أمنا العذراء ... لقداسة البابا شنودة الثالث


لا توجد امرأة تنبأ عنها الأنبياء واهتم بها الكتاب مثل مريم العذراء ... رموز عديدة عنها في العهد القديم وكذلك سيرتها وتسبحتها والمعجزات في العهد الجديد.
وما أكثر التمجيدات والتأملات التي وردت عن العذراء في كتب الأباء ... وما أمجد الألقاب التي تلقبها بها الكنيسة ، مستوحاة من روح الكتاب.
إنها أمنا كلنا وسيدتنا كلنا وفخر جنسنا الملكة القائمة عن يمين الملك العذراء الدائمة البتولية الطاهرة المملوءة نعمة القديسة مريم ، الأم القادرة المعينة الرحيمة أم النور ، أم الرحمة والخلاص ، الكرمة الحقانية.
هذه التي ترفعها الكنيسة فوق مرتبة رؤساء الملائكة فنقول عنها في تسابيحها و ألحانها:
علوت يا مريم فوق الشاروبيم وسموت يا مريم فوق السارافيم .
مريم التي تربت في الهيكل وعاشت حياة الصلاة والتأمل منذ طفولتها وكانت الإناء المقدس الذي إختاره الرب للحلول فيه.
أجيال طويلة إنتظرت ميلاد هذه العذراء لكي يتم بها ملء الزمان ( غل 4 : 4 ).
هذه التي أزالت عار حواء وأنقذت سمعة المرأة بعد الخطية . إنها والدة الإله ، دائمة البتولية.
إنها العذراء التي أتت إلي بلادنا اثناء طفولة المسيح وأقامت في أرضنا سنوات قدستها خلالها وباركتها.
وهي العذراء التي ظهرت في الزيتون منذ ما يزيد عن 33 عاما وجذبت إليها مشاعر الجماهير بنورها وظهورها وإفتقادها لنا .
وهي العذراء التي تجري معجزات في أماكن عديدة ، نعيد لها فيها وقصص معجزاتها هذه لا تدخل تحت حصر.
إن العذراء ليست غريبة علينا فقد اختلطت بمشاعر الأقباط في عمق ، خرج من العقيدة إلي الخبرة الخاصة والعاطفة . ما أعظمه شرفا لبلادنا وكنيستنا أن تزورها السيدة العذراء في الماضي وأن تتراءى علي قبابها منذ سنين طويلة.
لم توجد إنسانة أحبها الناس في المسيحية مثل السيدة العذراء مريم.
في مصر غالبية الكنائس تحتفل بعيدها
وفي الطقوس ما أكثر المدائح والتراتيل والتماجيد والابصاليات والذكصولوجيات الخاصة بها وبخاصة في شهر كيهك ولها عند اخوتنا الكاثوليك شهر يسمي الشهر المريمي
وفي أديرة الرهبان في مصر يوجد علي اسمها دير البراموس ودير السريان ودير المحرق
ويوجد دير للراهبات علي اسمها في حارة زويلة بالقاهرة وما أكثر الأديرة والمدارس التي علي اسمها في كنائس الغرب.
 أقدم كنائس باسمها
أقدم كنيسة بنيت علي اسم العذراء في العصر الرسولي هي كنيسة فيلبي وأقدم كنيسة بنيت باسمها في مصر كانت في عهد البابا ثاؤنا البطريرك 16 عام 274م
ومن أشهر كنائسها كنيسة الدير المحرق التي دشنت في عهد البابا ثاؤفيلس 23 في بداية القرن الخامس
وكذلك الكنائس التي بنيت في الأماكن التي زارتها في مصر.
وبهذه المناسبة توجد لها كنيستان في أوروبا باسم عذراء الزيتون إحداهما في فرنسا والثانية في فيينا
 عظمة العذراء
عظمة العذراء قررها مجمع أفسس المسكوني المقدس الذي إنعقد سنة 431م بحضور 200 من أساقفة العالم ووضع مقدمة قانون الإيمان التي ورد فيها : نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله لأنك ولدت لنا مخلص العالم أتي وخلص نفوسنا
فعلي أية الأسس وضع المجمع المسكوني هذه المقدمة ؟ هذا ما سنشرحه الأن :
العذراء : هي القديسة المطوبة التي يستمر تطويبها مدي الأجيال كما ورد في تسبحتها : هوذا منذ الأن جميع جميع الأجيال تطوبني ( لو 1 : 46)
والعذراء تلقبها الكنيسة بالملكة وفي ذلك أشار عنها المزمور 45 : قامت الملكة عن يمين الملك .
ولذلك فإن كثيرا من الفنانين حينما يرسمون صورة العذراء يضعون تاجا علي رأسها وتبدو في الصورة عن يمين السيد المسيح
ويبدو تبجيل العذراء في تحية الملاك جبرائيل لها : السلام لك أيتها الممتلئة نعمة . الرب معك . مباركة أنت في النساء ( لو 1 : 28)
أي ببركة خاصة شهدت بها أيضا القديسة أليصابات التي صرخت بصوت عظيم وقالت لها : مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك ( لو 1 : 42)
وأمام عظمة العذراء تصاغرت القديسة أليصابات في عيني نفسها وقالت في شعور بعدم الإستحقاق مع أن أليصابات كانت تعرف أن إبنها سيكون عظيما أمام الرب وأنه يأتي بروح إيليا وقوته ( لو 1 : 15 ، 17)
" من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي" ( لو 1 : 43)
ولعل من أوضح الأدلة علي عظمة العذراء ومكانتها لدي الرب أنه بمجرد وصول سلامها إلي أليصابات إمتلأت أليصابات من الروح القدس وأحس جنينها فارتكض بابتهاج في بطنها وفي ذلك يقول الوحي الإلهي : فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وإمتلأت أليصابات من الروح القدس ( لو 1 : 41)
إنها حقا عظمة مذهلة أن مجرد سلامها يجعل أليصابات تمتلئ من الروح القدس ! من من القديسين تسبب سلامه في أن يمتلئ غيره من الروح القدس؟ ولكن هوذا أليصابات تشهد وتقول : هوذا حين صار سلامك في أذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني
امتلأت أليصابات من الروح القدس بسلام مريم وأيضا نالت موهبة النبوة والكشف
فعرفت أن هذه هي أم ربها وأنها : أمنت بما قيل لها من قبل الرب
كما عرفت أن ارتكاض الجنين كان عن إبتهاج وهذا الابتهاج طبعا بسب المبارك الذي في بطن العذراء : مباركة هي ثمرة بطنك ( لو 1 : 41 – 45)
عظمة العذراء تتجلي في اختيار الرب لها من بين كل نساء العالم
الإنسانة  الوحيدة التي انتظر التدبير الإلهي ألاف السنين حتي وجدها ورأها مستحقة لهذا الشرف العظيم الذي شرحه الملاك جبرائيل بقوله : الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعي إبن الله ( لو 1 : 35)
العذراء في عظمتها تفوق جميع النساء:
لهذا قال عنها الوحي الإلهي : بنات كثيرات عملن فضلا أم أنت ففقت عليهن جميعا ( أم 31 : 39) ولعله من هذا النص الإلهي أخذت مديحة الكنيسة : نساء كثيرات نلن كرامات ولم تنل مثلك واحدة منهن
هذه العذراء القديسة كانت في فكر الله وفي تدبيره منذ البدء
ففي الخلاص الذي وٌعد به أبوينا الأولين قال لهما إن : نسل المرأة يسحق رأس الحية ( تك 3 : 15) هذه المرأة هي العذراء ونسلها هو المسيح الذي سحق رأس الحية علي الصليب
تبدأ في حياة العذراء قبل ولادتها وتستمر بعد وفاتها ومنها:
1-   حبل بها بمعجزة من والدين عاقرين ببشري من الملاك.
2-   معجزة خطوبتها بطريقة إلهية حددت الذي يأخذها ويرعاها.
3-   معجزة في حبلها بالمسيح وهي عذراء مع إستمرار بتوليتها بعد الولادة.
4-   معجزة في زيارتها لأليصابات التي سمعت صوت سلامها ، ارتكض الجنين بابتهاج في بطنها وإمتلآت بالروح القدس .
5-   معجزات لا تدخل تحت حصر أثناء زيارتها لأرض مصر منها سقوط الأصنام ( أش 19 : 1).
6-   أول معجزة أجراها الرب في قانا الجليل كانت بطلبها.
7-   معجزة حل الحديد وانقاذ متياس الرسول ، كانت بواسطتها .
8-   معجزة استلام المسيح لروحها ساعة وفاتها.
9-   معجزة ضرب الرب لليهود لما أرادوا الإعتداء علي جثمانها بعد وفاتها .
10-                     معجزة صعود جسدها إلي السماء.
11-                     المعجزات التي تمت علي يديها في كل مكان ، وضعت فيها كتب.
12-                     ظهورها في أماكن متعددة وبخاصة ظهورها العجيب في كنيستنا بالزيتون وفي بابادبلو .
ومازالت المعجزات مستمرة في كل مكان وستستمر شهادة لكرامة هذه القديسة

New designs on the occasion of fast of the Virgin Mary. Happy Fast!











  




  




  




أخبرني يا من تحبه نفسي: أين ترعى؟


 أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة؟ (نش 1: 7)


قالت العروس للرب، الذي هو الراعي الصالح: " أخبرني يا من تحبه نفسي: أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة؟. فأجابها إن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء, فأخرجي على أثار الغنم, وأرعى جداءك عند مساكن الرعاة" (نش1: 7،8).

أين ترعى؟

هنا نجد نفسا تبحث عن الله, وتسأل عن طرقة, وتقول له: " أين أنت يا رب؟" إنني أبحث عنك؟ أين أجدك؟".
العجيب إن هذه النفس التي تبحث عن الله، ليست باستمرار نفسا خاطئة، إنما هي نفس تحب الله وقد دعاها " الجميلة بين النساء". إنها تذكرني بداود النبيالذي قال الرب: " عرفني يا رب طرقك, فهمني سبلك,، أين تربض وقت الظهيرة؟ طلبت وجهك, ولوجهك يا رب ألتمس. لا تحجب عني"..
هذا النداء. هو نفس نداء النفس التي في مفترق الطرق.St-Takla.org             image:  Jesus the good shepherd   صورة يسوع راعي صالح
أخبرني يا من تحبة نفسي, أين ترعى؟ أين أجدك؟ هل في البتولية أم في الزواج؟ في العمل أم في التكريس؟ في الخلوة أم في الخدمة؟ في الدير أم في العالم؟ أين تربض.. ؟ أين ألتقي بك. في الصلاة؟ فيالصوم؟ في التداريب الروحية؟ في التناول؟ في الكنيسة؟ أين ترعى.. ؟
وقد تقول هذا الكلام النفس البعيدة عن الله.
إنها تذكرني بأوغسطينوس الذي كان بعيدا لفترة طويلة، ثم أخذ يبحث عن الله، أين يجدة؟ هل بالعقل؟ بالفلسفة بالمنطق؟ أم بالإيمان, بالقلب؟ أين ترعى؟ فأجابه الرب: هناك في داخلك, تجدني. وأعترف أغسطينوس قائلا: نعم لقد كنت معي، ولكني من فرط شقاوتي لم أكن معك..
حقآ هناك أشخاص يسألون أين الرب. وهو معهم.
كان المسيح مع تلميذي عمواس, ولم تكن عيونهما منفتحة لمعرفتة, كذلك ظهرلمريم المجدلية، وهي لا تزال تسأل عنة: أين هو. وقيل عن معاصري السيد وقت ميلادة أن " النور أضاء في الظلمة، والظلمة لم تدركة".. حقآ, كثيرآ ما تسأل الرب (أين ترعى), ويكون الرب في داخلنا ونحن لا ندري!
ما أعجب قول المسيح لفيلبس " أنا معكم زمانا هذه مدتة, ولم تعرفني يافيلبس"؟ وكذلك المولود أعمى قال له السيد " أتؤمن بأبن الله؟ فأجابه " من هو يا سيد؟. كان الرب يكلمه, وقد شفاه, ومع ذلك لم يكن يعرفه, ويسأل أين يرعى؟ (يو9).

أين ترعى؟ أين تربض وقت الظهيرة؟

لوط لم يقل للرب أين ترعى؟ وإنما إختار لنفسه مكاناً معشباً يعيش فيه, لذلك ضاع منه كل شئ, بعكس إبراهيم الذي ترك للرب أن يختار له، فقال له " أترك أهلك وعشيرتك, وأذهب للأرض التي أريك إياها (تك 12: 1). سأذهب إليه يا رب, مادمت سترعاني هناك. نعم هناك " أباركك وتكون بركة, وبك تتبارك جميع قبائل الأرض" (تك12: 2, 3).
حينما تسأل عن الله أين ترعى؟ يقول أحياناً: هناك عند الجلجثة. ويرينا طرقاً ما كنا نظن إطلاقاً إنه سيرعانا فيها..
وكأنه يقول ليوحنا الحبيب: أتسألني أين أرعى.. هناك في المنفى في جزيرةبطمس, سأرعاك, وسأكشف لك باباً مفتوحاً في السماء, وأريك العرش الإلهي والقوات السمائية, وما لابد أن يكون.
وكأني بالثلاثة فتية قد سألوه أين ترعى؟ فقال لهم هناك في أتون النار.. وفرحوا بالأتون, وعندما ألقوهم فيه رأوا معهم رابعاً شبيهاُ بأبن الآلهة, يتمشى معهم في الأتون. وشعرة من رؤوسهم لم تحترق, ولا رائحة النار كانت في ثيابهم.. (دا 3).
وبنفس الوضع كان جب الأسود بالنسبة إلي دانيال النبى. رعاه الله هناك، وأرسل ملاكة فسد أفواة الأسود. (جا 6).
في إحدى المرات أثناء المجاعة, لم يقل إبرام للرب " أين ترعى؟ أين تربض وقت الظهيرة؟" بل ذهب من تلقاء نفسه إلي مصر يلتمس المعونة. وهناك أخذواإمرأتة سارة, وكاد يضيع لولا تدخل الرب لإنقاذه..
ونفس الوضع عندما سكن بين قادش وشور وتغرب في جرار (تك 20: 1) دون أن يسأل هل يرعى الرب هناك فكانت النتيجة أنه وقع في تجربة ثقيلة, وأخذواإمرأته سارة. لأن ذلك الموضع لم يكن فيه خوف البتة" (تك 20: 1).
هناك عبارة جميلة في سفر النشيد، يقول فيها الرب: " تعال يا حبيبي لنخرج إلي الحقول, ونبيت في القرى".. هناك أريك حبي (نش2: 12).
نعم هناك وليس في أي مكان أخر.. إذن يا رب فليكن لي كقولك (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. سأذهب إلي الحقول وإلي القرى وإلي أقاصي الأرض, مادمت هناك ستريني حبك. سأدخل إلي أتون النار, وسأنزل إلي جب الأسود, مادمت أعرف أين ترعى..
سأسير بمبدأ " حيث قادني أسير" سأترك كل شئ من أجلك, وأتبعك حيثما كنت.. مثلما تركت رفقة بلادها وأهلها وذهبت وراء إسحق (تك24: 58), وكما يقولالمزمور للنفس البشرية: أسمعي يا ابنتي، وأصغي, وإنسي شعبك وبيت أبيك, فأن الرب قد أشتهى حسنك, وله تسجدين (مز 45: 10،11).
أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى, لأنك في مراع خضر تربضني, وإلي ماء الراحة توردني. ترد نفسي وتهديني إلي طرق البر (مز 23).. لقد التحقت نفسي وراءك فقل أين ترعى, وأنا سأتبعك حتى إن سرتُ في وادي ظل الموت لن أخاف شراً، لأنك ستكون معي, هناك تريني حبك..
أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى أين تربض وقت الظهيرة؟

أين تربض وقت الظهيرة؟

في وقت الظهيرة, حيث يريد كل إنسان أن يستظل, وأنا تحت ظللك أشتهيت أن أجلس, وأخشى من شيطان الظهيرة (مز 91: 6), وأتعب من هذا اللهيب, لأنالشمس قد لوحتني وقت الظهيرة.
أحياناً يستغيث الإنسان بهذه العبارة, أين ترعى؟ يقولها في أوقات الفتور والجفاف, وفترات تخلي النعمة الإلهية..
يشعر الإنسان إن نفسه ليست كما كانت قبلاً، لم تعد لهل الحرارة الأولى, ولا الصلة ولا الدالة الأولى, ولا الحب القديم, فتقول نفسه للرب: " لماذا أكون كمقنعة عند قطعان أصحابك" (نش1: 7)
أين أيام شبابي الروحي, حينما كنت أقول" شمالة تحت رأسي ويمينة تعانقني".. أين الأيام التي كنت أصلي فيها بعمق وكلماتة حلوة في حلقي (نش2: 3), كالعسل والشهد في فمي. أيام كنت أرفع يدي, فتشبع نفسي كما من لحم ودسم (مز63: 4).. أشعر كما لو كنت ضللت الطريق, فاخبرني يا من تحبه نفسي: أين ترعى؟ أين تربض؟..
أريد يا رب أن أرجع إليك, فأخبرني أين ترعى؟
أنا بعيد عنك, ولكني أحبك, بعدت عنك سلوكاً, ولم أبعد عنك قلباً "أنت تعلم يا رب كل شئ, أنت تعلم إني أحبك".. من الجائز أنني تركت نشاطي, وتركت ممارستي, وعباداتي، وخدمتي, ولكني لم أترك محبتك.. ربما تكون صورتي قد تشوهت, ولكن لا تزال تشتاق إلي شبهك ومثالك, أنا أحبك على الرغم من خطيئتي, ليتك تردني إليك, وتخبرني أين ترعى..
ربما تقول هذه العبارة "نفوس في السبي، قد جلست على أنهار بابل، ولكنها تبكي كلما تذكرت صهيون" (مز 137: 1).
لم تعد تستطيع أن تسبح تسبحة الرب في أرض غريبة، قيثارتها على الصفصاف (مز 137: 2, 4). وهي تصرخ من عمق القلب, ومن عمق الرغبة, إستغاثة غريق إلي قارب النجاة, تقول اخبرني يا من تحبه نفسي, أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة..
أريد أن أدخل إلي هيكلك, إلي مذابحك, لكي تنضح عليَ بزوفاك فأطهر، وتغسلني فابيض أكثر من الثلج..
أين ترعى أيها الراعي الصالح؟ ضللت مثل الخروف الضال, فأطلب عبدك (مز 119: 176).
أسرع وأعني, لأنه على ظهري جلدني الخطاة وأطالوا إثمهم (مز 129: 3).. أحاطوا بي مثل النحل حول الشهد, والتهبوا كنار في شوك (مز 118: 12).. في الطريق التي أسلك أخفوا لي فخاً (مز140: 5)..
ولكنني مشتاق إليك, أريد أن أصل إليك, ولا أعرف..
ما أعجب الله ال1ي لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع إليه, الذي كل من يقبل إليه، لا يخرجه خارجاً, إنه يقول لهذه النفس الباحثة عنه, على الرغم من إنالشمس قد لوحتها: إن لم تعرفي أيتها الجميلة بيت النساء, فأخرجي على أثار الغنم, وإرعي جداءك عند مساكن الرعاة..
عجباً يا رب أن تسميها " جميلة " وهي خاطئة! أنا أسميها جميلة, ليس من أجل خطيئتها, وإنما من اجل توبتها.. من أجل سعيها وطلبها, من أجل عبارة أين ترعى؟

أخرجي على أثار الغنم:

غنيمات كثيرة, سرن في طريقي من قبل, ووصلن إليَ, أثار هذه الغنيمات لا تزال ثابتة على الطريق, فتتبعيها (ومن سار على الدرب, وصل).
وما أثار الغنم, سوى سير القديسين.. وقت ترك لنا القديسين نموذجاً في كل مجال لكي نحتذي به. متشبهين بأعمالهم.
وقد يجد إنساناً نفسه بلا مرشد في الطريق, والذين بلا مرشد يسقطون كأوراق الشجر.. هذا الإنسان لا ييأس، هناك أثار الغنم إن تعذر وجود الرعاة..
لم يطلب إلينا الرب أن نقبع في مكاننا, وندرس سير القديسين, إنما أن نخرج ونسير متبعين أثارهم.
لا تجلسي في مكانك متأملة وتقولي ما أجمل الغنيمات القديسات, وما أحلى طرقها, كلها بر وكمال, وتعب وجهاد.. ! كلا, بل أخرجي على أثار الغنم, وأرعى جداءك عند مساكن الرعاة.. جداءك هي خطاياكِ, إذهبي إلي مساكن الرعاة, تجدي هناك حلاً وحلاً.
أخرجي على أثار الغنم, لا تبتدعي طريقاً جديداً, ولا تنقلي التخم القديمة, وإنما إتبعي ما رسمه الآباء من طرق..
" إن بشرناكم نحن وملاك من السماء, بغير ما بشرناكم به, فليكن أناثيما" (غل1: 8).
" إن كان احد يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم, فلا تقبلوه في البيت, ولا تقولوا له سلاماً, لأن من يسلم عليه, يشترك في أعماله الشريرة (2يو1: 11).
إذن ماذا نفعل. ؟ " كونوا متمثلين بيَ, كما أنا أيضاً بالمسيح" (1كو11: 1). نعم أيتها الجميلة " أخرجي على أثار الغنم".
وإن لم تسيري على أثار الغنم, لا تكوني جميلة بين النساء.
" إن لم تعرفي أيتها الجميلة.. فأخرجي على أثار الغنم". ترينا هذه العبارة, أنة حتى النفس الجميلة, هناك أشياء لا تعرفها, هناك جداء قد اختلطت بغنمها, تحتاج أن تذهب بها إلي مساكن الرعاة. لا تعتمدي على نفسك, فهؤلاء الرعاة قد أقامهم الرب, لأجلك



كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنودة الثالث


القدوة والمثال


القدوة والمثال 
" إن المسيح تألم ، تاركاً لنا مثالاً " ( 1 بط 2 : 21 ) 
undefined
+ " القدوة الصالحة " ( الأُسوة الحسنة أو المثال الجيد ) : هى النموذج المثالى ( الصالح ) ، الذى يُحتذى به ، ويُؤثر – بإيجابية – فى سلوك وحياة وقلوب كثيرين ، من الصغار والكبار ، والأبناء والأحفاد ، والأهل والأصدقاء والزملاء ، فيقلدونهم وينجحون مثلهم .
لكن بمن نقتدى ؟
* الإقتداء بالمخلص والمُعلم الأعظم :
+ الرب يسوع هو خير مثال ، لكل الأجيال ، وقد قال :
·      إنى قد أعطيتكم مثالاً ( عملياً فى الإتضاع بغسل أرجل تلاميذه ) حتى كما صنعتُ أنا بكم تصنعون أنتم أيضاً " ( يو 13 : 15 ) .
·      تعلموا منى ، لأنى وديع ومتواضع القلب ، فتجدوا راحة لنفوسكم" ( مت 11 : 29 ) . " وأنتم شهود لذلك " ( لو 24 : 48 ) .
·      إن المسيح تألم لأجلنا ، تاركاً لنا مثالاً " ( 1 بط 2 : 21 ) .
·      كما سلك ذاك ( المسيح ) ينبغى أن نسلك نحن " ( 1 يو 2 : 6 ) .
·      نظير القدوس الذى دعاكم ( للإيمان به ) كونوا أنتم أيضاً قديسين فى كل سيرة " ( 1 بط 1 : 15 ) .

* وأن نقتدى أيضاً بالرسل والأنبياء والخُدام والقديسين :
" قال القديس بولس الرسول :
·      تمثلوا بى ، كما أنا أيضاً ( أتمثل ) بالمسيح " ( 2 تس 3 : 9 ) .
·      أنا حامل فى جسدى سمات الرب يسوع " ( غل 6 : 17 ) .
·      نسعى كسفراء ، كأن المسيح يعظ بنا " ( 2 كو 5 : 20 ) .
·      خذوا مثالاً لإحتمال المشقات : الأنبياء الذين تكلموا بأسم الرب " ( يع 5 : 10 )
·      انظروا إلى نهاية سيرتهم ، فتمثلوا بإيمانهم " ( عب 13 : 7 ) .

+ وقال القديس موسى الاسود : " كن مُداوماً على قراءة سير القديسين ، لكى تأكلك غيرة أعمالهم " ( تقليدهم فى جهادهم الروحى ) .

+ أما مجالات القدوة فهى :
1      - فى الكلام الجيد :
·      كن قدوة فى الكلام ، فى التصرف ، فى المحبة ، فى الروح ، فى الإيمان ، فى الطهارة " ( 1 تى 4 : 12 ) .
·      ليكن كلامكم – كل حين – بنعمة ، مُصلحاً بملح " ( كو 4 : 6 ) .
·      لا تخرج كلمة ردية ، من أفواهكم ، بل كل ما كان صالحاً للبنيان ، كى يعطى نعمة للسامعين " ( أف 4 : 29 ) .
2      – قدوة فى العمل الصالح :
·      من هو حكيم وعالم بينكم ، فليُر أعماله بالتصرُف الحسن ، فى وداعة الحكمة " ( يع 3 : 13 ) ز
·      أرنى إيمانك بدون أعمالك ، وأنا أُريك بأعمالى إيمانى " ( يع 2 : 18 ) .
·      من عمل وعلم ، فهذا يدعى عظيماً فى ملكوت الله " ( مت 5 : 19 ) .
·      وقال أحد الأباء القديسين : " قُل حسناً ، وأفعل أحسن " .
·      وتأملوا ( يا أخوتى / وأخواتى ) سير الشهداء والمعترفين ، الذين كسبوا آلافاً ، بأحتمالهم الآلام ، خلال تعذيباتهم ( القديسة دميانة – القديسة بربارة – الشهيد العظيم مارجرجس – القديس مارمرقس ....... الخ ) .
3      – قدوة فى السلوك الطيب :
·      أنتم رسالة المسيح المقروءة من جميع الناس " ( 2 كو 3 : 2 ) .
·      وأما عن جمال المرأة والفتاة ، فيكون فى سلوكها بنقاوة وبمحبة وحنان ورحمة واتضاع وحكمة .
·      وقال القديس بطرس الرسول ، للنساء المؤمنات : " لا تكن زينتكن الزينة الخارجية ، بل إنسان القلب الخفى ( نقاوة القلب والذهن ) ، فى العديمة الفساد ( أى ) زينة الروح الهادى الوديع " ( 1 بط 3 : 3 – 4 ) . والقدوة والمثال فى ذلك ، القديسة مريم العذراء .
·      وقال أيضاً : " وأنه بسيرة النساء ( الصالحة ) يربحن الرجال بدون كلمة( وعظ ) ... " ( 1 بط 3 : 1 ) . ويكفى إبتسامة جميلة فى وجه غضوب ، فتربح قلبه وتُعيد له هدوءه ، ويتوب عن شره .
+ فالمسيحى - من الجنسين – يحمل صفات وطباع المسيح ، فيكون مثله : "نوراً " للعالم " وملحاً " جيداً للإصلاح . فكن قدوة حلوة بين كل الناس .

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010