السوسنة الصغيرة

في باطنِ الأرض كانت سَوسَنَةٌ صغيرةٌ تعيشُ في بيتٍ مُظلِم تحتَ التُراب ، وهذه السَوسَنةُ تعيشُ هناكَ وحيدةً مُطمئنّةً في قلبِ الظلامِ والسَكِينَة .

وفي أحدِ الأيّام سَمِعَت على البابِ نَقراً خَفيفاً : تبْ تبْ تبْ ، فسألت : مَنِ الطارِق ؟ أجابَها صوتٌ صغيرٌ لطيفٌ وكئيب : أنا المَطَر ، أُريدُ الدُخول ، فقالت السَوسَنةُ الصغيرة : لا ، لَن يَدخُلَ أحَد .

وبعدَ يَومَين سَمِعَت النَقرَ الخَفيفَ مرّةً أُخرى على الباب : تبْ تبْ تبْ ، فقالت : مَنِ الطارِق ؟ فأجابَها الصوتُ الصغيرُ نَفسُه : أنا المَطَر ، أُريدُ الدُخول ، فقالت السَوسَنةُ الصغيرة : لا لا ، لَن يَدخُلَ أحَد .

وظَلَّتِ السَوسَنةُ الصغيرةُ مُدّةً مِن الزمن - مُدّةً طويلة جدّاً - لا تَسمَعُ خِلالَها شيئاً .

إلى أن طَرَقَ سَمعَها صوتٌ غريب كأنّهُ هَمس : ش ش ش ، وكانَ هذا الصوتُ قريباً جدّاً مِن النافِذة ، فسألت السَوسَنةُ الصغيرة : مَن هناك ؟!
فقالَ صوتٌ صغيرٌ واضحٌ مَرِح : أنا ضَوءُ الشمس ، أُريدُ الدخول ، فأجابت السَوسنةُ الصغيرة : لا لَن يَدخُل أحَد ، وظَلَّت تعيشُ في هُدوءٍ تام .

لكنّها بعدَ قليلٍ سَمِعَت مرّةً أُخرى ، مِن خلالِ ثَقبِ القُفل : ش ش ش ،
سألت : مَن هناك ؟ فأجابَها الصوتُ الصغيرُ الواضِح : أنا ضَوءُ الشمس ، افتَحي لي ، قالت السوسنة الصغيرة : لا لن يَدخُل أحد .

وبعدَ عِدّةِ أيّام سَمِعت على النافذة : تبْ تبْ تبْ ، وسَمِعت مِن خِلالِ ثَقب القُفل : ش ش ش ، صاحت : مَن هناك ؟ هَتَفَ الصَوتانِ الصغيرانِ سَويّةً : نحنُ المَطرُ وضَوءُ الشمس ، المطر وضوء الشمس ، نُريدُ الدخول ، فأجابت السوسنةُ الصغيرة : ما دُمتُما هنا معاً أنتُما الاثنان فمِن واجِبي أن أفتَحَ لكما .

ففَتَحت البابَ قليلاً جدّاً جدّاً ، فانسَلَّ الاثنانِ إلى داخِلِ البيت ، أمسَكَ ضوءُ الشمسِ بيدِها اليُسرى ، وأمسَكَ المطرُ بيدِها اليُمنى ، وسارا بها سريعاً سريعاً إلى الأعلى ، ثمّ قالا لها : مُدّي الآنَ رأسَكِ من خلالِ التراب .

فمَدَّت السوسنةُ الصغيرةُ رأسَها ، فإذا هي في وَسَطِ حديقةٍ رائعة ، لم يكن فيها مِن الأزهار الشيءُ الكثير .

فحَيَّتها العَصافيرُ بالأناشيد ، وأدفَأت أشعَةُ الشمسِ رأسَها الورديَّ الصغير ، وبعد هذا بقليل وَصلَ الأطفال ، فصَفَّقوا لمّا رأوها ، وهَتَفوا فَرِحِين : ترا ، ري ، رو ، جاءَ الربيع ، عادَ الربيعُ مرّةً أخرى ، وعندئذٍ ، أحَسَّت السوسنةُ الصغيرة أنها في مُنتهى السعادة .

جاء الربيع بس الان جاء الخريف استعدوا لتساقط الاوراق والبرد

حلوة يابيشو مستنين كمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010