+ + + أفراح قيامة المسيح + + +

+ + + + + + أفراح قيامة المسيح + + + + + +
===============================

[جاء يسوع ووقف في الوسط، وقال لهم: "سلام لكم". ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه، ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب] (يوحنا 19:20و20).

لمدة ثلاثة أيام من مساء الأربعاء اليوم السابق للفصح اليهودي، وهو اليوم الذي صُلب فيه المسيح.. وحتى فجر الأحد.. سادت العبوسة، والحزن، والكآبة على التلاميذ، وظهرت هذه العبوسة في التلميذين اللذين التقى بهما المسيح المُقام في طريق قرية عمواس وقال لهما: [ما هذا الكلام الذي تتطارحان به وأنتما ماشيان عابسين. فأجاب أحدهما الذي اسمه كليوباس وقال: هل أنت متغرِّب وحدك في أورشليم ولم تعلم الأمور التي حدثت فيها في هذه الأيام؟ فقال لهما: وما هي؟ فقالا: المختصّة بيسوع الناصري الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب. كيف أسلمه رؤساء الكهنة وحكامنا لقضاء الموت وصلبوه] (لوقا 17:24-20).

كان صلب المسيح بالنسبة للتلاميذ - بسبب جهلهم تفسير نبوات الكتاب المقدس عنه - هو آخر فصل في قصة حياته..

لكن المسيح قام.. وظهر لتلاميذه في عدة أماكن لمدة أربعين يوماً.. ومن بين ظهوراته، ظهوره للتلاميذ الخائفين من اليهود، وبسبب خوفهم أغلقوا الأبواب على أنفسهم، ودخل المسيح العليَّة المغلقة الأبواب بجسده الممجَّد وقال للتلاميذ: "سلام لكم." ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه.. أراهم أثر مسامير الصلب في يديه، وأثر طعنة الحربة في جنبه، "ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب".

والفرح الذي ملأ قلوب التلاميذ، فرح متعدِّد النواحي:

أولاً: فرح يقين معرفة حقيقة المسيح
------------------------------------
حتى بعد الصلب، كان اعتقاد الكثيرين عن المسيح، أنه إنسان، نبي، مقتدر في الفعل والقول (لوقا 19:24).. لكن المسيح ليس مجرَّد إنسان، إنه الكلمة الذي كان مع الله منذ الأزل، وتجسَّد في الزمان من مريم العذراء، "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله" (يوحنا 1:1). كان المسيح هو "ابن الله الأزلي" الذي كان مع "الآب الأزلي"، والأبُوَّة الأزلية تحتِّم وجود البنُوَّة الأزلية.. كان هو الذي قال عنه بطرس الرسول: "له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا" (أعمال 43:10).

كان وما زال هو العظيم.. الكبير.. الجليل القدر، الذي يشهد له جميع الأنبياء..

وهو بكل يقين أعظم من الإسكندر الأكبر، ونابليون بونابرت، وجنكيز خان، وهتلر، وموسوليني.. فكل هؤلاء نجوم لمعت إلى أجل قصير ثم انطفأت بالهزيمة والانكسار.

إننا لا نستطيع أن نجد نظيراً للمسيح بين الفلاسفة، أو بين الأنبياء.

بحق قال عنه الشاعر اللبناني جبران خليل جبران: "أنت أيها الجبار المصلوب، الناظر من أعالي الجلجثة إلى مواكب الأجيال، السامع ضجيج الأمم.. أنت على خشبة الصليب المضرّجة بالدماء أكثر من ألف ملك على ألف عرش في ألف مملكة. بل أنت بين النزع والموت أشدّ هولاً وبطشاً من ألف قائد في ألف معركة".

عندما رأى التلاميذ المسيح الذي انتصر على الموت.. وقام، عرفوا أنه "الرب" وتأكدوا من حقيقة إعلانه عن نفسه، "الذي رآني فقد رأى الآب." (يوحنا 9:14) "أنا والآب واحد." (يوحنا 30:10) وهتف توما، التلميذ الذي ملأه الشك، بعد أن رأى أثر المسامير في يديه وأثر الحربة في جنبه، قائلاً له: "ربي وإلهي." (يوحنا 28:20)

وأعطاهم يقين معرفة حقيقته فرحاً لا يُنطق به، كما قال بطرس الرسول عنه، "الذي وإن لم تروه تحبونه. ذلك وإن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون به، فتبتهجون بفرح لا يُنطق به ومجيد." (1 بطرس 8:1)

ثانياً: فرح يقين وجود حياة بعد الموت
---------------------------------------
كانت عقيدة وجود الحياة بعد الموت، عقيدة مغلَّفة بالضباب، حتى قام المسيح، فأكَّد بقيامته أن هناك حياة بعد الموت.. وقد تحدَّث بولس الرسول عن الحياة بعد الموت بإفاضة في رسالته إلى القديسين في كورنثوس فقال:

"ولكن إن كان المسيح يُكرز به أنه قام من الأموات، فكيف يقول قوم بينكم إن ليس قيامة أموات. فإن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام! وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا وباطل أيضاً إيمانكم، ونوجد نحن أيضاً شهود زور لله، لأننا شهدنا من جهة الله أنه أقام المسيح وهو لم يقمه - إن كان الموتى لا يقومون. لأنه إن كان الموتى لا يقومون فلا يكون المسيح قد قام. وإن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم. أنتم بعد في خطاياكم! إذاً الذين رقدوا في المسيح أيضاً هلكوا! إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فإننا أشقى جميع الناس." (1كورنثوس 12:15-19) وينهي بولس هذا القسم من حديثه بهتاف النصرة فيقول: "ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين." (1كورنثوس 20:15)

لقد تيقَّن التلاميذ بعد أن رأوا المسيح المُقام من حقيقة وجود حياة بعد الموت، ولذا "فرح التلاميذ إذ رأوا الرب".

ثالثاً: فرح يقين نوال الغفران
------------------------------

لما ظهر يسوع لتلاميذه بعد قيامته "أراهم يديه وجنبه" وكأنه يؤكد لهم أنه بموته على الصليب حمل خطاياهم في جسده، ومنحهم الغفران الكامل، وأنقذهم من الدينونة العتيدة أن تكون، ولذا فقد كانت تحيته لهم "سلام لكم".

"فإذ قد تبرَّرْنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." (رومية 1:5) لقد فصلت الخطية بسوادها علاقتنا مع الله الذي خلقنا، وملأت قلوبنا بالعداء له، وللناس الذين حولنا، وحرمتنا من السلام، لأننا عرفنا أنه طالما كانت خطايانا فوق رؤوسنا، فدينونتنا أكيدة.. وفي يوم الدينونة سندفع عقاب خطايانا.. ويا لهول هذا العقاب!

لكن المسيح المُقام يمنحنا الغفران الكامل، إذا آمنا به وبكفاية عمله الذي أكمله على الصليب.. لأنه "أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا." (رومية 25:4) ولأن التلاميذ تيقَّنوا بقيامة المسيح من نوالهم الغفران "فرح التلاميذ إذ رأوا الرب".

إن المسيح المُقام فريد في ذاته وفي صفاته. قال عنه "ايجلسون":

+ عاش في فقر لكنه بارك الملايين بغنى لا يُستقصى.

+ كثيراً ما جاع، ومع ذلك فقد قال: "من يُقبل إليَّ فلا يجوع."

+ يكتب في حياته كتاباً، ومع ذلك فقد كُتبت عنه آلاف الكتب، وما زال مشاهير الكتاب يكتبون عنه، وسيستمرون في الكتابة عنه إلى أن يجيء.

+ نزل إلى أعمق دركات الألم والحزن والعار، حتى يرفع الذين يؤمنون به إلى أعلى درجات المجد والفخار.

+ حمل في جسده على الصليب خطايا كل فرد من المؤمنين، ليغطّيهم ببره الشخصي ويمنحهم الفداء والغفران. إنه الشخصية المركزية في التاريخ، فبميلاده أصبح الناس يؤرخون زمانهم بقبل الميلاد وبعد الميلاد.

إنه المسيح ابن الله الذي لا يُقارَن:

+ إنه لا يُقارن في تواضعه، إذ أنه وهو الذي يغطّي السرافيم وجوههم من هيبته في السماء.. أخذ صورة عبد.

+ ولا يُقارن في محبته، فقد أوصله حبه للخطاة إلى الموت على الصليب.

+ ولا يُقارن في نعمته فقد غفر للزناة، واللصوص، ورفعهم إلى مرتبة القديسين.

+ ولا يقارن في قوته، فقد أسكت العواصف، وأقام الموتى، وهزم بصليبه الرياسات والسلاطين وجميع قوات الظلام.

+ ولا يُقارن في مجده، فملائكة السماء يهتفون له قائلين:

"مستحق هو الحمل المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة" (رؤيا 12:5).

+ ولا يُقارن في شخصه.

فهو نور العالم، وخبز الحياة، والطريق والحق والحياة، والقيامة والحياة، والباب الوحيد للخلاص والنجاة.

لذلك فلا عجب أن "له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا."

فهل آمنت بالمسيح ابن الله، الذي مات لأجلك على الصليب، ودُفن، وقام؟ إن إيمانك بالمسيح هو الطريق الوحيد لنجاتك من الدينونة العتيدة أن تكون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010