لماذا تكلم السيد المسيح عن نفسه بلقب إبن الانسان؟!

أثار لقب إبن الانسان الكثير من القيل و القال حول شخصيته فتسبب فى بعض الهرطقات، كما يتذرع به أناس من أديان أخرى ليدللوا على أن السيد المسيح ما هو إلا إنسان عادى. و الحقيقة أن لقب إبن الانسان و إن كان يشير إلى ناسوت السيد المسيح، إلا أن له مدلوله الذى كان يعرفه حكماء و معلمين اليهود من الكتبة و الفريسيين. و لذلك كان يتعمد أن يتكلم عن نفسه بهذا اللقب. و ذلك لأنه مذكور فى سفر دانيال "كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل إبن إنسان أتى وجاء الى القديم الأيام فقربوه قدامه . فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة . سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض" (دا 7 : 13 ، 14). و على من تنطبق تلك الأوصاف إلا على الله نفسه. من ذا الذى أعطى سلطاناً و مجدا و ملكوتا؟! من ذا الذى تتعبد له كل الشعوب و الأمم و الألسنة؟! من ذا الذى له السلطان الأبدى، و ملكوته لا ينقرض؟! كل هذه الأوصاف لا تنطبق إلا على الله بنفسه. فحينما يقول السيد المسيح عن نفسه إنه إبن الانسان فهو يقصد أن ينشط ذاكرة اليهود ليتذكروا ما قاله دانيال النبى عن "إبن الانسان". و حينما شفى يسوع المفلوج قال لليهود "ولكن لكي تعلموا ان لابن الانسان سلطانا (على الارض) ان يغفر الخطايا" (مت 9 : 6). فلماذا يذكر السيد المسيح كلمة (على الأرض) بالتحديد ما لم يكن لإبن الانسان سلطان سماوى، و هو يضيف إليه سلطان أرضى أيضاً؟! و لقد ذكر السيد المسيح لاهوته فى حين ذكر لقب إبن الانسان حينما قال "فان ابن الانسان هو رب السبت ايضا" (مت 12 : 8 - لو 5 : 6). فمن هو رب السبت إلا الله؟! و أيضاً حينما قال "يرسل ابن الانسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الاثم" (مت 13 : 41) فإن كان السيد المسيح قد تكلم عن نفسه قائلاً (إبن الانسان) إلا أن الكلام واضح جداً إنه يتكلم عن لاهوته. فمن هو إبن الانسان الذى له ملائكة و ملكوت، بل و يأمرهم بجمع المعاثر و فاعلى الشر؟! فالسيد المسيح و إن كان يذكر لقب إبن الانسان ليعلن لنا ناسوته الكامل يذكر أيضا سطانه و قوته و مجده و ملكوته ليوضح لنا لاهوته. لذلك فالكنيسة الأرثوذوكسية تبنى إيمانها على أساس الإله المتجسد حيث إتحد اللاهوت مع الناسوت (كما أوضحها رب المجد يسوع المسيح) بغير إختلاط، و لا إمتزاج، و لا تغيير، و لا تحويل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010