يســـوع فى حــداثــتـــه

المقدمة



يُخْبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ كَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ يَسُوعَ لِيُطْلِعَنا عَلى أَسْرارِ اللهِ ، وَيَدُلَّنَا إلى سَبِيْلِ الانْضمَامِ إلى مَلَكُوتِهِ .

وَإِلَيْكَ قِصّةَ

ما حَدَثَ بَعْدَ مَوْلِدِ الطِفْلِ يَسُوعَ فِي بَيْتَ لَحْمَ .

يُمْكِنُكَ مُطالَعَةُ هذِهِ القِصَّةِ فِي كِتابِكَ المُقَدَّسِ ، الفَصْلِ الثانِي مِنْ إنْجِيْلِ مَتَّى ،

وَالفَصْلِ الثانِي مِنْ إِنْجِيْلِ لُوْقا .

كَانَ رِجالٌ حُكَماءُ ، مِنْ بِلادٍ بَعِيْدَةٍ ، قَدْ جاءُوا لِمُشاهَدَةِ يَسُوْعَ ، إِثْرَ مَوْلِدِهِ فِي بَيْتَ لَحْمَ ، بَعْدَ أَنْ

رَأَوْا ، فِي السَّماءِ ، نَجْماً يُنْبِىءُ بِمَوْلِدِ مَلِكٍ جَدِيْدٍ عَظِيْمٍ ، فَجاؤُوهُ بِهَداياهُمُ الثَمِيْنَةِ .

وَلكِنَّ النَّجْمَ لَمْ يَقُدْهُمْ مُباشَرَةً إِلى بَيْتَ لَحْمَ ،

بَلْ

بَدا وَكَأَنَّهُ قَدْ تَوَقَّفَ عَنِ الْمَسِيْرِ ، لَدَى بُلُوغِهِم أُوْرَشَلِيْمَ .

فمَضَى الْحُكَماءُ فِي الْحَالِ إِلى قَصْرِ الْمَلِكِ

هِيْرُودُسَ وَهُمْ يَقُولُوْنَ : " لا بُدَّ أَنْ يَكُوْنَ الأَمِيْرُ الْوَلِيْدُ ههُنا " .

وَلكِنَّ الْمَلِكَ هِيْرُودُسَ لَمْ

يكُنْ سَعِيْداً بِسَماعِهِ خَبَرَ مَوْلِدِ مَلِكٍ جَدِيْدٍ . وَقَالَ : " لَيْسَ مِنْ طِفْلٍ مَلِكٍ هُنا " .

ثُمَّ

اسْتَدْعَى مُسْتَشارِيْهِ فَأَعْلَمُوهُ قَائِلِيْنَ : " إِنَّ الْمَلِكَ اللهَ الْمَوْعُودَ سَيُولَدُ فِي بَيْتَ لَحْمَ " .

فَأَمَرَ

الْمَلِكُ هِيْرُودُسُ الْحُكَمَاءَ بِالتَّوَجُّهِ إِلى بَيْتَ لَحْمَ ، قائِلاً : " عِنْدَما تَعْثُرُونَ عَلَيْهِ عُودُوا فَأَخْبِرُونِي " .



وَكانَ هِيْرُودُسُ رَجُلاً شِرِّيْراً ، وَقَدْ خَطَّطَ لِمَكِيْدَةٍ مَاكِرَةٍ .

وَوَجَدَ الْحُكَماءُ يَسُوْعَ ، فَقَدَّمُوا لَهُ هَداياهُمْ

.

وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَعُودُوا إِلى هِيْرُودُسَ ، لأَنَّ الرَّبَّ أَنْذَرَهُمْ قائِلاً :

" إِيَّاكُمْ أَنْ تُخْبِرُوا الْمَلِكَ عَنْ

مَكَانِ يَسُوعَ . بَلْ عُوْدُوا إِلى بِلادِكُمْ بِطَرِيْقٍ آخَرَ " .

وَانْتَظَرَهُمُ الْمَلِكُ طَوِيْلاً ، إِلى أَنْ يَئِسَ مِنَ الانْتِظارِ ،

فَاسْتَدْعَى جُنْدَهُ وَأَمَرَهُمْ قائِلاً :

" إِذْهَبُوا إِلى بَيْتَ لَحْمَ ، وَاقْضُوْا عَلَى كُلِّ مَوْلُوْدٍ

ذَكَرٍ ،

فَلَسْتُ أُرِيْدُ أَنْ يَقُوْمَ أَيُّ مَلِكٍ جَدِيْدٍ . ولا تَتْرُكُوْا أَيَّ صَبِيٍّ ، حَدِيْثِ الْوِلادَةِ ، عَلَى قَيْدِ الْحَياةِ " . فَانْطَلَقَ الْجُنْدُ فِي الْحَالِ

.

وَلكِنْ ، قَبْلَ وُصُوْلِهِمْ إلى بَيْتَ لَحْمَ ، كَانَ اللهُ قَدْ أَبْلَغَ يُوْسُفُ رِسَالَةً خَاصَّةً قائِلاً :

"

عَلَيْكَ أَنْ تَأْخُذَ ابْنِي بَعِيْداً عَنْ هُنَا . فَإِذا أَقَمْتَ فِي بَيْتَ لَحْمَ قَتَلَهُ الْمَلِكُ هِيْرُودُسُ " .

وَهكَذا بَادَرَ يُوْسُفُ وَمَرْيَمُ

إِلى جَمْعِ أَمْتِعَتِهِما ، وَمَضَيا بِيَسُوْعَ إِلى مِصْرَ ، حَيْثُ لَمْ يكُنْ بِاسْتِطاعَةِ الْمَلِكِ هِيْرُودُسَ أَن يَمَسَّهُ بِأَذىً .

وَكانَا حَزِيْنَيْنِ

لاضْطِرارِهِمَا إِلى مُغَادَرَةِ بَلَدِهِما ، وَلا سِيَّمَا وَأَنَّهُما كَانَا يَجْهَلانِ كَمْ سَتَطُوْلُ هِجْرَتُهُما .

وَلكِنَّ الْمَلِكَ هِيْرُودُسَ كانَ مُتَقَدِّماً فِي

السِنِّ وَمَرِيْضاً ، وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ . فَأَخْبَرَ اللهُ يُوْسُفَ أَنْ لا خَوْفَ بَعْدُ عَلَيْهِما مِنَ الْعَوْدَةِ بِيَسُوْعَ إِلى النَّاصِرَةِ ، فَفَرِحَ مَرْيَمُ وَيُوْسُفُ فَرَحاً

.

وَأَسْرَعَ أَصْدِقاؤُهُما فِي النَّاصِرَةِ لِلِقَائِهِما . وَلَمَّا شَاهَدُوا يَسُوْعَ لِلْمَرَّةِ الأُوْلَى صَرَخُوا

:

" يَا لَلصَّبِيِّ الْوَسِيْمِ الَّذي رُزِقَ بِهِ مَرْيَمُ وَيُوْسُفُ ، وَكَمْ هُوَ كَبِيْرٌ " .



وَكانَ يُوْسُفُ وَمَرْيَمُ يَبْتَسِمَانِ سَعِيْدَيْنِ بِعَوْدَتِهِما إِلى بَلَدِهِما .

وَأَخَذَ يُوْسُفُ يَعْمَلُ نَجَّاراً مِنْ جَدِيْدٍ ، يَصْنَعُ لِلْفَلاّحِيْنَ طاوِلاتٍ

وَمَقَاعِدَ وَأَدَوَاتٍ خَشَبِيَّةً .

وَكانَ النَّاسُ يَقُولُوْنَ لَهُ : " كَمْ نَحْنُ سُعَدَاءُ بِعَوْدَتِكَ ، فَأَنْتَ نَجَّارٌ مَاهِرٌ ، وَقَدِ

اشْتَقْنا إِلَيْكَ " .

وَفِيْمَا كَانَ يَسُوْعُ يَنْمُو ، كَانَ يُراقِبُ يُوْسُفَ مُنْهَمِكاً فِي شُغْلِهِ ، وَيَعْبَثُ بنِفايَاتِ الْخَشَبِ الْمُجَعَّدَة ،

وَسُرْعَانَ مَا تَعَلَّمَ اسْتِخْدامَ أَدَواتِ النجَّارِيْنَ .

وَكانَ يَوْمُ السَّبْتِ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ يَوْمَ رَاحَةٍ ، يَؤُمُّ فِيْهِ النَّاسُ الْمَجْمَعَ لِلصَّلاةِ

وَللاسْتِماعِ إلى شَرِيْعَةِ اللهِ الّتي كَانَتْ تُتْلَى فِي رِقٍّ مَخْطُوْطٍ طَوِيْلٍ مَلْفُوْفٍ .

وَعِنْدَما كَانَ الصِّبْيانُ يَبْلُغُوْنَ السَّادِسَةَ مِنَ الْعُمْرِ

،

يَدْخُلُوْنَ الْمَدْرَسَةَ فِي الْمَجْمَعِ أَيَّامَ الأُسْبُوعِ ، فَيُساعِدُهُمُ الْمُعَلِّمُ عَلى حِفْظِ الشَّرِيْعَةِ غَيباً ، وَيُفَسِّرُها لَهُمْ . وَكانَ يَسُوْعُ ، مِثْلَ

رِفاقِهِ ، يَؤُمُّ الُمَدْرَسَةَ ، وَيَحْفَظُ دُرُوسَهُ حِفْظاً جَيِّداً .

ومَا لَبِثَ أَنْ بَلَغَ يَسُوعُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ، وكَانَ عَليْهِ ، فِي الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ ، أَنْ

يَقُوْمَ بِمَهَامَّ خَاصَّةٍ ، فِي الْمَجْمَعِ ، يُعَامَلُ ، بَعْدَها ، هُوَ وَأَتْرابُهُ الَّذِيْنَ فِي مِثْلِ سِنِّهِ ، مُعامَلَةَ الْبَالِغِيْنَ .

وَفِي كُلِّ سَنَةٍ ، كَانَ يُوْسُفُ

وَمَرْيَمُ يَحْضُرانِ ، مَعَ

جَمْعٍ غَفِيْرٍ مِن أَهالِي النَّاصِرَةِ ، إِلى أُوْرَشلِيْمَ ، لِلْمُشَارَكَةِ فِي الاحْتِفالِ بِعِيْدِ الْفِصْحِ

.

وَكانَ الْمُسافِرُوْنَ يَجْتازُوْنَ الُمَسافَةَ سَيْراً عَلَى الأَقْدامِ ،

وَيَقْضُوْنَ اللَّياليَ فِي مُخَيَّمَاتٍ . وَفِي تِلْكَ السَّنَةِ ،

لِلْمَرَّةِ الأُوْلَى ، رَافَقَ يَسُوعُ مَرْيَمَ وَيُوْسُفَ .

وَقَدِ اسْتَمْتَعُوا جَمِيْعُهُم فِي أُوْرَشَلِيْمَ ، حيْثُ كَانُوا ، كُلَّ يَوْمٍ ، يَؤُمُّوْنَ الْهَيْكَلَ للاسْتِمَاعِ

إلى الْمُعَلِّمِيْنَ ، وَالانْصِرافِ لِعِبَادَةِ اللهِ . وَعَشِيّةَ الْفِصْحِ ، كانَتْ تُقَامُ وَجْبَةُ عَشَاءٍ خَاصَّةٌ ، يَذْكُرُوْنَ فِيْها كَيْفَ أَنْقَذَ اللهُ شَعْبَهُ ، قَدِيْماً ، يَوْمَ كانُوا

عَبِيْداً فِي مِصْرَ .

وَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ يَقْضِي وَقْتَهُ كُلَّهُ بِرِفْقَةِ مَرْيَمَ وَيُوْسُفَ ، بَلْ كَثِيراً ما كانَ يَنْضَمُّ إلى رِفاقِهِ ، وَهكذَا فَقَدَتْهُ أُمُّهُ

وَيُوْسُفُ ، فِي عَوْدَتِهِمَا إِلى النَّاصِرَةِ .

فَعِنْدَما نَصَبَتْ كُلُّ أُسْرَةٍ خَيْمَتَها لِقَضَاءِ اللَّيْلِ ، لَمْ يِسْتَطِيْعا الْعُثُوْرَ عَلى يَسُوْعَ ، وَلَمْ يَكُنْ

أَحَدٌ قَدْ شَاهَدَهُ .

وَرَجَعَ يُوْسُفُ وَمَرْيمُ إِلَى أُوْرَشَلِيْمَ ، فَوَجَدا يَسُوْعَ فِي الْهَيْكَلِ يُبَاحِثُ الَمُعَلِّمِيْنَ . وَقالَتْ لَهُ مَرْيَمُ ، وَقَدْ كانَتْ

قَلِقَةً :

" أَلَمْ تَعْلَمْ كَمْ كُنَّا قَلِقَيْنَ عَلَيْكَ ؟ "

فَأَجابَ يَسُوعُ :

" كَانَ لا بُدَّ لَكُمَا أَنْ تَعْلَمَا أَنَّنِي

سَأَكُوْنُ هُنَا ، فِي بَيْتِ أَبِي الْحَقِيْقِيِّ ، إِذ يَجِبُ عَلَيَّ أَنْ أَتَعَلَّمَ ما يَطْلُبُهُ مِنِّي

" .

وَحِيْنَئِذٍ فَهِمَ يُوْسُفُ وَمَرْيَمُ قَصْدَ يَسُوعَ ، إِذْ قَدْ أَدْرَكَا أَنَّهُ ابْنُ اللهِ .

ولَقَدْ كانَ يَنْمُوْ ،

وَكانَ عَلَيْهِ قَرِيْباً جِدّاً الاضْطِلاعُ بِمُهِمَّتِهِ الْخَاصَّةِ .





خاتمة



" من الكتاب المقدّس " سلسلة قصصيّة من 52 رواية للأطفال . كلّ قصّة قائمة بذاتها

ويؤلّف مجموعها الكتاب المقدّس ، أي قصّة حبّ الله للبشر ، في كلّ زمان ومكان .

إن الأعداد ( من 31 إلى 52 )

مقتبسة من العهد الجديد وتخبرنا عن حياة يسوع ابن الله وعن تعليمه . وإن هذه القصص تحدّثنا عمّا فعل يسوع وقال ، وعن الشعب الذي لاقاه .

إن كلّ ما نعرفه عن حياة يسوع مدوَّن في الأناجيل الأربعة التي كتبها كلٌّ من متى ومرقس ولوقا ويوحنّا . وكلمة " الإنجيل

" تعني البُشرى السعيدة .

وختامُ السلسلةِ أربعُ قصصٍ تحدّثنا عن المسيحيّينَ الأوّلينَ الذينَ نشروا بُشرى

السعادة هذه بينَ الناسِ ، كما أمرهُم يسوعُ . وما زالَ أحفادُهم يلهجونَ بها حتى أيّامنا الحاضرة .

القِصَصُ الواردَة فِي

" يسوع في حَداثَتِه " مُستَقاةُ مِن أسْفارِ العَهْدِ الجَديد . فزيارةُ المَجوسِ واردة في الفصْل الثاني مِن إنجيل متى ،

وحادِثةُ يسوعَ في أُورشليمَ في الفصلِ الثاني من إنجيل لوقا ، الآيات 41 إلى 52 . ونكادُ لا نعرفُ شيئاً عن السنوات الفاصلة بينَ هذينِ الحَدَثين

.

لَمْ يَنْسَ يوسفُ ومريمُ رسالةَ اللهِ التي أَطلعهُما عليها الملاكُ قَبْلَ ولادةِ يسوعَ ، ولا الأحداثَ العجيبةَ التي رافقت مَولدهُ .

ولكنّ زيارةَ أورشليمَ قد ذَكَّرتهُما أنَّ يسوعُ يَنمو ، كان يَكشفُ بنفسِهِ ما كانَ اللهُ أبوهُ يريده منهُ .

القصّة التاليةُ (34) ، في

السلسلةِ عينِها ، عنوانُها " يسوع وأصدقاؤه " ، وتُخبرُنا عَمَّا حَدَثَ ليسوعَ عندَما أَصبحَ شابّاً

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010