تحقيق صحفى مع نيافة الأنبا موسى

تحقيقات
الأفعـــي تطل برأسها


مواجهة أجراها‏: ‏ عـزت السـعدني

من منطلق حبنا لتراب هذا البلد وصونا لكرامته وقداسته‏..‏ وخوفا عليه من كيد الكائدين التي قال فيها أحمد شوقي يوما‏:‏
وفي الأرض شر مقاديره‏..‏ لطيف السماء ورحماتها‏..‏ ونجي الكنانة من فتنة‏..‏ تهددت النيل نيرانها‏..‏

حاولنا أن نلم الشمل‏..‏ شمل الأسرة المصرية مسلميها وأقباطها‏..‏ بعد مسلسل الإشاعات المغرضة التي كادت أن تشعل نارا تأكل الطيب والخبيث‏..‏

علي أية حال‏..‏ لقد حملت همومي وظنوني وقلقي كله إلي أولي الأمر وأصحاب القضية والتي خرجت من تحت عباءتهم ومن تحت قبة كنائسهم‏..‏ ذهبت إلي الإخوة في الوطن والمصير ولقمة العيش والحياة اليومية بكل تفاصيلها ومفرداتها حلوها ومرها علي مر قرون طويلة‏..‏ لكي أتحقق وأعرف وأهدأ ويهدأ صراخ الغربان‏..‏ وتطاير الدخان والجمر تحت الكثبان‏..‏
طلبت مقابلة البابا شنودة الثالث زميل الدراسة في قسم الصحافة في جامعة القاهرة قبل دخوله سلك الرهبنة‏..‏ والمتمكن والعالم بأصول الدين المسيحي والإسلامي معا‏..‏ فهو يحتفظ في مكتبته بالكاتدرائية بعدد من المصاحف النادرة‏..‏ بل ويحفظ آيات وسورا من القرآن الكريم‏.‏
ولكنهم قالوا لي‏:‏ إنه معتكف لالتقاط الأنفاس بعد الأحداث الجسام خطأ مقصود أو غير مقصود هو رهن التحقيق الآن‏..‏ ترتب عليه رد فعل عنيف ومحزن‏.‏
بعد دقائق طلبني الصديق الأنبا يوآنس السكرتير الخاص للبابا وقال لي‏:‏ سيدنا سوف يقابلك حتما‏..‏ولكن وحتي تهدأ النفوس طلب أن يجلس معك ثلاثة من الأساقفة يوضحون لك ما خفي ويجيبون عن تساؤلاتك وتساؤلات الشارع المصري كله‏..‏ وما يقولونه تحت رعايته ومباركته وبتفويض من سماحته‏..‏ قلت‏:‏ آمين‏.‏
...............‏
‏...............‏
في العاشرة والنصف صباحا كنت في الكاتدرائية‏.‏
في العاشرة والنصف وخمس دقائق بدأت المواجهة‏..‏
أمامي في حجرة صالون كبير جلس ثلاثة من أكثر رجال الدين المسيحي علما وخلقا وأدبا‏..‏
الأنبا موسي أسقف الشباب وإلي جواره جلس الأنبا يوآنس السكرتير الخاص للبابا‏..‏ وفي المواجهة الأنبا أرميا مدير مكتب البابا‏..‏ والثلاثة فوضهم البابا واختارهم بنفسه لكي أجلس معهم وأفهم حقيقة الموقف‏..‏ وهو موقف صعب وحرج كأنه خيط رفيع يمسك طرفه الأول‏..‏ الإخاء والمحبة وعشرة قرون وأزمان وطرف تمسك به قطة سوداء تنوء بالفرقة‏.‏ وتموء بالفتنة‏.‏
قبل أن نتكلم تحرك أمام عيني شريط الأحداث الدامية التي قلبت شهر الصيام غما وأيام القيام قلقا وخوفا‏..‏ باختصار ودون دخول في تفاصيل نعرفها كلنا‏..‏ مسرحية تحت اسم‏:‏ كنت أعمي وأصبحت الآن أبصر‏..‏ عرضها مجموعة من الشباب الكنسي في كنيسة محرم بك قبل عامين بالضبط في يوم واحد وعرض واحد‏..‏
لا أحد يعرف كيف تذكرها من يريد إشعال نيران فرقة وفتنة نائمة فأرسل معلومات منها علي الإنترنت‏..‏ ودعوة للتجمع والاحتجاج أمام الكنيسة بعد أن تسرب عدد كبير من الاسطوانات الممغنطة‏C.D‏ إلي الجماهير يتضمن كل مشاهد المسرحية التي قالوا إنها تسخر من المسلمين وتعاليم الإسلام ونبيه سيد الخلق أجمعين‏..‏

وتفجرت المظاهرات أمام كنيسة محرم بك‏,‏ واشتبكت معها الشرطة كالعادة وتحطمت محلات ودور عبادة وصيدليات وسيارات وسقط ثلاثة قتلي وراهبة طعنت في الزحام‏..‏ ونحو‏80‏ جريحا‏,‏ واختلط الحابل بالنابل وتحول نهار الاسكندرية إلي ظلام تنعق فيه بوم الفرقة والفتنة والحقد الدفين‏..‏

أمامي الوجوه السمحة التي تسبح بحمد الله في بيت من بيوت الله هادئة إلا من قلق يرقد داخل العيون‏..‏ قلق علي البيت الكبير الذي نعيش فيه طول عمرنا والذي اسمه مصر‏..‏

قالوا لي‏:‏ سيدنا يقرئك السلام ويبارك خطوتك ولأنه في فترة التقاط الأنفاس فقد طلب منا ان نجلس معك بالصدق كله والحق كله‏..‏

قلت لمجمع الدين والعلم والخلق‏:‏ يا أخوتي نحن ركاب سفينة واحدة‏..‏ نجدف كلنا تسير‏..‏ يحاول أحدنا أن يخرقها أو يعيبها تغرق بمن فيها‏..‏ قالوا‏:‏ أمين‏..‏

قلت‏:‏ لكل نار عود ثقاب‏..‏ وعود الثقاب هنا فرع من كنيسة تحت رعايتكم هي كنيسة محرم بك في صورة مسرحية كنت اعمي واصبحت بصيرا‏..‏ كيف خرجت المسرحية من عباءتكم؟‏..‏ وكيف تم تصويرها؟ وكيف تم طبعها علي اسطوانة مدمجة‏C.D‏ تتناولها آلاف الأيدي الآن‏.‏؟

وأنا شخصيا حصلت علي واحدة منها‏..‏ شاهدتها أكثر من مرة؟
يسألوني‏:‏ مارأيك فيها؟
قلت‏:‏ رأيي أنا لايهم هنا‏..‏ المهم هل شاهدتم المسرحية انتم؟

قلت‏:‏ لماذ اخترتم الاسلام لنصنع منه مسرحية تعرض في الكنيسة‏..‏ هل هذا عمل صائب؟
ثم ماذا لو قام الجامع بعرض مسرحية تسيء إلي المسيحيين داخل الجامع‏..‏ ماذا كنتم ستقولون وقتها؟
الأنبا موسي اسقف الشباب يتدخل‏:‏ اديني فرصة من فضلك‏..‏ هذا سؤال مهم للغاية‏.‏ هل علمنا بأمر هذه المسرحية؟ هل سمحنا بها؟‏..‏ هل نشرناها؟‏..‏ هل طبعناها علي‏CD‏ ووزعناها؟
الجواب لكل هذه الاسئلة‏:‏ لا‏..‏ ولا‏..‏ ولا‏...‏

اسأل‏:‏ ومن أين عرفتم بأمر هذه المسرحية النارية؟
الأنبا موسي يجيب‏:‏ عرفنا من الصحف‏..‏ من الصحف التي يطلقون عليها الصحف المستقلة التي تنشر أي شيء وكل شيء المهم الاثارة والسبق الصحفي‏!‏
احنا عندنا‏3‏ آلاف كنيسة فيها شباب وعمال وخلق كثير كلهم يعملون ويقدمون ماعندهم لخدمة الدين والدولة والوطن‏.‏

اسأل‏:‏ الستم تشرفون علي كل كبيرة وصغيرة في هذ المجتمع الكنائسي الكبير؟
الأنباء موسي‏:‏ لا‏..‏ كل كنيسة قائمة بذاتها‏..‏ نحن فقط لنا الاشراف في الدعوة للدين‏..‏ لكن هل هذا منهجنا أن نسييء إلي أحد؟‏..‏ الجواب‏:‏ لا‏..‏ هل نحن نقبله؟‏..‏ الجواب‏:‏ لا‏..‏
الخطأ هنا وقع من كنيسة نائية من الـ‏3‏ آلاف كنيسة تتبعنا‏.‏

السؤال المهم‏:‏ هل نقبل الاساءة للإسلام؟
الجواب‏:‏ مستحيل‏..‏
قلت‏:‏ هذا صحيح تماما‏..‏
..............‏
لأننا في شهر الصيام‏..‏ وهم أيضا في أيام صيامهم فقد نسينا تماما فناجين القهوة‏..‏ ورحنا نسبح بحمدالله في معاني عبادة الرب‏..‏

اسأل نيافة المجمع الديني المبجل‏:‏ انتم اذن تدينون المسرحية؟
قالوا‏:‏ هذا صحيح‏..‏ خطـأ كنيسة وشباب صغير وراح لحاله‏..‏

قلت‏:‏ ماذا كان رد فعل البابا عندما وصل إلي علمه أو قرأ ما كتبته الصحف عن المسرحية التي فجرت الدنيا كلها؟
الأنبا موسي‏:‏ أري رد فعل مانشرت صحيفة معينة لتفاصيل المسرحية وأهاجت الرأي العام المسلم وحاولت ان تعمل فتنة‏..‏ لقينا بين ادينا جرنان ثاني كتب نفس الكلام وكمان جرنال ثالث‏..‏ إين أمانة الكلمة؟

اين ميثاق الشرف الصحفي؟ وأين أمانة الوحدة الوطنية؟
قلت‏:‏ فيه حرية صحافة في البلد‏..‏ والحكومة لايد لها علي هذه الصحف
يامولانا‏..‏ المشكلة أن كل بنت تريد أن تتزوج مسلما تبقي كافرة‏,‏ وكل المسلسلات والأفلام المصرية تتم حسب هواكم أو ترفع من شاشة التليفزيون حسبما ترون؟

قلت‏:‏ الرأي العام يقول انكم وراء هذا‏.‏
الأنبا موسي‏:‏ هو حس ان دا بيمس الوحدة الوطنية‏..‏ قال لا أحب هذا‏.‏

قلت‏:‏ الخلل الوحيد اللي اتعمل‏..‏ انه عمل مسرحية تتعرض للدين مباشرة موش كده ولا أيه؟
الأنبا موسي‏:‏ إحنا اتعرض أمامنا‏220‏ مسرحية مفيش حاجة تتكلم في الدين أبدا‏..‏

قلت‏:‏ أنا شفت في الكنيسة المعلقة افلام كان عاملها جورج سيدهم ويوسف داود وانعام سلوسة و هاني رمزي شفت حاجات زي كده لكن حاجات عادية وشفت الاولاد بيروحوا يتفرجوا في حجرة هناك وشرائط فيديو تباع‏..‏ بتصريح منكم‏..‏

قلت‏:‏ عاوزين نشوف رد فعل البابا قال إيه؟
قالوا‏:‏ قال استنوا

قلت سيدنا ماعملش لهم حاجة ماستدعاهمش هنا واتكلم معاهم؟
الأنبا موسي‏:‏ دول خايفين يروحوا بيوتهم وخايفين يروحوا الكنيسة لدرجة انهم قافلين موبايلاتهم‏.‏

السؤال الآن‏:‏ هل علمنا وهل سمحنا بهذا‏.‏ هل علمنا بها اطلاقا‏..‏ هل اتعرضت علينا وسمحنا بها؟
هل احنا اللي وصلناها للناس احنا لم نعلم بها من قبل ولم تعرض علينا‏.‏

قلت‏:‏ لكن في مقدمة المسرحية عبارة ان البابا وافق عليها؟
قال‏:‏ أولا لا البابا يعلم ولا يسمح ولا نشر ذلك كما تقول‏..‏ يجيء اسم البابا ازاي كاتبين هم ببركة صوت قداسة البابا وجابوا حتة من وعظة البابا واحنا كأقباط لما بنقول تحت رعاية قداسة البابا كلمة روحية ولكن دا كاتب نالت بركة صوت مش موافقة‏..‏ بصراحة أي واحد يقول ان رأس القبة والبيت يقول لك دا البابا شاف وبارك‏..‏ لم يحدث اطلاقا‏!‏

اسأل‏:‏ عندكم كام صوت مسيحي؟
قالوا‏:4‏ آلاف صوت مسيحي لازم حايدوا للوطني‏.‏

قلت‏:‏ هل الكنيسة لا تتدخل في الانتخابات ؟
الانبا موسي‏:‏ اطلاقا احنا اقباط آه‏..‏ احنا مع البابا اه‏..‏ لكن مع الوطني اختاره‏.‏

قلت مش شايفين ان لازم البابا يتكلم لان كلامه حايهدئ كل الناس ويهدئ كل المسائل‏.‏؟
الانبا موسي‏:‏ انا باطمئن الاخوة المسلمين الذين اضيروا واحنا كمان اضيرنا نفسيا ايضا بالاعتداءات اللي حصلت‏..‏ حتي الشرطة أضيرت أيضا علي الأقل فيه‏40‏ واحد من الشرطة انما المهمة ان رد الفعل للإخوة المسلمين كان عنيفا جدا ورد فعلنا كان ايه‏,‏ قالوا للبابا يا سيدنا اتكلم قال لهم ما هو أنا مجروح والمسلمين مجروحين طب أنا المجروح أيه رد الفعل اللي عملته؟
رد الفعل هو تخريب ومظاهرات وترويع للناس ايضا الانبا موسي‏:‏ فيه ناس سألوني البابا يعتذر‏,‏ قلت لهم البابا رمز ديني يعتذر ازاي؟ احنا رمز ديني يبقي فوق واحنا نوجه الناس‏,‏ طيب مسلمين اساءوا لنا هانقول لشيخ الازهر اعتذر‏..‏ احنا ندور علي الرمز الديني خلينا نوجه الصغيرين‏.‏

قلت‏:‏ الخطأ جاء من أين‏..‏ المسرحية خطأ‏.‏؟
قالوا احنا ندين اي عمل يسئ الي اي دين من الاديان
قلت‏:‏ أريد بيانا للكنيسة لكي يهدأ الجميع وتدخل الفئران جحورها؟
قالوا‏:‏ ان قداسة البابا والقيادات الكنيسية لا يرضيهم اطلاقا ان تجرح مشاعر المسلمين بأي صورة من الصور كما انهم ايضا متأثرون جدا بما أصاب الاقباط من ضرر معنوي ونفسي ومادي وان رد الفعل كان لدي الإخوة المسلمين عنيفا حيث ان روح الإسلام السمحة لا ترضي بهذا‏.‏

...........................‏
‏...........................‏
نريد للأفعي التي اسمها الفتنة أن تدخل جحرها‏..‏ وأن تعود كل خفافيش الظلام الي أوكارها‏..‏
حمي الله مصر ممن يتربصون بها ولك الله يامصر‏.

سلام ونعمة ليكم :
شكرا ليك يأخ حازم على تعب محبتك ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010