++++++++++++
هل العتاب ضد التسامح و المغفرة؟
العتاب ليس ضد التسامح و المغفرة بل إنه وصية كتابية إذ يقول رب المجد "وان اخطأ اليك اخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما . ان سمع منك فقد ربحت اخاك. وان لم يسمع فخذ معك ايضا واحدا او اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين او ثلاثة. وان لم يسمع منهم فقل للكنيسة . وان لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار" (مت 18 : 15-17). لذلك فلا يوجد مانع أن نتعاتب إذ إنه حق أعطاه لنا السيد المسيح أن نعاتب من أخطأوا فى حقنا.
متى يمكن أن نعاتب الآخرين؟!
1- حينما يكون الخطأ من الآخر متكرر دون أن يشعر أنه يخطئ فى حقى. و قد أحتمل أنا خطأ هذا الآخر و لكن غيرى قد لا يحتمل. و بالتالى يجب علىّ لفت نظره و تنبيهه حتى لا يخسر الآخرين.
2- حينما أكون أنا نفسى لا أستطيع الاحتمال أكثر من ذلك، فبدلاً من أن أخسر صديقى للأبد علىّ أن أعاتبه. و الشيطان يستغل فرصة الخطأ من صديقى حتى يوحى لى بأن هذا الصديق لا يحترمنى أو لا يحبنى أو .. أو ..، و لكن بالعتاب يتم قطع خط الرجعة على الشيطان و هدم خططه الشريرة. فيكون فى هذه الحالة العتاب ضرورياً جداً لننتصر على الشيطان.
ما هى شروط العتاب المسيحى؟
1- المحبة و المغفرة:
إياك أن تعاتب آخر و أنت لم تسامحه بعد، فعليك بتفريغ ما بداخلك مع الله و أب الاعتراف حتى تكون صافياً من الداخل قبل أن تذهب لتعاتب أخاك. و ذلك لأن العتاب فى وجود ضيق بالقلب سوف يقود لنتائج سيئة جداً، بل أسوأ من قبل العتاب. كأن يذهب شخص لعتاب أخاه و هو متجهم و مقطب الجبين و يبادره قائلاً "انا فكرت كتير أعاتبك و لا لأ، و بعدين قلت خلينى أنا الأحسن و الأكبر و آجى لحد عندك بنفسى. و إنت عملت كذا و كذا، و واحد غيرى كان عمل فيك كذا و كذا .. لكن علشان أنا الأحسن فقلت آجى أعاتبك". أى عتاب هذا الذى يبدأ بقسوة و بطريقة هجومية؟! إنك بهذا تشعره بالدونية فى بدء كلامك و بالتالى لن يقف أخوك مطأطئ الرأس و يضرب لك مطانية و يطلب المغفرة لأنه لا يوجد إنسان يحب أن يكون فى موقف المخطئ و المذنب. لذلك يجب أن تذهب للعتاب و أنت منتصر على نفسك لأنك إن عاتبت و أنت لم تسامح أخاك بعد لأنك فى قرارة نفسك تدينه لأنه أخطأ إليك. فإن كان هو أخطأ فى حقك، فأنت مخطئ أيضاً فى حقه بخطية الإدانة - بل أكثر من ذلك لأنك بخطية الإدانة تخطئ فى حق الله نفسه. فالمحبة و التسامح هو أول نقطة فى شروط العتاب المسيحى.
2- الغرض من العتاب أن تربح أخاك
ليس الغرض من العتاب هو إثبات حق لى عند أخى، أو تجريمه، أو إشعاره بالذنب و إنما الغرض الرئيسى كما قال السيد المسيح هو أن أربح أخى فى المسيح. إن أخى أخطأ فى لحظة ضيق أو غضب، و أنا أريد ألا أخسره فعلىّ بعتابه حتى أربحه. أما العتاب بدون هذا الغرض فهو عتاب مغلف بالذات و الكبرياء التى تأبى أن توجه لها إهانة و الغرض هو إرضاء ذاتى و كبريائى فقط. فلا يكون العتاب مثل أن تقول "على فكرة .. دى مش أول مرة ولا تانى مرة، و أنا عمال أفوت لك و أبلع لك الغلط. بس ما توصلش بقى إنك تفهم إنى موطى علشان تركب و تدلدل رجليك. يعنى إنت غلطان غلطان". هذه ليست الطريقة المسيحية لأنى بهذا ذاهب للعتاب و أنا خاسر أخى من الأساس لأن الشرط الأول غير متوفر و هو المحبة.
3- السرية
إياك أن تشهر بأخيك الذى أخطأ فى حقك إما بالتشهير أو الإعلان أو عقد المجلس. كأن تجلس فى وسط أصدقاء مشتركين للطرفين و تبدأ تقول "شايفين عمل فىّ إيه؟؟ شايفين كلمنى إزاى؟ شايف قال إيه؟ أنا لو مش متربى كنت رديت عليه و كنت قلت و عملت". إن السيد المسيح قال لنا من شروط العتاب أن أذهب لأخى و أعاتبه وحدنا. ثانى شئ هو الاعلان عما دار فى جلسة العتاب المفترض إنها سرية، كأن تذهب لتقول لأحد الأطراف المشتركة و تقول "أسكت .. مش قعدت مع فلان اللى غلط فى حقى .. و مسحت به الأرض .. بقى مش عارف يودى وشه فين و عمال يقول يا أرض إنشقى و إبلعينى، و قلت له إنت كذا و كذا و كذا، و بقى عرقه مرقه .. و ... و ... و ...". لقد أفسدت بذلك شرط السرية لأنك أعلنت ما دار فى جلستك السرية مع أخيك. و ثالث شئ هو عقد جلسة صلح يحضرها آخرين حتى يحكموا بينكما. دعونى أسأل ما هو الغرض من وجود هذا المجلس؟! هل هو لإثبات أنك على حق و أخوك مخطئ؟! و ماذا إستفدت؟ لقد جعلته يشعر بالخجل الشديد و خسرته للأبد و لم يتحقق الشرط الثانى و هو أن تربح أخاك. لذلك يجب أن يكون العتاب سراً تماماً بينك و بينه حتى لا تخسره.
4- توقع المقاومة
حتى لو أنا صاحب حق و ذهبت لعتاب أخى فهل من المتوقع أن يستسلم أخوك من أول كلمة و يخر ساجداً طالباً المغفرة و يقر بذنبه؟! إن أول شئ سيحاول عمله هو التملص من العتاب لأنه يشعر فى قرارة نفسه أنه فى موقف محرج فينكر أن هذا الكلام أو هذا الموقف حدث من الأساس. و إن تذكر هذا الكلام أو الموقف يبدأ فى نفى أن يكون الموقف حدث كما قلته أنا بل يحاول أن يغير الكلام. و إن أقر بحدوث الموقف كما رويته سيبدأ فى إلقاء اللوم علىّ لأن خير وسيلة للدفاع هى الهجوم و سيقوم بعمل هجوم مضاد ليصادر حقى فى العتاب و يثبت أنى السبب فيما حدث و يكون أنا المخطئ و ليس هو، و الأولى أن أعتذر له أنا. فما العمل؟! لقد تسامحت، و ذهبت لأربح أخى فى سرية، و كان رد فعله تكذيبى .. فماذا أفعل فى هذه الحالة المستفزة للأعصاب؟! لذلك يجب أن أذهب لعتاب أخى و أنا متوقع هذه المقاومة و ألا أهتم بما سيقوله لأن الغرض الرئيسى أن أعلمه بأن هذا الكلام أو الموقف الذى حدث منه قد أحرجنى أو أحزننى، و لقد وصلت الرسالة. أنا لست ذاهب لأعاتب أخى حتى يعتذر لى، بل بالعكس لأنه لو بادر بالاعتذار علىّ أن ألطف الجو و أقول له "إحنا إخوات .. هو أنا مستنى منك إعتذار و الكلام الفاضى ده؟؟ أنا بس حبيت أفضفض معاك لأنى بأحبك". هذا لأن الهدف الرئيسى هو أن أربح أخى و ليس أن يعتذر لى. و ليس بالضرورة أن يعتذر لى بالكلام و يقول "أنا آسف" لأنه من الممكن أن يقدم إعتذاره بطريقة أخرى كأن يقدم لى كوب عصير، أو خدمة، أو هدية، أو دعابة. فقد يكون قد وجه اللوم لنفسه و ليس عنده إستعداد لمزيد من العتاب لأنه مجروح من الداخل بسبب الموقف السخيف الذى وضع نفسه فيه.
5- العتاب بتواضع
حينما أذهب لأخى و أقول له "أنا لىّ عندك عتاب" سيبدأ يتحفز لأى كلام ستقوله و يجهز الدفاع اللازم للرد عليك و تبرير خطأه إن لم يكن نفى الخطأ عن نفسه و إشعارك أنك أنت المخطئ. لكن نتخيل أنى ذهبت لأعاتب أخى قائلاً "أنا عارف قد إيه إنت بتحبنى، و إنت عارف قد إيه إنى بأحبك .. بس الظاهر إنى ضعيف فى نقطة معينة و بأزعل من أى حاجة و حساس بزيادة لما قلت لى كذا و كذا و كذا". يحكى بستان الرهبان عن أخين قد ترهبا معاً فى نفس الدير، و كانا يحبنا بعضهما بعضاً جداً مما أثار الشيطان عليهما و قرر أن يحاربهما و يوقع بينهما. و فيما هما يشتغلان عمل يديهما بعمل القناديل التى تضاء فى الكنيسة قام الأخ الأكبر بإعطاء قنديل قد عمله إلى أخيه الأصغر حتى يضعه جانباً، فوضعه الأخ الأصغر كما قال له، و لكن جاء الشيطان و ضرب القنديل فأوقعه و انسكب الزيت. فعاتب الأخ الأكبر أخاه الأصغر و قال له أن يضع القنديل الآخر بحرص حتى لا ينسكب و ينكسر، فأطاع الأخ الأصغر و لكن جاء الشيطان للمرة الثانية و ضرب القنديل فأوقعه. فما كان من الأخ الأكبر إلا أن إغتاظ و قام و صفع أخاه الأصغر على وجهه أمام رهبان الدير كلهم. فماذا كان رد فعل الأخ الأصغر؟ لقد إنطرح عند قدمى أخيه طالباً العفو و المغفرة لأنه تسبب فى غضبه فبكى الأخ الأكبر و اعتذر لأخيه و هو محتضنه باكياً فكانت دموعه سبب إحراق الشيطان. هكذا نرى كيف أن الاتضاع و اللطف فى العتاب يجعلنى أربح أخى، و لكن العتاب بكبرياء نتيجته معروفة مسبقاً.
6- العتاب بحكمة
أولا: وقت العتاب
يجب ألا يكون عتابى لأخى و هو متعب أو غاضب من شئ ما. كأن تكون فتاة تشعر بحزن ما بسبب والدتها فتبادر والدتها و هى عائدة من العمل و تقول لها "يا ماما .. أنا زعلانة بسبب كذا و كذا و كذا". إن رد الفعل الطبيعى من الأم سيكون "بأقول لك إيه؟؟ أنا مش فايقة للكلام الفاضى ده .. و لو زعلانة إتفلقى و إشربى من البحر كمان". هذا لأن البنت لم تختر الوقت المناسب للعتاب. إن السيد المسيح حينما أراد أن يعاتب بطرس على إنكاره لم يتحين أول فرصة بعدما خرج من ليلة طويلة من الفشل فى الصيد ليعاتبه - بل تركه حتى إستراح و أكل، ثم بدأ يعاتبه فى محبة.
ثانياً: زمن العتاب
يجب أن يكون العتاب مختصراً و بدون إعادة و تكرار، و لكن ما يحدث أننى أعاتب أخى فيعتذر فأقوم بتذكر نقطة أخرى فأعاتبه ثانية فيعتذر مرة أخرى على مضض، ثم أتذكر مرة أخرى شئ آخر فأقوله فيغضب و قد يثور و يقول "يا سيدى أنا بنى آدم كلى مساوئ و إنت اللى ملاك .. مش عاجبك فارقنى يا أخى أنا قرفت". حينما عاتب السيد المسيح المرأة التى أمسكت فى ذات الفعل لم يقل لها سوى ثلاث كلمات "أما دانك أحد؟!" فربح هذه المرأة. تخيلوا معى لو كان السيد المسيح قال لها "عاجبك منظرك كده؟! يعنى شكلك إيه دلوقت؟ اللى ما يشترى يتفرج .. إنت تستاهلى الرجم و الدبح كمان .. بس أنا حأسامحك". إنه بهذا يدمرها من الداخل فلا يكون للعتاب نتيجة إيجابية بل سلبية. لقد عاتب السيد المسيح يهوذا بكلمة، و بطرس بنظرة. لهذا يجب ألا يكون عتابنا للآخرين فيه إعادة و تكرار تثير الطرف الآخر.
7- ماذا لو رفض الطرف الآخر العتاب؟!
قد يقلب الطرف الآخر العتاب إلى شجار و هياج، فلا يكون رد فعلى كأن أقول "الحق علىّ إنى إعتبرتك بنى آدم و جيت أعاتبك .. إنما إنت أصلك ما ينفعش معاك غير كذا و كذا و كذا". إنى بهذا خسرت أخى للأبد! و لكن العتاب المسيحى يجب أن يكون بمحبة لذلك فعلىّ أن أتصرف كما يلى:
أولاُ: أعتذر عن فتح الموضوع فى وقت غير مناسب و أنصرف فى هدوء حتى لا أزيد من هياجه مما سيتعبنى نفسياً أيضاً.
ثانياُ: لو حدث تعب نفسى لى علىّ أن ألجأ لأب إعترافى أو مرشدى الروحى أو خادم مختبر كبير. فالسيد المسيح قال لنا أن نعاتب فى سرية، و إن لم يسمع فليكن فى حضور إثنين أو ثلاثة يمتازون بالحكمة، و إن لم يسمع فليكن فى حضور كاهن أو خادم كبير من الكنيسة ليصلح بينى و بين أخى، فإن لم يسمع فليكن عندى كالوثنى أو العشار - أى أن أختصر التعامل معه بمحبة و ليس بكره حتى إن شاءت الظروف أن ألتقى به فيجب أن أسلم عليه بمحبة و بشاشة، و إن قصدنى فى خدمة أنفذها له.
ربنا يعطنا فضيلة الاحتمال و المحبة و الاتضاع و التى بها نستطيع أن نعاتب أخانا و نربحه فى المسيح
ببركة و شفاعة و صلوات السيدة العذراء أم النور والدة الإله القديسة مريم .. آمين
ببركة و شفاعة و صلوات السيدة العذراء أم النور والدة الإله القديسة مريم .. آمين
سلام الرب لكم :
الموضوع بجد حلو وفادنى وعرفنى حاجات كتير وفعلا كنت اوقات بغلط فى نقط معينة من اللى انت قلتها لكن انا مرة حبيت اعاتب صحبتى قالت (مابحبش العتاب)وللأسف سكت علشان قولت احتمال فعلا انها مش بتحب العتاب لكن للاسف النتيجة ان المسافة بينا بعدت علشان ماعاتبتهاش فكان لازم كنت فعلا اختار الوقت الناسب والطريقة المعينة وكمان اعتقد ان كل واحد على حساب طريقة شخصيتة ونظام عتابة وبجد ان حاحاول فعلا اقرب المسافة تانى .
يارب أذكرنا فى صلاتك
`17`
+ سلام ونعمة +
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.