إقبل ذاتك كما هي

كثيراً ما يشعر الفرد برفض الذات

والسخط عليها، نتيجة اكتشافه المستمر لعيوبه الشخصية، خاصة وإن بعضها قابل للتصحيح والبعض غير قابل، والطباع بعضها يسهل تطويره

وبعضها يصعب.. ومن لا يقبل ذاته كما هى بميزاتها وعيوبها، فلن يكون قادراً على قبول "الآخر" كما هو (

هى)، كما قد يتعذر عليه تطوير شخصيته إلى الأفضل.



لا تخلو شخصية من العيوب، غير أن كلمة

"عيوب" نسبية إلى حد كبير حتى أن ما يراه الواحد عيباً قد يراه غيره ميزة. وربما يحدث ذلك التباين نتيجة احتياج

الشخص لاكتساب هذه الصفة التى قد يطلق عليها غيرة "عيباً"، أو نتيجة معاناته من "

عيب" قد يطلق عليه غيره "صفة مرغوباً فيها"، فالزوجة التى تعانى من كون زوجتها متردداً فى صنع

القرارات غير محدد ما يريده بالضبط، قد تعجب برجل متهور أو متعجل فى اتخاذ قراراته.



اكتشف

عيوبك :



يدرك الإنسان عيوبه كلما شعر أن طباعه لا تروق للآخرين، خاصة إذا أبدى أكثر من شخص

فى أكثر من موقف تضررهم من أسلوبه فى التعامل معهم.. وفى الواقع لا يمكن أن يطور الفرد طباعه أو يصحح عيوبه وسلبياته إلا إذا شعر

بأنه ليس راضياً تماماً عن ذاته، وما من وسيلة أمام الفرد كى يتعرف بوضوح على الجوانب الإيجابية والسلبية فى شخصيته سوى التعامل مع

الآخرين، وملاحظة ردود أفعالهم، والأخذ بعين الاعتبار تعليقاتهم ونصائحهم، واستقبالها بموضوعية وبلا حساسية حتى يمكن الاستفادة منها فى تطوير

الشخصية، والتخلص من سلبيات واكتساب إيجابيات.. والواقع أن من يريد أن ينمى شخصيته إلى الأفضل يتخذ من كل المواقف ومن خبرات

التعامل مع الآخرين فرصاً لتفهم ذاته وإصلاحها. فالآخرون يرون "ذاتى" أكثر وضوحاً مما أراها

"أنا".



هناك عيوب جسمانية أو عيوب شخصية أو مزيج من هذه وتلك كأن

يؤدى التركيز على العيوب الجسمانية إلى تأثيرات سلبية على الشخصية..



من أمثلة العيوب الجسمانية

:



شاب قصير القامة يشعر بعدم الرضا عن ذاته، شابة لا تتمتع بالقدر المناسب من الجمال الجسدى،

صعوبة نطق بعض الأحرف، التلعثم فى الكلام.. الخ، وكذلك أى إعاقة جسمانية.

ومن أمثلة العيوب الشخصية

:



شخص يعانى من العصبية وسرعة الغضب، أو التردد وضعف القدرة على صنع القرار، أو التسرع فى

فهم الأمور إلى درجة التهور، أو العاطفية الشديدة أو الحساسية المفرطة. أو المبالغة فى الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، أو العناد وفرض الرأى وحب

التسلط والسيطرة.. أو السلبية وعدم التعبير عن الرأى الشخصى، أو ضعف الثقة بالنفس وقبول الرأى الآخر بلا أدنى تفكير، أو الخجل الزائد،

أو الانطوائية وصعوبة التعامل مع الآخرين، أو التباطؤ الشديد بصورة تبعث على الملل، أو فقر التعبير عن المشاعر العاطفية، أو اللامبالاة وضعف

الإحساس بالمسئولية.. إلى آخر تلك الخصال الشخصية.



إذا تأملنا الأمثلة السابقة فسوف نلاحظ أن

هناك صفات شخصية ثابتة لا يمكن تغييرها مثل ملامح الوجه وطول القامة.. الخ، كما أن هناك صفات قابلة للتطوير أو التعديل أو التغيير مثل

الخجل والانطواء والعصبية والتسرع... الخ، وسواء هذه أو تلك فإن الشخص لن يقدر أن يتعامل معها إيجابياً ما لم يقبل ذاته أولا كما هى، ومن

ثم يمكن أن تبدأ عمليات التنمية والتطوير بالدرب الشخصى الذاتى وبالإصرار على التغيير إلى الأفضل.





أقبل ذاتك :



أوضحنا أن من لا يقبل ذاته كما هى فليس بمقدوره أن يقبل "

الآخر" كما هو (هى)، إذ أن رفض الذات للآخر وبالتالى صراع دائم معه (معها). وبالتالى مشكلات زوجية لا تنتهى إذا

طبقنا هذه الحقيقة على الحياة الزوجية.



كل شخص إذا تأمل ذاته فسوف يجد مالا يعجبه أو ربما يجد ما

يكرهه، وقد يتفاعل إزاء ذلك سلبياً فيكره ذاته كلها متجاهلاً ما فيها من ميزات تستحق الرضا والاهتمام والتنمية، وقد يتزايد تركيزه على عيوبه حتى

يرفض ذاته، وربما يحسد الآخرين على صفات حسنة فيهم وليست فيه برغم وجود صفات حسنة فيه وليست فيهم..! هذا هو رد الفعل

السلبى لما يراه الفرد عيوباً فيه.



أما رد الفعل الإيجابى لما يعتبره الفرد عيوباً فهو قبول الذات بعيوبها كما

بميزاتها، ومحاولة التكيف مع بعض صفات ثابتة (مثل.. قصر القامة) ومحاولة تحقيق ينجز الفرد عملاً، أو يبدع شيئاً أو يقدم عطاء يفيد

الآخرين، فإنه سوف يشعر بحالة من السعادة والرضى عن الذات ومن ثم سوف يتكون لديه يقين ثابت بأن القيمة الحقيقية للإنسان ليست فى شكله أو

قامته بل فى كيانه الداخلى المتمايز، وشيئاً فشيئاً يتصالح الفرد مع ذاته مستمداً اشباعاته وتوازنه النفسى من قيم أخلاقية وروحية أعلى من مجرد

الخصائص الجسمانية.



ينبغى أن يتفهم الفرد عيوبه محاولا تصحيحها قدر الإمكان، ومن لا يحاول أن

يتفهم عيوبه الشخصية ويتعرف على ضعفاته الخاصة ويواجهها إيجابياً فليس بمقدوره أن يتفهم أن للآخرين عيوباً كعيوبه. وأن عليه أن يتقبل

الآخرين كما هو بكل عيوبهم دون أن يعيرهم بها، بل يساعدهم على التغلب عليها بتوفير مناخ الحب والصداقة والتفاهم

والموضوعية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010