حديث قداسة البابا مع جريدة الوفد 1/6/2005

قداسة البابا شنودة في حوار مع الوفد: لم يتم إكراه وفاء قسطنطين علي العودة إلي المسيحية لسنا دولة داخل الدولة.. و الكنيسة أم تهتم بأبنائها قداسة البابا يتحدث إلي سناء السعيد أجرت الحوار: سناء السعيد قداسة البابا شنودة الثالث فيض زاخر من العلم والحكمة، نسيج وحدة جمع فأوعي، يغوص بك في أعماق التاريخ.. ذاكرة حية تنبض بالكثير من المشاعر، يحلل كل حدث بموضوعية ودقة.. يملك شفافية مطلقة ويصارح بالحقيقة، وطني غيور وقومي عربي من الطراز الأول تشهد له مواقفه.. موقفه من قضية القدس والتحريم الذي أصدره بمنع الأقباط في مصر من الحج إليها إلي أن تنسحب منها اسرائيل ويذهبون يداً بيد مع إخوانهم المسلمين، رفضه لقاء أي حاخامات اسرائيل، رفضه زيارة فلسطين وهي محتلة ودخول الأراضي الفلسطينية بتأشيرة ممهورة بخاتم سلطات الاحتلال الاسرائيلي، مناصرته لسوريا ولبنان وفلسطين، دعمه لجهود الرئيس مبارك حول وجوب إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل حتي لا تصبح اسرائيل هي الاستثناء في المنطقة. واليوم ومع احتفال الإخوة المسيحيين بعيد الميلاد المجيد كان هذا اللقاء مع قداسته ليتحدث في الأساس عن قضية »وفاء« زوجة الكاهن التي أثارت الكثير من الجدل.. ** بدا من الضروري الجهر وكشف الحقائق وإظهارها بعيداً عن مقولة »الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها« وعليه فإن التزام الصمت ليس هو الطريق لإنهاء أية أزمة؟ ـ وأيضاً الكلام ليس فيه إنهاء لكل أزمة، إنما يتكلم الإنسان حينما يجد آذاناً صاغية وحينما يجد مشاعر تستجيب لكلامه وهناك آية لدينا تقول: »فليصمت الحكيم في ذلك الزمان لأن الأيام شريرة«. ** قضية وفاء زوجة الكاهن تم تصعيدها إلي درجة كبيرة لتصبح قضية تصادمية بين الكنيسة والدولة، وقيل إن نيافة مطران البحيرة هو الذي نقلها من البحيرة إلي القاهرة فازدادت اتساعاً؟ ـ حدث في سوريا بعد رئاسة مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي عقد في دمشق مساء الثلاثاء السابع من ديسمبر الماضي، فقرأت خبراً منشوراً في الأهرام عن إسلام زوجة كاهن وتزوجها بمهندس مسلم، وكان موضوع اختفاء زوجة الكاهن قد أثير من قبل وكان يمكن حله علي المستوي المحلي وينتهي دون أن يسمع به أحد، وأحب أن أؤكد أن نيافة مطران البحيرة لم يوسع دائرة الموضوع، ولكن عندما اجتمع المطران ومدير الأمن والمحافظ وانضم اليهم وزير التنمية المحلية لم يستطيعوا حل الموضوع وعندها قالوا رئاستنا موجودة في القاهرة اتفقوا علي نقل المشكلة إلي القاهرة التي جاءوا إليها بالاتفاق مع الأمن. ** عامل آخر أثار الشكوك وجعل الناس تتحدث عن أن قداس جنازة سعيد سنبل كان سيجري في كنيسة خلف الشيراتون ولم يكن مقرراً له أن يتم في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وأن تغيير المكان تم خصيصاً من أجل أن يستغل الجناز للتظاهر ضد الدولة علي خلفية مشكلة زوجة الكاهن؟ ـ ما حدث أنه فجر الجمعة الثالث من ديسمبر الماضي جاءت نادية مكرم عبيد صباح الجمعة إلي الكاتدرائية تطلب أن تتم صلاة الجناز في الكاتدرائية الكبري بالعباسية إكراماً له ولكي يتمكن البابا من الصلاة بنفسه علي الراحل الكريم، بل إنها طلبت في الوقت نفسه أن تخصص القاعة التي تقع تحت الكاتدرائية ـ التي نقيم فيها إفطار رمضان ـ لتلقي العزاء، فقبلنا باجراء الجناز في الكاتدرائية واعتذرنا عن تلقي العزاء في القاعة المذكورة علي أساس أن هذا يمكن أن يجري في كنيسة أخري. ** شعر البعض بأن الحدث تم تضخيمه لاستفزاز الدولة ـ لم يحدث أبداً أن سعينا لاستفزاز أحد ولكني أقول هل من أجل امرأة واحدة تزلزل الوحدة الوطنية ولا يراعي شعور ملايين الأقباط في مصر؟ ** ألا تتفقون معي أن العقيدة تظل أمراً بين الفرد وربه؟ ـ نعم بالطبع. ** وعليه فإذا أكرهت هذه السيدة علي الإسلام فإن الإكراه لا يرتب أي أثر وبالتالي لا تصبح بموجبه مسلمة حقيقية ـ الإسلام نفسه أكد هذا »لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي« وفي قوله: »أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين«، وعليه فإن أي إنسان يكره علي دين لا يكون صادقاً في إيمانه به، ولكن المشكلة لا تنحصر في هذا الإنسان الفرد وإنما المشكلة تتعداه إلي جميع أولاده القصر الذين يساقون إلي الإسلام عندئذ بحكم القانون وعلي غير إرادتهم، وأيضاً هناك مشكلة أخري كيف يرجع عن الإسلام إذا أراد الرجوع؟ ثم هناك بيانات بطاقته الشخصية والسجل المدني وهناك ممارساته الاجتماعية وأقول هل يريد الإسلام عدداً أم إيماناً؟ ** إذن كان يجب أن يتم الالتقاء بزوجة الكاهن في مكان محايد حتي ينتفي القول بأنها أكرهت علي العودة إلي المسيحية. ـ لم تكره علي العودة إلي المسيحية، وإنما هي التي وقفت في النيابة وقالت إنها ولدت مسيحية وستظل وتموت مسيحية، ولم تذهب إلي دير وإنما كان مكاناً خالياً إذ أننا اتصلنا كي يأخذ الآباء فرصة للجلوس مع زوجة الكاهن واتفق علي المكان واشترط الأمن ألا يكون مكاناً كنسياً أو بيتاً للتكريس، وأخيراً اتفق علي فيلا تابعة لنا في أرض النعام يحيطها فناء وسور ولا مانع من وجود بعض المكرسات، اتفقنا علي هذا مع الأمن ولكنهم بعد ذلك قالوا لابد أن تذهب إلي النيابة ثانية لكتابة محضر، وفي النيابة حدثت مشكلة لمدة ساعتين حول إمكانية دخول المحامي معها، فأين هو الإكراه في الدين؟ ** ألا يمكن أن تكون وفاء قد جهرت بالعودة إلي المسيحية بينما هي في أعماقها تلتزم بعقيدة الإسلام التي تحولت إليها؟ ـ هذا لم يحدث، ولا أريد أن أتحدث عن الموضوع أكثر من هذا يكفيها أنها أثارت حدثاً بات ساحة للكلام والشائعات. ** الشائعات تشعل المواقف دوماً! ـ أياً كان فلا يمكن لأي امرأة أن تتزوج رجلين في وقت واحد. ** تكون زانية؟ ـ تكون هي والرجل معاً قد وقعا في الخطية. ** يقال إن قداستكم صعبتم قضية الطلاق مما حدا ببعض المسيحيين إلي تغيير الملة أو تغيير المذهب أو الدين للظفر بالزواج مرة أخري؟ ـ الأمور الخاصة بالزواج والطلاق هي تعاليم الإنجيل التي لا استطيع معارضتها، فمعروف في المسيحية وحدة الزيجة، بل اننا نحن الأرثوذكس أسهل بكثير من الكاثوليك الذين لا يسمحون بالطلاق علي الإطلاق. ** حتي في حالة الزنا؟ ـ ولا حتي لسبب الزنا وإنما يحكمون بالانفصال الجسماني وتبقي الزوجية قائمة أما إذا هي فضلت زوجاً علي المسيح فهنا يكون أمر آخر. ** من الصعب إذا كان هناك نفور بين الزوجين أن يستمرا معاً تحت سقف واحد وفي حالة إجبار، فهذا ضد ناموس الطبيعة؟ ـ لأن الزواج يكون مرة واحدة طالبت بضرورة التدقيق في اختيار الزوج ضماناً لزواج لا تفصم عراه، ولنفرض أنها تزوجت ولم تطقه وتركته إلي آخر فإن هذا الآخر قد يتحول إلي شخص لا يطاق وعندها تتركه إلي ثالث وهكذا دواليك. ** هناك من يردد أن المسيحية ليس فيها تشريع فالمسيحي يمكن أن يقبل أي نظام يحكمه لأن دينه ليس فيه شريعة معنية في الزواج والطلاق والمعاملات وفي العلاقات الدولية. ـ المسيحية وضعت شريعة للزواج تتميز بها وهي شريعة الزوجة الواحدة وكذلك الزواج الديني (وليس المدني أو العربي) وفي ذلك قال السيد المسيح في الزواج: »ما جمعه الله لا يفرقه إنسان«، وكذلك فإن المسيحية وضعت تشريعاً في الطلاق في أنه لا يكون لأي سبب، فالمسيحية تقول إنه لا طلاق إلا لعلة الزنا وتوجد لهذا آيات كثيرة في الإنجيل، وبالنسبة للمعاملات فلقد وضعت المسيحية شرائع كثيرة في المعاملات ومنها مبادئ المحبة والتسامح والمغفرة للمسيء واحتمال الضعفاء والعطاء للمحتاجين بغير حدود وما إلي ذلك. ** الكنيسة لعبت دوراً في الافراج عن المعتقلين وظهرت بذلك وكأنها تتبني سياسة لي الذراع مع أجهزة الدولة. ـ الذي حدث بالضبط هو العكس وأعني بذلك لي ذراع الكنيسة بالقبض علي أبرياء لا علاقة لهم بالأحداث، لأن رجال الشرطة لم يدخلوا إلي داخل فناء البطريركية ليقبضوا علي المتجمهرين وإنما قبضوا علي أشخاص خارج الكاتدرائية ولا علاقة لهم إطلاقاً بالأحداث، ومثال ذلك أن شاباً جاء يومها ليحضر الاجتماع الذي أعقده كالعادة مساء كل أربعاء، فقيل له إن الاجتماع قد ألغي لسفر البابا فخرج لكي يعود إلي بيته فقبضوا عليه وصار من المحبوسين بينما لا دخل له في التجمهر. ** الشرطة اعتقلت من أثاروا الشغب وقذفوا رجالها بالطوب. ـ ما حدث أن الشرطة هي التي صعدت إلي سطح الكنيسة البطرسية وخلعوا البلاط من أرضية السقف وضربوا الشباب المتجمهر وحدث أن جرح أحد الآباء الكهنة وجرح معه آخر وهنا رد عليهم الشباب، بيد أن هؤلاء الشباب لم يقبض عليهم وإنما قبض علي آخرين ليس لهم علاقة بالأحداث. ** تحويل الكنيسة إلي منبر سياسي ومنطلق للمظاهرات يتناقض مع مفهوم المواطنة؟ ـ الكنيسة لم يكن بها أية مظاهرات ولكن ما حدث كان في فنائها، وهذا يحدث في كل مكان، واتساءل إذا حدثت مظاهرات في فناء الجامعة هل يسأل عنها رئيس الجامعة؟ المظاهرات تحدث في الجامعات وفي الأزهر وفي النقابات ولا يعني ما حدث أن الكاتدرائية قد تحولت إلي منبر سياسي. ** ظهر وكأنه بات مطلوباً من الكنيسة أن تنوب عن المواطن في رعاية مصالحه ـ لو أن كل مصالح الشخص كانت مرعية تماماً لما كانت الكنيسة لتبذل أي مجهود في ذلك، ولكن الكنيسة تقوم بواجبات عديدة جداً في مجال العناية بالفقراء والمحتاجين وأيضاً العناية بالمرضي ممن لا يملكون نفقات العلاج ولا ثمن الدواء وتقوم أيضاً بواجبات اجتماعية كثيرة للذين لا يجدون مسكناً أو لا يملكون نفقات الزواج، وبالتالي يحضر إليها كل من لم يجد حلاً لشكواه فلربما تستطيع الكنيسة أن تتوسط له لدي المسئولين لحل مشكلاته، ونحن حالياً نجد أن رسالة المسجد قد تطورت أيضاً لتشمل العناية بالجماهير من نواح متعددة بما في ذلك فصول دراسية للتقوية بالنسبة للتلاميذ وعلاج المرضي. ** هناك من قرأ ما حدث علي أن الكنيسة قد تحولت إلي وطن أو بالأحري دولة داخل الدولة، ولا شك أن أمراً كهذا من شأنه أن يحدث الالتباس ـ بالطبع لسنا دولة داخل الدولة، وإنما معني ما تقوم به الكنيسة أنها كأم تهتم بأبنائها في كافة احتياجاتهم علي قدر استطاعتها وهي بذلك تساهم مع الدولة في حل مشكلات الجماهير. ** أي أنها لم تصبح بديلاً عن الدولة ـ الذي يحدث أن أصحاب المشكلة يتصلون بالمسئولين لحلها فإذا لم يجدوا حلاً يحاولون اللجوء إلي مستوي أعلي وهكذا تنتقل أحياناً مشكلات الجماهير إلي العاصمة، وعليه فإذا حضر أشخاص إلي البطريركية فإن ذلك نابع من ثقتهم في أن البطريركية يمكنها أن تكون وسيطاً بينهم وبين المسئولين لرفع شكواهم إلي القيادات. ** معني هذا أنه لا صحة لما ذهب إليه البعض من أن وجود خلل ما في العلاقة بين الدولة والكنيسة هو الذي أدي إلي تزايد الشعور بين الأقباط بأن الكنيسة هي الملجأ الأول والأخير لهم؟ ـ ما قلته بوضوح يؤكد أنهم يلجأون إلي الكنيسة لكي تتوسط لهم عند الدولة، وهذا شيء ينفع الدولة لكي تشعر بنبض الجماهير واحتياجاتهم. ** مازال هناك انطباع لدي البعض بأن قضية وفاء قد تم تضخيمها لاستفزاز الدولة ـ علاقتنا بالدولة علاقة طيبة إنما الذي حدث هو تجاوزات من رجال الشرطة وأيضاً عدم تجاوب القيادات المحلية في حل المشكلات مما جعلها تنتقل إلي العاصمة. ** ماذا عن أقباط المهجر، هناك من غذي قصة اضطهاد الأقباط في مصر.. بل إن أحدهم أرسل بياناً لشارون يستعين به لرفع الاضطهاد عن الأقباط ـ لنفرض أن مجنوناً خرج ليقول كلاماً غير معقول هل نحاسب عليه؟ هذا إذا حدث وكان ذلك صحيحاً، معروف البابا شنودة ومواقفه حيال اليهود وهذا الخبر الذي توردينه الآن ولد ميتاً ولم يحدث أن كان له أي تأثير لأنه يدخل في حدود اللامعقول. ** قبل منتصف فبراير قتل 12 قبطياً في المنيا، وفي الخامس من مارس من نفس العام وقعت جريمة الكنيسة في أبوقرقاص، وفي الثامن من مارس توجه الرئيس مبارك إلي واشنطن، وفي سنة 2000 ومع استقبال عام جديد وقبل توجه الرئيس مبارك إلي واشنطن في مارس وقعت أحداث الكشح، أواخر عام سنة 2004 أيضاً وعشية أعياد الميلاد الجديد بزغت هذه القضية، اتساءل هل هذا من قبيل الصدفة أن يجري توقيت الأزمة في فترات منتقاة بعناية؟ ـ أرد عليك بدوري فأقول من الذي يتسبب في إثارة هذه الأزمات؟ لماذا يلجأ البعض إلي التحرش بالأقباط أو الاعتداء عليهم قبل سفر الرئيس حتي إذا احتج الأقباط ضد هذا التحرش وضد هذا الاعتداء يعتبرونهم مذنبين، وهنا أتذكر قول الزعيم سعد زغلول حينما قال: عجبت لقوم إذا رأوا ضارباً يضرب ومضروباً يبكي يقولون للمضروب لا تبك دون أن يقولوا للضارب لا تضرب. ** هذا يعود بنا إلي أقباط المهجر ممن يلجأ بعضهم إلي الاستقواء بأمريكا في محاولة منهم للتحريض ضد الدولة.. ما هي رؤيتكم؟ ـ بالنسبة لموضوع أمريكا والمهجر أقول لك أنت تعرفين ما من مرة أذهب فيها إلي أمريكا إلا وأدافع عن مصر وأزور السفارة أو القنصلية، وفي المرات السابقة اجتمعت أيضاً في القنصلية العامة بنيويورك مع اخوتنا المسلمين لكي نتفق علي عمل مشترك من أجل المهاجرين هناك ولقد زاروني في مقري في »جيرسي ستي« والعلاقات بيننا علاقات محبة، أما من جهة المهجر فيوجد مهاجرون مسلمون أيضاً من كل البلاد العربية والإسلامية، ونحن غير مسئولين عن أي عمل فردي يقوم به شخص ما، ولا تنسي أن هناك أيضاً أعمالاً فردية يقوم بها بعض المسلمين ولا تلقي فيها المسئولية علي الكل، فالتعميم هنا خطأ وعليه لست مسئولاً عن شخص ارتكب حماقة كهذا الذي قيل إنه كتب إلي شارون يستحثه علي رفع الاضطهاد عن أقباط مصر. ** اسرائيل تتربص بنا وتستهدف تفتيت الوحدة الوطنية وزعزعتها وزرع بذور الفتنة الطائفية.. هل ترون أن ذلك وارداً؟ ـ ولماذا لا نقول إن اسرائيل أيضاً هي السبب في زلزال جنوب شرق آسيا، لقد اعتدنا أن نلقي بالتبعة في هموم مشاكلنا علي اسرائيل وأمريكا، ونحن لا ننكر أن بعض مشاكلنا يدخل في هذا المجال ولكن ليس الكل، فهناك مشاكل داخلية خاصة بمصر لا علاقة لاسرائيل بها، إن صلابة مصر من الداخل لا تسمح لأي عنصر خارجي بأن يفتتها مثال ذلك الجنادل الستة في مجري النيل المعروفة خطأ بالشلالات تعصف بها المياه من كل ناحية ولا تزحزحها من مكانها، فينبغي أن نكون هكذا دون أن نلقي بكل المسئولية علي الخارج، أما من جهة اسرائيل فمعروف موقفي منها. ** علي ذكر أمريكا واسرائيل ماذا بالنسبة للحديث الذي يدور حول المسيحية الصهيونية بوصفها بدعة لا علاقة لها بالمسيحية؟ ـ لا يوجد شيء يسمي المسيحية الصهيونية إنما قد يوجد مسيحيون في أمركيا تؤثر عليهم الصهيونية، فالصهيونية لا تؤمن بمجيء المسيح حتي الآن، ولا تؤمن بالمسيحية تبعاً لذلك، وبالتالي فكلمة مسيحية صهيونية تعبير غير منطقي وتصحيحه هو وجود بعض المسيحيين المتأثرين بالصهيونية أو أشخاص مثل شهود »يهوا« والسبتيين الأدفانتست، ففي عقائدهم ما يتلعق باليهود وهؤلاء لا نعتبرهم مسيحيين. ** في حديث لي معكم منذ سنوات دعوتم إلي انشاء مكتب للوحدة الوطنية بحيث يتبني علاج كل القضايا التي تؤثر في الوحدة الوطنية.. ما هي رؤيتكم اليوم؟ ـ المهم أن يكون مكتباً فعالاً يبحث المشاكل في صراحة تامة وشفافية مطلقة، ويتصل بالمسئولين لحل هذه المشاكل علي أرض الواقع. ** مع عيد الميلاد المجيد.. ما هي الحكمة التي يوردها قداسة البابا شنودة في هذه المناسبة؟ ـ الخير ليس مجرد سلبية في البعد عن الشر وإنما له دوره الإيجابي في الأعمال الطيبة، وهنا قد يقول القائل أنا لا أؤذي فنقول له هذا لا يكفي وإنما يجب أن تنفع الآخرين، فلا يكفي أنك لا تكون عثرة وإنما ينبغي أن تكون قدوة، أما الحكمة التي أسوقها هنا فتقول إذا وجدت ناراً تشتعل فلا تلق عليها وقوداً. ** قلتم لي يوماً.. في تاريخنا المعاصر لم توجد صداقة مثل الصداقة الحادثة اليوم بيني وبين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ـ نعم.. علاقتي بفضيلة الإمام الأكبر قوية وراسخة.. ليست لدينا مشكلة مع القيادات الدينية الإسلامية فكلهم أصدقائي وأحبائي، والناس يعرفون تماماً مقدار الصداقة العميقة الموجودة بيني وبين فضيلة شيخ الأزهر وبيني وبين فضيلة الدكتور وزير الأوقاف وسأقوم بزيارتهم جميعاً في عيد الأضحي إن شاء الله. ** وسط ما يحدث في العالم اليوم ومع العولمة هل مازالت هناك قيم تستحق أن ندافع عنها الآن؟ ـ طبعاً لولا القيم ما عاش أصحاب القيم، كون أن البعض يدوس عليها أو يتجاهلها لا يعني أنها غير موجودة، بل حتي الذين يدوسون عليها يعترفون بوجودها، يعني الذين يهاجمون الحق يدافعون عن الحق ولكن يقولون إن الحق في جانبهم، وبالتالي لا يمكن أن نقول إن الحق غير موجود وإنما هو كقيمة موجودة، ولكن ما تعريفه وما حدوده؟ فهذا أمر مختلف عليه. ** متي يمكن للإنسان أن يعود ليكون سيد مصيره أم أن ذلك أمر من الصعب تحقيقه؟ ـ الإنسان سيد مصيره في النواحي الأدبية، أقصد السلوك الأدبي الذي يكون له تأثير علي مصير الإنسان في الأبدية.. في العالم الآخر، والله خلق الإنسان حراً في إرادته هو الذي يقرر هذا المصير بسلوكه في الحياة إن خيراً أو شراً، أما المصير في العالم فهناك أمران، أمر منهما في إمكانية الإنسان وهو ما يدخل تحت عنوان لكل مجتهد نصيب، فالإنسان يستطيع أن يتحكم في مصيره باجتهاده بأمانته بحرصه علي أن تكون نتائج أعماله في صالحه، ومع ذلك حتي هذه الأمور يمكن أن تتدخل فيها عوامل أخري مضادة، ولكن بقدر الإمكان فالإنسان الذي يسير في طريقه وتصدمه عربة من العربات لا يكون هذا في نطاق تقرير مصيره وإنما تتدخل فيه أخطاء الآخرين، أي أن الإنسان يبذل جهده بكل سبيل ولكن ربما يقع عليه ضرر نتيجة أخطاء الآخرين، كما يقول الشاعر تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. ** هل يمكن أن تتحول المدينة الفاضلة إلي حقيقة معاشة؟ ـ إذا عاش الناس في المثاليات من الممكن أن تتحقق، لكن عملياً لا يعيش الناس في المثاليات والمدينة الفاضلة حلم من أيام أفلاطون وأيام أغسطينوس، ومع ذلك فالعالم لا يسير بطريقة مثالية حتي يكون مدينة فاضلة بالمعني الذي قصده الفلاسفة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010