1- الكذب

1- الكذب

أسبابه- أنواعه- نصائح

بقلم قداسة البابا شنوده الثالث



1- الكذب

الكذب خطية مزدوجة. تخفي وراءها في الغالب خطية أخري. إنه إما غطاء لخطية سابقة. أو حيلة لخطية لاحقة.

وهو حل سهل يلجأ إليه الضعفاء وغير الأذكياء. لعلهم يخرجون به من مشكلة ما. ولكنه كثيرا ما ينكشف.. فيلجأ الكاذب إلي كذبة أخري ليخفي بها الأولي. وهكذا يدخل في حلقة مفرغة من الأكاذيب. لا يعرف متي تنتهي به!

والانسان الكاذب لا يثق به أحد. وكلامه موضع شك. حتي إن قال صدقاً. يشك الناس في صدقه. وقد يلجأ إلي القسم ليثبت قوله. فيشك الناس في أقسامه. ذلك لأن كلامه قد فقد هيبته ووقاره..!

والشيطان هو أول كاذب. ومصدر لكذب يوزعه علي البشر

***

2- ناقل الكذب

والكذب إما يكون مباشراً أو غير مباشر. ولذلك فإن ناقل الكذب يعتبر كاذباً. وشريكاً في الكذب ونشره

ويدخل تحت هذا العنوان: مروجو الشائعات الكاذبة. وقد يقع في هذا الأمر أيضا: البسطاء الذين يصدقون كل ما يسمعونه. ويتكلمون عنه كأنه حقيقة. ودون فحص وتأكد. وفي الحقيقة لا نستطيع أن نسمي هؤلاء بسطاء. فالبساطة ينبغي أن تمتزج بالحكمة. هم إذن قد يكونون سذجاً. ولا تعفيهم هذه السذاجة من المسئولية.

كذلك من يسمع أمثال هؤلاء في ما ينقلونه. ثم ينقله بدوره إلي غيره. يشترك في نقل الكذب وفي نشره. وكان ينبغي أن يكون مدققاً..

***

لذلك ما أعمق الحكمة التي تقول: لا تصدق كل ما يقال:

لو كنا نعيش في عالم مثالي كل ما فيه صدق. لكان من الممكن أن نصدق كل ما يقال. ولكن مادام الكذب موجودا في العالم. فيجب علينا أن ندقق ونحقق قبل أن نصدق.

لذلك من العدل أنه علي فم شاهدين أو ثلاثة تقوم كل كلمة .

إن الشاهد الوحيد أو المبلّغ الوحيد للخبر. لا يؤخذ حجة. إذ قد يكون جاهلاً بحقيقة الأمر. أو علي غير معرفة وثيقة بما يقول. أو قد يكون مبالغاً. أو ربما يكون قد سمع خطأ. أو أن مصادره التي استقي منها المعلومات غير سليمة. أو قد يكون غير خالص النية فيما يقول. وله أسباب شخصية تدفعه إلي طمس الحقائق. أو إلي الدس والوقيعة بين الناس. أو له رغبة في إيذاء شخص معين..

وربما لا يكون مبلغ الخبر عدواً. وإنما هو مجرد شخص محب للفكاهة. يقول كلاماً معيناً بقصد المزاح ليري مدي تأثيره..

***

فلا يصح أن يشك أحد في تصرفات صديقه أو حتي عدوه بسبب كلام كان قد سمعه عنه. بدون تحقيق دقيق

ولكن ربما يقول القائل: إني لم أسمع هذا الكلام من شخص واحد فقط. وإنما من كثيرين.. أجيبه بأنه لا يجوز أن تحكم عن طريق السمع بدون تحقيق. حتي لو كان ما سمعناه من كثيرين..

فما أكثر ما يكون كلام الكثيرين- علي وفرة عددهم- له مصدر واحد مخطئ!

ما أكثر ما تتفق جماعة كبيرة من الناس علي كذب مشترك. لأنه كثيرا ما قام شهود زور كثيرون ضد بعض الأبرار. كذباً وبهتاناً.. لهذا لا يصح الاكتفاء بكلام شهود كثيرين. إنما يجب أن يكونوا شهداء صالحين. شهادتهم موضع ثقة. ويكونون هم أيضا واثقين بما يقولونه. ولم يصل إليهم بمجرد السماع.

***

لا يجوز أن يميل الانسان أذنه لسماع الاتهامات الباطلة أو الشائعات غير الموثوق بها. وإلا انطبق عليه قول أمير الشعراء:

أثّر البهتان فيه ... وانطوي الزور عليه

يا له من ببغاء ... عقله في أذنيه

مسئولية الشهادة الزور لا تقع علي المتكلم فقط. بل علي السامع أيضا فالذي يسمع الكذب ويقبله. إنما يشجع الكاذب علي الاستمرار في كذبه.. كما أنه يحيط نفسه بأشرار يتخذون أذنيه مصباً لأقوالهم.. ما أكثر الاتهامات التي كلها كذب ودس ووقيعة.. والأشرار لم يتركوا الأبرار في سلام. بل يدبرون لهم تهماً ربما لا يستطيعون أن يفلتوا منها. وقد لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم. وتكون التهمة الباطلة محبوكة حبكاً عجيباً. حسب خبرة الشيطان في تدبير الشر..

***

إن كان نقل الكلام خطيئة ويسبب مشاكل. فإنه أخف الناس ضرراً من ينقلون الكلام كما هو. كما يفعل مسجل الصوت "الريكوردر" الأمين الصادق. الذي لا يزيد علي ما قيل شيئا..!

إنما ما أعمق شر الذين ينقلون الكلام بعد أن يضيفوا عليه رأيهم الخاص واستنتاجاتهم وأغراضهم. أو ما يدعونه عن قصد المتكلم ونيته!

ويقدمون كل ذلك لغيرهم كأنه الكلام المباشر الذي نطق به من قد سمعوه!!



انظروا ماء النيل وقت الفيضان. وهو بني اللون من كثرة ما قد حمل من الطمي.. هذا الماء البني المشبع بالطين. كان في وقت من الأوقات ماء صافياً رائقاً عندما نزل مطراً من السماء علي جبال الحبشة. ولكنه طول رحلته في الطريق. ظل ينحت الطمي من الأرض والجبل. حتي وصل إليك بهذه الصورة.

هكذا كثير من الأخبار التي تصل إليك. مشبعة الطين. كانت رائقة صافية في أولها. والفرق بينها وبين مياه الفيضان أن طينه مفيد للأرض. أما الطين الذي يضعه الناس أثناء نقلهم للكلام. فهو مضر جداً يفسد علاقات الناس بعضهم ببعض..

***

ما أكثر الأخبار التي تصل إليك. وتكون مختلفة تماما عن الواقع! قد يتهمون شخصا ما بأنه قال وقال. ويكون هذا الشخص بريئاً ولكنه لا يدافع عن نفسه. ولا يكون سكوته دليلاً علي ادانته: ربما سبب سكوته. أنه ليس من طبعه أن يدافع عن نفسه. أو قد يمنعه تواضعه أو خجله. وربما اثبات براءته يجعله يكشف أسرارا يحرص- في حكمه- في اخفائها. أو ربما براءته تدين آخرين وتكشف أخطاءهم. وهو- في نبله- لا يشاء ذلك. وربما اثبات براءته يجرّ عليه مشاكل أخري من الحاقدين عليه المتهمين إياه. وأحيانا يكون الشر قاسياً ومخيفاً وطاغياً. ويكون السكوت أفضل. وربما يكون هذا الساكت تاركاً الأمر لله يدافع عنه. دون أن يدافع هو عن نفسه وربما لا يكون عارفا بما يدبر له. وفي كل ذلك يأتي من يشيع عليه بالكذب أنه مدان!

***

إن مبرئ المذنب. ومذنِّب البرئ. كلاهما لا يرضي عنهما الله ذلك لأن كلا منهما ضد الحق. وما يقوله كذب. وهذا الكذب لا يرضي عنه الله. ولكن ربما يقول شخص: حقا إن مذنب البرئ شخص ظالم وكاذب. ولكن ما خطية "مبرئ المذنب"؟ أليس عمله محبة وعطفا؟ كلا. ولكي اشرح ذلك أضرب لك مثلاً:

لنفرض فتاة فاضلة تقدم لخطبتها شاب. وأنت تعلم عنه أنه شرير ومتعب. وإن تزوجها سوف يذيقها المرّ. فإذا أخذوا رأيك فيه. هل تبرئه وهو مذنب؟! وبهذا تضيّع مستقبل تلك الفتاة المسكينة الفاضلة!! وهل تظن نفسك بريئاً إذا ما قدمت عنه مديحاً باطلاً تتم به مأساة هذا الزواج؟!

***

مثال آخر: انسان فقير ترشحه عند أحد أصدقائك من رجال الأعمال. ليشغل وظيفة وهو غير كفء لها علي الاطلاق. أو أنه غير أمين يدفعه الفقر إلي السرقة. وسيكون كل ذلك متلفاً للعمل ولا يحمل أمانة واخلاصاً لصاحب العمل.. هل هذا الشخص إن برأته أمام صديقك. ورشحته وامتدحته. اشفاقاً منك علي فقره. هل تكون مرضياً لله. وأنت "مبرئ المذنب"؟ أم تكون شاهد زور مذنباً أمام الله. وخائناً لصديقك. ولا يعفيك عطفك علي الفقير!! الكذب هو الكذب. مهما اختفي أمام أسباب تبدو فاضلة.

***

3- أنواع من الكذب

* من بين أنواع الكذب: النفاق والمحاباة:

النفاق قد يأخذ اسماً آخر هو الملق وكلاهما يعنيان المديح الزائد مثل مديح موظف لرئيسه. أو قروي لعمدة بلده. أو ما أشبه.. ونري أن كثيرا من الوصوليين. يصلون إلي أغراضهم بغير وجه حق. عن طريق ملق زائف غير مبني علي حق. ويرون ذلك الطريق السهل.. وقد وقع في هذه الخطيئة كثير من الشعراء بمديح نالوا به عطايا وأموالا بحجة أن "الشعر أعذبه أكذبه".

ويزيد خطيئة النفاق بشاعة. إن كان صاحبها بوجهين: أي يتملق شخصا في وجهه. ويذمه في غيبته!

والبعض قد يحابي أهل الميت. فيمدحونه وقت تأبينه مديحاً بما ليس فيه. بأسلوب يتعب الحاضرين. ويفقدهم الثقة في كلام التأبين!

***

* ومن بين أنواع الكذب: الرياء:

وذلك بأن يظهر الانسان في صورة يراها الناس علي غير حقيقته. وتكون له صفتان مضادتان لبعضهما البعض: الصورة الحقيقية وهي رديئة وبشعة وصورة أخري جميلة ومجيدة وهي التي يراها الناس ولذلك سمي هذا بالرياء. وكثيرا ما ينكشف. وعنه قال الشاعر:

ثوب الرياء يشف عما تحته.. فإذا التحفت به فإنك عاري

* ويتبع هذا الرياء. أنه يمدح الانسان نفسه بما ليس فيه

ويظهر هذا واضحا فيما يسمونه "الفخر" ومن هذا الفخر ما يبدو فيه الكذب واضحاً جداً. ولكنه في صورة بلاغية جميلة. وذلك كقول الشاعر:

ولو أرسلت رمحي مع جبان.. لكان بهيبتي يلقي السباعا

***

* ومن أنواع الكذب أيضا: المبالغة:

وواضح أن المبالغة ليست كلها حقاً ولا صدقاً. أيا كان نوعها في المديح أو الذم. بالنسبة للمتكلم أو عن الآخرين. وغالباً ما تكون كلمة "كل" أو كلمة "جميع" تحمل مبالغة ليست كلها صدقاً. كأن تقول: كل سكان البلد الفلاني بخلاء!! وقد يكون بينهم من يتصفون بالكرم. ولكنك تعني الغالبية. وتكون كلمة "كل" ليست صادقة.

* ومن أنواع الكذب أيضا: أنصاف الحقائق:

بأن يخفي المتكلم النصف الآخر من الحقيقة. الذي بذكره يعطي معني عكسياً. مثل اخفاء عيوب انسان. وذكر فضائله فقط. أو العكس بإظهار عيوبه فقط وتقديم صورة مشوهة عنه. وصدق الذي قال: إن أنصاف الحقائق ليس فيها إنصاف للحقائق.

***

* ومما يزيد أنواع الكذب بشاعة:

* إن كانت شخصية الكاذب كبيرة. وكلامه موضع ثقة عند سامعيه. فيصدقونه. وينتقل كذبه إلي كثيرين يتحدثون به.

* أو إن عظمت مكانة من يكذب الكاذب عليه. فيضيف إلي خطية الكذب عدم احترام ذلك الكبير.

* أو إن تناول الكذب موضوعات تمس عقائد الناس. مثل أخطاء العرافين. ومدعي النبوة. ومن ينادون بمعرفة الغيب. وما أشبه.

***

4- أسباب الكذب وعلاجه

ظن بعض أن الكذب ينجّي ويلجأون إليه لاخفاء خطية معينة.

و نصيحتي لهؤلاء أن حبل الكذب قصير. ولابد أن ينكشف. فتصير الخطية أكبر. وعموما فإن الشئ الذي يخاف الانسان من انكشافه. يجب عليه ألا يفعله. وبهذا يستريح من خطايا كثيرة.

* يلجأ البعض إلي الكذب بسبب الخوف أو الإحراج. أو إلحاح الذي يسأل.

ونصيحتنا أن السكوت أفضل من الكذب. لذلك اصمت. أو غير مجري الحديث. أو اعتذر عن عدم الاجابة. أو تكلم بالصدق في الحدود التي تستطيعها. أو تكلم بصراحة وشجاعة. ودافع عما تراه حقا. أو اعتذر عن خطأك.

* وقد يكون الكذب بسبب الكبرياء واخفاء للجهل.

ونحن نقول إنه لا يضر الانسان أن يقول في بعض الأمور: لا أعرف.

* وقد يكون سبب الكذب اضطرارات وظيفة معينة:

كالمحامي الذي يدافع عن مذنب.. ونحن نريد المحامي النزيه الذي يهدف إلي العدل كما كان يفعل غاندي. إن اضطر إلي الدفاع عن مذنب يشرح الظروف التي أدت إلي ارتكابه الجريمة. بدون أن يكذب.

***

*أخيرا هناك سؤال: هل إخفاء بعض الحقائق يعتبر كذباً؟

كلا.. وإن كان الأمر الذي يتعلق بخصوصيات أو أسرار تتعلق به أو بغيره ولا يجوز له أن يكشفها. وبخاصة ما يتعلق بسر المهنة. كما أن هناك أمورا من الضرر البالغ اذاعتها إلا من المسئولين في وقت مناسب. ويمكن أن تقول لمن يسألك: اعفني من هذا السؤال.
موضوع رائع جدا يا يوستينا

" * ومن أنواع الكذب أيضا: أنصاف الحقائق:

بأن يخفي المتكلم النصف الآخر من الحقيقة. الذي بذكره يعطي معني عكسياً. مثل اخفاء عيوب انسان. وذكر فضائله فقط. أو العكس بإظهار عيوبه فقط وتقديم صورة مشوهة عنه. وصدق الذي قال: إن أنصاف الحقائق ليس فيها إنصاف للحقائق."

مرة قالى لى احد
لو سالك احد على شيء ولا تريد ان تقول له قل له لا اعلم
قال ان السيد المسيح قال لهم لا اعلم الساعة وهو يعلم
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

لا اقول ان السيد المسيح يكذب ولكن اقول اننا نحلل رد السيد المسح خطا
رايكم ايه ؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010