العروس الصغيرة




العروس الصغيرة

القمص تادرس يعقوب ملطي

الشاب المريض

التقى والي روما مع طبيبه الخاص ليحاوره فيما يخص ابنه بروكبيوس المريض:

- ماذا تظن في مرض ابني؟

- إنه ليس مريضًا، لكن نفسه محطمة وحزين جدًا.

- كيف؟... ماذا ينقصه لكي يحزن هكذا؟ لقد أوشك أن يموت!

- ربما يخجل أن يتحدث معك، لكنني اتفقت معه أن أتحدث معك عنه بصراحة.

- خيرًا!

- إنه يريد أن يتزوج.

- وهل هذه مشكلة؟ إنني أسر أنا ووالدته أن يتزوج ابننا.

وأظن أن كل فتاة في روما تتمنى أن الزواج منه. فهو شاب صغير ووسيم، غني ومتعلم وذو وجاه!

- حتمًا... لكنه يحب فتاة صغيرة جميلة جدًا، عمرها 12 عامًا.

- وما المانع؟

- مسيحية!

- مادام يحبها لا مانع لدي!

- هي ترفض الزواج منه.

- هل يمكن لفتاة أن ترفض الزواج من بروكبيوس؟

هل تجد من هو أغنى منه؟ أو أجمل منه؟...

- لقد حاول معها، لكنها رفضت بإلحاح.

- لعلها تحب آخر.

- تقول أنها عروس المسيح... ولا تريد الزواج!

- يالسخافة المسحيين!

أنا أعرف كيف أسحب قلبها لابني بالهداية الثمينة، أدعوها إلى الحفلات وأكشف لها عن قصورنا وحدائقنا وكنوزنا... فتجري وراءه، وتشتاق أن يتزوجها.

- لقد حاول كثيرون من أبناء الأشراف ذلك فرفضت، أولاً لأنهم غير مسيحيين، وثانيًا لأنها لا تريد الزواج بل قدمت نفسها عروسًا للمسيح.

- لا تقلق... لي أسلوبي الذي به أُلزمها بالزواج.

لقاء مع الوالي

استدعى الوالي الفتاة الصغيرة أجْنِس، وصار يلاطفها. لاحظ أنها فتاة جميلة الصورة جدًا، رقيقة الطبع، هادئة، ابتسامتها لا تفارقها، لكنها جادة ووقورة.

فاتحها في أمر ابنه بروكبيوس. بأدب مع حزم أخبرته أنها مسيحية، وأنها نذرت حياتها للسيد المسيح عريسها السماوي، ولن تقبل الزواج قط.

حاول مرة ومرات، وإذ رفضت أمر الجند أن يقيدوها ويسحبوها أمامه إلى هيكل الأوثان لتسجد هناك.

لم ترتبك، ولم تظهر عليها علامات الخوف، بل بكل شجاعة سارت مع الجند مُقيدة... وهناك عوض السجود للأوثان رشمت نفسها بعلامة الصليب مجاهرة.

أمر الوالي بضربها وتعزيبها، ولكنها كانت تطلب معونة السيد المسيح مخلصها فشعر الوالي بخيبة أمله...

جلس الوالي مع نفسه يفكر:

"الفتيات في سنها لا يحتملن مجرد نظرة غاضبة من الوالدين،

ويحسبن وخزات إبرة جراحات قاسية فيصرخن،

أما هذه فلا تخاف مني ولا من الجند. لم ترهبها العذابات،

ولا تبالي حتى بالموت. ألعلها ساحرة؟!

ألعلها من طبيعة غير طبيعتنا؟!

أم ماذا؟!"

في مكان غير لائق

سأل الوالي أحد مشيريه:

"كيف يمكن لفتاة في الثانية عشر من عمرها تعصى أوامري؟

إنها لم تلنْ بلطفي واهتمامي بها،

ولم تخف من الضرب والعذابات... ولا من السجن.

ماذا أفعل؟"

أجابه المشير:

"هذا هو حال كل المسيحيين الحقيقيين.

أتريد أن تهزمها؟

أنا أعرف أنها تكره الخطية،

أرسلها إلى مكان غير لائق،

واطلب من الأشرار أن يلتصقوا بها... فتعرف إما الزواج بابنك أو البقاء في هذا المكان الرديء".

قادها الجند إلى المكان، وبأمر الوالي جاء مجموعة من الأشرار يضايقونها. أما هي فصلَّت إلى الله مخلصها، وآمنت أنه لن يستطيع أحد أن يؤذيها مادامت في يديه.

تطلع الشبان الأشرار إليها كعصفور صغير ساقط من فخ لا حول له ولا قوة... فقد أكدوا للوالي أنها لن تحتمل شرهم.

بدأ أحدهم في معاكستها، فرفعت عينيها وقلبها إلى الله... وإذ بالكل ينظر إليها باستخفاف... لكن سرعان ما سقط الشاب عند قدميها يصرخ:

"أخطأت يا أَجْنِس!

صلي لأجلي!

لقد عرفتُ قوة إلهك! سامحيني!"

ظنه أصحابه أنه يقوم بدور تمثيلي كوميدي يحمل سخرية، فصاروا يقهقهون بصوتٍ عالٍ... لكن سرعان ما اكتشفوا أن زميلهم لا يمثّل إنما يصرخ حقيقة ويطلب نجدتها.

صرخ أحدهم: "ما الذي حدث؟ ماذا تشعر؟"

أجاب الشاب: "ارحميني يا أجنس... لقد فقدتُ بصري... لقد أصابني عمى! صلِ لأجلي".

حاول الشبان أن يحملوه ليتأكدوا من صدق كلماته، لكنه سرعان ما ارتمى ثانية عند قدميها وصار يستنجد بها...

وقف الكل في دهشة وخوف... صمتوا قليلاً، فوجدوها في هدوء تصلي لله مخلصها.

طلبوا منها الصلاة من أجله، فلم تعاتبهم بكلمة واحدة، ولا وبختهم، بل صلت لأجله فانفتحت عيناه، وصار الكل يسبح الله ويشكره.

العروس الجميلة

سمع الوالي بما حدث مع الشبان، فخشى أن ينتشر الخبر ويؤمن كثيرون بالمسيحية. أصدر أمره بقطع رأسها.

لم تخف الفتاة الصغيرة، بل انطلقت إلى السياف إلى الميدان كما إلى حفل زفافها. كانت تسرع في خطواتها، لأنها تنتظر رؤيتها للمسيح عريسها السماوي.

تعجب السياف من شجاعتها، وفرحها بالموت، فصار يلاطفها، أما هي فطلبت منه مهلة عدة دقائق، حيث ركعت لتصلي بصوتٍ عالٍ مملوء فرحًا... وكان المشاهدون يدهشون ويتعجبون لما يرون...

كشف السياف وجهها ورأسها فرأى الحاضرون جمالها، وبصوت واحد صرخوا في مرارة يطلبون أن تترفق بشبابها وجمالها...

كان الكل يبكون، أما هي فكانت وحدها ترنم لله بفرح.

مد السياف يده ليضرب بالسيف فصارت ترتعش... لكن أجْنِس شجعته بابتسامتها العذبة... إنها تريد أن ترى يسوع عريسها الأبدي!

ana el raga2....Designs



















ImageShack, free image  hosting, free video hosting, image hosting, video hosting, photo image hosting site, video hosting site

أحشائي! أحشائي! جدران قلبي توجعني


أحشائي! أحشائي!
جدران قلبي توجعني
القمص تادرس يعقوب ملطي
وُجد السفر

إله قاسي!
حدثت في أورشليم أمور مرعبة، فقد صنع الشعب شرورًا كثيرة، ولجأوا إلى الشعوذة والسحر. أما ما هو أشر فقد أقام الملك تمثالاً للإله مولك في وادي ابن هنوم، خارج أسوار المدينة.
كان ذراعا التمثال النحاسي مبسوطين لا بالحب للناس وإنما لتقديم ذبائح بشرية في قسوة. إذ كان الكهنة والكاهنات يوقدون نارًا تحتهما حتى يتوهجان جدًا، فتأتي الأم برضيعها وتلقي به على الذراعين. ولكي لا يسمع أحد صرخات الرضيع وهو يحترق، كان الكهنة قساة القلب يضربون على الطبول وينشدون الأغاني بأصوات مرتفعة.
لقد عرف الملك أن الله يحرم الذبائح البشرية، ومع هذا فقدم طفله ذبيحة للإله ملوخ.
ملك طيب القلب
صار يوشيا ملكًا على يهوذا وهو في الثامنة من عمره، وقد اشتاق منذ صباه أن يتخلص من كل التماثيل الوثنية، ويرد لأورشليم جمالها وقداستها. وإذ بلغ الحادية والعشرين سمع إرميا النبي يصرخ في أورشليم ويقول:
"هذه الآلهة الغريبة الباطلة صنعها الأمم، وهي لا تسمع ولا تتكلم ولا تتحرك. حطموها وتخلصوا منها، فإنه لا نفع لها، وتعجز عن أن تؤذيكم. ارجعوا إلى الله الحيّ وأصلحوا بيته المقدس الذي أفسدتموه".
سمع الملك كلمات هذا النبي الصغير القروي والخجول، فأحبه جدًا، وأحب كلماته ونصائحه. وأمر يوشيا الملك حلقيا رئيس الكهنة أن يهتم بإصلاح الهيكل.
بدأ العمل في جدية وانشغل المعماريون والبناءون والنجارون في إصلاح الهيكل وترميمه.
قال أحدهم وهو يرفع بيده درجًا (مخطوطة) قديمًا من وسط الأنقاض: "انظروا! ما هذا؟!" نفض الرجل التراب عن الدرج، وقدمه لحلقيا الذي قرأه، وأسرع نحو شافان كاتب الملك يقدم له الدرج، ويقول له: "قد وجدنا سفر الشريعة مخفيًا في بيت الرب". أخذ شافان الدرج وفتحه، وبدأ يقرأ فيه، عندئذ قال: "يجب علينا أن نقدمه للملك". 
جاء شافان الكاتب إلى يوشيا الملك، وقال له: "لقد أعطاني حلقيا رئيس الكهنة هذا الدرج".
قال له الملك: "اقرأه بصوتٍ عالٍ".
بدأ شافان يقرأ بصوتٍ عالٍ للملك الشرائع المذكورة في الدرج، وقد جلس يوشيا صامتًا كمن قد سُحِرّ في مكانه، ينصت باهتمام شديد.
"اسمع يا إسرائيل! الرب إلهنا إله واحد؛
حبّ الرب بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك.
الله لا يحابي الوجوه،
يهتم بالأيتام، ويحب الغرباء الذين يأتون ليعيشوا في مدينتك.
وأنت يليق بك أن تحب الغرباء أيضًا، إذ كنت غريبًا في مصر.
لا تحابي أحدًا.
ولا تقبل رشوة.
ولتكن مقاييسك وأوزانك كاملة ودقيقة.
عندما تجمع حصادك تأكد أنك تترك بعض الحبوب في الحقل، وبعض الزيتون على الأغصان وعناقيد عنب على الكرمة حتى يأكل الفقير".
إذ سمع يوشيا ذلك بدأ يرتعب قليلاً قليلاً حتى قفز من فوق عرشه؛ وخلع تاجه، ومزق ثيابه الملوكية، وهو يقول:
"حتمًا الله غاضب علينا، إذ لا يوجد في يهوذا من ينفذ وصايا هذا السفر".
وقف يوشيا بجوار عمود، ووعد الله أن يسلك في طرقه، وأن يحفظ وصاياه المكتوبة في هذا السفر الذي وجدوه. وصرخ الشعب كله: "آمين".
كما أصدر الملك أوامره بهدم كل المذابح الوثنية فورًا، وسَحْق تمثال مولك. بهذا تحول وادي ابن هنوم إلى مقلب قمامة يُلقَى فيه كل قمامة أورشليم. كما أصدر أمره أن يُحتفل بعيد الفصح العظيم في أورشليم الذي لم يحتفلوا به منذ سنوات طويلة، كما قرأ الملك السفر.
فرح الشعب جدًا، وبدأوا يطيعون الأوامر، لكن سرعان ما رجعوا إلى طرقهم الشريرة القديمة. وكان إرميا النبي يلاحظ هذا كله. فكان في البداية متهللاً لتوبة الشعب ورجوعهم إلى الله، لكنه عاد فحزن جدًا لما وجدهم لا يحبون الله ولا يطيعون وصاياه
(راجع أخبار الأيام الثاني 34، 35).
النبي الصغير
نشأ إرميا في قرية عناثوث التي تبعد حوالي ثلاثة أميال شمال شرق أورشليم، في أرض بنيامين. كان ينتسب إلى عائلة كهنوتية، فكان يحب الهيكل جدًا، وكان منذ صباه يحزن على انشغال الناس باللهو والفساد عوض العبادة لله، وكان حزينًا لأن عائلته تقدم ذبائح خارج أورشليم (الهيكل) الأمر الذي كانت الشريعة تمنعه.
في هدوء القرية كان إرميا يختلي بالله كصديق شخصي، يهبه خيرات كثيرة، بل ويهبه حبه. كثيرًا ما كان يصعد على سطح بيته ليرى البرية القاحلة القائمة على حافة قريته، وينظر من بعيد ليرى وحشًا مفترسًا.
وسط هذا الجو الممتزج بين آمان القرين ورعب الصحراء كان إرميا يطلب حماية الله لشعبه، وخلاص الكل من الفساد...
مرت سنوات وإذا به يسمع الله يقول له: "لقد أقمتك نبيًا للأمم".
حاول إرميا أن يتأكد من الصوت إذ كان يحسب نفسه كطفل صغير، وهو يقول: "لا يا رب، انظر إني ولد، لا أعرف أن أتكلم، وإن تكلمت فليس من يُصغي إلىَّ".
أجابه الله: "لا تخف يا إرميا، فإنني أكون معك، وأسير معك، وأعطيك كلمتي في فمك، وأرعاك بنفسي!"
شعر إرميا بقوة إلهية تمس شفتيه، وبفرح وفي ثقة داخلية قال: "لقد لمس الله فمي". 
قال له الله: "ماذا ترى يا إرميا؟"
- يا رب إني أرى قضيب لوز، ندعوها شجرة حارسة، لأنها تُزهر قبل كل الأشجار، فنحسبها تُنذر وتُعلن عن حلول فصل الربيع.
- أنا أيضًا كالشجرة الحارسة يا إرميا، أنا أحرس كلمتي وأجعلها تُزهر وتُثمر في القلوب.
ترك إرميا قريته الصغيرة وذهب إلى أورشليم حيث سمعه يوشيا الملك يتحدث ضد الآلهة الباطلة وعبادة مولك.
استمر إرميا واقفًا في الميادين العامة يتحدث مع الشعب ويحذرهم بسبب عبادتهم الأوثان وقساوة قلوبهم وصُنعهم الشر. وبعد خمس سنوات بدأ ترميم الهيكل ووُجد سفر الشريعة كما أشرت قبلاً.
صدر الأمر بهدْم كل المذابح الوثنية وأيضًا هدْم كل مذبح خارج أورشليم، حتى لا تُقدَّم ذبيحة خارج الهيكل.
أعلن الله لإرميا ألاَّ يرجع إلى قريته عناثوث، إذ قال له:
"لقد حطم رجال الملك المذبح الذي في عناثوث. وقد عرفَتْ أسرتك أنك أنت السبب. إنهم ثائرون جدًا عليك ويطلبون قتلك بدلاً من أن يرجعوا إلىَّ فأرحمهم وأغفر لهم. لا تذهب إليهم، ولا تخف منهم، إني أكون معك".
أجاب إرميا: "نعم يا رب، أنا أعلم أنك معي حتى إنْ وقفتْ كل أسرتي ضدي!"
الإناء الفخاري المكسور
في عام 612 ق.م سقطت نينوى عاصمة أشور، الدولة العظيمة التي سادت العالم كله حوالي 300 عام، وظن اليهود أنهم لن يكونوا بعد في خطر مادامت أشور قد انهارت. أما إرميا النبي فحذّر الشعب أنهم سيُسبون بواسطة بابل بسبب خطاياهم، فاستهزأ الكل به، لأن بابل كانت في نظرهم دُويْلة صغيرة، وحسبوا كلمات إرميا تشاؤمية تحطم نفسية الشعب والجيش.
وفي سنة 609 ق.م أراد نخو فرعون مصر أن يحتل أرض الفرات... تصدَّى له في الطريق يوشيا الذي قُتل، وأقام فرعون يهوآحاز ابن يوشيا ملكًا. خلعه نخو بعد ثلاثة شهور ثم أقام أخاه يهوياقيم ملكًا عوضًا عنه.
بعد أربع سنوات (605 ق.م) تغلب نبوخذ نصر ملك بابل على نخو فرعون مصر، وتحوّل ولاء يهوياقيم لمصر إلى ولاء لبابل. لكن كان الشعب والقادة وأيضًا الملك في صراع داخلي، هل يساندون مصر لحمايتهم من بابل أم العكس.
طلب إرميا من الشعب الاستسلام في يدي بابل ليس خنوعًا، وإنما كعقوبة بسبب خطاياهم، علاجها ليس الالتجاء إلى فرعون بل إلى الله.
صرخ الشعب: "نريد أن نتحرر من نير بابل". أمسك إرميا النبي إناءً فخاريًا ضخمًا وثقيلاً، وألقى به أرضًا أمام الشعب فتحطم تمامًا. ثم قال لهم: "مَنْ يقدر أن يُصلحه؟ هكذا سينكسر يهوذا كالإناء المكسور، ولا يقدر فرعون أن يصلحه بل الله". كان الكهنة في الهيكل وكل القيادات ثائرين على إرميا، وحسبوه عميلاً لبابل، وخائنًا لوطنه (إرميا 19).
ضرب فشحور الكاهن إرميا النبي وجعله في المقطرة (مقيدًا بسلاسل في يديه ورجليه) كأنه مجرم. وكان كل من يمر يسخر به.
لم يتوقف إرميا عن التحذير بأن الكاهن فشحور وأهل بيته والشعب سيُقادون أسرى إلى بابل في مذلة. لم يكن ذلك رغبة في الانتقام من فشحور، وإنما نبوة لكي يرتدع الكل ويرجع إلى الله بالتوبة.
لم يكن إرميا يشتهي مذلة شعبه، إنما كانت النيران ملتهبة في قلبه لأجل ما سيحل بشعبه وأرضه وبيت الرب وبالأكثر بسبب هلاك الكل في يوم الرب العظيم.
كم كان إرميا حزينًا حين سمع الله يطلب أن يطوف الشعب في شوارع مدينة الله أورشليم ليفتشوا لعلهم يجدون إنسانًا واحدًا بارًا فيصفح عنهم (إرميا 5).
كان إرميا في مرارة يقول:
"أحشائي! أحشائي!
جدران قلبي توجعني.
يئن فيَّ قلبي.
لا أستطيع السكوت" إرميا 4: 19.
كان كنبي يرى ما سيحدث في المستقبل: سَبْي الشعب، فكان يقول:
"من العلاء أرسل (الله) نارًا إلى عظامي فَسَرَتْ فيها" مراثي إرميا 1: 13.
بقى إرميا في شجاعة ومرارة يحذر الشعب مما سيحل به، لكن لم يسمع له أحد، بل منعه الكهنة والقيادات الدينية من الدخول إلى بيت الرب والحديث مع الشعب، فحزن جدًا.
الكلمات التي لم تقدر النيران أن تحرقها!
جلس الملك يهوياقيم أمام موقد النار يستدفيء، وإذا بأحد رجاله يحمل درجًا.
سأل الملك: "ما هذا؟"
أجاب الرجل: "إنه درج، أخذته من باروخ كاتب إرميا النبي. لقد منعنا إرميا من الاقتراب إلى الهيكل، لكنه أرسل كاتبه يحمل هذا الدرج وقرأه أمام الشعب في يوم الصوم. ولئلا يحدث شغب تركناه، لكننا أخذنا منه الدرج".
سأل الملك: "وماذا في الدرج؟"
أجاب الرجل: "ماذا تتوقع من إرميا الذي يَهْوَى المشاكل، ويبغى تحطيم نفسية القيادات العسكرية والدينية والشعب كله! إنه يَدَّعي بأنه يتنبأ بسبْي يهوذا كله بواسطة بابل! لقد حوى الدرج كل ما قاله إرميا منذ أيام الملك يوشيا حتى اليوم".
في غضب شدَّ الملك الدرج من يدَّ الرجل، وأمسك بسكين ليمزقه ويُلقي به في النار، عندئذ صرخ بعض الحاضرين في نفس واحد: "لا تصنع أيها الملك هكذا، لئلا يحل بنا غضب الله". أما هو فضحك بسخرية وتهكم ومزق الدرج وألقى به في النار، ثم قال: "ايتوني بإرميا وباروخ حالاً!"
بحثوا عنهما فلم يجدوهما إذ أخفاهما بعض رجال الملك الأتقياء، حيث أملى إرميا النبي على باروخ من جديد ما هو مكتوب في الدرج الأول مع إضافات (إرميا 36: 27-32).
أعلن إرميا تأديب الله لشعبه، وقد تحقق كل ما قاله.
حاول يهوياقيم القيام بثورة ضد بابل، لكن أرسل ملك بابل جيشًا لقمع الثورة، ومات يهوياقيم بطريقة غامضة، وصار يهوياكين ابنه ملكًا لمدة ثلاثة شهور، ثم أخذه نبوخذ نصر ملك بابل أسيرًا، وأقام عوضًا عنه أخوه صدقيا.
هكذا إن كان يهوياقيم قد أحرق الدرج لكنه لم يستطع أن يمنع تحقيق كل ما ورد فيه. وها هي الكلمات باقية في الكتاب المقدس إلى اليوم.
النبي السجين
كان صدقيا في صراع بين رغبته في الظهور بالخضوع لسيده ملك بابل لئلا يكون مصيره كمصير يهوياكين، وبين إظهار روح الوطنية أمام الشعب بمضاداته لملك بابل المستعمر وطلب معونة فرعون المقاوم لبابل.
أرسل الملك سرًا إلى إرميا يطلب مشورته (إرميا 21)، قائلاً له: "إن جيش فرعون قادم لمساندتنا ضد نبوخذ نصر. إنها فرصة للخلاص من الاستعمار البابلي". أجابه إرميا: "لا، فإن جيش فرعون سيرجع إلى مصر، وسيهاجم البابليون أورشليم ويستولون عليها ويحرقونها. اسمع يا صدقيا لمشورتي قبل فوات الأوان، سلم المدينة وانقذنا، ولا تتكل على جيش فرعون". كما طلب منه التوبة عن شره. أما صدقيا فخاف أن يجاهر بما قاله له إرميا النبي.
إذ تحرك جيش مصر تجاه فلسطين، ففكَّ البابليون حصارهم لأورشليم لمحاربة المصريين. وهرب إرميا من أورشليم ليذهب إلى قريته (إرميا 32: 6) لكن حارس الباب أمسك به وحسبه خائنًا لوطنه، يهرب من أورشليم ليلتقي بالبابليين ويشجعهم على استلام البلد. ضُرِب إرميا، وأُلقِيَ في السجن أيامًا كثيرة (إرميا 37: 16)، وتُرِك جائعًا!
أرسل إليه صدقيا سرًا يسأله: "هل توجد كلمة من قبل الرب؟"
أجاب إرميا: "الله دائمًا مستعد أن يتكلم معنا، إنما أنت لا تريد أن تسمع له وتطيعه. هوذا يقول لك يا صدقيا إنك ستسقط في يد البابليين".
تطلَّع الذين كانوا مع الملك كل واحد نحو الآخر وهم مندهشون كيف تجاسر هذا السجين أن ينطق بهذه الكلمات أمام الملك... وإذ رأى إرميا نظراتهم، عاتب الملك بكل شجاعة: "ما هي خطيتي إليك وإلى عبيدك وإلى هذا الشعب حتى جعلتموني في بيت السجن؟... أين هم أنبياؤك الكذبة الذين يقولون إنه لا يأتي ملك بابل عليكم؟... الآن اسمع أيها الملك، لا تردّني إلى بيت يوناثان الكاتب لئلا يقتلني" (إرميا 37).
ارتعب الملك أمام النبي السجين، وخشي لئلا يعاقبه الله، فأمر أن يوضع إرميا في حجرة أفضل في السجن وتُقدّم له خبزة كل يوم حتى ينفذ الخبر من المدينة.
سمع الرؤساء كلمات إرميا في السجن التي فيها يطالب الشعب كله بالخضوع لبابل فقالوا للملك: "ليُقْتل هذا الرجل لأنه يُضعف أيادي رجال الحرب الباقين في هذه المدينة وأيادي كل الشعب. إنه لا يتكلم لسلام الشعب بل لشره".
قال لهم الملك: "هو بين أيديكم، افعلوا به ما شئتم".
ألقوا إرميا في جب داخل السجن، فغاص في الوحل، وتُرِك فيه ليموت جوعًا.
لكن أحد عبيد الملك أثيوبي سمع عما حدث مع إرميا، فأسرع إلى الملك يقول: "إنها قسوة! إنه لشر عظيم أنْ يُترك هذا الرجل الشجاع في الجب يموت بلا ذنب، إنه رجل الله يتكلم بصراحة ولا يخاف الموت!"
أجاب الملك: "حسنًا، خذ معك ثلاثين رجلاً واسحبوه من الجب".
انطلق الأثيوبي ومعه الرجال إلى المخزن وأخذوا من هناك ثيابًا رثة ودلوها إلى إرميا إلى الجب بحبال. وضع إرميا الثياب تحت إبطيه تحت الحبال، وجذبوه بالحبال، وبقى في السجن حتى تحققت كلماته، وسقطت أورشليم في يد نبوخذ نصر في عام 587 ق.م.
جاءه صدقيا الملك للمرة الأخيرة وطلب منه المشورة، ولم يغير النبي حديثه، فسأله الملك أن يبقى هذا الأمر سرًا، لأنه كان يخاف من رؤساء قصره.
إرميا في مصر
انهيار أورشليم
كان إرميا حزينًا في السجن إذ رأى مقدمًا ما سيحدث ببلده وشعبه، بينما الكل يعيشون في طرقهم الشريرة؛ ليس من يسمع لتحذيراته، ولا من يطلب التوبة.
حقًا كان الملك يحترمه جدًا، والرؤساء يخشونه، والرب أنقذه من الموت في الجب وأرسل له رجلاً أثيوبيًا غريب الجنس يشفع فيه وينقذه... لكن بقى أمر واحد يُلهب قلبه بالنيران، وهو شوقه نحو خلاص كل الشعب. 
وبينما كان إرميا في السجن سقطت أورشليم في يد البابليين، وهرب صدقيا ورجال الحرب، وخرجوا ليلاً من المدينة في طريق حديقة الملك... وسعى الجيش البابلي وراءهم، ولحقوا بهم.
جاءوا بأبناء الملك وقتلوهم أمام عينيه، ثم فقأوا عيني الملك وقيدوه بسلاسل نحاس واقتادوه إلى بابل. أشعل البابليون النيران في قصر الملك وبيوت الأشراف، وتحولت المدينة إلى دخان كثيف، وحطموا أسوار المدينة. وخرج جيش بابل يحمل كل ما في خزائن أورشليم من ذهب وفضة وحجارة كريمة وعاج... كما اقتادوا كثيرين أسرى إلى بابل.
إرميا في يهوذا 
سمع ملك بابل عن إرميا ونبواته وما عاناه، فظن أنه يفعل ذلك لأجله، ولذلك أصدر أوامره بحسن معاملته. أُعطي له حق الخيار بين الذهاب إلى بابل مكرمًا أو البقاء في أرضه؛ وقدم له رئيس الشرطة طعامًا وهدية ثم أطلقه. لكن إرميا المتألم فضل البقاء وسط الشعب المسكين، ليشاركهم آلامهم، هؤلاء الذين أحبهم بكل قلبه بالرغم من مقاومتهم المستمرة له.
في مصر
قُتِل جدليا الذي أقامه البابليون واليًا، وفكر الشعب في الهروب إلى مصر. حاول إرميا أن يُثنيهم عن عزمهم لكنهم أصروا على رأيهم بل وحملوه قسرًا هو وكاتبه الصديق الحميم باروخ... وهناك نطق بنبواته الختامية في مصر (إرميا 43: 8-44: 30). ولم يحتمل الشعب توبيخاته لهم وصراحته معهم، وعوض أن يقدموا توبة لله فيرحمهم رجموا نبيه إرميا بالحجارة ليخلصوا منه!   

فتركت المرأة جرَّتها



  • فتركت المرأة جرَّتها

    هذه المرأة التي كانت منذ يومين أو ثلاثة زوجةً لكثيرين، تُظهِر نفسها الآن فائقة ومترفِّعة عن احتياجات الجسد؛ والتي كانت كثيراً ما تُسبى بالملذَّات الباطلة، تحتقر الآن احتياجات الجسد الضرورية، ولا تُبالي بالعطش أو الشرب على حدٍّ سواء؛ بل تُخلَق من جديد لسيرة أخرى بالإيمان، وللوقت تنطلق بسرعة إلى المدينة، بدافع المحبة التي هي أسمى الفضائل مع المودة، لتُبشِّر الآخرين بالخير الذي استُعلِنَ لها... غير عابئة بالماء الذي جاءت لتستقيه من أعماق البئر، ولا مُستعيدة إلى بيتها جرَّتها المصنوعة من تراب الأرض؛ بل بالحري مالئةً مخازن ذهنها بالنعمة الإلهية السماوية، وبتعاليم المخلِّص الفائقة الحكمة. من ذلك ينبغي أن نتعلَّم كما بمثال أننا إذا ما تسامينا عن الأمور الصغيرة والمادية، فإننا ننال بطريقة مُضاعفة جداً أموراً أفضل آتية من عند الله. فماذا يكون الماء الأرضي إزاء الوعي الذي من فوق؟!

    شرح إنجيل يوحنا 4: 28

    للقديس كيرلس الكبير

    مجلة مرقس – رسالة الفكر المسيحي للشباب والخُدَّام – يصدرها دير القديس أنبا مقار – ببرية شيهيت – السنة 54 – العدد 515 – يونية 2010م – بشنس / بؤونة 1726ش
    http://www.stmacariusmonastery.org/
    ثوب من السماء


    كان أبيفانيوس ماشياً في الطريق فرأى فقيراً يطلب صدقة من أحد الآباء الرهبان، وﺇذ لم يكن معه نقوداً يعطيه، خلع ثوبه الذي عليه وأعطاه له، وعندما أخذ الفقير الثوب رأى ابيفانيوس ثوباً أبيضاً نازلاً من السماء على ذلك الراهب مكان الثوب الذي أعطاه للفقير

    فتعجب من ذلك ثم سأل الراهب عن ديانته ولما علم أنه مسيحي طلب منه أن يعرفه المبادئ المسيحية، ثم آمن وتعمد وصار راهباً ثم أسقفاً على قبرص

    مجلة الكرازة – رئيس التحرير صاحب القداسة والغبطة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية – السنة الثامنة والثلاثون – الجمعة 17 سبتمبر 2010 ميلادية – 7 توت 1727 شهداء (قبطية) – العددان 23، 24 – صفحة 21




    غروب حياتي من العالم لتشرق عند الله
    Posted: 03 Oct 2010 12:03 PM PDT
    غروب حياتي من العالم، لتشرق عند الله
    يخاطب أهل رومية الذين كانوا يحاولون ﺇعاقته عن الاستشهاد

    كم أخاف من محبتكم لي لئلا تؤذيني

    لأنه ما أسهل عليكم أن تفعلوا ما تريدون، أما أنا فصعب علىﱠ البلوغ الى عند الله، ﺇلاﱠ ﺇذا لم تحاولوا ﺇنقاذي (تحت ادعاء محبتكم الجسدية لي)

    لأني لا أرغب أن أكون بالنسبة لكم كمن يرضي الناس، بل مرضيا لله، كما أنتم ترضونه أيضا

    لأنه لن تسنح لي فرصة أخرى كهذه: أن أصل الى الله، ولا أنتم أيضا

    فان حافظتم على الهدوء من جهتي، فسوف يحسب لكم هذا شرفا على هذا العمل النبيل. فاذا هدأتم من جهتي وتركتموني لمصيري، فهذا سيجعلني ملك الله

    أما ﺇذا أحببتم وجودي الجسدي، فسوف أستأنف الركض في السباق مرة أخرى

    أرجوكم، ﺇذن، ألا تحاولوا أن يكون فضلكم علىﱠ ﺇلا بأن تتركوني أقدم حياتي ذبيحة لله، طالما المذبح ما زال معدا

    وحينذاك تجتمعون معا بالمحبة كجوقة لترتلوا للآب بيسوع المسيح، ﺇذ جعلني الله، أنا أسقف سوريا، مستحقاً أن أستدعى من الشرق ﺇلى الغرب

    ما أمجد أن تغرب شمس حياتي عن هذا العالم نحو الله، لتشرق من جديد عنده

    الرسالة ﺇلى رومية 1 – 3


    للقديس ﺇغناطيوس الأنطاكي


    مجلة مرقس – رسالة الفكر المسيحي للشباب والخُدَّام – يصدرها دير القديس أنبا مقار – ببرية شيهيت – السنة 54 – العدد 516 – سبتمبر 2010م – نسئ 1726 / توت 1727ش


دموع زيزي


دموع زيزي
القمص تادرس يعقوب ملطي
1992
كنيسة الشهيد مارجرجس باسبورتنج
مع تاسوني مريم

صرفت تاسوني مريم الأطفال الصغار بعد أن روت لهم الكثير عن ربنا يسوع. وكان الأطفال فرحين متهللين لأنهم سيستقبلون ربنا يسوع غدًا، ويدخلون معه الهيكل...
أما الطفلة الصغيرة زيزي فلم تكن فرحة كبقية الأطفال، وإنما كانت صامتة، بينما كانت الدموع تتسلل من عينيها...
لاحظت تاسوني مريم حزن الطفلة الصغيرة زيزي، فطلبت منها أن تنتظر حتى يخرج كل الأطفال، عندئذ بدأت تسألها: "لماذا أنتِ حزينة يا حبيبتي زيزي؟"
أجابت الطفلة زيزي: "كل الأطفال سيخرجون غدًا لاستقبال ربنا يسوع، أما أنا..." ولم تستطع زيزي أن تكمل حديثها، بل انفجرت في البكاء بصوتٍ عالٍ.
أخذتها تاسوني مريم في حضنها، وصرت تقبّلها، وهي تقول لها: "لاتحزني يا زيزي... لقد عرفت سبب بكائِك... بابا سيمنعك من الذهاب لاستقبال بابا يسوع!".
قالت زيزي وهي تبكي: "نعم يا تاسوني... لماذا لايحب والدي ربنا يسوع؟ ربنا يسوع لطيف! أنا كلمت بابا عنه كثيرًا جدًا لكنه لا يريد أن يراه أو حتى يسمع عنه... أنا أحبه، أريده أن يباركني!".
أجابت تاسوني مريم: "سأخبره أن والدك يمنعك من الحضور، وسأطلب منه أن يباركك".
قالت زيزي: "ولماذا لا يذهب والدي مع كل الناس ويراه، ويأخذ بركته؟".
أجابت تاسوني مريم: "لنصلي من أجله يا زيزي. ربنا يسوع يقدر يفتح قلبه ويدخل فيه!".
عندئذ خرجت زيزي ودموعها على خديها... وقد وضعت في قلبها أن تصلي من أجل والدها لكي يحب ربنا يسوع.
مع والدة زيزي
إذ دخلت منزلها لاحظت والدتها حزنها، فسألتها: "لماذا أنت حزينة يا زيزي؟ هل ضربك أحد الأطفال؟".
أجابت زيزي: "كلهم أطفال لطفاء يا ماما. إني أحبهم جدًا وهم يحبونني. أنا حزينة لأن ربنا يسوع سيصل أورشليم غدًا، وكل أصدقائي سيستقبلونه، ماعدا أنا".
قالت والدة زيزي: "وما العمل يا زيزي؟ أنا أيضًا مشتاقة أن أراه، لكن يستحيل والدك يسمح لنا بمقابلته".
بكت زيزي وهي تقول: "تاسوني مريم طلبت مني أن أصلي لكي يفتح الرب قلب بابا ويدخل ربنا يسوع حبيبي فيه...".
عندئذ دخلت زيزي حجرتها، وركعت وبدأت تصلي، قائلة:
"يا ربي يسوع... أنا سمعت عنك إنك تشفي المرضى وتفتح عيون العمي وتُطهّر البرص وتسامح الخطاة وتقيم الأموات...
يا ربي يسوع... اِفتح قلب بابا لكي يحبك، وتسكن أنت داخله!
يا ربي يسوع... كل أصدقائي سيخرجون غدًا لاستقبالك، وأنا كنت مشتاقة أن أراك، وأقدم لك هدية جميلة... لكن بابا سيمنعني من الخروج...".
أب عنيف
عاد مرقس والد الطفلة زيزي، وهو جندي يعمل في قصر الوالي بيلاطس... فوجد ابنته زيزي قد نامت. ولما سأل عنها والدتها، قالت له: "زيزي نائمة وهي حزينة يا مرقس!".
سأل مرقس عن السبب، فأجابت والدتها: "ربنا يسوع قادم غدًا، وكل أصدقائها يريدون استقباله...".
وفي الحال صرخ مرقس في زوجته: "ألم أقل لكِ إنني لا أريد أن أسمع شيئًا عن هذا الشخص وأن لايُذكر اسمه في بيتي؟!"
صمتت والدة زيزي طويلاً، وبعد أن أكل زوجها مرقس بدأت تروي له بهدوء بعض القصص عن ربنا يسوع التي سمعتها عن ابنتها زيزي... أما هو فكان يسمع دون أن يُظهِر أي حب أو إعجاب بربنا يسوع.
في قصر بيلاطس
بعد أيام قليلة إذ كان مرقس جالسًا مع زملائه الجند حول النار يستدفيء، وكان بعض منهم يروي ما سمعه عن ربنا يسوع والموكب الضخم الذي استقبله في دخوله أورشليم وكيف أن الأطفال والرضع تكلموا ونطقوا بتسابيح جميلة، وروى بعضهم عن شفاء جيرانهم بواسطته، وآخرون تحدثوا عن ثورة رجال الدين اليهودي وهياجهم ضده... وكان مرقس يسمع هذا كله وهو يسترجع ما سمعه من ابنته زيزي وزوجته عن ربنا يسوع.
فجأة قطع الجند أحاديثهم وخرجوا مسرعين على صوت هياج شديد جدًا وصرخات غير مفهومة... فإن ربنا يسوع مقيد وجند الهيكل يقتادونه إلى قصر بيلاطس ومعهم رجال الدين اليهودي وجموع كثيرة من الشعب تصرخ من هنا وهناك...
تقابل القائد مع هذا الموكب الصاخب وسمح لهم بالدخول إلى القاعة حيث التقوا ببيلاطس الوالي... ودخل مرقس معهم ليحفظ الأمن والنظام...
وقف أحد رجال الدين اليهودي لبيلاطس: "لقد أتينا بهذا الرجل إليك أيها الوالي الأمين، فإنه يريد أن يقيم نفسه ملكًا؛ ونحن لانريد ملكًا إلا قيصر!!".
وهنا هاج الجمع، وكانوا يلوحون بأيديهم وهم يصرخون قائلين: "لا نريد ملكًا إلا قيصر! أما يسوع فاصلبه اصلبه!".
حاول بيلاطس أن يجد شكوى ضد ربنا يسوع ليحاكمه فلم يجد. وإذ أراد أن يطلقه كانت الجماهير الثائرة تصرخ: "اصلبه... اصلبه... لا نريد ملكًا إلا قيصر!"
أراد بيلاطس أن يرضي هذه الجماهير، فطلب من الجند أن يُلبسوا يسوع ثوبًا من الأرجوان، ويعطوه في يده قصبة، وأن يضفروا إكليل شوك على رأسه. ففعلوا هكذا، وصاروا يستهزئون به.
بدأ الجند يجلدون ربنا يسوع، ونسوا كل ما سمعوه عنه.
فيما كان مرقس يشترك مع زملائه في إهانة ربنا يسوع وجلده والقسوة عليه، كان يقول في نفسه: "لماذا لم يصنع يسوع معجزة واحدة أمام الوالي وأمامنا؟! إن كان هذا هو يسوع الذي أقام الموتى، فلماذا لم يفلت من أيدينا؟! ترى هل يموت حقًا؟!"
على الصليب!
مرَّ يوم الجمعة العظيمة ومرقس يرافق السيد المسيح وسط آلامه. وكان عنيفًا جدًا، لكنه في أعماق نفسه كان يتوقع من لحظة إلى أخرى أن تحدث معجزة.
سمر الجند يديْ يسوع ورجليه على الصليب، وكان جسده كله يدمي...
فجأة تحركت شفتا ربنا يسوع وبدأ يتحدث: "يا أبتاه..."، وهنا بدأ قلب مرقس ينبض بسرعة، واهتزت أعماقه فيه وإن كان قد حاول أن يتظاهر بالشجاعة وعدم الاكتراث أمام القائد والجند...
بدأ مرقس يفكر هكذا: "ترى ماذا يطلب يسوع المصلوب من الآب؟ ألعله يطلب نارًا تنزل من السماء فتحرق صالبيه؟ أم يطلب من الأرض أن تنفتح وتبتلعهم، أو يطلب جيوشًا من الملائكة تقاتلهم؟! أو أنه يطلب أن ينزل من على الصليب؟!...".
ارتبك مرقس جدًا؛ لكن كم كانت دهشته حين سمع كلمات السيد المسيح: "اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون".
شعر مرقس أن ربنا يسوع هذا يتكلم بسلطان، فقد أشرق نوره في قلبه؛ وكأن كل ما ارتكبه غُفر تمامًا ليبدأ من جديد!
صار مرقس يصارع في نفسه. تُرى من يكون هذا المحب؟! ولماذا وهو يقيم الأموات يحمل الآلام ولا ينزل من على الصليب بل يغفر لصالبيه؟!
تطلع مرقس إلى القديسة مريم وقد اقتربت من الصليب ومعها بعض المريمات والقديس يوحنا... رفعت القديسة عينيها نحو ابنها الحبيب لترتمي في حضن إحدى المريمات وهي تتمتم: "هوذا العالم يفرح لقبوله الخلاص، أما أحشائي فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه يا ابني وإلهي".
كم كانت دهشة مرقس وهو يسمع صوت السيد المسيح وهو على الصليب يهتم بقلب أمه الجريح فيسلمها للقديس يوحنا الحبيب ليهتم بها.
ازداد صراع مرقس الداخلي؛ لكنه لم يقدر أن يجاهر بشيء حتى وجد فجأة الطبيعة الجامدة كلها تثور حزنًا على خالقها. فقد اظلمت الأرض إذ خسفت الشمس، وحدثت زلازل عنيفة شقّقت الصخور. ولم يستطع مرقس ومن هم حوله أن يتمالكوا أنفسهم؛ فصرخ القائد ومعه الجند: "حقًا أنت ابن الله! حقًا أنت ابن الله!!"
بدأت تنهدات مرقس تتزايد وههو يناجي المصلوب قائلاً:
"الآن عرفتك يا مخلصي الصالح!
لقد عرفتك يا حبيبي يسوع!
أخطأتُ إليك يا ربي يسوع!
اغفر لي... يا محب البشر!
حقًا إنك لم تمت عن ضعف، إنما لأنك تحبني!"
الجندي التائب
عاد مرقس إلى بيته لا يعرف ماذا يقول لزيزي الصغيرة وأمها... لكنه دخل إلى حجرته الخاصة وبدأ يبكي بدموع طالبًا من السيد المسيح أن يغفر له.
بدأت زيزي تسأل أمها: "ما الذي حدث لبابا؟".
لم تعرف الأم بماذا تجيب ابنتها، لكن خرج مرقس ليقول لها: "آه! لقد أضعتُ عمري كله بعيدًا عن ربنا يسوع! يا ليتني كنت قد عرفته ". وبدأ يروي لهما ما حدث طوال اليوم، وكيف تغير وأحب ربنا يسوع.
كانت دموع مرقس تذرف طول الليل وغالبية يوم السبت...
وفي عشاء السبت قالت زيزي لوالدها: "ليتنا نذهب لتاسوني مريم لتحكي لنا عن ربنا يسوع! ولنذهب معها أيضًا غدًا إلى قبر ربنا يسوع ونقدم له ورودًا ورياحين!"
أجابها مرقس : "بمشيئة الله سنقطف في الصباح الباكر أزهارًا من الحديقة، ونذهب جميعًا إلى قبر ربنا يسوع!"
وفي الصباح الباكر جدًا سمع مرقس الأطفال في بيت جارتهم تاسوني مريم وهم يرنمون:
"إخرستوس آنستي آليسوس آنستي
قام المسيح يا أولاد وانتصر على الموت"
عندئذ خرج مرقس وزوجته ومعهما زيزي، وأسرعوا إلى القبر ليروا ماذا حدث...
هناك عند القبر وجدوا الحجر مدحرجًا والأكفان موضوعة كما هي؛ والكل يأتون إلى القبر يقبّلونه، وهم يقولون:
"المسيح قام... بالحقيقة قام!"
  

تذكار مجىء البطريرك الأنطاكي ساويرس الى مصر



تذكار مجىء البطريرك الأنطاكي ساويرس الى مصر

  • القراءات الكنسية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية – 2بابة - 12أكتوبر/تشرين أول
  • أقدم‏ ‏مذبح‏ ‏مسيحي
تذكار مجىء البطريرك الأنطاكي ساويرس الى مصر

في مثل هذا اليوم أتى القديس ساويرس بطريرك إنطاكية إلى ديار مصر في عهد يوستينس الملك. وقد كان هذا الملك مخالفا للمعتقد القويم ، تابعا لعقيدة مجمع خلقيدونية أما الملكة ثاؤذورة زوجته فقد كانت أرثوذكسية محبة للقديس ساويرس ، لما تعتقده فيه من الصفات المسيحية والإيمان الصحيح. ودعاه الملك يوما إليه. فجرت بينهما مباحثات كثيرة بخصوص الإيمان لكن الملك لم يتحول عن رأيه الخاطئ وأصدر أمره بقتل القديس ساويرس فأوعزت الملكة إلى القديس أن يهرب وينجو بنفسه فلم يقبل وقال "أنا مستعد أن أموت على الإيمان المستقيم". وبعد إلحاح من الملكة والاخوة المحبين للإله خرج هو وبعض الاخوة وقصد ديار مصر.

أما الملك فإنه لما طلبه ولم يجده أرسل خلفه جندا ورجالا فأخفاه الله عنهم فلم يروه، مع أنه كان بالقرب منهم. ولما أتى إلى ديار مصر، كان يجول متنكرا من مكان إلى مكان، ومن دير إلى دير، وكان الله يجرى على يديه آيات كثيرة وعجائب. وذهب في بعض الأيام إلى برية شيهيت بوادي النطرون، ودخل الكنيسة في زي راهب غريب فحدثت معجزة عظيمة في تلك اللحظة وهى أنه بعد أن وضع الكاهن القربان على المذبح ودار الكنيسة بالبخور وبعد قراءة الرسائل والإنجيل ورفع الإبروسفارين لم يجد القربان في الصينية فاضطرب وبكى. والتفت إلى المصلين قائلا "أيها الاخوة إنني لم أجد القربان في الصينية ولست أدرى إن كان هذا من أجل خطبتي أو خطيتكم"، فبكى المصلون. وللوقت ظهر ملاك الرب وقال له "ليس هذا من أجل خطيتك ولا خطية المصلين، بل لأنك رفعت القربان بحضور البطريرك". أجاب الكاهن "وأين هو سيدي؟"، فأشار إليه الملاك، وكان القديس ساويرس جالسا بإحدى زوايا الكنيسة. فعرفه الكاهن بالنعمة. فأتى إليه أمره أن يكمل القداس بعد أن أدخلوه الهيكل بكرامة عظيمة. وصعد الكاهن إلى المذبح فوجد القربان في مكانه. فباركوا الرب ومجدوا اسمه القدوس.

وخرج القديس ساويرس من هناك، وأتى إلى مدينة سخا وأقام عند رجل أرخن (رئيس) محب للإله اسمه دورثاؤس، وظل هناك إلى أن تنيح.

صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما أبديا. آمين



القراءات الكنسية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية – 2بابة - 12أكتوبر/تشرين أول

باكر

مزمو باكر

من مزامير وتراتيل أبينا داود النبي بركاته علينا، آمين

مزامير 73 : 23 - 24
الفصل 73
23 ولكني دائما معك . أمسكت بيدي اليمنى
24 برأيك تهديني ، وبعد إلى مجد تأخذني

مزامير 73 : 28
الفصل 73
28 أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي . جعلت بالسيد الرب ملجإي ، لأخبر بكل صنائعك

مزامير 9 : 14
الفصل 9
14 لكي أحدث بكل تسابيحك في أبواب ابنة صهيون ، مبتهجا بخلاصك

مبارك الآتي باسم الرب، ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا، يسوع المسيح ابن الله الحي، له المجد من الآن وإلى الأبد آمين
آمين


إنجيل باكر

قفوا بخوف أمام الله، وانصتوا لسماع الإنجيل المقدس
فصل شريف من بشارة معلمنا يوحنا الإنجيلي
بركته تكون مع جميعنا، آمين

يوحنا 15 : 17 - 25
الفصل 15
17 بهذا أوصيكم حتى تحبوا بعضكم بعضا
18 إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم
19 لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته . ولكن لأنكم لستم من العالم ، بل أنا اخترتكم من العالم ، لذلك يبغضكم العالم
20 اذكروا الكلام الذي قلته لكم : ليس عبد أعظم من سيده . إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم ، وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم
21 لكنهم إنما يفعلون بكم هذا كله من أجل اسمي ، لأنهم لا يعرفون الذي أرسلني
22 لو لم أكن قد جئت وكلمتهم ، لم تكن لهم خطية ، وأما الآن فليس لهم عذر في خطيتهم
23 الذي يبغضني يبغض أبي أيضا
24 لو لم أكن قد عملت بينهم أعمالا لم يعملها أحد غيري ، لم تكن لهم خطية ، وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي
25 لكن لكي تتم الكلمة المكتوبة في ناموسهم : إنهم أبغضوني بلا سبب

والمجد لله دائماً أبدياً، آمين


قراءات القداس

البولس

بولس، عبد يسوع المسيح، المدعوّ رسولاً، المُفرَز لإنجيل الله
البولس، فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى كورنثوس
بركته تكون مع جميعنا، آمين
آمين

2 كورنثوس 4 : 5 - 5 : 11
الفصل 4
5 فإننا لسنا نكرز بأنفسنا ، بل بالمسيح يسوع ربا ، ولكن بأنفسنا عبيدا لكم من أجل يسوع
6 لأن الله الذي قال : أن يشرق نور من ظلمة ، هو الذي أشرق في قلوبنا ، لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح
7 ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية ، ليكون فضل القوة لله لا منا
8 مكتئبين في كل شيء ، لكن غير متضايقين . متحيرين ، لكن غير يائسين
9 مضطهدين ، لكن غير متروكين . مطروحين ، لكن غير هالكين
10 حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع ، لكي تظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا
11 لأننا نحن الأحياء نسلم دائما للموت من أجل يسوع ، لكي تظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا المائت
12 إذا الموت يعمل فينا ، ولكن الحياة فيكم
13 فإذ لنا روح الإيمان عينه ، حسب المكتوب : آمنت لذلك تكلمت ، نحن أيضا نؤمن ولذلك نتكلم أيضا
14 عالمين أن الذي أقام الرب يسوع سيقيمنا نحن أيضا بيسوع ، ويحضرنا معكم
15 لأن جميع الأشياء هي من أجلكم ، لكي تكون النعمة وهي قد كثرت بالأكثرين ، تزيد الشكر لمجد الله
16 لذلك لا نفشل ، بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى ، فالداخل يتجدد يوما فيوما
17 لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديا
18 ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى ، بل إلى التي لا ترى . لأن التي ترى وقتية ، وأما التي لا ترى فأبدية
الفصل 5
1 لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي ، فلنا في السماوات بناء من الله ، بيت غير مصنوع بيد ، أبدي
2 فإننا في هذه أيضا نئن مشتاقين إلى أن نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء
3 وإن كنا لابسين لا نوجد عراة
4 فإننا نحن الذين في الخيمة نئن مثقلين ، إذ لسنا نريد أن نخلعها بل أن نلبس فوقها ، لكي يبتلع المائت من الحياة
5 ولكن الذي صنعنا لهذا عينه هو الله ، الذي أعطانا أيضا عربون الروح
6 فإذا نحن واثقون كل حين وعالمون أننا ونحن مستوطنون في الجسد ، فنحن متغربون عن الرب
7 لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان
8 فنثق ونسر بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب
9 لذلك نحترص أيضا - مستوطنين كنا أو متغربين - أن نكون مرضيين عنده
10 لأنه لابد أننا جميعا نظهر أمام كرسي المسيح ، لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع ، خيرا كان أم شرا
11 فإذ نحن عالمون مخافة الرب نقنع الناس . وأما الله فقد صرنا ظاهرين له ، وأرجو أننا قد صرنا ظاهرين في ضمائركم أيضا

نعمة ربنا يسوع المسيح فلتكن معنا آمين
آمين


الكاثوليكون

فصل من رسالة 1 لمعلمنا بطرس
بركته تكون مع جميعنا، آمين
آمين

1 بطرس 2 : 18 - 3 : 7
الفصل 2
18 أيها الخدام ، كونوا خاضعين بكل هيبة للسادة ، ليس للصالحين المترفقين فقط ، بل للعنفاء أيضا
19 لأن هذا فضل ، إن كان أحد من أجل ضمير نحو الله ، يحتمل أحزانا متألما بالظلم
20 لأنه أي مجد هو إن كنتم تلطمون مخطئين فتصبرون ؟ بل إن كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون ، فهذا فضل عند الله
21 لأنكم لهذا دعيتم . فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا ، تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته
22 الذي لم يفعل خطية ، ولا وجد في فمه مكر
23 الذي إذ شتم لم يكن يشتم عوضا ، وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن يقضي بعدل
24 الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة ، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر . الذي بجلدته شفيتم
25 لأنكم كنتم كخراف ضالة ، لكنكم رجعتم الآن إلى راعي نفوسكم وأسقفها
الفصل 3
1 كذلكن أيتها النساء ، كن خاضعات لرجالكن ، حتى وإن كان البعض لا يطيعون الكلمة ، يربحون بسيرة النساء بدون كلمة
2 ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف
3 ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية ، من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب
4 بل إنسان القلب الخفي في العديمة الفساد ، زينة الروح الوديع الهادئ ، الذي هو قدام الله كثير الثمن
5 فإنه هكذا كانت قديما النساء القديسات أيضا المتوكلات على الله ، يزين أنفسهن خاضعات لرجالهن
6 كما كانت سارة تطيع إبراهيم داعية إياه سيدها . التي صرتن أولادها ، صانعات خيرا ، وغير خائفات خوفا البتة
7 كذلكم أيها الرجال ، كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف ، معطين إياهن كرامة ، كالوارثات أيضا معكم نعمة الحياة ، لكي لا تعاق صلواتكم

Dلا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم؛ لأن العالم يمضي وشهوته. أما الذي يصنع إرادة الله فيثبت إلى الأبد
آمين


الابركسيس - أعمال الرسل

فصل من اعمال آبائنا الرسل الأطهار المشمولين بنعمة الروح القدس، بركتهم تكون معنا. آمين

اعمال 20 : 17 - 38
الفصل 20
17 ومن ميليتس أرسل إلى أفسس واستدعى قسوس الكنيسة
18 فلما جاءوا إليه قال لهم : أنتم تعلمون من أول يوم دخلت أسيا ، كيف كنت معكم كل الزمان
19 أخدم الرب بكل تواضع ودموع كثيرة ، وبتجارب أصابتني بمكايد اليهود
20 كيف لم أؤخر شيئا من الفوائد إلا وأخبرتكم وعلمتكم به جهرا وفي كل بيت
21 شاهدا لليهود واليونانيين بالتوبة إلى الله والإيمان الذي بربنا يسوع المسيح
22 والآن ها أنا أذهب إلى أورشليم مقيدا بالروح ، لا أعلم ماذا يصادفني هناك
23 غير أن الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلا : إن وثقا وشدائد تنتظرني
24 ولكنني لست أحتسب لشيء ، ولا نفسي ثمينة عندي ، حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع ، لأشهد ببشارة نعمة الله
25 والآن ها أنا أعلم أنكم لا ترون وجهي أيضا ، أنتم جميعا الذين مررت بينكم كارزا بملكوت الله
26 لذلك أشهدكم اليوم هذا أني بريء من دم الجميع
27 لأني لم أؤخر أن أخبركم بكل مشورة الله
28 احترزوا إذا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة ، لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه
29 لأني أعلم هذا : أنه بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية
30 ومنكم أنتم سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم
31 لذلك اسهروا ، متذكرين أني ثلاث سنين ليلا ونهارا ، لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد
32 والآن أستودعكم يا إخوتي لله ولكلمة نعمته ، القادرة أن تبنيكم وتعطيكم ميراثا مع جميع المقدسين
33 فضة أو ذهب أو لباس أحد لم أشته
34 أنتم تعلمون أن حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان
35 في كل شيء أريتكم أنه هكذا ينبغي أنكم تتعبون وتعضدون الضعفاء ، متذكرين كلمات الرب يسوع أنه قال : مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ
36 ولما قال هذا جثا على ركبتيه مع جميعهم وصلى
37 وكان بكاء عظيم من الجميع ، ووقعوا على عنق بولس يقبلونه
38 متوجعين ، ولا سيما من الكلمة التي قالها : إنهم لن يروا وجهه أيضا . ثم شيعوه إلى السفينة

لم تزل كلمة الرب تنمو وتعتز وتثبت في كنيسة الله المقدسة
آمين


القداس الإلهي

مزمور القداس

من مزامير وتراتيل أبينا داود النبي
بركته تكون مع جميعنا، آمين

مزامير 107 : 32,41,42
الفصل 107
32 وليرفعوه في مجمع الشعب ، وليسبحوه في مجلس المشايخ
41 ويعلي المسكين من الذل ، ويجعل القبائل مثل قطعان الغنم
42 يرى ذلك المستقيمون فيفرحون ، وكل إثم يسد فاه

مبارك الآتي باسم الرب، ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا، يسوع المسيح ابن الله الحي، له المجد من الآن وإلى الأبد آمين
آمين

إنجيل القداس

قفوا بخوف أمام الله، وانصتوا لسماع الإنجيل المقدس
فصل شريف من بشارة معلمنا يوحنا الإنجيلي
بركته تكون مع جميعنا، آمين

يوحنا 10 : 1 - 16
الفصل 10
1 الحق الحق أقول لكم : إن الذي لا يدخل من الباب إلى حظيرة الخراف ، بل يطلع من موضع آخر ، فذاك سارق ولص
2 وأما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف
3 لهذا يفتح البواب ، والخراف تسمع صوته ، فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها
4 ومتى أخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها ، والخراف تتبعه ، لأنها تعرف صوته
5 وأما الغريب فلا تتبعه بل تهرب منه ، لأنها لا تعرف صوت الغرباء
6 هذا المثل قاله لهم يسوع ، وأما هم فلم يفهموا ما هو الذي كان يكلمهم به
7 فقال لهم يسوع أيضا : الحق الحق أقول لكم : إني أنا باب الخراف
8 جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص ، ولكن الخراف لم تسمع لهم
9 أنا هو الباب . إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى
10 السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك ، وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل
11 أنا هو الراعي الصالح ، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف
12 وأما الذي هو أجير ، وليس راعيا ، الذي ليست الخراف له ، فيرى الذئب مقبلا ويترك الخراف ويهرب ، فيخطف الذئب الخراف ويبددها
13 والأجير يهرب لأنه أجير ، ولا يبالي بالخراف
14 أما أنا فإني الراعي الصالح ، وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني
15 كما أن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب . وأنا أضع نفسي عن الخراف
16 ولي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ، ينبغي أن آتي بتلك أيضا فتسمع صوتي ، وتكون رعية واحدة وراع واحد

والمجد لله دائماً أبدياً، آمين



أقدم‏ ‏مذبح‏ ‏مسيحي


وسمعت‏ ‏آخر‏(‏ملاك‏) ‏من‏ ‏المذبح‏ ‏قائلا‏ ‏نعم‏ ‏أيها‏ ‏الرب‏ ‏الإله‏ ‏القادر‏ ‏علي‏ ‏كل‏ ‏شئ‏ ‏حق‏ ‏وعادلة‏ ‏هي‏ ‏أحكامك ‏(‏رؤ‏16:7)‏
أقدم‏ ‏مذبح‏ ‏مسيحي‏ ‏خشبي‏ ‏في‏ ‏العالم‏، ‏يؤرخ‏ ‏بالقرن‏ ‏الخامس‏، ‏يرتكز‏ ‏علي‏ ‏اثني‏ ‏عشر‏ ‏عامودا‏، ‏باق‏ ‏منها‏ ‏ثمانية‏ ‏فقط‏. ‏يحمل‏ ‏كل‏ ‏عمودين‏ ‏عقدا‏ ‏داخله‏ ‏صدفه‏ (‏قوقعة‏) ‏يتوسطها‏ ‏صليب‏. ‏لم‏ ‏يأت‏ ‏ذلك‏ ‏بمحض‏ ‏الصدفة‏، ‏إنما‏ ‏أراد‏ ‏الفنان‏ ‏القبطي‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏خروج‏ ‏الصليب‏ ‏من‏ ‏القوقعة‏ ‏رمزا‏ ‏لخروج‏ ‏الشخص‏ ‏المعمد‏ ‏من‏ ‏المعمودية‏، ‏وكلنا‏ ‏يعلم‏ ‏أن‏ ‏الرمزية‏ ‏من‏ ‏أهم‏ ‏سمات‏ ‏الفن‏ ‏القبطي‏ ‏الذي‏ ‏قام‏ ‏علي‏ ‏استخدام‏ ‏الرموز‏.‏
المذبح‏ ‏مصنوع‏ ‏من‏ ‏خشب‏ ‏الصنوبر‏، ‏وهو‏ ‏معروض‏ ‏بالمتحف‏ ‏القبطي‏ ‏تحت‏ ‏رقم‏ ‏تسجيل‏ 1172، ‏إلا‏ ‏أنه‏ ‏مأخوذ‏ ‏من‏ ‏كنيسة‏ ‏أبي‏ ‏سرجة‏ ‏بمصر‏ ‏القديمة‏، ‏ولماذا‏ ‏أبي‏ ‏سرجة؟‏ ‏نلتقي‏ ‏العدد‏ ‏القادم‏ ‏إن‏ ‏أحبت‏ ‏نعمة‏ ‏الرب‏ ‏وعشنا‏.‏

د‏.‏آمال‏ ‏جورجي

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010