كيف ابدا مع المسيح

مقدمـــــــة



الحياة الروحية ممتدة منذ أن يتعمد الإنسان ويولد من جرن المعمودية ، وتصير الكنيسة أُمــاً له .. فهى طريق له بداية لكن لا نهاية له ، فهى مستمرة فى علاقة أبدية مع الله فى السماء حتى بعد نهاية حياة الإنسان على الأرض ...

وعادة ما يحتار الكثيرون ... فيحاول البعض أن يبدأوا من منتصف الطريق فيعثرون .. والبعض الآخر يحاول البداية من نهاية الطريق فيفشلون ...

لذا فهذا الكتاب سيساعدك ـ بنعمة الله ـ على إكتشاف البداية الصحيحة لهذه العلاقة الرائعة مع الرب يسوع المسيح ... ومما لا شك فيه أن البداية تكون بالمعمودية ، وذلك على المستوى الطقسى العقائدى .. أما على المستوى التطبيقى العملى فنقطة البداية هى التوبة والرجوع إلى الآب السماوى كما عاد الابن الضال يوماً من كورة البعد والخطية والزيغان ...



لذا يقول قداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث فى كتابه الرائع ( الرجوع إلى الله ) :

[ إن كانت الخطية هى الإنفصال عن الله ... تكون التوبة هى الرجوع إلى الله ... ]



من الرب نسأل أن يمتعنا ببركة هذه البداية عملياً فى حياتنا فنبدأ ونستمر .. ببركة شفاعة أمنا القديسة والدة الإله العذراء مريم ، وبركة سائر آبائنا القديسين ، وصلوات خليفة القديس مار مرقس الرسولى البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث .. أدام الرب حياته .. آمين .

أنواع المسيحيين

" أنا عارف أعمالك أن لك إسماً أنك حي وأنت ميت .. " (رؤيا 3 : 1)



يتصور البعض خطأً أن كل من ولد من أبوين مسيحيين هو مسيحى حقيقى ، وأن كل من قد تعمد فى صغره هو بالتالى المسيحى الحقيقى … لكن كلمة الله تعلمنا أن هناك ثلاثة أنواع من المسيحيين ، هم :

· المسيحيون الإسميون .

· المتدينون المظهريون .

· المؤمنون الحـقيقيون .

أولاً : المسيحيون الإسميون

وهم الذين تقول عنهم كلمة الله : " واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في ساردس هذا يقوله الذي له سبعة أرواح الله والسبعة الكواكب أنا عارف أعمالك أن لك إسماً أنك حي وأنت ميت .. " (رؤيا 3 : 1)



نعم ، هم أحياء جسدياً ، ولكن أموات روحياً ... فبرغم أنهم يحضرون القداسات كواجب أو كعادة ، وقد يتناولون لكنهم يأخذون جسد الرب ودمه بدون إستحقاق فيكونون مجرمين فى جسد الرب .. لديهم المعرفة النظرية ، والأسماء المسيحية .. لكنهم فى نظر الله أموات بالذنوب والخطايا .. يعبدون المال والشهوات ... فالبنسبة لله هم أموات ، لأن أجرة الخطية هى موت (رومية 6: 23)

هـذا هو النوع الأول من المسيحيين ، المسـيحى الإسمى .. لكن هناك نوع آخر من المسيحيين ، وهم :

ثانياً : المتدينون المظهريون

وهم الذين قال عنهم الكتاب : " لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها .. فاعرض عن هؤلاء .. "(تيموثاوس الثانية 3 : 5)



فهم يذهبون إلى الكنيسة .. ويصومون .. وهكذا يمارسون كل هذا كمظهر ، وهم أبعد ما يكون عن عمق وفاعلية هذه الممارسات، فما أبعد الفرق بين الذهب الحقيقى ، والذهب القشرة... حتى وإن بدا الذهب القشرة أكثر لمعاناً لكن جوهره الحقيقى نحاسٌ .. فهؤلاء هم الذين قال عنهم الرب أنهم : " قبور مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة " (متى 23 : 27)



ولقد ضرب الرب يسوع مثل العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات ليفرق بين نوعين من المسيحيين .. هما المتدينون المظهريون ، والمؤمنون الحقيقيون ... فالجاهلات كن يحملن نفس المصابيح التى يحملها الحكيمات .. فلا اختلاف فى المظهر، لكن الاختلاف كل الاختلاف فى جوهر هذه المصابيح .. لقد كانت مصابيح الجاهلات فارغة من زيت نعمة المسيح الذى يضئ فى الظلمة ...



يقول القديس يوحنا ذهبى الفم :

[ هذا الرياء ( رياء المتدينين المظهريين ) يمثل لصاً خطيراً يسلب المتدينيـن كل ما لديـهم ، فهم لا يخدعون الآخرين فحسب ، وإنما يخدعون أيضاً أنفسهم ، فيرون فى أنفسهم أنهم أفضل من الآخرين ، ولا يقبلون التعليم والنصح ... ]



هذا عن النوع الثانى .. المسيحيون المظهريون .. اما النوع الأخير ، وهو النوع الذى اصلى من قلبى أن يمنحنا الرب بركة أن نكون منه ، وهو :

ثالثاً : المؤمنون الحقيقيون

وهم الذين قال عنهم الكتاب : " وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون بإسمه .. " (يوحنا 1 : 12) ، ونرى فى هذه الآية نوعاً رائعاً من المسيحيين ، هم المؤمنون بإسمه ، الذين هم أولاد الله .. وهم الذين قبلوا الرب يسوع المسيح فى حياتهم ، فالمسيح يقول : " هنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي .. " (رؤيا 3 : 20)

هؤلاء هم الذين فتحوا قلوبهم للمسيح ليدخل ويضئ بنوره فيها فيملأها بحضوره ... مثل العذارى الحكيمات الذين إمتلأت قلوبهم بزيت النعمة وبمحبة المسيح ، فيشع نور المسيح من قلوبهم ، ومن حياتهم ...



ولنا فى تاريخ كنسيتنا المجيدة الكثير والكثير من الأباء القديسين الذين تحولوا من مسيحية التدين الظاهرى إلى واقعية الإيمان القلبى .. أمثال شاول الطرسوسى الذى صار فيما بعد القديس بولس الرسول .. وليديا بائعة الإرجوان فتحت قلبها للمسيح فصارت مؤمنة حقيقية (أعمال 16) ، بل هناك الكثير أيضاً ممن تحولوا من البعد والزيغان عن الله إلى قبول المسيح فصاروا مسيحيين حقيقيين أمثال القديس أغسطينوس ، والقديس موسى الأسود ، والقديسة مريم القبطية ، وغيرهم الكثير ...



أخى الحبيب ، تُرى من أى نوع أنت ؟

هل أنت من المسيحيين الإسـميين الذين عندهم المسيحية مجرد اسم ؟

أم من المتدينين المظهرين الذين عندهم المسيحية ممارسات جوفاء ، وهم أبعد ما يكون عن عمق التمتع بسكنى المسيح فى قلوبهم ؟

أم من الذين فتحوا حياتهم للمسيح فصاروا مؤمنين حقيقيين ؟



طلبتى إلى الله أن يمتعنا بسكناه الذى تعلمنا إياه كنيستنا فى قطع الساعة الثالثة إذ نقول : هلم تفضل وحل فينا ... وطهرنا من كل دنس أيها الصالح وخلص نفوسنا ... له المجد فى كنيسته إلى الأبد أمين ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010