كيف نحيا حياة العفة و الطهارة؟!

كيف يحيا الشاب/الفتاة حياة العفة والطهارة
++++++++++++++++++++



هناك حكمة تقول "الوقاية خير من العلاج".
و الوقاية تتم قبل دخول المرض إلى جسم الانسان، أما لو دخل الميكروب فى الجسم سيحتاج الانسان علاج.
لذلك فنحن نبدأ فى حياة العفة و الطهارة بالوقاية قبل دخول الميكروب (فساد الفكر و الجسد)، و ذلك يتم عن طريقين:

1- طريق الهروب:
يقول المثل الشعبى "الجرى نص الجدعنة" - و الهروب فى الحياة الروحية كل الجدعنة. و هذا ليس خوفاً و لكنه قوة. لسنا أقوى من داود النبى الذى كان يوحى إليه الروح القدس بالمزامير التى يرنمها. هذا المرنم الذى قال عنه الله أن قلب داود حسب قلبه لم يهرب من شهوة النظر، فنظر إلى إمرأة أوريا الحثى، و النظرة قادت إلى خدعة، و الخدعة إلى جريمتى قتل و زنا. لذلك يجب أن نهرب من الخطية لأننا لسنا أقوى من داود، و لسنا أقوى من شمشون الذى ضرب مئات من الفلسطينيين و الذى سقط بسبب الأخذ و الرد مع دليلة حتى إستهتر بحماية الله له فى المرات التى تسبق سقوطه فأفصح لها عن سر قوته و سقط ذليلاً فى يد الفلسطينيين. فالخطية "طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها اقوياء" ( أم 7 : 26 ).
يقول الكتاب المقدس "اهرب لحياتك . لا تنظر الى ورائك ولا تقف في كل الدائرة" (تك 19 : 17) - أى لا تدخل إلى الشر و أنت تظن إنك أقوى منه، لا تتفرس فى صور و أغانى خليعة و تقول أنك أقوى منها، لا تشاهد أفلاماً أو مواقع إباحية و أنت توهم نفسك بأن هذا على سبيل حب الاستطلاع و الفضول و أنك قادر على الحفاظ على فكرك طاهراً. يقول سفر الأمثال "أيأخذ انسان نارا في حضنه ولا تحترق ثيابه؟! او يمشي انسان على الجمر ولا تكتوي رجلاه؟!" ( أم 6 : 27 ، 28 ).
عند حصار قائد جيوش سنحاريب ملك آشور لمدينة أور شليم و محاولته إستمالة شعب إسرائيل إليه بالتهديد مرة و الوعيد مرة فى عهد حزقيا الملك نرى أن أوامر حزقيا صدرت للشعب بعدم الرد على قائد الجيش بشئ (2 مل 18 : 36 ). لأن الأخذ و الرد مع الشيطان يعطى مجالاً للحروب الروحية، أما الهروب فيقفل الأبواب فى وجه الشيطان و يجعله لا يجد الفرصة للمحاربة.
لعلنا نتحجج بكثرة الحروب التى تصادفنا كل يوم فى الشارع و التليفزيون و الانترنت من مناظر و مواقع جنسية و إباحية. و لكن هل كل هذا يمثل شئ بالنسبة لحرب ضد الطهارة و العفة تشنها إمرأة رئيس الشرطة على شاب يخدم فى القصر و لا يوجد من رقيب، و الاختيار ما بين العفة أو السجن؟! إن من أفضل الأمثلة على الهروب من أجل العفة يوسف الصديق الذى كان شاباً، حسن الطلعة، فى عنفوان شبابه و فى سن حرجة، الذى كان يحارب جسم الجريمة - و ليس صور و مناظر فقط. و لقد كان يوسف فى وضع حرج جداً لأنه مطرود من إخوته الذين باعوه، و يعمل كخادم فى بيت رئيس الشرط، و البيت خاوى إلا منه و من زوجة فوطيفار. إلا إنه إستطاع أن يحفظ عفته بالهروب من تذكار الشر الملبس الموت. لذلك فبولس الرسول ينصح تيموثاوس - و هو أسقف و ليس شابا عادياً - و يقول له "اما الشهوات الشبابية فاهرب منها" ( 2 تى 2 : 22 ). و نرى الوحى الإلهى لا ينصح بمواجهة الشهوات الشبابية، أو بمقاومتها، أو بالانتصار عليها - بل يبدأ من الأساس و يقول (إهرب) إذ أن الوقاية خير من العلاج. لذلك فالجهاد الأول فى العفة هو جهاد الهروب. و المثل الشعبى يقول "ما يقع إلا الشاطر".
الهروب أيضاً ليس من الخطية الظاهرة - بل من الخطية التى تأتى متزينة بزى الفضيلة. مثل شاب متفوق تقصده فتاة محتاجة لدروس تقوية فى مادة ما و بذلك يضطر أن يختلى بها ليساعدها على الاستذكار. هذه الحرب تأتى فى شكل إشفاق و مساعدة و عمل رحمة، بينما هى ذئاب فى ثياب حملان. أو مثل شابة تعرضت لتجربة عاطفية أو مشكلة عائلية فتلجأ لشاب تثق فيه لتبثه همومها و تفرغ ما فى قلبها من ضيق لديه لأن الله أنعم عليه بالحكمة و المشورة الحسنة. لذلك فالكنيسة الأرثوذوكسية تؤمن بالوقاية التى هى خير من العلاج، و تدقق فى هذه الأمور كثيراً فنراها تلزم فى الانشطة المختلطة وجود خادم و خادمة، و تحذر الخادم من التساهل فى التعامل مع البنات، و تلزمه بإرسال أى فتاة لديها مشكلة إلى خادمة و ذلك لأن الخادمة تشعر أكثر بما تشعر به الفتاة، و كذلك لتقى الخادم و الفتاة من أى فرصة للحروب الشيطانية التى تأتى فى ثياب الحملان.
الهروب ليس فقط من الخطايا أو أشباه الخطايا - بل بالحرى من منبت الخطية و هو الفكر. فالخطية لا تولد خطية و إنما تبدأ بفكرة. النبتة الفاسدة من الأسهل إقتلاعها و هى بعد صغيرة، أما لو كبرت و إستفحلت فاقتلاعها صعب جداً.

2- طريق الجهاد و الإمتلاء
ماذا يعنى الامتلاء؟! الامتلاء يعنى شغل و ملء الوقت، و لا يترك الانسان نفسه بلا شئ مفيد يعمله. فالانسان الذى لديه وقت فراغ كبير لديه وقت كبير لحروب الفكر، فالقكر يعمل حينما الجسد يتوقف عن العمل. فالراهب لا يعيش حياة عشوائية على أساس أنه متفرغ للتأمل و الصلاة فقط. لذلك فالراهب حتى ينجح فى الحروب الروحية يجب أن يكون له قانون فيأكل بمقدار معين، و يصلى بمقدار معين، و يعمل بيديه بمقدار معين. لذلك يجب أن نملأ كل دقيقة فى حياتنا بعمل إيجابى لأن الدقيقة الفارغة هى دقيقة الحظ للشيطان و التى ينتظرها بفارغ الصبر. فى حديث لقداسة البابا شنودة الثالث مع إحدى القنوات الفضائية أجاب عن سؤال "ماذا تفعل فى وقت فراغك؟" قائلاً: أنا عمرى 75 سنة و لا أعرف ماذا تعنى كلمة وقت الفراغ. إن قداسته لم يترك فرصة للشيطان يحاربه بشغل وقته.
كذلك الامتلاء يعنى الامتلاء من الله بالقراءة و الصلاة و التناول. فالذى يتناول و يقرأ و يصلى ليس لديه وقت ليقع فى الخطية سواء بالفكر أو بالفعل. فى إحدى العظات يقول أحد الكهنة: أسفل الوسادة يوجد شيئين ينتظرانك قبل النوم. إما إنجيل لتطهير الفكر، أو أفكار شيطانية لتنجيسه. فقراءة الكتاب المقدس قبل النوم تطهر الفكر قبل النوم، و تبحر إلى العقل الباطن الذى يستدعيها فى شكل أحلام. أما الذى يترك نفسه للأفكار النجسة لتتغلغل فى أعماق عقله الباطن فهو الذى يسقط فى خطايا العادة السرية و الاحتلام الناتج عن أحلام نجسة. الإناء المملوء يقف فى وجه الريح، أما الاناء الفارغ فتهزه أقل ريح. فماذا يملأ فكرك؟ الأغانى و الأفلام و الفيديو كليب و الصور الخليعة، أم الله هو الذى يملأ فكرك و يقدسه؟!
ماذا لو تسللت الخطية و لم تعد القضية وقاية بل علاج؟
++++++++++++++++++++++++++++++



ماذا لو تسلل الفكر إلى الداخل و أصبح الموضوع أسوأ، و اللذة بالفكر، و تصوير الفكر الذى يقود إلى السقوط .. فماذا أفعل؟ يجب أن نعلم أن الله أعطانا السطان أن ندوس الحيات و العقارب و كل قوات العدو (من صلاة الشكر). أى أننا من خلال المسيح أخذنا قوة الانتصار على الشيطان. لذلك فالقول بأن الشيطان شاطر و أنه اقوى مننا ليس قولاً ذو معنى ولا يحمل أى جانب من الصحة. المشكلة تكمن فى الحارس الذى يقف على باب الفكر و الكيان الانسانى و يسمى بالارادة. فالشيطان يشن حربه على الإرادة قبل كل شئ لأنه طالما سقطت الأرادة فهى كسقوط أسوار أريحا التى تليها غزو شامل من الشيطان. فى الحروب الحديثة يتم ضرب أسلحة الدفاع الجوى من رادار و صواريخ قبل أى شئ حتى يسبح سلاح الطيران المعادى فى السماء بلا رقيب و لا ضابط و لا مضايقات، و يبدأ فى إصطياد الأهداف الحيوية كيفما شاء. بل إنه يقوم بعمل طلعات إستعراضية بعد ذلك يستعرض فيها مهاراته. و طالما سقطت أسلحة الدفاع الجوى يمكن لأى طائرة صغيرة التحليق فى السماء دون مضايقة من أحد و التلاعب بالأهداف الاستراتيجية و تدميرها. كذلك الارادة إن سقطت يتم غزو النفس البشرية بجميع حروب الشياطين حتى أن أصغر شيطان سيصبح له القدرة على إسقاط الانسان فى أى خطية.
و لكن إن رمى الشيطان بأفكاره الشريرة فى الفكر فليس معنى هذا أن هذا هو السقوط لأن هناك عنصر آخر فى المقاومة و هو الجهاد. يجب علىّ أن أجاهد بكل ما أوتيت من قوة على تغيير الفكر. كأن يأتى فكر يحثنى على أن أقوم و أفتح شبكة الانترنت على مواقع إباحية أو أفلام جنسية. فى هذه الحالة يجب أن أصد هذا الفكر بفكر آخر و أهرب إلى الكتاب المقدس. و يستحسن أن أترك كل الدائرة ولا أنظر إلى الوراء - أى أن أترك الغرفة التى يوجد بها جهاز الكمبيوتر و أذهب لأقرأ فى الكتاب المقدس فى غرفة أخرى. و إن رمى الشيطان فى داخل النفس حرباً ضد قراءة الكتاب المقدس علىّ بترك المكان كله و الخروج لزيارة أحد الأقارب أو الأصدقاء المشهود لهم بالتقوى حتى أهرب من إختلاء الشيطان بىّ فى وحدتى. كل هذا ينظر له الله على إنه جهاد ضد الشيطان، فيمد يد المعونة الإلهية ليبدأ هو فى الحرب عنى ضد الشيطان و أفكاره و خيالاته. لو كانت الحرب تأتيك و أنت نائم على ظهرك فعليك بتغيير وضع نومك. بل أكثر من ذلك لو أن الانسان حروب بفكر نجس أثناء قراءة الكتاب المقدس بسبب قصة ما، أو فى أثناء قراءة كتاب مسيحى يناقش قضية الجنس و الزواج - مثلاً - فعلى الانسان ترك الكتاب المقدس أو الكتاب المسيحى جانباً و تغيير نشاطه إلى نشاط آخر. إنها مثل المحاورة فى كرة القدم، فلو كان المدافع فى الجانب الأيمن قوى يتم نقل الهجمة عن طريق الجبهة اليسرى، و لو تم إغلاق الجبهة اليسرى فيتم الهجوم من العمق حتى يصيب الانسان هدفاً يرجوه و هو الانتصار على خصمه اللدود.

الخطوة الثانية فى العلاج بعد تغيير الفكر بفكر هى الجهاد، و يقول بولس الرسول فى رسالته إلى العبرانيين "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" ( عب 12 : 4 ). فالمقاومة ليست مقاومة عادية بل مقاومة حتى الدم. و لقد قاوم شباب و شابات كثيرات حتى الدم فعلياً ضد خطية النجاسة. لذلك يذكر لنا تاريخ الكنيسة قصة ذلك الشاب الذى فشل أحد الولاة فى إقناعه - بالتهديد و الترغيب - بترك المسيح. فقال أحد الوزراء للوالى أن المسيحيين يحبون الموت عن الوقوع فى الزنا و النجاسة. فأمر الوالى بأن يبرط الشاب و هو نائم عارياً إلى أعمدة السرير، و يؤتى له بإمرآة ساقطة لتوقعه فى خطية النجاسة. فلما دخلت المرأة على الشاب و هو مربوط و بدأت فى محاولة إثارته جنسياً بوسائلها السمجة الرخيصة لم يجد الشاب عضواً حراً يحارب به المرأة سوى لسانه. فقضم لسانه و بثقه فى وجه المرأة مع الدم الغزير الذى سال من فمه الطاهر، فارتعبت المرأة و هربت، و حافظ هو على طهارته و عفته. و يحكى تاريخ الكنيسة أيضاً عن بربيتوا شهيدة قرطاجنة و التى أورد سيرتها يوسابيوس القيصرى أنها طرحت لبقرة وحشية حتى تكسر عظام الشهيدة. و حينما هجمت البقرة على الشهيدة و نطحتها طارت الشهيدة فى الهواء عالياً قبل أن تصطدم بقوة بالأرض. لم تنس هذه الشهيدة و عظامها محطمة أن تجذب طرف ثوبها الذى كان قد إنحسر قليلاً ليكشف عن ساقيها. و هناك أيضاً الشهيدة بوتامينا العذراء الراهبة العفيفة التى إحتالت على الجنود العرب بخدعة الزيت السحرى الذى لا يؤثر فيه السيف. و أقنعت قائد الجنود أن يجربه فى رقبتها بدلاً من إغتصابها و يتركها مقابل أن تعطه ذلك الزيت. و بالفعل دهنت الشهيدة رقبتها بالزيت و هوى قائد الجند بسيفه على عنقها فانفصل رأسها عن جسدها الطاهر و هرب الجنود و قائدهم. و القديسة لوتشيا التى قلعت عينيها لما رأت أن أحد الأمراء يريد أن يتزوجها بسبب جمال عينيها، فأخذت سكيناً و بشجاعة لا يقوى عليها أشجع الرجال إقتلعت عينيها و وضعتهما فى طبق، و خرجت تتخبط و الدماء تنزف من وجهها لتعطى الأمير عينيها فى طبق ما دام أعجب بهم. و هناك أيضاً سمعان الخراز الذى قلع عينه بالمخراز لما نظر إلى ساق إمرأة فاعجبته، و إستحق أن يحقق نقل جبل المقطم حرفياً لأنه نفذ الآية و قلع عينه التى أعثرته حرفياً. كل هؤلاء أمثلة عن الجهاد حتى الدم ضد الخطية، فأين نحن من هؤلاء؟! كل مقاومة نقدمها من أجل الحفاظ على الطهارة يوضع بسببها أكليل فى السماء حتى لو كانت المقاومة هى بالهروب من الخطية. و يحكى أب كاهن عن أحد الشباب الذى كان يقضى فترة تجنيده بالقراءة فى الأجبية و الكتاب المقدس. فأقام عليه الشيطان حرباً مستغلاً إثنين من الجنود زملاءه أحدهما مسيحى و ذلك بخدعة عن طريق المجند المسيحى الذى ذهب إلى هذا الشاب التقى قائلاً له أن الزميل الغير مسيحى يريد أن يتعلم قراءة الكتاب المقدس و الصلوات المسيحية، و كان الهدف من هذه الخدعة هو إيقاع هذا الشاب فى خطية نجاسة و فضح أمره لأنه شق عليهما أن يرياه تقياً. و بكل طيبة قلب وافق هذا الشاب التقى على الاجتماع بالشاب الغير مسيحى لتعليمه الدين المسيحى. و كان الاتفاق على أن يلتقى بهما فى أحد البيوت بعيداً عن المعسكر حتى لا ينكشف أمر الشاب الغير مسيحى. و كان هذا المنزل هو الشرك الذى أحضروا له فيه إمرأة ساقطة لتسقطه فى الخطية بعد أن دفعا لها مبلغاً من المال و أفهماها أنه لن يستجيب بسهولة. فقبلت المرأة من باب التحدى حتى تسقط هذا الشاب العفيف. حاول الشاب معها باللين أن تتركه فرفضت. فما كان منه إلا أن ظل يصرخ مستغيثاً "يا رب أرحم .. يا رب ارحم". فما كان من زملاءه الذين ينتظرون فى الخارج أن يدخلوا و يصرفوا المرأة حتى لا يفتضح أمرهما. هذه القصة حدثت من 10 سنوات أى أن هذا الشاب من جيلنا و ليس من زمن الشهداء. و يحكى أن شاب آخر من هذا الجيل - ليس كاهناً ولا راهباً - كان يقول أن الجسد لو لم نجهده لصار وحشاً يفترسنا، و كان يجهد جسده بالنوم على الأرض فى كل ليلة حتى لا يسقط فى خطية نجاسة. كل هؤلاء سيقفون ليديننا الله بهم يوم الدينونة لأنهم مثلنا و فى مثل أعمارنا و فى مثل ظروفنا و لكنهم جاهدوا حتى الدم.

النقطة الأخيرة فى العلاج من خطايا الفكر النجس و العادات الرديئة هى الشجاعة و عدم اليأس. يوجد إنسان يصيبه مرض و لكنه يموت بسبب يأسه و إنخفاض روحه المعنوية، و هناك من شفى من مرض الإيدز بعدم الاستسلام للمرض و المقاومة. يقول مار أفرام السريانى "كما أنه على الجثة تجتمع النسور فعلى النفس اليائسة تجتمع الشياطين". فالانسان اليائس هو جثة يجتمع عليها الشياطين. فليس شيطان أقوى من شيطان اليأس الذى يظل يحارب فى الانسان حتى يسقط الانسان فى خطية التجديف على الروح القدس و يرفض عمله فيه، فيطفئ الروح القدس و يموت فى خطيته. ما أجمل أبيات الترنيمة التى تقول:

قال لى الشيطان خطاياك ... خلّت يسوع ينس
اك

إنها مثال لما يقوله شيطان اليأس لكل نفس بشرية. و لكن يجب علىّ أن أرد على هذا الشيطان قائلاً "لا تشمتي بي يا عدوّتي . اذا سقطت اقوم . اذا جلست في الظلمة فالرب نور لي" ( مي 7 : 8 ). إنه رد مملوء شجاعة و قوة يقهر شيطان اليأس. فلا يجب أن نيأس من الخطية و لا نخجل منها "لان الصدّيق يسقط سبع مرات ويقوم . اما الاشرار فيعثرون بالشر" ( أم 24 : 16 ). فالانسان الشجاع هو الذى يضرب الشيطان فى مقتل قائلاً له: نعم .. لقد سقطت و لكنى بمعونة الله سأقوم، و سأتوب، و سأذهب لأب إعترافى لأفضحك أمامه، و سيقبلنى الله كما قبل الابن الضال حينما رجع إليه منتن برائحة الخنازير التى كان يرعاها، و رائحة العرق من طول السفر. يذكر بستان الرهبان قصة راهب حورب بالزنا حرب مرة جداً حتى أنه كان يسقط فى هذه الخطية كثيراً، و لكن هذا الراهب تميز بميزة خطيرة جداً بأنه لم يفقد رجاؤه أبداً. فكان يسقط و يقوم ليصلى إلى الله طالباً المعونة ليتوب حتى أن الشيطان ظهر له قائلاً: كيف تجرؤ أن تصلى إلى الله و أنت مملوء نجاسة و زنا؟! فأجابه الراهب قائلاً: إن كنت أنت تنجح و تسقطنى فى الخطية و تضربنى بمرزبة (عصا غليظة) الزنا، فأنا أيضاً بصلاتى يقيمنى المسيح لأضربك بمرزبة الصلاة. و يذكر بستان الرهبان أن الله نظر إلى جهاد هذا الراهب و نصره على حرب الزنا و لم يسقط فيها بعد. و هناك شيطان آخر يحبس الشباب و الشابات فى خطية النجاسة - سواء بالفعل أو بالفكر - عن طريق تقييدهم بسلاسل الخجل، فيخجل الشاب أن يذهب إلى أب إعترافه ليعترف بخطية النجاسة حتى لا يغير أب إعترافه فكرته عنه كشاب طاهر. إنها حرب الذات مختبئة فى زى الخجل، فتجعل الانسان يخجل من تراب مثله و تحت الضعف مثله، و لا يذكر الديان العادل الذى سيكشف كل الأفكار الخفية التى جاءت فى المخدع و ينادى بها علانية أمام جميع الملائكة و الخليقة. فالانسان يخسر فرصة الاعتراف سراً و طرح خطيته فى بحر النسيان بسبب خجله، فيأتى عليه يوم الدينونة لتفتضح خطاياه علانية أمام الخليقة كلها .. و يقف الشيطان بعيداً يضحك ساخراً من هذا الشاب الذى سقط بسبب خجله. و حيث أن خطية الفكر النجس تحارب أكثر ما تحارب الرهبان الحديثى العهد بالرهبنة، فيتقال للراهب الجديد "إكشف الفكر و لا تخفه عن أبيك الروحى". إن الأب الروحى يقوم بغسل ثيابنا الملطخة بالخطية فى دم المسيح حتى تبيض. إن فضح الفكر بشجاعة يحرق الشيطان و يجعله غير قادر على العمل. و عدم اليأس من السقوط فى نفس الخطية مراراً كثيرة يجعل الروح تشتعل أكثر و أكثر و تقوى فى داخل الانسان، و يحسب كل هذا جهاداً من أجل الحفاظ على الطهارة.


ربنا يحمينا و يحفظنا من خطايا النجاسة، و يبعد عنا الأفكار الشريرة، و ينظر إلى جهادنا و يستسمن محرقاتنا و ذبائحنا ببركة و شفاعات كلية الطهر العذراء أم النور القديسة مريم
آميـــــــــــــــــــــــــــــن

قد يتساءل الشباب بصيغة إستنكارية أحياناً عن إمكانية الحياة بعفة و طهارة فى هذا العصر و كأن العفة و الطهارة هى حالة شاذة و إستثنائية و القاعدة العامة هى النجاسة و الدنس. و هذا المفهوم خطير جداً لأنه لو إتبعنا هذه القاعدة لأصبح الله شريكاً فى تلك الجريمة لأنه هو الذى خلق فينا الغريزة الجنسية. فإن كان الله خلق فينا غريزة تقود العامة إلى النجاسة و الدنس فهو شريك فى النجاسة و الدنس أيضاً. حاشا!! لذلك رأيت أن أستكمل ما بدأته فى موضوع العفة و الطهارة بمناقشة الغريزة الجنسية من وجهة نظر مسيحية حتى يمكننا أن نرى أن العفة و الطهارة ممكنة للجميع و أنها هى القاعدة و ليست النجاسة و الدنس و الزنا و كل خطايا الفكر الغير طاهرة.

فى المجتمع الشرقى يوجد عدة نظرات غير سليمة للجنس، فحينما تذكر كلمة الجنس تجد أناس يصفونها بأن هذه الكلمة مرتبطة بقلة الحياء و الأدب، بينما ترتبط عند البعض بالشهوة و الغريزة، و قد يراها آخرون أنها مرتبطة بالحيوانية، و الكثير من الآباء و الأمهات يخجلون فى الإجابة عن أى مواضيع جنسية قد يتساءل عنها الأولاد لدرجة أن هناك بعض الشباب و الفتيات يتزوجون و هم يحملون فى ذهنهم صورة مشوهة عن الجنس عرفوها أثناء فترة المراهقة من أترابهم، و ذلك لأن مصدر المعرفة الموثوق فيه (الأسرة) كان يخجل من الكلام فى هذا الموضوع مع أبناءه إذ إنهم ينظرون للجنس نظرة مشوهة كما قلنا سابقاً. بل أن الأهل قد يشتكون إلى أب الاعتراف أن أولادهم قد فسدوا و انحرفوا و بدأوا يسألون أسئلة عن الجنس.

لذلك دعونا نرى كيف تنظر المسيحية إلى الجنس كغريزة خلقها الله كلّى الصلاح فينا، و الله لم يخلق شيئاً ردياً بل كل شئ "حسن جداً" ( تك 1 : 31 ). إذن الجنس فى المسيحية مكرم جداً لأن الله خلقه و الله لن يخلق شهوة ردية، و لكن الرداءة هى فى عقولنا الفاسدة و التى تفسر بعض الأشياء بمفهوم خاطئ نظراً لفساد طبيعتها بعد السقوط. إن العلامة أوريجانوس العملاق فى تفسيراته و دراساته فى اللاهوت قد أساء فهم العفة لأنه أساء فهم الجنس من وجهة النظر المسيحية فمضى و خصى نفسه حتى يعيش عفيفاً، و لذلك حرمته الكنيسة و لم يصبح قديساً فى الكنيسة الأرثوذوكسية - بل أصبح يلقب بالعلامة أوريجانوس لأنه بما فعله قد أهان الله ذاته لأنه إعتبر أن الغريزة الجنسية شئ دنس. و لقد قام العلامة أوريجانوس بهذه العملية نتيجة التفسير الحرفى لآية "لانه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون امهاتهم. ويوجد خصيان خصاهم الناس . ويوجد خصيان خصوا انفسهم (ناذرى البتولية) لاجل ملكوت السموات. من استطاع ان يقبل فليقبل" ( مت 19 : 12 ). و بالرغم أن المسيحية تكرم جداً المتبتلين و الرهبان إلا أن هؤلاء الرهبان لما وجدوا فى الحياة لولا الغريزة الجنسية التى خلقها الله فى البشر و العلاقة الجسدية بين الأب و الأم. إذاً الجنس مكرم جداً طالما هذا الجنس هو جنس عفيف.

قد يتساءل البعض كيف يكون الجنس عفيفاً بينما العفة تعنى التعفف عن الجنس - أى الامتناع عنه؟!! و ذلك يعكس مفهوم خاطئ عن العفة لأن العفة لا تعنى الامتناع و إنما تعنى الممارسة السليمة بالقدر السليم فى الوقت السليم فى الظروف السليمة. فلو فرضنا أن إنساناً متعفف عن الطعام أو كما نقول - عينه مليانة - فهل هذا يعنى ألا يأكل؟! أم إنه يأكل بكميات سليمة فى أوقات معينة؟! فلو أكل هذا الانسان كيفما شاء وقتما شاء فى أى مكان يشتهى فيه الطعام لصار حيواناً لإنه خضع لغريزة الأكل التى خلقت فيه. و بالتالى لو كان مفهوم العفة يعنى الامتناع لصار التعفف عن الطعام سبب وفاة هذا الانسان من الجوع. كذلك الانسان الذى يخضع للغريزة الجنسية متى ألحت عليه هو حيوان أيضاً لأنه يسير حسب غرائزه التى تقوده كيفما شاءت. لذلك العفة فى الجنس لا تعنى الامتناع عنه بل ممارسته حسب الغرض الذى خلقه الله من أجله. لذلك قد تكون نصيحة أب الاعتراف أحياناً فى فترة الصوم لإنسان ما بكسر الصوم الانقطاعى إن كان هذا ضد طبيعة عمل شاب ما حتى لا يخور جسده من الصوم و يضر نفسه و عمله، و ذلك لأن الكنيسة تكرم الجسد جداً و خاصة بعدما تجسد رب المجد يسوع المسيح و أخذ جسداً مثلنا تماماً فتقدس الجسد فى السيد المسيح. كذلك الجنس فى المسيحية مكرم جداً و نجد الوحى الإلهى يقول لنا "ليكن الزواج مكرما عند كل واحد والمضجع غير نجس" ( عب 13 : 4 ).

كيف يكون الجنس عفيفاً داخل المسيحية؟
1- فى الوقت المناسب: فى الزواج.
2- مع الشخص المناسب: أى الزوج أو الزوجة.
3- بالقدر المناسب: أى ألا يكون شهوانياً بهيمياً و تحت السيطرة مثل عشية القداس و فى أيام الصوم.
إن خرج الجنس عن هذا النطاق فهو غير سليم، و الذى يمارس الجنس خارج هذا النطاق فهو إنحراف يجب تقويمه إذا عرفت أسبابه.

أسباب الانحراف؟
1- حروب الجسد:
و تأتى بسبب كثرة الطعام و الافراط فى الراحة. لقد خلق الله فى الانسان شهوة الأكل حتى تمده بالطاقة التى يحتاجها لممارسة وظائفه الحيوية اليومية كاملة. فإن زادت كمية الأكل عن الاحتياج سيتم إختزان كمية فائضة من الطاقة فى الجسد فتخرج على شكل طاقة جنسية. و يقول يوحنا كاسيان "إن أشر الحروب التى يتعرض لها الراهب هى النهم الذى يقود إلى حروب الجسد". و يتم الانتصار فى هذه الحرب تكون بالتدقيق و الصوم.
المشكلة الأخرى هى الافراط فى راحة الجسد التى تقود الانسان إلى حالة من الفراغ الفكرى، و حيث أن العقل لا يقف عن العمل فيبدأ فى التفكير فى أية أمور قد تكون صالحة و قد تكون فاسدة، و غالباً ما تكون فاسدة لأن التفكير فيما هو صالح ليس فراغاً. و الشيطان حينما يريد أن يلقى بالأفكار النجسة فهو يختار العقل و الفكر الفارغ ليلقى فيه بنجاساته كما نقوم نحن بإلقاء القمامة فى الأماكن الخاوية. و الانتصار فى هذه الحرب يتم بشغل الوقت بما هو مفيد و نافع للجسد و العقل و الروح. لقد سقط داود بسبب راحة الجسد لأنه لم يعد يخرج إلى الحروب مثل سابق عهده بل أصبح يرسل جبابرة البأس على رأس جيشه. و نرى سفر صموئيل الثانى يقول بالتفصيل "وكان عند تمام السنة في وقت خروج الملوك ان داود ارسل يوآب وعبيده معه وجميع اسرائيل فاخربوا بني عمون وحاصروا ربّة . واما داود فاقام في اورشليم" ( 2 صم 11 : 1 ). فماذا حدث عندما أراح داود جسده؟ لقد أصابه الملل فيقول الوحى الإلهى "وكان في وقت المساء ان داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحمّ . وكانت المرأة جميلة المنظر جدا" ( 2 صم 11 : 2 ). نرى الوحى الإلهى يذكر أن داود كان فى المساء ممداً فى فراشه، و لكن حالة الفراغ أصابته بالأرق و الملل فقرر أن يتمشى على السطح، و هذه التمشية قادته لرؤية إمرأة أوريا الحثى، و الرؤية قادت لكذبة، و الكذبة قادت لجريمتى تحريض بالقتل و الزنا. الذى سقط هذا هو داود النبى و الملك و المرنم الموحى إليه بسفر المزامير من الروح القدس.
لذلك ففى قوانين الرهبنة يجب أن يجهد الراهب جسده بالعمل، ثم يأكل بمقدار معين، ثم ينام قليلاً مدة لا تزيد عن الساعتين ثم يستيقظ ليصلى الهجعة الأولى، ثم ينام ساعتين و يستقيظ ليصلى الهجعة الثانية، ثم ينام ساعتين ليستيقظ ليصلى الهجعة الثالثة و خدمة نصف الليل ويستمر مستيقظاً إلى القداس الإلهى ليتناول ثم يذهب إلى عمله مرة أخرى. فيصبح الراهب فى حالة عمل مستمر يتخللها فترات من الأكل و النوم و الصلاة بمقادير معينة فى أوقات معينة، و بذلك لا يشبع الراهب أكلاً أو راحة. كذلك هذه الحالة المستمرة من العمل و الصلاة و النوم و الأكل لا تجعل للراهب وقتاً لأى فكر شرير و هذه هى النقطة الثانية فى أسباب الانحراف بالغريزة الجنسية.

2- حروب الفكر:
يوجد ثلاث أشياء تحدد مسئوليتى فى حرب الفكر:
أولاً: حروب الشيطان الذى يقوم بشنها حتى على أقدس قديسى الطهارة و البتولية. و هذا النوع من الحرب لا يد لنا فيه لأنها حرب قادمة من الشيطان، و لكن مسئوليتنا تقع فى صد هذه الحرب بالجهاد كما أشرت فى الموضوع السابق. و للإنتصار فى هذه الحرب يجب أن نصد الفكر من أوله بالهروب.
ثانياً: حروب الفكر لعدم إنشغال العقل بأمور إيجابية و هذه تقود لما تحدثنا عنه سابقاً للإفراط فى الراحة. فالعقل إما يعمل بطريقة إيجابية فسوف يعمل بطريقة سلبية و من ضمن هذه الأشياء السلبية الأفكار الشهوانية.
ثالثاً: حروب الفكر من الداخل. أى أن العقل نفسه مشغول بهذه الأفكار الشهوانية بسبب الانغماس فى الكلام الردئ و الممارسات الرديئة، فيحرك الشيطان هذه الأفكار لتشتعل فى داخلك و تقودك للسقوط.
و للنصرة فى حرب الفكر لا تتم إلا بالهروب أيضاً من الفكر، و الفكر الردئ لا يتكون إلا عن طريق المدخلات الرديئة التى تدخل عن طريق الحواس و هى النقطة الثالثة فى أسباب السقوط.

3- الحواس:
و هى النظر و السمع و اللمس. يقول القديس أغسطينوس "إن العين هى أول و أخطر حلقة". إن العين مثل الكاميرا و الفكر هو نيجاتيف الفيلم. فالعين تلتقط الصورة مرة واحدة، و الشيطان يقوم بطبع النجاتيف ألف مرة ليحاربك بهذه الصورة فى كل وقت فارغ. و من تداريب الرهبنة القديمة عدم التطلع فى الوجوه، فالراهب قديماً كان لا يتطلع فى وجه إنسان و إنما يسمعه فقط. و يقول أيوب البار "عهداً قطعت لعينيّ فكيف اتطلع في عذراء" ( أى 31 : 1 ) و ذلك حتى لا تكون هذه هى اللقطة التى تأخذها كاميرا العين ليقوم الشيطان بتحميضها فى العقل الباطن ألوف المرات. و نحن علينا مسئولية مشتركة فى هذا السقوط لأن الشاب الذى ينظر إنما ينظر إلى فتاة تلبس ملابس غير محتشمة. فإن كنا نلوم الشباب على النظر يجب علينا أن نلوم الفتاة على الملابس التى أعثرت أخاها الشاب و أسقطته. و يقول رب المجد فى هذا "ويل للعالم من العثرات . فلا بد ان تأتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تأتي العثرة" ( مت 18 : 7 ). فالويل كل الويل لكل فتاة تتسبب بملابسها فى إعثار أخ شاب.
الحاسة الثانية التى تتسبب فى دخول أفكاراً ردية هى السمع، فالذى يترك أذنه لكل كلمة تدخل فى عقله يشبه إنساناً ترك باب بيته مفتوحاً لكل من هب و دب.
الحاسة الثالثة هى اللمس و هى من أخطر الحواس. فعجبت للشباب و الشابات الذين يتضاحكون و يتمزاحون بأيديهم فيقوم هو بضربها و تقوم هى برد الضربة وسط جو من المرح الغريب. و لقد رأيت بعينى فى كنيسة كبيرة شابة تقوم بالجرى وراء شاب لتضربه (بالشلوت) فى وسط جو من التصفيق من باقى الشباب و الشابات. و الله يشهد أن هذا حدث داخل بيته الذى يفترض أنه مقدساً. فأى حال ردئ وصلنا إليه يكاد يكون أردأ من حال اليهود حينما قال لهم السيد المسيح "بيتي بيت الصلاة يدعى وانتم جعلتموه مغارة لصوص" ( مت 21 : 13 ). لذلك فالكنيسة الأرثوذوكسية ترفض رفضاً تاماً هذا النوع من المزاح و اللعب بين الشباب و الشابات فى المؤتمرات و فى حوش الكنيسة. قد يرى الشباب أن هذا تخلف من الكنيسة الأرثوذوكسية، و لكنه حسنُ له أن يكون فكره أن كنيسته متخلفة عن أن يكون فكره دنساً بسبب تلك اللمسات و التى إن بدأت طاهرة قد تكون مدخل لحرب رهيبة يشنها الشيطان فيما بعد. أنظروا ما يجب أن تكون عليه الفتاة كما يصفها المحب (الله) فى سفر النشيد قائلاً "اختي العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم" ( نش 4 : 12 ). فأى ينبوع مختوم هذا الذى يسمح لهذا الشاب بدغدغته، و ذلك بضربه، و آخر بمسك كفها ليقرأ لها الكف؟! إن هذه الفتاة متهاونة جداً فى حق نفسها كعروس للمسيح، و فى حق الشاب الذى أسقطته فى عثرة بسبب سماحها له بلمسها. و ذلك الشاب أدخل نفسه فى عرين من الأفكار الردية بسبب تلك اللماسات الغير طاهرة. إن كان الشاب يرضى أن يقوم زميل لأخته بلمسها مثل هذه اللمسات فلا يصح أن يطلق عليه رجلاً. و إن لم يسمح بذلك فلماذا يخاف على أخته من أبيه الجسدى و لا يخاف على أخته من أبيه السماوى؟!

4- إنحراف العاطفة:
يذكر سفر صموئيل الثانى فى إصحاح 13 قصة أمنون و ثامار و هما أخوين غير شقيقين من داود النبى، و لقد مرض أمنون من كثرة حبه لثامار فاستدرجها إلى غرفته و اغتصبها. لقد قاد الحب هنا إلى إنحراف فى العاطفة و الانحراف قاد إلى جريمة. لذلك يجب أن يقوم كل خطيب و خطيبة بالسيطرة على الشهوة المستترة فى ثوب العاطفة - أحياناً - و التى قد تقود إلى ما لا تحمد عقباه، و خاصة إذا ما فشلت الخطوبة. و إن نجحت الخطبة و تزوجا فسوف تكون تلك السقطة نقطة سوداء و سبب نظرة دونية من الزوج إلى زوجته التى تساهلت معه فى أيام الخطوبة. بل أن إستسلام الفتاة إلى من تحبه و من يشتهيها قد يأتى بنتيجة عكسية و هى بغضة شديدة جداً من الشاب للفتاة كما كره أمنون ثامار بعدما فعل معها جريمته الشنيعة إذ يقول الوحى الإلهى "ثم ابغضها امنون بغضة شديدة جدا حتى ان البغضة التي ابغضها اياها كانت اشد من المحبة التي احبها اياها" ( 2 صم 13 : 14 ). لقد كان يحبها و هى عزيزة عليه، و أبغضها حينما رخصت فى عينيه.

5- الكبرياء:
لقد إرتبط الزنا و الشهوة بالذات دائماً فيقول الكتاب المقدس "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح" ( أم 16 : 18 ). أى أن الانسان المتكبر لا يحتاج نعمة الله، و حينما لا يحتاج الانسان إلى نعمة الله تتخلى عنه المعونة الإلهية، فيسقط الانسان فى خطية تهين كبرياءه و تذله ليدرك كم هو تراب و حقير بدون نعمة الله. فلا تفرح أيها الشاب لو إنتصرت على خطايا الفكر لمدة شهر، ولا تفرحى يا أختى الشابة لو لم تتحدثى فى أمور جنسية منحرفة مع صديقاتك لمدة سنة ظانين أنكما قهرتما الشيطان نهائياً لأنكما بهذا تسقطان فى تشامخ الروح الذى يقود إلى السقوط. و يحكى بستان الرهبان عن راهب شاب كان محارب بفكر الزنا لمدة كبيرة فكان يذهب لأبيه الروحى ليعترف و يأخذ معونة و إرشاد. و إذ بالأب الروحى و هو شيخ كبير يدخله فكر كبرياء أنه غير محارب بفكر الزنا مثل هذا الراهب الصغير، فنظر بكبرياء إلى الراهب الصغير و قال له "إذهب و تزوج فالرهبنة ليست لك بل للشيوخ مثلنا". فقابل الراهب الشاب القديس أبو مقار و شكى له ما حدث. فصلى أبو مقار أن يتذوق الراهب الشيخ هذه الحرب و إذ بالراهب الشيخ يخرج من قلايته صارخاً من شدة حرب الزنا. إن الشيطان لا يقوى على الضعيف لأنه يشعر بضعفه فيمسك فى الله، و الشيطان لا يقوى على من يمسكون فى الله. أما الأقوياء فيعتمدون على أنفسهم فيسقطون. و يقول القديس يوحنا ذهبى الفم "قال الشيطان للرب أترك لى الأقوياء فانى كفيل بهم,أما الضعفاءفلا أقدر عليهم لأنهم يشعرون بضعفهم فيحاربونى بقوتك".


ربنا يعطينا أن نحيا حياة الطهارة بمعونته و ببركة الصلوات التى ترفعها عنا فى كل حين القديسة الشفيعة فى جنس البشر والدة الإله أم النور العذراء القديسة مريم و بركة هذا الصوم المقدس
آمـــــــــــــين


أقوال آباء فى العفة و الطهارة
+++++++++++++++++++


إن عروس المسيح لا يمكن أن تكون زانية بل هى طاهرة غير دنسة (القديس كبريانوس)
إتعب نفسك فى قراءة الكتاب المقدس فهى تخلصك من النجاسة (الأنبا أنطونيوس)
ان قطعة الخشب التى احترقت واكلتها النيريان تفنى تماماً وهكذا أيضاً قلب الإنسان يتطهر بخوف الله، وبذلك تفنى الشهوات من الجسد وتجف عظامه (القديس مكاريوس الكبير)
لا تفكر فى الخطية القديمة التى فعلتها لئلا تتجدد عليك (الأنبا أنطونيوس)
لا تكملوا شهوات الجسد لئلا تحرموا من خيرات الروح (القديس مكاريوس الكبير)
إحرص على طهارة جسدك و نقاوة قلبك فإنك إن تحققت من نوالها أبصرت الله ربك (الأنبا باخوميوس)
ليكن تعب أجسادكم مشتهاكم ومحبوباً لديكم، ولا تستسلموا للانحلال والكسل فتندموا يوم القيامة (القديس مكاريوس الكبير)
لا تنعموا أجسادكم فى هذا الزمان اليسير بالطعام والشراب والنوم، لئلا تعدموا الخيرات الدائمة التى لا توصف (القديس مكاريوس الكبير)
كن قوى القلب و قاتل كالجبار فى حرب الشهوة، إطرح عنك ضعف القلب لئلا يتملقك الكسل و ضعف الإيمان فيطمع فيك أعداءك (الشياطين) .. إجعل قلبك كالأسد (الأنبا باخوميوس)
أربعة أمور تحفظ الشباب من الفكر الردئ : القراءة في الكتب المقدسة – طرح الكسل – القيام في الليل للصلاة – التحلي بالتواضع دائماً (القديس موسى الأسود)
إن الشهوة لا تغلبنا لأنها أقوى منا ؛ بل من أجل عجزنا وتراخينا .. لأنها لا تجسر أن تقاتلك إن لم تأذن لها إرادتك (القديس فيلوكسينوس)
إن ضعفت يوماً فاعرف أنك نسيت قوة الله (قداسة البابا شنودة الثالث)
امنحني يا سيدي وملكي يسوع المسيح يوماً طيباً خالياً من الدنس والخطية .. لا تنساني ولا تقف بعيدا عني (الأنبا بيشوى)
إياك و النجاسة فهى تفصل الانسان عن الله (الأنبا باخوميوس)
إن كنا أولاد الله ، إن كنا قد بدأنا أن نكون هياكله ، إن كنا نتقبل روحه القدوس ، يلزمنا أن نحيا بالقداسة والروحانية (القديس كبريانوس)
الذى يتهاون فى عفة جسده يخجل فى صلاته (القديس موسى الأسود)
موضوع رائع يا اخ حازم و اعجبنى بالاكثر مفهوم العفة فانا اوافقك عليه فكثيرون يخلطون بين العفة و البتولية و يعتقدون ان المتزوجين لا شأن لهم بالعفة لمجرد انهم يمارسون الجنس ناسيين ان هذه العلاقة مقدسة فى اللـه
ليكن الزواج مكرما عند كل واحد و المضجع غير نجس(عب 13 :4)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010