شقاء الانسان

إلهي .. متى يستقيم عوج طبيعتي على نهج صلاحك لأقترب من كمالك؟

الوحدة ، السكون ، الحق ، الطهارة .. كلها يا سيدي مستحبة لديك.

الجموع ، الضوضاء، الكذب ، الحسد مكرمة عندي.

ماذا أزيد على ذلك.



أنت محب ، منان ، قدوس وعادل.

أما أنا فشرير، محب لذاتي ، خاطئ، وظالم.

أنت النور ، الحياة ، الدواء البهجة ، الحق المطلق.

أما أنا فظلام ، موت ، مرض ، تعاسة تفاهة مطلقة كسائر البشر.



إلهي .. أي لسان يربطني بك .. تفضل واسمعني:

أنا جبلتك ، منذر بالضياع ، مخلوق وأموت.

أنا صنيع يديك، مآلي الى العدم ، بك أحيا.

ذراعاك اللتان صنعتني وجبلتني.

يداك اللتان سمرتا على الصليب من أجلي.

أتزدري يا ربي عمل يديك؟



أنظر الى جراحاتهما العميقة.



على يديك كتبت اسمي.. فاقرأ عليهما ما سطرته وانقذني.

إنها خلقتك التي تتنهد وتفزع اليك لتصنع منها خليقة جديدة.

الطين الذي صنعته بيديك يتوسل اليك ضارعا مستصرخا.

فاحيي هذا الطين لأنك أنت الحياة.



ألهي.. رد له صورته الاولى وبهاءها.



عفوا يا الهي.. إن كانت أيامي ، وهي لا تذكر ، تسمح لنفسها بأن تناجيك.

من هو الانسان الذي يتجاسر ويخاطبك!؟



إغفر لي يا رب جسارتي.

إغفر للعبد الذي يجرؤ ويرفع صوته في وجه سيده.

يدفعني الالم للكلام.



تضطرني الشدة لإستداعء الطبيب لأني مريض.. أنشد النور لأني كفيف البصر.. والحية لأني ميت.



هذا الطبيب .

هذه الانوار.

هذه الحياة.



أليست كلها أنت يا يسوع الناصري؟



إرحمني يا إبن داود.. يا ينبوع الرحمة استمع الى صلاة المريض.



انت النور الذي يمر بكل انسان.



قف قليلا أمام أعمى مد اليه يدك ليقترب منك ويبصر النور في انوارك.

مر ميتا ليخرج من القبر وتدب فيه الحياة من جديد.

من أنا يا سيد لأرفع اليك صلاتي!؟



ويلي ما لم تحطم في نفسي الغرور والكبرياء.



إني جثة فاسدة ومرعى الديان.

عفونة ومأكل للنار.



إنسان مولود المرأة قليل الايام وشبعان تعبا(1يو 14)

إنسان هو والتفاهة سواء بسواء.

إنسان في كرامة ولا يفهم يشبه البهائم التي تباد(مز 48)



ألست أيضا هوة تخنقها الظلمة ، أرضا ملعونة ، طفلا أحمق، إناء مذلة، نسل الخطية، حياة مزيجا من صنوف الالم.. فمتى تنتهي تلك الحياة بشدائدها؟



يا لتعاستي! الشقاء نصيبي فكيف يكون مصيري؟



كيف دخلت الحياة وكيف أخرج منها؟ ذلك ما أجهله!

تعيس وميت .

أرى أيامي تمر كظل.

حياتي تضمحل كالسحاب الذي يجب ضوء القمر ثم يتفرق.

كزهرة على عودها تذبل وتجف قبل أن تتفتح.

يا لها من حياة فانية سريعة الزوال!!

حياة لا أمان لها.

تقسو ولا تشفق تسحق ولا تترفق.



ضحكاتها بكاء

نعيمها شقاء

بهجتها حسرات

شهواتها لحظات

أي عزيز لم تذله؟

أي صحيح لم توجعه؟

أي هناء لن تمحوه؟

أي حي لن يموت؟



ان اضطرابا مفاجئا قد يضع نهاية لحياتنا.

وان ما يزيد نهايتنا تعاسة هو انه رغم موتنا الاكيد نجهل تماما ساعة موتنا.

تلك الساعة تأتي حينما لا نتوقعها لننزع منا حياتنا وتقضي على خططنا وآمالنا.

هل يعلم الانسان شيئا عن كيفية موته؟ وفي أي زمان او مكان يموت؟ ورغما عن ذلك نعلم أننا سنموت.

هذه يا سيدي المأساة الكبرى للانسان.

إنا مأساتي ولا أرهبها!



غاصت نفسي في لجة الآلام ولم أتوجع ولم أطلق صراخ الشدة نحوك!



إلهي .. سأصرخ قبل فنائي او لاحرى لكيلا أهلك وأحيا في مسكنك.



استجب لي إذن فأحدثك عن شقائي واعترف لك دون خجل بتفاهتي.



اسرع لنجدتي فأنت قوتي ، معيني ، صلاحي وملجأي.



تعال ايها النور لأنه بدونك لا أرى شيئا.



اقترب ايها المجد اللانهائي فأنت سعادتي. أظهر لي ذاتك فتحيا نفسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010