حراسة مشددة
القمص تادرس يعقوب ملطي
الراهب واللصوص
عاش أمون في مدينة الأشمونين بصعيد مصر في جو هاديء، يحب الصلاة، ويتمتع بقراءة الكتاب المقدس.
التحق بأحد الأديرة في بلده، فأحبه الرهبان جدًا لرقته ولطفه. كان يحب الجميع، يخدم الكثيرين، ويميل إلىالعمل في صمت.
عاد الراهب من الكنيسة إلى قلايته فلم يجد رداءه ولا طعامه، فوقف يصلي إلى الله قائلاً:
"أشكرك يارب لأنك أرسلت لي مَنْ هو محتاج إلى ردائي وطعامي.
أنت أعطيتني، وأنت أخذت مني. ليكن أسمك مباركًا".
تكرر الأمر... ولم يكن الراهب يبالي بما سُرق منه، ولم يضطرب، بل كان فرحًا.
تكرر الأمر ومرات فبدأ يضطرب من أجل اللصوص. فوفقف يصلي، قائلاً:
"أنت تعلم يارب إني أن تُؤخذ مني ثيابي وطعامي،
لكن قلبي حزين من أجل اللصوص.
ليتني لا أكون سببًا في هلاكهم،
لأنه لا يدخل السارقون ملكوت السموات!"
بدأ الراهب يحزن جدًا، وأخيرًا لكي لا يضطرب ترك الدير وانطلق إلى الصحراء.
ثعبانان للحراسة!
كان الراهب سعيدًا للغاية في البرية، يقضي أغلب وقته في العبادة من صلوات وتسابيح وتأمل في الكتاب المقدس.
مع بساطته أعطاه الله نعمة خاصة، فكانت الثعابين تستأنس به، يداعبها ويلاطفها.
بحث اللصوص عن الراهب حتى عرفوا مغارته، وإذ خرج يومًا في البرية عاد فوجد كل ما في مغارته مسرقًا... وكان ثعبانان ضخمان قد دخلا في المغارة.
في بساطة عاتب الراهب الثعبانين قائلاً:
"كيف يسرق اللصوص المغارة؟
لتحرسا المغارة... لكن احذرا من أن تؤذيا أحدًا!"
حرك الثعبانان رأسيهما كما بالموافقة.
أشرّ من الثعابين!
في أحد الأيام إذ كان الراهب عائدًا إلى مغارته وجد بعض الرجال ساقطين على وجوههم، وهم في خوف ورعدة.
برقَّةٍ شديدة أمسك الراهب بأيديهم وأقامهم، ثم سألهم عن الخبز.
قال أحدهم:
"إنني أعترف لك أننا قد جئنا كعادتنا لسرقة مغارتك.
وإذ اقتربنا إلى باب المغارة فجأة ظهر ثعبانان ضخمان جدًا، فولَّنا هاربين، ومن الخوف سقطنا على الأرض"ز
اتسم الراهب، وقال:
"إن لي زمانًا طويلاً أترقب هذه اللحظة لكي أتحدث معكم.
هيا بنا إلى المغارة،
لتأكلوا أولاً لأنكم متعبون...
ونتحدث معًا".
قال الرجال:
"كيف تأتي معك، والثعبانان في المغارة؟"
أجاب الراهب:
"أود أن أكون في محبٍة صريحًا معكم.
أتخافون الثعابين وأنتم أشر منها؟!
فإن الثعابين تطيع أوامرنا من أجل الله،
وأنتم لا تخافون الله، ولا تُوقّرون عبيده، ولا تبالون بخلاص أنفسكم!
هيا بنا إلى المغارة لنأكل ونتحدث معًا..."
دخل الجميع المغارة وكان الثعبانان كحارسين عند باب المغارة.
شعر اللصوص بمحبة الراهب، وأدرك كيف تخضع له حتى الثعابين من أجل الرب، فندموا على كل شرورهم، وقدموا توبة، وأصروّا أن يصيروا رهبانًا، وعاشوا في محبة يخدمون الأخوة بكل طاقتهم.
غيَّر الله قلوبهم، ووهبهم موهبة صنع الآيات، وبسببهم رجع كثيرون إلى الله.