المسيح قام...بالحقيقة قام 2
================
بقلم: المتنيح الأنبا غريغوريوس
====================
إننا كمسيحيين كما نفخر بقيامة المسيح المجيدة,وانتصاره علي الموت فاتحا أمامنا الرجاء بقيامتنا نحن معه نمجد أيضا صلبوته الذي فيه وبه تجلت محبة الله ورحمته بغير حدود ونفتخر بالصليب ولانعتبره عارا بل مجدا وفخارا نحمله في قلوبنا وفوق رؤوسنا وعلي صدورنا وبأيدينا نزقه بالوشم علي سواعدنا ومعاصمنا مرددين مع الرسول القديس بولس قوله:أما أنا فمعاذ الله أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به صار العالم مصلوبا عندي وصرت أنا عند العالم مصلوباغلاطية 6:14.
وعلي الرغم من فرحنا بعيد القيامة واعتزازنا بأمجاد القيامة مع ذلك كان ومازال الصليب علامة المسيح,أنتم الذين أمام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوباغلاطية 3:1وقد صار بالتالي علم المسيحية.فإذا كان المسيح ملكنا والكنيسة هي مملكته الروحية,ولكل مملكة علم.فالصليب هو علم المسيحية.ولقد استفر في ضمير العالم ذلك حتي إن الكتاب والمؤلفين وغيرهم ممن يتحدثون في مصر عن الوحدة الوطنية ويشيدون بالمحبة والألفة التي تربط بين المسلمين والمسيحيين وتجمع بينهما في خدمة هذا البلد يعبرون عن هذه الوحدة برسم الصليب إلي جانب الهلال:الهلال يرمز إلي الإسلام,والصليب يرمز إلي المسيحية.إذن الصليب هو علم المسيحية الذي يكني به عن يسوع المسيح الناصري المصلوب ذبيحة من أجل خلاص الإنسانية وفدائها وإحيائها:
ولقد قام المسيح من بين الأموات بسلطان لاهوته..إنه لم يقف علي قبره أحد ليقيمه كما وقف هو بجلاله علي قبر لعازر وأقامه من الموت بأمره بعد أن صار له في القبر أربعة أيام.
قام المسيح من بين الأموات علي الرغم من القبر ومن الحجر الكبير الذي دحرجوه علي باب القبر ليغلقهمتي27:60,مرقس15:46,وعلي الرغم من الختم الملكي الذي ختم به القبر.قال الإنجيل:وفي الغد الذي بعد الجمعة أي في صباح السبتاجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون عند بيلاطس قائلين:إننا نذكر ياسيدنا أن ذلك المضل قال وهو حي:إني بعد ثلاثة أيام أقوم.فأصدر أمرك بحراسة القبر حراسة محكمة حتي اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلا ويسرقوه ويقولوا للشعب إنه قام من بين الأموات فتكون الضلالة الأخيرة شرا علينا من الأولي.فقال لهم بيلاطس:إن عندكم حراسا,فاذهبوا واحرسوه كما يبدو لكم.فذهبوا واحكموا إغلاق القبر وختموه وأقاموا الحراس عليهمتي27:62-66.
قام المسيح علي الرغم من الحراس المدججين بالسلاح,ولم يكونوا نائمين عندما قام لكنهممن شدة الخوف ارتعد الحراس وصاروا كالأمواتمتي28:4وأصبحوا علي الرغم من مؤمرات رؤساء اليهود وتدبيراتهم شهودا علي قيامة المسيح فقد جاءوا إلي المدينةأورشليموأخبروا رؤساء الكهنة بكل ما حدثمتي28:11ومع ذلك لم يشأ رؤساء اليهود المعاندون أن يؤمنوا فيخلصوا.قال الإنجيلفاجتمعوا بالشيوخ وتشاوروا ثم أعطوا الجند مالا كثيرا قائلين:قولوا إن تلاميذه قد أتوا ليلا وسرقوه فيما نحن نيام.فإذا بلغ ذلك مسامع الوالي أقنعناه ودفعنا عنكم الأذي.فأخذوا المال وقالوا كما لقنوهم.فشاع هذا القول بين اليهودمتي 28:12-15فإذا كان الحراس نائمين فكيف عرفوا أن تلاميذه هم الذين أتوا ليلا وسرقوه؟وما هي مصلحة التلاميذ العزل وقد كانوا هاربين من شدة الخوف,حتي إنهم ذهبوا وغلقوا علي أنفسهم القاعة أو العلية التي كانوا يقيمون فيها-ما مصلحتهم في أن يسرقوا جثة ميت؟وكيف للحراس وكانوا كثيرين أن يناموا جميعهم معا ولا يتنبه أحد منهم إلي فعل السرقة الذي يعد عملية انتحارية لاداع ولا مسوغ لها.؟!
لقد قام المسيح من بين الأموات والقبر مغلق ومختوم.وهل يحتاج المسيح إلي ملاك أو إنسان ليفتح له القبر حتي يخرج منه؟أليس هو الذي خرج من رحم البتول الطهور مريم العذراء علي الرغم من بتولتها التي ظلت مصونة دون أن تمس وكأنها لم تلد.؟
أليس هو الذي دخل بعد قيامته إلي العلية التي كان تلاميذه مجتمعين فيها وقد غلقوا أبوابها بإحكام خوفا من اليهود الذين كانوا يطاردونهم ولشدة دهشتهم من رؤياه بينهم علي الرغم من أنه لم يدخل من باب أو شباك,فزعوا وارتعبوا وقد ظنوا أنهم يرون روحا.فقال لهم:مابالكم مضطربين ولماذا تثور شكوك في قلوبكم؟انظروا إلي يدي وإلي قدمي.إني أنا هو بنفسي.جسوني وتحققوا فإنه ليس للروح لحم ولاعظام كما ترون لي.وفيما كان يقول هذا أراهم يديه وقدميه....وقال لهم:هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم إذ قلت لكم:إنه لابد أن يتم كل ما هو مكتوب عني في شريعة موسي ونبوءات الأنبياء والمزامير...وقال لهم:هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن يتألم المسيح ثم يقوم من بين الأموات في اليوم الثالثلوقا24:36-46.
خرج المسيح إذن من القبر وهو مغلق كما خرج من بطن العذراء وأبواب البكارة موصدة مختومة وكما دخل إلي العلية وأبوابها مغلقة توكيدا لحقيقة الوهيته.
ولقد توكد هذا عند المسيحيين حتي إن مريم المجدلية التي ظهر المسيح لها أول ما ظهر بعد قيامته وظنت في مبدأ الأمر أنه البستاني حيث كان الظلام لايزال مخيما علي الوجود وقالت له:إنهم أخذوا سيدي ولا أعلم أين وضعوه فإن كنت أنت الذي حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه فالتفت إليها المسيح يسوع,وبينما هي تبكي والدموع أغشت علي عينيها...قال لها بصوته المألوف لديها:يامريم!فعرفته وقالت له بالعبرانية:ربوني,أي يامعلم!يوحنا20:14-16.
هذه مريم المجدلية,ذهبت بعد قيامته المجيدة إلي روما,لتحمل البشري إلي طيباريوس قيصر وروت له أحداث الصلب والقيامة وقدمت شرحا للقيامة وسيلة إيضاح:بيضة,وقالت للامبراطور إن البيضة إذا كانت ملحقة وبها جنين حي فالجنين ينقر البيضة ويخرج منها هكذا خرج المسيح من القبر وهو مغلق لأن المسيح الحي لايموت.وهذا هو السبب في تقليد البيض الملون باللون الأحمر الذي يكثر في بيوت المسيحيين في يوم القيامة وشم النسيم والأيام التالية.
أما البيضة فهي ترمز إلي قيامة المسيح من القبر وهو مغلق أما اللون الأحمر فهو دائما يشير إلي دم المسيح الذي سفك علي الصليب من أجل الخلاص.
هذا هو عيد القيامة المجيد وهذه هي معانيه التي نتذاكرها في كل سنة.ومما هو جدير بالملاحظة أن عيد القيامة يقع دائما في الربيع.والربيع هو فصل الأمل وإشراق الرجاء فيه نري الطبيعة التي تجمدت بالبرد والصقيع تنتعش بالحياة من جديد..النبات وقد سقطت اوراقه بعد أن شاخت تتولد فيه أوراق خضراء جميلة شابة,بألوان زاهية مبهجة للعيون ومفرحة للروح والنفس..فإذا كان الشتاء يرمز إلي الموت والفناء فإن الربيع يرمز إلي الحياة وإلي التجديد..وهكذا يجيء عيد القيامة بعد الصلب والموت,معلنا انتصار الحياة علي الموت والأمل والرجاء علي اليأس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.