لتكن مشيئتك ... يا أسطى

نزل الباشمهندس من بيته قاصداً مقر عمله الجديد. و لكنه لم يكن يعرف عن هذا العمل سوى العنوان، و لكنه لم يذهب إلى هناك من قبل. توقف الباشمهندس فى الشارع و أستوقف سيارة أجرة (تاكسى) لتقله إلى مقر علمه و دار بينه و بين سائق التاكسى هذا الحديث:
الباشمهندس: صباح الخير يا أسطى.
السائق: صباح الفل يا باشا .. على فين إن شاء الله.
الباشمهندس: عايز أروح الشارع اللى فيه النادى الأهلى فى مدينة نصر. بس أنا مش عارف السكة و أول مرة لىّ أنزل فيها مدينة نصر أساساً. تعرف السكة يا أسطى؟!
السائق: إتفضل يا بيه .. صباحنا فل إت شاء الله.
ركب الباشمهندس فى المقعد الأمامى بجوار السائق حتى يستطيع أن يتعرف على معالم الطريق. فمدينة نصر هذه لم يزورها طوال حياته. فى الحقيقة هو لم يخرج من محافظة الجيزة إطلاقاً. فمدرسته هناك، و عندما إلتحق بكلية الهندسة كان مجموعه يؤهله للإلتحاق بكلية الهندسة جامعة القاهرة. و ها هو تخرج فيها و إلتحق بعمل بسيط يناسب خريج حديث إلى أن قادته الظروف لأن يعمل فى شركة كبيرة فى مدينة نصر. و ها هو ينطلق خارج محافظة الجيزة لأول مرة. و لماذا كان يخرج خارج محافظته و يوجد بجواره كل وسائل الترفيه، و المطاعم، و الملاهى، و دور السينما.
السائق: أول مرة تنزل مدينة نصر يا باشا؟!
أفاق الباشمهندس من أفكاره على صوت السائق.
الباشمهندس: أيوه يا أسطى .. طول عمرى عايش و بأدرس و بأشتغل فى الجيزة.
السائق: الطريق الساعة دى من الجيزة لمدينة نصر بيبقى زحمة قوى علشان المدارس و الكليات. غير الناس اللى بتروح أشغالها. بس أنا رايح جاى فى الطريق ده بقى لى فوق الـ30 سنة. و حافظه كويس.
الباشمهندس: بس وحياتك يا أسطى مش عايز أتأخر أحسن ده أول يوم لىّ فى الشغل الجديد.
السائق: يا بيه ما تشغلش بالك. هو إنت معادك هناك الساعة كم؟
الباشمهندس: المفروض أبقى هناك على الساعة 9 بالضبط.
السائق: يعنى قدامنا ساعة و ربع. إن شاء الله توصل فى المعاد بالضبط. صحيح الطريق زحمة، بس العبد لله يعرف تخريمة كويسة بحيث نبعد عن إشارات المرور و زحمة الطلبة.
الباشمهندس: الله يخليك يا أسطى.
السائق: (يدير جهاز الراديو و ينطلق صوت المذيع فى برنامج طريق السلامة) فال حلو يا باشمهندس. أهه الراديو بيغنى لك بالسلامة يا حبيبى بالسلامة.
الباشمهندس (مبتسماً) ربنا يسهل. أنا معتمد عليك أوصل فى المعاد.
السائق: خلّى توكالك على الله يا بيه. إن شاء الله نوصل فى المعاد.
الباشمهندس: يا رب. أنا مطمن علشان إنت عارف الطريق و مش قلقان.
السائق: كله على الله يا بيه.
وصل السائق إلى شارع رمسيس و الباشمهندس جالس يتأمل فى الطريق حتى يستطيع أن يتعرف على الشوارع. و قرب ميدان العباسية كانت يوجد حادثة تصادم. ضرب الباشمهندس كفاً بكف و قال:
الباشمهندس: يا ساتر يا رب. دى حادثة ولا إيه؟!
السائق: الظاهر كده يا بيه. تحب ناخد طريق صلاح سالم ولا الأتوستراد؟!
الباشمهندس: أنا ما عنديش أى فكرة أساساً. إنت أدرى. شوف السكة المناسبة لأنى ما أعرفش بصراحة.
السائق: على بركة الله. إن شاء الله خير. ولا تقلق نفسك. سكة أبو زيد كلها مسالك .. مش كده يا باشمهندس.
الباشمهندس (مبستماً): إن شاء الله خير. طالما إنت عارف الطريق يبقى سوق زى ما يعجبك. المهم نوصل فى المعاد بإذن الله.
السائق: كله على الله. بس يمكن أحب أخرم من الحى السابع من وراء. بس الطريق ده سريع و حيوصلنا بسرعة فى المعاد. ماشى؟!
الباشمهندس: مافيش مشكلة.
السائق: أصل دلوقت حتلاقى صلاح سالم و الأتوستراد واقفين.
الباشمهندس: مكسر مدغدغ مش فارقة. المهم نوصل فى المعاد.
السائق (منطلقاً بالسيارة متفادياً الحادث): يبقى على بركة الله. أصلى قلت يعنى ما يصحش أمشى بسعادتك فى طريق مكسر. بس الطريق المسفلت مش حيوصلنا غير متأخرين.
الباشمهندس: براحتك يا أسطى ... أنا سايبك تعمل اللى إنت عايزه. يعنى 30 سنة خبرة فى الطريق، و عارف المكان اللى أنا رايحه، و عايزنى أقول لك تروح فين و تيجى منين؟! بقى ده إسمه كلام؟!

و ترك الباشمهندس نفسه - و هو الرجل صاحب الشهادة العليا و خريج الجامعة - لسائق التاكسى - النصف متعلم - يقوده إلى حيث لا يدرى لأنه يثق فى خبرة السائق و معرفته بالطريق.

حد فهم حاجة؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
فى مثل مصرى ( اغلبها من سفر الامثال )
ادى العيش لخبازه حتى لو اكل نصه
لانى لو خبزته هحرقه كله
" الرب يحارب عنكم وانتم تصمتون "
"انتم هياكل الرب وروح الله يعمل فيكم "


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010