الأدفنتست والاسرار انيافة الانبا بيشوى



أولاً: سر المعمودية
1- المعمودية شرط للخلاص :
إن المعمودية هامة لنا كمسيحيين، وقد اعتبرها السيد المسيح شرط أساسى، لمعاينة ملكوت السموات، وقد أوصى تلاميذه قبل صعوده للسموات قائلاً: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس" (مت 19:28)، أى تم التعميد على اسم الثالوث الواحد المثلث الأقانيم. وكذلك قال: "من أمن واعتمد خلص" (مر 16:16). فكما أن الإيمان شرط لنيل الخلاص، كذلك المعمودية شرط للخلاص، لذلك لم يقل: "من آمن خلص"، بل "من آمن واعتمد خلُص".
2- العماد عند السبتيون :
إن السبتيون لا يؤمنون أن المعمودية لازمة للخلاص، ويعتبرونها فريضة فقط، وأن الخلاص هو بالإيمان وحده. ويستشهدون بالآية "آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك" (أع 31:16) التى قالها بولس الرسول لسجان فيلبى عندما أراد أن يقتل نفسه، ظناً منه أن المساجين قد هربوا، ولكن هذه الآية كانت لها قصتها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، أن هذه القصة كانت لها تكملة. وهى أنه قد اعتمد، هو وكل أهل بيته، كنتيجة لهذا الإيمان.
إن الكنيسة لا تعترف بمعمودية البروتستانت، لأن بولس الرسول قال: "رب واحد
إيمان واحد معمودية واحدة" (أف 5:4). فإذا كان الرب واحد، وهو الذى نؤمن به، وهو الإله الواحد المثلث الأقانيم، ويؤمنون بالرب يسوع المسيح، لكن إيمانهم بباقى الأسرار الكنسية، وبأمور أخرى يختلف عن إيماننا، فالإيمان هنا مختلف. وكيف يؤمنون بمعمودية واحدة، وهم لا يؤمنون بسر الكهنوت، والكاهن هو المسموح له بالتعميد؟!!. فلا يمكن أن تكون معمودية واحدة، إلا إذا كان إيمان واحد.
وإن كانوا لا يؤمنون بالمعمودية كشرط للخلاص، فكيف يمكن أن الإنسان ينال الولادة الجديدة فى معموديته، وهو يعتبر أن المعمودية شئ شكلى، أو فريضة لإعلان الإيمان فقط؟!!
إن المعمودية هى المدخل لباقى أسرار الكنيسة، فهى الباب الذى يعطينا الحق فى ممارسة أسرار الكنيسة، من سر الإعتراف... وسر مسحة المرضى... وسر الكهنوت... وسر الزواج. والسيد المسيح قد أرسل تلاميذه لكى يعمدوا، فلا يمكن أن يدخل أحد ملكوت السموات بدون عماد، حتى إذا كان طفلاً صغيراً، وإلا كيف تغفر الخطية الجدية؟!!
لقد حدث خلاف بين القديس جيروم والقديس أغسطينوس، حول أصل النفس (أى الروح الإنسانية)، وهل هى مولودة أم مخلوقة، فقال القديس أغسطينوس: (إن كانت مخلوقة فهى لم ترث خطية آدم، فلماذا إذن نعمد الأطفال؟!) من كتاب "اللاهوت المقارن" لقداسة البابا شنوده الثالث، إذ يؤكد أن الإنسان يرث الخطية الأصلية عند ولادته كطفل، لذلك لابد أن يعمد الأطفال، فلا يستطيع الطفل أن يدخل ملكوت السموات إن لم يولد من فوق، والسيد المسيح قال: "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو 5:3).
وفى هذا الجيل حدثت القصة التالية، التى تبين لنا قوة وفاعلية المعمودية: إحدى الطبيبات من دمياط، وهى الآن راهبة بدير الأمير تادرس، كانت تعمل بعد تخرجها فى مستشفى فم الخليج. وكان هناك طفلاً عمره حوالى إثنتى عشرة سنة، وكان مريضاً بسرطان الدم، وبدأت نسبة السرطان تزداد حتى وصلت إلى 90%، ثم أثبتت التحاليل حدوث زيادة أكثر من ذلك، وكانت هذه الطبيبة فى ذلك الوقت خادمة فى كنيسة العذراء بجاردن سيتى، وبدأت هذه الطبيبة تحكى لأسرة الصبى المريض، عن قوة وفاعلية المعمودية، والتناول من الأسرار المقدسة، وكانت هذه الأسرة بروتستانتية، وظلت تتحدث معهم، حتى شعروا بالاشتياق لسر العماد المقدس. وأبلغت هذه الخادمة قداسة البابا شنوده الثالث بالأمر، وبالفعل قام قداسته بعماد هذه الأسرة جميعها بنفسه، ثم تناولوا من الأسرار المقدسة، وقد صلى قداسة البابا لهذا الطفل المريض، ثم بعد ذلك عاد إلى المستشفى، وقد اعيد إجراء التحاليل له، وكانت المفاجأة أن نتيجة التحاليل صفر%، وذلك ببركة العماد المقدس، وبركة صلوات قداسة البابا شنوده الثالث. وقد تمت هذه القصة فى سنة 1981م، وهذا يعطينا فكرة عن البركة التى نالتها الأسرة، بواسطة إيمانها بسر العماد المقدس، وإيمان قداسة البابا شنوده الثالث أطال الله حياته، وإيمان الطبيبة، وإيمان الأسرة كلها.لذلك فإن الكنيسة تقرأ إنجيل المولود أعمى يوم أحد التناصير "قال له اذهب اغتسل فى بركة سلوام الذى تفسيره مرسل فمضى واغتسل وأتى بصيراً" (يو 7:9). فالمعمودية بها استنارة، وبهذه الاستنارة يستطيع الإنسان أن يرى الملكوت، لذلك تشدد الكنيسة فى تعميد الطفل صغيراً.
إن كان هناك إنساناً مريضاً بالفعل، فإنه يشفى بالعماد، لكن إذا مرض الإنسان بعد المعمودية، لا يمكن رشمه بماء المعمودية، لأن المعمودية لا تتكرر، ولكن يوجد سر آخر هو سر مسحة المرضى، أما الإنسان الغير معمد، إذا آمن بالمسيح وبالمعمودية المقدسة، فلا يلزمه هذا السر لأن العماد نفسه يكون شفاءً له، مثل الإنسان عندما يأتى للعماد، يعترف بخطاياه أمام الأب الكاهن أو الأسقف الذى سوف يقوم بعماده، ثم يأخذ الحل أثناء صلوات المعمودية نفسها، فيكون سر الاعتراف مدفوناً داخل سر المعمودية، فلا يلزمه أن يمارس سر الاعتراف كسر قائم بذاته. لكن إذا أخطأ بعد العماد، لابد من ممارسة سر الاعتراف، وذلك لأخذ الحل، والتصريح بالتناول.
بالمعمودية يغتسل الجسد من القذر الذى حوله، وتغتسل الروح أيضاً، ويتنقى الإنسان من الداخل، ومن الخارج. فإن كان الماء هو الوسط المنظور الذى نراه، لكن الروح القدس يعمل بصورة غير منظورة، بدون أن نراه داخل المعمودية، يغسل النفس والروح من كل الخطايا الجدية، والخطايا الفعلية التى صنعها الإنسان قبل عماده. وبذلك يكون الإنسان مولوداً من فوق، مولوداً من الله، ومعه السلطان أن ينتصر على إبليس بقوة الصليب المحيى.
ثانياً: سر الميرون
فلك نوح كان رمز لجسد يسوع المسيح، وبتقديم جسد يسوع ذبيحة على الصليب، خلصنا نحن من طوفان بحر العالم، ومن الهلاك الأبدى. والحمامة التى دخلت الفلك من الطاقة. مثل الروح القدس الذى استقر بهيئة جسمية، مثل حمامة على رأس السيد المسيح، فى مياه نهر الأردن. فمنظر الأردن مثل فلك نوح عندما أعيد تجديد الحياة مرة أخرى.
وغصن الزيتون يرمز إلى زيت الزيتون، وزيت الزيتون هو الذى يستخدم فى المسحة المقدسة فى الميرون. فبعد العماد، يرشم المعمد بزيت الميرون المقدس الذى فيه مسحة الروح القدس، وبذلك يكون ممسوحاً بالروح القدس. ولذلك كلمة مسيحى تقال، لأنه قد مسح بالمسحة المقدسة، وكذلك نسبة إلى السيد المسيح، وبهذا نرى أن الطوفان يرمز للمعمودية، والحمامة حاملة غصن الزيتون، ترمز إلى سر الميرون الذى يعقب المعمودية.
ثالثاً: سر الإفخارستيا
1- التناول هو مركز الخلاص فى الكنيسة :
التناول هو مركز الخلاص فى الكنيسة، عندما نعمد طفل فبعد العماد يتناول الطفل، وعندما نرسم قس فيكون ذلك أثناء القداس الإلهى، وفى سر الزواج فى الأساس كان يتم بين رفع بخور باكر وبين القداس، وعندما نعمل سر مسحة المرضى، يكون إما يوم جمعة ختام الصوم، بين رفع بخور باكر والقداس، أو فى المنزل، ونصلى ونطلب من الرب شفاء المريض، حتى يستطيع الذهاب إلى الكنيسة، والتناول مع الشعب. وإذا لم يستطع
من الممكن أن يتناول فى البيت، وكذلك بعد العماد يتم الرشم بالميرون، ثم التناول، وكذلك سر الإعتراف، الشخص يحضر للاعتراف، لكى يحالل من خطاياه بسلطان الروح القدس، من فم الأب الكاهن، ويستحق أن يتقدم للتناول من الأسرار المقدسة.
فكل أسرار الكنيسة السبعة، مركزها هو جسد الرب ودمه (سر الإفخارستيا)، لذلك الكاهن عندما يبخر يدور حول المذبح، وذلك لكى يؤكد أن المذبح، هو مركز عمل الخلاص فى الكنيسة، وهو حضور ذبيحة الصليب فى الكنيسة، ومن البداية المسيح ولد فى بيت لحم، ومعنى بيت لحم باللغة العبرية تعنى بيت الخبز، أى أنه من ساعة ولادة السيد المسيح، وهو يعلن أنه خبز الله النازل من السماء، الواهب حياة للعالم، كما قال فى الكتاب: "لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم" (يو 33:6) وقال أيضاً "أنا هو خبز الحياة" (يو 48:6) وأيضاً "أنا هو الخبز الحى الذى نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذى أنا أعطى هو جسدى الذى أبذله من أجل حياة العالم" (يو 51:6).
2- التناول صورة واضحة لمحبة الله :
التناول من جسد الرب ودمه، يعطينا فكرة عن محبة الله بصورة واضحة، وفى كتاب "أصداء التضرعات الروحية" (صلوات خشوعية لآباء الكنيسة) طبعة مكتبة المحبة يقول: "مَن مِنْ السادة بذل أقنومه دون العبيد أو أى راعى يقدم للغنم ذاته أو أى محب ذبح نفسه للأصدقاء أو أى والدة أطعمت الرضيع لحمها فالذى لم تستطعه محبة الوالدات فعلته المراحم لنا مجاناً".
فالمسيح قد ولد ووضع فى مزود الغنم، الذى يأكلونه فيه لأنه أتى لكى يكون خبز للعالم، المشبه بالحيوانات الموجودة فى الحظيرة، ويحول هذه الحيوانات إلى بشر حقيقيين، فولد الحمل فى وسط الحملان، وجاء الراعى وجاء إليه الرعاة، ومن هى الأم التى قدمت لنا لحمها مجاناً، فنحن نسمع فى أيام الحصار فى العهد القديم، حتى فى حصار أورشليم، أن الأمهات ذبحوا أولادهم وأكلوهم، من شدة الجوع، لكن محبة الله، منحتنا أن نتناول من جسد الرب.
ومن المعروف أن من يحب أحد، يحب أن يقترب إليه، والأم تحب طفلها، وتحب أن ترفعه على يديها، أو تحضنه، ومن الممكن أن تضمه بشدة إلى صدرها، من شدة محبتها له، فالله لكى يؤكد لنا محبته، ليس فقط أن سمح أن نحتضنه، ولكن سمح إننا نتناوله فى داخلنا، فاقترابنا إليه ليس أن شخص يسلم على أخر، أو يمسك يده، لكن المسيح يعطينا جسده مأكلاً، نتحد به سراً، ويحل فينا بالمحبة، فالذى لم تستطعه محبة الوالدين، فعلته المراحم لنا مجاناً.
3- من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فيه وأنا فيه :
فالتناول من جسد الرب ودمه، هو إتحاد بالحياة الفائقة، فليأكل ويشرب بعد استعداد فائق، بعد توبة واعتراف، يتحد بالحياة الأبدية، ولذلك يؤهل ويستحق نعمة القيامة، فى اليوم الأخير، يستحق جسد القيامة. فالإنسان فى المعمودية، يأخذ هذه الإستحقاقات، لكن لو أخطأ مرة أخرى بعد المعمودية، ماذا يفعل، يكون الموت قد دخل إلى كيانه مرة أخرى، ويحتاج أن يعترف وينال الحل، كما قال السيد المسيح لتلاميذه "ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه غفــرت لــــه ومــــن أمسكتـــم خطاياه أمسكت" (يو 20: 22،23)، "كما أرسلنى الآب أرسلكم أنا" (يو 21:20)، وقال بولس الرسول: "ولكن الكل من الله الذى صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة" (2كو 5: 18).
فالسيد المسيح أعطانا سر الإفخارستيا، بإعتباره أنه العهد الذى بيننا وبينه، وقال هذه الكأس هى العهد الجديد بدمى، كما يكتب شخص وثيقة بالدم، يعنى عهد لا ينقض، إذا كان هذا دم إلهى، دم قادر أن يقهر كل سلطان إبليس، دم قادر أن يطهر الخطيئة، دم قادر
أن يعطى الحياة، ولذلك نتكلم عن الجسد المحيى فى القداس، هذا هو الجسد المحيى جسد مانح للحياة، لأنه متحد باللاهوت بالحياة الإلهية، السيد المسيح قال: "أنا هو القيامة والحياة من آمن بى ولو مات فسيحيا" (يو 25:11)، "فمن يأكلنى فهو يحيا بى" (يو 57:6)، "من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة أبدية وأنا أقيمه فى اليوم الأخير" (يو 54:6).
رابعاً: سر الإعتراف (سر التوبة والإعتراف)
سر التوبة والإعتراف هو أحد أسرار الكنيسة السبعة، له جذوره فى العهد القديم، ولكنه أصبح فى العهد الجديد من أعمال الآباء الرسل، وخلفائهم، فهو لم يعد قاصراً على كهنة العهد القديم فقط، بل ويمارسه كهنة العهد الجديد أيضاً.
1- الاعتراف فى خدمة الآباء الرسل :
نفس الوضع فى خدمة الآباء الرسل، فقد كان يأتى إليهم الكثير من الرجال والنساء، الذين آمنوا بالسيد المسيح ليعتمدوا منهم، سواء فى يوم الخمسين أو بعد ذلك... وذكر هذا فى سفر الأعمال. ولكن عندما كانوا يأتون للآباء الرسل لكى يعتمدوا، ليس فقط لمجرد أنهم آمنوا بالسيد المسيح، بل مكتوب فى (أع 18:19) "وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم".. يقرون ويعترفون بخطاياهم.
كان يوحنا المعمدان يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا، يقول الكتاب: "اعتمدوا جميعهم منه فى نهر الأردن معترفين بخطاياهم".. فالإعتراف كان فى بداية خدمة يوحنا المعمدان، كتمهيد لظهور المخلص، ومناداته بالتوبة "قائلاً توبوا لأنه اقترب ملكوت السماوات" (مت 2:3) هو ما حدث أيضاً فى خدمة الآباء الرسل بعد إتمام الفداء.
2- هل يكفى الاعتراف لله فقط؟!
يقول السبتيون: لماذا لا يعترف الشخص فى سره، أو فى صلاته فقط بينه وبين ربنا؟ وللرد على ذلك لدينا نصين: الأول "كان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم" (أع 18:19)، والنص الثانى هو "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات" (يع 16:5) وشرحناه بأن "بعضكم" هو المريض "والبعض" هم قسوس الكنيسة.
ولذلك يقول يوحنا الرسول فى رسالته الأولى: "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1يو 9:1) فكلمة "إن اعترفنا بخطايانا" ليس المقصود بالإعتراف هنا مجرد أن يعترف الإنسان بينه وبين نفسه، لأنه لم ترد إطلاقاً فى الكتاب المقدس أية واحدة تقول، بأن يعترف الإنسان فى سره، بينما وردت عدة آيات تدل على أن الإعتراف يتم أمام الكاهن.. وهكذا كان الإنسان فى العهد القديم أيضاً يعترف بخطاياه. بل الجماعة أيضاً أحيانا كانت تعترف بخطاياها، إن كانت خطية جماعية.
وردت نصيحة فى سفر الأمثال: "من يكتم خطاياه لا ينجح، ومن يقر بها ويتركها يرحم" (أم 13:28) فلم يذكر هنا أنه يعترف فى سره، بل قال: يقر بها لكى لا يكتمها، أى يمارس الإعتراف بأن يذكرها ويعترف بها "من يقر بها ويتركها يرحم" إذاً لا يكفى أنه يترك الخطية، ولكن ينبغى أيضاً أن يعترف بها.
3- وكلاء سرائر الله :
يقول أحد من الممكن أن يكون الإعتراف عند قدمى السيد المسيح، لكن ليس عند الأب الكاهن. نقول له: فى زمن هذه المرأة كان السيد المسيح موجود على الأرض، لكن بعد صعود السيد المسيح ما العمل؟...
يقول معلمنا بولس الرسول: "فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله.
ثم يسأل فى الوكلاء لكى يوجد الإنسان أميناً" (1كو 1:4،2).. بولس الرسول هو وكيل
سر.. ويقول نحن خدام للمسيح، ولكن وكلاء للأسرار.. فالسيد المسيح صعد إلى السماء، وأقام وكلاء له فى الكنيسة.. ويستطيع الوكيل أن يقوم بالعمل المكلف به من صاحب المصلحة.. فإذا أراد أحد أن يبيع قطعة أرض مثلاً، وليس لديه الوقت أن يذهب إلى الشهر العقارى، أو يسافر ليتفاوض فى البيع، فيقوم بعمل توكيل لشخص، ثم يقوم هذا الشخص الذى صار وكيلاً، بإجراءات البيع ليس من ملكه الخاص، ولا بقدرته الذاتية، لكن بحكم التوكيل المسجل الممنوح له. فالتوكيل له قوة، وله مفعول..
يتكلم القديس بولس الرسول عن الأسقف، أنه وكيل الله "لأنه يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل الله" (تى 7:1)، فليس بولس الرسول، ولا بطرس الرسول، ولا الإثنى عشر، هم فقط وكلاء الله، بل الأمر استمر أيضاً من بعدهم لخلفائهم.
لم يكن بولس الرسول من الإثنى عشر، بل على العكس كان يضطهد الكنيسة.. فمن حيث أن السيد المسيح دعاه، والكنيسة وضعت اليد عليه، وأخذ الرسولية صار وكيلاً لله، وبينما هم يخدمون الرب، ويصومون قال الروح القدس: "افرزوا لى برنابا وشاول للعمل الذى دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ ووضعوا عليهما الأيادى ثم أطلقوهما. فهذان إذ أرسلا من الروح القدس" (أع 2:13-4) أرسلا من الروح القدس، عن طريق الكنيسة، التى وضعت عليهما اليد.
قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيطس: "من أجل هذا تركتك فى كريت لكى تكمل ترتيب الأمور الناقصة، وتقيم فى كل مدينة قسوساً كما أوصيتك" (تى 5:1) أقام بولس الرسول تيطس أسقفاً، وقال له قد تركتك فى كريت، لكى ترسم فى كل مدينة قسوس كما أوصيتك...
4- هذا هو العمل الرعوى فى الكنيسة :
ولذلك يقول معلمنا بولس الرسول فى رسالته الأولى لكورنثوس: "فوضع الله أناساً فى الكنيسة أولاً رسلاً، ثانياً أنبياء، ثالثاً معلمين، ثم قوات وبعد ذلك مواهب شفاء"
(1كو 28:12) وضع الله أناساً فى الكنيسة، ويقول أيضاً: "وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض أنبياء، والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين" (أف 11:4).
خامساً: سر مسحة المرضى
وفى رسالة يعقوب الرسول عندما قال: "أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب. وصلاة الإيمان تشفى المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفر له" (يع 15،14:5). ولئلا يظن البعض أن بدهن المريض بالزيت والصلاة من أجله، تغفر له خطاياه، أكمل مباشرة وقال: "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات، وصلوا بعضكم لأجل بعض لكى تشفوا، طلبة البار تقتدر كثيراً فى فعلها" (يع 16:5).. فعندما قال: إن كان قد فعل خطية تغفر له، استدرك سريعاً وقال "اعترفوا" أى لا تغفر لهذا المريض الخطية إلا إذا اعترف..
لقد ترجم البروتستانت كلمة "قسوس" فى الترجمة البيروتية العربية للكتاب المقدس (ترجمة فاندايك) بكلمة "شيوخ" فى رسالة يعقوب الرسول (يع 14:5)... وهم أنفسهم
ترجموا هذه الكلمة مرة أخرى، فى سفر أعمال الرسل بكلمة "قسوس"، قالوا عن بولس الرسول: "ومن ميليتس أرسل إلى أفسس واستدعى قسوس الكنيسة" (أع 17:20). فكلمة"presbu,teros" التى ترجمها البروتستانت فى رسالة يعقوب الرسول بكلمة "شيخ"، هم أنفسهم ترجموها فى سفر أعمال الرسل بكلمة "قس"، طبعاً هذا الإختلاف عندهم بسبب أهداف لديهم، ليس مجالها الآن لنسردها لكم، ولكن النتيجة أن كلمة شيوخ الكنيسة تعنى قسوس الكنيسة.
عندما يقول: "صلوا بعضكم لأجل بعض لكى تشفوا" (يع 16:5)، فهل المريض الذى سيصلى لأجل القسوس؟! أم القسوس هم الذين يصلون لأجل المريض؟ النص الكتابى يقول: "أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه" (يع 14:5). إذن عبارة "صلوا بعضكم لأجل بعض لكى تشفوا" أى أن القسوس يصلوا على المريض، وليس المريض يصلى على القسوس...
فعبارة "بعضكم لبعض" لا تعنى التبادل بين الطرفين، بل تعنى البعض الذين هم القسوس، والبعض الآخر هو المريض... وبالمثل فعبارة "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات" لا تعنى أن القسوس يعترفون للمريض، بل المريض هو الذى يعترف للقسوس، لأنه يقول: "وصلاة الإيمان تشفى المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفر له" (يع 15:5) فالمقصود بغفران خطاياه هنا هو المريض.. من هذه الفقرة يستنتج ما يسمى "اعتراف على الآخر".
سادساً: سر الكهنوت (الكهنوت من وجهة النظر الأرثوذكسية)
تعتقد الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، أن الكهنوت هو أحد أسرار الكنيسة السبعة، وأنه ترتيب إلهى ودعوة، وقد أسسه السيد المسيح نفسه حينما سام رسله الإثنى عشر "فقال لهم يسوع أيضاً سلام لكم كما أرسلنى الآب أرسلكم أنا ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 20:21-23). وأيضاً أثناء العشاء الأخير، أعطى السيد المسيح جسده ودمه للرسل وأمرهم قائلاً: "اصنعوا هذا لذكرى" (1كو 24:11). هذا الأمر الإلهى لإقامة الإفخارستيا المقدسة، بالخبز والخمر يربط كهنوتنا بكهنوت ملكى صادق خلال المسيح، الذى هو رئيس كهنة إلى الأبد على رتبة ملكى صادق (عب 20:6).
1- الكهنوت فى العهد الجديد :
مجموعة من المؤمنين وسامهم ودعاهم رسلاً (لو 13:6، يو 16:15)، وعهد إليهم بمسئولية قيادة الكنيسة. وقد عينهم لرعاية خرافه، وإرشادهم إلى طريق الحق والخلاص
(مت 20:28). كما أعطاهم السلطان على ربط وحل الخطايا (مت 18:18)، وممارسة الأسرار للمؤمنين "هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله" (1كو 1:4).وقد سلم الرسل هذه المواهب بدورهم إلى خلفائهم الأساقفة، بوضع اليد (أع 28:20). وكلفوهم بتوجيه وتعليم المؤمنين، وسيامة القسوس والشمامسة "من أجل هذا تركتك فى كريت لكى تكمل ترتيب الأمور الناقصة وتقيم فى كل مدينة قسوساً كما أوصيتك" (تى 5:1) أنظر أيضاً (1تى 22:5).وقد أدرك الرسل أنهم كهنة، وأنهم بهذا يعتبرون وكلاء لأسرار الله، "حتى أكون خادماً ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشراً لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم مقبولاً مقدساً بالروح القدس" (رو 16:15).
2- الكهنوت الروحى :
أى مؤمن بالمسيح يستطيع أن يقدم ذبائح لله، وهذا ينطبق على كل من العهد القديم والجديد، لأنه مكتوب "لتستقم صلاتى كالبخور قدامك ليكن رفع يدى كذبيحة مسائية" (مز 2:141). وأيضاً"فلنقدم به فى كل حين لله ذبيحة التسبيح أى ثمر شفاه معترفة باسمه" (عب 15:13).لكن هذا لا يعنى أن الذين يقدمون ذبائح روحية، مثل الصلاة وتسبيح الرب ومساعدة الفقراء، هم كهنة رسميين، يقدمون ذبيحة الإفخارستيا ويدبرون الكنيسة.
3- كهنوت ملوكى :
لقد ذكر فى كل من العهد القديم والجديد على السواء، أن شعب الله هم مملكة كهنة "وأنتم تكونون لى مملكة كهنة وأمة مقدسة" (خر 6:19) وأيضاً "وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكى أمة مقدسة شعب اقتناء" (1بط 9:2). هذا لا يتضمن مطلقاً أن كل شعب الله هم بصفة رسمية كهنة يخدمون المذبح فى الكنيسة.فى ضوء ما ذكر تحت نقطة 4،3 نستطيع أنه نفهم ما ذكر فى (1بط 5:2) "كونوا أنتم أيضاً مبنيين كحجارة حية بيتاً روحياً كهنوتاً مقدساً لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح".
4- كهنوت مثلث :
بينما نقر الكهنوت الروحى لكل المؤمنين فى المسيح، إلا أن الكنيسة المقدسة رتبت ثلاثة رتب كهنوتية بسلطان الروح القدس، وهى الأسقفية والقسيسية والشماسية. "فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم" (1تى 2:3)، "لأنه يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل الله" (تى 7:1) وأنظر (أع 5:6-6).
5- الدور المزدوج للكهنوت :
فى تقديم الإفخارستيا المقدسة، يمثل الكاهن الخليقة كلها. فالكاهن يمثل شعب الكنيسة أمام الله، ويمثل الله أمام الشعب، ويقوم بخدمته بسلطان الروح القدس.
6- وضع اليد والخلافة الرسولية :
مارس الرسل وضع اليد لعدة أغراض، فوضع اليد لا يستخدم فى السيامات فقط، لكنه يستخدم فى أغراض كثيرة منها، مباركة الشعب كما فعل السيد المسيح بالأطفال
(مت 13:19) وشفاء المرضى (مر 18:15). والتثبيت (أع 15:8-17) والسيامات "فصلوا ووضعوا عليهم الأيادى" (أع 6:6). "فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادى" (أع 3:13).
"لا تهمل الموهبة التى فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدى المشيخة" (1تى 14:4)، "لا تضع يداً على أحد بالعجلة ولا تشترك فى خطايا الآخرين احفظ نفسك طاهراً" (1تى 22:5)، "اطلب إلى الشيوخ الذين بينكم أنا الشيخ رفيقهم والشاهد لآلام المسيح وشريك المجد العتيد أن يعلن" (1بط 1:5)، (قارن أش 6:9 ومت 10:28).
إن سلطان وضع اليد للسيامة، والتكريس والتثبيت، كان يقتصر على الرسل، حتى أن فيلبس الشماس والمبشر، بعد تعميد شعب السامرة، لم يستطع أن يضع اليد عليهم، لمنحهم موهبة الروح القدس، فأرسلت الكنيسة القديسين بطرس ويوحنا الرسولين إلى السامرة خصيصاً، للصلاة ووضع اليد على الشعب، حتى يقبلوا الروح القدس (أع 5:6،5:8،12،14-17) وقد سلم الرسل سلطان وضع اليد إلى بعض القسوس، الذين قاموا بسيامتهم أساقفة، والذين قاموا بدورهم بسيامة قسوس (1تى22:5، تى5:1).
هذه الخلافة الرسولية استمرت غير منقطعة فى الكنيسة كما وعد الرب: "ليس أنتم اخترتمونى بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم" (يو 16:15).
سابعاً: سر الزيجة
سر الزواج هو أحد أسرار الكنيسة السبعة، وينبغى أن يتم بين رجل أرثوذكسى وامرأة أرثوذكسية، ليس لديهما موانع الزواج الشرعى، ولا تربطهما علاقة قرابة مانعة للزواج، مثل بنت زوجة الأب التى فى الشريعة هى أخته، ولا أخت زوجته سواء كانت زوجته قد توفيت أم لا، ولا هى تتزوج أخا زوجها حتى إذا توفى زوجها، كان الزواج بزوجة الأخ الذى مات دون أن ينجب هو حالة خاصة لها، معانى رمزية تشير إلى خلاص المسيح، وهى إستثناء فى العهد القديم، وكان يتم الزواج ليقيم الزوج الجديد إسم أخيه الميت.والزواج هو على مثال إرتباط المسيح بالكنيسة، فلهذا يقول معلمنا بولس الرسول: "لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن فى كل شئ. أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضاً الكنيسة وسلم نفسه لأجلها لكى يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكى يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو شئ من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم، من يحب امرأته يحب نفسه فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرب أيضاً للكنيسة لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه، من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الإثنان جسداً واحداً. هذا السر عظيم ولكننى أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة" (أف 23:5-32).هذا هو نفس الفصل الذى يقرأ فى سر الزواج، ويأخذون أيضاً بالإضافة إلى الأعداد (22،33) من نفس الإصحاح الخامس من أفسس.
1- مفهوم سر الزواج فى المسيحية :
لا يفهم بمعزل عن عضويتنا فى جسد المسيح، فالإتحاد بين الرجل والمرأة فى الزواج المسيحى، يتم من خلال إرتباطهما بعضوية سابقة فى جسد السيد المسيح، والرجل يمثل المسيح والمرأة تمثل الكنيسة، وهذه أيقونة رائعة يدشنها الروح القدس، أيقونة سر الزيجة تكون مثل أيقونة جميلة، ونستدعى الروح القدس لكى يحل فى السر، ويدشن هذه الأيقونة.
ولذلك قال السيد المسيح عن هذا الزواج: "فالذى جمعه الله لا يفرقه إنسان" (مت 6:19)، ولا يجوز الطلاق فى المسيحية، إلا فى حالة الخيانة الزوجية، وهنا لا يكون الإنسان هو الذى يفرق، ولكن هذا بحسب نص إلهى."لا طلاق إلا لعلة الزنا". وينبغى أن نلاحظ المقابلة، التى قدمها معلمنا بولس الرسول، بين إرتباط الرجل وزوجته، وإرتباط المسيح والكنيسة، إذ قال عن المؤمنين: "لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" وقال السيد المسيح عن الزوجين: "ويكون الإثنان جسداً واحداً" (مت 5:19) أما عن جماعة المؤمنين فقد صرح معلمنا بولس الرسول وقال: "إننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك فى الخبز الواحد. كأس البركة التى نباركها أليست هى شركة دم المسيح، الخبز الذى نكسره أليس هو شركة جسد المسيح" (1كو 17:10،16).وقد أوضح معلمنا بولس الرسول، مفهوم الشركة الحقيقى، بأنه هو ما يؤدى إلى وحدانية الجسد، وذلك بقوله: "نحن جسد واحد لأننا جميعنا نشترك فى الخبز الواحد الذى هو شركة جسد المسيح" وحذر بولس الرسول من الإشتراك فى ذبائح الأوثان، وفى سر الإفخارستيا فى وقت واحد، وقال: "لست أريد أن تكونـوا أنتم شركاء الشياطين. لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس شياطين، لا تقدرون أن تشتركوا فى مائدة الرب وفى مائدة شياطين" (1كو 20:10،21) وقال: "أليس الذين يأكلون الذبائح هم شركاء المذبــح فماذا أقول إن الوثن شئ وأن ما ذبح للوثن شئ بل إن ما يذبحه الأمم فإنما يذبحونه للشياطين" (1كو 18:10-20). وهنا أوضح معلمنا بولس الرسول "أن سر الشركة مع الله هو فى الإفخارستيا وأما الشركة مع الشيطان فهو فى الإلتفاف حول مائدة مذبح الأوثان". ولكن ينبغى أن نلاحظ أن تعليم الكتاب قد أبرز بصراحة ووضوح مفهومين للجسد الواحد، وللزنا، وللشركة. كل من هذه الثلاثة قدم لها مفهومين.
أ- بالنسبة للجسد الواحد :
- المفهوم الأول : المسيح هو الرأس، والكنيسة هى جماعة المؤمنين، أعضاء فى الجسد الواحد.
- المفهوم الثانى : الرجل هو الرأس، والمرأة هى جسده، لدرجة أنه قال من يحب امرأته يحب نفسه.

ب- بالنسبة للزنا :
- المفهوم الأول : عبادة الأوثان وأكل ذبائح الأوثان، وهو الزنا الروحى فى العلاقة مع الله.
- المفهوم الثانى : هو الزنا بالنسبة للإنسان مع جسد غريب، أى رجل مع أى امرأة ليست امرأته، أو امرأة مع رجل ليس رجلها. أو رجل أو امرأة مع أى جسد آخر، خارج إطار العلاقة الزوجية الشرعية كما وصفناها سابقاً، أو أى علاقة زوجية يدشنها الروح القدس، بمعنى أن كاهناً شرعياً مشرطناً، هو الذى يبارك هذا الزواج، بحل من رئاسته الكنسية، وبهذا يحل الروح القدس ويجمع العروسين.
ج- بالنسبة للشركة :
- المفهوم الأول : هو شركة المؤمنين فى جسد المسيح.
- المفهوم الثانى : هو شركة الحياة الزوجية.
ونلاحظ التوازى فى المقابلة بين كل من المفهومين، بالنسبة للثلاثة أمور التى أوردناها، خطان متوازيان واحد يخص علاقة الله بالكنيسة، والثانى يخص علاقة الرجل بالمرأة، وينبغى أن نلاحظ أن مفهوم الجسد الواحد فى علاقة الرجل والمرأة، كان سابقاً لمجىء السيد المسيح عبارة "يكون الإثنان جسداً واحداً" لم تذكر عن الزواج المسيحى فقط، بل تنطبق على علاقة الرجل والمرأة بصفة عامة، لهذا فإنها ليست قاصرة أيضاً على الزواج فقط، ولكنها أيضاً تقال عن علاقة الرجل والمرأة حتى فى الزنا.
ولذلك قلنا إن هناك مقابلة أو مناظرة بين الزنا الروحى والزنا الجسدى، الزنا الروحى هو فى عبادة الأوثان أو أى عبادة غريبة بعيداً عن الشركة مع المسيح، والزنا الجسدى هو الخيانة الزوجية، وكما أن الزنا الروحى يؤدى إلى شركة مع الشيطان، كقول بولس الرسول "تكونوا شركاء الشياطين" (1كو 20:10).
بدلاً من الشركة مع الله، هكذا أيضاً فإن الزنا الجسدى يؤدى إلى شركة مع الطرف الذى يمـارس معه الزنا، قال بولس الرسول: "ألستم تعلمون أن أجسادكم هى أعضاء المسيح أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية حاشا، أم لستم تعلمون أن من إلتصق بزانية هو جسد واحد، لأنه يقول يكون الإثنان جسداً واحداً وأما من إلتصق بالرب فهو روح واحد، إهربوا من الزنا، كل خطية يفعلها الإنسان هى خارجة عن الجسد، لكن الذى يزنى يخطئ إلى جسده، أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذى فيكم، الذى لكم من الله، وأنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن، فمجدوا الله فى أجسادكم وفى أرواحكم التى هى لله" (1كو 15:6-20).هنا نقطة خطيرة فى هذه الآية "من التصق بزانية هو جسد واحد لأنه يقول يكون الإثنان
جسداً واحداً".ونقل القديس بولس الرسول نقلة عجيبة جداً، من التحذير من الزنا، إلى الإرتباط بعضوية جسد المسيح "أم لستم تعلمون أن جسدكم..." هنا عمل قفزة من الجسد الواحد فى الزنا، وذهب إلى مفهوم الجسد الواحد فى الشركة مع الله. إذاً الجسد الواحد فى الزواج، أو فى الزنا، الجسد الواحد فى المسيح، هنـا المعانى مرتبطين ببعض، فيقول هنا أعضاءك هى أعضاء المسيح، أتأخذ أعضاء المسيح وتجعلها أعضاء زانية، وإذا ارتبطت بزانية تكون جسداً واحداً، هل يليق أن تكون جسداً واحداً معها، وأنت عضو فى جسد المسيح؟!! فهنا ربط القضيتين معاً، أى أن المسيح والكنيسة جسداً واحداً، الرجل والمرأة جسد واحد. فى هذا النص قال لا يصح أن تكون عضواً فى جسد الرب، وترتبط بجسد آخر، فى علاقة تجعل عضويتك فى جسد الرب، غير مضبوطة وغير لائقة، لأنك ليس لك استقلالية خارج إطار الجسد العام، فى الإرتباط بين المسيح كرأس والكنيسة كجسد، لكى تعبث بجسدك كما تريد، كان من الممكن أن يتكلم عن الزنا فقط، ويقول إن الذى يزنى يخطئ إلى جسده، وانتهى الموضوع، لكنه يقول أجسادكم هى أعضاء المسيح، ويقول من التصق بزانية هما جسداً واحداً، فهل تجعل أعضاء المسيح جسد واحد مع هذه الزانية، لأنك أنت عضو المسيح.وقد أكد بولس الرسول أن ما يكتبه فى نفس هذه الرسالة هى وصايا الرب فقال: "إن كان أحد يحسب نفسه نبياً أو روحياً فليعلم ما أكتبه إليكم أنه وصايا الرب" (1كو 37:14) وبالطبع فنفس هذا الأمر ينطبق على باقى رسائل القديس بولس الرسول، كما شهد بذلك القديس بطرس الرسول (2بط 16،15:3).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010