المحبة الأخوية



المحبة الأخوية
_________________


سمات المحبة الأخوية من هم إخوتي؟
-----------------------------------------
من هم إخوتي؟! تساؤل أطلقه السيد المسيح يحتاج أن نتمعن فيه. هل هم اخوتنا المولودون من الأب والأم "أخي ابن أمي وأبي"، أم أنهم اخوتنا في الإنسانية "كلنا أخوة"، فالأخوة حتى داخل البيت الواحد، درجات وأشكال، فنحن بالطبيعة اخوة بالنسب والدم.

وبالتربية والرعاية قد تسمو درجة العلاقة الأخوية لتصير أكثر نضجاً في أخوة روحية تؤصلها المحبة الأخوية.

الاخوة الجسدية:

اخوة وليدة اللحم والدم يوجدها أب وأم وترعاها الأسرة، سجينة العواطف الجسدية والعرقية والقبلية الضيقة. هذه الاخوة تموت بموت اللحم والدم فلا توجد. وقد تلغيها المنافع أو البغض.. ومثالاً على ذلك الأخ الذي قتل أخوه غيظاً وحسداً، والأخ الذي سرق أخوه فصارت العداوة بينهما وامتدت في نسلهما. ولعلك تذكر الأخوة الذين حسدوا أخاهم وغاروا منه فاتفقوا على بيعه. وهكذا تنهار بسهولة الأخوة الجسدية، فما أكثر الصراعات داخل البيوت بين الأخوة وما أكثر المشاجرات والخصام والتنافر والتباعد بين الأخوة داخل البيت الواحد، ولا تتعجب كيف صار الأخوة أعداءً؟!

الأخوة الإنسانية:

الله أب الإنسان بضرورة الخلق، وبالله أصبح كل إنسان على وجه الأرض أخاً لكل إنسان كحقيقة لا يمكن تجاهلها "أليس أب واحد لكلنا. أليس إله واحد خلقنا. فلم نغدر الرجل بأخيه.. (ملاخي 10:2). هذه الأخوة الإنسانية يزكيها الخضوع لله الواحد خالق الجميع. وتوجبها وحدة الحياة والألم في العالم "عالمين أن نفس هذه الآلام تجري على اخوتكم الذين في العالم (1بط 9:5)، وهذه العلاقة باقية ما بقي العالم، ومستمرة مادام يجمع الناس ألم مشترك، كمثال السامري الصالح الذي وجد إنسان ملقي على الأرض مجروح ومتألم وينتظر من يعينه وينقذه فساعده بكل ما يستطيع ويملك وهكذا صار قريباً له. فكما يقول سفر الأمثال "الأخ فللشدة يولد" (أم 17:17).

الأخوة الإنسانية قد يوجدها التقارب في الاهتمامات أو في الأهداف أو في المشاعر. فمثالاً على الأخوة في الاهتمام ما قام به يشوع الكاهن وأخوته وزربابل القائد وأخوته "وقام يشوع بن يوصاداق واخوته الكهنة وزربابل بن شألتئيل واخوته وبنوا مذبح إله إسرائيل ليصعدوا عليه محرقات كما هو مكتوب في شريعة موسى رجل الله (عزرا 2:3).

ومثالاً على الأخوة التي يصنعها التقارب النفسي العاطفي، داود ويوناثان "قد تضايقت عليك يا أخي يوناثان. كنت حلوا لي جداً. محبتك لي أعجب من محبة النساء" (2صم 26:1).

فالأخوة في البيت لا تتحقق إن لم يكن هناك تقارب نفسي ووجداني بين الأخوة وكذلك أهداف واهتمامات مشتركة. فإن لم تحرص الأسرة على المودة بين أفرادها وإن لم يوجد اهتمام مشترك واحد على الأقل يجمع أعضاء الأسرة، تفسخت رابطة الأخوة داخل الأسرة.

الأخوة الروحية:

فجاءت حينئذ اخوته وأمه ووقفوا خارجاً وأرسلوا إليه يدعونه. وكان الجمع جالساً حوله فقالوا له: هوذا أمك واخوتك خارجاً يطلبونك. فأجابهم قائلا: من أمي واخوتي؟ ثم نظر حوله إلى الجالسين وقال ها أمي واخوتي لأن من يصنع مشيئة الله هو أخي وأختي وأمي" (مرقس 31:3-35). السيد المسيح يعطي بعداً آخر لرابطة الأخوة. فرابطة الأخوة يجمعها الاتفاق على عمل مشيئة الله كأبناء لله.

الاخوة الروحية تتطلب أن نولد ولادة روحية من الله (يوحنا 12:1-13). فنصير أبنا له بالتبني واخوة للرب يسوع المتجسد. فالاخوة الإنسانية التي اشترك فيها يسوع المسيح ابن الله بالتجسد، قدسها ودعاها للدخول مع أبوة الله في رباط أبدي بصفته ابناً أزلياً وحيداً للآب ومن جوهره. فأصبح كل إنسان بالإيمان أخاً ليسوع المسيح" لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم أخوة (عب 11:2) من ثم كان ينبغي أن يشبه اخوته في كل شيء (عب 17:2) فهذه العلاقة الروحية أوجدها يسوع المسيح فينا بتجسده، ثم وهبها لنا بروحه القدوس. وبهذه العلاقة الجديدة نكون أهل بيت الله، وتقوم الرابطة الاخوية بيننا على الإيمان وعلى ارتباطنا الحي بالمسيح.

الاخوة الروحية رابطة قوية لا تنفصم ولا تنهار ولا تضعف مع الزمن ولا تموت بموت الاخوة. الاخوة الروحية تبدأ على الأرض وتمتد في السماء. فما أسعد البيت الذي ارتبط أبناؤه باخوة روحية في المسيح وبالمسيح. الأمر يحتاج إلى استعداد وسعي لتقبل هذه النعمة الإلهية، بالصلوات والتضرعات لله القادر أن يهبنا هذه الرابطة الروحية.

المحبة الأخوية

"لتثبت المحبة الأخوية" (عبرانيين 1:13)

ماذا أفعل؟ أبنائي كثيرو الشجار مع بعضهم؟!

أغار من أخي

أنهم يحبون أخي أكثر مني

كيف ننمي العلاقة بين الاخوة داخل البيت الواحد؟ وكيف نزيد من المحبة الاخوية؟ وكيف ننتقل بها من رابطة جسدية إلى رابطة إنسانية وروحية؟

المحبة الاخوية، وصية غالية أوصانا بها السيد المسيح عدة مرات وكررها في مناسبات عديدة وقال: "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً (يوحنا 34:13) "هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم" (يوحنا 12:15). "بهذا أوصيكم حتى تحبوا بعضكم بعضاً" (يوحنا 17:15).

وإلحاح الرب يسوع على أن تكون المحبة فيما بين تلاميذه، جعلت يوحنا البشير يركز خدمته ورسالته على المحبة الاخوية ويلخص أهميتها بقوله: "بهذا قد عرفناالمحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الاخوة. وأما من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه (1يو 16:3-17). وكذلك يقول: "من يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه عثرة. وأما من يبغض أخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم أين يمضي لأن الظلمة أعمت عينيه" (1يو 10:2-11).

فالمحبة الاخوية إن كانت انعكاس لحب الرب يسوع لنا فبالتالي كل من ارتبط بالرب يسوع وتذوق هذا الحب يستطيع أن يعكس هذا الحب على اخوته. وقد اعتبر الرب يسوع الحب الأخوي أعظم شهادة على تلمذة الرسل له "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي" كما اعتبر يوحنا البشير أن المحبة الاخوية العلامة الأكيدة أننا انتقلنا من الظلمة إلى النور.

ومعلمنا بطرس في رسالته الثانية عندما طلب من المؤمنين أن يقدموا ثمار الإيمان قال: ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد قدموا في إيمانكم فضيلة، وفي الفضيلة معرفة. وفي المعرفة تعففا وفي التعفف صبراً وفي الصبر تقوى. وفي التقوى مودة أخوية وفي المودة الأخوية محبة (2بط 5:1-7) ومعنى هذا أن المحبة الأخوية هي قمة العمل الروحي في حياة الإنسان.

سمات المحبة الأخوية

المحبة الأخوية لا تمثل المحبة الطبيعية للبشر، إذ أنها لا تقوم إلا بواسطة الولادة الجديدة (1بط 22:1). وتنطلق أولاً داخل البيت، ثم داخل الجماعة المؤمنة في الكنيسة ثم تمتد إلى كل البشر.

وهي تتسم بالود "وادين بعضكم بعضاً بالمحبة الأخوية مقدمين بعضكم بعضاً في الكرامة (رومية 10:12) والتعاون المتبادل "فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء ولا نرضي أنفسنا" (رومية 15:1). والإحسان "إذ لم يكن فيهم أحد محتاجاً لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات" (أع 34:4). والرقة "وأما من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه" (1يو 17:3).

والحرص من عثرة اخوتنا "ولكن انظروا لئلا يصير سلطانكم هذا معثرة للضعفاء. لأنه إن رآك أحد يا من له علم متكئاً في هيكل وثن أفلا يتقوى ضميره إذ هو ضعيف حتى يأكل ما ذبح للأوثان. فيهلك بسبب علمك الأخ الضعيف الذي مات المسيح من أجله. وهكذا إذ تخطئون إلى الأخوة وتجرحون ضميرهم الضعيف تخطون إلى المسيح. لذلك إن كان طعام يعثر أخي فلن أكل لحماً إلى الأبد لئلا اعثر أخي (1كو 9:8-13).

وبتحاشي الحزازات والذم والإدانة "فإذا كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضاً فانظروا لئلا تفنوا بعضكم بعضاً" (غل 15:5)، "لا يذم بعضكم بعضاً أيها الاخوة الذي يذم أخاه ويدين أخاه يذم الناموس ويدين الناموس وإن كنت تدين الناموس فلست عاملاً بالناموس بل دياناً له (يع 11:4).

والحرص على دوام الود والمحبة بإزالة الخلاف بالعتاب الرقيق "وإن اخطأ إليك أخوك فأذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما إن سمع منك فقد ربحت أخاك (متى 15:18).

الاخوة الروحية تتطلب أن نولد ولادة روحية من الله (يوحنا 12:1-13). فنصير أبنا له بالتبني واخوة للرب يسوع المتجسد. فالاخوة الإنسانية التي اشترك فيها يسوع المسيح ابن الله بالتجسد، قدسها ودعاها للدخول مع أبوة الله في رباط أبدي بصفته ابناً أزلياً وحيداً للآب ومن جوهره. فأصبح كل إنسان بالإيمان أخاً ليسوع المسيح" لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم أخوة (عب 11:2) من ثم كان ينبغي أن يشبه اخوته في كل شيء (عب 17:2) فهذه العلاقة الروحية أوجدها يسوع المسيح فينا بتجسده، ثم وهبها لنا بروحه القدوس. وبهذه العلاقة الجديدة نكون أهل بيت الله، وتقوم الرابطة الاخوية بيننا على الإيمان وعلى ارتباطنا الحي بالمسيح.

الاخوة الروحية رابطة قوية لا تنفصم ولا تنهار ولا تضعف مع الزمن ولا تموت بموت الاخوة. الاخوة الروحية تبدأ على الأرض وتمتد في السماء. فما أسعد البيت الذي ارتبط أبناؤه باخوة روحية في المسيح وبالمسيح. الأمر يحتاج إلى استعداد وسعي لتقبل هذه النعمة الإلهية، بالصلوات والتضرعات لله القادر أن يهبنا هذه الرابطة الروحية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010