يديَّ لتمجيدك، لأن كلمتك حقٌّ هي

أيها الرب الإله، أُسبِّحك، رغم أنه صعبٌ عليَّ أن أرى كل ما تُفكِّر فيه وتُدبِّره من أجلي، ولكني أضع كل ثقتي فيك



إلهنا ملجأنا وقوَّتنا، ومُعيننا في شدائدنا التي أصابتنا جداً. لذلك لا نخشى إذا تزعزعت الأرض، وانقلبت الجبال على قلب البحار. تعجُّ المياه وتجيش، وتتزعزع الجبال بعزَّته. مجاري الأنهار تُفرِّح مدينة الله. المزامير 46: 1 - 4

كلَّمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا: أنا قد غلبتُ العالم. يوحنا 16: 33

مباركٌ الله أبو ربِّنا يسوع المسيح، أبو الرأفة وإله كل تعزية، الذي يُعزِّينا في كل ضيقتنا، حتى نستطيع أن نُعزِّي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزَّى نحن بها من الله. لأنه كما تكثُر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثُر تعزيتنا أيضاً. رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 1: 3 - 5

إنه عالَم مشغول- بقلم قداسة البابا شنوده الثالث



إنه عالَم مشغول


بقلم قداسة البابا شنوده الثالث

          إن الله – تبارك اسمه – يطل من سمائه على عالمنا، فيجده عالماً مشغولاً. إنه عالم يجرى بسرعة، ولا يجد وقتاً يتوقف فيه ليفكر الى اين هو ذاهب! وهو أيضاً عالم صاخب كله أحاديث وضوضاء ومناقشات وانفعالات، وقد فقد هدوءه...
** إنه عالم مشغول على كافة المستويات: على مستوى الدول والأمم والجماعات والأفراد. فالدول مشغولة بالحروب والسياسات والإنقسامات، وبالفتن والدسائس والتدابير. والجماعات مشغولة بالصراعات والتشاحن، وبالثقافات التى تتصادم وتتزاحم ولا تتلاحم. والأفراد أيضاً مشغولون بالمشاكل الأسرية والمشاكل الأقتصادية، وبالصراع فى ميادين الدراسة والوظائف والعلاقات الاجتماعية.
** ووسط كل ذلك يقل العمل الروحى أو يضعف ويفتر، وتختفى العلاقة مع الله، ولا يفكر أحد تفكيراً جدياً فى مصيره الأبدى ولا فى الاستعداد له. وإن قام للصلاة يكون ذلك بأسلوب شكلى روتينى لا روح فيه، حتى أن الله يقول كما قال عن اليهود فى وقت ما "هذا الشعب يعبدنى بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيداً".
** ويقف الشيطان مبتهجاً بمشغولية الناس، ما دامت هذه المشغولية تنسيهم أنفسهم، وتنسيهم الههم، ولا تعطيهم فرصة للتأمل فيما هو لازم لحياتهم الأخرى، ولا تعطيهم فرصة للتأمل ولمحاسبة أنفسهم. وإن وجدوا وقتاً للهدوء يشغلهم بعمل إضافى، أو بدراسة معينة، أو بألوان من اللهو والتسلية والمتعة، أو يبحث عن مزيد من الرزق المادى. والمهم فى كل ذلك أنهم لا يجدون وقتاً يتفرغون فيه لله خالقهم. مقنعاً أن تلك المشغوليات لازمة لهم اجتماعياً أو ثقافياً أو مادياً لصلاح حالهم!!.
** وإن اهتم شخص بالنواحى الدينية، يدخل معه الشيطان أيضاً فى هذا المجال. فإما أن يحوّل له الدين إلى صراعات فكرية والى مجالات وفلسفة، أو يحوّل مسيرة تدينه إلى نزاع مع الذين يختلفون معه فى المذاهب. أو يكتفى بأن يجعله يهتم بإلقاء دراسات أو محاضرات عن السلوك البار دون السير فيه. وهكذا يشبه لافتات الطريق التى توضح الطريق دون أن تسلك فيه، أو هو يشبه اجراس المعابد التى تدعو الناس الى دخول المعبد دون أن تدخل هى فيه!! ويصبح التدين كلاماً، ولا يصير ممارسة أو حياة!!.
** لا تظنوا أن الشيطان يغرى كل الناس بالخطيئة لكى يبعدهم عن الله... كلا، فإنه يفتن فى طرق عديدة لإبعادهم. المهم عنده أن فكرهم لا يكون مع الله، ولا قلبهم أيضاً فهو يشغل البعض بالمال وكأنه الوسيلة الوحيدة لسعادته، ويشغل البعض الآخر بالمناصب والألقاب، فيسعى اليها بكل جهده ليشبع بها رغباته. كما أنه قد يشغل آخرين بالعلم أو بالسياسة، فيركزون فى ذلك كل آمالهم. وهو يضخمّ قيمة المشغولية التى يحارب بها كل أحد لكى لا يتبقى له وقت يهدأ فيه الى نفسه، ويفكر فى الله وفى الحياة الاخرى والاستعداد لها...
** وتصبح المشغولية لوناً من التخدير، يتوه به الانسان عن نفسه، فلا يرى شيئاً مهما وذا قيمة سوى هذه المشغولية! أما حياته الروحية وصفاء قلبه ونقاوته، فلا يحسب لشئ من هذه حساباً!!.
          والشيطان – فى كل ذلك – لا يكتفى بمشغولياتك الحالية، بل يحاول أن يضيف اليها مشغوليات اخرى، لكى ترتبك ويليهك عن نفسك. وهو مستعد أن يقدم لك فى كل يوم عروضاً ربما تكون سخية تغريك لكى تقدم لها انت المزيد من وقتك واهتمامك وعاطفتك. وهكذا تعيش فى جحيم الرغبات والمشغوليات التى تشعل مشاعرك وتشغلك...
** والعجيب فى كل ذلك والمؤلم أيضاً، انك لا تشعر بأنك قد أخطأت فى شئ. وتقول لنفسك: أنا لم أكسر أية وصية من وصايا الله. لا وقعت فى الزنا أو النجاسة أو السرقة أو القتل وما شابه ذلك. أنا انسان أعمل عملى بكل إخلاص واتفرغ له... حقاً انك كذلك، ولكنك لم تعط من حياتك وقتاً لله.
** ليكن الله يأخى فى مقدمة مشغولياتك، إن لم يكن هو شاغلك الوحيد. فعملك الروحى وصلتك بالله، ينبغى أن تكون باستمرار فى مقدمة مشغولياتك وفى توزيع وقتك. واجعل خلاص نفسك فى المقام الأول، ثم رتّب باقى مسئولياتك حسبما تكون أهميتها. وضع نصب عينيك باستمرار تلك العبارة الخالدة: "ماذا ينتفع الانسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!"...
          إن خسرت نفسك، ماذا يكون لك عوضاً عنها؟ وكل الذين ماتوا وتركوا هذا العالم، ماذا نفعتهم مشغولياتهم؟! ولما تركوا تلك المشغوليات بموتهم، هل ارتبك العالم، أم بقى كما هو بدونهم؟!.
** نصيحتى لك: إبدأ يومك بالله فى كل صباح، قبل أية مشغولية اخرى. ونظّم وقتك بحيث لا تطغى أية مشغولية على الوقت الذى تقضيه مع الله. ولا تخرج من منزلك قبل أن تقوم بكل واجباتك الروحية. ولا تسمح لشئ أن يتفوق على روحياتك مهما كانت الأسباب أو الاغراءات، ومهما حوربت بقيمة وأهمية تلك المعطلات... ولا يصح أن تضحى بعلاقتك مع الله من أجل أى شئ أو أى شخص أياً كان. وضع حياتك الروحية قبل كل المشغوليات، سواء من جهة الوقت أو جهة الأهمية..
          واعلم أنك دائماً تصرّف حياتك، حسب قيمة كل شئ فى نظرك. وليس هناك شئ أكثر أهمية من مصيرك الأبدى، لأن كل شئ زائل، الا البر والخير والعلاقة الطيبة مع الله...
          وثق أن الله سيبارك كل وقت، إن أعطيت الباكورة له.

ونعمة فوق نعمة

النعمة الإلهية
("ومن ملئه نحن جميعا أخذنا ، ونعمة فوق نعمة " – يو 1 : 16)

ماذا تعني النعمة؟

إذ تغمرنا النعمة الإلهية نسبح في لجة محبة الله الفائقة التي تحصرنا من كل جانب، والتي لا نستطيع أن نحصر طولها وعرضها وعمقها وارتفاعها نتطلع إلى الكتاب المقدس لننهل من الوعود الإلهية الفائقة.
حقًا لقد خلق الله الإنسان ليتحدث الكلمة الإلهي معه وجهًا لوجه. وكان أبوانا الأولان يتمتعان بصوت الله ماشيًا في الجنة (تك 3: 8). أما وقد أعطى الإنسان ظهره لمصدر النعم، لم يتركه الله بل وهبه الناموس ليرتفع به إلى غنى نعمته. وجاءالكتاب المقدس ليس ورقًا وحروفًا مكتوبة بل لقاءً حيًا مع الكلمة الإلهي وراء الحروف.
من يتمتع بنعمة إدراك أسرار الكتاب المقدس يتمتع بالشركة مع الكلمة الإلهي، وتدخل نفسه الفردوس الروحي المشبع.
+     لا يمكن نوال أمر صالح بعيدًا عن الله، وأما فوق كل شيء فهو فهم الكتب المقدسة الموحى بها].
+     المعنى الروحي الذي يهبه الناموس لا يدركه الكل، وإنما الذين يُمنحون نعمة الروح القدس في كلمة الحكمة والمعرفة.
+     ليتنا نحث الله لكي ما كما أن الكلمة تنمو فينا، نتقبل اتساع الفكر في المسيح يسوع، وبهذا يمكننا أن نسمع الكلمات المقدسة
+     كثيرون يسعون لتفسير الكتب المقدسة... لكن ليس الكل ينجحون. فإنه نادرًا ما يوجد من له هذه النعمة من الله.
العلامة أوريجينوس
+    "حبيبي هو شبيه بالظبي أو بِغُفْرِ الأيائل. هوذا واقف وراء حائطنا، يتطلع من الكوى، يُوَصْوِص من الشبابيك" (نش 9:2)...
نعمة الخلق   
فى الآية  "نعمة فوق نعمة" رأينا كيف أن الله أب كل البشرية يبسط يديه ليهب من فيض سخائه نعمته لكل بشرٍ. حقًا توجد نعم عامة يشترك فيها كل إنسان، كما توجد نعم خاصة تمتع بها شعب الله قديمًا بالإيمان خلال الناموس الموسوي، وأما ما قدمه الكلمة الإلهي المتجسد خلال صليبه فيفوق كل فكر. إنه كنز من النعم مفتوح لكل إنسان يقبله ويتجاوب معه. ولعل أول نعمة تمتع بها الإنسان هو "الخلق".
اهتم القديس أثناسيوس الرسولي بالحديث عن نعمة الخلق، فقد أوجد الله الإنسان ليس فقط من العدم إلى الوجود، فيشعر أنه مدين له بكل حياته، وإنما أوجده أيضًا حاملاً نعمة صورته. بهذا يتمكن من ممارسة الحياة الفردوسية، وادراك أسرار معرفة الله، والاتصال بالخالق، فيتمثل به، ويراه ويحيا معه خالدًا إلى الأبد.يشرح القديس عمل الكلمة (اللوغوس) الخالق كواهب نعمة التمتع بصورة الله،واعادتها لنا بتجديد طبيعتنا بعد فسادها.

نعمة حرية الإرادة

+     أعطى اللّه الطبيعة العاقلة نعمة حرية الإرادة، وأنعم على الإنسان القدرة على تحديد ما يريده حتى يسكن الصلاح في حياتنا، ليس قسرًا ولا لاإراديًا بل نتيجة للاختيار الحر. إن تمتعنا بحرية الإرادة يؤدى بنا إلى اكتشاف حقائق جلية.

نعمة إعادة ما فقدناه

إذ فقد الآن صورة الله صارت حياته جحيمًا لا يُطاق، وتحول الفردوس إلى سجن، وأنبتت له الأرض شوكًا وحسكًا. لم تقف نعمة الله مكتوفة الأيدي مهما كلفها الأمر، حتى وإن كان الثمن تجسد الكلمة وإعلان حبه بقبوله الموت صلبًا حتى يهب الإنسان بهجة القيامة ويتمتع ببرّ المسيح، ويرد روحه القدوس صورة الله فيه.
+     فما العمل إذن؟ إلى من يمكن اللجوء لاستعادة نوال مثل تلك النعمة، سوى إلى كلمة الله الذي خلق في البدء كل الأشياء من العدم؟ إذ يختص هو وحده بأن يأتي بمن كان في الفساد إلى عدم الفساد وأن يحقق ما يليق بالآب فوق كل شيء، إذ هو كلمة الله الآب الذي فوق الجميع لأنه وحده القادر أن يستعيد للجميع ما كان مفقودًا، وأن يتألم لأجل الجميع، وأن يكون شفيعًا لدي الآب لأجل الكل .
 نعمة القيامة والغلبة على الموت
يقول السيد المسيح لمرثا: "أنا هو القيامة"، فإن كان الفساد قد حل بجسد لعازر الميت لمدة أربعة أيام، فهو حال في كل نفسٍ وجسدٍ، قد انتن الإنسان تمامًا بسبب موت الخطية. جاء "القيامة" يهبنا ذاته، فنتمتع بالشركة معه، فيحررنا من سلطان الموت، ولا يقدر الفساد أن يحل بنا. بروح القوة والنصرة ننشد مع الرسول بولس: "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟ أما شوكة الموت فهي الخطية... ولكن شكرًا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح" (١ كو ١٥: ٥٥–٥٧). هذه هي نعمة القيامة.
 نعمة التبني لله الآب
الكلمة الإلهي هو الابن بالطبيعة، مولود من الآب، نور من نور، فيه ننال نعمة التبني لله الآب.

نعمة الروح القدس

كثيرًا ما شغل منظر عماد السيد المسيح قلب القديس كيرلس الكبير، فرأي الكنيسة كلها في المسيح الرأس بكونها جسده، فمع أن الروح القدس هو روحه الذي لا ينفصل عنه، لأنه واحد معه في الجوهر، لكنه حل عليه في العماد، من أجل تمتع الكنيسة به. فنعمة الروح القدس هي عطية واهب العطايا والنعم لكنيسته ولكل عضو فيها. قدم لنا نعمة الروح القدس الذي يبكتنا على الخطية، ويدين عدو الخير الذي يود هلاكنا، ويهبنا برّ المسيح. يقدم لنا الحق، إي السيد المسيح، ويجدد طبيعتنا، ويقودنا في الطريق، الذي هو المسيح، ويوَّحدنا في استحقاقات دم المسيح مع الآب، ويهبنا شركة مع السيد المسيح ومع السمائيين ومع بعضنا البعض.
نعمة شركة الطبيعة الإلهية
إخلاء كلمة الله ذاته ليحمل شكل العبد وهبنا إمكانية المجد الداخلي الفائق، موضع سرور الله، إذ يرى ملكوته قائمًا فينا، وموضع سرور السمائيين، إذ يمجدون الله على غنى هذه النعمة الفائقة.
مع خبرتنا اليومية لهذا المجد الداخلي وسط تيارات العالم المرة يتجلى هذا المجد في أروع صوره يوم لقائنا مع العريس السماوي على السحاب، فنحمل صورته، ونُزف كعروس سماوية، ملكة تجلس عن يمين ملك الملوك. هذه هي نعمة شركة الطبيعة الإلهية العاملة في أعماقنا.
+     يا للسر العجيب! الرب تنازل، الإنسان ارتفع.
+     صار كلمة الله إنسانًا، لكي تتعلم كيف يصير الإنسان إلهًا.
+    شاركنا يسوع المسيح بشريتنا لكي يمنحنا فيضًا من غناه .

نعمة اقتناء حياة المسيح

+     بالسخاء ذاك الذي يعطينا أعظم كل العطايا، حياته ذاتها
+    (إذ صار إنسانًا) صرنا الآن قادرين أن نقتنيه، نقتنيه هكذا بالعظمة، وبذات طبيعته التي كان عليها، إن كنا نعد له مكانًا لائقًا في نفوسنا.
+     المسيح الذي هو كل فضيلة، يأتي ويتكلم على أساس أن ملكوت الله في داخل تلاميذه وليس هو هنا وهناك .

نعمة رائحة المسيح الذكية

+     هكذا تشبَّه بولس العروس بالعريس في فضائله، وصور بعطره الجمال الذي لا يُدنى منه. من ثمار الروح الحب، الفرح، السلام وما شابه ذلك. صنع عطره، واستحق أن يصير "رائحة المسيح الذكية" (2 كو 15:2). لقد استنشق القديس بولس هذه النعمة الغير مدركة التي تجاوزت كل نعمة، وأعطى نفسه لآخرين كرائحة ذكية ليأخذوا منها على قدر طاقتهم، حسب تدبير كل إنسان. صار بولس الرسول عطرًا، إما لحياة أو لموت، فإنه إذا ما وضعنا العطر ذاته أمام خنفس وأمام حمامة، فلن يكون له تأثير مماثل على الاثنين؛ فبينما تصير الحمامة أكثر قوة حين تستنشقه فإن الخنفس يموت حينذاك. هكذا الحال مع الرائحة المقدسة، مع بولس الرسول العظيم الذي شابه الحمامة    .

نعمة الفضيلة

+     بحق يمكن للإنسان أن يصف نفس القديس بولس بكونها حاملة بذار الفضيلة وفردوسًا روحيًا. فقد ترعرعت في داخله النعمة بعمقٍ، كما كان دائمًا يهيئ أعماقه لتنمو النعمة فيها وتزدهر. وحين صار إناءً مختارًا دأب على تنقية نفسه فاستحق أن ينسكب عليه الروح القدس بفيض. هكذا صار لنا مصدر أنهارٍ كثيرة وعجيبة، ليست فقط الأنهار الأربعة التي نبعت في الفردوس، وإنما أنهار أخرى كثيرة تجرى كل يومٍ لكل واحدٍ منا لتروى ليس فقط الأرض، بل نفوس البشر فتجعلها تنبت الفضائل.

نعمة الآب والابن

تقديم النعمة الإلهية هو عمل إلهي واحد، عمل الثالوث القدوس محب البشر. فالآب يهب نعمته بفيض بالكلمة الإلهي، بكونه قوة الله وحكمته، يقدمها لنا بروحه القدوس بكونه روح القوة والحكمة. فالنعمة الإلهية هي نعمة الآب والابن والروح القدس، عمل واحد للثالوث القدوس.
 نعمة ميراث الملكوت
غاية خلقتنا هي تمتعنا بالخلود مع الله أبينا، يكون لنا نصيب في أحضانه الإلهية. هذا ما شغل قلب ربنا يسوع المسيح وفكره، محتملاً عار الصليب عوضًا عنا لننعم بنعمة الملكوت أبديًا. ولا يزال مسيحنا في السماء يعد لكل واحدٍ منا موضعًا، فهو مشغول بميراثنا الأبدي.

نعمة الخلود فيه

+     لكن الآن قد صار الكلمة إنسانًا، وأخذ ما يخص الجسد، فلم تعد تلك الأشياء تمس الجسد بسبب اللوغوس الذي سكن فيهم، والتي أُبيدت بواسطته. فلم يعد البشر خطاة وأمواتًا بعد بحسب الأهواء الخاصة بهم، بل إذ قاموا بحسب قوة اللوغوسظلوا عديمي الموت، وعديمي الفساد إلى الأبد.
 وإذ قد أخذ الرب جسدًا من مريم والدة الإله، فإن الذي أعطى الآخرين أصل حياتهم، قيل عنه هو نفسه أنه قد وُلد، ليصبح هو ذاته أصلنا، فلا نعود نرجع إلى الأرض بعد باعتبارنا مجرد تراب من الأرض، لكن إذ اتحدنا باللوغوس نقل هو إلى ذاته ضعفات الجسد الأخرى أيضًا، حتى تكون لنا شركة في الحياة الأبدية، لا كبشر، بل كمن ينتمي إلى اللوغوس.
لأننا لا نموت بعد في آدم بحسب نشأتنا الأولي، بل إذ قد تحول أصلنا وضعف جسدنا إلى اللوغوس، نقوم من التراب، إذ زالت عنا لعنة الخطية بسبب ذاك الذي هو فينا والذي صار لعنة من أجلنا.

نعمة التمتع بمعرفة الحق الإلهي

خلق الله في الإنسان حنينًا نحو التعرف على الحقيقة غير المتغيرة، فقدم السيد المسيح نفسه بكونه "الحق". من يقتنيه يتمتع بمعرفة الحق كنعمة إلهية مجانية.

نعمة الثبوت في الآب والابن

+     "بهذا نعرف أننا نثبت في الله وهو فينا إنه قد أعطانا من روحه" (1 يو 4: 13)، لهذا فإنه بسبب نعمة الروح القدس التي أعطيت لنا، نصبح نحن في الله وهو فينا، حيث أن المقصود هنا هو روح الله الذي من خلال مجيئه ليصير فينا، نُعتبر نحن أيضًا في الله والله فينا إذ لنا الروح.

نعمة الشبع والفرح

     "صارت لي دموعي خبزًا نهارًا وليلاً، إذ قيل لي كلَ يوم: أين إلهك؟" (مز 42 :3)، وبحق دُعيتْ الدموعُ هنا خبزًا، حيثُ الجوع إلى البرّ. "طوبى للجياع والعطاش إلى البرّ، لأنه يُشبعون" (مت 5: 6)، لهذا توجد دموع بمثابة خبزٍ، تقَّوى وتسند قلبَ الإنسان (قابل مز 104 :15)،

نعمة النور

     تعبر النفس من الخطأ إلى الحق، وتتبدل صورة حياتها المظلمة إلى نعمة فائقة. انتقل بولس الرسول عروس المسيح من الظلمة إلى النور، إذ يقول لتلميذه تيموثاوس، كما العروس لوصيفاتها، إنه قد صار مستحقًا إن يكون جميلاً، لأنه كان قبلاً مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا ومظلمًا (1 تي 13:1). ويقول بولس الرسول أيضًا أن المسيح جاء إلى العالم لينير للذين في الظلمة. لم يدعُ المسيح أبرارًا بل خطاة إلى التوبة، الذي جعلهم يضيئون كأنوار في العالم (في 15:2)، بحميم الميلاد الثاني الذي غسلهم من صورتهم السوداء الأولى .

نعمة الكرازة والشهادة

+     لماذا لم تُرسل الملائكة في مهمة الكرازة بالإنجيل؟ لكي لا يكون للإنسان عذر في كسله أو إهماله، فيُبَرر نفسه بحُجة اختلاف الطبيعة البشرية عن الطبيعة الملائكية، لأن الفرق عظيم.
من العجيب حقًا إن الكلمة المنطوقة من لسان ترابي لها القدرة على اقتلاع الموت، وغفران الخطايا، وإعادة النظر للعميان، وتحول الأرض سماءً، وهذا يجعلني أتعجب من قدرة الله ويزداد إعجابي وإكرامي لغيرة بولس لنواله تلك النعمة وتهيئة نفسه وإعدادها حتى يستحق نوالها.

نعمة ديناميكية

من أجلنا قيل عن السيد المسيح: "وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئًا حكمة، وكانت نعمة الله عليه" (لو 2: 40)، وأيضًا: "وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والنعمة عند الله والناس" (لو 2: 52). وكما يقول العلامة أوريجينوس: [لقد أخلي ذاته وأخذ شكل العبد (في 7:2)... وبالقدرة التي بها أخلي ذاته نما أيضًا.] هكذا يدخل بنا إلى طريق النمو الدائم في النعمة. فالنعمة فينا هي عمل الله المستمر الديناميكي غير المتوقف.

نعمة جامعة

+     "صرت كل شيء لكل البشر، لكي أربح الكل" (١ كو ٩: ٢٢). تمطر النعمة الإلهية على الأبرار والأشرار (مت ٥: ٤٥).
هل هو إله اليهود وحدهم، أم إله الأمم أيضًا؟ نعم هو إله الأمم أيضًا، بالحقيقة هو الله الواحد (رو ٣: ٢٩–٣٠)، هذا ما يعلنه الرسول السامي[324].

واهب النعمة يطلب النعمة لحسابنا

    عندما يقول المخلص إذن، بحسب الأقوال التي يتذرعون بها، "دُفع إلى كل سلطان" (مت 28: 18) و"مجد ابنك" (يو 17: 1)، وحينما يقول بطرس "وسلاطين وقوات مخضعة له" (1 بط 3: 22)، يجب أن نفهم كل تلك النصوص بنفس المعنى، أعني أن المخلص يقول ذلك كله بشريًا، بسبب الجسد الذي لبسه، إذ أنه وهو غير المحتاج قيل عنه رغم ذلك إنه نال ما ناله بشريًا

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010