القيامة - أبونا بيشوى كامل




الحرية والقيامة الأولى هى شهوة ربنا للنفوس المقيدة .
 نحن الذين استترت حياتنا مع المسيح القائم من الأموات نعيش بمشاعر واحساسات المسيح القائم .


 القيامة هى ثمرة اتحادنا بالمسيح القائم . والمجد هو نصيبنا فى المسيح القائم الممجد .


 إذاً لا نخشى الفشل . بل نرى فيه بداية القيامة ، وسبباً فى تذوق القيامة الأولى . أى فى ادراكنا أننا قمنا مع يسوع عندما كانت الأبواب مغلقة 


القيامة الأولى بالنسبة للمسيحى هى اختبار لا ينتهى يبدأ بالمعمودية والدفن مع السيد المسيح ، والقيامة معه ( رو 6 : 4 ) . بالتوبة المستمرة ( 2 كو 4 ) . وفى سر الإفخارستيا يحيا به لأن الحياة هى القيامة " ( 1 يو 3 : 14 ) ، وفى أعمال المحبة لأن الذى يحب قد انتقل من الموت إلى الحياة .. القيامة ، وفى قوة الرجاء( 2كو 1 : 9 ، 10 ) . وفى قوة النصرة على شهوات الجسد " ( رو 8 : 11 ) ، وفى الشجاعة وغلبة الخوف وفى اختيار الحرية ( لو 4 : 18 ) . وفى السلوك فى النور كأولاد للنور وأبناء للقيامة ( يو 3 : 21 ) وأخيراً فى الكرازة والخدمة (مت 28 : 19 ) إنها اختبار حياتنا كلها .

إن الكنيسة تعتبر المعمودية بكل إصرار وتأكيد هى نصيب كل واحد منا فى الموت والقيامة مع المسيح ..


لذلك نزف المعمدين بالكنيسة كأيقونة حية للقيامة .ونقول : أكسيوس .. أكسيوس .. أكسيوس .
لما لا يكون هذا اختباراً روحياً عن القيامة بأن نقف دقيقة أمام المعمودية فى كل مرة ندخل الكنيسة ، نعترف أمامها بأننا هنا دفنا وحملنا الموت عن الخطية فى حياتنا كل حين وكل يوم ، وانبعثت القيامة الأولى بفجرها المشرق فى حياتنا الجديدة القائمة ، وصرنا أبناء الله مولودين من فوق ..


جرب يا أخى هذا التدريب فى دخولك الكنيسة .. عندئذ يتحول الطقس إلى حياة، وتصبح القيامة الأولى هى الدرس الأول الذى يتكرر فى حياتك كل يوم .


 تذكر أمام المعمودية أنك جحدت الشيطان وكل أعماله النجسة .


+ تذكر أنك صرت متحداً مع المسـيح بشـبه موته ، وبشبه قيامته .


+ تذكر أنك دُفنت ومُت وقُمت مع المسيح .


+ تذكر أنك بقيامتك صارت أعضاؤك آلات بر لله .


تذكر أن القيامة هى سلوك فى هذه الحياة .


 تذكر أنك ولدت من فوق ، وصرت ابن الله ، وتحدد خط سيرك فى هذه الحياة نحو الأبدية السعيدة .


 هيا بنا يا أخى نجعل حياتنا أثناء دورة القيامة أيقونة حية للمسيح القائم ، بل هيا نجعل كل أيامنا خماسين


مفرحة حية ناطقة ..


 القيامة نعمة مجانية أخذها الانسان بالإيمان .. فى المعمودية .


القيامة هى خروج من قبر مغلق ،


هى خلق حياة من الموت ،


هى نجاح من الفشل ،


هى إيمان بعد يأس ،


هى خروج من ضعف الانسان ،


هى الإيمان المطلق .. هى كل حياتنا كمسيحيين .


vلا قيامة بدون صليب .


 الذى ينتظر حتى الموت ينال القيامة والذى يهرب قبل الآخر يحرم منها .


 من يريد أن يتمتع ببهجة قيامة الرب لابد أن يكون قد اجتاز اختبار الموت مع المسيح." لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته "( رو 6 : 5 ) .


 القيامة حقيقة ملموسة واقعيـة نعيشـها اليوم بسكنـى الروح القدس داخلنا .


( روح القيامة ) وذلك بمسحة الميرون كقول الرسول : " إن كان روح الذى أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم فالذى أقام المسيح من الأموات سيحيى أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم " ( رو 8 : 11 ) .


 القيامة ليست تمثيلية بل هى انسان داخلى يتجدد يوماً فيوماً .


 القيامة : حياة واختبار يومى نذوقه فى كل مرة نقترب من الصليب ونحمله بفرح ..


 القيامة ليست قصة ولكنها حياة .. يحس فيها المسيحى بقوة قيامته من الخطية ومن الضعفات اليومية، والغضب ، والكراهية ، ومحبة الكرامة ، والذات ، وشهوات العالم ..


 عندئذ نقول إننا مع المسيح .. متنا مع المسيح " صلبنا " فنحيا " نقوم " لا نحن بل المسيح يحيا فينا . 
الخلق ليس عملاً هيناً ، لأننا كنا أمواتاً بالخطايا ..
 والميت هالك ورائحته نتنة وعاجز .. فجاء روح القيامة وسكن داخلنا بمسحة الميرون . فأقامنا من موتنا ونحن داخل قبر الخطية .


 القيامة هى عمل صنعه ويصنعه كل يوم الروح القدس فى إقامتنا كل يوم من نتانة موت الخطية . فهو دائماً يميت أعمال الجسد لكيما يحييه . " إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون " " روحياً وجسدياً " ( رو 8 : 13 ) .


 إن الخوف من الموت سوف يلازم الانسان إلى أن يموت الانسان عن الذات فيعيش القيامة


مناجـاة :


ربى يسوع .. أشكرك لأنك وهبت لى ما لم يدركه تلاميذك فى حينه وهبت لى أن اشترك معك فى بركات صليبك وأعاينها وأعيشها وآكلها .. ووهبت لى أن أعيش قيامتك ، وأشترك فى قوتها وآكلها .. أعطنى سر معرفتك ، فاجعلنى مستحقاً أن أنتفع بكل هذه النعمة ولا أهمل فيها ، أو يظلم عقلى عن إدراكها . كم مرة يا نفسى اجتزت وادى ظل الموت وحررك إلهى وأقامك معه قيامة أولى . وعندما تقيمنى ياإلهى من قيد الشهوة والخوف ، والكبرياء ، والذات ، أقول مع القديس اغسطينوس.


"وضعت قدمى على قمة هذا العالم عندما صرت لا أخاف شيئاً ولا أشتهى شيئاً"

من كلمات البابا شنودة الثالث



نشكر الله الذي منحنا أن نحيا حتى هذه الساعة. ونلتمس من حنانه ورحمته أن يغفر لنا ما أرتكبناه من خطايا في كل أيام حياتنا، وأن يمنحنا القوة التي نسلك بها في طريقه

لقاء مع رفقة



ما أن فرغ كبير بيت إبراهيم من حديثة الإيماني مع الله حتى وجدت الاستجابة الفورية، فقد ظهرت رفقة حفيدة ناحور أخي إبراهيم عند الماء جاءت لتستقى، وقد امتازت بجانب جمالها الجسدي بلطفها في الحديث ومروءتها، فإذ طلب الرجل أن تسقيه ماء من جرتها حتى أسرعت وأنزلت جرتها على يدها لتسقيه وتطلب منه أن تسقى جماله دون أن يطلب منها. لقد رأت عليه علامات الإرهاق، فاشتاقت أن تخدمه لتمارس حبها لاستضافة الغرباء. خلال هذا الروح المملوء حبًا انطلقت رفقة من فتاة تعيش في بلد وثنى لتصير زوجة اسحق وأما ليعقوب أب جميع الأسباط. بالحب والوداعة ارتفعت رفقة وتمتعت بما لم يخطر على بالها ولا كان يمثل شيئًا من أحلامها


لقد طلب علامة روحية فأعطاه الله ما طلبه بل كانت البنت جميلة ومن عائلة إبراهيم. حقا فالله يسهل الأمور وهو الذي يرشد ويقود ويعطي أكثر مما نظن أو نفتكر


المسقاة: هو المكان الذي يوضع فيه ماء للماشية. لذلك كان عليها التردد بين البئر والمسقاة عدة مرات حتى تسقي كل الجمال واليعازر يتأمل كيف أن الله في محبته استجاب لصلاته


إذ كان الرجل يتأمل عمل الله صار يتفرس فيها صامتًا ليعلم أ أنجح الرب طريقة أم لا؟! التكوين 24: 21. وإذ أدرك العمل الإلهي أخذ خزامة ذهب وزنها نصف شاقل وسوارين على يديها وزنها عشرة شواقل ذهب. التكوين 24: 22


فضيلة محبة البشر: والله بالحقيقة محب البشر. ومن أحب البشر قد صار مثاله، وتشبه بالله في محبة البشر، وعاد ﺇلى جمال حسن الصورة والمثال الذي خلقه عليها، ولا سيما فضيلة محبة الغرباء ليست قليلة. أنظروا كم يصفها كتاب الله: هي فضيلة ابراهيم، وبها استحق أن يضيف الله وملائكته. هي فضيلة لوط، وبها استحق خلاصه وخلاص أولاده من السخط الحادث بسدوم. وهوذا الكتاب قد وصف أن بها تجملت رفقة واستحقت أن تكون زوجة لاسحق ابن الموعد. أنظروا خدمة هذه العذراء لهذا الغريب وسرعتها لسقيه وسقي جماله مع كثرتها، وهو لم يلتمس منها ذلك. خدمته مثل من هي له عبدة. سبقت وكملت الوصية الانجيلية القائلة: وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. متى 5: 41. التمس منها شربة واحدة، فأسقته وأسقت جماله


نصف شاقل: هذا هو المهر الذي دفعه اسحق ليخطب رفقة. وماذا قدم لنا المسيح؟ لقد قدم دمه كفارة ليخطبنا. ولقد كان اليهودي يدفع ½ شاقل فضة كفارة سنأتي للحديث عنها في سفر الخروج. المهم أن ½ الشاقل هذا يرمز للكفارة بدم المسيح. وهو ذهب فالمسيح سماوي. والخزامة توضع في الأنف رمزًا لتقديس الحواس


وسوارين علي يديها وزنهما 10 شواقل: رقم 10 يشير للوصايا وكون السوارين علي اليدين رمزًا لتقديس الأعمال طبقًا للوصايا العشر. هذا واجب العروس ان تتسم بالطابع السماوي، الذهب، فتتقدس حواسها وأعمالها لتستحق ان تكون عروسًا للمسيح. والحواس المدربة هذا من عمل الروح القدس. وإعطاء هدايا لرفقة نجد له صورة جميلة في رسالة أفسس 8:4 إذ صعد إلي العلاء سبي سبيًا وأعطي الناس عطايا


يرى البعض أن كلمة: رفقة - مشتقة من الفعل العبري الذي يعني ربك، وربما يعني تقيد مرتبكًا بالجمال، ويرى القديس أكليمنضس الإسكندري إنها تعني مجد الله. وهى ابنة بتوئيل الذي يعني رجل الله، وأمها مِلكة التي تعني ملكة أو مشورة. بمعنى آخر أن رفقة وهي تمثل كنيسة السيد المسيح وعروسه، إنما تحمل فيها مجد الله وتتمتع بجمال فائق يربك ناظريها، أما سر جمالها فإن والدها هو رجل الله ووالدتها المشورة المقدسة. وقد ظهر جمالها بحق حينما تقبلت عطايا عريسها الخزامة الذهبية في أُذنيها والسوارين الذهبيين في يديها


إن كان الذهب يشير إلى السمة الروحية أو الطبيعة السماوية، فإن الكنيسة إذ تتقبل عمل الله خلال خدامه تصير أُذناها سماويتين وأيضًا يداها فلا تسمع إلاَّ لما هو إلهي ولا تعمل إلاَّ لحساب مملكة السموات


يقول الأب قيصريوس: الخزامة الذهبية تشير إلى الكلمات الإلهية، والسواران الذهبيان يشيران إلى الأعمال الصالحة، إذ يشار للأعمال باليدين. لنرى أية الإخوة كيف قدم المسيح هذه العطايا للكنيسة


ويقول العلامة أوريجانوس: لا تجد رفقة جمالها إلاَّ إذا جاء خادم إبراهيم ليزينها. فيداها لا تتزينان إلا بما يبعثه إليها إسحق. إنها تود أن تتمتع في أُذنيها بالكلام الذهبي وفي يديها بالأعمال الذهبية. لكنها ما كانت تستطيع أن تتمتع بهذه الأمور ولا أن تتأهل لها ما لم تأتِ لتستقى ماءً من البئر. يا من لا تريدون أن تأتوا إلى الماء ولا أن تضعوا في آذانكم كلمات الأنبياء الذهبية، كيف تقدرون أن تحملوا زينة التعاليم وجمال الحياة


إذ سألها الرجل إن كان في بيت أبيها مكان لهم ليبيتوا، فأجابته: عندنا تبن وعلف كثير ومكان لتبيتوا أيضًا، "فخرَّ الرجل وسجد للرب. ليس شيء يمجد الله في حياتنا مثل اتساع القلب للناس، فيجدون فيه طعامًا لهم ولجمالهم وموضعًا يستريحون فيه. لنقل للعالم كله: عندنا تبن كثير وعلف وكثير ومكان لتبيتوا أيضًا. لسنا نطلب من العالم شيئًا، إنما نود أن نعطى شبعًا وراحة للجميع. ما فعلته رفقة كممثلة لكنيسة العهد الجديد مارسه الرسول بولس كعضو فيها، إذ يقول: فمنا مفتوح إليكم أيها الكورنثيون، قلبنا متسع. 2 كو 6: 11


فَخَرَّ الرَّجُلُ وَسَجَدَ لِلرَّبِّ. التكوين 24: 26. ها هنا يعلمنا الكتاب أنه، اذا نجح لنا أمر، نسرع ونسجد ونشكر الرب على هذا قبل كل عمل نعمله، ونسبق نصلي ونلتمس العون فيه. فاذا كمل العمل، نشكر أيضاً على هذا


التكوين 24: 15 - 27


15 وَإِذْ كَانَ لَمْ يَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ، إِذَا رِفْقَةُ الَّتِي وُلِدَتْ لِبَتُوئِيلَ ابْنِ مِلْكَةَ امْرَأَةِ نَاحُورَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ، خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا


16 وَكَانَتِ الْفَتَاةُ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا، وَعَذْرَاءَ لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ. فَنَزَلَتْ إِلَى الْعَيْنِ وَمَلأَتْ جَرَّتَهَا وَطَلَعَتْ


17 فَرَكَضَ الْعَبْدُ لِلِقَائِهَا وَقَالَ: اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ


18 فَقَالَتِ: اشْرَبْ يَا سَيِّدِي. وَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَلَى يَدِهَا وَسَقَتْهُ


19 وَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ سَقْيِهِ قَالَتْ: أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضًا حَتَّى تَفْرَغَ مِنَ الشُّرْبِ


20 فَأَسْرَعَتْ وَأَفْرَغَتْ جَرَّتَهَا فِي الْمَسْقَاةِ، وَرَكَضَتْ أَيْضًا إِلَى الْبِئْرِ لِتَسْتَقِيَ، فَاسْتَقَتْ لِكُلِّ جِمَالِهِ


21 وَالرَّجُلُ يَتَفَرَّسُ فِيهَا صَامِتًا لِيَعْلَمَ: أَأَنْجَحَ الرَّبُّ طَرِيقَهُ أَمْ لاَ


22 وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَتِ الْجِمَالُ مِنَ الشُّرْبِ أَنَّ الرَّجُلَ أَخَذَ خِزَامَةَ ذَهَبٍ وَزْنُهَا نِصْفُ شَاقِل وَسِوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا وَزْنُهُمَا عَشَرَةُ شَوَاقِلِ ذَهَبٍ


23 وَقَالَ: بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ أَخْبِرِينِي: هَلْ فِي بَيْتِ أَبِيكِ مَكَانٌ لَنَا لِنَبِيتَ


24 فَقَالَتْ لَهُ: أَنَا بِنْتُ بَتُوئِيلَ ابْنِ مِلْكَةَ الَّذِي وَلَدَتْهُ لِنَاحُورَ


25 وَقَالَتْ لَهُ: عِنْدَنَا تِبْنٌ وَعَلَفٌ كَثِيرٌ، وَمَكَانٌ لِتَبِيتُوا أَيْضًا


26 فَخَرَّ الرَّجُلُ وَسَجَدَ لِلرَّبِّ


27 وَقَالَ: مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي لَمْ يَمْنَعْ لُطْفَهُ وَحَقَّهُ عَنْ سَيِّدِي. إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي الطَّرِيقِ، هَدَانِي الرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي


التكوين 24: 15 - 27

أقوال القديس أغسطينوس


هذا قول يومي وتساؤل مستمر من الأغبياء والأشرار يردده أولئك الذين يتوقون إلي سلام الحياة الزمنية وهدوئها دون أن يجددهما بسبب قسوة الحياة..! كما يردده أولئك الذين يشكون في أمر الحياة المقبلة التي وعدنا بها وييأسون قائلين: من يدرينا أن هذا صحيح؟ أو من جاءنا من "المنتقلين "يخبرنا بها؟


+ لقد أظهر المرتل ما هي "الخيرات؛ مجيباً على التساؤل: من يرينا الخيرات؟ إله الخير هو أنه "قد أضاء علينا نور وجهك يا رب" (مز6:4).



هذا النور هو الصلاح الكامل الحقيقي الذي للإنسان النور الذي يراه بالقلب لا بالعين.



+ يقول "أضاء علينا " (أو ختم علينا) وذلك كما تختم صورة الملك على الفلس فالإنسان قد خلق على صورة الله ومثالة "تك26:1 " الأمر الذي أفسدته الخطية لذلك فإنه يختم الإنسان بالصلاح الحقيقي الأبدي "بالنور "في الميلاد الثاني (المعمودية).



وأظن أن هذا هو ما عناه عندما قال الرب إذ رأي العملة التي صكها قيصر (أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله "مت21:22 "فكأنه يقول كما أن قيصر يطلب منكم الختم الذي لصورته هكذا أيضاً الله!



+ إن عملته المصكوكة ترتد إليه باستضاءة النفس بالله وختمها بنور وجهه (مز6:4).



+ "يا الله إلهي أنت إليك أبكر" (مز1:63). ماذا أصنع؟ أنني أبكر ولا أنام.
+ وأي نوم لأن هناك نوم للنفس ونوم للجسد؟ إن لم ينم يخور الإنسان ويضعف جسده ولا يعود جسدنا الخائر يقدر أن يحمل نفسه يقظة ويثابر في الأعمال...



لقد وهب الله للجسد نوماً به تنتعش الأعضاء فيقدر أن يعضد نفساً ساهرة.ولكن يلزمنا أن نكون حذرين لئلا تنام النفس ذاتها لأن نوم النفس شر. صالح هو نوم الجسد إذ به تنتعش صحة الجسد أما نوم النفس فهو نسيانها لله... لذلك يقول الرسول.. "أستيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح "أف14:5. هل كان الرسول ييقظ إنساناً نائماً بالجسد؟لا بل نفساً نائمة لكي تسير وتستضيء بالمسيح.



هكذا بنفس الطريقة يقول هذا الرجل "يا الله. إلهي أنت. إليك أبكر".. فالمسيح يضئ النفوس ويجعلها مستيقظة لكن إن أبعد نوره تنام.



ولهذا السبب يقول مزمور أخر "أنر عيني لئلا أنام نوم الموت "مز3:13...

الأم تيريزا






تعتبر الأُمّ تيريزا (1910- 1997) من أهمّ الشخصيّات الإنسانيَّة التي جسّدت في مسيرة حياتها وأعمالها التُقى والخير في أجمل معانيهما. وهي في تواضعها وبساطتها والتفاتها إلى الفقير والمريض والمحروم أيّاً كان دِينه أو وطنه أو منشؤه لا تنفكّ تتربّع في أذهان الشعوب قاطبة مثالاً تحتذي به الأجيال في الإخاء الدِينيّ والتضامن الاجتماعيّ والصفاء الحقيقيّ على نحو قلّ نظيره.



ومع ما نالته الأُمّ تيريزا من تكريم عالَميّ وعربيّ واسع كانت سورية السبّاقة إلى تحيّتها. فأصدرت طابعاً بريديّاً خاصّاً يحمل صورتها، وانبرى الإعلام السوريّ يشيد عالياً بمآثرها التي تكاد لا تُحصى، ونهضت في سورية مراكز لجمعيّتها "جمعيَّة مُرسَلات المحبّة" تسير على نهجها الفريد، ومؤخَّراً سُمّيت ساحة كُبرى في حلب الشهباء باسم "ساحة العطاء – الأُمّ تيريزا"...


نشأتها


أبصرت الأُمّ تيريزا (أغنيس كونكسا بوجاكسيو) النُور في 26 آب 1910 لوالدين ألبانيّين محبّين مسالمين في يوغسلافيا السابقة في مقاطعة مكدونية - مدينة سكوبيج. وما عتّمت، في يفاعتها، أن شعرت بدافع داخليّ يحدوها على خدمة الآخَرين، وقرّرت أن تكون مرسَلة في الهند. فانخرطت، وهي في الثامنة عشرة من عمرها، في صفوف راهبات "سيّدة اللوريت" الإيرلنديّات العاملات هناك، متّخذةً اسم "تيريزا". وعُيّنت في العام 1929 في كَلكوتا عاصمة البنغال لتنهض بمهمّة التعليم.

بقيت الراهبة الأُمّ تيريزا عشر سنوات تقوم بواجباتها خير قيام، وتحظى بمحبّة الفتيات، وتعيش في جوّ فريد من السكينة والصلاة. ولكنّها في أثناء ذلك اكتشفت الوجه الآخَر لمدينة كَلكوتا. زارت الأحياء التنكيَّة المترامية الأطراف حيث يعيش الناس في فقر مدقع، ويموتون بالمئات على قارعة الطريق ويولدون بين أكوام القمامات وما من سائلٍ عنهم.


انطلاقتها
نالت الموافقة على ترك التدريس والبيئة الميسورة والانطلاق إلى "مدرسة الفقراء": بناؤها الشارع، وصفوفها الأكواخ وتلامذتها المشرَّدون والعجزة المتهالكون عناءً على الأرصفة والبرص المحكوم عليهم بالفناء وهم أحياء. وبدأت حياتها الجديدة في العام 1948 فلبست ثوب الساري الأبيض على غرار النساء الهنديّات، واختارت لها كوخاً، وراحت تُسارع إلى نجدة كلّ مَن تُصادف حولها. فكانت الخادمة والممرّضة، والعاملة والمنظّفة والمعلِّمة والمعزّية والمصلّيَّة والخاشعة... انتشر صيتها بين تلميذاتها القُدامى وشبّان كثيرين فخفّوا إلى مساعدتها ودبّت الحياة وعادت البسمة إلى تلك المقبرة الكُبرى.


جمعيَّة مُرسَلات المحبّة


وبعد دراستها الطبّ أنشأت الأُمّ تيريزا في العام 1950 جمعيَّة "مُرسَلات المحبّة" للاعتناء بأولئك الذين لا يكترث لهم أحد والمصابين بأمراض عُضال أو سارية، بدون توقّع أيّ مكافأة أو أجر. وكذلك أنشأت فرعاً للرجال باسم "مُرسَلو المحبّة" كما افتتحت "دار القلب النقيّ" لاستقبال الحالات المستعصية والمشرفين على الموت. وكان حصيلة ذلك أن انتشلت من شوارع المدينة ما يزيد على 42000 رجل وامرأة وطفل واعتنت بأكثر من 19000 مريض فأنقذتهم. انطلقت جمعيَّة الأُمّ تيريزا من الهند لتصل إلى جميع البلدان حيث الحاجة. وازداد عدد أعضائها بصورة منقطعة النظير، حتّى ضمّت مؤسَّساتها الخيريَّة لغاية العام 1997 أكثر من أربعة آلاف عضو موزَّعين في نحو 600 مؤسَّسة في أكثر من 120 بلداً



العالَم يكرِّم الأُمّ تيريزا


نالت الأُمّ تيريزا أوسمة رفيعة وجوائز عديدة: "جائزة تامبليتون ونهرو" من أجل تحقيق العيش المشترَك بين الدِيانات المختلفة والتفاهم بين الدول، وجائزة بابا الفاتيكان في العام 1971، وجائزة نوبل للسلام في العام 1979 التي خَصَّصت قيمتها لبناء منازل للفقراء في العالَم. ومُنحت جنسيّات فخريَّة عديدة لكُبريات الدول، وكَتبت عنها وسائل الإعلام العالَميَّة والعربيَّة على نحو لم تحظَ به شخصيَّة من قبل. وعُرض شريط حياتها المُثلى عبر أفلام سينمائيَّة على الشاشة الكبيرة والصغيرة في مختلف أنحاء العالَم. واتُّخذت لها مواقع عالَميَّة وعربيَّة عديدة على شبكة الإنترنت بمختلف اللغات. وتناولت سيرتها مؤلَّفات ومقالات كثيرة باللغات الأجنبيَّة والعربيَّة من بلدان متفرِّقة، وفي مقدّمتها سورية، أظهرت مكانة هذه المرأة المِعطاء في القرن العشرين هِبة للإنسانيَّة جمعاء. وقيل فيها أعذب الكلام بدءاً من الشخصيّات السياسيَّة والروحيَّة العالَميَّة المرموقة وصولاً إلى الأطفال الذين قرؤوها عنواناً من عناوين الأُمومة الغالية على قلوبهم. وسارع إلى لقائها أعلام كثيرون يعبّرون عن مؤازرتهم وتقديرهم لمساعيها النبيلة. واستقبلها رؤساء الدول وشعوبها الاستقبال اللائق بالشخصيّات العظيمة مقدّمين لها تحيَّة الإكبار والإجلال.


رحيلها

رقدت الأُمّ تيريزا في الخامس من شهر أيلول من العام 1997 وهي في السابعة والثمانين من عمرها بعد صراع مع العناء والمرض. وأُقيم لها في 12 أيلول 1997 مأتم رسميّ مُهيب ندر مثيله، ودُفن جثمانها في بيت "مُرسَلات المحبّة" الرئيسيّ في كَلكوتا مُحاطاً بأكاليل من زهور وصحائف من رثاء.

من مآثرها


من مآثرها أنها لدى تسلمها جائزة نوبل للسلام التي تبلغ مئات الآلاف من الدولارات، ارتدت الساري إياه الذي ترتديه في حياتها العاديةـ والذي يبلغ ثمنه دولارا واحدا. كما أنها طلبت إلغاء العشاء التقليدي الذي تقيمه لجنة جائزة نوبل للفائزين، وطلبت ان تعطى المبلغ لتنفقه على إطعام 400 طفل هندي فقير طوال عام كامل.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010