تأملات فى التجربة على الجبل

تذمر لاعب تنس الطاولة أثناء التدريب من المضرب الذى أعطاه إياه المدرب. فهو مضرب رخيص قديم، و كان المدرب يهزمه أثناء التدريب كثيراً. و كان المدرب ممسكاً بمضرب ذو ماركة عالمية، غالى الثمن. فاقترح المدرب على اللاعب أن يتبادلا المضارب فيلعب اللاعب بالمضرب الغالى الثمن، بينما يلعب المدرب بالمضرب الرخيص. و بدأ التمرين و ها هو المدرب يصول و يجول بالمضرب الرخيص، و يقوم بأداء الحركات الفنية بمهارة عالية و يتقدم عشر نقاط مقابل لا شئ أمام اللاعب الناشئ الذى وقف فاغراً فمه مذهولاً.

كثيراً ما نتذمر أن مضربنا الرخيص (الجسد البشرى) هو سبب هزيمتنا (سقوطنا فى الخطية) أمام لاعبين آخرين فى العالم ملقين اللوم على الجسد، متحججين بالرغبات و الغرائز الطبيعية التى خلقها الله فى الجسد البشرى. و إذ بمدربنا العظيم (رب المجد يسوع المسيح) يأخذ مضربنا الرخيص (الجسد البشرى) ليلعب به أمام بطل العالم (سيد هذا العالم الشيطان) و يهزمه هزيمة قاسية ما زالت أصدائها تدوى إلى يومنا هذا. هزيمة ساحقة فى ثلاث جولات متتالية ليخرج بطل العالم يجر أذيال الخيبة. لقد هزم السيد المسيح الشيطان على أرضه، و فى وسط جمهوره. لقد هزمه فى البرية حيث تسكن الشياطين. و لكن لماذا هزمه السيد المسيح بالرغم من إنه لعب بنفس ذات المضرب الرخيص (الجسد البشرى) الذى نشكو منه؟!

لقد تدرب جيداً السيد المسيح قبل المباراة. لقد تدرب (صام) أربعين يوماً و أربعين ليلة. إن الصلاة مع الصوم كفيلان بسحق الشيطان و كل جنوده. هذا هو سر تفوق السيد المسيح فى مباراته ضد الشيطان. لقد سحقه فيما سقط فيه آدم و حواء، و نحن من بعدهم.

1- لقد سقط آدم و حواء فى شهوة الأكل إذ أكلا من الشجرة، بينما لم يسقط السيد المسيح فى نفس ذات الشهوة لما دعاه الشيطان لتحويل الحجارة خبزاً، بل قال له "ليس بالخبز وحده يحيا الانسان. بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4 : 4).

2- لقد سقط آدم و حواء فى شهوة النظر إذ رأت حواء الشجرة جيدة للنظر، بينما لم يسقط السيد المسيح فى نفس ذات الشهوة لما آراه الشيطان ممالك هذا العالم، مغرياً رب المجد بإعطاءه إياها لو سجد له. فقال السيد المسيح "للرب إلهك تسجد، و إياه وحده تعبد" (مت 4 : 10)

3- لقد سقط آدم و حواء فى شهوة الكبرياء حيث أكلا من الشجرة ليصيران مثل الله عارفين الخير و الشر، بينما لم يسقط السيد المسيح فى نفس ذات الشهوة لما أغراه الشيطان بإظهار مجده حينما يلقى بنفسه من على جناح الهيكل حتى تأتى الملائكة لتحمله فلا تعثر رجله بحجر. فقال له السيد المسيح "لاتجرب الرب إلهك" (مت 4 : 7).

هل ما زلت تتحجج بمضربك الرخيص؟؟!!
هل ما زلت تشكو من شهواته و غرائزه؟!!
بولس الرسول يقول لنا "أنت بلا عذر أيها الانسان" (رو 2 : 1)
تبديل المضارب هنا يرمز أيضاً إلى أننا أصبحنا - بعد تجديد الخليقة - لنا نفس المضرب الغالى الثمن لأننا أصبحنا أبناء الله. و لذلك نقول فى التسبحة

هو أخذ الذى لنـا ... و أعطانا الذى له
فلنسبحه و نمجده ... و نزيده علـــــواً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010