البابا ديمتريوس الكرام وتحديد موعد عيد القيامة !
في دائرة الضوء
بقلم : جرجس بشرى يعتبر البابا ديمتريوس هو البابا الثاني عشر في ترتيب باباوات الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية، وقد اختارته العناية الإلهية ليكون خليفة للقديس مرقس الرسول بمعجزة إلهية عجيبة، حيث ظهر ملاك الرب للبابا يوليانوس البابا الحادي عشرة ليلة نياحته( وفاته ) وقال له: " أنت ماضِ إلى السيد المسيح، فالذي يدخل إليك غدًا ومعه عنقود عنب، هو الذي يصلح أن يكون بطريركًا بعدك".. وحدث بعدها أن دخل هذا القديس إلى البابا يوليانوس وهو ممسكًا بيديه عنقود عنب، فأمسكه البابا يوليانوس وقال للشعب "هذا بطريرككم بعدي"، ثم عرفهم بما قاله له ملاك الرب، فأمسكه الشعب وأقاموه بطريركًا عليهم في 9 برمهات الذي يوافق 4 مارس سنة 188 م. كان البابا ديمتريوس وقتها متزوجًا ولم يكن قد رُسم على كرسي الأسكندرية بطريركًا متزوجًا قبل البابا ديمتريوس، وحدث وأن دخل الشيطان في قلوب بعد العامة من الناس، وجعلهم يتحدثون بأمره ويذمون فيه، هو ومن قدمه للشعب ليكون بطريركًا، فظهر له عندئذ ملاك الرب وأعلمه بذلك وأمره أن ينزع الشك من القلوب بإظهار أمره مع امرأته أمام الشعب، فامتنع البابا ديمتريوس أولاً، فحينئذ قال له الملاك: "يجب أن لا تخلص نفسك فقط وتدع غيرك يهلك بسببك، ولأنك راعِ فاجتهد في خلاص شعبك أيضًا"، وجاء الغد، وقام البابا ديمتريوس بخدمة القداس الإلهي، وأمر الشعب في في نهاية القداس بعدم الانصراف، واستحضر نارًا موقدة، وطلب زوجته من بيت النساء، وسط تعجب الشعب، الذي كان لا يدري ماذا يقصد البابا بذلك، وحدث وأن صلى البابا ديمتريوس ووقف على النار بقدميه وهي متقدة، ثم أخذ منها كمية ووضع منها في إزاره، ثم وضع كمية أخرى في إزار زوجته، ولبث وقتًا طويلاً وهو يصلي، ولم يحترق شيء من الإزارين، فتعجب الشعب، وسألوه عن السبب الذي دفعه للقيام بذلك، فأعلمهم بخبره مع امرأته، وقال: إن أبويهما زوجاهما بغير إرادتهما، وإن لهما 48 سنة منذ زواجهما وهما يعيشان عيشة أخ وأخت، يظللهما ملاك الرب بجناحيه وإن أحدًا لم يعرف ذلك قبل الآن، إلى أن أمره ملاك الرب بإظهار ذلك، فتعجب الشعب مما رأوا وسمعوا، وسبحوا الله تعالى، وطلبوا من القديس أن يتجاوز عما بدر منهم، ويغفر لهم، فغفر البابا لهم وباركهم ثم صرفهم إلى بيوتهم، فانصرفوا وهم يمجدون الله مما رأوا وسمعوا. وللقديس البابا ديمتريوس الثاني عشر دور رأئد في التقويم.. أي تحديد موعد عيد القيامة المجيد، ويقول في ذلك المستشار ذكي شنودة "مدير معهد الدراسات القبطية" في تقديمه لكتاب "علم الأبقطي التقويم وحساب الأبقطي" الذي أعده الشماس رشدي واصف بهمان "المدرس بالكلية الإكليريكية" بمصر: من المعروف أن موضوع التقويم قد أثير في مجمع نيقية سنة 325 م، نظرًا لاختلاف البلاد المسيحية في تحديد موعد عيد القيامة في كل عام، ونظرًا لاشتهار الأقباط شهرة عريقة في العلوم الفلكية التي برعوا فيها وقد ورثوا الإجادة فيها عن آبائهم قدماء المصريين، فقد أسند المجمع إلى بطريرك الأسكندرية في ذلك الوقت تحديد موعد عيد القيامة في كل عام وإبلاغه لكل الكنائس المسيحية في جميع إنحاء العالم، وكان بطريرك الأسكندرية الأنبا ديمتريوس الكرام قد وضع أو بتعبير أكثر دقة وضع العلماء الأقباط ذلك الحساب المعروف بحساب الأبقطي لتحديد موعد عيد القيامة وغيره من الأعياد والمناسبات المسيحية المختلفة، وقد ظلت الكنيسة القبطية تستند إلى ذلك الحساب بهذا الخصوص من ذلك الحين إلى اليوم، غير أن استخدام ذلك الحساب ظل قاصرًا على عدد قليل من المشتغلين بالعلوم الكنسية، نظرًا لدقته المتناهية وصعوبة البحث فيه، ومن ثم ظلت فكرته غامضة لدى الأغلبية العظمى من الأقباط وغير الأقباط. ويقول الشماس رشدي بهمان بهمان في الكتاب المُشار إليه عن علم الأبقطي: "أسس هذا الحساب البابا ديمتريوس المشهور بــ "الكرام" وهو البابا القبطي الثاني عشر من عِداد بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والذي مكث بطريركًا 42 سنة وسبعة شهور وخمسة أيام وقد فاض الروح القدس عليه بالحكمة والمعرفة فتمكن من ضبط حساب الخروف عند اليهود وتحديد موعد عيد القيامة عند المسيحيين، واعتمد في ذلك على حساب علم الفلك الذي وضعه بطليموس الفلكي وكان البابا ديمتريوس يوجه منشورًا كل عام لكنائس العالم أجمع يحدد فيه موعد عيد القيامة".. ويقول رشدي واصف بهمان في كتابه عن أهمية حساب الأبقطي: "لقد أوصى الآباء الرسل في الفصل الحادي والثلاثين من كتاب الدسقولية أن نصنع يوم الفصح، الذي هو يوم قيامة سيدنا يسوع المسيح في يوم الأحد الذي يلي فصح اليهود".. وحساب الأبقطي هو الذي يحدد موعد ذبح الخروف عند اليهود، ولأن ذبح الخروف عند اليهود مرتبط بالتقويم اليهودي، وتقويم اليهود مرتبط بالشمس والقمر إذ أنه تقويم قمري وشمسي معًا ــ قمري من حيث الشهور ـ كما أن الزراعة، ترجع إلى المناخ والمناخ بدوره مرتبط بالشمس لا بالقمر، لذلك لجأوا إلى إضافة شهر ثالث عشر في كل ثلاث سنوات مرة حتى تساير السنة اليهودية السنة الشمسية، وحتى تقع الأعياد المرتبطة بالزراعة في موعدها وفي موسمها تمامًا وعلى ذلك يتقدم يوم ذبح الخروف ويتأخر تبعًا لإضافة الشهر الثالث عشر "آذار الثاني" أو عدم إضافته، وبموجب حساب الأبقطي وبدون الرجوع إلى اليهود أنفسهم يمكن التحديد "أي تحديد ذبح خروف الفصح عند اليهود".. ويؤكد بهمان في كتابه المُشار إليه على أن كلمة الأبقطي هي كلمة معربة من الكلمة اليونانية apokt/ ومعناها "الباقي أو الفاضل" مراجع : *السنكسار ج2 * موقع نيافة الحبر الجليل الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة * كتاب "علم الأبقطي التقويم وحساب الأبقطي" للشماس رشدي واصف بهمان المدرس بالكلية الإكليريكية |