اُجذبني وراءك فنجري

اُجذبني وراءك فنجري(نش 1: 4 )


تقول العروس اجذبني «وراءك» ـ وراءك أنت فقط وليس سواك، حتى وإن كان وراء غيرك توجد مسرات جسدية وملذات ومباهج، وقد أجد وراءك آلامًا وتعييرات، ولكن خير لي أن أنكر نفسي وأحمل صليبي وآتي وراءك من أن أسير على بساط الراحة وفي وسط نعيم الملذات الوهمية الخادعة وراء غيرك. إني متيقنة أن سلام القلب الهادئ، والهناء الصحيح والسعادة الحقيقية لن أجدها إلا وراءك، فاجذبني إذًا أيها العريس المبارك وراءك.

«فنجري»: فلا تريد العروس أن تتبع عريسها بخطوات متباطئة ومتثاقلة، بل تريد أن «تجري» وراءه. فإن كان أهل العالم لا يسيرون وراء شهواتهم على مهل، بل «يركضون إلى فيض الخلاعة» (1بط 4: 4 )، وقيل عنهم أنهم «أسرعوا وراء آخر» (مز 16: 4 )، وإن كان جيحزي في سبيل الحصول على وزنة فضة وحُلتي ثياب، يقول: «حيٌ هو الرب، إني أجري وراءه (أي وراء نعمان) وآخذ منه شيئًا» (2مل 5: 20 )، أ فليس من العار على العروس التي رأت في عريسها جمالاً باهرًا، ووجدت عنده غنى وكرامة وحظًا يفوق كل ما في هيئة هذا العالم الزائلة، إن كانت لا تجري وراءه؟ ليت كل مسيحي حقيقي لا يقف عند حد المعرفة التي وصل إليها عن شخص ربنا المبارك، بل ليكن لهجه في كل حين «لأعرفه» (في 3: 10 )، وكل ما زادت معرفتنا له، كلما زادت رغبتنا في معرفته أكثر «انمو في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح»، وكلما ازددنا قُربًا إليه، كلما زاد شوقنا لازدياد القرب منه.

نعم، وبقدر ما يزداد تذوقنا لمحبة العريس، بقدر ما نستطيع أن نقول بحق بأنها تفوق الإدراك. إنها «محبة المسيح الفائقة المعرفة»، وأن في محضره وفي القرب منه فرحًا سماويًا عجيبًا، ومع ذلك فإننا مع تمتعنا بهذا الفرح الذي لا يُنطق به ولا يمكن التعبير عنه، فإن النفس تتوق إلى قرب أكثر وإلى زيادة الالتصاق به، فتقول مع العروس «اُجذبني ... اُجذبني فنجري وراءك».

ليتنا نزداد شوقًا وحنينًا إلى شركة أعمق مع ربنا وسيدنا وعريسنا الجليل «يا الله، إلهي أنت، إليك أبكر. عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء... في السُّهد ألهج بك ... التصقت نفسي بك، يمينك تعضدني» (مز63).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010