لماذا أعترف؟

علامته المنظورة صليب كهنوتي ويد كهنوتية تحمله فوق رأس الإنسان أما فعله غير المنظور فلا مثيل له فهو سر بنيان الروح ، وقوة مغفرة الخطايا، وفاعلية عمل الروح القدس في حياة الإنسان ونظراً لأهميته في خلاص نفس كل الإنسان وبنيانه الروحي كان لنا هذا الحوار مع أبونا/ أسحق رمزي حول سر التوبة والاعتراف وما يحيط به من أسئلة واستفسارات.

س: كيف يعد الإنسان نفسه للاعتراف؟
ج : تجهيز النفس للاعتراف يشتمل على ثلاث خطوات:

+ الخطوة الأولى: جلسة مع النفس تتم فيها محاسبة النفس عن كل ما فعلته من إيجابيات (مثل : الفضائل – الانتظام في الممارسات الروحية ووسائط النعمة – الخطايا والأخطاء التي تم التخلص منها والتوبة عنها). وسلبيات( مثل: الخطايا – السقطات – الضعفات – العادات المتأصلة …الخ).

وأحب أن أُلفت النظر إلى الفرق بين الخطايا والأخطاء:

فالخطايا هي عصيان وصايا الله فيما يخص علاقة الإنسان بالله أو بالناس أو بنفسه .

أما الأخطاء :فهي سلوكيات خاطئة قد تؤدى إلى بعض الخطايا .

+ الخطوة الثانية : الاعتراف أمام الله ويشمل طلب الرحمة والمعونة والتوبة فيما يخص السلبيات وتقديم الشكر والعرفان بالجميل فيما يخص الإيجابيات .

+ الخطوة الثالثة: الاعتراف أمام الأب الكاهن. وهذه سوف نتحدث عنها بالتفصيل خلال الحوار.

س :ما أهمية الاعتراف على يد كاهن ؟

ج : يقول الكتاب المقدس عن الكاهن إنه وكيل الله أو وكيل سرائر الله ولا تنسي قول الكتاب في أعمال الرسل : " وكان اسم الرب يسوع يتعظم وكان كثيرون من الذين أمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع وحسبوا أثمانها فوجدوها خمسين ألفاً من الفضة هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوي بشدة" (أع 19: 17- 20).

وهناك أمثلة كثيرة في الكتاب المقدس عن الاعتراف على يد كاهن سوف نكتفي بذكر مثالين منها فقط :

1- اعتراف داود على يد ناثان النبي : ورغم كونه ملك بني إسرائيل الممسوح من قبل الرب لم يكن كافياً أن يعترف لله فقط وإنما أرسل له ناثان النبي لكي يبكته ويعترف داود على يديه .

2- بولس الرسول بعد لقائه بالرب يسوع: فرغم حديثه مع الرب يسوع وجهاً لوجه إلا إنه طُلب منه أن يذهب إلى حنانيا ليعلمه بكل ما ينبغي أن يفعله . ( أع 9).

- فالله يتعامل مع الإنسان بحسب تكوينه وكما نعلم فالإنسان مكون من جسد ونفس وروح لذا فيجب أن يستفيد الإنسان من الاعتراف جسدياً ونفسياً وروحياً.

+ جسدياً : من خلال حصوله على شكل ملموس للغفران بإحناء الرأس المثقلة بالخطايا تحت يد الأب الكاهن التي تحمل جسد الرب ودمه والصليب الذي يشير إلى عمل الفداء .

+ نفسياً : من خلال الخجل أثناء الاعتراف مما يجعله أكثر حرصاً في المرات القادمة .

+ روحياً : من خلال نوال غفران الخطايا وتدريبات لعلاج بعض نقاط الضعف وعقوبات لعلاج بعض الخطايا .

فالإنسان في الاعتراف ينال حِل ، حَل

حِل : أى غفران للخطايا بالسلطان المعطي للكاهن من قبل الله .

وحَل: لبعض المشكلات أو الاستفسارات التي تحير المتعرف وقد تتعب ضميره.

فكيف يمكن أن يحصل على كل هذه البركات بدون وجود الأب الكاهن ؟ !

س : كيف يتحدث المعترف مع أب الاعتراف ؟

ج : الإنسان الذي نجح في جلسته مع نفسه وأقر أمام الله بأخطائه مقدماً توبة وندامة وانسحاق عن كل ما صدر منه تجاه نفسه لن يجد صعوبة على الإطلاق في الحديث مع أب اعترافه وسوف يخرج من جلسة الاعتراف فرحاً ، متهللاً ، أكثر حرصاً ، أكثر نشاطاً، وأكثر خفة (تحرراً من الخطايا) حتى لو لم يسمع إرشاداً من أب اعترافه .

فالفائدة من الاعتراف لا تعتمد على ما يقدمه أب الاعتراف من نصائح وإرشادات وإنما تعتمد على مدى استعداد المعترف وصدقه وأمانته وتدقيقه في محاسبة نفسه واعترافه المخلص أمام الله .

وفي حديث المعترف ليس بالضرورة أن يذكر كل تفاصيل الخطية وإنما يكفي ذكر اسم الخطية إلا في بعض الحالات فمثلاً :

- تختلف درجة الخطية وحجمها حسب الشخص الموجهة له فمثلاً: يختلف حجم الشتيمة إذا وجهت لشخص ما عن حجمها إذا وجهت للأخ أو للأخت، عن حجمها إذا وجهت للأب أو للأم أو لأى شخصية مرموقة .

- تختلف درجة الخطية وحجمها حسب المكان فإذا وجهت الخطية لإنسان واحد في الشارع أو في المنزل يختلف حجمها عما إذا وجهت لنفس الإنسان في مكان آخر كالكنيسة .

- وما تقوله عن المكان تقوله أيضاَ عن الزمان فإذا وجهت الخطية لإنسان واحد فى وقت ما أثناء السنة عما إذا وجهت لنفس الإنسان فى فترة الصوم مثلاً.

س : يعانى البعض من شدة أب الإعتراف عليهم أثناء الإعتراف فما رأى قداستكم ؟

ج : أب الإعتراف تعتبره الكنيسة أباً وطبيباً روحانياً ……

- أباً : يلجأ أحياناً للحزم بعض الشئ لردع أولاده عن الخطأ وإذا لم يفعل ذلك فإنه يعد مقصراً فى حق أولاده .

- طبيباً روحانياً : قد يلجأ الطبيب لإزالة الصديد من بعض الجروح أويلجأ إلى استئصال بعض الأورام قبل أن تنتشر فى باقى الجسم وتؤدى إلى ما هو أسوأ وإذا لم يفعل ذلك فإنه يعد مقصراً فى حق مرضاه.

فقد يلجأ أب الإعتراف – فى بعض الأحيان – بدافع حرصه وخوفه على خلاص نفس المعترف إلى الشدة من أجل تقويمه وبنيانه لذلك فالمعترف الأمين والمخلص والمدقق فى إعترافه دائماً يشعر بأن خطيته أمامه فى كل حين ولأجل ذلك يتقبل أى تشدد أو أى عقاب من أب إعترافه عالماً أن ذلك كله لأجل صالحه وخلاص نفسه وأحياناً يطلب الإنسان نفسه من أب الإعتراف عقوبة لشعوره بمدى ما إرتكبه من ذنب أو خطية .

س : هناك أشخاص إنقطعوا عن الإعتراف لفترة طويلة لأسباب مختلفة كالمرض أو السفر أو غيرها . كيف يمكن لهؤلاء العودة ثانية للإعتراف؟

ج : بسبب البركات الكثيرة التى لسر الإعتراف فإن المرضى الذين قد تمنعهم ظروفهم عن الحضور إلى الكنيسة للإعتراف قد يطلبون الإعتراف بالمنزل وقد يطلبون الإعتراف عند دعوتهم للأب الكاهن للتناول بالمنزل وذلك قبل التناول .

أما بالنسبة للمسافرين فقد يسافر إنسان ما إلى بلد لا توجد بها كنيسة أرثوذكسية فمن الممكن أن ينتهز هذا الانسان فرصة قدومه فى أجازة لممارسة سر الإعتراف أما إذا كان مسافراً إلى بلد يوجد بها كنيسة أرثوذكسية فمن الممكن أن يتقدم للإعتراف على يدى الأب الكاهن الذى يخدم هناك .

من المفيد ألا ينقطع الإنسان عن الإعتراف لمدة طويلة لأن ذلك ليس صالحاً للبنيان وكما يقول الأباء :

( إن الذين بلا مرشد يسقطون كأوراق الشجر ) .

س : هناك أشخاص فعلوا خطايا منذ فترة طويلة وإنتهت هذه الخطايا من حياتهم الآن ولكنهم لم يعترفوا بها فى حينها . فهل هم مطالبون بالإعتراف عنها الأن ؟

ج : بالطبع هم مطالبون بالإعتراف بهذه الخطايا لأنها لم تحصل بعد على مغفرة فما زالت مثل النقط السوداء العالقة بحياة الإنسان فيجب عليه التخلص منها . كما أن الإعتراف بمثل هذا النوع من الخطايا لا يكون صعباً وإنما يحتاج إلى أن يتشجع الإنسان على الإعتراف بها لنوال الغفران عن هذه الخطايا القديمة .

وفى النهاية يقول أبونا / إسحق رمزى إن الله أعطى كل إنسان فرصة كبيرة جداً لنوال الغفران عن كل خطاياه من خلال سر التوبة والإعتراف فعليه أن يستغل هذه الفرصة ويتصالح مع الله وهكذا يسمى الآباء خدمة الكاهن إنها: " خدمة المصالحة " أى مصالحة الله بالإنسان ونشكر الله على سيامة إثنين كهنة جدد هما: أبونا / تادرس محارب - أبونا / رافائيل وهبه

وأصبح وجودهما مصدر بركة لنا جميعاً وفرصة أمام الجميع لنوال بركة سر التوبة والإعتراف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010