مقتطفات من كتب قداسة البابا شنوده الثالث – سنوات مع أسئلة الناس



مقتطفات من كتب قداسة البابا شنوده الثالث – سنوات مع أسئلة الناس
========================================


ما هي الصلوات التي تقال أثناء الميطانيات؟·


يمكن أن تكون صلاة تذلل أمام الله واعتراف بالخطايا أمام الله مع طلب الرحمة. ففي كل ميطانية يعترف الإنسان بخطية ويدين نفسه أمام الله "ارحمني يا الله أنا الذي فعلت كذا". ويمكن أن تكون صلوات شكر، يتذكر فيها الإنسان مراحم الله عليه أو علي أحبائه، وفي كل ميطانية يتذكر بعض إحسانات الله. ويمكن أن تكون صلوات طلبات، يذكر فيها المصلي كل ما يريده شخصياً أو ما يريده لغيره أة للكنيسة. ويمكن أن تصحب الميطانيات بأي نوع آخر من الصلوات… ويمكن أن تكون صلوات شكر، يتذكر فيها الإنسان مراحم الله عليه أو علي أحبائه، وفي كل ميطانية يتذكر بعض إحسانات الله. ويمكن أن تكون صلوات طلبات، يذكر فيها المصلي كل ما يريده شخصياً أو ما يريده لغيره أة للكنيسة. ويمكن أن تصحب الميطانيات بأي نوع آخر من الصلوات

--------------------------------------------------------------


هل يجوز التبخير في المنازل؟·


إن كان أحد الأباء الكهنة يرفع بخوراً في بيت، فهذا جائز، ونافع. فمن الممكن أن يصلي أحد الأباء الكهنة طقس القنديل (سر مسحة المرضى) لمريض في بيت. وفيه يرفع بخوراً.. أو أن يقوم بطقس (تبريك المنازل الجديدة) في منزل جديد، وطبعاً يرفع بخوراً.. أو صلاة اليوم الثالث في تعزية أسرة توفي أحد أفرادها. أما أن يرفع الناس بخوراً في منازلهم. فلا أعرف ما هدفه؟ صنع البخور ورد في سفر الخروج. وقيل إنه قدس أقداس للرب. وأنه لا يصنع مثله في المنازل. ولم يكن مسموحاً لأحد برفع البخور، إلا الآباء الكهنة وحدهم. فلما فعل ذلك قورح وداثان وأبيرام، فتحت الأرض فاها وابتلعتهم (عد 32,31:16). "وخرجت نار من عند الرب وأكلت المائتين والخمسين رجلاً الذين قربوا البخور" (عد 35:16). في بعض البلاد العربية يوقد الناس بخوراً في منازلهم ، لأسباب اجتماعية أو صحية، وليس لأسباب دينية. أما أنتم إن أردتم بخوراً في منازلكم، فاطلبوا من أحد الآباء الكهنة أن يرفع البخور في المنزل، فتنالون بركة الصلاة المصاحبة للبخور، وبركة البخور.


----------------------------------------------------------------


إذ كان كل شئ يتم بإرادة الله، ولا شئ يحدث علي وجه الأرض إلا بأمره وحده، إذن فلماذا لا يمنع الله الشر قبل أن يقع؟·


قبل الإجابة، ننبه علي أن في سؤالك بعض الأخطاء. فمن الخطاء أن نقول إنه لا يحدث شئ علي الأرض إلا بأمره. فعلي الأرض تحدث أحياناً أخطاء وشرور، وجرائم ومظالم، فهل هذه كلها بأمره؟ حاشا.. علي الأرض يحدث قتل وزني وسرقة وغش وكذب.. فهل أمر الله بكل هذا؟ كلا طبعاً. وهل يريد الله هذا؟ كلا طبعاً.. إذن عبارة "كل شئ يتم بإرادة الله" هي عبارة خاطئة لاهوتياً. لأن "كل شئ" تشمل الشرور أيضاً. والشرور لا يمكن أن تتم بإرادة الله، فالله لا يريد الشر. الله لا يريد إلا الخير. "يريد أن الجميع يخلصون، وإلي معرفة الحق يقبلون". فكل الخير الذي يتم علي الأرض، للناس، أو من الناس، إنما يتم بإرادة الله. أما الشر فلا. فما هو موقف الشر إذن من إرادة الله؟ الله الذي أعطى الإنسان حرية إرادة، يسمح له بأن يفعل ما يشاء، خيراً كان أم شراً، وإلا صار مسيراً. فالخير الذي يفعله، يفعله بإرادة الله. والشر الذي يعمله، إنما يكون بسماح من الله، وليس بإرادته. وهناك فرق بين إرادة الله وسماحه. إرادته كلها خير. أما السماح فيتفق مع حرية الإرادة التي وهبها الله لبعض مخلوقاته


-----------------------------------------------------------------------


ما معنى الآية التي تقول "لأن كل من له يعطى فيزداد، ومن ليس له، فالذي عنده يؤخذ منه" (مت 29:25) فما معني أنه ليس له، ويؤخذ منه؟·


أي من له إيمان، وله حب للعمل الصالح، أو له عمل صالح أيضا، يعطيه الله نعمة ليزداد بها في الإيمان وفي الأعمال معاً.. أما الذي ليس له إيمان، فالأعمال التي يعملها بدون إيمان، فهذه تنـزع منه، وليست لها قيمة بدون إيمان… كذلك الذي ليست له أعمال صالحة، فالإيمان الذي عنده بدون أعمال، الذي قيل عنه "إيمان بدون أعمال ميت". هذا الإيمان الميت ينـزع منه.. إنه مجرد إيمان اسـمي أو عـقلي أو شـكلي.. هذا ينـزع منه..


-----------------------------------------------------------------


إن عاقتني ظروف عن ارتكاب خطية، فهل تحسب على الخطية مع أني لم أرتكبها؟·

لعلك تظن أيها الأخ أن الخطية الوحيدة هي خطية العمل! كلا، فالعمل هو آخر مرحلة للخطية، إنما الخطية تبدأ أولاً في القلب بمحبة الشر واستجابة القلب له، ثم تدخل في دور التنفيذ، فإن نفذت تكون قد كملت. وإن لم تنفذ يدان الإنسان علي خطيته بالقلب و بالشهوة والنية وبالفكر. وماذا كانت خطية الشيطان سوي خطية قلب حيث يقول له الوحي الإلهي: "وأنت قلت في قلبك: اصعد إلي السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصير مثل العلي" (أش 14,13:14). مجرد أنه قال ذلك في قلبه، كان كافياً لسقوطه من علو مرتبته


-------------------------------------------------------------------------------



كيف أستطيع أن أقاوم الأفكار، التي تضغط علي أحياناً بشدة، وتحاول أن تخضعني لأستسلم لها؟·

اشغل وقت فراغك بفكر آخر اقوي منه، يحل محله.. لا تنتظر حتى ترهقك الأفكار هكذا، وبعد هذا تحاول أن تقاومها. بل الأفضل- إن استطعت- أنك لا تعطيها مجالاً على الإطلاق للوصول إليك.. وكيف ذلك؟ اشغل فكرك باستمرار بما هو مفيد، حتى إن أراد الشيطان أن يحاربك بالفكر، يجدك مشغولاً وغير متفرغ لأفكاره،فيمضى عنك.. ما أصعب الفكر، حينما يأتي إلى الإنسان، فيجد أبوابه مفتوحة، وعقله مستعداً للقبول!! إن جاءك فكر رديء، استبدله بفكر آخر يحل محله. لأن عقلك لا يستطيع أن يفكر في موضوعين في وقت واحد بنفس العمق. لذلك يشترط في الفكر الجديد الذي تريده أن تغطي به فكر المحاربة، أن يكون عميقاً حتى يمكنه طرد الفكر الآخر، كالتفكير في لغز عن مشكلة أو مسألة عقائدية، أو موضوع يهمك، أو تذكر شئ نسيته… الفكر السطحي لا يطرد الأفكار المحاربة لك، إنما تطردها أفكار أخرى يمكنها أن تدخل إلي عمق ذهنك، أو إلي عمق قلبك. كأن تفكر في مشكلة عائلية هامة، أو في سؤال عويص ليس من السهل حله، أو في موضوع محبوب إلي قلبك يسرك الاستمرار فيه… ويمكنك أن تطرد الفكر بالقراءة كطريقة أخرى للإحلال.: على أن تكون أيضاً قراءة عميقة يمكنها أن تشغل الذهن، لأن القراءة السطحية تعطى مجالاً للسرحان، فيسرح الفكر في نفس الوقت فيما يحاربه. لذلك قد يحارب إنسان بفكر شهوة، فلا تصلح له قراءة روحية عادية، بقدر ما تصلح له قراءة عن حل مشكلات في الكتاب المقدس، أو في الخلافات العقائدية والرد عليها، أو قراءة في موضوع جديد لم يسبق له معرفته، أو في موضوع علمي يحتاج إلي تركيز. وقد ينطرد الفكر بالصلوات والميطانيات: إذ يستحي الإنسان من التفكير الخاطئ في وقت مخاطبته لله، كما أنه يأخذ معونة من الصلاة، علي شرط أن تكون الصلاة بحرارة ومقاومة للسرحان. والصلاة المصحوبة بالمطانيات تكون أقوى… وقد يمكن طرد الفكر، بالانشغال في عمل يدوي. لأن هذا العمل يشغل الفكر أيضاً فيلهيه عن محاربته، بقدر ما يكون عملاً يحتاج إلي انتباه وتركيز. العمل أيضاً يشغل الإنسان، ويريحه من حرب الأفكار، بعكس الفراغ الذي يعطى مجالاً لحرب الفكر، لذلك قال الأباء إن الذي يعمل يحاربه شيطان واحد، أما الذي لا يعمل تحاربه عدة شياطين. لاحظ أن الله أعطي أبانا أدم عملاً يعمله وهو في الجنة، مع أنه لم يكن محتاجاً للعمل من أجل رزقه. فإن لم ينطرد الفكر بكل هذا، فالأصلح أن يخرج الإنسان من وحدته ليتكلم مع شخص آخر. لأنه من الصعب عليه أن يتكلم في موضوع معين، وهو يفكر في نفس الوقت في موضوع آخر. بل إن أي نوع من التسلية، سواء كان فردياً أو مشتركاً مع آخرين، يساعد على طرد الفكر أيضاً. المهم أنك لا تترك الفكر ينفرد بك، أو تنفرد به: عملية تشتيت الفكر، أو إحلال فكر آخر محله، أو شغل الذهن عنه بعمل، أو تسلية، أو حديث، أو كتابة، أو قراءة، أو صلاة: كل ذلك يضعف الفكر، أو يطرده، أو ينسيك إياه. كذلك يجب عليك أن تعرف سبب الفكر وتتصرف معه: قد يأتيك مثلاُ فكر غضب أو انتقام بسبب موضوع معين يحتاج إلي التصريف داخل قلبك. لأنك طالما تبقي داخلك أسباب الغضب، فلابد أن ترجع عليك الأفكار مهما طردتها. فإن كان الفكر سببه قراءة معينة، أو سماعات من الناس، أو عثرة من الحواس، أو مشكلة تشغلك، حاول أن تتوقي كل هذا، أو تجد له حلاً، وهكذا تمنع سبب الفكر. كذلك إن أتاك فكر كبرياء أو مجد باطل، لسبب معين يدعوك إلي هذا، فعليك أن تحارب هذا الكبرياء داخل قلبك بطريقة روحية. فإن انتصرت عليه، ستفارقك أفكاره.. وهكذا تتبع طريقة التصريف الروحي مع كل خطية تحاربك أفكارها. وفي كل ذلك، تحتاج إلي السرعة، وعدم التساهل مع الفكر: إن طردت الفكر بسرعة، فسيضعف أمامك. أما إن أعطيته فرصة، فسيقوى، وتضعف أنت في مقاومته، إذ قد تنضم إليه أفكار أخرى وتزداد فروعه، كما أنه قد ينتقل من العقل إلي القلب، فيتحول إلي رغبة أو شهوة. واحترس من خداع محبة الاستطلاع: قد يستبقى الإنسان الفكر، بحجة أنه يريد أن يعرف ماذا تكون نهايته، وإلي أي طريق يتجه، بنوع من حب الاستطلاع!! كثير من الأفكار أنت تعرف جيداً نهايتها، وإن لم تعرف، فعلي الأقل تستطيع أن تستنج من طريقة ابتدائها. ثم ما منفعة حب الاستطلاع إن أدي إلي ضياعك؟! هناك طريقة أخرى، وهي الرد على الفكر. والقديس مار أوغريس وضع طريقة للرد على الفكر بآيات الكتاب. فكل خطية تحارب الإنسان، يضع أمامه آية ترد عليها وتسكنها. وفي التجربة على الجبل رد الرب علي الشيطان بالآيات: ولكن هناك أفكار تحتاج إلي طرد سريع، وليس إلي مناقشة. إذ قد المناقشة مدعاة إلي تثبيت الفكر بالأكثر، وإطالة مدة إقامته، كما قد تتسبب في تشعب الفكر. إن جاءتك الأفكار، يجب أن تصدها بسرعة. لا تتراخ، ولا تتماهل، ولا تنتظر لتري إلي أين يصل بك الفكر، ولا تتفاوض مع الفكر، وتأخذ وتعطى معه. لأنك كلما تستبقي الفكر عندك، كلما يأخذ قوة ويكون له سلطان عليك. أما في بدء مجيئه، فيكون ضعيفاً يسهل عليك طرده. إن طرد الأفكار يحتاج إلي حكمة وإفراز، وإلي معونة. هناك أشخاص خبيرون بالفكر وطريقة مقاتلته، كما قال بولس الرسول "لأننا لا نجهل حيله". والذي ليست له خبرة، عليه أن يسأل مرشداً روحياً. وعلى العموم فإن المعونة الإلهية تأتى بالصلاة والتضرع، تساعد الإنسان علي التخلص من الأفكار. الرب قادر أن يطرد الشيطان وكل أفكاره الردية


----------------------------------------------------------------------------



هل يمكن لإنسان أن يتخلص من غريزة قد ولد بها؟·

الإنسان لا يقضى على غرائزه، إنما يحسن توجيهها فالغريزة الجنسية مثلاً عبارة عن طاقة وحب وعاطفة. فإن أحسن الإنسان توجيه ما عنده من طاقة وحب وعاطفة، بأسلوب سليم، حينئذ لا يتعب من الغريزة الجنسية. لأن الذي يتعب الإنسان ليس هو الغريزة، إنما انحرافها. الغضب مثلاً يمكن توجيهه إلي الخير، بغير عصبية، فيتحول إلي طاقة بناء وليس إلي هدم. وعنه تصدر النخوة والشهامة، والدفاع عن الحق، ونصرة المظلوم. كل ذلك بأسلوب روحي، ودون الوقوع في خطية، ويحسن استخدام الألفاظ. مثلما قال الكتاب "اغضبوا ولا تخطئوا" (مز 4:4). لذلك أبحث عن الأخطاء التي تسبب لك انحرافات في غريزة ما، واعمل علي علاجها. واعرف أن الله لم يضع في طبيعتنا شيئاً خاطئاً، حينما خلقنا. إنما وضع فينا طاقات، لنستخدمها حسناً


-------------------------------------------------------------------------------


هل تؤمن المسيحية بوجود الحسد؟·

الحسد – كشعور – موجود. فنحن نعرف أن قايين حسد أخاه هابيل. ويوسف الصديق حسد أخوته. والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسداً. ونحن في أخر صلاة الشكر، نقول "كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان.. أنزعه عنا". الحسد إذن موجود، ولكن (ضربة العين) لا نؤمن بوجودها. فبعض الناس يؤمنون أن هناك أشخاص حسودين، إذا ضربوا من حسدوه عيناً، يصيبه ضرر معين. لذلك يخاف هؤلاء من الحسد. ومن الحسودين وشرهم. وأحياناً يخفون الخير الذي يرزقهم به الله خوفا من الحسد. وهم يضربون لهذا النوع من الحسد. قصصاً تكاد تكون خرافية. هذا النوع من الحسد، لا نؤمن به، ونراه نوعاً من التخويف ومن الوسوسة. إن الحسد لا يضر المحسود، بل يتعب الحاسد نفسه : إنه لا يضر المحسود، وإلا كان الجميع المتفوقين والأوائل عرضه للحسد والضياع، وأيضاً كان كل الذين يحصلون على مناصب مرموقة، أو جوائز الدولة التقديرية عرضة للحسد والإصابة بالشر. إننا نرى العكس، وهو أن الحاسد يعيش في تعاسة وتعب بسبب حسده وشقاوته الداخلية، وكما قال الشاعر: اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله ولكن لماذا نصلى لنزع الحسد، مادام لا يضر؟ نحن لا نصلى خوفاً من (ضربة العين) المزعومة، وإنما نصلى لكي يمنع الله الشرور والمكائد والمؤامرات التي قد يقوم بها الحاسدون بسبب قلوبهم الشريرة. فأخوة يوسف لما حسدوه ألقوه في البئر، ثم باعوه كعبد، وكانوا على وشك أن يقتلوه. وقايين قتل أخاه هابيل حسداً له، ورؤساء اليهود لما حسدوا المسيح تآمروا عليه، وقدموه للصلب

-------------------------------------------------------------------------------


ما معنى قول الرب في الإنجيل: "أحبوا أعداءكم" (مت 44:5).. وكيف يمكن تنفيذ ذلك..؟ ·

محبة الصديق شئ عادى يمكن أن يتصف به حتى الوثني والملحد.. أما محبة العدو، فهي الخلق السامي النبيل الذي يريده الرب لنا.. إنه يريدنا أن نكره الشر وليس الأشرار..نكره الخطأ وليس من يخطئ.. فالمخطئون هم مجرد ضحايا للفهم الخاطئ أو الشيطان علينا أن نحبهم ونصلى لأجلهم، لكي يتركوا ما هم فيه. أما كيف ننفذ ذلك، فيكون باتباع النقاط الآتية: 1- لا نحمل في قلبنا كراهية لأحد مهما أخطأ إلينا.. فالقلب الذي يسكنه الحب، لا يجوز أن نسكنه الكراهية أيضاً. 2- لا نفرح مطلقاً بأي سوء يصيب من يسئ إلينا.. وكما يقول الكتاب: "المحبة لا تفرح بالإثم" (1كو 6:13).. بل نحزن إن أصاب عدونا ضرر. 3- علينا أن نرد الكراهية بالحب و بالإحسان.. فنغير بذلك مشاعر المسيء إلينا.. وكما قال القديس يوحنا ذهبى الفم: "هناك طريق تتخلص بها من عدوك، وهي أن تحول ذلك العدو إلى صديق". 4- مقابلة العداوة بعداوة تزيدها اشتعالاً.. والسكوت على العداوة قد يبقيها حيث هي بلا زيادة.. أما مقابلة العداوة بالمحبة، فإنه يعالجها ويزيلها. 5- لذلك لا تتكلم بالسوء على عدوك، لئلا تزيد قلبه عداوة.. ومن الناحية العكسية إن وجدت فيه شيئاً صالحاً امتدحه.. فهذا يساعد على تغيير شعوره من نحوك. 6- إن وقع عدوك في ضائقة تقدم لمساعدته.. فالكتاب يقول: "إن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فأسقه" (رو 20:12). 7- يقول الكتاب المقدس أيضاً "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير" (رو 21:12).. إنك إن قابلت العداوة بعداوة، يكون الشر قد غلبك.. أما إن قابلتها بالحب فحينئذ تكون قد غلبت الشر بالخير


-----------------------------------------------------------------------------


هل كل فكر شرير يجول بذهني يحسب خطية؟·

ليس كل فكر شرير يجول بذهنك يحسب خطية، فهناك فرق بين حرب الفكر، والسقوط بالفكر. حرب الفكر، هو أن يلح عليك فكر شرير. و أنت غير قابل له، وتعمل بكل جهدك وبكل قلبك على طرده، ولكنه قد يبقى بعض الوقت. و بقاؤه ليس بإرادتك، لذلك لا يحسب خطية. بل إن مقاومتك له تحسب لك برا، أما السقوط بالفكر فهو قبولك الفكر الشرير، والتذاذك به، واستبقاؤك له، وربما اختراعك لصور جديدة له … والسقوط بالفكر قد يبدأ من رغبة خاطئة في قلبك، أو من شئ مختزن فى عقلك الباطن. أو قد يبدأ بحرب للعدو من الخارج، تقاومها أولاً، ثم تستسلم لها وتسقط، وتتطور في سقوطك. أو قد تسقط في الفكر إلي لحظات، وترضى به، ثم تعود فتستيقظ لنفسك وتندم، وتقاومه فيهرب. على قدر ما تقاوم الفكر، تأخذ سلطاناً عليه، فيهرب منك، أو لا يجرؤ على محاربتك. وعلى قدر ما تستسلم له، يأخذ سلطاناً عليك، ويجرؤ على محاربتك. بيدك دفة الحرب، وليس بيده، الفكر يحس نبضك، وعلى حسب حالتك يحاربك. قال السيد المسيح"رئيس هذا العالم يأتي ، وليس له في شئ" (يو 30:14). أما أنت، فهل عندما يحاربك الشيطان، يمكنه أن يجد فيك شيئاً له. إن الفكر يختبر قلبك: هل يوجد فيه ما يشابهه؟ و"شبيه الشيء المنجذب إليه؟.. أو هل يمكن إيجاد هذا الشبيه؟ فإن كان قلبك من الداخل أميناً جداً، لا يخون سيده مع هذه الأفكار، ولا يفتح لها مدخلاً إليه، ولا يتعامل معها، ولا يقبلها، حينئذ تهرب منه الأفكار، وتخافه الشياطين.. أما إن تساهل القلب مع الأفكار، فحينئذ تجرؤ عليه. هناك أفكار شريرة تدخل إلي القلب النقي لتساهله معها. هناك أفكار شريرة تخرج من القلب الشرير لعدم نقاوته. أي أن هناك أفكاراً شريرة تأتي من الخارج، وأخرى من الداخل. الأفكار الشريرة التي من الخارج، مثالها محاربة الحية لحواء، وكانت حواء نقية القلب. ولكن بسبب تساهلها مع الحية، دخلت الأفكار إلى قلبها، وتحولت إلى شهوة وإلي عمل. أما الأفكار الشريرة التي من الداخل، فعنها قال الرب "والإنسان الشرير، من كنز قلبه الشرير، يخرج الشر" (لو6: 45). وقد تأتى الأفكار من القلب من أفكار مختزنة. وقد تأتى من العقل الباطن، من صور وأفكار وأخبار مختزنة.. من هذا المكنوز في الداخل، تخرج الأفكار، لأية إثارة، ولأي سبب. فاحرص أن يكون المكنوز فيك نقياً. على أن الأفكار التي تخرج من العقل، تكون أقل قوة. إنها أقل قوة من الأفكار التي تخرج من القلب. لأن الخارجة من القلب، تكون ممتزجة بالعاطفة أو بالشهوة، ولهذا فهي أقوى. وهكذا بإمكان الإنسان بسهولة، أن يطرد الأفكار التي تخرج من العقل. ولكنه إذا استبقاها، أو تساهل معها، فقد تتحول إلى القلب، وتنفعل بانفعالاته، فتقوي… لذلك كما يجب على الإنسان أن يحفظ قلبه، كذلك يجب أن يحفظ عقله، ويحفظ الخط الواصل بين العقل و القلب… "فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة (أم 23:4) أن حرب الأفكار إذا أتتك، وأنت نقي القلب، حار الروح، ستكون حرباً ضعيفة، وبإمكانك أن تهرب منه. أمت إن أتتك وأنت في حالة فتور روحي، أو "من كثرة الإثم قد بردت" محبتك للرب. فحينئذ تكون الحرب عنيفة والهروب صعباً.. لذلك "صلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء". احفظ فكرك، لكي لا يدخله شئ يعكر نقاوتك. واحفظ أيضاً حواسك، لأن الحواس هي أبواب للفكر.. احفظ نظرك وسمعك وملامسك وباقي الحواس. لأن ما تراه وما تسمعه، قد لا تمنع ذهنك من التفكير فيه، ومن الانفعال به، لذلك فالاحتراس أفضل. وإن دخل إلى سمعك أو بصرك أو فكرك شئ غير لائق، فلا تجعله يتعمق داخلك. وليكن مروره عابراً. إن الأشياء العابرة لا تكون ذات تأثير قوي. أما إذا تعمقت، فإنها تترسب في العقل الباطن، وتمد جذورها إلى القلب، وقد تصل على مراحل الانفعال… إن النسيان هو من نعم الله على الإنسان، به يمكن أن تمحي الأفكار العابرة، وما تعبر به الحواس… أما الأفكار التي تدخلها إلي أعماقك، فإنها تستقر في باطنك، وتتصل بالشعور وباللاشعور، ولا يكون نسيانها سهلاً، وقد يكون سبباً في حرب من الأفكار والظنون والأحلام، و مصدراً للرغبات وللانفعالات، ومبدأ لقصص طويلة.. على أن موضوع الأفكار قد يحتاج منا إلى رجعة أخرى


---------------------------------------------------------------------------



كيف يتفق قول الكتاب إن الله خلق العالم في ستة أيام، مع آراء علماء الجيولوجيا التي ترجع عمر الأرض إلي آلاف السنين؟·

إعلم أن أيام الخليقة ليست أياما شمسية كأيامنا… بل يوم الخليقة هو حقبة من الزمن لا ندرى مداها، قد تكون لحظة من الزمن، وقد تكون آلافاً أو ملايين من السنين، اصطلح علي بدايتها ونهايتها بعبارة "كان مساء وكان صباح"… والأدلة على ذلك كثيرة، نذكر منها: 1- اليوم الشمسي هو فترة زمنية محصورة ما بين شروق الشمس وشروقها مرة أخرى أو غروب الشمس وغروبها مرة أخرى. ولما كانت الشمس ام تخلق إلا في اليوم الرابع (تك 16:1-19).. إذن الأيام الأربعة الأولي لم تكن أياما شمسية، لأن الشمس لم تكن قد خلقت بعد، حتى يقاس بها الزمن. 2- اليوم السابع لم يقل الكتاب إنه انتهي حتى الآن… لم يقل الكتاب "وكان مساء وكان صباح يوماً سابعاً". وقد مرت آلاف السنين منذ آدم حتى الآن، دون أن ينقضي هذا اليوم السابع. فعلى هذا القياس، لا تكون أيام الخليقة أياماً شمسية وإنما هي حقب زمنية مجهولة المدى. 3- وبكلمة إجمالية، قال الكتاب عن الخليقة كلها، بأيامها الستة: 4- "هذه مبادئ السموات والأرض حين خلقت. (يوم) عمل الرب الإله الأرض والسموات" (تك4:2). وهكذا أجمل في كلمة (يوم) أيام الخليقة الستة كلها… إذن فليقل علماء الجيولوجيا ما يقولون عن عمر الأرض، فالكتاب المقدس لم يذكر عمراً محدداً للأرض يتعارض مع أقوال العلماء. بل إن نظرة الله إلي مقاييس الزمن، يشرحها الرسول بقوله: "إن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة. وألف سنة كيوم واحد" (2بط 8:3). متى خلق النور؟ سؤال ورد في سفر التكوين أن الله خلق النور في اليوم الأول (تك 3:1). بينما ورد إنه خلق الشمس والقمر والنجوم في اليوم الرابع (تك 14:1-18). فما الفرق بين الأمرين؟ ومتي خلق النور: في اليوم الأول، أم في اليوم الرابع؟ الجواب خلق الله النور في اليوم الأول، حسبما قال الكتاب. ولكن أي نور؟ إنه مادة النور. كتلة النار المضيئة التي صنع منها الله في اليوم الرابع الشمس والقمر والنجوم. وفي هذا اليوم الرابع أيضاً وضع الله قوانين الفلك والعلاقات الثابتة بين هذه الأجرام السمائية


------------------------------------------------------------------------------


هل الأرض جزء من الشمس؟قرأت في أحد الكتب انتقادا لقصة الخليقة كما رواها الإصحاح الأول من سفر التكوين: إذ كيف تكون الأرض جزءاً من الشمس حسب كلام العلماء، بينما يقول الكتاب أن الشمس قد خلقت في اليوم الرابع، أي بعد خلق الأرض! فكيف تكون جزءا من شئ خلق بعدها؟!·

كلام العلماء لا يقول إن الأرض كانت جزءاً من الشمس وانفصلت عنها، وإلا فإن الشمس تكون حالياً ناقصة هذا الجزء.. إنما ما يقوله العلماء إن الأرض كانت جزءاً من المجموعة الشمسية، وليس من الشمس. كانت جزءاً من السديم، من تلك الكتلة الملتهبة من النار، التي كانت منيرة بلا شك. وهذه الكتلة الملتهبة من السديم، هي التي عناها الكتاب بقول الرب في اليوم الأول "ليكن نور" فكان نور … من هذه الكتلة انفصلت الأرض. ثم أخذت تبرد بالتدريج، إلي أن برد سطحها تماماً، وأصبح صالحاً لأن تنمو عليه النباتات في اليوم الثالث مستفيدة من هذا النور. وفي اليوم الرابع، صنع الرب من هذه الكتلة الشمس والقمر والنجوم والكواكب والشهب والمجرات وكل الأجرام السمائية. ونظم تعاملها… وبقيت الشمس بوضعها في اليوم الرابع، كاملة لم تنفصل عنها أرض. إنما نظم الرب علاقة الأرض بالشمس والقمر وبباقي النجوم والكواكب، في قوانين الفلك التي وضعها الرب في اليوم الرابع


----------------------------------------------------------------------------


في سفر التكوين روايتان عن خلق الإنسان: الأولي في الإصحاح الأول، وفيها خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى. والثانية في الإصحاح الثاني، وفيها خلق آدم ثم حواء. فكيف التوفيق بين القصتين؟·

قصة خلق الإنسان هي قصة واحدة لإنسان واحد… وردت مجملة في الإصحاح الأول، وبالتفاصيل في الإصحاح الثاني… في الإصحاح الأول خلق الإنسان كجزء من قصة الخليقة كلها. ثم وردت التفاصيل الإصحاح الثاني، حيث ذكرت فيه طريقة خلق آدم من تراب، ثم كيف نفخ الله فيه نسمة حياة، ثم طريقة خلق حواء من ضلع من ضلوع آدم. وشعور آدم قبل خلق حواء، وبعد خلقها. كما وردت في هذا الإصحاح تسمية آدم وتسمية حواء… القصتان متكاملتان. تجد في الأولي البركة المعطاة، والطعام المسموح به. وفي الثانية طريقة الخلق، مع التسمية، مع ذكر الجنة


---------------------------------------------------------------------------------




هل كان الله يخاف أن يصير آدم نداً له بأكله من شجرة الحياة، لذلك منعه عنها، وجعل ملاكاً يحرسها؟! (تك 22:3).·

طبعا إن الله لا يمكن أن يخشى أن يكون هذا المخلوق الترابي نداً له. فالله غير محدود في كل كمالاته. فلماذا منع الإنسان عن شجرة الحياة؟ لقد منعه عن شجرة الحياة، لأن الحياة لا تتفق مع حالة الخطية التي كان فيها الإنسان. الخطية هي موت روحي، وجزاؤها هو الموت الأبدي. يجب التخلص أولاً من حالة الخطية، ومن عقوبة الخطية، حتى يحيا الإنسان الحياة الحقيقة إلي الأبد. بدليل أن الله وعد الغالبين في الجهاد الروحي بأن يأكلوا من شجرة الحياة. بدليل أنه قال في سفر الرؤيا: "من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في فردوس الله" (رؤ 7:2). وما أكثر الوعود بالحياة الأبدية التي في الكتاب المقدس… ولكنها وعود للتائبين وللمنتصرين في حياتهم الروحية، وليس للناس في حالة الخطية كما كان أبونا آدم وقتذاك. وكأن الله يقول لآدم: مادمت في حالة الخطية، فأنت في هذه الحالة ممنوع من الحياة. لأن "أجرة الخطية هي موت" (رو 23:6). أنت لا تستحق الحياة في هذا الوضع، وليس من صالحك أن تستمر حياً في هذا الوضع.. إنما انتظر التوبة والفداء. وبعد ذلك ستحيا إلي الأبد. إنه منع الحياة عن المحكوم عليه بالموت. وعدم ربط الحياة الأبدية بالخطية


------------------------------------------------------------------------------------



لماذا لما أخطأ قايين، لعنه الله قائلاً "ملعون أنت من الأرض" (تك 11:4)؟ بينما لما أخطأ ادم لم يلعنه الله، بل قال له "ملعونة الأرض بسببك" (تك 17:3).·

لو كانت اللعنة التي أصابت آدم وحواء، لكانت اللعنة قد أصابت البشرية كلها.. وهذا ضد مشيئة الله، لأن من نسلهما سيخرج أناس مباركون مثل إبراهيم أبينا الذي باركه الرب وقال له: تكون مباركاً، وتكون بركة. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض (تك 2:12،3). وأيضاً لم يلعن الله آدم وحواء، لأنه كان قد باركهما قبلا (تك 28:1). والله لا يرجع فيما وهب. كذلك لأنه كان سيأتي من نسلهما المسيح حسب الجسد، الذي سيسحق رأس الحية (تك 15:3). وبه تتبارك البشرية كلها. أما قايين فهو مجرد فرع من البشرية وليس كلها. ومعروف أن نسله قد غرق في الطوفان مع باقي الخطاة. نقطة أخرى. وهي أن قايين قد سفك دماً وأنهي حياة. وقد وبخه الله علي هذا بقوله "صوت أخيك صارخ من الأرض" (تك 10:4). وفي خطيته لم يضع أمامه أن هابيل هو أخوه. ولم يصدر منه أي شئ ضده. بل الخطية تنبعث من داخله هو. والدم الذي سفكه، هو الحياة. سفكه يعني حرماناً من الحياة. وهكذا قال الرب في شريعته فيما بعد "نفس كل جسد هي دمه" (لا 14:17) وأمر بعدم أكل الدم، وقطع كل إنسان يأكل دماً" (لا14,10:17). وأصدر هذا الأمر منذ أيام أبينا نوح، بعد رسو الفلك، حينما صرح بأكل اللحم. فقال "كل دابة حية تكون لكم طعاماً.. غير أن لحماً بحياته دمه، لا تأكلوه" (تك4,3:9). وصرح الرب بإعدام سافك الدم (القتل)! فقال "سافك دم الإنسان، بيد الإنسان يسفك دمه" (تك 6:9). وواضح في الشريعة أنه "نفس بنفس" (تث 21:19). من يزهق نفساً، تؤخذ نفسه عوضاً عنه. وقايين قد زهق نفساً وسفك دم إنسان وأنهي حياته. وكان أول قاتل علي الأرض. وكانت عقوبته درساً لكل البشر من بعده. وفي المقارنة بين آدم وقايين. نقول أن آدم قد أغوي بغيره، وكذلك حواء. أما قايين فلم يغوه أحد. بل علي العكس حذره الله حينما راوده الفكر وقبل أن يرتكب خطية القتل. وقال له" عند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها، وأنت تسود عليها" (تك 7:4). نلاحظ أيضا أنه في خطية حام بن نوح، لم يلعن حام: أولاً لأنه بورك قبلاً (تك 1:9). وثانياً لكي لا يلعن نسله كله بلعنته. بل لعن فرع واحد من نسله هو كنعان (تك 25:9). وبقيت هذه اللعنة حتى أيام المسيح، في المرأة الكنعانية (مت 26:15).


----------------------------------------------------------------------------------



بصراحة وقفت خائفا أمام عبارة "أين هابيل أخوك" (تك 9:4).. أسال نفسي –كخادم- هل أنا مسئول عن اخوتي وأقاربي، وكل المحيطين بي من أصدقاء وزملاء. وما حدود هذه المسئولية؟·

لا احب ان تكون قلقاً، فالقلق ضد السلام الداخلي. والمفروض في أولاد الله ان يملك السلام علي قلوبهم، فالسلام من ثمار الروح (غل 22:5). عبارة "أين هابيل أخوك" لا تجعلك قلقاً. إنما تجعلك أكثر حرصاً في خدمة المتصلين بك. وطبعا سوف لا يحاسبنك الله بما هو فوق قدرتك. إنما سيحاسبك بما هو في حدود إمكانياتك. لذلك: كل خدمة تستطيع أن تقدمها لغيرك، قدمها. كل إنسان يمكنك أن ترشده إلي طريق الله، لا تقصر في إرشاده إليه. لتكن روح الخدمة مشتعلة في قلبك، وفي إرادتك. واسلك في ذلك عملياً حسبما تهبك النعمة من قدرات ولكن لا تكن قلقاً


----------------------------------------------------------------------------






نحن نعلم أن موسى النبي هو كاتب الأسفار الخمسة الأولي (التوراة). ولكن ما إثبات هذا الاعتقاد لمن يسألنا؟·

الأسفار الخمسة من الكتاب المقدس تسمى التوراة وأيضاً Pentateuch وواضح من الكتاب نفسه، أن موسى النبي قد كتبها. موسى النبي كتب الأسفار الخمسة كلها ما عدا خبر وفاته طبعاً (تث 5:34-12). فهذه الفقرة الأخيرة من سفر التثنية، كتبها تلميذه وخليفته يشوع. وكان يمكن أن ترد في أول سفر يشوع الذي بدأ بعبارة "وكان بعد موت موسى عبد الرب.." (يش1:1). ولكن رؤى من الأفضل أن يكتب خبر موت موسى النبي ودفنه في آخر الأسفار الخمسة، استكمالاً لتاريخ تلك الفترة التي تشمل حياة موسى النبي وعمله، وهو أشهر نبي في تاريخ العهد القديم كله. أما كتابة موسى لكل أسفار التوراة فواضح. والأدلة عليه كثيرة من نصوص العهد القديم والعهد الجديد. ومنها: 1- الله أمر موسى بكتابة الشريعة والأحداث: إن الله يأمر موسى بكتابة الأحداث الجارية وبكتابة الشريعة: فمن ذلك ما حدث بعد هزيمة عماليق، إذ ورد في سفر الخروج "وقال الرب لموسى اكتب هذا تذكاراً في الكتاب، وضعه في مسامع يشوع" (خر4:17). وبعدما أعطى الله الشريعة لموسى أمره بكتابتها "وقال الرب لموسى أكتب لنفسك هذه الكلمات قطعت عهداً معك ومع إسرائيل" (خر 7:34). وكثيراً ما كان الرب يأمر موسى النبي بكتابة وصايا الناموس كما ورد في (تث 8:27). 2- موسى نفذ أمر الله وكتب: ورد في سفر العدد عن تحركات بني إسرائيل "وكتب موسى مخارجهم برحلاتهم بحسب قول الرب" (عد 2:23). وورد في سفر التثنية عن كتابة الشريعة "وكتب موسى هذه التوراة، وسلمها للكهنة بنى لاوى حاملي تابوت عهد الرب ولجميع شيوخ إسرائيل" (تث 9:31). وورد أيضاً: "فعندما كمل موسى كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب الي تمامها، أمر موسى اللاويين حاملي تابوت عهد الرب قائلاً: خذوا كتاب التوراة هذا، وضعوه بجانب تابوت عهد الرب.." (تث 24:31-26). 3- شهد المسيح أن موسى كتب التوراة: في مناقشة السيد المسيح لليهود، قال لهم: "لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني، لأنه هو كتب عني، فإن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك، فكيف تصدقون كلامي" (يو 46:5). وفي رده علي الصدوقيين الذين ينكرون قيامة الأموات، قال لهم: وأما من جهة الأموات أنهم يقومون، أفما قرأتم في كتاب موسى في أمر العليقة كيف كلمه الله قائلاً:"أنا إله إبراهيم وإله اسحق، وإله يعقوب" (مر 26:12). وفي مقابلته لتلميذي عمواس بعد قيامته، يقول الكتاب: "ثم أبتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب" (يو 27:24). 4- وشهد الرسل والأنبياء أن موسى هو كاتبها: ورد في إنجيل يوحنا أن فيلبس وجد نثنائيل، وقال له:"وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء" (يو 45:1). و بولس الرسول يشهد بكتابة موسى للتوراة فيقول في رسالته إلي أهل رومية (5:10) "لأن موسى يكتب في البر الذي بالناموس إن الإنسان الذي يفعلها سيحيا بها" وفي رسالته الثانية إلى كورنثوس (15:3) يقول عن اليهود "لكن حتى اليوم حين يقرأ موسى (أي التوراة) البرقع موضوع على قلوبهم". ويعقوب الرسول يقول في مجمع أورشليم "لأن موسى منذ أجيال قديمة له في كل مدينة من يكرز به، إذ يقرأ في المجامع كل سبت" (أع 21:15). وابراهيم أبو الأباء يشهد بذلك في كلامه مع الغني الذي لم يحسن إلى لعازر المسكين ( لو 26:19) "وقال له إبراهيم: عندهم موسى والأنبياء ليسمعوا منهم.." ويقصد كتب موسى والأنبياء. 5- وشهد اليهود بهذا أيضاً أمام المسيح: إذ جاء قوم من الصدوقيين إلى المسيح قائلين "يا معلم، كتب لنا موسى إن مات لأحد أخ وترك إمراة ولم يخلف أولاداً أن يأخذ أخوه آمراته ويقيم نسلا لأخيه" (مر 19:12). 6- وسميت التوراة شريعة موسى، أو ناموس موسى: قال السيد المسيح لليهود "فإن كان الإنسان يقبل الختان في السبت لئلا ينقض ناموس موسى، افتسخطون علي لأني شفيت إنساناً كله في السبت" (يو 23:7). وقيل عن السيدة العذراء "ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب" (لو 22:2). وقال بولس الرسول في رسالته إلي العبرانيين (28:10) "من خالف ناموس موسى فعلي شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بلا رأفة". وقال في رسالته الأولي إلي كورنثوس (9:9) "فإنه مكتوب في ناموس موسى لا تكم ثوراً دارساً" وفي نقاشه مع اليهود يقول سفر أعمال الرسل (23:28) "فطفق يشرح لهم شاهداً بملكوت الله ومقنعاً إياهم من ناموس موسى والأنبياء". ويوحنا الرسول يقول "لأن الناموس بموسى أعطى" (يو 17:1). اقرأ أيضاً (أع 39:13) (أع5:15)(أع 22:26)(يو19:7). 7- تنسب لموسى أقوال الله التي فاه بها موسى: قال السيد المسيح: "لأن موسى قال أكرم أباك وأمك، ومن يشتم أبا أو أما فليمت موتاً" (مر 10:7). وقال لليهود "موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم، ولكن من البدء لم يكن هكذا" (مر 7:19). وقال للأبرص "أر نفسك للكاهن وقدم القربان الذي أمر به موسى شهادة لهم" (مت 4:8). وقال اليهود للمسيح عندما قدموا له المرأة الزانية: "موسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم" (يو5:8). 8- موسى هو أنسب شخص للكتابة: إن موسى النبي هو أكثر الأشخاص صلة بالحوادث. وتوجد أشياء خاصة به وحده مثل ظهور الرب له في العليقة، وكلام الرب معه علي الجبل، والوصايا التي أعطاها له والتفاصيل العديدة الخاصة بأوصاف خيمة الاجتماع. ولا شك أن موسى هو أقدر إنسان علي كتابة التوراة، لأنه هو الذي أقام أربعين يوماً علي الجبل، يسمع منه جميع ما أوصاه به. وليس الأمر قاصراً علي الأربعين يوما، بل كان يكلمه من باب خيمة الاجتماع. ونقرأ في أول سفر اللاويين: "ودعا الرب موسى وكلمه من خيمة الاجتماع قائلاً: كلم بني إسرائيل وقل لهم.." (لا 1:1،2) (1:4) (1:6،8،19،24). ولا شك أن موسى كان يعرف الكتابة والقراءة طبعاً، فهو قد تهذب بكل حكمة المصريين" (أع 22:7).


--------------------------------------------------------------------------------------



ورد في (تك 3:6) قبل قصة الطوفان أن "أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروه" (تك 2:6). فمن هم أبناء الله؟ ومن هن بنات الناس؟·

أبناء الله هم نسل شيث. وبنات الناس هن نسل قايين… وذلك أنه بعد مقتل هابيل البار، ولد عوضاً عنه شيث. و شيث ولد أنوش "حينئذ ابتدئ أن يدعى باسم الرب" (تك 26:4). وورد في سلسلة الأنساب "ابن أنوش بن شيث بن آدم بن الله" (لو 38:3). أبناء شيث دعوا أبناء الله، لأنهم النسل المقدس، الذي منه يأتي نوح ثم إبراهيم، ثم داود، ثم المسيح، وفيه تباركت كل قبائل الأرض. وهم المؤمنون المنتسبون إلي الله، الذين أخذوا بركة آدم (تك 28:1)، ثم بركة نوح (تك 1:9). وحسنا أن الله دعا بعض البشر أولاده قبل الطوفان.. أما أولاد قايين، فلم ينتسبوا إلي الله، لأنهم أخذوا اللعنة التي وقعت علي قايين (تك 11:4)، وساروا في طريق الفساد، فدعوا أبناء الناس. وكلهم أغرقهم الطوفان…


------------------------------------------------------------------------------------



من هم الثلاثة الذين استضافهم أبو الأباء إبراهيم في (تك 18)؟ وهل هم الثالوث القدوس؟ وهل سجوده لهم دليل ذلك؟ ولماذا كان يكلمهم أحياناً بأسلوب الجمع، وأحياناً بأسلوب المفرد؟ هل هذا يدل علي التثليث والتوحيد؟·

لا يمكن أن نقول إن هؤلاء الثلاثة كانوا الثالوث القدوس… لأن الثالوث ليس فيه هذا الانفصال الواضح. فالابن يقول "أنا والأب واحد" (يو 30:10). ويقول "أنا في الأب، والأب في. من رآني فقد رأى الأب" (يو 10,9:14). كذلك قيل عن الأب "الله لم يره أحد قط" (يو 18:1). أما سجود إبراهيم، فكان هنا سجود احترام، وليس سجود عبادة. وقد سجد إبراهيم لبني حث لما اشتري منهم مغارة المكفيلة (تك 7:23). ولو كان إبراهيم يعرف أنه أمام الله، ما كان يقدم لهم زبداً ولبناً وخبزاً ولحماً ويقول: "اتكئوا تحت الشجرة. فآخذ كسرة خبز، فتسندون قلوبكم ثم تجتازون" (تك 8,5:18). أما الثلاثة، فكانوا الرب ومعه ملاكان.. الملاكان بعد المقابلة ذهبا إلي سدوم (تك 22,16:18-تك 1:19). وبقي إبراهيم واقفاً أمام الرب (تك 22:18)، وتشفع في سدوم (تك 23:18). ولما رأى أبونا إبراهيم من باب خيمته هؤلاء الثلاثة، لم يكونوا طبعاً في بهاء واحد، ولا في جلال واحد، وكان الرب بلا شك مميزاً عن الملاكين في جلاله وهيبته. ولعل الملاكين كانا يسيران خلفه. ولهذا كان أبونا إبراهيم يكلم الرب بالمفرد، باعتباره ممثلاً لهذه المجموعة… وهكذا يقول له "يا سيد، إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك، فلا تتجاوز عبدك. ليؤخذ قليل ماء، واغسلوا أرجلكم، واتكئوا تحت الشجرة" أي: اسمح يا سيد للاثنين الذين معك، فيؤخذ قليل ماء و اغسلوا أرجلكم. من اجل هذا السبب، كان أبونا إبراهيم يتكلم أحياناً بالمفرد، ويخاطبهم أحياناً بالجمع. مثلما يقابلك ضابط ومعه جنديان، فتكلم الضابط عن نفسه وعن الجنديين في نفس الوقت… قلنا إن الثلاثة كانوا الرب ومعه ملاكان، وقد ذهب الملاكان إلي سدوم (تك 1:19). وبقى الثالث مع إبراهيم… وواضح إن هذا الثالث كان هو الرب. والأدلة هي: أنه الذي قال لإبراهيم "إني أرجع إليك نحو زمان الحياة ,ويكون لسارة إمرأتك إبن"(تك 10:18). بل إن الكتاب يقول صراحة فى نفس الإصحاح إنه هو الرب . فى عبارات كثيرة منها: فقال الرب لإبراهيم "لماذا ضحكت سارة" (تك 13:18) فقال الرب: هل أخفى على إبراهيم ما أنا فاعله (تك17:18). وقال الرب"إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر.." (تك20:18). "وإنصرف الرجال من هناك,وذهبوا نحو سدوم. وأما إبراهيم فكان لم يزل قائماً أمام الرب" (تك22:18). وقول إبراهيم "أديان الأرض كلها لا يصنع عدلاً" يدل بلا شك على أنه كان يكلم الله وكذلك باقى كلام تشفعه فى سدوم. وأسلوبه"عزمت أن أكلم المولى, وأنا تراب ورماد". وكذلك أسلوب الرب"إن وجت فى سدوم خمسين باراً ...فأنى أصفح عن المكان كله من أجلهم"لا أفعل إن وجت هناك ثلاثين"ولا أهلك من أجل العشرة"... واضح أنه كلام الله الذى له السلطان أن يهلك وأن يصفح ... أما الأثنان الآخرين, فهما الملاكان اللذان ذهبا إلي سدوم ... كما هو واضح من النصوص(22,16:18) , (تك1:19). وقصتهما مع أبينا لوط معروفة (تك19). وكون الثلاثة ينفصلون ,دليل على أنهم ليسوا الثالوث القدوس.... الأثنان يذهبان إلى سدوم . ويظل الثالث مع إبراهيم يكلمه فى موضوع إعطاء سارة نسلاًَ ,ويسمع تشفعه فى سدوم. هذا الأنفصال يليق بالحديث مع الرب وملاكين, وليس عن الثالوث


-------------------------------------------------------------------------------------------



أليس الله كلي الصلاح؟ كيف إذن يقال عنه إنه خالق الخير وخالق الشر (أش 7:45) بينما الشر لا يتفق مع طبيعة الله؟!·

ينبغي أن نعرف أولاً معني كلمة الخير، ومعني كلمة الشر، في لغة الكتاب المقدس. لأنه لكل منهما أكثر من معني… كلمة شر يمكن أن تكون بمعنى الخطيئة. ولا يمكن أن تقصد بهذا المعنى عبارة "صانع الشر" في (أش 7:45). لأن الشر بمعني الخطية، لا يتفق مع صلاح الله الكلي الصلاح، ولكن كلمة (شر) تعني أيضاً- بلغة الكتاب- الضيقات والمتاعب…. كما أن كلمة (خير) لها أيضاً المعنيان المقابلان: إذن يمكن أن تعنى البر والصلاح، عكس الخطيئة. كما تعنى-بعكس الضيقات- الغني والوفرة والبركات والنعم المتنوعة مادية وغير مادية. * ولعل هذا واضح جداً في قصة أيوب الصديق. فإنه لما حلت عليه الضيقات، وتذمرت امرأته، حينئذ وبخها بقوله "تتكلمين كلاماً كإحدى الجاهلات. الخير من الله نقبل والشر لا نقبل؟" (أي 10:2). وأيوب لا يقصد بكلمة الشر هنا الخطية، لأنه لم تصبه خطية من عند الرب. إنما يقصد بالشر ما قد أصابه من ضيقات… من جهة موت أولاده، وهدم بيته، ونهب مواشيه وأغنامه وجماله وأتنه. هذه الضيقات والمصائب التي يسميها العرف شراً. وعن هذه المصائب قال الكتاب "فلما سمع أصحاب أيوب الثلاثة بكل الشر الذي أتي عليه، جاءوا كل واحد من مكانه… ليرثوا له ويعزوه" (أي 11:2). * وبهذا المعني تكلم الرب على معاقبته لبني إسرائيل فقال "هاأنذا جالب شراً على هذا الموضع وعلى سكانه، جميع اللعنات المكتوبة في السفر" (2أي 24:34). وطبعاً لم يقصد الرب بالشر هنا معني الخطية… إنما كان الرب يقصد بالشر: السبي الذي يقع فيه بنو إسرائيل، وانهزامهم أمام أعدائهم، وباقي الضربات التي يعاقبهم بها. * ومن أمثلة هذا الأمر أيضاً قول الرب عن أورشليم "هانذا جالب على الموضع شراً، كل من سمع به تطن أذناه" (أر 3:19). وذكر تفصيل هذا (الشر) فقال "أجعلهم يسقطون بالسيف أمام أعدائهم… وأجعل جثثهم أكلاُ لطيور السماء ولوحوش الأرض. وأجعل هذه المدينة للدهش والصفي.. هكذا أكسر هذا الشعب وهذه المدينة كما يكسر وعاء الفخاري بحيث لايمكن جبره بعد" (أر 7:19-11). * ونفس المعني ما ورد في سفر عاموس (4:9). * وفي عود الرب لإنقاذ الشعب من السبي والضيق والهزيمة، "هكذا قال الرب: كما جلبت علي هذا الشعب كل هذا الشر العظيم، هكذا أنا أجلب عليهم كل الخير الذي به تكلمت به عليهم" (أر42:32) ، أي يردهم من السبي. وكلمة الخير هنا لا يقصد بها البر والصلاح، وواضح أيضاً أن كلمة الشر هنا لا يقصد بها الخطيئة. لعل من كلمة الخير بمعنى النعم، اشتقت كلمة خيرات… وفي هذا يقول المزمور (مز 5:103) "يشبع بالخير عمرك". ويقول الرب في سفر أرميا "خطاياكم منعت الخير عنكم" (أر 25:5). بهذا المعني قيل عن الرب إنه صانع الخير وصانع الشر" أي أنه يعطي النعم والخيرات، وأيضاً يوقع العقوبة والضيقات… مادام الأمر هكذا، إذن ينبغي أن نفهم معني كلمة "الشر"… إن كانت كلمة الشر معناها الضيقات، فمن الممكن أن تصدر عن الله، يريدها أو يسمح بها، تأديباً للناس، أو حثاً لهم على التوبة، أو لأية فائدة روحية تأتي عن طريق التجارب (يع 2:1-4). إذن عبارة خالق الشر، أو صانع الشر معناها ما يراه الناس شراً، أو تعباً أو ضيقاً، ويكون أيضا للخير. أما الخير بمعني الصلاح، والشر بمعني الخطيئة، فمن أمثلته: "للانتقام من فاعلي الشر، وللمدح لفاعلي الخير" (1بط 14:2). وأيضاً "حد عن الشر وأصنع الخير" (مز 14:34). وقول الرب "بنوكم الذين لم يعرفوا اليوم الخير والشر" (تث 29:1). وكذلك عبارة "شجرة معرفة الخير والشر" (تك 9:2). ومن هنا كانت عبارة "يصنع به خيراً" أي يساعده, يعينه، ينقذه، يعطيه من العطايا والخيرات، يرحمه، يحسن إليه. وبالعكس عبارة "يصنع به شراً" أي يؤذيه. وحينما يجلب الله شراُ علي أمة، يقصد بهذا وضعها تحت عصا التأديب، بالضيقات والضربات التي يراها الناس شراً.


------------------------------------------------------------------------------------



هل ذنوب الآباء يمكن أن تفتقد في الأبناء حسب قول الكتاب (خر 5:20). ونقول: أكل الآباء الحصرم، وأسنان الأبناء ضرست؟·

إن الآباء يمكن أن يورثوا أبناءهم جسدياً نتائج خطاياهم أو أمراضهم… فقد يخطئ أب، ونتيجة لخطيئته يصاب بمرض. ويرث الابن منه هذا المرض. وأحياناً يصاب أبناء بأمراض عصبية أو عقلية، وبعض أمراض الدم، وبعض عيوب خلقية، نتيجة لما ورثوه من آبائهم. وغالباً تكون أمراض الأبناء وآلامهم، سبب آلام لآبائهم. وبخاصة إذا علموا إنها نتيجة لأخطائهم هم… وقد يرث الأبناء من آبائهم طبعاً رديئاً أو خلقاً فاسداً… ولكن ليس هذا شرطاً، فشاول الملك، علي الرغم من قساوته وظلمه وطباعه الرديئة، كان ابنه يوناثان على عكسه تماماً، فاستطاع أن يصادق داود ويحبه ويخلص له. وحتى إن ورث الأبناء طباعاً رديئة عن آبائهم، فمن السهل عليهم أن يتخلصوا منها إذا أرادوا… وقد يرث الابن عن أخطاء أبيه ديوناً أو فقراً… ويتعب بسب ذلك، علي الأرض طبعاً، دون أن يكون لهذا دخل في أبديته وما أكثر النتائج التي يوافقها قول الشاعر: هذا جناه أبى علي وما جنيت علي أحد أما من جهة دينونة الأبناء علي خطايا آبائهم الشخصية، فقد نفاها الكتاب نفياً باتاً، حسبما ورد في سفر حزقيال، إذ يقول: ما بالكم أنتم تضربون هذا المثل … الآباء أكلوا الحصرم، وأسنان الأبناء ضرست. حي أنا يقول الرب، لا يكون لكم أن تضربوا هذا المثل.. النفس التي تخطئ هي تموت… الابن لا يحمل من إثم الأب. والأب لا يحمل من إثم الابن. بر البار عليه يكون. وشر الشرير عليه يكون (حز 1:18-20). إن شر شاول الملك، لم يحمل ابنه يوناثان البار. ويوشيا الملك الصالح، لم يحمل إثم آمون أبيه، ولا جده منسي، ولا باقي أجداده. لعنات الناموس في العهد القديم، ولا وجود لها في العهد الجديد. ونحن نقول في القداس الغريغوري "أزلت لعنة الناموس". ونضرب كمثال لهذه اللعنة، كنعان الذي حمل لعنة أبيه حام (تك 22:9، 25). وظل بنو كنعان يحملون هذه اللعنة إلي أيام السيد المسيح، وليس إلي الجيل الرابع فقط. أما الآن، فإنك في عهد "النعمة والحق" (يو 17:1). فلا تخف من لعنة الناموس، التي ورثها أبناء عن أجدادهم.. .. أطمئن… ما أكثر ما يكون الأب شريراً، والابن باراً رافضاً أن يسير في طريق أبيه، بل قد يقاومه، عملاً بقول الرب "من أحب أباً أو أماً أكثر مني، فلا يستحقنى" (مت 37:10). ومن المحال طبعاً أن يفتقد الله الذنوب هذا الأب الشرير في أبنه البار الذي يستحق المكافأة


------------------------------------------------------------------------------------



ما هو سفر ياشر؟ هل هو من أسفار الكتاب المقدس، أو من التوراة؟ وكيف أشير إليه في سفر يشوع، وفي سفر صموئيل الثاني، ومع ذلك ليس هو في الكتاب؟·

كلمة سفر معناها كتاب، أي كتاب، ديني أو مدني … وسفر ياشر، أو كتاب ياشر، هو كتاب مدني قديم، كان يضم الأغاني الشعبية المتداولة بين اليهود، حول الأحداث الهامة دينية ومدنية. وبعض هذه الأغاني، كانت تشمل أناشيد عسكرية للجنود .. ويرجع هذا الكتاب إلي ما بين سنة 1000، وسنة 800 قبل المسيح، أي بعد موسى النبي بأكثر من خمسمائة سنة، إذ ورد قيه ما يخص داود النبي ومرثاته لشاول الملك. إذن ليس هو من توراة موسى، لأنه يشمل أخبار بعد موسى بعدة قرون. إن بعض الأحداث التاريخية الهامة في العهد القديم، تغني بها الناس، ونظموا حولها أناشيد وضعوها في هذا الكتاب، الذي كان ينمو بالزمن، و لا علاقة له بالوحي الإلهي. مثال ذلك: معركة جعبون أيام يشوع، ووقوف الشمس. ألف الناس عنها أناشيد، ضمت إلي كتاب ياشر. وأشار إليها يشوع بقوله "أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر" (يش 13:10). أي أليس هذا من الأحداث المشهورة المتداولة، التي بلغ من شهرتها تأليف أناشيد شعبية عنها، في كتب مدنية مثل سفر ياشر. كذلك فإن النشيد الجميل المؤثر، الذي رثي به داود النبي شاول الملك وابنه يوناثان، أعجب به الناس وتغنوا به، وضموه إلي كتاب أناشيدهم الشعبية، إذ يختص بحادثة مقتل ملك من ملوكهم مع ولي عهده، بل هو أول ملوكهم. فلما ورد الخبر في سفر صموئيل الثاني، قيل فيه "هوذا ذلك مكتوب في سفر ياشر" (2صم 17:1). أي أن مرثاة داود، تحولت إلي أغنية شعبية، وضعها الناس في كتاب أناشيدهم المعروف باسم سفر ياشر. تماماً كما نقول عن حادث معين مشهور، إنه ورد في الكتاب المقدس، كما ورد أيضاً في كتاب من كتب التاريخ… يبقي السؤال الأخير، وهو: هل حذفه اليهود من التوراة لسبب عقيدى؟ والإجابة واضحة وهي: أ‌- إنه ليس من التوراة. لأن التوراة هي أسفار موسى الخمسة، وهي التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية. ب‌- لو أراد اليهود إخفاءه لسبب عقيدى، ما كانوا يشيرون إليه في سفر يشوع، وفي سفر صموئيل النبي. ج- أشهر وأقدم ترجمات العهد القديم، وهي الترجمة السبعينية التي وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد، لا يوجد بها هذا الكتاب


--------------------------------------------------------------------------------------


نقرأ في الكتاب المقدس أحياناً كلمات تحتاج إلي ترجمة أو تفسير، مثل:·

سلاه، وقد وردت كثيراً في المزامير من 46 إلي 50. ماران آثا، وقد وردت في (1كو 22:16). أناثيما، وقد وردت في (غل 8:1،9)، (1كو 22:16). قيدار، كما في (مز 5:120)، (نش 5:1). فنرجو توضيح معناها، حتى يسهل علينا فهمها. الجواب سلاه هي عبارة وردت في المزامير 71 مرة. وتعني وقفة لتغيير اللحن إلي طبقة موسيقية مختلفة. وذلك لأن المزامير كانت تنشد مصحوبة بالموسيقي في أيام داود وآساف وهيمان وغيرهم.فعند موضع معين، كانت تعطي إشارة للوقوف، حتى يضبط الموسيقيون آلاتهم علي الوضع الموسيقي المطلوب. ماران آثا كلمة (مار) السريانية، والآرامية بمعني سيد (أو رب). وكلمة (آثا) تعني يأتي. والعبارة كلها معناها: الرب يأتي أو ربنا سيأتي. وهي عبارة تحية كان يتبادلها المسيحيون في العصر الرسولي، معزين أو مبشرين بعضهم بعضاً بمجيء الرب. أي إفرحوا إن الرب سيأتي. وأحياناً كانوا يختمون بها رسائلهم، كما ختم بها القديس بولس الرسول رسالته الأولي إلي أهل كورنثوس. أناثيما هي كلمة يونانية تعني اللعنة، كما تعني الحرم أو القطع أو الفرز من الكنيسة. مثل الأناثيمات Anathemas التي وضعها القديس كيرلس عمود الدين أثناء الهرطقة النسطورية علي كل من يخالف قواعد الإيمان. وقد استخدمها القديس بولس الرسول في رسالته إلي أهل غلاطية ليحرم بسلطانه الكنسي كل من يعلم تعليماً مختلفاً لبشارة الرسل، حتى لو كان ملاكاً فقال "إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء، بغير ما بشرناكم به فليكن أناثيما" (غل 8:1). وكرر نفس المعني.. واستخدم نفس العبارة أيضاً في آخر رسالته الأولي إلي أهل كورنثوس، وهذه العبارة معروفة جداً في القوانين الكنسية. قيدار قيدار هو ثاني ابن لإسماعيل ابن هاجر (تك 12:25). وتعرف البلاد التي سكنها بهذا الاسم أيضاً (أر28:49). وكان نسل قيدار يسكنون في خيام، كانت سوداء أو تبدو سوداء من دخان النار التي يتدفأون بها بالليل. واشتهر أهل قيدار بخيامهم السوداء. ولعل هذا ما قصدته عذراء النشيد بقولها "أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم، كخيام قيدار.." (نش 5:1). وقد ذكر المرتل "مساكن قيدار" كبلاد غربة (مز 5:120).


-----------------------------------------------------------------------------------------------


يقول البعض إن خطية آدم وحواء هي الزنى. ولما كان الكتاب لم يذكر هذا، فمن أين نشأ هذا الرأي؟ وما الرد عليه إن كان خطأ؟·

لعله يرجع إلي أوريجانوس، الذي غال في طريقة التفسير الرمزي. وقد حاول أن يجعل الرمز يشمل كل شئ، حتى خطية آدم، حتى أشجار الجنة.فقال إن خطية آدم هي الزنى، واستدل علي رأيه بالنقط الآتية: قال إن شجرة معرفة الخير والشر، كانت في وسط الجنة، كما أن الأعضاء التناسلية في وسط جسم الإنسان. وقال بالأكل من الشجرة قيل "وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت" (تك 1:4). وقال إنهما بالخطية عرفا الخجل وعلما أنهما عريانان، وخاطا لأنفسهما مآزر من ورق التين (تك 7:3). واستدل أوريجانوس علي رأيه أيضاً من سيطرة الزنى علي العالم… وعن أوريجانوس نقل هذا الرأي، حتى وصل إلي صاحب السؤال. ولكن هذا الرأي عليه ردود كثيرة منها، فحص هذا الرمز: 1- قيل إن شجرة معرفة الخير والشر، كانت وسط الجنة. والأعضاء التناسلية في وسط جسم الإنسان. فلو اعتبرنا هذه الأعضاء هي الشجرة، لأصبح جسم الإنسان هو الجنة. وهنا نقف أمام جنتين (آدم وحواء)، وشجرتين (في كل منهما واحدة). هذا لو طبقنا تفاصيل التفسير الرمزي حسب مفهوم أوريجانوس. ويكون آدم يقطف من شجرة حواء، وحواء تقطف من شجرة آدم. ولا يكون الله قد وضع آدم في الجنة- حسب قول الكتاب (تك 15:2)- وإنما يكون هو نفسه جنة حواء!! ولكن الكتاب قال إن الله وضعه في جنة عدن، ليعملها ويحفظها" (تك 15:2). فحسب الرمز، ماذا تكون عدن؟ وما معني يعملها ويحفظها؟ 2- وماذا تكون باقي رموز كل ما في الجنة؟ ماذا يكون النهر الذي يخرج من عدن ليسقي الجنة ومن هناك ينقسم إلي أربعة رؤوس؟ وما هي تلك الأربعة أنهار وبلادها (تك 10:2-14)؟ وماذا تكون باقي أعضاء جسم الإنسان في رموزها؟ هل ترمز إلي أشجار أخرى في الجنة؟ وهل كان مصرحاً بها؟ 3- ثم أن شجرة الحياة أيضاً كانت في وسط الجنة (تك 9:2). ولم تكن شجرة معرفة الخير والشر وحدها في وسط الجنة. فهل شجرة الحياة هي أيضاً ترمز إلي شئ إذا تمادينا مع أوريجانوس؟ وحينئذ كيف نفهم معني أن الكاروبيم في حراسة شجرة الحياة بلهيب سيف (تك 24:3). 4- ثم كيف نفهم طرد الإنسان من الجنة، إن كانت ترمز إلي جسمه؟ كيف فارقهما، وعاش خارجها؟ وكيف فارق شجرة معرفة الخير والشر التي في وسط الجنة؟ إن الرمز هنا، بلا شك، يدخلنا في بلبلة لا نهاية لها. علي أن هناك سؤالا هاماً جداً، نضعه أمامنا إن كانت الخطية زني. 5- إن كانت الخطية زني، فماذا كانت الوصية إذن؟ وهل فهمها آدم؟ هل كانت الوصية "لا تزن" وخالفها آدم؟ ماذا يفهم آدم، وماذا تفهم حواء من عبارة "لا تزن"؟! وهما بريئان بسيطان لا يعرفان من هذه الأمور شيئاً. بدليل إنهما كانا عريانين وهما لا يخجلان (تك 25:2). هل شرح لهما الله معني الوصية وما الذي يمنعهما عنه؟! مستحيل، وإلا يكون الله هو الذي فتح أعينهما..! حاشا… أم لم تكن هناك وصية، وهذا ضد الكتاب؟ أم إنهما لم يفهما الوصية، وحينئذ لا تكون هناك عقوبة؟ ولا معني لوصية غير مفهومة. 6- وإن كانت الخطية زني، لارتكبها الاثنان في وقت واحد. ما معني أن حواء قطفت أولاً وأكلت، ثم أعطت آدم (تك 6:3). لو كانت الخطية زني، لقيل أنهما أكلا في وقت واحد من الشجرة، "فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان" (تك 7:3). ولو كانت الخطية زني، لانفتحت أعينهما أولاً، وعرفا أنهما عريانان، ثم بعد ذلك يأتي ارتكاب الخطية. لأنه من غير المعقول أن يرتكبا خطية كهذه، وعيونهما مغلقة. 7- أما الخجل، ومعرفة آدم لحواء، فلم تكن هناك خطية، إنما كانت نتيجة لنزولهما إلي المستوي الجسداني في اشتهاء الأكل.. ولذلك قيل "وعرف آدم حواء" بعد طردهما من الجنة (تك 1:4). ولم يكن ذلك وهما في الجنة. وعبارة الخجل وردت بعد الأكل من الشجرة، وليس أثناء ذلك ولا قبله. كان آدم روحيا، بعيدا عن شهوة المادة وشهوة الأكل وشهوة الحس. فلما وقع في ذلك بالأكل من الشجرة، هبط إلي المستوي الجسداني, وأصبح سهلاً بعد هذا أن يكمل طريق الجسد في موضوع الجنس. هذا الأمر تم نتيجة للسقوط، ولم يكن هو عملية السقوط. 8- وإذا اعتبرنا الجنس بين آدم وحواء هو خطية زني، فما معني إذن قول الرب لهما "إثمروا وأكثروا وأملأوا الأرض" (تك 28:1). ووردت هذه البركة في اليوم السادس، قيل أن يقول الكتاب "وكان مساء وكان صباح يوماً سادساً" (تك 3:1). ورأي الله ذلك فإذا هو حسن جداً… 9- وإن كانت الخطية زني، فلا داعي إذن لإغراءات الألوهية والمعرفة. والمعروف إن أغراء الحية لحواء، لم يكن هو الزنى، إنما "تكونان مثل الله، عارفين الخير والشر" (تك 5:3). إذن فهي خطية كبرياء وشهوة والمساواة بالله. وفي هذه الخطية وقع الشيطان نفسه، حينما قال في قلبه" أصير مثل العلي" (أش 14:14). وبناء علي هذا الأغراء "شهوة التأله" سقطت حواء ثم سقط آدم. ولم يقل الكتاب مطلقاً إن الإغراء كان هو الزنى الذي لم تكن تفهمه حواء. 10- أما انتشار خطية الزنى، فيشبهه انتشار خطايا آخرى… مثل محبة العظمة، ومحبة الذات، ومحبة الغني، وشهوة الامتلاك، وشهوة الأكل، وانفعال الغضب، وخطية الكذب.. وكل هذا منتشر جداً، حتى في السن المبكرة التي لا تعرف الزنى، وفي سن الشيخوخة التي تعجز فيها عن الزنى. 11- القول إذن بأن خطية آدم وحواء زنى، لا يسنده الكتاب… إنما هو التمادي في التفسير الرمزي بطريقة غير معقولة. إن التفسير الرمزي عموماً، له جماله وعمقه، علي أن يكون في حدود المعقول، ويكون له ما يسنده من نصوص الكتاب…

--------------------------------------------------------------------------------------


من هو ملكي صادق؟ وما معني قولنا في المزمور "أنت هو الكاهن إلي الأبد علي طقس ملكي صادق" (مز 4:110)؟ ما هو طقس ملكي صادق هذا؟·

أول مرة ورد فيها اسم ملكي صادق، كانت في استقباله لأبينا إبراهيم عند رجوعه من كسرة كدر لعومر والملوك الذين معه (تك 18:14-20). وفي هذه المقابلة قيل عن ملكي صادق ما يأتي: 1- إنه ملك شاليم (ولعلها أورشليم). 2- إنه كاهن الله العلي. وقد قدم خبزاً وخمراً. 3- إنه بارك أبانا إبراهيم. وأبونا إبراهيم قدم له العشور. ويقرر معلمنا بولس الرسول أن ملكي صادق أعظم من إبراهيم. علي اعتبار أن الصغير يبارك من الكبير (عب 7:7). وعلي اعتبار أنه دفع له العشور. وبالتالي يكون كهنوت ملكي صادق أعظم من إبراهيم لما باركه ملكي صادق. وكهنوت المسيح، والكهنوت المسيحي، علي طقس ملكي صادق. وذلك من حيث النقط الآتية: 1- إنه كهنوت يقدم خبزا وخمراً، وليس ذبائح حيوانية. فالذبائح الحيوانية أو الدموية، كانت طقس الكهنوت الهاروني، وكانت ترمز إلي ذبيحة المسيح، وقد أبطلها المسيح بذبيحته. وأعطانا الرب إصعاد جسده ودمه من خبز وخمر، حسب تقدمة ملكي صادق. 2- إنه كهنوت ليس عن طريق الوراثة. فقد كان المسيح من سبط يهوذا، وليس من سبط لاوى الذي منه الكهنوت. فلم يأخذ الكهنوت بالوراثة. وكذلك كل رسل المسيح، وكل كهنة العهد الجديد، لا يأخذون الكهنوت بالوراثة. 3- كهنوت ملكي صادق، أعلي في الدرجة من الكهنوت الهارونى، وقد شرح معلمنا بولس الرسول هذا الأمر في (عب7). وقد قيل عن ملكي صادق إنه مشبه بابن الله. من جهة هذه الأمور التي ذكرناها. وأيضاً يقول عنه الرسول "بلا أب، بلا أم، بلا نسب، لا بداءة أيام له ولا نهاية، بل هو مشبه بابن الله" (عب 3:7). ولا نأخذ هذه الكلمات بحرفيتها، وإلا كان ملكي صادق هو الله. بل حتى من جهة الحرف، لا نستطيع أن نقول إنه مشبه بابن الله في أنه بلا أم، لأن المسيح كانت له أم هي العذراء، ولا نستطيع أن نقول أنه بلا أب، فالمسيح له أب هو الأب السماوي. إنما كان بلا أب، بلا أم، بلا نسب في الكهنوت. أي لم يأخذه عن طريق الوراثة عن أب أو أم أو نسب. وهكذا كان المسيح. ولعل هذا يوافق ما قاله بولس الرسول "وأما الذين هم من بني لاوى الذين يأخذون الكهنوت، فلهم وصية أن يعشروا الشعب بمقتضى الناموس.. ولكن الذي ليس له نسب منهم (أي ملكي صادق) قد عشر إبراهيم" (عب6,5:7 ). أي (بلا نسب) هنا معناها بلا نسب من هارون، من سبط الكهنوت.. وتكون عبارة بلا أب بلا أم علي نفس القياس. وقد وضح عبارة (بلا نسب في الكهنوت) علي المسيح بقوله "في سبط آخر لم يلازم أحد منه المذبح" (عب 13:7). بالإضافة إلي هذا، فإن الكتاب لم يذكر لنا شيئاً عن نسب ملكي صادق، ولا من هو أبوه ولا أمه. فكأنه يقول عنه: بلا أب نعرفه، وبلا أم نعرفها. وماذا أيضاً؟ لا بداءة أيام له، ولا نهاية حياة… أي أنه دخل التاريخ فجأة، وخرج منه فجأة، دون أن نعرف له بداءة أيام، ولا نهاية حياة. إنما ظهر في وقت ليؤدي رسالة ما، وليكون رمزاً، دون أن نعرف له تاريخاً ولا نسباً. أما المسيح، فمن الناحية الجسدية، معروفة أيامه. معروف يوم ميلاده، ويوم موته علي الصليب، ويوم صعوده إلي السماء. أما من الناحية اللاهوتية، فلا بداءة ولا نهاية. ولكن ملكي صادق لم يكن يرمز إلي المسيح من الناحية اللاهوتية… إنما كل الذي ذكر الكتاب سواء في (تك 14) أو في (مز 110) أو في (عب7) كان بخصوص عمله الكهنوتي. أما الرأي القائل بأن ملكي صادق هو المسيح نفسه، فعليه اعتراضات.. منها قول الرسول "مشبه بابن الله" علي شبه ملكي صادق" "علي طقس ملكي صادق" (عب17,15,3:7). بينما لو كان هو نفس الشخص، ما كان يقول علي شبهه، علي طقسه، أو علي رتبته. أما ترجمة الأسماء فلا تدل علي أنه نفس الشخص… ترجمة اسمه بأنه ملك البر، أو وظيفته بأنه ملك السلام، لا يعني أنه المسيح، ربما مجرد رمز.. وترجمة الأسماء من حيث صلتها باسم الله تحوي عجباً. فإيليا النبي ترجمة اسمه (إلهي يهوه)، واليشع (الله خلاص)، وأشعياء (الله يخلص)، واليهو (أي 32) معناه (هو الله)، وصموئيل (إسم الله أو سمع الله). ومن الاسماء الاخري في الكتاب اليآب (عد 9:1) معناها الله أب، واليصور (عد 5:1) معناها الله صخرة، واليمالك (را 2:1) معناها الله ملك، وأليشوع (2صم 15:5) معناها الله خلاص. دون أن يدعى أحد من هؤلاء – من واقع إسمه – إنه أحد الظهورات لله في العهد القديم. وشخصية ملكي صادق من الشخصيات التي حيرت علماء الكتاب... وقيلت فيها آراء متعددة، وآراء متناقضة. يكفينا من جهتها رمزها إلي كهنوت المسيح، دون أن ندخل في تفاصيل، يقودنا فيها فهمنا الخاص، بينما لا يؤكدها الكتاب أو يحددها...


--------------------------------------------------------------------------------------




ما معني قول الكتاب "لا تكن باراً بزيادة"؟·

إن قول الكتاب "لا تكن باراً كثيراً، ولا تكن حكيماً بزيادة" (جا 16:7). ليس معناه أن الإنسان لا ينمو روحياً. وليس معناه أن هناك سلوكاً أعلي من البر الذي يطلبه الله منا... إنما معناه أن يسلك الإنسان في مستواه، دون قفزات كالضربات اليمينية... فالإنسان الروحي "لا يرتئى فوق ما ينبغي، بل يرتئى إلي التعقل" (رو 3:12). ولا يسلك في الطريق بمغالاة، إنما درجة درجة حني يصل. لأنه ما أسهل أن يحارب الشيطان بضربات يمينية، يدفعه فيها إلي درجات لاتحتملها روحياته، ثم لا يستمر فيها ويقع في الكآبة أو اليأس. وأثناء ممارساته القليلة لتلك الدرجات يقع في الكبرياء وإدانة الآخرين ويقع في الكبرياء وإدانة الآخرين ويقع في التذمر علي أب اعترافه كما لو كان لا يريد له الكمال. فلا تكن حكيماً في عيني نفسك. لا تكن حكيماً بزيادة. واسلك بهدوء وتأن، بدون قفزات لا تستمر فيها وتتعبك روحياً.


------------------------------------------------------------------------------------------


هل خلص شمشون وسليمان ؟·

نحن نعلم أن شمشون أخطأ، وكسر نذره ، وتخلت عنه النعمة، وأخذ كأسير (قض 16). ونعلم أن سليمان أغوته نساؤه، وبني مرتفعات لآلهتهن، ولم يحفظ عهد الرب فمزق الرب مملكته (1 مل 11). فهل خلص شمشون؟ وهل خلص سليمان؟ وما الدليل؟ الجواب لاشك أن شمشون نال الخلاص، وقبل الرب توبته.. والدليل علي ذلك أن الرب سمع له في آخر حياته، وصنع به إنتصاراً عظيماً لم يصنعه به طول حياته (قض 30:16). ولكن الدليل الأكبر علي خلاص شمشون أن القديس بولس الرسول وضعه في قائمة رجال الإيمان، مع داود وصموئيل والأنبياء (عب 32:11). وفي يقينى أن سليمان أيضاً قد خلص، وقبل الرب توبته.. ومن علامات توبته كتابته سفر الجامعة، الذى ظهرت فيه روح الزهد في كل شئ لكن الدليل الأكبر علي خلاصه هو وعد الله لداود بشأنه، حينما قال له " أقيم بعدك نسلك.. هو بيتى بيتاً لإسمى، وأنا أثبت كرسى مملكته.. أنا أكون له أباً، وهو يكون لي أبناً. إن تعوج أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم. ولكن رحمتى لا تنـزع منه كما نزعتها من شاول.." (2صم 12:7-15). عبارة "إن تعوج أؤدبه.. ولكن رحمتى لا تنـزع منه" هى بلا شك دليل علي قبول الرب لتوبة سليمان، وخلاصه.


------------------------------------------------------------------------------------


هل الكتاب يقف ضد النمو في العلم والمعرفة، بقوله "من يزيد علماً يزيد حزناً" (جا 18:1)؟·

الكتاب يقصد المعلومات الضارة، التى تتعب فكر الإنسان. هناك معلومات يعرفها الإنسان فتجلب له شهوات وحروباً روحية، فيقول ليتنى ما عرفت. وهناك قراءات ومعارف تجلب له شكوكاً، وربما تؤثر علي إيمانه. ومعلومات أخرى ربما يعرفها، فتؤثر علي محبته للآخرين، أو تجعله يدينهم. وفي كل ذلك يقول ليتني ما عرفت. ولذلك ينبغى أن يكون هناك ضابط للإنسان في معارفه وقراءاته... وليس كل شئ يجوز لكل أحد معرفته. وهناك معارف تفتح العينين علي أمور ليس من صالحه أن يعرفها، وفي سن معينة، أو في حالة نفسية معينة، أو قبل النضوج روحياً أو فكرياً.. إلخ. عن هذه وأمثالها قال الحكيم " من يزيد علماً، يزيد حزناً". أما باقى الأمور النافعة، فباب العلم مفتوح للجميع...


-----------------------------------------------------------------------------------


إن كان موسى النبى هو كاتب الأسفار الأولى الخمسة، فكيف ورد فيها خبر موته (تث 5:34-8)·

طبيعي هذا الخبر كتبه يشوع بن نون. ولكنه لم يوضع في أول سفر يشوع بل في آخر الأسفار الخمسة لتتكامل قصة موسى. وهو يتفق مع بداية سفر يشوع "وكان بعد موت موسى..".


------------------------------------------------------------------------------------


كلما أريد أن أسير في طريق الله، يحاربنى الشيطان بشدة. وأنا أطلب إلي الله أن يتدخل. ومع ذلك ففي ساعة التجربة، أشعر أن الله قد تركنى، فأفقد المقاومة بعد حين بسيط وأسقط. فلماذا؟·

إن الله لا يتركك. ولكن أنت الذى تتركه. أما محاربة الشيطان لك كلما سرت في طريق الله، فهذا شئ طبيعى، لأن الشيطان يحسد أولاد الله، ولا يحب لهم الخير. ولكن لماذا أنت تطيع الشيطان، وتستسلم لحروبه، وتفقد المقاومة سريعاً وتسقط. في الواقع أنت لا تطيع الشيطان، وإنما تطيع رغبة موجودة في قلبك. إنها رغبة في داخلك لم تتخلص من سيطرتها بعد. لم يتنق قلبك منها ومن محبتها. فهى تمثل خيانة داخلية. الواضح إنك لم تترك الخطية من قلبك، فهي موجودة في داخلك وفي وقت التجربة، حينما تحاربك الخطية من الخارج، تجد في قلبك إشتياقاً لها. تجد نداء لها من الداخل.. ولو أن الخطية حاربتك، ولم تجد لإستجابة لها في داخلك، لتركتك ومشت. لو زحفت عليك نار من الخارج، ولم تجدك مادة قابلة للإشتعال، فإنها لا تؤذيك بشئ.. أما لو وجدت في قلبك ما يتفق معها، فإن الطيور علي أشكالها تقع. الخطية حاربت يوسف الصديق، ولم تجد في داخله استجابة، فلم تقدر علي إسقاطه.. والآن ماذا أقول لك، لو كان داخلك لا يزال ضعيفاً.؟ أقول لك : قاوم بكل ما تستطيع، وأصمد. وعندما يجدك الله متمسكاً به، سيرسل لك نعمة تنقذك. ولا تنسى ما قاله بولس الرسول إلي العبرانيين من جهة هذه المقاومة. لقد وبخهم قائلاً " لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب 4:12). قاوم إذن واصمد، وليكن الرب معك. ومن الآن حاول ان تقوى قلبك من الداخل حتى لا يخونك. ( أقراء الفصل الخاص بهذا في كتاب حياة التوبة والنقاوة ).


--------------------------------------------------------------------------------------


عندما كنت شاباً، عزمت علي الرهبنة.. ولكننى تزوجت، والآن أنا نادم وأريد أن أعود إلي رغبتى الأولي بالذهاب إلي الدير. فبماذا تنصحنى؟·

يقول الكتاب للمتزوجين " ليس للرجل سلطان علي جسده بل للمرأه.. ولا للمرأه سلطان علي جسدها بل للرجل. لا يسلب أحدكما الآخر إلا أن يكون بموافقة.." (1كو 5,4:7). فإن كان ذلك قد قيل عن فترة الصوم، وهي فترة مؤقتة، فكم بالأولي عن الرهبنة التى تشمل الحياة كلها... أنت أيها الأخ لم تعد تملك جسدك حتى تنقله إلي الدير. المتزوج الذى يترهب، لابد من موافقة زوجته علي ذلك. ولابد أن تكون موافقة قلبية خالصة كاملة، لا ترغم فيها الزوجة سواء بكثرة الضغط أو الإلحاح، أو بدافع خجلها.. لئلا تقاد إلي الخطية، ويطلب دمها من زوجها الذى ترهب!.. أى أن يكون بإمكانها- روحياً ومادياً وإجتماعياً- أن تحيا بدون رجل. يضاف إلي الأمور الجنسية، هناك أيضاً المسئوليات المادية والمعيشية. والتربية إن كان لهما أولاد ... لذلك لا يصح أن تندم، بل عش في واقعك. حاول أن تكون كاملاً في الوضع الذي أنت فيه ... وتذكر أن ابراهيم واسحق ويعقوب كانوا متزوجين، وكانوا رجال صلاة وتأمل وحياة كاملة. وكذلك كثير من الأنبياء مثل موسى وصموئيل وأيوب.. ويحكى لنا تاريخ الكنيسة ان الله أرسل القديس مقاريوس الكبير إلي إمرأتين متزوجتين في الإسكندرية، قال له عنهما إنهما وصلنا إلي نفس الدرجة الروحية التى لهذا القديس، لكى ينقذه من حرب المجد الباطل.


------------------------------------------------------------------------------


أحياناً تنتابنى حالات خوف من أشكال الشيطان- كما نقرأ في قصص الأنبا أنطونيوس، وبعض المتوحدين والسواح- ويسبب لي هذا تعباً شديداً حتي في وقت الصلاة والنوم. فماذا أفعل؟·

أحب أن أقول لك قاعدة كتابية هامة تريحك وهي قول الكتاب: " الله أمين، الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون " (1كو 13:10). فالله لا يسمح مطلقاً أن يظهر الشيطان في منظر مرعب، إلا إن كان يعرف تماماً أنك تستطيع أن تحتمل هذا المنظر. ولما ظهرت الشياطين بمناظر مخيفة للقديس الأنبا أنطونيوس، فذلك لأن الله يعرف أن القديس له نفسية قوية جداً تستطيع أن تحتمل تلك المناظر. ونفس الوضع مع من حاربهم الشيطان من السواح والمتوحدين. ولكن مادمت تخاف، فثق أن الله لن يسمح للشيطان أن يحاربك بمناظر مخيفة. فالشيطان ليس قوة مطلقة، إنما هو أيضاً تحت سلطان الله: يسمح له، أو لا يسمح. وظاهرهذا في قصة تجربته لأيوب الصديق، إذ كان الله يسمح له في نطاق محدود لا يتعداه. في الأول قال له " هوذا كل ماله في يديك. وإنما إليه لا تمد يدك " (أى 12:1). وفي المرة الثانية قال له " ها هو في يدك، ولكن أحفظ نفسه " (أى 6:2). ولم يجرؤ الشيطان أن يتعدى الحدود التى سمح بها الرب ... ليس هذا فقط بالنسبة إلي محاربة الشيطان للإنسان، إنما حتى بالنسبة إلي الحيوانات النجسة أيضاً. ففي قصة لجيئون، نري أن الشيطان لم تستطيع الدخول في الخنازير إلا بإذن من السيد الرب " طلبوا إليه أن يأذن لهم بالدخول فيها، فأذن لهم" (لو 32:8) (مر12:5). فكم بالأولى الإنسان الذى خلق علي صورة الله. ولو كانت الشياطين حرة تظهر كما تشاء، لأهلكت العالم! وبخاصة الأطفال والنساء وضعف النفوس. ولكنها لا تستطيع إن لم يأذن الرب لها. والرب لا يأذن، لأنه يحفظ رعيته .. ليس فقط من جهة المناظر المخيفة، إنما حتى من جهة المحاربات الروحية في مجال الخطية. هناك محاضرة للقديس الأنبا أنطونيوس عن ضعف الشياطين. موجودة في كتاب حياة الأنبا أنطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولي، انصحك أن تقرأها. فهي تشجعك وتنزع الخوف من قلبك .. تذكر معها أيضاً ما نقوله في صلاة الشكر للرب " أعطيتنا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو". وهي مأخوذة من (لو 19:10) " ها أنا أعطيتكم سلطاناً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو، ولا يضركم شئ ... توجد أيضاً مزامير كثيرة تمنحك القوة وتطرد الخوف. مثل مزمور " الساكن في ستر العلى " (مز 90[91]). ومزمور " الرب نورى وخلاصى، ممن أخاف " (مز 26[27]). ومزمور " اللهم التفت إلي معونتى " (مز 69[70]). ومزمور " لولا أن الرب كان معنا " (مز 128[129]). وغيرها.. صل هذه المزامير، وخذ منها قوة. وقل " من أنا يارب، حتى يظهر لي شيطان ويحاربنى؟!" إننى أصغر من مستوى محاربتهم لى ". قل ذلك في اتضاع. فالاتضاع يطرد الشيطان ويكسر فخاخهم..


----------------------------------------------------------------------------------------------


عرفنا أن الراهب إذا تزوج، يكون زواجه خطية، لأنه في الرهبنة ينذر نفسه لحياة البتولية.. ولكن ما حكم طالب الرهبنة، الذي إذا ذهب إلي الدير ليترهب، ثم خرج من الدير، أو أخرجه الدير .. هل إذا تزوج يكون زواجه أيضاً خطية؟·

الفترة التى يقضيها طالب الرهبنة هي فترة أختبار، وليست فترة نذر للبتولية... هو يختبر نفسه، هل تناسبه حياة الرهبنة أم لا. فإن وجد أنها تناسبه، بقى في الدير إلي أن تتم سيامته راهباًَ، وفي السيامة يكون قد نذر نفسه للبتولية وحياة النسك والزهد. أما إن وجد حياة الرهبنة لا تناسبه، فمن حقه أن يترك الدير، ومن حقه أن يتزوج. والاستثناء الوحيد،هو أن يكون قد نذر نفسه أمام الله لحياة البتولية...


------------------------------------------------------------------------------------------------


ما هو حكم الكنيسة في حالة الراهب الذى يتزوج؟وما حكمها علي الكاهن الذي يتزوج بعد سيامته؟وإذا شلح راهب: هل يحق له أن يتزوج بأعتباره قد صار علمانياً؟·

الراهب إنسان قد نذرالبتولية. فإذا تزوج يكون قد كسر نذره، ويصبح زواجه خطية. والكتاب يقول " خير لك أن لا تنذر، من أن تنذر ولا تفى" (جا 5:5). فالواجب أن يبقي الراهب علي نذره، حتى لو شلحته الكنيسة. الكنيسة شلحته من الرهبنة. ولكنها لم تشلحه من البتولية. فلا يزال نذر البتولية باقياً، حتى لو لم يصر راهباً. وهناك علمانيون أو شمامسة عاشوا بتوليين. أو نذروا البتولية وأستمروا فيها وهم علمانيون، ولم يكونوا رهباناً.. ولا كهنة... الأرشيدياكون حبيب جرجس عاش حياته كلها بتولاً، ولم يكن راهباً ولا كاهناً. وكذلك أخواته وما كن راهبات. يمكن إذاً أن يكون الإنسان بتولاً، دون أن يكون راهباً. القديس الأنبا رويس كان بتولاً، دون أن يرسمه أحد راهباً. القديس بولس الرسول والقديس يوحنا الحبيب كانا بتوليين، ولم يكونا راهبيين، إذ لم تكن الرهبنة قد ظهرت بعد. والقديس بولس كان يدعو الناس أن يكونوا مثله (بتوليين لا رهباناً). بل كان يدعو " الذين لهم نساء كان ليس لهم" (اكو 29:7). والذي تشلحه الكنيسة من الرهبنة والكهنوت، يبقي علي نذره في البتولية. إن كان قد فقد الرهبنة والكهنوت، يبقى علي نذره في البتولية. إن كان قد فقد الرهبنة والكهنوت، فلا يتمادى أكثر لكى يفقد أيضاً البتولية التى لا تزال في إرادته وفي حريته. وحفظه لها يدل علي محبته للبتولية وثباته علي نذره. والنذر هو تعهد بينه وبين الله مباشرة. وكذلك بينه وبين نفسه ... والكنيسة مجرد شاهد علي هذا النذر، الذى تعهد به أمام الله، وأمام مذبحه المقدس، وأمام الملائكة وأرواح القديسين، وأمام مجمع الرهبان، وأمام كل الذين حضروا هذا النذر، وأمام الشعب كله الذى سمع برهبنته... والكنيسة لا تحله من هذا النذر، ولاتملك ذلك. بل بقاؤه علي بتوليته، يبقى الباب مفتوحاً أمامه للعودة إلي الرهبنة والكهنوت. فما أكثر الذين تابوا، وأزالوا بتوبتهم الأسباب التى أدت إلي شلحهم. وبقيت الفرصة سانحة أمامهم لتعفو الكنيسة عنهم، وتعيدهم إلي رتبتهم الأولي.. والتاريخ حافل بأمثلة من الذين شلحوا وعادوا إلي رتبتهم، وقبلتهم أديرتهم.. والكهنوت مسحة لا تعاد. أى أنه إذا تاب المشلوح وأعيد إلي كهنوته، لا يحتاج الأمر إلي إعادة سيامته. أما الذى تزوج فإنه يكسر الجسور التى بينه وبين الكنيسة. فالكاهن الذى يتزوج، لا يمكن أن يعود إلي الرهبنة إلا إذا ترك هذه الخطية التى يعيش فيها. وإن تركها نهائياً وتاب توبة حقيقية، وقبله ديره إنما يقبله مدة طويلة تحت الأختبار، لئلا يعود مرة أخرى إلي ذلك الارتباط الجسدانى.. والراهب الكاهن الذى يتزوج يفقد أموراً كثيرة: يفقد بتوليته، ويفقد رهبنته، ويفقد نذره، ويفقد كنهوته، ويفقد سمعته، ويفقد أرثوذكسيته.. ذلك لأنه لا يمكن أن تقبل كنيسة أرثوذكسية أن تزوجه. وغالباً ما يلجأ مثل هذا إلي طوائف أخرى غير أرثوذكسية لتزويجه زواجاً لا يريح أى ضمير.. وقد يعيش في اللامبالاة وقتاً. ثم إذا استيقظ ضميره، يتعب ويتألم ويعيش تعيساً... وهكذا يفقد سلامه القلبى أيضاً. ويبقى كسر النذر، والأستمرار في كسر النذر، شوكة في ضميره تتعبه طول حياته.. وفي نفس الوقت يصير عثرة... وتتعلق أبديته بتوبته، وترك ما هو فيه، وإصلاح نتائجه...


-------------------------------------------------------------------------------------


كيف أحتفظ بروحياتى في فترة الخمسين يوماً بعد القيامة، حيث لا صوم ولا ميطانيات؟ أنا بصراحة معرض للفتور؟·

الجواب الروحيات ليست مجرد صوم وميطانيات. هناك عناصر أخرى يمكن أن تساعدك.  يمكنك أن تزيد قراءاتك الروحية، وتأملاتك سواء في الكتاب المقدس، أو في سير القديسين. وثق أن هذه القراءات والتأملات يمكن أن تلهب روحك.  كذلك تفيدك جداً التراتيل والتسابيح والألحان، وبخاصة ألحان القيامة وما فيها من ذكريات.  الفرح بالرب في هذه الفترة، وبالعزاء العميق الذي قدمه لتلاميذه وللبشرية كلها، وبخاصة الفرح بالوجود في حضرة الرب (اقرأ كتابنا عن الوجود مع الله، الخاصة بفترة الخماسين وأمثالها).  يفيدك أيضاً التناول من الأسرار المقدسة، وحضور القداسات، وما يصحب ذلك من مشاعر التوبة ومحاسبة النفس..  لا تنس أيضاً أن عدم الصوم ليس معناه التسيب في الطعام، فنحن لا ننتقل من الضد إلي الضد تماماً. إنما يمكن أنك لا تكون صائماً، ومع هذا تحتفظ بضبظ النفس. وكل هذا يبعدك عن الفتور.  ومن المفيد لك جداً في فترة الخماسين، أن تزيد صلواتك ومزاميرك. وتتدرب على الصلاة بعمق وروحانية، مع تدريب علي الصلوات القصيرة المتكررة والصلوات القلبية. وثق أن التاثير الروحي لهذا سيكون عميقاً جداً، ولا يمكن أن تحارب بالفتور مع تداريب الصلاة.  تذكر أننا في الأبدية سنتغذى بالفرح الإلهى، وبحب الله. وسوف لا يخطر علي بالنا موضوع الصوم والميطانيات. ونحيا في حياة روحية عميقة، مصدرها الفرح والتأمل والحب والوجود مع الله...


----------------------------------------------------------------------------------------


أنا ملتزمة بوصايا الله خوفاً من العقاب في الآخرة، وليس حباً للمسيح. أرجو تصحيح ذلك.·

لا مانع أن تبدأ حياتك الروحية بالمخافة، ثم تتطور إلي المحبة. فالكتاب المقدس يقول: " بدء الحكمة مخافة الرب " (أم 21:9)، " ورأس الحكمة مخافة الرب " (مز 10:111). ومخافة الله لم يمنعها الكتاب. بل أنه قال " لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلونه أكثر. بل أريكم ممن تخافون. خافوا من الذى بعد ما يقتل، له سلطان أن يلقى في جهنم. نعم أقول لكم: من هذا خافوا " (لو 5،4:12). فكرر مخافة الله ثلاث مرات.. ولكن المخافة هى أول الطريق. ثم تتطور. وكيف ذلك؟ بمخافة الله تطيعين وصاياه. وبممارسة الوصايا، تجدين لذة فيها، فتحبين الوصايا ثم تحبين الله معطيها. وهكذا تقودك المخافة إلي المحبة. وقد لا تكون محبة الله هى أول الطريق عند كثيرين. ولكنها تكون قمة ما يصل إليه الإنسان من روحيات، وتتخلل كل عمل روحى يعمله. ومن غير المعقول أن تبدئى بالقمة.. وقد يبتعد الإنسان عن الخطية خوفاً من نتائجها. وباستمرار البعد عنها، يصبح ذلك طبعاً فيه، ولا يبذل جهد لمقاومة مثل هذه الخطية. وبالتالى يسير في حياة الفضيلة المقابلة لها. فلا تتضايقى من البدء بالمخافة. أعتبريها مجرد مرحلة تتطور إلي المحبة، وتبقى بعد ذلك في القلب هيبة نحو الله، وأحترام وتوقير وخشوع، وطاعة لوصاياه، مع وجود الحب. إن الكتاب وصف قاضى الظلم بأنه لا يخاف الله (لو 3،2:18).


--------------------------------------------------------------------------------------


إن كان العهد القديم يمنع الزواج بالأجانب، من الشعوب الآخرى أصحاب الديانات الوثنية، فلما تزوجت استير برجل أممى؟·

كانت أستير تعتبر من العبيد أسرى الحرب. وكان الزوج هو ملك فارس. يستطيع الملك أن يأمر بأن يحضروا له إحدى الجوارى لتكون زوجة له، فلا يملك أحد عصيان أمره.. فكم بالأولى لو أختار واحدة تكون ملكة علي البلاد... إذن استير لم تكن تملك إرادتها. يضاف إلي هذا أنها احتفظت بدينها. ولعل الله سمح بهذا الأمر، لكى تكون أستير وسيلة لحفظ الشعب من الإبادة نتيجة المؤامرة التى دبرها هامان. وأستير كانت متدينة، هى التى فرضت صوماً علي نفسها وعلى كل شعبها. وصلت لكى يعطيها الرب نعمة في عينى الملك، لينقذ الشعب. وقد كان... وطبعاً قصة أستير لا تنطبق علي آية فتاة في جيلنا. لأنها كانت في ظروف معينة، في العهد القديم. ولم تكن تملك الرفض. ولم تكن هي التى أختارت...


----------------------------------------------------------------------------------


يقول الكتاب " ما جمعه الله لا يفرقه إنسان " (مت 6:19). فكيف يحدث أنه في حالة الزنا يمكن تفريق ما جمعه الله؟·

الوصية تقول " لا يفرقه إنسان ". وفي حالة الزنا، لا يحدث التفريق بواسطة إنسان، إنما بأمر الله نفسه، الذى سمح بالطلاق في حالة الزنا، وفى نفس الاصحاح (مت 9:19).


---------------------------------------------------------------------------------


أريد أن أتزوج بأرملة في مثل سنى. وأنا أحبها ولا استطيع الإستغناء عنها. وعائلتى لا توافق. فماذا أفعل؟·

من الناحيتين القانونية والكنسية، لا يوجد مانع. كما أن الأرامل من حقهن أن يتزوجن. ولكن: أبحث أولاً ما هي الأعتراضات التى تقدمها أسرتك؟ وأيضاً: هل هذه الأرملة لها أبناء أم ليس لها؟ وإن كان لها أبناء فما سنهم؟ وهل تستطيع أنت أن تسلك معهم كأب، بكل الحب، وبلا تفريق مع أبنائك إن تزوجتها وأنجبت منها أبناء؟ على كل فالزواج، يدخل في نطاق ( الأحوال الشخصية ). فهى أمور شخصية خاصة بك، تتعلق بالقلب وأيضاً بالحكمة ...


---------------------------------------------------------------------------------------



لماذا ترك البشير في سلسلة الأنساب أسماء النسوة القديسات مثل سارة ورفقة وغيرهما، وأورد ذكر نسوة زانيات مثل ثامار وراحاب وإمرأة أوريا الحثى، وإمرأة غريبة الجنس هى راعوث؟·

النسوة الخاطئات في سلسلة الأنساب: لماذا ترك البشير في سلسلة الأنساب أسماء النسوة القديسات مثل سارة ورفقة وغيرهما، وأورد ذكر نسوة زانيات مثل ثامار وراحاب وإمرأة أوريا الحثى، وإمرأة غريبة الجنس هى راعوث؟
الجواب لقد أراد أن يبطل تشامخ اليهود الذين يفتخرون بأجدادهم. فأظهر لهم كيف أن أجدادهم قد أخطأوا. فيهوذا زنى مع ثامار أرملة ابنه وانجب منها فارص وزارح. وداود سقط في الزنى مع إمرأة أوريا الحثى. وبوعز الجد الكبير لداود أنجبة سلمون من راحاب الزانية.. فلا داعى إذن للإفتخار. وحتى لو كان أجدادهم فاضلين، فلن تنفعهم فضيلة أجدادهم. لأن أعمال الإنسان – لا أعمال آبائه – هي التى تقرر مصيره في اليوم الأخير. ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم في ذلك: إن السيد المسيح لم يات ليهرب من تعييراتنا، بل ليزيلها. إنه لا يخجل من أى نوع من نقائصنا. وكما أن أولئك الأجداد أخذوا نسوة زانيات، فكذلك ربنا وإلهنا خطب لذاته طبيعتنا التى زنت. الكنيسة كثامار: تخلصت دفعة واحدة من أعمالها الشريرة ثم تبعته. وراعوث يشبهه حالها أحوالنا: كانت قبيلتها غريبة عن إسرائيل، وقد هبطت إلي غاية الفقر. ومع ذلك لما أبصرها بوعز، لم يزدر بفقرها، ولا رفض دناءة جنسها. كذلك السيد المسيح لم يرفض كنيسته وقد كانت غريبة وفي فقر من الأعمال الصالحة.. وكما أن راعوث لو لم تترك شعبها وبيتها لما ذاقت ذلك المجد، فكذلك الكنيسة التى قال لها النبى " أنسى شعبك وبيت أبيك، فيشتهى الملك حسنك "... بهذه الأمور أخجلهم ربنا، وحقق عندهم ألا يتعظموا. وعندما سجل البشير أنساب المسيح أورد فيها أولئك النسوة الزانيات. لأنه لا يمكن لأحدنا أن يكون فاضلاً بفضيلة أجداده، أو شريراً برذيلة أجداده. بل أقول إن الشخص الذى لم يكن من أجداد فاضلين وصار صالحاً، فذلك شرف فضله عظيم. فلا يفتخر ولا ينتفح أحد بأجداده، إذا تفطن في أجداد سيدنا، ولينظر إلي أعماله الخاصة. وحتى فضائله لا يفتخر بها. لأنه بأمثال هذه المفاخر صار الفريسى دون العشار. فلا تفسدن أتعابك وتحاضر باطلاً. لا تضيع تعبك كله بعد سعيك فيه فراسخ كثيرة. لأن سيدك يعرف الفضائل التى أحكمتها أكثر منك. لأنك إن ناولت ظمآن قدح ماء بارد، فلن يغفل الله عن هذا ولا ينساه. إنك إن مدحت ذاتك، فلن يمدحك الله أيضاً. أما إن نسبت الويل لها ولمتها، فلا يكف هو عن إذاعة فضلك.. وهو يسعى بكل وسيلة لكى يكللك عن طريق أتعاب كثيرة. ويجول طالباً حججاً يستطيع أن يخلصك بها من جهنم. حتى إن عملت في الساعة الحادية عشرة يعطيك أجرة عمل النهار كله.. وإن ذرفت ولو دمعة واحدة، لخطفها بإسراع وجعلها حجة لخلاصك. فلا نترفعن إذن، لكن ينبغى أن ندعو ذواتنا مرفوضين. وننسى كل ما قد عملناه من صلاح، ونتذكر خطايانا. إن محامدك التى يجب ألا يعرفها إلا الله وحده، هي عنده في صيانة تحوطها، فلا تكرر ذكرها لئلا يسلبها منك سالب، ويصيبك ما أصاب الفريسى إذ أورد ذكر محامده، فاختلسها ابليس المحتال.


-------------------------------------------------------------------------------------


في سفر التكوين صدر أمر إلهى لآدم وحواء، قال لهم فيه " اثمروا واكثروا واملأوا الأرض " (تك 28:1). فهل كان هذا ممكناً أن يحدث وهما في الجنة. ونحن نعلم أنهما لم ينجبا أولاداً إلا بعد طردهما من الجنة وبعد الخطية. ·

إن كانت هذه العبارة قد قيلت لهما قبل الخطية، فلا شك أنهما لم يعرفا معناها الحالى. لأنهما كانا بسيطان وبريئان جداً، ولا يعرفان شيئاً عن الجنس وعن استعماله. وكانا عريانين ولا يخجلان (تك 25:2)، شعورهما في هذه الناحية كطفلين رضعين لا يعرفان عن الجنس شيئاً.. ما كانا يعرفان علي الإطلاق طريقة التكاثر الجسدى. ولكنهما عرفا ذلك بعد الخطية، إذ يقول الكتاب " وعرف آدم حواء إمرأته، فحبلت وولدت قايين " (تك 1:4). غالباً هذه العبارة قيلت لهما أو فهماها بعد الخطية. إن قصة الخليقة وردت مجملة في الأصحاح الأول من سفر التكوين، ووردت مفصلة في الأصحاح الثانى. ففى الأصحاح الأول يقال " خلق الله الإنسان على صورته. ذكراً وأنثى خلقهم " (تك 27:1). وفي الأصحاح الثانى يشرح خلق آدم من تراب، ثم حواء من آحد أضلاع آدم (تك 21،7:2). وفي الأصحاح الأول في قصة الخليقة بالإجمال، وردت عبارة " اثمروا واكثروا واملأوا الأرض " (تك 28:1).


-------------------------------------------------------------------------------------


سألنى أحدهم قائلاً " هل من المعقول أن يكون يعقوب قد أخذ البنوة عن طريق الخداع، حينما خدع أباه أسحق؟! فبماذا أجيب عن هذا السؤال؟·

أولا يعقوب لم ياخذ البنوة عن طريق الخداع، بل أخذ البركة. إذ قال لأبيه " كل من صيدى لكى تباركنى نفسك " (تك 19:27).. هذه هى البركة التى حرم منها عيسو. وبكى قائلاً " باركنى أنا أيضاً يا أبى" فرد عليه أبوه قائلاً " قد جاء أخوك بمكر، وأخذ بركتك " (تك 35،34:27). 2- ومع ذلك فهذه البركة كانت معدة من الله أصلاً ليعقوب وليس لعيسو.. وهذا ما يتضح من النبوءة التى قيلت لأمه رفقة أثناء حبلها " قال لها الرب: في بطنك أمتان، ومن أحشائك يفترق شعبان: شعب يقوى علي شعب، وكبير يستعبد لصغير" (تك 23:25). كان الله يسابق علمه الإلهى يعرف أفضلية يعقوب على عيسو، فأختاره لتلك البركة. وهكذا قال القديس بولس الرسول في الرسالة إلي رومية بخصوص الأختيار الإلهى "بل رفقة أيضاً وهى حبلى.. لأنه وهما لم يولدا بعد، ولا فعلا خيراً ولا شراً، لكى يثبت قصد الله حسب الاختيار.. قيل لها أن الكبير يستعبد للصغير. كما هو مكتوب: أحببت يعقوب، وأبغضت عيسو " (رو 10:9-13). 3- ومع ذلك لا ننكر أن يعقوب وقع في خطيئة الخداع، وقد نال الجزاء عليها.. فقد خدعه خاله لابان في وقت زواجه، وقدم له ليئة بدلاً من راحيل (تك 25،23:29). وخدعه أيضاً من جهة أجرته، فغيرها له عشر مرات (تك 41:31). وكذلك خدعه أبناؤه لما باعوا يوسف اخاهم، وأخذوا قميص يوسف وغمسوه في دم تيس ذبحوه، وأرسلوا هذا القميص الملون إلي يعقوب حتى يتحقق أن وحشاً رديئاً قد أفترس يوسف!! " فمزق يعقوب ثيابه، ووضع مسحاً على حقويه، وناح علي ابنه أياماً كثيرة.. ورفض أن يتعزى " (تك 31:37-35). ولكن خطأ يعقوب وخداعه لأبيه، لم يمنع تنفيذ القصد الإلهى. وكان القصد الإلهي هو أن يأخذ البركة فأخذها. أما كونه قد قلق وأسرع لينال البركة بطريقة مخادعة كما نصحته أمه.. فهذا لا يمنعأنه كان لابد سينال البركة بطريقة شرعية روحية سليمة، لو أنه لم يقلق ولم يسرع...


----------------------------------------------------------------------------------------


هل سفر النشيد هو عبارات جنسية؟ أو حب جنسى بين رجل وإمرأة؟ أو نشيد يقال في يوم زواج؟·

ليس هو كذلك طبعاً، لأن له روحانيته. كذلك لا يمكن فهم سفر النشيد إلا بطريقة ( التفسير الرمزى ). إنه يعبر عن حالة حب الله والنفس البشرية، أو بين الله والكنيسة. والأدلة علي ذلك كثيرة منها: 1- الحب الجنسى يتصف بالغيرة. سواء من جهة المرأة، أو من جهة الرجل. كل منهما يحرص على من يحبه، ليكون له وحده، وليس لغيره. وهذا غير موجود في سفر النشيد، بل عكسه هو الموجود. حيث تقول عذراء النشيد في فرح " لذلك أحبتك العذارى.. بالحق يحبونك. أجذبنى وراءك فنجرى " (نش 4،3:1)... لو كان الأمر حباً جسدياً، لكانت تغار من حب هؤلاء العذارى له.. كذلك أيضاً فيما تقول عن نفسها " أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم " (نش 5:1)، نراها تقول لهن " أحلفكن يا بنات أورشليم بالظبأ وبأيائل الحقل، ألا تيقظن أو تنبهن الحبيب حتي يشاء " (نش 5:3).. لو كان الأمر حباً جسدانياً، لكانت هذه السوداء تغار من بنات أورشليم، ولا تدعهن يقتربن من حبيبها.. بل تطردهن عنه. ولكن عبارة " بنات أورشليم " تعنى هنا اليهود المؤمنين. والسوداء الجميلة تمثل الكنيسة التى من المؤمنين من الأمم الأخرى. هذه التى تنتظر مجئ موعد الرب لخلاصها " متى شاء"... نقطة أخرى نقولها في موضوع النشيد لإخراجه من نطاق الحب الجسدانى، وهى ما فيه من أوصاف: الأوصاف التى توصف بها الحبيبة: ومنها " شعرك كقطيع ماعز رابض عند جبل جلعاد " " أسنانك كقطيع نعاج صادرة من الغسل " (نش 3،2:4). أية إمرأة تقبل أن توصف من حبيبها بهذا الوصف.. لكنه يفسر طريقة رمزية. أو من تقبل أن يقول لها حبيبها أنها " مرهبة كجيش بألوية " (نش 10:6). يمكن أن يقال هذا عن النفس القوية التى تكون في حروبها قوية مرهبة للشياطين وكل قواتهم. لنا في هذا الموضوع كلام طويل سننشره إن شاء الله في كتابنا الذى ننوى أن نصدره عن سفر النشيد، وقد سبق أن ألقينا عنه محاضرات عديدة كتأملات في روحانياته.


----------------------------------------------------------------------------------------


لماذا لا تتبع المسيحية شريعة العهد القديم، بينما هي لم تنقضها حسب قول السيد المسيح " لا تظنوا إنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل " (مت 17:5). فلماذا لا تسير المسيحية بمبدأ " عين بعين، وسن بسن " ولا داعى لعبارة " من لطمك على خدك حول له الآخر "، وما يشبهها. وإلا تكون قد نقضت الناموس؟!·

لاحظ أن السيد المسيح لم يقل فقط ما جئت لأنقض، وإنما أضاف بل لأكمل. وعبارة أنه جاء ليكمل لها معنيان: الأول : إنه جاء يكمل فهم اليهود للشريعة. فاليهود ما كانوا علي فهم سليم للشريعة. حتى أن شريعة السبت مثلاً، كانوا يفهمونها بطريقة حرفية بحتة، فلا يعمل الإنسان أى عمل في السبت، حتى فعل الخير.. لدرجة أنه حينما قام السيد المسيح بمعجزة كبيرة، في يوم سبت، وهى منح البصر لشخص مولود أعمى، قابلوا هذا الإنسان بعد أن أبصر وقالوا له إن الذى شفاه إنسان خاطئ!! (يو 24:9) لمجرد أنه صنع المعجزة في يوم السبت!! وهى منح البصر لشخص مولود أعمى قابلوا هذا الإنسان بعد أن أبصر وقالوا له إن الذي شفاه إنسان خاطئ!! (يو 24:9) لمجرد أنه صنع المعجزة في يوم سبت!! وقد جادلوا المسيح في عناد عن " هل يحل الإبراء في السبوت؟ لكى يشتكوا عليه (مت 10:12). وما أكثر المجادلات التى دخلوا فيها لحل مشكلة " هل يحل في السبت فعل الخير ؟!" (لو9:6) (مت 12:12). فماذا كان تكميل فهمهم في وصية عين بعين وسن بسن؟ وصية " عين بعين، وسن بسن " كانت للأحكام القضائية، وليست للمعاملات الشخصية. بدليل أن يوسف الصديق لم يعامل أخوته بوصية " عين بعين، وسن بسن " ولم ينتقم لنفسه من الشر الذي صنعوه به، وإنما أكرمهم في مصر، وأسكنهم في أرض جاسان، واعتنى بهم " (تك 17:50-21). وداود النبى لم يكافئ شاول شراً بشر، بل احترمه في حياته. وفي وفاته رثاه بعبارات مؤثرة (2صم 17:1-25). وأحسن إلي كل أهل بيته... ثانياً : عبارة يكمل تعنى أيضاً يكمل لهم طريق السمو والقداسة. وبخاصة لأن العهد الجديد بدأت تزول فيه العبادة الوثنية التى كانت منتشرة طوال العهد القديم. وعمل الإيمان في قلوب الناس، إلي جوار عمل الروح القدس فيهم، ومؤازرة النعمة لهم. فكان يمكن لهم أن يتقدموا في حياة الروح ويسلكوا بسمو أعلى من ذى قبل. وتكملة الطريق الروحى، لم يكن فيها نقد للقديم.  فمثلا قال لهم السيد المسيح " سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن، أما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلي إمرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه " (مت 28،27:5). هنا الوصية القديمة " لا تزن " لا تزال قائمة لم تنقض. لكن أضيف إليها معنى أعمق، هو عفة القلب والنظر، وليس مجرد عفة الجسد...  مثال آخر: قال السيد " قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل، ومن قتل يكون مستوجب الحكم. أما أنا فأقول لكم كل من يغضب علي أخيه باطلاً، يكون مستوجب الحكم" (مت 22،21:5). هنا الوصية القديمة " لا تقتل "، لا تزال قائمة لم ينقضها؟ ولكن أضيف إليها منع الغضب الباطل، علي أعتبار أن القتل خطوته الأولى هي الغضب، كما أن الزنى خطوته الأولى هي شهوة القلب... إذن السيد المسيح لم ينقض العهد القديم. بل شرح روح الوصية، ومنع الخطوة الأولى إلي الخطية. ويعوزنا الوقت إن دخلنا في كل التفاصيل بالنسبة إلي كل الوصايا، فهذا يحتاج إلي كتاب كامل، وليس إلي مجرد مقال أو أجابة سؤال. كذلك ليس العهد القديم فيه الوصايا العشر فقط، إنما توجد فيه وصايا وتعاليم أدبية كثيرة فيها سمو كبير. وقد خفى ذلك على عديد من معلمى اليهود. لذلك قال لهم السيد المسيح في مناسبة أخرى: " تضلون إذ لا تعرفون الكتب " (مت 29:22).


-----------------------------------------------------------------------------------


ما الفرق بين ذبيحة الخطية، وذبيحة الإثم، مادام الهدف منهما واحد وهو مغفرة الخطية، ومادامت شريعتهما واحدة، كما قال الكتاب " ذبيحة الإثم كذبيحة الخطية، لهما شريعة واحدة " (لا 7:7).·

الفرق بينهما أن واحدة منهما عن الخطايا الإرادية والآخرى عن خطايا السهو أو الجهل. أى أن الخاطى لم يكن يدرك وقتها أنه قد أخطأ، ثم أعلم بذلك، حينئذ يأتى بذبيحة عن هذه الخطية التى لم يكن يعرفها. وذلك يقول سفر اللاويين " إذا أخطأت نفس سهواً في شئ من جميع مناهى الرب التى لا ينبغى عملها، وعملت منها.." (لا2:4). " وإن سها كل جماعة إسرائيل، وأخفى أمر عن أعين المجمع، وعملوا واحدة من جميع مناهى الرب التى لا ينبغى عملها وأثموا، ثم عرفت الخطية التى أخطأوا بها.." (لا 14،13:4). وإن أخطأ واحد من عامة الأرض سهواً بعملة واحدة من مناهى الرب التى لا ينبغى عملها وأثم بخطيئته التى أخطأ بها.." (لا 27:4). " أو إذا حلف أحد مفترطاً بشفتيه، للاساءة أو للإحسان مما يفترط به الإنسان في اليمين، وأخفى عنه ثم علم، فهو مذنب.. فإن كان يذنب في كل شئ من هذه، يقر بما قد أخطأ به، ويأتى إلي الرب بذبيحة لإثمه.." (لا5،4:5). إذن فالخطية التى عملت بسهو أو بجهل، كانت تقدم عنها ذبيحة مثل الخطية التى تعمل بمعرفة وبنية سيئة. إن كلاً منهما خطية، لأنها كسر لإحدى وصايا الرب، أو هي إرتكاب لشئ من مناهى الرب التى لا ينبغى عملها. ولعل هذا يذكرنا بما ورد في صلاة الثلاثة تقديسات حيث نقول " حل واغفر، واصفح لنا يا الله عن سيئاتنا التى صنعناها بإراداتنا والتى صنعناها بغير إرادتنا، التى فعلناها بمعرفة والتى فعلناها بغير معرفة، الخفية والظاهرة. يارب إغفر انا من أجل أسمك القدوس الذى دعى علينا " . ونحن نشكر ربنا يسوع المسيح، لأنه مات عن كل خطايانا. وكان على الصليب ذبيحة خطية وذبيحة إثم. ودفع ثمن الكل، ما نعرفه وما لا نعرفه من الخطايا. وحينما نحاسب أنفسنا، لا نعتذر بأننا لم نكن نعرف، أو أننا فعلنا شيئاً سهواً. ففى كل ذلك كسرت وصية الله، سواء عن معرفة أو عن جهل، بإراداتنا أو بغير إرادتنا.


-----------------------------------------------------------------------------------


ما المقصود بعبارة " وما تحت الأرض " في قول الكتاب " لكى تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء، ومن على الأرض وما تحت الأرض " (في 10:2).·

المعنى الإجمالى هو: كل كائن حي، في كل مكان. عبارة " كل ركبة " تعنى كل كائن حى. لأن الملائكة الذين في السماء ليس لهم ركب، كذلك أرواح القديسين ليس لها ركب. ولكنه تعبير عن الكائنات الحية ملائكة أو بشراً، أو حتى الشياطين. فمثلاً الأرواح التى كانت تحت الأرض، التى رقدت على رجاء، وقد بشرها السيد المسيح وهي في " أقسام الأرض السفلى " (أف 9:4). هؤلاء أيضاً كانوا يجثون للرب يسوع.. وحتى الشياطين، تحت الأرض، قال عنهم القديس يعقوب الرسول إنهم " يؤمنون ويقشعرون " (يع 19:2). حالياً يوجد كثيرون من البشر تحت الأرض يعملون أو يسافرون. فالذين يسافرون مثلاً في قطارات ال Underground في إنجلترا أو روسيا، أو غيرهما، حيث توجد أنفاق للمترو على عمق 50 متراً، أو ثلاثين، يمكنهم أن يصلوا أو يسجدوا تحت الأرض. وبنفس الوضع الذين يشتغلون في المناجم على عمق 200 متراً تحت الأرض أو أكثر جداً في أنفاق محفورة للتفتيش على الذهب والأحجار الكريمة، يمكنهم أيضاً أن يسجدوا تحت الأرض. وأيضاً الغواصون وما يشبههم. إجمالاً – كما قلنا – يقصد الرسول جميع الكائنات الحية.


---------------------------------------------------------------------------------------


ما معنى أن الله قسى قلب فرعون، كما ورد في (خر 3:7). هل الله هو سبب قساوة فرعون؟! إذا لماذا عاقبه؟·

عبارة قسى قلبه، تعنى تركه لقساوته. أى تخلت عنه النعمة، فبقى قاسياً. وهذا يذكرنى عن الفاجرين في أول الرسالة إلي رومية: " وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم، أسلمهم الله إلي ذهن مرفوض، ليفعلوا ما لا يليق " (رو28:1). وعبارة " ذهن مرفوض " هنا تعنى " مرفوض من النعمة " .. أى إنها حالة تخلى من النعمة، فعلوا فيها ما لا يليق. وهذا هو الذى حدث مع فرعون، تخلت عنه النعمة بسبب قساوته. وهذا واضح من قول الكتاب قبل ضربة الأبكار " وكان لما تقسى فرعون عن إطلاقنا.." (خر 15:13)... الناس هم الذين يتقسون، لهذا قال الكتاب " إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم " (عب9،7:3) (مز 8،7:95). وفرعون كان قلبه قاسياً، لم تصلح معه الإنذارات ولا الضربات لاستمراره في رفض عمل النعمة، تخلت عنه النعمة، فرجع إلي قساوته التى فارقته جزئياً أو ظاهرياً أثناء عمل النعمة فيه. فقيل أن الرب قسى قلب فرعون، أى تركه لطبيعته القاسية. أسلمه إلي ذهنه المرفوض من النعمة.


---------------------------------------------------------------------------------------


وردت في سفر الأمثال آيتان، تبدو كل منهما ضد الآخرى، وهما: لا تجاوب الجاهل حسب حماقته، لئلا تعدله أنت (أم 4:26)- جاوب الجاهل حسب حماقته، لئلا يكون حكيماً في عينى نفسه (أم 5:26).·

لا تناقض بين الآيتين. بل الكتاب يترك لك حرية التصرف حسب النتيجة المتوقعة: فإجابة الجاهل حسب حماقته أمر غير لائق، وإن كان سوف يقود إلي مناقشات غبية، بلا فائدة، ولا قيمة ولا منفعة، ينزلك فيها إلي مستواه. وهذا هو المفهوم من عبارة " لئلا تعدله أنت " أى لئلا تصير مساوياً له (في هذا الجهل والحماقه). فمن الأفضل أن ترتفع عن مستوى تلك المناقشات التى وصفها الرسول بأنها (غبية). وقال " أجتنبها عالماً انها تولد خصومات " (2تى 23:2). كما أن الذى يسمع هذا الحوار بينكما، قد يعثر، إذ يرى إثنين في مستوى واحد في الكلام الذى لا نفع فيه. ولكن إذا بدا الجاهل في ثوب المنتصر في كلامه الباطل الذى هو ضد الحق، فيمكنك أن تجيبه وتفحمه. حتى " لا يكون هو حكيماً في عينى نفسه "، وحتى لا يبدو الباطل منتصراً وبهذا قد يعثر السامعون. من أجل هذا كان السيد المسيح أحياناً لا يجيب الذين يسألونه، حكمة منه، وبسب حماقتهم. مثلما رفض أن يجيب أعضاء مجلس السنهدريم من جهة شهود الزور الذين استقدموهم، حتى رئيس الكهنة قال له: أما تجيب بشئ؟! (مت 62:26). ولكنه في مواقف أخرى كان يرد على الصدوقيين، والكتبة والفريسيين، لئلا يصيروا معلمين حكماء في نظر الشعب، وهكذا " أبكم الصدوقيين " (مت 34:22). " والجموع بهتوا من تعليمه " (مت 32:22). ولما رد على الفريسيين أيضاً قيل في الأنجيل " فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة. ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله البتة " مت 46:22). وهكذا أعطانا السيد المسيح مثالاً متى نصمت عن مجاوبة الجاهل، ومتى نتكلم.

---------------------------------------------------------------------------------


ما معنى عبارة " مبغضين حتي الثوب المدنس من الجسد " (يه 26)؟·

هناك أشياء تدنس الجسد، مثل الإفرازات الجنسية مثلاً. والكتاب المقدس يعتبرها نجاسة. وقيل في ذلك " كل رجل له سيل من لحمه، فسيله نجس " ( وكل فراش يضطجع عليه الذى له سيل، يكون نجساً " (لا 4،2:15). وكذلك كل متاعه وثيابه.. سواء كان ذلك عن سيل من النواحى الجنسية، كالإحتلام مثلاً.. " فيغسل ثيابه ويستحم، ويكون نجساً إلي المساء " (لا 8:15). كذلك في المعاشرات الجنسية " إذ إلتصق ذلك السيل بثيابه، تكون نجسة. وعليه أن يغتسل ويكون نجساً إلي المساء " (لا 16:15-18). كذلك في حالة المرأة في إفرازات جسدها إلي أن توقف وتجف في حالة طمثها (لا 20:15-24).. إقرأ باقى الإصحاح. فالثوب المدنس بمثل هذه الأمور، ينطبق عليه قول الكتاب " مبغضين حتى الثوب المدنس من الجسد ". وفي العهد الجديد تعتبر هذه الإفرازات الجسدية نوعاً من الإفطار. ومع ذلك ينبغى الإغتسال للإنسان. والغسل للثوب. ولا يدخل الكنيسة إلا بعد تطهره جسدياً. أما لو كانت هذه الإفرازات في خطية زنا فتعتبر نجاسة.


------------------------------------------------------------------------------------------


مريض يريد أن يتناول قبل إجراء عملية جراحية له، لابد سينزف فيها دماً. فهل يسمح له؟!·

يمكن أن يتناول قبل العملية الجراحية بيوم أو يومين، وليس قبلها مباشرة. ولكن ما يناسب المريض هو سر مسحة المرضى.. فيمكن دهنه بزيت هذه المسحة والصلاة له حسب تعليم الرسول (يع 15،14:5) وذلك قبل إجراء العملية...


-------------------------------------------------------------------------------------------


جاءنا هذا السؤال من كثيرين: إذا كان لنا أقارب فقراء: أب أو أم أو أخت أو ما اشبه، فهل نعطيهم من العشور؟·

نعم، ويمكن إعطاء الأقارب المعوزين من العشور.. فقد قال الرسول: " إن كان أحد لا يعتنى بخاصته،ولا سيما أهل بيته، فقد أنكر الإيمان وهو شر من غير المؤمن " (اتى 8:5). ولكن لا يصح أن تعطى كل العشور للأقارب وتهمل باقى الفقراء من غير الأقارب، وذلك لسببين: 1- لئلا يكون ما تعطيه لأقربائك هو واجبات إجتماعية عليك، لابد أن تقوم بها، سواء كنت تدفع عشوراً أو لا تدفع. أو تكون مدفوعاً برابطة الدم أكثر من الرحمة والشفقة على المحتاجين وأكثر من تنفيذ الوصية. 2- وربما يكون هناك فقراء أكثر أحتياجاً من أقربائك، ولا يصح أن تهملهم. لذلك يمكن أن يأخذ الأقرباء المحتاجون جزاءاً من العشور.


----------------------------------------------------------------------------------


ما رأيكم في التراتيل التى توضع على أنغام الأغانى الشعبية؟!·

إن الذين يفعلون ذلك، إنما يهتمون بالمعنى فقط، ويتجاهلون تأثير الموسيقى في النفس. إن الموسيقى تغرس في النفس مشاعر معينة. يمكن لقطعة موسيقية صامتة (بدون الفاظ)، إن تفرح الإنسان أو تبكيه أو تحمسة أوتثيره أو توقظ فيه شهوة ما. فلا يجوز أن ننسى أثر الموسيقى في النفس. الترتيلة هى أغنية روحية، ينبغى أن نكون موسيقاها روحية، وأنغامها مقدسة، فلا يصح أن نمزجها بنغمة معينة قد تثير مشاعر غير المشاعر الروحية المقدسة التى تقصدها الترتيلة. والإ نوجد لونا من التناقض بينهما. أو يطغى النغم على ألفاظ الترتيلة. كما أن هذا قد يذكر المرتل بالأغنية الشعبية وكلماتها، فيطيش فيها ذهنه أو قلبه او تختلط بها مشاعره. علينا أن نتذكر يا أخواتى قول الرسول " أية شركة للنور مع الظلمة؟!".


---------------------------------------------------------------------------------------


جاءنا هذا السؤال: ما معنى قول السيد الرب لأبيمالك، عندما أخذ ساره إمرأة إبراهيم " وأنا أيضاً أمسكتك عن أن تخطئ إليَ. لذلك لم أدعك تمسها " (تك6:20).. هل هذا ضد حرية الإنسان وإرادته؟·

إن الله قد أعطى الإنسان حرية.. ولكنها ليست حرية مطلقة. فإذا أنحرفت هذه الحرية نحو الشر، وأصبحت خطراً على أبدية هذا الإنسان، أو خطراً على غيره، يمكن أن يتدخل الله، ليضع حداً لهذا الشر، أو ليعاقب المخطئ ويوقفه.. وذلك بأعتبار أن الله هو ضابط الكل.. ولو ترك الله الحرية المطلقة للشر، لعصف بالضعفاء المساكين. بل أن الله قد وضع حداً لشر الشيطان نفسه، كما هو واضح في قصة أيوب الصديق (أى 12:1)، (أى 6:2).. وقد قيل أيضاً في المزمور " الرب لا يترك عصا الخطاة تستقر على نصيب الصديقين " (مز 124).. كذلك تدخل الله ليحد من ظلم فرعون.. وما أجمل ما قيل في المزمور " من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين، الآن أقوم- يقول الرب- أصنع الخلاص علانية " (مز 11). إن الله يعطى الحرية حتى للخطاة.. فإن تمادوا بطريقة تهدد الأبرار، حينئذ يتدخل، لينقذ الأبرار، وأيضاً ليقيم العدل. والأمثلة على ذلك في الكتاب والتاريخ لا تحصى.. وتدل على رعاية الله وعنايته. أما في قصة أبيمالك، فقد تدخل الله، حرصاً على عفة سارة، وعلى مشاعر ابراهيم.. وأيضاً إنقاذاً لأبيمالك من الوقوع في خطأ جسيم، لأنه فعل ذلك بسلامة قلب، لأن إبراهيم قال عن سارة أنها أخته (تك 12،11:20). لا نسمى هذا تدخلاً في الحرية، إنما إنقاذاً من الخطأ. ولا ننسى أن سارة امرأة نبى، ومن نسلها كان سيأتى المسيح.


---------------------------------------------------------------------------------------------


هل يجوز للإنسان أن يقلع عينه، أو يقطع يده إن أعثرته، عملاً يقول الكتاب (مت30،29:5).·

يقصد الرب التشديد على البعد عن العثرة، كما يقول " لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك، ولا يلقى جسدك كله في جهنم " (مت 30،29:5). ولكن هذه الوصية ينبغى أن تؤخذ بمعناها الروحى وليس بمعناها الحرفى. فمعناها الروحي يمكن أن يكون ملزماً. أما المعنى الحرفي، فمن الصعب أن يكون ملزماً.. بعض القديسين نفذ هذه الوصية حرفياً، مثل سمعان الخراز، وكذلك بعض القديسات في بستان الرهبان. ولكن يستحيل أن ننفذ هذه الوصية حرفياً بصفة عامة. وإلا صار غالبية من في العالم بعين واحدة، لشدة انتشار العثرة، وبخاصة فى سن معينة، وفي ظروف وملابسات خاصة. ولكن كثيراً من القديسين ذكروا أنه يمكن أن يقصد بالعين أعز إنسان إليك، كما يقصد باليد أكثر الناس معونة لك. فإن أصابتك عثرة من أى من هؤلاء، يمكن أن تقطع نفسك من عشرته. ونلاحظ أن الكنيسة في بعض قوانينها حرمت قطع أعضاء من جسم الإنسان اتقاء للعثرة، مثل القانون الذى يحرم من يخصى نفسه. كما أن قطع العين أو اليد (بالمعنى الحرفى)، لا تمنع العثرة أو الخطية. لأن الخطية غالباً ما تتبع من داخل القلب. وإذا كان القلب نقياً، فإن الإنسان يرى ولا يعثر. إذن يرى الأفضل أن نأخذ الوصية بمعناها الروحى وليس الحرفى. ومما يثبت هذا أيضاً قول الرب في أنجيل مرقس (43:9-48): " لأنه خير لك أن تدخل الحياة أقطع.. أعرج.. أعور".. وطبعاً لا يمكن أن نأخذ هذا الكلام بطريقة حرفية، لأنه لا يمكن لإنسان أن يكون في السماء أقطع أو أعرج أوأعور؟! إذ لا نتصور أن يكون بار في النعيم بمثل هذا النقص، كما لا يمكن أن يكون هذا هو جزاء الأبرار على برهم عن العثرة مهما كلفهم ذلك من ثمن..! يعلمنا الكتاب أن "الروح يحيى، والحرف يقتل " (2كو 6:3). لذلك لا يمكننا أن نأخذ كل الوصايا بطريقة حرفية. وهذه الوصية بالذات أراد الرب أن يشرح لنا خطورة العثرة ووجوب البعد عنها، حتى لو أدى الأمر إلي قلع العين.


--------------------------------------------------------------------------------------


أعثرت بعض الأشخاص، وسقطوا في الخطية بسببى، ثم تبت أنا، أما هم فما يزالون يسقطون. مازلت أرى ثمار عثرتى فى حياة الناس، فهل تغفر لى توبتى؟·

إنه سؤال صعب ومؤثر. إنسان تاب، ولكن الذين أخطأوا بسببه لم يتوبوا، فهل مايزال يتحمل مسئولية خطيتهم؟ هذا السؤال يظهر لنا مقدار طول الخطية وعمقها ومداها الزمنى والشخصى. إنسان ترك الخطية. ولكن خطيئته ما تزال تعمل في غيره، ويراها أمامه في كل حين، ويتألم بسببها، ويشعر بمدى مسئوليته عنها، فهو السبب، فماذا يفعل؟ من الجائز أن يبذل كل جهده لكى يتوب هؤلاء الذين أعثرهم. ولكن ماذا إن لم يتوبوا؟ إنه قد يقدر على نفسه، ولكن ماذا يفعل بغيره؟ لاشك أن مثل هذا الإنسان سيعيش حزينا ومتألما لمدة طويلة. لا تفرحه توبته بقدر ما تؤلمه نتائج خطيئته في غيره، وبخاصة لو هلك هذا الغير... من الجائز أن يقف أمامه عبارة " نفس تؤخذ عوضاً عن نفس "، فيصرخ إلي الله قائلاً " نجنى من الدماء يا الله إله خلاصى ".. قد يحاول أن يعمل ما يستطيعه من أجل خلاصهم. ولكن ربما لا يستطيع، ربما رجوعه إلي الاتصال بهم، يسبب خطورة عليه، ومن الصالح له أن يبعد لئلا يهلك هو أيضاً. وربما يكون هؤلاء الذين أعثرهم، قد أعثروا هم أيضاً كثيرين، واتسعت الدائرة، وأصبحت هناك عثرة غير مباشرة إلي جوار العثرة المباشرة.. أليس حقاً إننا لا نستطيع أن نحصر مدى خطايانا ومقدار امتدادها.. أول نصيحة يمكن أن أتوجه بها إلي صاحب السؤال، هى أن ينسحق ويتذلل أمام الله، مصلياً لأجل هذه النفوس، لكيما يرسل الله لها معونة لخلاصها. فليخصص لأجلهم أصواماً وقداسات ومطانيات، وليبك من أجلهم بدموع غزيرة، وليتذكر قول الرب " ويل لمن تأتى من قبله العثرات.. " ويطلب التوبة لكل هؤلاء، وليعمل من أجلهم ولو بطريق غير مباشر، ويوصى بهم مرشدين وأباء اعتراف. أما هو – فمادام قد تاب – سوف لا يهلك بسببهم. ومثالنا في ذلك القديسة مريم القبطية... في حياتها الأولى قبل التوبة، أعثرت آلافاً وأسقطتهم وربما يكونون قد هلكوا بسببها أما هى فبتوبتها الصادقة صارت قديسة عظيمة، وغفرت لها خطاياها الماضية.. لا ننسى أيضاً أن الذين وقعوا في العثرة، اشتركت إرادتهم الخاطئة فى هذا السقوط، فليست كل مسئوليتهم على الذى أعثرهم. يكفى أنهم أستجابوا للعثرة، وقبلوها.. ولكنه مع ذلك قد يقول لنفسه: حقاً إنهم ضعفاء وسقطوا، ولكننى أنا قدمت مائدة لضعفهم، ولم أرحم ضعفهم، وكان واجبى هو أن أحميهم وأشددهم لا أن أتسبب في سقوطهم. ربما لولاى ما سقطوا.. إنه مثل سائق عربة صدم إنساناً، وسبب له عاهة مستديمة، ثم تاب وغفر الله له. ولكنه يرى ضحيته في عاهته يحزن.. إن هذا الحزن يساعد ولاشك على قبول توبته.


---------------------------------------------------------------------------------------


ما الرأى في أشخاص اعترفوا ولم تغفر لهم خطاياهم: مثل فرعون الذى اعترف بخطيته لموسى (خر 27:9)، وعاخان بن كرمى الذى اعترف ليشوع (يش 7)، وشاول الملك الذى اعترف لصموئيل النبى (1صم 24:15-26)؟·

إن سر الاعتراف في الكنيسة يسمى أيضاً سر التوبة. فلابد أن يتوب الإنسان ثم يأتى معترفاً بخطاياه، والاعتراف بدون توبة لا قيمة له. ولا يمكن أن يخطى المعترف بالمغفرة ما لم يكن تائباً. وأولئك الذين ذكرتهم لم يكونوا تائبين. فرعون كان يصرخ قائلاً " أخطأت " وهو قاسى القلب من الداخل. لا تدفعه التوبة وإنما الذعر من الضربات. وحالما ترتفع الضربة يظهر على حقيقته. وعاخان بن كرمى لم يأت تأئباً مغترفاً، وإنما كشفه الله على الرغم منه، فاضطر إلي الإقرار، انهزم الشعب ولم يعترف عاخان. وقال الرب: " في وسطك حرام يا إسرائيل " ولم يعترف عاخان. وبدأت القرعة والتهديد ولم يعترف. وكذلك لم يعترف عندما وقعت القرعة على سبطه، ولا عندما وقعت على عشيرته، وبلا عندما وقعت على بيته. وأخيراً كشفه الرب بالإسم.. فإضطر للاقرار. فهل كان في كل ذلك تائباً..؟ وشاول الملك لم يكن تائباً. وعندما قال: " أخطأت " كان كل هدفه أن يمضى صموئيل النبى معه لا عن توبة، وإنما لأجل كرامته، لأجل أن يرفع وجهه أمام الشعب!! قائلاً له: " فاكرمنى أمام الشيوخ شعبى وأمام إسرائيل " (1صم 30:35).


----------------------------------------------------------------------------------------


هل صحيح أن السيد المسيح لم يكمل رسالته، إنما سوف يكملها يوم يبعث حياً؟·

إن عمل السيد المسيح – من جهة اللاهوت – أزلى أبدى، ينطبق عليه قوله " أبى يعمل حتى الآن، وأنا أيضاً أعمل " (يو 17:5). أما في فترة تجسده، فقد أكمل عمله الذى جاء من أجله وهو فداء العالم وتخليصهم من عقوبة الخطية. لأنه " جاء يطلب ويخلص ما قد هلك " (لو 10:19). وعن هذه الرسالة قال على الصليب " قد أكمل " (لو 30:19). أما عمل السيد المسيح الشفاعى فينا، فهو دائم في كل حين، كما قال الرسول (1يو1:2) هناك عمل آخر سيقوم به في آخر الزمان، حينما يأتى في مجيئه الثانى ليدين الأحياء والأموات ويعطى كل واحد حسب أعماله (مت 25:24) (رؤ22). وفى الأبدية عمله أيضاً لا ينتهى.. لا نقول عن فترة ما إنه " لم يكمل رسالته "، فهذا تعبير غير سليم، كما لو كان يصفه بالنقص. ولكن نقول أن له رسالات عديدة، أولها كان في البدء " كل شئ به كان " (يو 3:1). ثم تتابعت أنواع العمل، وكل منها كان كاملاً، مثال ذلك عمله خلال فترة تجسده على الأرض قبل الصليب، من تعليم وهداية، وتكوين تلاميذ، ونشر للإيمان، وإعداد لقبول فكرة الصليب، قال عن كل هذا للآب " العمل الذى أعطيتنى لأعمل قد أكملته" (يو 4:17). وبعد صعوده إلي السماء كان هناك عمل آخر هو إرسال الروح القدس. وهذا تم في يوم الخمسين (أع 2). اما عبارة " عندما يبعث حياً " فإجابتها إنه قام في اليوم الثالث من صلبه. وكل الرسل كانوا شهوداً لذلك. وهو بطبيعته اللاهوتيه حى لا يموت.


-------------------------------------------------------------------------------------


ما معنى قول بولس الرسول إلي أهل رومية " اسلمهم إلي ذهن مرفوض، ليفعلوا ما لا يليق " (رو 28:1) " اسلمهم الله إلي أهواء الهوان " (رو 26:1).·

معنى أسلمهم إلي ذهن مرفوض، أى اسلمهم إلي ذهن مرفوض من النعمة. أى مرفوض من عمل الله فيه، تركهم إلي شهواتهم وإلي أفكارهم الخاصة الدنسة، يفعلون ما لا يليق. تركهم إلي أهوائهم. إنه لون من تخلى النعمة عنهم. لأنهم هم أنفسهم " لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم " (رو 28:1). فتركهم إلي معرفتهم الخاصة، إلي ذهنهم الذى تسيطر عليه الشهوات. رفضوه فرفضهم.


-------------------------------------------------------------------------------------


أنا أحب الطريق الروحى. وكلما أصعد درجة، أرجعها مرة أخرى وأزيد. فأنا أعمل في شركة، وكل زملائى يحبون التهريج والكلام غير اللائق. إن لم أشترك معهم، يقولون " دمى ثقيل، وغير مقبول في وسطهم ". وإن أشتركت معهم، ضميرى يؤلمنى، ولا أصلى في هذا اليوم كله. فماذا أعمل معهم؟·

لا تشترك معهم في التهريج. ولكن كن لطيفاً معهم في باقي المعاملات. فلا تكن متزمتاً، ولا مكتوماً، ولا مقطب الوجه، سواء في حالة الفكاهات أو غيرها. إنما كن لطيفاً وخدوماً ومبتسماً وبشوشاً. إنما في ساعة التهريج غير اللائق لا تشترك! وسوف لا يرون دمك ثقيلاً، لأنك في غير أوقات التهريج تكون لطيفاً ومحباً لهم.. فيتعودون طبعك..

------------------------------------------------------------------------





قال القديس بولس الرسول:" صرت لليهودى كيهودى لأربح اليهود.. وللذين بلا ناموس، كأنى بلا ناموس، مع أني لست بلا ناموس لله، بل تحت ناموس المسيح، لأربح الذين بلا ناموس " (اكو 9: 20 ، 21). فما معنى هذا الكلام ؟·

كان الرسول يتكلم عن الكرازة، وتوصيل رسالة الإنجيل، فيقول: إن اليهودي يؤمن بالناموس والأنبياء، فلكى أقنعه برسالة المسيح أكلمه كيهودي، عن الناموس والأنبياء، وما فيهما من أمور متعلقة بالمسيح. أما اليونانى، وأمثاله من الذين بلا ناموس، فإنهم لا يؤمنون بالكتاب، ولا بالأنبياء، لذلك أكلمهم بأسلوبهم، وأجذبهم إلي الأيمان بالفلسفة لأربحه للمسيح، وكذلك لو كلمت اليونانى عن الأنبياء..لا أربحه أيضاً للمسيح. ولكن عبارة " صرت لليهودى كيهودى " لا تعنى السلوك اليهودى. فالقديس بولس الرسول حارب التهود بكل قوته. كان بعض اليهود الذين أعتنقوا المسيحية، يريدون أن يدخلوا فيها بعض العقائد اليهودية كالختان، وحفظ السبت، والمواسم، والأهلة، وما يختص بالأكل والشرب من محللات ومحرمات، وسائرالقواعد اليهودية في النجاسات والتطهير. وعرفت هذه الحركة باسم ( التهود ). وقد قال الرسول في محارباته لليهود " فلا يحكم عليكم أحد في أكل وشرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التى هى ظل الأمور العتيدة " (كو17،16:2). وعبارة ( أكل وشرب ) هنا لا تعنى الصوم، وإنما تعنى طهارة الأكل أونجاسته على حسب الأطعمة التى كانت محرمة في اليهودية، ولم تعد كذلك في المسيحية. والقديس بولس الرسول قد كرز في وسط اليهود، كما كرز بين الأمم. وفي كرازته في رومه، كلم اليهود أولاً. فلما رفضوا وانقسموا، اتجه بعد ذلك إلي الأمم (أع17:28_29). ولكى يربح اليهود، كان يتكلم في الهيكل، وفي مجامع اليهود، ويحاول أن يقنعهم بما ورد عن المسيح في الناموس والأنبياء.


--------------------------------------------------------------------------------------------


هل الأسرار الكنسيةيمكن أن تباع ؟ بحيث يحدد ثمن مثلاً للمعمودية! أو للقنديل (سر مسحة المرضى)، أو باقي أسرار الكنيسة..؟·

الأسرار لا يمكن أن تباع، لأنها من عمل الروح القدس. ومواهب الروح القدس لا يمكن أن تقتني بدراهم (أع 8: 20). إنما إذا أراد إنسان في مناسبة المعمودية، أن يقدم شيئاً للكنيسة، لا كثمن وإنما كقربان، كذبيحة شكر.. فيمكن أن يوجد صندوق في الكنيسة لأمثال هذه القرابين، يضع فيه من يشاء ما يشاء، دون أن يطالب بشئ. وربما لا تعرف الكنيسة هل قدم هذا الشخص شيئاً أو لم يقدم. وإن عرفت أنه وضع شيئاً في الصندوق، فلا نستطيع أن تحدد هل هو كثير أم قليل.. وعموماً نحن نشجع على المعمودية للزومها للخلاص (مر 16:16). ومن المحال أن تطلب الكنيسة مقابلاً مادياً لها... بل ندعو الناس بكل قوة أن يذهبوا لتعميد أولادهم، ونلومهم إن تأخروا، ونفرح معهم في يوم العماد، لأنه يوم يصبح فيه المعمد عضواً في الكنيسة، عضواً في جسد المسيح، وابنا لله.. فإن كان أحد في يوم الفرح هذا، يريد أن يقدم قرباناً لله، فهذا أمر راجع إلي قلبه وشعوره.. ليس هو اضطراراً، ولا هو ثمناً، حاشا... ونفس الوضع نقوله بالنسبة إلي أسرار أخرى مماثلة... فسر مسحة المرضى مثلاً، هو عمل محبة، وطلبة لأجل المريض. ومحال أن يكون مجالاً لجمع مال..! وإلا فإنه يفقد ما فيه من حب، وما فيه من رعاية .. ولا يشعر المريض بقيمة هذه الصلاة التى يدفع ثمنها، والتى لا تتم بدون ثمن!! وليتنا باستمرار نتذكر قول السيد المسيح لتلاميذه: " مجاناً أخذتم. مجاناً أعطوا " (مت 8:10). ما يدفع للكنيسة أحياناً في بعض المناسبات، ليس هو ثمناً للسر، إنما هو تقدمة اختيارية للرب، ولا يمكن أن يكون ثمناً. فالأسرار لا تباع.


---------------------------------------------------------------------------


من أنا؟ ولماذا جئت؟ ولماذا أعيش؟ ولماذا أموت؟·

هذا الموضوع يمكن أن نؤلف فيه كتاباً. ولكننى سأحاول الإجابة على أسئلتك باختصار شديد... 1- من أنا:  أنت إنسان، خلق على صورة الله ومثاله (تك 26:1)، وينبغى أن تحتفظ بهذه الصورة الإلهية.  وأنت كائن حى، له روح ناطقة، لا تنتهى حياته بالموت، بل تستمر. وله ضمير يميز بين الخير والشر، ويستنير بروح الله الساكن فيه (1كو 16:3)...  وأنت تتميز بالعقل عن سائر المخلوقات الأرضية، وما يحويه هذا العقل من فهم وإدراك.  وبعقلك وبحرية إرادتك تكون مسئولاً عن أعمالك، أولاً أمام الله، وثانياً أمام ضميرك، وثالثاً أمام المجتمع الذى تعيش فيه..  ومسئوليتك يتبعها ثواب أو عقاب في الأبدية، بعد الدينونة أمام الله. 2- لماذا جئت؟ من صلاح الله أنه أعطاك نعمة الوجود. من جوده، ومن كرمه، أعطاك فرصة أن توجد، وأن تتمتع بالحياة هنا على الأرض، وأن تكون لك فرصة أيضاً للحياة في النعيم الأبدى، إن أردت، وعملت ما يجعلك تستحق النعيم. 3- ولماذا أعيش؟ أنت تعيش لكى تؤدى رسالة نحو نفسك، ورسالة نحو غيرك، لكى تتمتع بالله هنا، وتذوق وتنظر ما أطيب الرب (مز 8:34). وأيضاً في حياتك تختبر إرادتك، ومدى انجذابها نحو الخير والشر. فحياتك فترة اختبار تثبت بها استحقاقك لملكوت السماء، وتحدد بها درجة حياتك في الأبدية... فعليك أن تدرك رسالتك وتؤديها، وتكون سبب بركة للجيل الذى تعيش فيه. فبقدر ما تكون رسالتك قوية ونافعة، بقدر ما تكون حياتك ممجدة على الأرض وفي السماء... 4- ولماذا أموت؟ تموت لكى تنتقل إلي حياة أفضل.. إلي ما لم تراه عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر(1كو 9:2). وتنتقل أيضاً إلي عشرة أفضل، عشرة الله وملائكته وقديسيه. فالموت إذن ليس فناء، وإنما هو انتقال. إن حياتك لو دامت على الأرض، وبقيت متصلاً بالمادة ومتحداً بالجسد المادى، فليس في هذا الخير لك. ولكن الخير لك أن تنتقل من حياة المادة والجسد، إلي حياة الروح وإلي الأبدية، وتكون مع المسيح فهذا أفضل جداً (فى 23:1). لذلك اشتهى القديسون الانطلاق من هذا الجسد.. إنما يخاف الموت الذين لا يستعدون له، ولا يثقون أنهم ينتقلون إلي حياة أفضل.. أو الذين لهم شهوات على الأرض، ولا يحبون أن يفارقوها !! والإنسان يموت، لأن الموت خير للكون. فمن غير المعقول أن يعيش الناس ولا يموتون، وتتوالى الأجيال وراء الأجيال لا تسعها الأرض، ويتعب الكهول من ثقل الشيخوخة، ويحتاجون إلي من يخدمهم ويعالجهم ويحملهم.. لذلك يموت جيل ليعطى فرصة لجيل آخر يعيش على الأرض ويأخذ مكانه في كل شئ...


--------------------------------------------------------------------------------------


ماذا يفعل الإنسان ليستعيد الثقة في الناس، بعد أن أنهار أمام عينيه مثله الأعلى؟·

أول نقطة أحب أن أقولها لك هى: ليكن مثلك الأعلى هو السيد المسيح نفسه، وسير القديسين. وحتى بالنسبة إلي القديسين، ذكر لنا الكتاب إنهم بشر مثلنا، وكانوا معرضين للسقوط، وسجل بعض خطايا الآباء والأنبياء. بل قال الكتاب عن إيليا الذى أغلق السماء وفتحها، والذى صعد إلي السماء فى مركبة نارية.. قال عنه: " إيليا كان إنساناً تحت الآلام مثلنا " (يع 17:5). ومع ذلك " صلى صلاة أن لا تمطر السماء، فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر. ثم صلى أيضاً فأعطت السماء مطراً. لذلك ليكن قلبك حنوناً على الناس. ولا تقل " إنهار مثلى الأعلى أمام عينى "!! إن بطرس لم يحدث أنه إنهار كمثل أعلى أمام المسيح ,امام التلاميذ، لما أنكر الرب أمام جارية، ولعن وحلف وقال لا أعرف الرجل (مت 69:26-74). وداود النبى لم يسقط كمثل أعلى، لما زنى وقتل ولجأ إلي طرق ملتوية من الخداع (1صم 11). وهكذا في باقي خطايا الأنبياء.. لذلك ما أصعب قولك إن مثلك الأعلى إنهار أمام عينيك!! إن داود يقول عن الرب في مغفرته " لأنه يعرف جبلتنا، يذكر أننا تراب نحن" (مز 103). تذكر أن القديسين معرضون لحروب شديدة. وقد قال الكتاب عن الخطية إنها طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء (أم 26:7). ومع أنهم سقطوا قتلى، إلا أن الكتاب قال عنهم أنهم أقوياء.. وعلى الرغم من سقوط شمشون أمام أغراء دليلة، إلا أن الرسول ذكره ضمن رجال الإيمان (عب 33،32:11). أما كيف تستعيد ثقتك بمثلك الأعلى؟ فعليك أن تتذكر أعماله الفاضله القديمة التى من أجلها إتخذته كمثل أعلى... وأيضاً لا يجوز أن تلغى شخصيته كلها من أجل عمل واحد .. أو قل لنفسك " لكل إنسان ضعفاته " أو صل من أجله .. وأعرف أنه ليس معصوماً من الخطأ. وإذا حدث أمامك خطأ من مثل أعلى، لا تفقد الثقة بكل الناس. ربما توجد أمثلة عليا أخرى، تعرفها أو لا تعرفها... فلا تعمم المشكلة التى واجهتك، ولا تتعقد من جهة جميع الناس. وهناك نقطة أخرى أقولها لك هى: كثير من الأبرار الذين سقطوا ثم تابوا، رفعتهم التوبة إلي درجة أعلى بكثير من حالتهم الأولى. من الجائز أن مثلاً أعلى قد سقط. ونعمة الرب لا تتركه، مادام يتضع أمامه. وما أسهل أن تقوده النعمة إلي توبة فيها إنسحاق قلب وأتضاع يرفعانه إلي درجة أعلى بكثير مما كان. وعلى أية الحالات، خذ سقوط هذا المثل درساً لك....


-----------------------------------------------------------------------------


أنا فتاة أعمل في مدرسة، وأريد أن أقدم خدمة لربنا وللكنيسة، لأنى مديونة لربنا بالكثير، فماذا أفعل؟·

نحب أولاً نشكرك على هذا الشعور. ومن جهة الخدمات:  توجد في كثير من الكنائس فصول تقوية للتلاميذ في دروسهم، فمن الممكن أن تساهمى في القاء دروس تقوية حسب اختصاصك.  بصفتك مدرسة ومتعودة على حفظ النظام في الفصول، يمكن أن تساهمى في حفظ النظام في النادى التابع للكنيسة.  إن كان لك مواهب أخرى غير التدريس، يمكن أن تشتركى بها أنشطة الكنيسة المتعددة.  إن كان يتبع الكنيسة التى تخدمين بها، أو الكنائس المجاورة، بيوت إيواء، مثل بيوت الطالبات المغتربات، أو بيوت المسنات، أو فصول للحضانة، يمكن أيضاً أن تشتركى في خدمتها.  المهم أن تعرضى خدمتك، وثقى أن ابواباً كثيرة سوف تتفتح أمامك. وليكن الرب معك.


-----------------------------------------------------------------------------


ما هو موقف الكنيسة في تقسيم الميراث بين الرجل والمرأة؟·

الكنيسة لم تضع للميراث نظاماً محدداً. جاء أحدهم إلي السيد المسيح يقول له " يا معلم، قل لأخى أن يقاسمنى الميراث ". فأجابه " من أقامنى عليكما قاضياً أو مقسماً؟! " .. ثم قال " أنظروا، تحفظوا من الطمع " (يو 13:12-15). المسيحية لم تضع نظاماً قوانين مالية، إنما وضعت مبادئ روحية، في ظلها يمكن حل المشاكل المالية وغيرها. وينطبق هذا على موضوع الميراث. إن وجدت بين الأخوة محبة وعدم طمع، يمكن أن يتفاهمواً بروح طيبة في موضوع الميراث. بل كل واحد منهم يكون مستعداً أن يترك نصيبه لأى واحد من أخوته أو أخوته يرى أنه محتاج أكثر منه. أنظر كيف كانت الأمور تجرى في الكنيسة أيام الرسل، بنفس هذه الروح: " لم يكن أحد يقول إن شيئاً من أمواله له، بل كان عندهم كل شئ مشتركاً " " ولم يكن فيهم أحد محتاجاً " " وكان يوزع على كل أحد، كما يكون له أحتياج " (أع 32:4-35). هكذا عاشت الكنيسة مرتفعة عن مستوى القانون، تدبر أمور أولادها في محبة وقناعة.. حالياً نحن نسير حسب قانون الدولة في الميراث. ولكن يمكن التصرف قبل وفاة أحد الوالدين. فمثلاً إن وجد ألاب أن أولاده موسرين وأغنياء، وأبنته محتاجه، يستطيع قبل وفاته أن يكتب لها جزءاً من الميراث، أى أن يتنازل عن جزء بطريقة شرعية تسجل في الشهر العقارى. وتصبح مالكة لهذا الجزء في حياته ولا علاقة له بالميراث. أو يعطيها حق الرقبة في جزء، بحيث يصبح ملكاُ لها بعد وفاته، بالإضافة إلي نصيبها في الميراث.. أى أنه يوجد نوع من التصرف باسم القانون، لتعديل أنصبة الوراثة قبل الوفاة أحد الوالدين. فالأمور يمكن أن تحل بالمحبة والقناعة، او بالحكمة، أو بالتصرف القانونى السليم لإقامة العدل بين الوراثة، وليس بتنفيذ حرفية القانون.


---------------------------------------------------------------------------


نذرت أن أصوام صوم العذراء 21 يوماً بماء وملح. ولم أتمكن لأن صحتى لم تساعدنى. فهل أحوله إلي صوم عادى؟ أم ماذا أفعل؟·

المفروض أنك لا تنذر إلا ما تستطيع الوفاء به. لذلك فالتسرع في النذر – بغير تفكير – هو أمر خاطئ. فكر جيداً قبل أن تنذر. لا أن تنذر ثم تفكر ماذا تفعل. والكتاب يقول " خير لك أن لا تنذر، من أن تنذر ولا تفى " (جا 5:5). ومع ذلك أقول لك: إن عبارة " صوم بماء وملح " أصطلح الناس على أنها صوم بغير زيت. والأمر ليس صعباً كما تقول. ففى الصوم بماء وملح تجوز كل الفاكهة والخضروات، والخبز طبعاً، والطبيخ بغير زيت، والبقوليات. وكلها أمور نافعة للصحة. وليس الزيت هو الذى يقيم قوتك، استعض عنه أحياناً بالليمون. وإن تعبت، لا تكسر نذرك. احتمل قليلاً وسوف تتعود وتقدر. وثق أنك إذا تعبت وإحتملت، فإن نعمة الله لن تتركك، وستعطيك القوة لكى تكمل ... وإلا كيف يسلك المتوحدون، وكذلك النباتيون؟ وماذا أيضاً عن صوم أسبوع الآلام، وهو أشد بكثير من صوم الماء والملح، وليست فيه فاكهة ولا سكريات على الإطلاق، والناس يحتملون هذا الصوم بكل ارتياح ولا يكسرونه ..؟


----------------------------------------------------------------------


ماذا أفعل لأن الشك يتعبنى، ويحطم حياتى العائلية والإجتماعية، ويكاد يتسبب في ضياع مستقبلى، ويعكس آثاره على جسمى وعقلى. وأما مهدد بأزمة نفسية، فلا أثق بأحد ولا بنفسى ...·

فلينقذك الرب يا إبنى من هذا الشك. وأعلم أن الشك على نوعين: شك يأتى داخل قلب الإنسان، من طبيعة الشكاكة. وآخر يأتى بأسباب خارجية تجعله يشك. وإذا إزداد الشك فقد يتطور إلي الحالة التى تحكيها في سؤالك. وتوجد تداريب روحية لمعالجة الشك: 1- تدريب حسن الظن، أو تبرير الأمور: فبدلاً من أن تأخذ الأمور بتأزم يوصل إلي الشك، حاول أن تمزجها بنية طيبة، وتوجد لها تبريراً أو مفهوماً مقبولاً. 2- يمكن أن يعالج الشك بالمصارحة. ولكن بمصارحة لا تحمل إسلوب الإتهام، لئلا تفقد علاقتك مع الأخرين. إنما أقصد المصارحة بأسلوب السؤال، بهدوء يطلب التوضيح. فقد تسمع إجابة تريحك وتزيل شكك. فتقول مثلاً للشخص الذى شككت فيه " أنت تعلم محبتى وثقتى فيك. ولكن هناك مسألة لم أفهمها، أرجو توضيحها " . 3- حاول إن جاءك الشك، أن لا تتمادى فيه. وقل لنفسك إن الشك سيصبح ناراً داخل فكرى تتلف أعصابى. لذلك أوقف شكوكك. عند حد. وقل: سأحاول أن أستوضح الأمر فيما بعد، أو قل: هذا الشك غير معقول بسبب كذا وكذا. أو رد على نفسك قائلاً: كم مرة شككت، وأتضح لي أن شكوكى ليست سليمة. 4- كذلك أبعد عن الأسباب التى تسبب الشكوك. فلا تدخل نفسك في مجال أستقصاء الأخبار، والبحث عن حقيقة مشاعر الناس من نحوك، أو تحلل تصرفاتهم بأسلوب يتعبك. ولا تتذكر ماضياً يزيد شكك.


----------------------------------------------------------------------

أنا فتاة موظفة، ولي زميل غير أرثوذكسى. وأخته تحضر إلي في مكان عملى، لتقتعنى بالذهاب إلي كنيستهم تبع مذهبهم. فماذا أفعل؟ وما هو الرد اللائق منعاً للإحراج؟·

قولى لها: ابحثى عن الأخوات اللائى لا يذهبن إلي الكنائس والإجتماعات الدينية، لدعوتهن إلي الإجتماع الروحى. أما أنا فأحضر إجتماعاتنا الروحية في كنائسنا. فلماذا تلحين على لتغيير كنيستى وتحويلى إلي كنيسة أخرى؟! بل قولى لها أيضاً: إن أردت أنت شخصياً أن تنتفعى روحياً، فيمكن أن نحضرى عندنا، حيث تستمتعين بالألحان القبطية الجميلة، وترين روعة القداسات وتأثيرها الروحى. وكذلك ما في كنائسنا من مزامير وطقوس وقراءات وأيقونات، كلها لها فاعليتها الروحية في النفس. لا تكونى خجولة مع هذه الفتاة. بل كونى حازمة، وكونى مخلصة لعقيدتك وكنيستك، فهى الكنيسة الأم التى خرجت منها كل تلك الطوائف.


------------------------------------------------------------------





ما معنى كلمة عزازيل؟ وإلى أى شى يرمز تيس عزازيل الذى ورد فى سفر اللاويين·

كلمة عزازيل تحمل معنى العزل. وهنا تشير ذبيحة تيس غزازيل الى عزل خطاياالناس عنهم بعيداً حيث لا يراهم احد فيما بعد إن ذبيحة واحدة من ذبائح العهد القديم لم تكن تكفى للإ لمام بذبيحة السيد المسيح وكل أغراضها... فذبيحة الفصح كانت تشير الى الخلاص بالدم (حر12) والمحرقة كانت ترمز الى إرضاء قلب الله , فكانت " رائحة سرورللرب " (لا13,9:1). وأما ذبيحتا الخطية والاثم فكانتا ترمزان الى حمل خطايانا والموت عنها وغفرانها(لا5,4) أما ذبيحة تيس عزازيل ,فكانت تشير إلى عزل خطايانا عنها كما يقول الرب"لانىأصفح عن إثمهم , ولا أذكر خطيتهم بعد"(ار14:31) وتفاصيل ذكرها (فى يوم الكفاره العظيم)هو كالآتى: كان هارون رئيس الكهنة يأخذ تيسين , ويلقى عليهما قرعة : أحدهما للرب والآخرلعزازيل .. فالذى خرجت علية القرعة للرب ,يقدمة ذبيحة خطية .أما الآخر فيرسلة حياَ إلى عزازيل إلى البرية "(لا7:16-10)." يقر علية بكل ذنوب بنى إسرائيل وكل سيئاتهم مع خطاياهم . ويرسله بيد من يلاقيه إلى البرية , ليحمل التيس علية كل ذنوبهم إلى أرض مقفرة . فيطلق التيس فى البرية "(لا22,21:16). يتركه فى البرية , فلا يراه أحد بعد,ولا يسمع عنه ,كمثال للخطايا المغفورة. كما قيل فى المزمور "كبعد المشرق عن المغرب , أبعد عنا معاصينا"(مز12:103). وكما قيل أيضاَ "طوبى لرجل لا يحسب له الرب خطية"( مز2:34). وأيضاً "مصالحاً العالم لنفسه ,غير حاسب لهم خطاياهم (2كو 19:5). إشارة إلى أن تلك الخطايا قد نسيت ,غفرت, لم تعد محسوبة علينا ,عزلت عنا بعيداً فى البرية (فى عزازيل).... ] انظر ما ورد عن عزازيل أيضاً ص128[


------------------------------------------------------------------------------------


شمشون الجبار لم يمت ميتة طبيعية , لم يقتله أحد, ولكنه هو الذى تسبب فى قتل نفسه. فهل نعتبره قد مات منتحراً·

كلا.لم يمت شمشون منتحراً , وإنما مات فدائياً. فالمنتحر هو الذى هدفه أن يقتل نفسه. وشمشون لم يكن هذا هو هدفه. إنما كان هدفه أن يقتل أعداء الرب من الوثنيين وقتذاك . فلو كان هذا الغرض لا يتحقق إلا بـأن يموت معهم, فلا مانع أن يبذل نفسه للموت ويموت معهم. وهكذا قال عبارته المعروفة "لتمت نفسى مع الفلسطينيين " (قض30:16).... وكانوا وقتذاك وثنيين... لو كان قصده أن ينتحر, لكانت تكفى عبارة "لتمت نفسى".. أما عبارة لتمت نفسى معهم . معناها أنهم هم الغرض, وهو يموت معهم . ولقد اعتبر شمشون من رجال الايمان فى(عب32:11) لأنه جاهد لحفظ الإيمان , بالتخلص من الوثنية فى زمانه. فقد كانت الحرب وقتذاك ليست بين وطن وأخر, وإنما كانت فى حقيقتها حرباَ بين الإيمان والوثـنية...


---------------------------------------------------------------------------------------


لماذا مدح الله ملابس سليمان (مت 29:6). ولم يمدح ملابس هارون أول كاهن على الأرض؟‍! فى حين أن الله هو الذى أمر موسى أن يعد لهارون ملابسه ؟·

أولاً: أحب أن أقول لك إن هارون لم يكن أول كاهن على الارض ؟ فقبلاً كان الآباء الأول كهنة أمثال نوح وأيوب وابراهيم واسحق ويعقوب. وكلهم بنوا مذابح , وقدموا لله محرقات. غلطة أخرى فى سؤالك وهى قولك عن الرب " ولم يمدح ملابس هارون "!!وفى الواقع إن الله قد امتدح ملابس هارون .إذ قال لموسى النبى "اصنع ثياباً مقدسة لهارون أخيك للمجد والبهاء. وتكلم جميع حكماء القلوب الذى ملأتهم روح حكمة أن يصنعوا ثياب هارون لتقديسه ليكهن لى" (خر3,2:28). وهكذا وصف الله ثياب هارون بثلاثة أوصاف هى القدسية والمجد والبهاء. ولم يصف ثياب سليمان بشى من هذا , بل قال إنها كانت أقل جمالاً من الزنابق , إذ قال عن الزنابق "ولا سليمان فى كل مجده كان يلبس كواحدة منها"(مت29:6). ولــم يكن من اللائق أن تذكر هنا ملابس هارون وتوصف بأنها أقل من الزنابق فى جمــالها‍!! بينما الله نفسة الذى اختارها ووصفها. وحكماء القلوب الذين ملاًهم الرب حكمة, هم الذين صنوها.لاشك أن ملابس هارون كانت أجمل من ملابس سليمان.


--------------------------------------------------------------------------------------------------


من المعروف أن سليمان الملك كان غنياً جداً. وكان له إثنا عشر ألف فارس لمركباته. ولكن الأمر كان يبدو فية خلاف¸ هو عدد مذاود خيل مركباته فقد ورد فى سفر الملوك الأول : " وكان لسليمان أربعون ألف مذود لخيل مركباتة, وإثنا عشر ألف فارس" (1مل26:4) . بينما ورد فى سفر أخبار الأيام الثانى "وكان لسليمان أربعة ألف مذود خيل ومركبات, وأثنا عشر ألف فارس"...·

لا يوجد خلاف إطلاقاُ, إن عرفنا ما هو المقصود بكلمة مذود... كانت كلمة مذود تعنى أمرين : إما المذود الخاص بكل حصان على حده لكى يأكل منه. وإما المبنى الذى توجد فيه هذه المذاود الفردية. مثلما نقول عن مبنى إنة " دورة مياه " فإن دخل إنسان فيه , يجد عشر دورات مياه يمكن أن تصلح لاستخدام عشرة أشخاص ... كل واحدة منها تسمى دورة مياه, والمبنى كله يسمى دورة مياه... هكذا كان الأمر بالنسبة إلي مذاود خيل مركبات سليمان . كان يوجد أربعة ألاف مبنى للمذاود . وفى داخل كل مبنى منها, توجد عشرة مذاود فردية تصلح لعشرة من الخيول تأكل منها... فهى إذن أربعة ألاف مبنى يسمى كل منها مذوداً, بينما يضم عشرة مذاود فردية, فيكون عدد المذاود الفردية أربعين ألفاً داخل أربعة ألف مبنى. وهذه المبانى أطلق عليها إسم"مدن المركبات"(2أى25:9) مثال أخر : تقول ذهب طلبة الجامعة إلى موائد الطعام . كل مائدة عبارة عن صالة واسعة تضم داخلها عشر طرابيزات وكل طربيزاة تسمى مائدة . بينما الصالة التى تضم كل هذه الموائد يطلق عليها إسم "مائدة طعام" فهى إذن مائدة تضم موائد . مثلما كل مبنى من مذاود سليمان يضم داخله عدداُ من المذاود الفردية. كانت مذاود خيل مركبات سليمان , تكفى لأربعين ألفاُ من الخيل . والمركبات الواحدة يمكن أن يجرها أربعة خيول ويقودها فارس واحد. وهكذا تحتاج الى عشرة آلاف فارس . فإن كانت بعض المركبات يجرها عشرة خيول, بينما مركبات أخرى يجرها إثنان فقط , إذن يحتاج الأ مر كما كتب إلى إثنى عشر ألف فارس .


--------------------------------------------------------------------------------------------


لماذا خلق الله الحيوانات المتوحشة الفترسة ؟ ولماذا خلق بعض الكائنات التى تنفث سموماُ مثل الحيات والعقارب وغيرها .·

أول ملاحظة أحب أن أقولها تعليقاُ على سؤالك : ما نسميها الآن بالحيونات المتوحشة , لم تكن متوحشة حين خلقها الله, ولم تكن مفترسة. كانت تعيش مع أبينا آدم فى الجنة, فما كان يخافها, ولا كانت تؤذيه. بل كان يأنس لها, وهو الذى سماها بأسمائها (تك19:2) . وما كانت هذه الحيوانات تأكل اللحوم وقتذاك. بل كانت تأكل عشب الأرض. كما قال الرب "ولكل حيوان الأرض, وطير السماء, وكل دبابة على الأرض فيها نفس حية, أعطيت كل عشب أخضر طعاما ُ. وكان كذلك" (تك30:1) . وهذه الحيوانات التى نسميها الآن متوحشة ومفترسة , عاشت فى الفلك مع أبينا نوح وأولاده وزوجاتهم , مستأنسة لا تفترس أحداُ, لا من بشر, ولامن باقى الحيونات. ولكن تغير الأمر فيما بعد , وكيف ذلك؟ لما صار الإنسان يصيد الحيوان,والحيوان يهرب منه دبت العداوة بينهما وكرد فعل ظهرت الوحشية والافتراس . وبحاصة أن الله صرح للإنسان بأكل اللحم بعد رسو فلك نوح . وقال له فى ذلك "كل دابة حية تكون لكم طعاماُ. كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع. غير أن لحماُ بحياته دمه لا تأكلوه (تك4,3:9) . وهكذا صار الدم يسفك, وصار الإنسان يأكل بعض الحيوانات,ويطارد البعض الآخر منها. كما دخله الخوف بعد الخطية (تك10:3) (تك14:4).وبالخوف صار يهرب من بعض الحيوانات, فكانت تطارده وكانت تفترسه أحياناُ . وهكذا قال الرب "وأطلب أنا دمكم لأنفسكم فقط . من يد كل حيوان أطلبه , ومن يد الإنسان أطلب نفس الإنسان , من يد الأنسان أخيه . سافك دم الأنسان بيد الإنسان يسفك دمه" (تك6:9) وهكذا نرى أن الوحشية زحفت الى بعض البشر أيضاُ وليس فقط إلى الحيوان . فحدث أن قايين قام على أخيه هابيل وقتله (تك8:4) . ولو كان الأنسان يأكل الدم كالوحوش لصار وحشاُ مثلها . ولكن الله منعة من أكل الدم . واستمر هذا المنع فى شريعة موسى مع عقوبة شديدة (لا10:17) واستمر منعة فى العهد الجديد أيضا (أع29:15) . وكما توحشت الحيوانان وصارت تفترس الأنسان وتأكل, هكذا أصبحت تأكل بعضها بعضا. ُ القوى منها يفترس الضعيف ويأكله. وهكذا سميت وحوشاٌ مفترسة. ولكنها من البدء لم تكن كذلك . أما تسميتها فى الأصحاح الأول من سفر التكوين (تك25,24:1) . فكان باعتبار ما آل إليه أمرها حين كتابة هذا السفر أيام موسى النبى (حوالى1400 سنة قبل الميلاد تقريباُ) . أما اليات والعقارب والحشرات, فلابد أن لها فوائد. أتذكر أننى منذ حوالى أربعين عاماٌ , كنت قرأت أجابة للقديس جيروم عن مثل هذا السؤال فى مجموعة كتابات اَباء نيقية وما بعد نيقية the Writings of Nicene &Post Nicene Fathers ذكر فى رده كثيراً من الفوائد الطبية وغيرها لأمثال هذه الحشرات وللعقارب مثلاُ . أرجو أن أرجع القديس جيروم وأنشره لكم مترجماُ . يكفى أن الصيدليات حالياُ شعارها حية تنفث سمها فى الكاس. فبعض السموم لها فوائد . إن أخذت بحكمة و بمقدار , كما قال الشاعر: وبعض السموم ترياق لبعض وقد يشفى العضال من العضال وإن كان القديس جيروم قد ذكر فوائد لتلك الحشرات وبعضها سام. وكان جيروم يعيش فى القرن الرابع وأوائل الخامس, فماذا نقول نحن فى أواخر القرن العشرين مع كل ما وصل إليه العلم مـن رقى ؟! لاشك أن العلم يكشف فوائد أكثر تحتاج إلى دراسة علمية ونشر . كما أن هذه الكائنات – من الناحية الأخرى – يرمز ضررها إلى الشر فالحية صارت إسماُ من أسماء الشيطان (رؤ2:20). وقصتها معروفة مع أمنا حواء , وكيف خدعتها الحية وأسقطتها (تك3) . فإن كانت بهذا الدرجة من الضرر. وقد سمح الله بأن تكون هناك عداوة بيننا وبينها... فإنة دفاُعا عنا منها, أعطانا سلطاناُ عليها , وقال "ها أنا أعطيكم سلطاناُ أن تدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولايضركم شئ"(لو19:10) . وأعود فأقوال إنة حينما خلق الله هذه الكائنات لم تكن ضارة وحتى الشيطان نفسة لم يكن ضاراُ ولا شريراُ, بل كان ملاكاُ , كاروباُ . ملاُن حكمة وكامل الجمال(حز15,14,12:28)


--------------------------------------------------------------------------------


لم أفهم ما ورد في قصة الخلق ، حينما قال سفر التكوين عن الله : " وعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد ، والمياه التي فوق الجلد . وكان كذلك . ودعا الله الجلد سماء " (تك1: 6-8) وسؤال هو : هل يوجد ماء فوق السماء ، ولماذا لم ينزل علينا ؟·

الماء ليس مجرد الماء في حالته السائلة ، بل في البخر أيضاً . فالسحب عبارة عن ماء تبخر وصعد إلي فوق ، وكذلك الضباب والذي يركب الطائرة يرى طبقات من السحب بعضها فوق بعض .. وبعضها فوق السماء التي نراها بمسافات بعيدة ... هذه السحب إذا تكثفت وثقلت تنزل ماء علي الأرض . وإذا أصطدمت ببعضها البعض تحدث صوتاً قبل سقوط المطر هو الرعد . وإلا فبماذا تفسر المطر الذي ينزل من السماء إلا بوجود ماء فوق السماء . كـذلك يـوجــد مــاء تحــت الأرض تخرج منه الينابيع والعيون ومياه تحت الأرض تسمى المياه الباطنية The under-groundwater ونحصل عليها بحفر الآبار أو الترع الصناعية . إذن يوجد ماء فوق السماء ينزل كمطر أو يبقي كغيوم وسحب . كما يوجد ماء تحت الأرض ونحن نقول في التسبحة " الذي أسس الأرض علي المياه "


-------------------------------------------------------------------------------------------------


يسأل البعض : لماذا تأخر الله في تنفيذ وعده بالخلاص ؟! لقد وعد منذ خطية أدم وحواء ، بأن نسل المرأة سيسحق رأس الحية ( تك 3 : 15 ) وكان المقصود بنسل المرأة السيد المسيح الذي سيسحق رأس الحية أي الشيطان ومع ذلك مرت ألاف السنين والحية ترفع رأسها وتتحدى البشرية وتوقع الملايين في شرور كثيرة , بل وفي عبادة الأصنام ! فلماذا تأخر الله في تنفيذ وعده طوال ذلك الزمان كله ؟!·

والجواب هو أن الله لو قام بعملية الفداء في الأجيال الأولى للبشرية , ما كان الناس يفهمون الفداء , وما كانوا يدركونه . كان لابد إذن من إعداد البشر لفهم التجسد ولفهم الفداء . بل أيضاً ترسيخ ذلك في عقولهم , حتى إذا ما تم الخلاص بالفداء يمكنهم أن يدركوا معناه وهدفه اللاهوتي , ويؤمنوا به . فكيف حدث ذلك ؟ فكرة الفداء والذبائح: الفداء هو أن نفساً تموت عوضاً عن نفس أخرى . نفساً بريئة غير مستحقة للموت , تموت بدلاً من نفس خاطئة تستحق الموت . والإنسان كان مستحقاً للموت بسسب عصيانه لله الذي قال له : يوم تأكل من تلك الشجرة موتاً تموت ( تك 2 : 17 ) . ومن رحمة الله أراد أن يفديه . ولكن كان لا بد من تقديم الفكرة , وبتدريج طويل يثبت في ذهنه . فما هي الخطوات التي اتخذها الله لأجل هذا الغرض ؟ 1- يقول الكتاب أن الإنسان لما أخطأ , بدأ يشعر بعريه , فغطى نفسه بأوراق التين . ولكن الله بدلاً منها " ألبسه أقمصة من جلد " ( تك 3 : 21 ) . ومن أين هذا الجلد إلا من ذبيحة ؟.. وهنا رسخت حقيقة في عقل الإنسان : أن الخطيئة تجلب العري والشعور بالخزي ، بينما الذبيحة تغطي وتستر . 2- وإستمر تقديم الذبائح . فنسمع أن هـابيل قـدم قرباناً للرب " من أبكـار غنمه ومن سمانـها (تك4:4) . ولا شك أن فكرة تقديم الذبيحة قد أخذها هابيل عن أبيه أدم , وأدم عرفها من الله . والذي يتضح من ذبيحة هابيل هذه , أنها كانت أفضل ماعنده وأن الله قد قبلها .... 3- نلاحظ أن كل الذبائح قبل شريعة موسى كانت محرقات : أي أن النار تظل تحرقها حتى تتحول إلى رماد ( لا 6 : 9 ، 10 ) لا يأكل منها مقدمها ولا أحد من أصحابه ، ولا الكاهن . بل تكون كلها للنار . والنار ترمز إلى العدل الإلهي . أي أن العدل الإلهي يأخذ حقه منها كاملاً ... أبونا نوح أصعد محرقات علي المذبح من كل الحيوانات الطاهرة (تك20:8) وابراهيم أيضاً قدم محرقة (تك13:22) . وأيوب أصعد كذلك محرقات (أى5:1) . 4- وكانت المحرقات لإرضاء الله الذي أغضبته الخطايا . لذلك لما أصعد نوح محرقاته قيل "فتنسم الرب رائحة الرضا .. وقال لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان" ( تك 8 : 21 ) . 5- نرى معاني أخرى في ذبيحة الفصح ( خر 12 ) التي كانت ترمز إلى المسيح (1 كو 5 : 7 ) . صدر حكم الله بالموت على جميع الأبكار . وكان الملاك المهلك سيمٌر ويضرب كل بكر "من إبن فرعون الجالس على عرشه إلى بكر الأسير الذي في السجن" ( خر 12 : 29 ) وأراد الله أن يخلص أبكار بني إسرائيل , فأمرهم أن يذبحوا خروف الفصح , ويرشوا من دمه على أبوابهم . ووعدهم قائلاً " ويكون لكم الدم علامة على البيوت , فأرى الدم وأعبر عنكم " ( خر 12 : 13 ) وهكذا دخلت في أذهانهم هذه الحقيقة الهامة وهي : الخلاص بالدم ، من الموت والهلاك . ورسخت هذه الحقيقة بمرور الأجيال , إذ أصبح الفصح عيداً يعيدونه كل عام بقول الرب لــهم "ويكون هذا اليوم تذكارا ,ً فتعيدونه عيداً للرب في أجيالكم فريضة أبدية "( خر 12 : 14 ) . وأصبح رمزاً للخلاص بدم المسيح . ولذلك ليس غريباً فيما بعد أن يقول القديس بولس الرسول " لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا , فلنعيد .. " ( 1 كو 5 : 7 ) . وارتبط الفصح بالدم . 6- وأدخل الرب في أذهانهم فكرة هامة وهي الكفارة . ففي كل الذبائح التي رتبها موسى لهم لمغفرة خطاياهم كانت تتكرر عبارة " الكفارة" : سواء ذبيحة المحرقة ( لا 1: 4) , أو في ذبيحة الخطية (لا 4 : 20، 26) . أو في ذبيحة الإثم (لا5 :6،22) , أو في يوم الكفارة العظيم ( لا 16 ) للتكفير عن خطايا الشعب كله ( لا16 :17، 19) وذلك للتقديس والتطهير والصفح عن الخطايا والنجاسات . ولذلك ليس غريباً أن قال القديس يوحنـا الرسول فيمـا بعد : " وإن أخطأ أحد , فلنا شفيع عن الآب يسوع المسيح البار . وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط , بل لخطايا كل العالم أيضاً " (1يو2: 1،2) (1يو4 :10) . ولإرتباط دم الذبيحة بالمغفرة , قال القديس بولس مبداً هاماً هو : " بدون سفك دم لا تحصل مغفرة " ( عب 9 : 22 ) , حسب الناموس . إذن كل تلك الذبائح كانت إعداداً للشعب , لفهم مباديء الكفارة والفداء وغفران الخطايا بالدم , ولذلك كان مقدم الذبيحة يضع يده على رأس الذبيحة ويقر بخطاياه (لا5 :5 ) . فتحمل الذبيحة خطاياه عنه , وتسمى الحمل . وهكذا قال يوحنا المعمدان فيما بعد عن المسيح " هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم " (يو1: 29) 7- وبمرور الأجيال أصبح اليهود ينتظرون هذا المخلص . حتى ظهر هذا المعني في أسماء بعض أنبيائهم مثل (يشوع) بمعني مخلص . ومثل أشعياء , وهوشع بمعني الله يخلص . وإرتبط هذا الخلاص عندهم بانتظار المسيا أو المسيح . حتى أن السامريين لما تقابلوا مع السيد المسيح , قالوا " نؤمن ... ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم " (يو4:42) . ولم يكتف الرب بتقديم هذه الرموز عن الذبائح وغيرها , بل قدم لهم أيضاً نبوءات عن هذا المسيح المخلص وعمله وصفته : أعدهم بالنبوءات :-  منها ما ورد في سفر أشعياء " ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو إسمه عمانوئيل " (إش 7: 14) . وأيضاً " لأنه يولد لنا ولد ونعطي إبناً . وتكون الرئاسة علي كتفه . ويدعي إسمه عجيباً مشيراً , إلهاً قديراً , أباً أبدياً رئيس السلام .. علي كرسي داود " (إش 9: 6، 7) .  وعن آلامه وفدائه وحمله خطايانا , قيل أيضاً في سفر أشعياء النبي : " وهو مجروح لأجل معاصينا , مسحوق لأجل آثامنا ... كلنا كغنم ضللنا ، ملنا كل واحد إلي طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا " (إش53: 5، 6) . وقيل أيضاً " أما الرب فسر أن يسحقه بالحزن " "جعل نفسه ذبيحة إثم " " وأحصى مع أثمه " (أش53: 10، 12) .  وقال عنه داود النبي في المزامير " ثقبوا يدى وقدمى ، وأحصوا كل عظامي ... يقسمون ثيابي بينهم , وعلي لباسي يقترعون " ( مز22: 16-18) . قال هذا عن السيد المسيح . وقال عن خيانة يهوذا له " الذي أكل خبزي ، رفع علي عقبه " (مز41: 9) .  وما أكثر النبوءات في المزامير وكتب الأنبياء وغيرها . هذه التي قال عنها لتلاميذه بعد القيامة "إنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسي والأنبياء والمزامير .." (لو24:44،27)  حتى ميلاده في بيت لحم ، نرى في قصة المجوس ، إنه لما سأل هيرودس الكتبة أين يولد المسيح قالوا له : "في بيت لحم اليهودية . لأنه هكذا مكتوب بالنبي .. " (مت2: 4-6) .  كل ما يتعلق بالمسيح المخلص أعده الله في أذهان الناس برموز ونبوءات , يمكن أن تـقرأ تـفاصيل عنها في كتاب معروف مثل (المسيح في جميع الكتب ) . ويتحقق بها الناس أنه هو المسيح . إعداد الأشخاص :- انتظر الرب حتى أعد فهم الناس للفداء والكفارة والذبيحة , وحتى أعدهم أيضاً بالنبوءات . وانتظر أيضاً حتى أعد الشخصيات التي تعاصر الميلاد , وتشترك في تأدية الرسالة .  انتظر حتى تولد العذراء القديسة التي يولد منها المسيح المخلص . العذراء الطاهرة التي يمكن أن تكون أماً لرب المجد و فتحبل به وترضعه بعد ميلاده , ويعيش في كنفها في فترة طفولته . العذراء المتولضعه التي تحتمل مجداً كهذا , بكل ما فيه من ملائكة ورؤى ومعجزات , وتحتمل أن جميع الأجيال تطوبها (لو1: 48) . كانت صفة التواضع لازمة لإحتمال ذلك المجد ، وهكذا " تبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلي إتضاع أمته " . (لو1: 47، 48)  وانتظر الرب حتى يولد المعمدان ، الملاك الذي يهيئ الطريق قدامه (مر1: 2) الذي يشهد قائـلاً يأتي بعدي من كان قبلي ، من هو أقوى مني . الذي لست أنا أهلاً أن أحل سيور حذائه " (مت3: 11) (يو 27:1) . والذي يقول " لست أنا المسيح ، بل أنا مرسل أمامه .. ينبغي أن ذاك يزيد ، وأني أنا أنقص . الذي يأتي من فوق ، هو فوق الجميع . الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع " (يو3:28_31)  وانتظر الرب الوقت الذي تكمل فيه جوقة الإثني عشر وباقي الرسل والتلاميذ أولئك الذين يحملون رسالته إلي العالم أجمع , وإلي أقطار المسكونه تبلغ أصواتهم , الذين يكرزون به قائلين "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس " (اع5: 29) " أما نحن فلنا فكر المسيح" (1كو3: 16) .  وانتظر حتى يوافق وجود هؤلاء , وجود الكتبة والفريسيين وكهنة اليهود الذين يسلمونه للموت حسداً ، ووجود يهوذا الذي يخونه وكذلك والٍ روماني جبان , يحكم عليه خوفاً من اليهود . وانتظر الرب حتى توجد لغة عالمية تساعد علي انتشار الكرازة هي الغة اليونانية , التي ترجم إليها العهد القديم (اللغة السبعينية) مما يساعد علي إنتشار النبوءات والرموز . وكذلك حكم الرومان الذي بدأ من سنة 30ق.م . وانتشرت به الطرق الرومانية التي تساعد علي انتقال الرسل .. ولما كمل كل هذا انطبق قول الرسول . " ولكن لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله ابنه مولوداً من إمرأه تحت الناموس , ليفدى الذين تحت الناموس , لننال التبني " (غل4: 4، 5) . حقاً إن الله يفعل كل شئ في حينه الحسن , في ملء الزمان , حينما يصير كل شئ ممهداً حسب وفرة حكمته . إنه لا يتأخر ولا يسـرع . وإنما " لكل شئ زمان , ولكل أمر تحت السموات وقت " (جا3:1) . فلما جاء الوقت , نفذ الله وعده بالخلاص .


-------------------------------------------------------------------------------


هناك ثلاثة إختلافات في سلسلة الأنساب بين ما سجله متى الإنجيلي ، وما سجله لوقا الإنجيلي , نريد أن نسأل عنها الآن . وهي 1- يوجد خلاف بين الأسماء التي يوردها كل من الإنجيليين . :2- القديس متى يبدأ سيرة السيد المسيح بسلسلة الأنساب . أما القديس لوقا فلا يعرض لها إلا بعد أن يروى قصة العماد .3- القديس متى يسرد الأنساب نازلاً من الآباء أولاً إلي الأبناء . بينما القديس لوقا يصعد بالأنساب من الرب يسوع إلي آدم إلي الله . فهل من شرح لكل هذه الإختلافات ؟·

1-الخلاف في الأسماء :- في الواقع أن متى الإنجيلي سرد من جانبه النسب الطبيعي للسيد المسيح , بينما سرد لوقا النسب الشرعي أو الرسمي . ولتفسير هذا نقول الآتي : نصت شريعة موسى علي أنه إن توفى رجل بدون نسل , يجب أن يدخل أخو المتوفي علي أرملة أخيه , وينجب لأخيه المتوفي نسلاً منها ، أي أن الابن الذي ينجبه يصبح من الناحية الشرعية إبناً رسمياً لخيه المتوفي , وإن كان يعتبر إبناً غير طبيعياً لهذا الأخ الذي أنجبه من صلبه . وبهذا يكون لمثل هذا الابن أبوان : أب طبيعي وهو الذي أنجبه وأب شرعي وهو عمه المتوفي بدون نسل . وهذا هو ما ورد في سفر التثنية عن هذا الأمر : " إذا سكن أخوة معاً , ومات منهم وليس له ابن , فلا تصر إمرأة الميت إلي خارج لرجل أجنبي . أخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجه , ويقوم لها بواجب أخي الزوج . والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه المتوفي ، لئلا يمحى اسمه من إسرائيل " (تث25: 5،6) . فإذا حدث أن هذا المتوفي بدون أولاد لم يكن له أخ , فإن أقرب أقربائه يأخذ امرأته ليقيم له نسلاً ، لأن الابن الذي يولد ينسب لهذا المتوفي حسب الناموس , وإذا كان النسيب الأقرب لا يريد أن يأخذ زوجة المتوفي حسبما كلف , فإن النسيب الذي يليه في القرابة لابد أن يقبل هذا الزواج ، لأن الشريعة تحرص علي إقامه نسل لذلك المتوفي بدون إنجاب بنين . وهذا النوع من الزواج يسمى (الفك) ، وله مثل واضح في سفر راعوث في قصتها مع بوعز . وفي تفصيل ذلك يقول القديس ساويرس بطريرك أنطاكية : "وبهذه الطريقة فإن يوسف خطيب القديسة العذراء ينتسب في الواقع إلي أبوين إثنين" لأنه حيث أن هالي اتخذ له امرأه ومات دون أن ينجب بنين ، فإن يعقوب – الذي كان أقرب الأنسباء إليه – تزوج امرأته لكي ينجب له نسلاً منها حسبما أمرت الشريعة . فلما أنجب منها يوسف , صار يوسف هذا إبناً شرعياً لهالي المتوفي ، وفي نفس الوقت ابناً طبيعياً ليعقوب " . ومن أجل هذا قال متى من جانبه إن يوسف هو ابن يعقوب . ولوقا من الجانب الآخر قال إنه ابن هالي . أحدهما أورد النسب الطبيعيلا , والاخر أورد النسب الشرعي . ومتى من جانبه ذكر الآباء الطبيعيين ليوسف ولوقا من الجانب الآخر ذكر الاباء الشرعيين . ووصل لوقا بالنسب الشرعي للمسيح حتى ناثان بن داود , ومتى وصل بالنسب الطبيعي حتى سليمان بن داود . وتلاقي الإثنان عن داود .. وبين متى ولوقا كان المجرى يتشابه أحياناً , ثم ينقسم متنوعاً , ثم يعود فيتحد ثم ينفصل .. وبهذا سواء من الناحية الطبيعية أو الشرعية يثبت نسب المسيح .. من حيث أنه ابن لداود وابن لإبراهيم وابن لآدم .    2، 3 – الخلاف في الصعود والهبوط , وعلاقة ذلك بالعماد : وبدأ متى إنجيله بقوله " كتاب ميلاد يسوع المسيح بن داود بن ابراهيم .." . وبعد هذا مباشرة شرح الأنساب إذ قال " ابراهيم ولد اسحق ، واسحق ولد يعقوب ". وبعد أن ذكر أولئك الذين ولدوا من معاشرات فيها أخطاء , أتى في النهاية إلي إحصاء الأجيال . ثم قال مباشرة " وأما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا .." وهكذا بعد أن شرح الفساد والموت الذي مرت به كل تلك الأجيال , وصل إلي ولادة السيد المسيح الطاهرة التي من الروح القدس ومن العذراء مريم . أما لوقا فروى البشارة , وميلاد المعمدان , وميلاد المسيح وتدرج حتى وصل إلي عماد الرب في سن الثلاثين . وهنا ذكر الأنساب الشرعيين .. ويشرح القديس ساويرس بطريرك أنطاكية هذا الموضوع فيقول : إن لوقا شرح الأنساب الشرعية , التي تذكرنا بمن مات دون نسل , ثم أقيم اسمه بعد موته , بابن ينتسب إليه , بطريقه فيها مثال للتبني والقيامة .. وذكر تلك الأنساب بعدما أورد قصة العماد .. ذلك لأن المعمودية تعطي التبني الحقيقي السمائي , في إظهار أولاد الله لذلك ذكر الأنساب الشرعية التي تعطي للتبني . لإظهار أن هذا المثال قد تثبت بالحقيقة , وأن الحالة المرضية التي للناس , قد أعيدت إلي الصحة بواسطة النعمة . ولهذا السبب صعد بالأنساب من أسفل إلي فوق وأوصلها إلي الله , ليظهر أن النعمة التي تأتي بالمعمودية ترفعنا وتصعد بنا إلي النسب الإلهي ، حيث تجعلنا أولاداً لله . تماماً كما أن اتحاد الزواج الذي تم بعد كسر آدم وحواء للوصية وإنجاب البنين الذي نتج عن ذلك , جعلنا نهبط إلي أسفل . لإتمام هذه الصورة نزل متى بالأنساب الطبيعية إلي أسفل . ويقول القديس أوغسطينوس : متى ينزل بالأنساب , مشيراً إلي ربنا يسوع المسيح نازلاً ليحمل خطايانا . لأنه من نسل ابراهيم تتبارك جميع الشعوب (تك12: 3) . وهكذا لم يبدأ من آدم .


------------------------------------------------------------------------------


لماذا لم يذكر الكتاب تاريخ الثلاثين عاماً التي قضاها السيد المسيح قبل كرازته ؟ وهل ذهب خلالها إلي الصين ودرس البوذية كما يقول البعض ؟·

الكتاب المقدس لم يقصد به أن يكون كتاب تاريخ ... ولو أرادت الأناجيل ذكر جميع الأحداث والتفاصيل التاريخية " ما كان العالم يسع الكتب المكتوبة " (يو21: 25) . إن تفاصيل يوم واحد من حياة السيد المسيح علي الأرض , بما فيه من تعاليم ومعجزات , يحتاج وحده إلي كتاب .... وحتى فترة حياة المسيح بعد الثلاثين لم تسجل كلها . يكفي أن القديس يوحنا الإنجيلي قال في ذلك : "وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة فواحدة ، فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة " (يو21: 25) إنما الرسل اختاروا أحداثاً معينة تقود إلي الإيمان . وهكذا قال القديس يوحنا الإنجيلي " .. وأما هذه فقد كُتبت , لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله , ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه " (يو20: 31) . إن قصد الأناجيل أن تكون بشارة خلاص ، تحكي قصة خلاص .... لذلك بدأت الأناجيل بميلاد المسيح المعجزي من عذراء , والملائكة الذين أحاطوا بقصة الميلاد , وكذلك بنسب المسيح , وتحقيق النبوات الخاصة بميلاده ثم انتقلت إلي عماده وبدء كرازته . وكمثال لفترة طفولته ذكرت لقاءه بشيوخ اليهود وتعجبهم من إجاباته (لو2: 46) ... كمعلم في سنة المبكرة . إما إدعاء ذهابه إلي الصين ، فلا سند له ..... لا سند له من الكتاب , ولا من التاريخ , ولا من التقاليد . يقصد به أعداء المسيح أنه اخذ تعاليمه عن البوذيـة . ولذلك حسناً إن الإنجيل ذكر علم المسيح الفائق منذ صباه , حتى أنه كان مثار عجب الشيوخ , فلم يكن محتاجاً أن يذهب إلي الصين أو غيرها . وتعليم السيد المسيح أسمى من البوذية ومن أي تعليم آخر . وأي دارس يكتشف هذا السمو بما لا يقاس . وليس الآن مجال المقارنة . ولو كان هناك تشابه بين تعليمه والبوذية , لآمن به البوذيون . فهل تراه أخذ عن البوذية أيضاً معجزاته الباهرة ؟! هل أخذ منها إقامة الموتى , ومنح البصر للعميان , وانتهار البحر والمشى علي الماء , وإشباع الآلاف من خمس خبزات , وشفاء الأمراض المستعصية , وأخراج الشياطين ...وباقي المعجزات التي لا تحصى . وهل أخذ من البوذية الفداء الذي قدمه للعالم .... لا داعي إذن لأن يسرح الخيال في فترة الثلاثين سنة السابقة لخدمته . إنما يكفي أن نقول إن السيد المسيح – حسب الشريعة – بدأ خدمته من سن الثلاثين (عد4: 3، 23، 47) (1أي23: 3) . وما يلزمنا معرفته في قصة الخلاص هو رسالة المسيح بعد الثلاثين ، يضاف إليها ميلاده البتولي ، وما أحاط به من نبوءات ومعجزات . وهذا يكفي .


----------------------------------------------------------------------------


ما هي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح في فترة تجسده علي الأرض ؟·

كانت اللغة التي تكلم بها المسيح هي الآرامية . إنه التحور الذي طرأ علي العبرانية بعد السبي . وهي اللغة التي كتب بها اليهود للملك أرتحشستا وقت إعادة بناء سور أورشليم . وقد ورد ذلك في سفر عزرا (عز4: 7) . وقد كانت لغة الكلدانيين في أرض السبي أيام نبوخذ نصر ( دا2: 4) .


----------------------------------------------------------------------------




أحياناً أقف لأصلى، فلا أعرف ماذا أقول. أو أقول ألفاظاً قليلة وأتوقف. فكيف أصلى؟ وماذا أقول؟·

هناك عناصر كثيرة للصلاة، إن عرفتها يمكن أن تطول وقفتك في حضرة الله. فكثيرون يكتفون بعنصر الطلب، حتى أنهم يخلطون بين الصلاة والطلبة وإن لم يكن لهم ما يطلبونه، لا يصلون! وحتى الطلب يمكن أن يتسع فنطلب من أجل الآخرين. تطلب إلي الله من أجل الكنيسة، والمجتمع الذي نعيش فيه. وكل من تعرفهم من المحتاجين، كل واحد حسب احتياجاته: المرضى، والذين في ضيقة، والمسافرين، والطلبة.. وفي الصلاة عنصر الشكر أيضاً.. فاشكر الله علي كل أحساناته إليك وإلي عارفيك ومحبيك، بالتفصيل.. وقد وضعت لنا الكنيسة صلاة الشكر في مقدمة كل صلاة.. وفي الصلاة أيضاً عنصر الاعتراف حيث تعترف لله بكل أخطائك ونقائصك، وتطلب منه الصفح والمغفرة، كما تطلب منه القوة والعلاج، كل ذلك باتضاع وخشوع.. وفي الصلاة أيضاً عنصر التسبيح والتمجيد والتأمل في صفات الله الجميلة.. مثل عبارة "قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت. السماء والأرض مملوءتان من مجدك الأقدس. أنها ليست انسحاقا، لكنها تأمل في صفات الله.. وهناك نصيحة أقدمها لك إن كنت لا تعرف كيف نصلى وهى: أمامك الصلوات المحفوظة. وقد أعطانا الرب مثالاً لها في صلاة أبانا الذي.. ومنها أيضاً المزامير، و صلوات الأجبية، و صلوات التسبحة، والأبصلمودية. يمكنك أن تصلي بها كما تشاء، فهي مدرسة تعلمك الصلاة، وتعلمك الصلاة، وتعلمك أدب التخاطب مع الله: ماذا تقول؟ وكيف تقول.. وتفتح قلبك للتأمل في الصلاة…


----------------------------------------------------------------------------------


ألم يقل الرب "أسالوا تعطوا، اطلبوا تجدوا" (مت 7:7). وأنا قد صليت كثيراً، والله لم يستجب! فلماذا لم يستجب الله صلاتي؟ وما هي الصلاة التي يستجيبها الله؟ وكيف؟·

1- لابد أن تكون صلاتك حسب مشيئة الله. ونحن نقول في صلاتنا الربانية باستمرار "لتكن مشيئتك" وقد يكون الطلب الذي تريده خيراً. ولكن ربما يكون الله قد جهز لك ما هو أفضل منه. الله دائماً يعطينا ما يصلح لنا، وليس حرفية ما نطلبه. 2- من الجائز أنك محتاج إلي شئ من الصبر وطول الأناة. والله لم يستجب لك بسرعة، لأنه يريد أن يعملك الصبر وطول البال، فلا تتضايق. لذلك آمن، وانتظر الوقت المناسب. إبراهيم أبو الآباء طلب أبناً، واستجاب الرب لصلاته، ولم يعطه هذا النسل الصالح إلا بعد 25 سنة، علمه خلالها بطلان استخدام الوسائل البشرية. وإيليا صلي من أجل نزول المطر، حسب مشيئة الله، ولم يستجب له الله إلا بعد الصلاة السابعة، ليعلمه اللجاجة. من رأيي أن تطلب ما تشاء، وتثق أنه في يد الله، وأن الله يعطى العطية في حينها الحسن. 3- من الجائز أنك تصلي، وبينك وبين الله خصومة تحتاج إلي مصالحة. وذلك بسبب خطايا معينة، ينتظر الله أن تتوب عنها، ثم يعطيك ما تطلب. علي الأقل في هذه المناسبة التي تطلب فيها. والكتاب المقدس يعطينا أمثلة كثيرة لم يمنحها الله إلا بعد توبة ومصالحة.. 4- ربما يريدك الله أن تصحب الصلاة بصوم أو بنذر مثلاً. مثلما فعلت حنة أم صموئيل حينما صلت وهي صائمة إلي الرب، وبكت بكاءً، ونذرت نذراً…" (1صم 10:1،11). علي شرط أن يكون النذر في احتمالك ويمكنك أن تنفذه. 5- علي أية الحالات لا تشك في محبة الله. ولا تشك في استجابته. فإن الإيمان لازم لاستجابة الصلاة.


-------------------------------------------------------------------------------------


أنا طالب جامعي. وأبي يعمل تاجراً وهو غير متعلم. وأريد أن أعلمه الصلاة، فماذا أفعل؟·

يمكن ذلك عن طريق الاستلام الصوتي والترديد، مثلما يسلم العرفاء الألحان. ومثلما استلم المكفوفون ألحان الكنيسة. هذا عن الصلوات المحفوظة، مثل المزامير وصلوات الأجبية. بالإضافة إلي هذا، يمكنك أن تعلمه الصلوات الخاصة من قلبه، سواء الطلب أو شكر الله علي أحساناته، أو الاعتراف بالخطية، أو تمجيد الله. ويمكن أن تجعله يحفظ عبارة يرددها كثيراً، مثل صلاة ياربي يسوع المسيح وأمثالها.


---------------------------------------------------------------------------------


ما حدود الخشوع في الصلاة، وبخاصة حينما لا يتوفر ذلك عملياً؟·

المفروض في الصلاة، توافر خشوع الجسد والروح. أما خشوع الجسد فيتمثل في الوقفة المنتصبة، والأيدي المرتفعة إلي فوق، والسجود والركوع أحياناً، علي شرط ألا يكون هذا لمجرد الاسترخاء كما يفعل البعض… كذلك يتمثل الخشوع في ضبط الحواس فلا ينشغل البصر أو السمع في شئ آخر أثناء الصلاة. ويتمثل الخشوع أيضاً في ضبط الفكر، فلا يطيش خارج الصلاة في موضوعات أخرى. كذلك في مشاعر القلب الداخلية من مهابة واحترام لله الذي يقف المصلي أمامه. ولكن حيث لا يتوافر خشوع الجسد، يبقي خشوع الروح. مثال ذلك يصلى وهو مريض يرقد علي فراشه، أو الذي يصلي وهو علي فراشه قبيل النوم مباشرة، بعد صلاته الخاشعة أمام الله. أو الذي يصلي في طريق المواصلات، وهو جالس علي مقعده في الطائرة أو سيارته أو في الأتوبيس أو القطار، ولكن عقله منشغل بالصلاة وقلبه مرتفع إلي الله. هؤلاء جميعاً عليهم أن يحتفظوا بخشوع الروح في مشاعر القلب والفكر… الخطأ أن الإنسان يتهاون بإرادته في خشوع الجسد. أما إن كان مضطراً إلي ذلك كالأحوال التي ذكرناها، فلا لوم عليه. لأن الله يعرف حالة القلب…


------------------------------------------------------------------------------------


كيف أشعر أن الله يهتم بي، إن كنت أصلي ولا استجاب؟·

كل صلاة توافق مشيئة الله مستجابة. فإن شعرت أن صلاتك لم تستجب، فلابد أن هناك أسباباً: 1- من الجائز أن الله يعد لك خيراً أفضل مما تطلب. 2- أو أن الله سيستجيب طلبك، ولكن في الوقت المناسب حسب حكمته. فلا تستعجل ولا تقلق، إنما آمن بمحبته واستجابته. 3- تحتاج أيضاً أن تتعود انتظار الرب، كما انتظر أبونا إبراهيم وأعطاه الرب نسلاً في الحين الحسن، وكما أعطي زكريا واليصابات. 4- من الجائز أن ما تتطلبه ليس مفيداً لك,أو ليس مفيد1ً الأن. إن الله يعطيك ما ينفعك، وليس حرفية ما تطلب. 5- أو قد توجد خطية معينة تعوق استجابة صلاتك.


-------------------------------------------------------------------------------------------


كلما قرأت كتب سير القديسين، مالت نفسي إلي أن أصير مثلهم. وللأسف لا أقدر أن أفعل مثلهم. فبماذا تنصحون؟·

كثيرون من الذين كتبوا مثاليات القديسين، ذكروا ممارسات وصل إليها القديسون، ربما بعد عشرات السنوات من الجهاد، دون أن يذكروا التداريب التي سلكوا فيها، أو الخطوات التدريجية التي اتبعوها حتى وصلوا إلي ما وصلوا إليه. فهل تريد أنت- بمجرد القراءة – أن تمارس – دفعة واحدة – ما وصل إليه القديسون، في عشرات السنوات؟! ضع أمامك الفضيلة، ولكن الوصول إليها يحتاج إلي أمرين: (أ) تدرج (ب) إرشاد روحي (ج) أنظر أيضاً إلي نقطة ثالثة هي مدي مناسبة هذه الفضيلة لك أنت بالذات، في نوع حياتك، الذي قد يختلف عن نوع حياة القديس الذي تقرأ له. فمثلاً الصمت والصلاة الدائمة، يناسبان حياة الوحدة، ولكن من الصعب ممارستها في الخلطة من الناس، وإلا يقع الشخص في إشكالات عملية، وربما يصطدم مع الناس.. كذلك الأصوام الانقطاعية الشديدة، ربما تناسب من يحيا حياة الانفراد، ولا تناسب حياة من يبذل مجهوداً جسمانياً كبيراً، أو من هو في سن النمو… عموماً، من المفروض أنك في كل ممارستك الروحية، تكون تحت إرشاد أب حكيم مختبر، ولا تسلك حسب هواك لأن "الذين بلا مرشد، يسقطون مثل أوراق الشجر". والمرشد سيحميك من التطرف، ومن الانحراف اليميني، ومن المغالاة ومن القفزات الفجائية التي ليس لها أساس. لذلك لا تحزن إن كنت لا تستطيع الآن أن تنفذ كل ما تقرأه عن القديسين. ربما تستطيع فيما بعد، بالتدريج. كذلك نلاحظ أن كل قديس، كانت له فضيلته التي نبغ فيها، فهل تريد أنت أن تجمع جميع الفضائل لجميع القديسين، الأمر الذي يندر حدوثه.. كن معتدلاً..


-----------------------------------------------------------------------------------------


كلما تقربت إلي الله، ازدادت علي التجارب والمتاعب والضيقات، حتى سئمت الحياة ومللتها، ولم أجد لي مخرجاً إلا الابتعاد عن الله لكي أستريح مثل سائر البشر المبتعدين..! فما معني أن يأخذ مني الله هذا الموقف؟·

حينما تسرين في طريق الله، وتنمو حياتك الروحية، حينئذ تحسدك الشياطين، وتحاول أن تبعدك عن طريق الله، بأمثال هذه المتاعب التي تصادفينها. فإن ابتعدت عن الله، وتركت الطريق الروحي، تكونين قد حققت للشيطان رغبته، ويكون قد غلبك في المعركة. اسمعي قول الرسول "لا يغلبنك الشر، بل أغلب الشر بالخير". إن قامت عليك المتاعب، اصبري، وازدادي في عمل الخير بالأكثر حينئذ ييأس الشيطان منك، ويرى أن المتاعب أتت بنتيجة عكسية، فيتركك ويبحث عن وسيلة أخرى. وثقي أن النعمة ستقف إلي جوارك وتسندك وتعطيك الغلبة. وهكذا ييأس الشيطان منك بدلاً من أن تيأسى أنت مكن مراحم الله. إن صبر الله وعدم تدخله لإنقاذك من بدء المتاعب، إنما لاختبار قلبك ومدي تمسكه بالله.. ولا تظني أن المبتعدين عن الله يعيشون في راحة.. في داخلهم ضميرهم يتعبهم ولا يستريحون. وفي الأبدية سيعيشون في تعب دائم. وعلي الأرض أيضاً الخطية تؤدى إلي متاعب كثيرة. وإن كانت هناك راحة فهي راحة زائفة.. وثقي أن كل تعب من أجل الرب له أجره. هنا علي الأرض، وهناك في السماء. حيث يأخذ كل واحد أجرته بحسب تعبه (1كو3). إن قصة الغني ولعازر المسكين تعطينا صورة واضحة عن هذا الموضوع. والسيد المسيح قال لنا "في العالم سيكون لكم ضيق". ولكنه وعدنا بأنه حتى شعور رؤوسنا محصاة. ووعدنا بتعزياته الكثيرة، وبأنه سيقودنا في موكب نصرته. ثم عليك أن تتفهمي جيداً أن متاعبك ليست من الله، وإنما من الشيطان الذي يحسدك. ومعلمنا يعقوب الرسول يقول "لا يقول أحد إذا جرب، إني أجرب من قبل الله" (يع 31:1). فهل تتركين الله الذي لم يتعبك، وتنضمين للشيطان الذي أتعبك؟ وتكونين كمن يعادي أصدقاءه، ويصادق أعداءه؟ لذلك احتملي، وخذي بركة التعب وإكليله، وثقي أن الله سيريحك، لأنه قال "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال، وأنا أريحكم".. وقولي لنفسك: ما هي متاعبي إلي جوار تعب القديسين والشهداء من أجل الرب؟!


---------------------------------------------------------------------------------------------------


يقول الكتاب "كونوا كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل": فما هو هذا الكمال، وكيف يصل الإنسان إليه؟ ومتي نقول عن إنسان إنه كامل؟·

الكمال المطلق هو لله وحده، ولا يمكن أن يصل إليه إنسان، لأننا كلنا في الموازين إلي فوق. أما الكمال الذي يصل إليه الإنسان، فهو الكمال النسبي. أما ما يمكن أن يصل إليه من كمال، فبالنسبة إلي قدراته وإمكانياته، ودرجة النعمة الممنوحة له.. وقد قال الرب عن أيوب الصديق "إنه رجل كامل ومستقيم، يتقي الله ويحيد عن الشر. وقال إنه ليس مثله في الأرض" (أي8,1:1). وكمال أيوب طبعاً هو كمال نسبي، وليس الكمال المطلق. وبهذا المعني كان نوح رجلاً باراً وكاملاً (تك 9:6). وكان يعقوب إنساناً كاملاً (تك 27:25) مع أنه كانت له بعض الضعفات ولكن الله يحكم علي كل إنسان بالنسبة إلي إمكانياته وإلي عصره ومستواه وإلي عمل الروح معه.. وقد يكون الكمال صفة بالنسبة إلي وصية معينة، مثلما قال السيد المسيح للشاب الغني "إن أردت أن تكون كاملاً، اذهب بع كل مالك وأعطه للفقراء" (مت 21:19). وواجبنا أن نسعى إلي الكمال، وليس لنا أن نقول إننا وصلنا إليه، فالكمال درجات كلما يصل الإنسان إلي واحدة منها، يجد كمالاً آخر أعلي وأبعد، في انتظاره، ويكون كمن يطارد الأفق. أنظر إلي بولس الرسول الذي صعد إلي السماء الثالثة، والذي تعب أكثر من جميع الرسل، فإنه يقول: "لست أحسب إني قد أدركت أو قد صرت كاملاً، ولكن أسعى لعلي أدرك.. افعل شيئاً واحداً، أنسى ما هو وراء، وأمتد إلي ما هو قدام" (في 15,12:3). فإن كان القديس بولس العظيم لا يحسب أنه قد صار كاملاً، إنما يسعى لعله يدرك، فماذا نقول نحن؟ ومع ذلك فإن بولس يقول بعد ذلك مباشرة "فليفتكر هذا جميع الكاملين منا" أي جميع من يحسبون أنهم قد صاروا كاملين، أو جميع الذين يحسبهم الناس أنهم كاملين.. إن طالباً في الابتدائية قد يأخذ الدرجة النهائية في الرياضيات فيقولون أنه كامل بالنسبة إلي هذا المستوي، وقد لا يفقه شيئاً في المستوي الأعلى. وهكذا قد يرتقي من مستوي الكمال في الابتدائية إلي مستوي الكمال في الإعدادية، ثم في الثانوية ثم في الجامعة.. وكله كمال نسبي، ومع ذلك لا يحسب أنه قد صار كاملاً في الرياضيات فهناك مستويات ما تزال أعلي منه…


---------------------------------------------------------------------------------------


هل ما يطلبه الله من الآباء الرهبان أكثر مما يطلبه من العلمانيين في الصلوات والصوم والنسك وغير ذلك؟·

نعم، إن الرهبان مطالبون بأكثر، لأنهم في حالة تفرغ كامل للرب، بعكس العلمانيين الذين لهم شواغل تعطلهم. ومع ذلك فالجميع مطالبون بالقداسة والكمال.. قال الرب يسوع "كونوا كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" "كونوا قديسين، كما أن أباكم الذي في السموات هو قدوس"، وهذه الوصية للكل، قبل أن تنشأ الرهبنة. علي أن درجات الكمال والقداسة تختلف من شخص لآخر. من جهة الصلوات، فالصلوات السبع يطالب بها كل مؤمن، وكان يصليها داود النبي الذي كانت له زوجات عديدة، ومع ذلك قال "سبع مرات في النهار سبحتك علي أحكام عدلك". وكذلك صلوات الليل هي للكل، وقد صلاها داود النبي. أما الرهبان فطقسهم هو الصلوات الدائمة التي لا تنقطع. هذا الأمر الذي لا يستطيعه العلمانيون من أجل الضرورة الانشغال بالعمل والأسرة والنشاط والخدمة. ومع ذلك فإن الوصية "صلوا كل حين ولا تملوا" (لو 1:18) ووصية "صلوا بلا انقطاع" (اتس 17:5) قد أمر بها جميع الناس قبل الرهبنة.. فكل إنسان عليه أن يداوم علي الصلاة علي قدر إمكانه.. أما عن الصوم، فجميع أصوام الكنيسة يطالب بها جميع المؤمنين، ما عدا المرضي والأطفال والرضع والحبالى والمرضعات والعجائز. ولكن الرهبان لهم طقسهم الخاص في درجات الانقطاع، التي يصل بعضهم فيها إلي طي الأيام، كما أنهم يمتنعون عن المشتهيات من الطعام. وهناك أديرة لا تأكل اللحوم إطلاقاً.. وكذلك نسك الرهبان في الملبس، يختلف عن نسك العلمانيين، الذين يعيشون في مجتمع له متطلبات خاصة..

------------------------------------------------------------------------------------------


بدأت في تنفيذ برنامج روحي بكل حماس. ولكن لم تمض بضعة أيام، إلا وأصابني فتور ولم استمر.. أرجو المشورة؟·

اعلم أن كل تدريب روحي تمارسه، يقابله حسد ومقاومة من الشياطين. فالشياطين لا يريحهم أن تفلت من أيديهم بتنفيذ برنامج روحي، أو بالسير في تدريب روحي، لذلك يقاومونك حتى تفشل وتقع في اليأس، وتبطل عملك الروحي ولا تستمر، كما حدث لك. أما أنت، فعليك أن تصمد وتقاوم، وتستمر في برنامجك مهما كانت الحروب الخارجية. فهذا هو الجهاد الروحي.. قاوم التعب، وقاوم الفتور. ولا تظن أن كل البرامج الروحية لابد أن تمر سهلة!! وإذا أنكسر التدريب الروحي لا تيأس. قم وأبدأ من جديد. نقطة أخرى: وهو أن التدريب الروحي، يجب أن يكون في مستوي قدرتك، وفي مستوي درجتك الروحية. فمن الجائز إن سلكت في تدريب صعب بالنسبة إليك، أن تتعب ولا تستمر ولذلك كان الآباء الروحيين يتدرجون مع أبنائهم. يعطونهم تداريب في مقدورهم فإن نفذوها، واستمروا فيها فترة طويلة، حتى صارت طبيعية بالنسبة إليهم… حينئذ يرفعونهم قليلاً قليلاً، درجة درجة. بزيادة بسيطة ممكنة، حتى يتقنوها حينئذ يرفعونهم قليلاً قليلاً، درجة درجة.تماماً، فيزيدونها قليلاً ولفترة طويلة، وهكذا يأخذون بأيديهم خطوة خطوة حتى يصلوا، وليس بطفرة أو قفزة عالية مرة واحدة..! فليس هذا هو المنهج الروحي السليم. سهل جداً أن يستمر شخص يومين أو ثلاثة في تدريب صعب، ثم يفشل.. ولعل البعض يحفظ هذا المثل المعروف: قليل دائم، خير من كثير متقطع. إذن لا تبدأ بوضع مثالي خيالي لا تستمر فيه، بل أبدأ بالوضع الممكن عملياً، الذي لا يرهقك ولا تسلك فيه بمشقة زائدة لا تستطيع أن تحتملها طويلاً.. سواء في تدريب الصلاة أو الصوم أو الصمت أو القراءة أو الوحدة.. ولا تحاول أن تنفذ الدرجات التي ذكرت في البستان، وقد وصل إليها الآباء بعد جهاد طويل لم يسجله تاريخهم. كذلك فإن الطفرات السريعة، ربما تتسبب في حروب المجد الباطل. علي الرغم ما أنها صعبة، وغير ثابتة.. أما التداريب التدريجية بالارتفاع البطئ فهي أكثر ثباتاً، ولا تجلب لك حروباً من العظمة وافتخار الذات. ولتكن تداريبك تحت إرشاد من أب مختبر. وليكن الرب معك.


------------------------------------------------------------------------





إحدى قريباتي تمت خطبتها رغم إرادتها . وذلك بالضغط عليها من أهلها. وهربت من المنزل كثيراً لهذا السبب . وفي كل مرة كنت أرجعها إلى أهلها . وطلب وكيل المطرانية خطابات من خطيبها ليفك الخطوبة , علماً بأنه يعمل بالخارج . والوكيل لا يريد أن يفك الخطوبة . ونخشى على هذه الإبنة من تكرار الهروب . فماذا نفعل ؟·

1- الخطبة ليست قيداً وليست عقداً . ولا يشترط لفكها رضاء الطرف الأخر . هي مجرد وعد بالزواج . وفترة الخطوبة هي فترة اختبار , ليرى فيها كل طرف إن كان يستطيع أن يحيا في الزيجة طول العمر مع الطرف الأخر أم لا . هي إذن ليست قيداً عليه . إن أراد أن يفك , يمكنه ذلك . 2- وليس من حق وكيل المطرانية أن يرفض فك الخطوبة . ولا يتوقف الأمر على رضا الخطيب . كل ما في الأمر أن الخطيبة إذا طلبت فك الخطوبة , تفقد الشبكة والهدايا الثابتة غير المستهلكة . ويمكن لوكيل المطرانية أن يأخذ عليها تعهداً برد الشبكة والهدايا . أو تركهما في المطرانية كوديعة إلى أن يأخذها الخطيب عندما يرجع من الخارج . 3- كذلك فإن تأخير فك الخطوبة , تضيع فرصاً على الخطيبة في خطبة أخرى . والمعروف أن البنات ظروفهن غير الرجال في الزواج , سواء من جهة السن , أو من جهة الفرص المتاحة . فتأخير فك الخطوبة ليس من صالح الفتاة . وفيه ضرر يحيق بها , لا يجوز لرجل الدين أن يسمح به . 4- لذلك يمكن للفتاة أن تقدم شكوي إلي أسقف الأيبارشية أو إلي البطريركية . وذلك إذا أصر وكيل المطرانية على عدم فك الخطوبة . أوتقدم شكوي إلي المجلس الإكليـريكي لفك هذا النزاع . وإعطاء الفتاة الحق في أن تتزوج من تريد في حدود وصايا الرب . 5- إن الزواج لا يمكن أن يتم بالإرغام . وعدم الرضا سبب لبطلان الزواج . أي أنه يجب أن يثبت رضا الطرفين في عقد الزواج . وإذا حدث الزواج بالإرغام يمكن أن يحكم القضاء ببطلانه . فكم بالأولى الخطبة .. ولا يصح أن يعلق الفتاة , ونضيع عليها الفرص بدون وجه حق . ولا يجوز لخطيب أن يظلم خطيبته ويعلقها . وبالحرى لا يجوز لرجل الدين أن ينضم إلى مثل هذا الخطيب , ويطلب موافقته أو يشترط ذلك ... 6- أما إذا كانت بينهما مشاكل مالية , فهذه لا علاقة لها بالخطوبة ... المشاكل المالية موضوع مستقل تماماً عن موضوع الخطوبة . وتوجد طرق أخرى لحله . ومن حق الخطيب أن يرفع قضية للحصول على ماله , إذا لم تستطع الكنيسة بطرقها الروحية أن تعطيه حقوقه . وهروب الخطيبة من البيت , لا يدل على أنها السبب في هذه المشاكل . ربما تتعلق هذه المشاكل بأسرتها... 7- إن هروب الفتاة درس لكل أبوين . في عدم إرغام ابنتهما على الزواج . ليس من حقهما مطلقاً أن تطيعهما الأبنة في الزواج بمن لا تريده ولا تحبه . ولا يصح أن يرغمها أحد الأبوين إرغاماً مادياً أو أدبياً أو نفسياً أو يهدداها بمرض أحدهما , أو بضياع الأسرة أو بالعقوق . لأنه لا يجوز أن تكون الفتاة ضحية لضغط أو لتهديد الوالدين . فلو فرض وضغطت على نفسها وأطاعتها . ثم فشل الزواج وعاشت تعيسة فيه , على من تقع المسئولية في تعاستها ؟ وهل يستريح ضمير الوالدين لذلك ؟ أم أن الله يطالبهما بدم هذه الفتاة ؟ ولا يقل أحد أن المحبة ستأتي بعد الزواج كلا فهذه مغامرة غير مضمونة مطلقاً .. لا يصح أن يعلق مستقبل حياة بأكملها على مثل هذا الإفتراض, الذي غالباً لن يتحقق , وخصوصاً مع فتاة هربت من البيت لهذا السبب .. وإن ضرب البعض أمثلة بحالات أخرى , تم فيها الزواج بالإرغام , وإستمر.. نقول لهم : ربما كان ذلك خضوعاً للأمر الواقع , مع عذاب داخل القلب . وهذا عمل غير إنساني .


---------------------------------------------------------------------------------


نذرت أن أصوم صوم العذراء 21 يوماً بماء وملح . ولم أتمكن لأن صحتي لم تساعدني . فهل أحوله إلى صوم عادي ؟ أم ماذا أفعل ؟·

المفروض أنك لا تنذر إلا ماتستطيع الوفاء به . لذلك فالتسرع في النذر ــ بغير تفكير ــ هو أمر خاطيء . فكر جيداً قبل أن تنذر . لا أن تنذر ثم تفكر ماذا تفعل . والكتاب يقول "خير لك أن لا تنذر . من أن تنذر ولا تفي" ( جا 5 : 5 ) ومع ذلك أقول لك: إن عبارة "صوم بماء وملح" أصطلح الناس على أنها صوم بغير زيت . والأمر ليس صعباً كما تقول . ففي الصوم بماء وملح تجوز الفاكهة والخضروات , والخبز طبعاً, والطبيخ بغير زيت , والبقوليات . وكلها أمور نافعة للصحة . وليس الزيت هو الذي يقيم قوتك , إستعض عنه أحياناً بالليمون . وإن تعبت , لا تكسر نذرك . إحتمل قليلاً وسوف تتعود وتقدر . وثق أنك إذا تعبت وإحتملت , فإن رحمة الله لن تتركك , وستعطيك القوة لكي تكمل ... وإلا كيف كان يسلك المتوحدون , وكذلك النباتيون ؟ وماذا أيضاً عن صوم أسبوع الألام , وهو أشد بكثير صوم الماء والملح , وليست فيه فاكهة ولا سكريات على الإطلاق , والناس يحتملون هذا الصوم بكل ارتياح ولا يكسرونه .. ؟


--------------------------------------------------------------------------------


عندي وقت كثير ، ولا أعرف ماذا أعمل فيه ؟·

ماأسعد , إذ عندك وقت . هناك من تثقلهم المسئوليات والمشغوليات , ولا يجدون لها وقتاً , ويتمنون ماعندك. إستغل وقتك من أجل فائدتك الشخصية , ومن أجل فائدة الأخرين . استفد من الوقت في نمو نفسك روحياً , وفكرياً , ودراسياً , ورياضياً , أيضاً إن كنت من هواة ذلك . هناك من يستغل الوقت لأجل ثقافته , وزيادة معلوماته , مما يفيده ويوسع مداركه , أو يزيد مواهبه وإمكانياته . كمن يتعلم الكمبيوتر , أو تلكس , أو ألة كاتبة , أو لغة أجنبية . يمكن أن يستفيد من الوقت روحياً : في قراءة الكتاب المقدس , وقراءة سير القديسين , وفي حفظ المزامير والصلوات والألحان وبعض أيات وفصول من الكتاب . ويمكن أن تستغل وقتك في الخدمة : في الإفتقاد , وزيادة الحالات المحتاجة , وحل مشاكل الأخرين , وما تتطلبه الكنيسة من خدمات .... يمكن أن تستفيد روحياً أيضاً , بتقضية الوقت في الصلاة , والتأمل , وحضور القداسات والإجتماعات الروحية . وإن كنت خادماً , يمكن أن تقضي وقتاً في تحضير دروس للخدمة . ويمكن أن تقضي وقتاً في مكتبة الكنيسة أو أية مكتبة دينية أخري متاحة لك . هناك من يقضي وقت فراغه في عمل إضافي يكتسب منه إيراداً يساعده في حياته , أو يساعد به إسرته وعلى أية الحالات يمكنك الإستفادة من الوقت حسبما يناسب سنك وروحياتك وثقافتك ومواهبك وهواياتك . فبعض الناس مثلاً لهم هوايات فنية أو أدبية يستغلون فيها وقتهم , كالرسم مثلاً , أو الموسيقى , أو كتابة القصص , أو تأليف الشعر والتراتيل . ولكن إحترس من أن تقضي وقتك فيما يضرك . إحترس من أن تقتل وقتك فيما يقتل روحياتك : في أفكار شريرة , أو في أحلام اليقظة . كذلك لا تقضي وقتك في مشاعر الضجر والسأم والقلق , أو طياشة الأفكار . كما لا تقضي وقتك من أصحاب السوء . ليكن وقتك معك ، ولا ضدك .


------------------------------------------------------------------------------


إلى أي مدي يكون التعارف في فترة الخطيبة ؟وهل خروج الخطيبين معاً حرام ؟·

خروجهما معاً ليس حرام بشرط أن يكون ذلك بمعرفة عائلة الخطيبة , وبشرط عدم الوقوع في أخطاء عاطفية . فترة الخطوبة هي فترة تعارف . فيها كل من الخطيبين يعرف الأخر , ويرى هل يمكن توافق من طبعه أم لا. ولكن كيف يمكن لهما أن يدرس كل منهما نفسية الأخر وأسلوبه وطبعه , إن لم يخرجا معاً ...! بعض العائلات تسمح لهما بالإلتقاء في البيت . وبعض العائلات يسمح بهذا الخروج في صحبة أخ أو أخت للخطيبة . ولا شك أن في هذا لوناً من التضييق لا يسمح بالتعارف الكامل . المهم في الأمر أن تكون الخطيبة حريصة على عفتها . فلا تسبب في أمور عاطفية , ربما تسبب فسخ الخطوبة فيما بعد , كما لا تعطي خطيبها فكرة حسنة عن أخلاقيتها . كما أن هذه الممارسات العاطفية لا تعطي فرصة كل منهما لدراسة الأخر ومعرفة طبعه وعقليته ونفسيته وصفاته الأخرى.. وبعد ذلك قد تنكشف الحقيقة بعد الزواج , ويحدث الخلاف , ولا يوجد علاج ..


--------------------------------------------------------------------------------


ما ذنب يعقوب في أنه أطاع أمه رفقة في الحيلة التي دبرتها له وخدع بها أباه لينال البركة فعاش حياة كلها تعب ( تك 47 : 9 ) , وخدعه خاله لابان في زواجه ( تك 29 : 25 ) وغير أجرته عشر مرات (تك 31 : 41 ) كما خدعه أبناؤه وقالوا له إن يوسف قد إفترسه وحش رديء ( تك 37: 31ــ33 ) . وتركوه ينوح عليه ويرفض أن يتعزى ( تك 27: 24،35 ) . فهل كان ممكناً أن يخالف أمه في أمر كان هو إرادة الله فيه ، منذ الحبل به ( تك 25 : 23 ) ؟ ·

نعم كانت إرادة الله أن ينال يعقوب البركة . ولكن لم تكن إرادة الله أن يخدع يعقوب أباه . وكان يعقوب يعلم تماماً إن خداعه لأبيه خطية كبيرة يمكن أن تحل عليه اللعنة بسببها بدل البركة (تك27 : 12 ) . ولهذا ماكان يجوز له أن يطيع أمه في خطية . والمعروف أنه "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" ( أع 5 : 29 ) . وقد قال الرب : "من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني" ( مت 10 : 37 ) . الطاعة للأم واجبة , ولكن داخل نطاق وصية الرب . ولا تكون طاعة في خطية . ولذلك قال الرسول "أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب , لأن هذا حق" ( أف 6 : 1 ) . ونركز هنا على عبارة ( في الرب ) . لأن خارج ذلك لا تكون طاعة . تقول ماذنب يعقوب ؟ أقول لك ذنبه أنه خدع أباه , حتى لو كان ذلك بتدبير أمه . كان يمكنه أن يمتنع ويقول لأمه "لا أستطيع أن أخدع أبي" وفعلاً هو إعترض , ولكنه إستسلم للخديعة التي دبرتها أمه بعد قولها له "لعنتك على ياإبني" ( تك 27 : 13 ) . وفي الواقع كانت في قلبه رغبة هي التي جعلته يطيع الخديعة التي دبرتها أمه . بدأت هذه الرغبة منذ أنتهز جوع أخيه , فطلب منه أن يبيع له البكورية بأكلة عدس ( تك 25 :29ــ34) فبالإضافة إلى أنه أطاع أمه فيما ألبسته ملابس عيسو , وكست يديه وعنقه بجلد الجدي المشعر , فإن حديثه مع أبيه كان كله كذباً بقوله "أنا عيسو بكرك . قد فعلت كما كلمتني . قم إجلس وكل من صيدي .. الرب إلهك قد سر لي" ( تك 27 : 19 ــ 24 ) وكرر الكذب حينما عاد أبوه يسأله ( تك 27 : 24 ) . ذنب يعقوب ليس فقط طاعة أمه في الخطأ . إنما أيضاً كذبه , ولجوءه إلى طرق بشرية غير إلهية . وأيضاً إستغلاله عمي أبيه , وواضح أن أباه كان متشككاً ...


-----------------------------------------------------------------------------------------


أنا إنسان صريح أحب الصراحة . ولا أحب أن أكون بوجهين : أجامل الغير بأحد الوجهين , بينما أتضايق من أخطائه .. ومع ذلك فإن هذه الصراحة تسبب لي مشاكل مع من أصارحهم برأي فيهم أو في تصرفاتهم . فهم يتبعون , ويسببون لي متاعب .فماذا أفعل ؟ هل من الحرام أن أتكلم بصراحة ؟·

الصراحة ليس حراماً . لكن المهم مع من تكون ؟ وكيف تكون ؟ وما هو الأسلوب الذي تتكلم به , أثناء صراحتك مع غيرك ؟ هو أسلوب لائق أو غير لائق ؟ وهل هو أسلوب جارح , أو إسلوب قاس ؟ وهل يشمل إتهاماً ظالماً ربما بسبب معلومات غير سليمة قد وصلت إليك ؟ وهل أنت في صراحتك تتدخل فيما لا يعنيك ؟ وتتجرأ على ماهو ليس من إختصاصك ؟ كذلك أعرف الأسلوب الذي تتكلم به في صراحة ، مع شخص أكبر منك سناً أو مقاماً أو مركزاً : لا شك أن الصراحة معه تختلف عن صراحتك مع شخص في نفس سنك ومركزك , وتختلف عن صراحتك مع صديق ، توجد بينك وبينه دالة . وتسمح هذه الدالة أن تستخدم معه ألفاظاً لا تستطيع أن تستخدمها مع شخص كبير . إنك تستطيع في صراحتك أن تقول لصديقك "أنت غلطان" . وقد لاتستطيع أن تقولها لوالدك أو عمك , أو أي شخص له مهابة في نظرك . والصراحة أيضاً تحتاج إلى أدب في المخاطبة . ويلزمك فيها أن تكون حريصاً على إنتقاء الألفاظ . بحيث تستخدم ألفاظاً تصل بها إلى هدفك , دون أن تهين من تكلمه أو تجرحه أو تسيء إليه , لأن هذا غير لا ئق . لأن هناك أشخاصاً في صراحتهم يستخدمون ألفاظاً كرجم الطوب . ويحاولون أن يخفوا أخطاءهم هذه تحت إسم الصراحة !! وتكون إدانتهم , ليس على صراحتهم , إنما بسبب عدم حرصهم على أدب التخاطب في الصراحة , أو بسبب عدم اللياقة ... كذلك ينبغي أن تكون الصراحة في حكمة , حسب هدف روحي سليم . فهل الهدف هو التوبيخ والإهانة ومجرد النقد ؟ أم الهدف هو تبليغ رسالة معينة ؟ أم الهدف هو العتاب والتصالح . فإن كان الهدف سليماً , تكون الوسيلة الموصلة إليه سليمة أيضاً وتأتي بنتيجة طيبة . أقول هذا لأن البعض يظن أن هدف الصراحة هو توبيخ المخطيء أو من يظن أنه مخطيء , كما يفتخر أحدهم بصراحته قائلاً : أنا إنسان صريح : أقول للأعور أنت أعور , في عينه . فهل ياأخي إن قلت للأعور هكذا , تكون قد كسبته أم خسرته ؟ وهل لو عايرته بعبارة أنت أعور , تكون صراحتك هذه سبباً في إرجاع البصر إلى عينه العوراء !! أم هي صراحة لمجرد التجريح والإهانة والإيذاء ؟ ! وبلا فائدة تجنيها منها . مثل هذا الإنسان ( الصريح ) , يرى الصراحة إثباتاً لجرأته وشجاعته . فلو كان السبب هو الذات فقط , لا تعد صراحته فضيلة . أما الصراحة التي قال بها المعمدان للملك هيرودس "لا يحق لك أن تأخذ إمرأة أخيك" ( مر 6 : 18 ) , فقد كانت درساً للأجيال كلها في تحديد موقف الشريعة الإلهي من زواج خاطيء . كما لا ننسى أن يـوحنا المعمدان كان نبياً , بل أفضل من نبي ( مت 11 : 9 ) وبهذا الوضع كان له السلطان أن يوبخ .. فهل أنت لك السلطان , الذي به تستطيع أن توبخ , وفي صراحة ؟! إذن إذا تكلمت مع من هو أكبر منك , فأخلط صراحتك بالأدب والحكمة . وأمامك مثال أبيجايل في حديثها مع داود النبي : قامت بتبليغه الرسالة , وحذرته من الإنتقام لنفسه وإتيان الدماء . ولكن في منتهى الأدب والتواضع . سجدت عنه قدميه , وقالت له "علي أنا ياسيدي هذا الذنب . ودع أمتك تـتكلم في أذنيك , وإسمـع كلام أمتك" ( 1 صم 25 : 23 ، 24 ) . ولم تخاطبه إلا بعبارتي سيدي , وأمتك . وكانت تخلط الصراحة في تحذيره من الخطأ , بالمديح والإعتراف بعظم مركزه . وإشعاره بأنها تريد له الخير . وتخشى أن يكون إنتقامه معثرة قلب له حينما يقيمه الرب رئيساً لشعبه . وهكذا صارحته بكل إجلال وإحترام له , وبإقناع , ومركزها تحت قدميه . وهكذا تقبل منها داود هذه الصراحة وطوبها , وقال لها "مبارك عقلك , ومباركة أنت , لأنك منعتني اليوم عن إتيان الدماء , وإنتقام لنفسي" ( 1 صم 25 : 33 ) . حقاً ، إن هناك فرقاً بين الصراحة , وسلاطة اللسان . في الصراحة مع الكبار , ينبغي أن يحتفظ الإنسان بإحترامه لهم , وبتواضع قلبه وتواضع لسانه . ولايجوز له أن يرتئي فوق ماينبغي بل يرتئي إلى التعقل(رو3:12) . ومادام يعتبر الصراحة فضيلة , في الشهادة للحق , فلا يجوز أن يجعل فضيلة تضيع منه فضيلة أخرى . أعني الشهادة للحق لا يجوز أن تضيع الأدب والإتضاع ... أما عن إسلوب الصراحة إذ تكلم به الكبير مع الصغير . فأعمق مثل له حديث السيد المسيح مع السامرية . لقد كلمها عن حالها , في صراحة كشفت خطيئتها "كان لك خمسة أزواج . والذي لك الأن ليس هو زوجك" ( يو 4 : 18 ) . قال بأسلوب غير جارح , إذ إستخدم عبارة ( أزواج ) بدلاً من أية كلمة أخرى تخدش شعورها . وكذلك عبارة ( الذي لك الأن ) . كما أنه غلف عبارته الصريحة بكلمتي مديح من قبل وبعد : إذ بدأ بعبارة "حسناً قلت ليس لي زوج" وختم بعبارة "هذا قلت بالصدق" ..... لهذا لم تتعب المرأة صراحة الرب معها . بل على العكس قالت له "ياسيد أرى أنك نبي" ( يو 4 : 19).


--------------------------------------------------------------------------------


أخي مهاجر إلى أستراليا , وأرسل لي أوراق للهجرة . وأنا متزوج , ولي بنت عمرها 12 عاماً وولد عمره عشرة أعوام . فهل أهاجر أم أبقى في مصر ؟ بماذا تنصحني ؟ علماً بأن سني لا يسمح لي أن أبدأ من جديد , وأنا خائف من تقديم أوراقي .·

نقطة مبدئية أحب أن أقولها لك : هل أخوك في المهجر قد وجد لك وظيفة هناك ؟ لأنه معنى أن تهاجر ولا تجد لك وظيفة , وإن أردت العودة إلى مصر , تكون وظيفتك فيها قد شغلها غيرك؟ في أستراليا , شهاداتنا العلمية المصرية غير معتمدة . فلا الطبيب يستطيع بشهادته المصرية , أن يشتغل طبيباً , ولا المهندس يشتغل مهندساً.. ولا بد من إجتياز إمتحان صعب جداً , والنجاح فيه نادر... ومن أجل هذا , عندما كنت في أستراليا , تقابلت مع رئيس الوزراء الفيدرالي , ووزير التعليم , وبعض وزراء الولايات , ووزراء الظل ( وزراء المعارضة ) لأبحث معهم موضوع إعتمادات الشهادات . لهذا أحب أن تتأكد تماماً من هذه النقطة قبل سفرك . ولا تعتمد على مجرد الوعود فهي ليست مضمونة .... النقطة الثانية هي إتقان اللغة الإنجليزية . وهي اللغة الإنجليزية باللهجة الأسترالية . وهناك ثلاث لهجات للغة الإنجليزية تختلف بعض الشيء . وهي لهجة إنجلترا , ولهجة أمريكا , ولهجة أستراليا .. على أية الحالات إن لم تكن تتقن الإنجليزية, فسوف تواجه صعوبات في الحياة هناك , وكذلك أولادك . نقطة أساسية أخرى من جهة مستقبل وتربية بنتك وإبنك . من جهة إتقانهما للغة الإنجليزية . من جهة إعتماد دراستهما والمرحلة التي يلتحق بها كل منهما ... ونقطة خطيرة أخرى وهي الناحية الأخلاقية . وهي موضوع صعب جداً وخطير سواء في أمريكا أو أستراليا أو أوروبا . وسهولة الإنحراف هناك . والتعرض للسقوط في غاية السهولة . بل الذي لا يقبل السقوط يعتبرشاذاً هناك !! لذلك أحب أن أذكرك يقول الشاعر : قدر لرجلك قبل الخطو موضعها .. تشاور مع أخيك على هذه النقاط , قبل أن ترسل أوراقك للهجرة .


--------------------------------------------------------------------------------------


هل أعاتب صديقاً لي إذا أخطأ في حقي ؟ أم أحتمل إساءته وأصمت ؟·

يمكن أن تعاتبه إن كان من النوع الذي يقبل العتاب وإن كان العتاب يأتي بنتيجة طيبة . وذلك لأنه ليس كل إنسان يقبل العتاب . فهناك من تعاتبه , فيثور ويحاول أن يبرر نفسه , ويكثر الجدل.. ويعتبر أنك تتهمه وتظلمه . وينتهي العتاب بنتيجة أسوأ . وقد قال الشاعر: ودع العتاب فرب شر كــان أولــه العتـــابـــا أما الصديق الواسع الصدر , المحب , الذي يقبل العتاب بصدر رحب وبموضوعية , فيمكن أن تعاتبه وتصفي الموقف معه . وقد صرح السيد الرب بالعتاب فقال : " إن أخطأ أخوك , فإذهب وعاتبه , بينك وبينه وحدكما . فإن سمع منك , فقد ربحت أخاك" ( مت 18 : 15 ) . وهنا يضع السيد شرطاً , أن يكون العتاب بينكما سراً . لأن البعض لا يقبل أن يظهر مخطئاً أمام الأخرين , بينما يقبل ذلك "بينك وبينه وحدكما" . ومع كل ذلك فإن السيد يقول إن نتيجة العتاب غير مضمونة . وذلك بقوله : "فإن سمع لك" . هنا وأقول نقطتين هامتين في العتاب : الأولى : هي إسلوب العتاب . فهناك من يعاتب في محبة , وقد يبدأ بذكر محاسن الصديق ومواقفه الطيبة , قبل أن يذكر نقطة العتاب .. بهذا يكون أسلوبه مقبولاً .. بينما هناك من يعاتب في عنف . وبألفاظ جارحة , وكأنما ينتقم لنفسه أثناء العتاب , ويحط من شأن صديقه . فلا يقبل ذلك منه , ويرد عليه بالمثل ,ويشتعل الموقف . إذن إذا عاتبت , عاتب رقيق مقبول : النقطة الثانية : وهي سبب العتاب . المفروض أن يكون ذلك لسبب يستحق العتاب , وليس على أمور بسيطة تدخل تحت عنوان "المحبة تحتمل كل شيء" (1كو 13) . لأنك إن كنت تعاتب على كل صغيرة , وحتي علي التفاهات و بحساسية شديدة , فإنك بهذا الأسلوب تفقد أصدقائك ...! لذلك كن واسع الصدر , ولا تعاتب على أمور الصغيرة . هذه إحتملها في صمت , بل في محبة , وبحسن نية . ولا تفكر في أن صديقك أراد أن يسيء إليك . ربما كانت هفوة , زلفة لسان , عبارة فكاهة, بسبب نسيان ... إلخ . أما ماقاله السيد المسيح , عن تطور الموقف , وأن تشكوا للكنيسة , فلا شك أن هذا عن الأمور الخطيرة جداً , ذات النتائج غير المحتملة ...


--------------------------------------------------------------------------------------


زوجي يتأخر مساءاً , ولا أعتقد أبداً أن عمله يستدعي ذلك . فماذا أفعل لمثل هذا الزوج الذي لا يهتم ببيته , وكأنه يهرب منه إلى غيره ؟!·

الجواب ليت كل زوجة تجعل بيتها محبباً إلى زوجها , يشتاق إليه كلما بعد عنه ... فغياب الرجل كثيراً عن بيته _ بدون سبب قهري _ يدل على أنه لا توجد علاقة قوية بينه وبين بيته وبين أهل بيته , وأنه لا محبة ولا إشتياق . وإيجاد المحبة والإشتياق لا يكون بكثرة العتاب , وبكثرة التحقيق معه و وبكثرة النكد والعكننة . فالرجل قد يهرب من البيت بسبب النكد . لذلك حاولي أن تكسبي زوجك بالمحبة , وبالكلمة الطيبة التي ترضيه . وتحدثي معه في نوعية الحديث الذي يروقه ويحبه . وإن وجدتيه زاهداً في الحديث , فلا ترهقيه . كذلك إبحثي متى بدأ يغيب ؟ هل حدث ذلك إثر شجار بينكما , أو مناقشة حامية , أو خلاف حول موضوع ما . إن كان الأمر هكذا , إصلحي نتائج ماحدث . كذلك إهتمي بيتك وبنفسك في البيت : إجعلي صورة البيت محببة إليه , وأيضاً صورتك البشوشة المملوءة حباً , التي تعتني به وتهتم به .. إحذري من تكبير الأمور , والشكوى لكثيرين , لئلا يزداد الأمر تعقيداً . والرب قادر أن يرجعه إلى بيتك , بصلاتك ...


--------------------------------------------------------------------------------


خطبت فتاة فاضلة . ولكني وجدت أن أمها حادة الطبع , كثيرة المشاكل ومتعبة . فهل أكمل زواجي بها, وتصبح هذه الأم المشاكسة حماتي .أنا متخوف . أم لا أتزوجها , وحينئذ يتعبني ضميري , لأنه ماذنب الإبنة , إن كانت أمها هكذا ؟ فبماذا تنصحني ؟·

نعم ماذنب الإبنة , إن كانت أمها هكذا ؟ هل تقف الأم في طريقها , فتمنع عنها كل فرصة للزواج ؟ كثيراً ماسئلت هذا السؤال وكانت إجابتي هي : يمكنك أن تتزوج هذه الإبنة على شرطين : 1- أنها لا تكون قد ورثت شيئاً من طباع أمها , بل تكون على العكس ساخطة على طباع هذه الأم , عن إقتناع . 2- أنها تكون ذات شخصية مستقلة , بحيث لا تتبع أمها في المستقبل , ولا تكون تحت طاعتها في أخطائها وبذلك تستطيع أن تنقذ هذه الإبنة المظلومة , بزواجك منها فلا تتركها ضحية لأم حادة الطبع كثيرة المشاكل ومتعبة .

-------------------------------------------------------------------------------




ما معنى قول السيد المسيح "إصنعوا لكم أصدقاء من مال الظلم" (لو9:16) ؟ هل المال الذى نقتنيه من الظلم، أو من الخطية عموماً، يمكن أن يقبله الله، أو نصنع به خيراً، أو نكسب به أصدقاء ؟·

ليس المقصود بمال الظلم هنا، المال الحرام الذى يقتنيه الإنسان من الظلم أو من أية خطية أخرى. فهذا لا يقبله الله. إن الله لا يقبل مثل هذا المال، ولا تقبله الكنيسة أيضا. وقد قيل فى المزمور "زيت الخاطىء لا يدهن رأسى" (مز5:41). وورد فى سفر التثنيه "لا تُدخل أجرة زانية .. إلى بيت الرب الهك" (تث 18:23). فالله لا يقبل عمل الخير، الذى يأتى عن طريق الشر ... العطايا التى تقدم إلى الكنيسة، تأخذ بركة، وتذكر فى "أولوجية الثمار" أو فى "أوشية القرابين" أمام الله. لذلك فإن هناك عطايا مرفوضة،لا تقبلها الكنيسة، ولا تدخلها إلى بيت الله، إذا عرفت أنها أتت من مصدر خاطىء. وقد شرحت قوانين الرسل هذا الموضوع. إذن ما هو مال الظلم الذى نصنع منه أصدقاء؟ مال الظلم ليس المال الذى تقتنيه من الظلم. إنما هو المال الذى تقع فى خطية الظلم، إن استبقيته معك ... فما معنى هذا؟ ومتى يسمى المال "مال ظلم"؟ لنضرب مثلا: لقد أعطاك الله مالاً، وأعطاك معه وصية أن تدفع العشور. فالعشور ليست ملكك. إنها ملك للرب، ملك للكنيسة وللفقراء. فإذا لم تدفعها تكون قد ظلمت مستحقيها، وسلبتهم إياها باستبقائها معك. هذه العشور التى لم تدفعها لأصحابها، هى مال ظلم تحتفظ به. وكذلك المال الخاص بالبكور والنذور وكل التقدمات المحتجزة لديك. يقول الرب فى سفر ملاخى النبى "أيسلب الإنسان الله؟ فإنكم سلبتمونى. فقلتم بم سلبناك؟ فى العشور والتقدمة" (ملا 8:3). إن استبقيت العشور والنذور والبكور معك، تكون قد ظلمت الفقير واليتيم والأرملة أصحابها. وهم يصرخون إلى الرب من ظلمك لهم. وصرفك هذا المال فى ما يخصك، يحوى ظلماً لبيت الله، الذى كان يجب أن تدفع له هذا المال، الذى هو ملك لله وأولاده، وليس لك. ويمكن أن نقول هذا عن كل مال مكنوز عندك بلا منفعه، بينما يحتاج إليه الفقراء، ويقعون فى مشاكل بسبب احتياجهم. إذن إصنع لك أصدقاء من مال الظلم هذا. إعطه للمحتاجين إليه، وسد به أعوازهم، يصيروا بهذا أصدقاء لك، ويصلوامن أجلك. ويسمع الله دعاءهم، ويبارك مالك (ملا 10:3). فتعطى أكثر وأكثر.


-------------------------------------------------------------------------------------


هل يهوذا الإسخريوطى تناول مع التلاميذ يوم خميس العهد؟·

يرى الآباء أنه اشترك فى الفصح، وليس فى سر الإفخارستيا. وهذا واضح من قول السيد المسيح عن مسلمه "هو واحد من الإثنى عشر. الذى يغمس معى فى الصحفة" (مر 20:14). وعبارة "يغمس فى الصحفة" تتفق مع الفصح، وليس مع التناول من جسد الرب ودمه، الذى فيه كسر الرب خبزة وأعطى، وذاق من الكأس وأعطى (1كو23:11-25). وفى إنجيل يوحنا "فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الإسخريوطى. فبعد اللقمة دخله الشيطان .. فذاك لما أخذ اللقمة، خرج للوقت وكان ليلاً (يو 26:13-30). وطبعاً فى سر التناول، لا يغمس لقمة، وإنما كان هذا فى الفصح .. ومع أن يهوذا لو كان قد تناول من الجسد والدم، كان يتناول بدون استحقاق، غير مميز جسد الرب، ويتناول دينونة لنفسه (1كو27:11-29). إلا أن الآباء يقولون إنه إشترك فى الفصح فقط، وخرج ليكمل جريمته. وأعطى الرب عهده للأحد عشر ...


----------------------------------------------------------------------------------


إذا كان يهوذا قد ندم. وبلغ من شدة ندمه أنه شنق نفسه، فهل من الممكن أن يقبل الله توبته هذه، ويخلص ؟·

* لقد صرح السيد المسيح أكثر من مرة بهلاك يهوذا، فقال فى حديثه الطويل مع الآب "الذين أعطيتنى حفظتهم، ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب" (يو12:17). وهكذا سمّى يهوذا (ابن الهلاك). * وقال لتلاميذه "ابن الإنسان ماضٍ كما هو محتوم. ولكن ويل لذلك الإنسان الذى يسلمه" (لو 22:22). وأضاف أيضاً "كان خيراً لذلك الرجل لو لم يُولد" (مر 21:14). * وفى محاكمة السيد المسيح أمام بيلاطس، قال له "لذلك الذى أسلمنى إليك له خطية أعظم" (يو 11:19). * نلاحظ نفس الدينونة الخاصة بيهوذا واضحة فى كلمة القديس بطرس وقت اختيار بديل له. فقال عن يهوذا "لأنه مكتوب فى سفر المزامير: لتصر داره خراباً، ولا يكن فيها ساكن. وليأخذ وظيفته (أسقفيته) آخر" (أع 20:1). لقد أنذره السيد المسيح كثيراً، ولكنه لم يستفيد. بل كان خائناً، ورمزاً لكل خيانة، وآلة فى يد الشيطان. ولما أكل الفصح مع السيد، قيل عنه إنه لما أخذ اللقمة "دخله الشيطان" (يو 27:13).


--------------------------------------------------------------------------------


قيل عن أبينا أخنوخ أنه صعد إلى السماء ( تك 24:5). وكذلك قيل عن إيليا النبى (2مل 11:2). وذكر عن بولس الرسول إنه صعد إلى السماء الثالثة، بالجسد أم خارج الجسد ليس يعلم (2كو 2:12). فكيف مع كل ذلك يقول السيد المسيح لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء، ابن الإنسان الذى هو فى السماء" (يو13:3). ألم يصعد أخنوخ وإيليا إلى السماء ؟ ثم ما هى هذه السماء الثالثة ؟ وكم عدد السموات فى الكتاب ؟·

السماء التى نزل منها رب المجد، وإليها صعد، ليست هى السماء التى صعد اليها أخنوخ وإيليا وغيرهما.. إذن ما هى السموات التى نعرفها، والتى ذكرها الكتاب.. 1- سماء الطيور: السماء التى يطير فيها الطير، هذا الجو المحيط بنا. ولذلك قال عنها الكتاب طير السماء (تك 26:1)، وطيور السماء (تك 3:7). وهذه السماء فيها السحاب ومنها يسقط المطر (تك 2:8). ويمكن أن تسبح فيه الطائرات حالياً، وتحت السحاب، أو فوق السحاب... 2-هناك سماء ثانية، أعلى من سماء الطيور، وهى سماء الشمس والقمر والنجوم. أى الفلك أو الجلد "ودعا الله الجلد سماء" (تك 8:1). وهكذا يقول الكتاب نجوم السماء (مر25:13). وهى التى قيل عنها فى اليوم الرابع من أيام الخليقة "وقال الله لتكن أنوار فى جلد السماء.. لتنير على الأرض.. فعمل الله النورين العظيمين .. والنجوم" (تك1 :14-17). وهذه غير سماء الطيور.. ومع ذلك فحتى هذه السماء ستنحل وتزول فى اليوم الأخير، إذ تزول السماء والأرض (مت 18:5). وكما قال القديس يوحنا فى رؤياه "ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة، لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا، والبحر لا يوجد فيما بعد" (رؤ 1:21). 3- السماء الثالثة، هى الفردوس: وهى التى صعد إليها بولس الرسول، وقال عن نفسه "اختطف هذا إلى السماء الثالثة.. أختطف إلى الفردوس" (2كو 12 : 2 ،4). وهى التي قال عنها الرب للص اليمين "اليوم تكون معى فى الفردوس" (لو 43:23). وهى التى نقل إليها الرب أرواح أبرار العهد القديم الذين أنتظروا على رجاء، واليها تصعد أرواح الأبرار الآن .. إلى يوم القيامة، حيث ينتقلون إلى أورشليم السمائية (رؤ 21). 4- وأعلى من كل هذه السماوات، توجد سماء السموات ... قال عنها داود فى المزمور "سبحيه يا سماء السموات" (مز 4:148). وهى التى قال عنها السيد المسيح "ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذى نزل من السماء، إبن الإنسان الذى هو فى السماء" (يو 13:3). إنها السماء التى فيها عرش الله. قال عنها المزمور "الرب فى السماء كرسيه" (مز 11 : 4 ، 103 : 19). وأمرنا السيد ألا نحلف بالسماء لأنها كرسى الله (مت 34:5). وهذا ما ورد فى سفر أشعياء (1:66). وما شهد به القديس اسطفانوس أثناء رجمة، حيث رأى السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائماً عن يمين الله (أع 7 : 55 ، 56). كل السماوات التى وصل إليها البشر، هى لا شىء إذا قيست بالنسبة إلى تلك السماء، سماء السموات. ولذلك قيل عن ربنا يسوع المسيح: "قد إجتاز السموات" (عب 14:4)، "وصار أعلى من السموات" (عب 26:7). وقد ذكر سليمان الحكيم سماء السماوات هذه يوم تدشين الهيكل. فقال للرب فى صلاته "هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك" (1مل 27:8)، (2 أى 18:6). سماء السموات هذه لم يصعد إليها أحد من البشر. الرب وحده هو الذى نزل منها، وصعد إليها. ولذلك قيل عنها فى سفر الأمثال: من صعد إلى السماء ونزل ؟ .. ما إسمه وما اسم ابنه إن عرفت؟ (أم4:30). أتسال إذن عن السموات التى ورد ذكرها فى الكتاب. إنها سماء الطيور (الجو)، وسماء الكواكب والنجوم (الجلد - الفلك)، والسماء الثالثة (الفردوس)، وسماء السموات التى لم يصعد إليها أحد من البشر.


-----------------------------------------------------------------------------------


قيل إنه فى وقت القبض على السيد المسيح، لما قال الجند إنهم يطلبون يسوع الناصرى "قال لهم يسوع أنا هو" ولما قال إنى أنا هو، رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض" (يو 4:18-6). فلماذا حدث هذا ؟·

1- لقد سقط الجند على الأرض من هيبته. فعلى الرغم من أن الرب كان وديعاً ومتواضع القلب (مت 29:11). وكان "لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته" (مت 19:12). إلا أنه كانت له هيبة. ولما قال لليهود "أبوكم ابراهيم رأى يومى ففرح" قالوا له "ليس لك خمسون سنة بعد. أفرأيت ابراهيم" (يو8: 56 ، 57) بينما كان عمره وقتذاك حوالى 32 عاماً، أو 33. ولكنهم ظنوه فى الخمسين من عمره، بسبب تلك الهيبة التى جعلت عمره بالجسد يبدو عشرين عاماً أكثر من حقيقته. 2- وأيضا سقط الجنود على الأرض من عنصر المفاجأة والجرأة أى شخص يأتى الجند للقبض عليه، ربما يفكر فى الهرب منهم أو على الأقل يخاف. أما أن يقف ويقول لهم أنا هو، ويكرر نفس العبارة .. فهذا ما أذهلهم فسقطوا على الأرض لجرأته .. ولأن الشخص الذى كانوا يبحثون عنه، يقف أمامهم ويقول "أنا هو". 3- أيضاً أثبت لنا الرب بهذه العبارة أنه لم يُقبض عليه ضعفاً منه. بل هو الذى سلّم ذاته للموت بإرادته. كما قال من قبل "إنى أضع نفسى لآخذها أيضاً. ليس أحد يأخذها منى، بل أضعها أنا من ذاتى. لى سلطان أن أضعها. ولى سلطان أن آخذها أيضاً" (يو 10 : 17 ، 18). هو من ذاته ذهب إلى المكان الذى كان يعرف أنهم سيقبضون عليه فيه، وتقدم للجند قائلاً أنا هو.


----------------------------------------------------------------------


لقد أنكر بطرس السيد المسيح. ولكن ما نوع إنكاره: هل أنكر لاهوت المسيح، حينما رأى آلامه، على إعتبار أن الله لا يتألم؟ أم أنكر معرفته به؟·

القديس بطرس الرسول أنكر معرفته للمسيح بقوله: "لا أعرف الرجل" (مت 26 : 72 ، 74). أما عبارة "أنكر لاهوته لما رآه يتألم" فهى عبارة غير سليمة. لأنه لم ينكره فى آلامه، بل قبل هذه الآلام، أثناء محاكمته أمام مجلس السنهدريم فى دار رئيس الكهنة (مت 26 : 58 ، 59). نلاحظ أن القديس بطرس اعترف قبلاً بأن السيد المسيح هو إبن الله الحى، وطوبه السيد على ذلك (مت 16 : 16 ، 17). وهو لم ينكر هذا الإيمان عند القبض عليه، بل رفع سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه. واظهر السيد المسيح معجزة تثبت لاهوته وهى أنه لمس أذن العبد فأبرأها (لو 22 : 51) (يو 18 : 10). والمفروض أن هذه المعجزة قد ثبتت إيمان بطرس. وكان هذا قبل دخول السيد المسيح فى آلامه. ولا ننسى أن إنكار بطرس معرفته للمسيح (مت 26 : 74)، كان عن خوف، وليس عن ضعف إيمان.


-----------------------------------------------------------------------


لماذا نقول إن اليهود هم الذين صلبوا السيد المسيح ؟ ألسنا نحن الذين صلبناه بخطايانا ؟·

من أجل غفران خطايا الناس صُلب المسيح، إذ مات عنا لكى نحيا نحن. هذا حق. "كلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا" (أش 53: 6). نحن إذن السبب فى صلبه. ولكن اليهود كانوا هم المنفذين. هم الذين تآمروا على صلبه. وهم الذين قدموه لبيلاطس الوالى الرومانى وصاحوا قائلين أصلبه أصلبه، بينما كان هذا الوالى يقول "لست أجد علة فى هذا البار" فقالوا له "دمه علينا وعلى أولادنا". نحن السبب. وهم المنفذون. ولكن الدافع الأكبر هو محبة الله. "لأنه هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3 : 16). لكن اليهود لم يقدموا المسيح للموت، من أجل الفدء، بل خيانة منهم وغدراً أو حسداً وجهلاً... فهم يحاسبون على غدرهم وحسدهم وحقدهم وتآمرهم، ويحاسبون على ضغطهم على بيلاطس الوالى لكى يصلبه، بينما كان يريد أن يطلقه.


----------------------------------------------------------------------





هل الذى جدف على الرب وقت صلبه، اللص الشمال فقط، أم جدف معه أيضاً اللص اليمين ؟ وكيف ذلك وهو الذى نال الفردوس ؟·

فى بادىء الأمر كان اللصان يجدفان على الرب ... يقول القديس متى الإنجيلى "وبذلك أيضاً كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه" (مت 27 : 44). ويقول القديس مرقس الإنجيلى أيضاً "واللذان صلبا معه كانا يعيرانه" (مر 15 : 32). أما القديس لوقا الإنجيلى، فهو الذى ذكر إيمان اللص اليمين: فقال "وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا: إن كنت أنت المسيح، فخلص نفسك وإيانا". فأجاب الآخر وانتهره قائلاً " أولا تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه؟ أما نحن فبعدل (جوزينا) لأننا ننال استحقاق ما فعلناه . وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس فى محله".. ثم قال أذكرنى يارب .." (لو 23 : 39 – 42). لعل نقطة التحول عند اللص اليمين، المعجزات التى حدثت وقت الصلب... فلما رأى الأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والسماء أظلمت .. تأثر قلبه .. كما تأثر بصفح المسسيح عن صالبيه وصلاته من أجلهم. فكف عن التجديف والتعيير.. ثم آمن، ودافع عن الرب موبخاً اللص الآخر. وأعلن إيمانه للرب طالباً أن يذكره، ونال الوعد.


----------------------------------------------------------------------------------------


نرجو تفسير هذه الآية التى وردت فى (غل 3 : 13) "لأنه مكتوب: ملعون كل من علّق على خشبة". فهل هذه اللعنة أصابت المسيح ؟·

إن الآية بوضعها الكامل هى "المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب: ملعون كل من علق على خشبة" (غل 3 : 13). فى الواقع كانت هناك لعنات كثيرة لكل من يخالف الوصايا وقد وردت فى سفر التثنية (تث 27 : 15 – 26) (تث 28 : 15 – 68) ففى الفداء، كان لابد من إنسان بار ليس تحت اللعنة، لكى يحمل كل لعنات الآخرين، ليفديهم من لعنات الناموس. والوحيد الذى كانت تنطبق عليه هذه الصفة، ويقوم بهذا العمل الفدائى، هو السيد المسيح الذى قال عنه الكتاب "الكائن فوق الكل، إلهاً مباركاً إلى الأبد آمين" (رو 9 : 5). فهو بطبيعته مبارك، وبركة. ولكنه فى موته عن العالم كله، حمل كل اللعنات التى تعرض لها العالم كله. هو بلا خطية، ولكنه حامل خطايا. وقد حمل خطايا العالم كله (يو 1 : 29) (1يو 2 : 2). وهو مبارك بلا لعنة، ولكنه حمل اللعنات التى يستحق العالم كله. هو فى حب كامل مع الآب. ولكن حمل غضب الآب بسبب كل خطايا العالم. هذا هو الكأس الذى شربه المسيح عنا. "كلنا كنغم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا" (أش 53 : 6). ولو لم يحمل المسيح هذه اللعنة، لبقينا كلنا تحت اللعنة. مبارك هو فى كل ما حمله عنا ...


------------------------------------------------------------------------------------------


هل كل فكر شرير يجول بذهني يحسب خطية؟·

ليس كل فكر شرير يجول بذهنك يحسب خطية، فهناك فرق بين حرب الفكر، والسقوط بالفكر. حرب الفكر، هو أن يلح عليك فكر شرير. و أنت غير قابل له، وتعمل بكل جهدك وبكل قلبك على طرده، ولكنه قد يبقى بعض الوقت. و بقاؤه ليس بإرادتك، لذلك لا يحسب خطية. بل إن مقاومتك له تحسب لك براً، أما السقوط بالفكر فهو قبولك الفكر الشرير، والتذاذك به، واستبقاؤك له، وربما اختراعك لصور جديدة له … والسقوط بالفكر قد يبدأ من رغبة خاطئة في قلبك، أو من شئ مختزن فى عقلك الباطن. أو قد يبدأ بحرب للعدو من الخارج، تقاومها أولاً، ثم تستسلم لها وتسقط، وتتطور في سقوطك. أو قد تسقط في الفكر إلي لحظات، وترضى به، ثم تعود فتستيقظ لنفسك وتندم، وتقاومه فيهرب. على قدر ما تقاوم الفكر، تأخذ سلطاناً عليه، فيهرب منك، أو لا يجرؤ على محاربتك. وعلى قدر ما تستسلم له، يأخذ سلطاناً عليك، ويجرؤ على محاربتك. بيدك دفة الحرب، وليس بيده، الفكر يجس نبضك، وعلى حسب حالتك يحاربك. قال السيد المسيح"رئيس هذا العالم يأتي ، وليس له في شئ" (يو 30:14). أما أنت، فهل عندما يحاربك الشيطان، يمكنه أن يجد فيك شيئاً له. إن الفكر يختبر قلبك: هل يوجد فيه ما يشابهه؟ و"شبيه الشيء المنجذب إليه؟.. أو هل يمكن إيجاد هذا الشبيه؟ فإن كان قلبك من الداخل أميناً جداً، لا يخون سيده مع هذه الأفكار، ولا يفتح لها مدخلاً إليه، ولا يتعامل معها، ولا يقبلها، حينئذ تهرب منه الأفكار، وتخافه الشياطين.. أما إن تساهل القلب مع الأفكار، فحينئذ تجرؤ عليه. هناك أفكار شريرة تدخل إلي القلب النقي لتساهله معها. هناك أفكار شريرة تخرج من القلب الشرير لعدم نقاوته. أي أن هناك أفكاراً شريرة تأتي من الخارج، وأخرى من الداخل. الأفكار الشريرة التي من الخارج، مثالها محاربة الحية لحواء، وكانت حواء نقية القلب. ولكن بسبب تساهلها مع الحية، دخلت الأفكار إلى قلبها، وتحولت إلى شهوة وإلي عمل. أما الأفكار الشريرة التي من الداخل، فعنها قال الرب "والإنسان الشرير، من كنز قلبه الشرير، يخرج الشر" (لو6: 45). وقد تأتى الأفكار من القلب, من شهوات مختزنة. وقد تأتى من العقل الباطن، من صور وأفكار وأخبار مختزنة.. من هذا المكنوز في الداخل، تخرج الأفكار، لأية إثارة، ولأي سبب. فاحرص أن يكون المكنوز فيك نقياً. على أن الأفكار التي تخرج من العقل، تكون أقل قوة. إنها أقل قوة من الأفكار التي تخرج من القلب. لأن الخارجة من القلب، تكون ممتزجة بالعاطفة أو بالشهوة، ولهذا فهي أقوى. وهكذا بإمكان الإنسان بسهولة، أن يطرد الأفكار التي تخرج من العقل. ولكنه إذا استبقاها، أو تساهل معها، فقد تتحول إلى القلب، وتنفعل بانفعالاته، فتقوي… لذلك كما يجب على الإنسان أن يحفظ قلبه، كذلك يجب أن يحفظ عقله، ويحفظ الخط الواصل بين العقل و القلب… "فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة (أم 23:4) أن حرب الأفكار إذا أتتك، وأنت نقي القلب، حار الروح، ستكون حرباً ضعيفة، وبإمكانك أن تهرب منه. أمت إن أتتك وأنت في حالة فتور روحي، أو "من كثرة الإثم قد بردت" محبتك للرب. فحينئذ تكون الحرب عنيفة والهروب صعباً.. لذلك "صلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء". احفظ فكرك، لكي لا يدخله شئ يعكر نقاوتك. واحفظ أيضاً حواسك، لأن الحواس هي أبواب للفكر.. احفظ نظرك وسمعك وملامسك وباقي الحواس. لأن ما تراه وما تسمعه، قد لا تمنع ذهنك من التفكير فيه، ومن الانفعال به، لذلك فالاحتراس أفضل. وإن دخل إلى سمعك أو بصرك أو فكرك شئ غير لائق، فلا تجعله يتعمق داخلك. وليكن مروره عابراً. إن الأشياء العابرة لا تكون ذات تأثير قوي. أما إذا تعمقت، فإنها تترسب في العقل الباطن، وتمد جذورها إلى القلب، وقد تصل على مراحل الانفعال… إن النسيان هو من نعم الله على الإنسان، به يمكن أن تمحي الأفكار العابرة، وما تعبر به الحواس… أما الأفكار التي تدخلها إلي أعماقك، فإنها تستقر في باطنك، وتتصل بالشعور وباللاشعور، ولا يكون نسيانها سهلاً، وقد يكون سبباً في حرب من الأفكار والظنون والأحلام، و مصدراً للرغبات وللانفعالات، ومبدأ لقصص طويلة.. على أن موضوع الأفكار قد يحتاج منا إلى رجعة أخرى…


---------------------------------------------------------------------------------


ما معنى قول الرب في الإنجيل: "أحبوا أعداءكم" (مت 44:5).. وكيف يمكن تنفيذ ذلك..؟ ·

محبة الصديق شئ عادى يمكن أن يتصف به حتى الوثني والملحد.. أما محبة العدو، فهي الخلق السامي النبيل الذي يريده الرب لنا.. إنه يريدنا أن نكره الشر وليس الأشرار..نكره الخطأ وليس من يخطئ.. فالمخطئون هم مجرد ضحايا للفهم الخاطئ أو الشيطان, علينا أن نحبهم ونصلى لأجلهم، لكي يتركوا ما هم فيه. أما كيف ننفذ ذلك، فيكون باتباع النقاط الآتية: 1- لا نحمل في قلبنا كراهية لأحد مهما أخطأ إلينا.. فالقلب الذي يسكنه الحب، لا يجوز أن تسكنه الكراهية أيضاً. 2- لا نفرح مطلقاً بأي سوء يصيب من يسئ إلينا.. وكما يقول الكتاب: "المحبة لا تفرح بالإثم" (1كو 6:13).. بل نحزن إن أصاب عدونا ضرر. 3- علينا أن نرد الكراهية بالحب و بالإحسان.. فنغير بذلك مشاعر المسيء إلينا.. وكما قال القديس يوحنا ذهبى الفم: "هناك طريق تتخلص بها من عدوك، وهي أن تحول ذلك العدو إلى صديق". 4- مقابلة العداوة بعداوة تزيدها اشتعالاً.. والسكوت على العداوة قد يبقيها حيث هي بلا زيادة.. أما مقابلة العداوة بالمحبة، فإنه يعالجها ويزيلها. 5- لذلك لا تتكلم بالسوء على عدوك، لئلا تزيد قلبه عداوة.. ومن الناحية العكسية إن وجدت فيه شيئاً صالحاً امتدحه.. فهذا يساعد على تغيير شعوره من نحوك. 6- إن وقع عدوك في ضائقة تقدم لمساعدته.. فالكتاب يقول: "إن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فأسقه" (رو 20:12). 7- يقول الكتاب المقدس أيضاً "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير" (رو 21:12).. إنك إن قابلت العداوة بعداوة، يكون الشر قد غلبك.. أما إن قابلتها بالحب فحينئذ تكون قد غلبت الشر بالخير.


------------------------------------------------------------------------------------


هل تؤمن المسيحية بوجود الحسد؟·

الحسد – كشعور – موجود. فنحن نعرف أن قايين حسد أخاه هابيل. ويوسف الصديق حسده أخوته. والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسداً. ونحن في أخر صلاة الشكر، نقول "كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان.. أنزعه عنا". الحسد إذن موجود، ولكن (ضربة العين) لا نؤمن بوجودها. فبعض الناس يؤمنون أن هناك أشخاصاً حسودين، إذا ضربوا من حسدوه عيناً، يصيبه ضرر معين. لذلك يخاف هؤلاء من الحسد. ومن الحسودين وشرهم. وأحياناً يخفون الخير الذي يرزقهم به الله خوفا من الحسد. وهم يضربون لهذا النوع من الحسد. قصصاً تكاد تكون خرافية. هذا النوع من الحسد، لا نؤمن به، ونراه نوعاً من التخويف ومن الوسوسة. إن الحسد لا يضر المحسود، بل يتعب الحاسد نفسه : إنه لا يضر المحسود، وإلا كان الجميع المتفوقين والأوائل عرضه للحسد والضياع، وأيضاً كان كل الذين يحصلون على مناصب مرموقة، أو جوائز الدولة التقديرية عرضة للحسد والإصابة بالشر. إننا نرى العكس، وهو أن الحاسد يعيش في تعاسة وتعب بسبب حسده وشقاوته الداخلية، وكما قال الشاعر: اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله ولكن لماذا نصلى لنزع الحسد، مادام لا يضر؟ نحن لا نصلى خوفاً من (ضربة العين) المزعومة، وإنما نصلى لكي يمنع الله الشرور والمكائد والمؤامرات التي قد يقوم بها الحاسدون بسبب قلوبهم الشريرة. فأخوة يوسف لما حسدوه ألقوه في البئر، ثم باعوه كعبد، وكانوا على وشك أن يقتلوه. وقايين قتل أخاه هابيل حسداً له، ورؤساء اليهود لما حسدوا المسيح تآمروا عليه، وقدموه للصلب.


---------------------------------------------------------------------------


ما هو مفهوم البساطة في المسيحية؟·

البساطة هي عدم التعقيد، وهي في المسيحية غير السذاجة. فالمسيحي قد يكون بسيطاً وحكيماً في نفس الوقت. البساطة المسيحية هي بساطة حكيمة. والحكمة المسيحية هي حكمة بسيطة، أي غير معقدة مثل بعض الفلسفات لهذا قال السيد المسيح "كونوا بسطاء كالحمام، وحكماء كالحيات".


------------------------------------------------------------------------------


ما الفرق بين النقـد والإدانة؟ وإذا كنت بحكم وظيفتي ناقداً، هل أرتكب بذلك خطية؟·

الفرق الأساسي بين النقـد والإدانة: هو أن النقـد يلتزم الموضوعية، أما الإدانة فتمس النواحي الشخصية. والنقد السليم هو لون من التحليل، وعملية تقييم دقيقة تذكر المحاسن كما تذكر المساوئ. وتعطي الموضوع حقه تماما.وتعذره إن كان هناك مجال لعذر. أما النقد الذي لا يذكر سوى المساوئ، فهو لون من الهجوم ولا يكون صاحبه منصفاً. كذلـك هناك أنواع ودرجات من النقـد. منها النقـد الهادئ الرزين، ذو الأسلوب العاقل، ومنها النقد اللاذع، والنقـد الجارح. وكل ناقد يختلف في أسلوبه عن الآخر، ويختلف في اختيار الألفاظ التي يستخدمها. فانظر من أي نوع أنت. كن موضوعياً ومنصفاً، ولا تكن قاسيا في نقدك. وإن كانت وظيفتك الرسمية هي النقـد، فلا لوم عليك في ذلك. وربما كاتب ينقد كتاباً، فيكون كل نقده مديحاً في هذا الكتاب، إن كان يستحق ذلك. كذلـك النقـد يحتاج إلى دراسة ومعرفة، وله قواعد خاصة، وليس كل إنسان يرقي إلي مرتبة الناقد، أو يدعي لنفسه هذه الصفة. والناقد العالم المنصف، يستفيد من نقد القراء، وأيضاً الشخص الذي ينقده. ويكون للبنيان، مقدماً في نقده علماً وأدباً.


------------------------------------------------------------------------



تختلف ترجمات الصلاة الربية. فالبعض يقول "خبزنا كفافنا"، والبعض يقول "خبزنا الذى للغد". فأيهما أصح ؟·

إن الكلمة اليونانية (إيبى أوسيوس) تحتمل أكثر من معنى، وحتى آباء الكنيسة الأول إختلفوا فى ترجمتهم لهذه الكلمة... فالقديس جيروم: فى ترجمته اللاتينية (الفولجاتا Vulgate ) يترجمها بالخبز الجوهرى، أو بالخبز الذى هو فوق المادة Substantial bread . ونفس ترجمة جيروم كانت ترجمة العلامة أوريجانوس. أما القديس أوغسطينوس، والقديس غريغوريوس أسقف نيصص، فإن ترجمتهما هى الخبز اليومى، أو الكفاف Our daily bread وباللاتينية Panem nostrum quotidianum والقديس يوحنا ذهبى الفم: يستخدم أيضا عبارة الخبز اليومى (الكفاف) وذلك فى شرحه لإنجيل متى (مقالة 19 – فقرة 8). والترجمة القبطية، وهى من أشهر الترجمات، تقول "خبزنا الذى للغد". والترجمة الإنجليزية Revised Standard Version : تذكر فى النص: الخبز اليومى (الكفاف) Our daily bread وفى الهامش تقول (أو الذى للغد) or our bread for the morrow . ولست أريد هنا أن أدخل معكم فى بحث لغوى... كما لست أريد أن أورد باقى أقوال الآباء الذين شرحوا الصلاة الربية.. فكل هذا سوف لا يفيدكم.. ولا أود أن يكون وقت الصلاة، وقتاً لصراع الترجمات. بحيث يرفع أحدهم صوته بالترجمة التى يفضلها، لكى يغطى على أصوات الباقين أثناء الصلاة، أو ليظهر أنه يعرف ما هو أفضل، أو ليعطى تعليماً وقدوة لكى يتبعه الآخرون.. وإلا تكون الصلاة فى ذلك الوقت قد خرجت عن هدفها الروحى، الذى هو الحديث مع الله، إلى هدف علمى جدلى ..! الأمر الذى لا نريده فى روحياتنا. ويكفى هنا أن نفهم حقيقة أساسية تنفعنا وقت الصلاة وهى: الخبز الذى نطلبه هو الخبز الروحى اللازم لأبديتنا. نقول هذا ونضع أمامنا النقط الآتية : 1- الصلاة الربية تشمل 7 طلبات: الثلاث طلبات الأولى منها خاصة بالله وهى: ليتقدس إسمك، ليأتِ ملكوتك، لتكن مشيئتك... والأربع طلبات الباقية خاصة بنا، وأولها: خبزنا... ومن غير المعقول أن يكون الخبز المادى هو أول طلباتنا، نطلبه قبل مغفرة الخطايا، وقبل طلب النجاة من التجارب والشرير... 2- كما أن هذا يتعارض مع قول الرب: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون.. لا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب.. فإن هذه كلها تطلبها الأمم. لكن أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره. وهذه كلها تزاد لكم (مت6: 25 ، 31 – 33). "إعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقى" (يو6 : 27). 3- ومع ذلك، إن كان يعوزنا الخبز فلنطلبه... ولكن نطلب حينئذ الخبز اليومى، ولا نهتم بما للغد... فهكذا قال القديس غريغوريوس اسقف نيصص، والقديس يوحنا ذهبى الفم، ذاكرين أننا هنا نطلب مجرد الخبز، وليس التنعم فى الأطعمة. 4- إن قلنا خبزنا الذى للغد، ماذا نقصد حينئذ ؟ نقصد الخبز اللازم لأرواحنا الذى لأبديتنا، اللازم للحياة المقبلة، للغد... وهنا نضع فى قلوبنا أن نطلب كل غذاء الروح كالصلاة والتأمل، وكمحبة الله والإلتصاق بالله، وكالتناول من الأسرار المقدسة. ونلاحظ هنا أن الترجمة القبطية كانت روحية فى فهمها للطلبة. 5- وإن قال البعض "اليوم أو الكفاف" فماذا يقصدون ؟ يقصدون الخبز المادى، إن كان ينقصهم... (وهذه درجة ناقصة). أو الخبز الروحى اللازم لكفافهم: لا ينقص حتى لا يقعوا فى الخطية أو الفتور، ولا يزيد عن مستواهم حتى يقعوا فى المجد الباطل والغرور...


------------------------------------------------------------------------------


قال الرب "الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" (مز9 : 1). فكيف يمكن أن يحدث هذا ؟ أى ملكوت يقصده؟·

المهم هنا أن نفهم ما معنى كلمة "الملكوت" ؟ يبدو أن صاحب السؤال فى ذهنه "الملكوت الأبدى"، فهو يتعجب كيف أن من القيام وقتذاك قوماً يعيشون حتى يروا الملكوت!! طبعاً "الملكوت الأبدى" ليس هو المقصود هنا. فما هو المقصود إذن ؟ لنفهم هذا، علينا أن نعرف أنه قبل الفداء كان الشيطان هو رئيس هذا العالم (يو14 : 30). وكانت الخطية هى التى تملك. وبالخطية الموت (رو5 : 14 ، 17). ولكن بالفداء بدأ الرب يملك: "الرب ملك على خشبة" (مز 95). وقيد الشيطان، وخلص الناس من الموت. وبدأ الملكوت. المقصود إذن هو ملكوت الله الذى إنتشر بالإيمان والفداء. كان الرب فى كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون (أع 2 : 47) فينضم هؤلاء إلى مملكة الله، إلى جماعة المؤمنين. وقد أتى هذا الملكوت بقوة، بالقوة التى لبسوها من الأعالى حين حل الروح القدس عليهم. وإذا فى سنوات قليلة قبل استشهاد بولس الرسول سنة 67 م. كان الملكوت قد إنتشر فى كل جهات العالم المعروف وقتذاك. وإذا ملكوت الله قد أتى بقوة. ورآه أناس من ذلك الجيل...


-----------------------------------------------------------------------------------


لم استطع أن أدفع العشور طوال العام الماضى لضغط الأعباء الاقتصادية علىَ ولاحتياجى المالى، فماذا أفعل؟ وهل يمكن اعفائى من دفع العشور؟·

المفروض أنك تدفع العشور، مهما كانت ظروفك المالية. وهنا أحب أن أضع أمامك بعض الملاحظات الهامة وهى: 1- الذى يدفع من احتياجه، يكون أجره عند الله أكبر. لأنه فى ذلك يكون قد فضَل غيره على نفسه، غير الذى يدفع من سعة ومن رخاء ولا يشعر أنه قد اقتطع من ضرورياته شيئاً لسد حاجة غيره. ونلاحظ أن السيد المسيح قد امتدح الأرملة الفقيرة التى دفعت الفلسين، وقال عنها إنها القت فى الخزانة أكثر من الجميع. "لأن هؤلاء من فضلتهم ألقوا.. وأما هذه فمن أعوازهها ألقت كل المعيشة التى له" (لو21 :2). "ألقت كل ما عندها، كل معيشها" (مر12 : 44). وهكذا عليك أنت أيضاً أن تتدرب على العطاء من احتياجك. سواء أعطيت من احتياجك فى المال، أو فى الوقت، أو فى الصحة. والملاحظة الثانية التى أقولها لك هى: 2- حينما تدفع من احتياجك، يبارك الله مالك. كم من محتاج يقول: إن كان كل مالى أو كل مرتبى لا يكفينى، فكيف يكون الأمر إن دفعت عشره أيضاً ؟! هل التسعة أعشار تكفى ؟! هنا وأقول لك: إن التسعة أعشار ومعها بركة، أكثر من الكل بدون بركة. فحينما تعطى، يبارك الله القليل الذى يبقى، ويجعله أكثر جداً من كل المال بدون بركة العشور.. إنه يعوضك أكثر مما تعطيه. ويبارك فى فاعلية المال.. بعكس كثيرين عندهم مال وفير جداً، ويشعرون أنه لا يكفى مطلقاً ويضيع، لأنه ليست فيه بركة. الملاحظة الثالثة التى أقولها لك هى: 3- الله غير محتاج لعشورنا، ولكنه بها يدربنا ويباركنا. يدربنا على العطاء، وعلى محبة الآخرين، وعلى الزهد فى المال. كما يدربنا أيضاً على الإيمان.. الإيمان ببركة الله للقليل... إن الله يستطيع أن يغطى كل احتياجات العالم كله، بدون أن ندفع نحن شيئاً، هو المشبع الكل من خيراته. ولكنه يريد أن يشركنا معه فى عمل الخير، لنأخذ بركة هذا العمل.. 4- أنا عارف ظروفك الاقتصادية، ولكن جرّب الله. القاعدة العامة هى أنك "لا تجرب الرب الهك" (مت4 : 7). ولكن العشور هى الاستثناء الوحيد الذى قال فيه السيد الرب "هاتوا جميع العشور.. وجربونى بهذا، قال رب الجنود: إن كنت لا افتح لكم كوى السماء، وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع.." (ملا3 : 10). جرّب كيف سيبارك الله مالك، وكيف أنك سوف لا تحتاج، بل على العكس سيرزقك الله أكثر وأكثر. ولكن لا تدفع العشور، بهدف أن تزداد.. فليس هذا هو الوضع الروحى للعطاء، وإنما ادفع، حتى لو مرّ عليك وقت زاد فيه احتياجك. فإن الله متى رأى صدق قلبك فى العطاء، مع محبتك للآخرين، حينئذ، سيفتح لك كوى السماء كما وعد. ادفع إذن وقل: "من أنا يارب حتى اشترك فى احتياجات أولادك؟! "يارب" من يدك أعطيناك" (1أى29 : 14). فبارك فى القليل الذى بقى لنا.. ولا تدعنا معوزين شيئاً. نقطة أخرى أقولها لك وهى: 5- العشور التى لا تدفعها، تعتبر مال ظلم عندك. إنه مال ظلمت فيه أصحابه الفقراء الذين يستحقونه. وهو مال ليس لك، حتى تحجزه عندك. إنه ملك للرب وقد سلبت الرب فيه، فاعتبره الله مال ظلم. انظر ماذا يقول الوحى الإلهى فى سفر ملاخى النبى: ".. قال رب الجنود.. أيسلب الإنسان الله؟! فإنكم سلبتمونى! فقلتم بم سلبناك ؟ فى العشور والتقدمة.." (ملا3 : 7،8). لهذا قال الرب: "اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم.." (لو16 : 9). فماذا تعنى إذن هذه العبارة؟ إنها تعنى: 6- بمال العشور الذى احتجزتموه عندكم، وأصبح مال ظلم إذ ظلمتم الفقراء بعدم إعطائهم إياه.. بهذا المال اصنعوا لكم أصدقاء يدعون لكم، ويستجيب الله دعاءهم. وكما أنقذتموهم من مشاكلهم المالية بدفع العشور، ينقذكم الله أيضا من مشاكلكم المالية... بقيت عبارة أخيرة أقولها لك وهى: 7- العشور التى لم تدفعها فى العام الماضى هى ديون عليك. المفروض أن تدفعها، ولو بالتقسيط.


---------------------------------------------------------------------------


أرجو أن تحدثنى عن الفضول أو التطفل، لأننى مصاب به، وأريد أن أتركه، وأحب أن أعرف أبعاده وأخطاءه.·

التطفل، أو حب الاستطلاع، هو محبة معرفة أسرار غيرك وخصوصياته، سواء عن طريق القراءة، أو السمع، أو الكلام، بطريق مباشر، أو غير مباشر. والتطفل أمر خاطىء سواء من الناحية الروحية أو الاجتماعية. والمفروض فى الناس أن يحترموا خصوصيات الآخرين وأسرارهم حتى فى محيط العائلة. فليس من حق الأب أو الأم أن يفتح خطابات الابن مثلاً، وليس من حق الزوج أو الزوجة أن يعبث فى جيوب أو أدراج أو أوراق الطرف الآخر. ليس من حق أحد أن يستمع حديثاً "ليس له أن يسمعه، فهذا نسميه زنا الآذان. وليس من حقه أن يرى خفية ما لا يجوز له رؤيته. فكل هذا لون من التجسس على الآخرين لا يليق بشخص روحى... على أن التطفل قد يكون علناً، وليس بالتجسس. مثال ذلك إنسان يرهق غيره بالأسئلة حول أمر خاص به، قد لا يريد أن يتحدث عنه! ولكنه يتابعه بالأسئلة، وربما عن تفاصيل التفاصيل، لكى يعرف منه كل شىء... وقد يعتذر المتطفل بالدالة، أو بالرغبة فى الاطمئنان. ولكن الدالة لها حدود لا تتعداها. كذلك الرغبة فى الاطمئنان لها أيضاً حدود. ومعرفة الأخبار لا تأتى بالقسر والضغط. وهناك فرق كبير بين شخص يريد أن يطمئن، وشخص يريد أن يعرف، وأن يعرف كل شىء..! لذلك نصيحتى لك أن تسال: فإن وجدت ممن تسأله عدم رغبة فى الإجابة، أو عدم رغبة فى الإستفاضة، والدخول فى دقائق الموضوع، لا تلح عليه بكثرة الأسئلة. لأن من صفات الفضولى أو المتطفل أنه لحوح.. وغالباً يحاول أصدقاؤه ومعارفه أن يهربوا منه ومن أسئلته الكثيرة وحب استطلاعه. وقد يغضب من هذا ويعاتب، وهم فى خجل من مكاشفته بتطفله، وبعدم رغبتهم فى الإجابة. أحرج المواقف، هى أن يلتقى المتطفل بالخجول. والخجول لا يستطيع أن يصده، وقد لا يستطيع أن يغير مجرى الحديث ليهرب من الأسئلة المتطفلة، وهكذا يحرج! والمتطفل يرى هذا الحرج، ولكنه لا يبالى، لأنه يريد أن يعرف الأخبار، بل ويريد أن يعرف أسباب هذا الحرج! والمتطفل قد لا يكتفى بمعرفة أسرار الشخص الذى أمامه فقط، وإنما قد يرغمه على كشف أسرار غيره! إنه لا يسأله عن نفسه فقط، وإنما عن الآخرين .. ماذا قلت لهم، وماذا قالوا ؟ وماذا فعلوا ؟ وما شعورهم فى الموقف الفلانى، وما تصرفهم، وما رأيهم ؟ وما علاقتهم بك؟ وماذا عن عائلاتهم وأصدقائهم وباقى خصوصياتهم ؟!.. بل قد يدخل فى الاعترافات أيضاً بطريقة محرجة.. والإنسان المتطفل، ترى حواسه دائماً غير هادئة... نظراته غير مستقرة، وغير محتشمة، وغير أمينة، وقد تكون مكشوفة يلاحظها غيره.. وكذلك مسامعه.. وقدماه غير مستقرتين، يجول هنا وهناك، يسأل، أو يستمع، أو يحشر نفسه بطريقة غير لائقة وسط أحاديث لم يُدعَ لها.. وقد يتدخل فى علاقات، ليس من حقه أن يعرفها. ربما علاقات عائلية فى منتهى السرية، ربما علاقات بين زوج وزوجته، أو بين صديقين أو صديقتين، أو أسرار خاصة بالعمل لا يجوز إفشاؤها.. وقد لا يفيد من هذا كله شيئا. وقد لا يستطيع الاحتفاظ بسرية ما يسمع.. أما من جهتك أنت فى التطفل، فنصيحتى لك هى: 1- تعود أن تحترم خصوصيات غيرك. وأن تقتنع بأن لكل إنسان أسراره الخاصة التى لا يجب أن يقولها حتى لأعز أصدقائه. كما أنك أنت أيضاً لك أسرارك... 2- اسأل نفسك باستمرار: ما شأنى بهذا الأمر؟ ما هو حقى للتدخل فيه ؟ قل هذا لنفسك، بدلاً من أن يتجرأ غيرك فيقول لك، ويحرجك. 3- ضع حدوداً للدالة فى علاقاتك بالآخرين. 4- إن سألت أحداً عن شىء خاص به أو بغيره ووجدته غير مستعد للإجابة، أو فى أجاباته تهرب أو محاولة لغلق الموضوع، فلا تلح عليه. 5- لا تحاول أن تقرأ خطابات غيرك، أو تعبث فى كتبه أو أوراقه، وإن وقع فى يدك شىء من هذا، فكن محتشماً، ولا تحاول أن تطلع على ما ليس من حقك. 6- كن عفيف النظر، عفيف السمع، عفيف اليد. 7- احرص على معارفك وأصدقائك، حتى لا تفقدهم بالتطفل.


------------------------------------------------------------------------------


نذرت أن أظل صائماً حتى تنتهى الحرب. وكان ذلك منذ سنوات. فهل هذا النذر حلال أم حرام ؟ كذلك ما رأيكم فى من ينذر أن يعمد ابنه فى القدس أو فى دير من أديرة الصعيد القديمة ؟ كذلك ما رأيكم فى شاب ينذر البتولية ؟·

حقاً إن الكتاب قال "خير لك أن لا تنذر، من أن تنذر ولا تفى" (جا5: 5). والنذر عبارة عن اتفاق بين الإنسان والله، ولا يجوز الرجوع فيه. ولكن ينبغى أن يكون النذر سليماً من الناحية الروحية، لأنه لا يصح أن تبرم اتفاقاً مع الله فيه خطية. فى إحدى المرات نذر اليهود أن يظلو صائمين، حتى يقتلوا بولس الرسول (أع 23 : 12). وكان نذرهم خاطئاً وحراماً.... إذن ليس كل نذر حسب مشيئة الله، بعضه حرام. لقد نذر يفتاح الجلعادى، إن رجع منتصراً، أن يقدم للرب محرقة أول من يقابله من بيته (قض11 : 30). فقابلته ابنته العذراء، فوفى بنذره وقدمها محرقة! ويقيناً إن الله ما كان يرضى عن هذا الأمر مطلقاً، وكان النذر حراماً فلم يأمر الرب فى شريعته بتقديم البشر محرقات! كذلك نذر الأبوين أن يعمدا ابنهما فى مكان بعيد، ربما لا تمكنهما الظروف من الوصول إليه، فيه مخاطرة بمصير الابن. فلو مات مثلاً دون أن يعمد، كيف يتحملان مسئولية أبديته.. كذلك حرمانه من التقدم من الأسرار المقدسة، إلى أن يعمد حينما تواتيهما الظروف، هو حرمان من نعمة وبركة تعمل فيه، يتحمل الأبوان مسئوليتها أمام الله. فمثل هذا النذر خطأ تماماً، وبخاصة لأن مفعول المعمودية لا يتغير من مكان إلى آخر، بل هو هو .. أما أخذ بركة مكان معين، أو قديس معين فعلى الرغم من المخاطرة، ينبغى أن يكون فى حدود الرغبة، ولكن لا يرتقى أبداً إلى مستوى النذر. هذه المخاطرة تجعلنا نحكم لاهوتياً، بجواز كسر النذر. فالأعمار بيد الله، وقد يموت الطفل، وهو فى ملء الصحة. أما إذا كانت هناك خطورة على صحة الطفل، فيجب كسر النذر فخطأ كسر النذر، أخف من موت الطفل بلا عماد، وهنا نكون قد اخترنا أخف الأمرين. وفى كلا الحالين، ينبغى أن توقع عقوبة كنسية، على من نذر هذا من الوالدين. عموماً قدموا هذه الأمور كرغبات، وليس كنذور، صلوا وقولوا: وفقنا يارب فى أن نعمد ابننا فى المكان المقدس الفلانى. ولكن لا تنذروا. وفى نفس الوقت لا تتباطأوا فى التنفيذ، فقد قال الكتاب "إذا نذرت نذراً لله، فلا تتأخر عن الوفاء به" (جا5 :4). أما عن نذر البتولية، أو نذر الرهبنة، فلا أنصح به لصغار السن، أو لحديثى العهد بالحياة الروحية. إنه ليس حراماً، لأنه ليس خطأ فى طبيعته، ولكن فيه خطورة إن كانت الفكرة تأثراً أو حماساً مؤقتاً، أو إن صاحب النذر حروب شديدة من جهة الجسد جعلته يندم على نذره، أو يتمنى الرجوع فيه، أو يشتهى الزواج، أو يحيا فى الخطية. بدلاً من أن تنذروا البتولية، قدموها كرغبة أو صلاة. قل له: إننى اشتهى يارب أن أكون بتولاً أو راهباً، فامنحنى هذه الرغبة إن وافقت مشيئتك. أما الكبار، الناضجون روحياً، الذين جربوا أنفسهم طويلاً، وساعدتهم النعمة على حياة النصرة، فلا مانع من أن ينذروا أنفسهم للرب، ولكن ننصحهم بعدم التأخر لئلا يثير عليهم عدو الخير حروباً لا داعى لها. أما عن نذر الصوم حتى تنتهى الحرب، فهو غير عملى. من قال إن الحروب تنتهى فى العالم ؟ إنها مستمرة وستظل مستمرة حتى نهاية العالم كقول الكتاب (مت24). أما إن كان النذر بخصوص حرب معينة محددة لمكان. وكان صاحب النذر ناضجاً، وقادراً على الصوم، فلا مانع. ولكن فى أمور الصوم، ينبغى استشارة أب الاعتراف، وكذلك فى نذر البتولية والرهبنة. فلا يصح أن يسلك الإنسان فى هذه الأمور بحسب فكره بدون مشورة. وإن كان لا يستشير أب الاعتراف فى أمثال هذه الأمور الهامة، ففيما يستشيره إذن ؟ وعموماً ينبغى أن لا ينطق الإنسان بالنذر، بسرعة. الأمر يحتاج إلى ترو وتفكير ومشورة وصلاة، قبل النذر...


------------------------------------------------------------------------------


قال القديس بولس الرسول: "صرت لليهودى كيهودى لأربح اليهود.. وللذين بلا ناموس، كأنى بلا ناموس، مع أنى لست بلا ناموس لله، بل تحت ناموس المسيح، لأربح الذين بلا ناموس" (1كو9: 20 ، 21). فما معنى هذا الكلام ؟·

كان الرسول يتكلم عن الكرازة، وتوصيل رسالة الإنجيل، فيقول: إن اليهودى يؤمن بالناموس والأنبياء، فلكى أقنعه برسالة المسيح، أكلمه كيهودى، عن الناموس والأنبياء، وما فيهما من أمور متعلقة بالمسيح. أما اليونانى، وأمثاله من الذين بلا ناموس، فإنهم لا يؤمنون بالكتاب، ولا بالأنبياء، لذلك أكلمهم بأسلوبهم، وأجذبهم إلى الإيمان بالفلسفة لأربحه للمسيح، وكذلك لو كلمت اليونانى عن الأنبياء.. لا أربحه أيضاً للمسيح. ولكن عبارة "صرت لليهودى كيهودى" لا تعنى السلوك اليهودى. فالقديس بولس الرسول حارب التهود بكل قوته. كان بعض اليهود الذين اعتنقوا المسيحية، يريدون أن يدخلوا فيها بعض العقائد اليهودية كالختان، وحفظ السبت، والمواسم، والأهلة، وما يختص بالأكل والشرب من محللات ومحرمات، وسائر القواعد اليهودية فى النجاسات والتطهير. وعرفت هذه الحركة باسم (التهود). وقد قال الرسول فى محارباته لليهود "فلا يحكم عليكم أحد فى أكل وشرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التى هى ظل الأمور العتيدة" (كو2 : 16 ،17). وعبارة (أكل وشرب) هنا لا تعنى الصوم، وإنما تعنى طهارة الأكل أو نجاسته على حسب الأطعمة التى كانت محرمة فى اليهودية، ولم تعد كذلك فى المسيحية. والقديس بولس الرسول قد كرز وسط اليهود، كما كرز بين الأمم. وفى كرازته فى رومه، كلم اليهود أولاً. فلما رفضوا وانقسموا، اتجه بعد ذلك إلى الأمم (أع 28: 17 – 29). ولكى يربح اليهود، كان يتكلم فى الهيكل، وفى مجامع اليهود، ويحاول أن يقنعهم بما ورد عن المسيح فى الناموس والأنبياء.


-------------------------------------------------------------------------------------


أيهما أفضل السرعة التى تدل على الحزم والبت والقدرة على إصدار القرار، أم طول البال والتروى والهدوء، وما يحمله ذلك من روح الوداعة والاتزان والصبر.. ؟·

هناك أمور تكون السرعة فيها لازمة وصالحة، وأمور أخرى السرعة تفسدها، وتحتاج إلى التروى وطول البال... العقوبة مثلاً: إذا كانت السرعة فيها، لا تعطى مجالاً للفحص، وللعدل والتدقيق، ومعرفة مقدار الخطأ وموضع المسئولية، إن كانت السرعة فى العقوبة خطأ، ويحتاج الأمر إلى التروى. كذلك من ناحية أخرى إن طول الأناة فى توقيع العقوبة، يساعد المخطىء على التمادى، ويستمر فى أخطائه فتسوء النتائج، ويشجع غيره على تقليده إحساساً بأنه لا اشراف ولا ضبط، حينئذ يكون من الواجب الإسراع بتوقيع العقاب... إذن الأمر فى الحالين يحتاج إلى حكمة، وتقدير للظروف. هنا يبدو الفحص واجباً، وحتى حينما تكون السرعة فى العقوبة لازمة، ينبغى أيضاً أن يكون العدل معها متوفراً. وإعطاء من تعاقبه فرصة لتوضيح موقفه والإجابة عما ينسب إليه. على أن هناك أموراً يجب السرعة فيها، كالتوبة مثلاً. الابن الضال لما رجع إلى نفسه، قال "أقوم (الآن) وأذهب إلى أبى "وقام لوقته ورجع لأبيه. لأن التوبة لا يجوز فيها التأجيل أو التأخير. والخمس العذارى الجاهلات لما رجعن متأخرات، وجدن الباب قد أغلق، وضاعت الفرصة. هناك حالات فى الخدمة، إن صبرت عليها بحجة التروى والفحص، قد تصل إليها بعد أن تكون قد انتهت تماماً. مثالها لمريض إن لحقته بالعلاج السريع، أمكن شفاؤه. وإن تباطأت بحجة المزيد من الفحوص، قد تصل الحالة إلى وضع ميئس. اعمل ما يلزم من فحوص، ولكن بسرعه. كم من خطاة تباطأنا فى افتقادهم، فتحول الخطأ إلى عادة، واتسع نطاقه، وكم من حالات وصلت خطورتها إلى الارتداد، وكان السبب هو التباطوء. كذلك المشاكل العائلية، وبعض المشاكل المالية، تحتاج إلى سرعة. حالات وصلت إلى الطلاق، وكان يمكن تداركها لو عولجت من بادىء الأمر قبل أن تتطور الخلافات وتتعقد، وتصل إلى العناد، وإلى الكراهية، وإلى المحاكم والقضاء.. وكثير من أداء الواجبات يحتاج إلى سرعة. ربما إنسان تتباطأ فى تعزيته، أو في تهنئته، أو فى زيارته فى مرضه، أو فى مناسبة هامة، يؤدى هذا التباطؤ إلى تغير مشاعره من جهتك، ويظن أنك غير مهتم به، ويؤثر الأمر على علاقتكما.. وإن تباطأت أيضاً فى مصالحته، ربما لا تجده بعدئذ فى قائمة أصدقائك! ولكن ليس معنى هذا أن السرعة هى الأفضل فى كل شىء، ومع كل أحد... يشترط فى الإجراء السريع، أن يكون بعيداً عن الارتجال وعن الانفعال، وإلا كان معرضاً للخطأ ومعرضاً لإعادة النظر، فتكون سرعته سبباً فى إبطائه. وأهم من عامل السرعة، عامل الإتقان والنفع فإن اجتمعت السرعة مع الإتقان، كان العمل مثالياً. وليس المقصود بالسرعة، الهوجائية، أو الاندفاع أو فقدان الاتزان، أو التصرف بغير تفكير أو بغير دراسة، وإلا كانت خاطئة وتسببت فى ضرر بالغ. وهنا تبدو أهمية الروية والهدوء، ليخرج القرار سليماً. والروية ليست عجزاً عن إصدار القرار، أو عجزاً عن البت فى الأمور. إنما هى مزج لكل ذلك بالحكمة فى التصرف. فالتفكير الهادىء أكثر سلامة. والتصرف الهادىء أكثر نجاحاً. والإجراءات الهادئة أكثر ثباتاً، وأقل تعرضاً للهزات.. ومشرط الجراح، مع سرعته ليس هو العلاج الأمثل دائما. على أنه توجد بين السرعة والبطء درجة متوسطة أفيد. السرعة قد تكون موضع نقد، الذى ليس هو سرعة مخلة بالدراسة والفحص، وليس هو البطء الذى يعطل الأمور.. طول الأناة فضيلة، إن أدى إلى نتيجة سليمة. أما إذا اسىء استغلاله، فإن فضيلة أخرى تحل محله. وأيضاً ليس البطء مرتبطاً دائماً بالوداعة. فقد يرتبط أحياناً بالإهمال واللامبالاة، أو يرتبط بالبلادة. كن حكيماً إذن فى تصرفك. ولا تتبع أحد تطرفين. فالطريق الوسطى خلصت كثيرين. والفضيلة كما يقولون هى وضع متوسط بين تطرفين، بين اسراف وتقتير... أعطِ كل عمل الوقت الذى يستحقه. وعامل كل موضوع بما ينجحه، بالسرعة أو بالتروى، حسبما يلزم.


------------------------------------------------------------------------------


هل الأفضل أن نرد على الناس فى الخفاء أم العلانية، إذا ما وقعوا فى خطأ عقائدى أو لاهوتى ؟ وهل الأفضل كذلك أن تكون العقوبة فى الخفاء أم العلانية، إذا أخطأ البعض خطيئة تستوجب العقوبة ؟·

الخطيئة التى ترتكب فى العلانية، تعاقب علانية. والخطأ اللاهوتى الذى ينشر فى العلانية، يرد عليه علانية. والعكس بالنسبة إلى الخطايا التى ترتكب فى الخفاء، أو الأخطاء اللاهوتية التى يقع فيها الإنسان دون أن يدرى بها أحد.. هذه كلها يمكن معالجتها أو معاقبتها فى الخفاء، لأنها لم تنتشر. فما هى الحكمة فى كل هذا ؟ ولماذا تكون العقوبة فى العلانية ؟ ولماذا يكون التصحيح فى العلانية ؟ ذلك لأن الأمر الذى يحدث علانية، يكون له تأثيره على الآخرين، أو عثرته للآخرين. فينبغى أن نحسب حساب هؤلاء.. لأن العلانية لا تجعل الذنب قاصراً على المخطىء وحده، بل يتعداه إلى الآخرين، الذين قد يقلدوه فى فعله، أو أنهم يستهينون ويستهترون إذا وجد الخطأ قد مرّ بسهولة بدون أية عقوبة أو مؤاخذة .. وفى ذلك قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف: "الذين يخطئون وبخهم أمام الجميع، لكى يكون عند الباقين خوف" (1تى5 : 20). فإذا حدث مثلاً أن سببّ البعض شوشرة أو صخباً فى الكنيسة، ينبغى توبيخهم أمام الجميع، كما قال الرسول، بسبب العثرة التى سببوها لغيرهم. وأيضاً لكى يفعل غيرهم مثلما فعلوا، ولكى يتعلم الشعب. وهذا الأمر يختلف عن الخطأ الشخصى الذى لا يعرفه أحد، والذى قال عنه الرب: "إن أخطأ إليك أخوك، فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما" (مت18 : 15). أما الخطأ العام، فعقوبته أيضاً تكون أمام الكل. وكثيرة هى أمثلة العقوبة العلنية التى عاقب بها الله شعبه، أو التى صدرت من الأنبياء والرسل تجاه المخطئين. وبنفس المنطق نتكلم عن التعليم الخاطىء.. فالسكوت عن التعليم الخاطىء، إذا انتشر، ربما يجعل البعض يصدقه إذا لم يجد رداً عليه... أو أن الناس يعثرون من جهة الكنيسة، كيف أنها ساكتة على تعليم خاطىء ينتشر، سواء عن طريق الكتب أو المجلات أو الجرائد..! وفى هذا يرون أن الكنيسة مقصرة فى واجبها التعليمى. والتاريخ يقدم لنا صوراً متوالية متعددة عن موقف الكنيسة من الأخطاء اللاهوتية: كانت الكنيسة تقيم المجامع المكانية والمجامع المسكونية لمحاربة الأخطاء اللاهوتية. وكان الأمر علناً أمام الكل. مادامت الأخطاء العقيدية واللاهوتية قد تجرأت واستخدمت أسلوب العلانية، ولم تبال بأية رقابة كنسية، فلابد أن يرد عليها علانية، إنقاذاً للذين وصلت إليهم تلك الأفكار، وكذلك لوضع حد لصاحبى هذه الأفكار حتى لا يتمادى المخطىء فى أخطائه إذ وجد الكنيسة غافلة أو ساكتة عما ينشره من أخطاء... كما أن الكنيسة تصلها شكاوى عديدة ضد ما يُنشر من أفكار غريبة، وأصحاب الشكاوى ينتظرون رداً.. ولا تستطيع الكنيسة أن تسكت، وهى ترى العثرة أمامها.. ولا تستطيع أن تقابل شكاوى الناس بلا مبالاة، وبخاصة إذا تكررت وتعددت.. وتجد الكنيسة نفسها أمام واجب لابد أن تؤديه.. يمكننا أن نتنازل عن حقنا الشخصى، إذا ما أخطأ إلينا البعض خطية تمس أشخاصنا، لكننا لا نستطيع أن نتنازل مطلقاً عن تأدية واجبنا فى التعليم، وعن حماية العقيدة. إن القديس بولس الرسول قد وبخ القديس بطرس الرسول علانية، لأنه كان ملوماً (غل2 : 11) بل قاومه مواجهة.. على الرغم من أن القديس بطرس الرسول كان أقدم منه فى الرسولية، وكان أحد أعمدة الكنيسة المعتبرين الذين أعطوه يمين الشركة (غل2 :9) وأحد الذين عرض عليهم بولس إنجيله، أى كرازته التى يكرز بها بين الأمم (غل2 :2). ولكنه لما رأى أن بطرس والذين معه يخطئون "حتى أن برنابا أيضاً إنقاد إلى ريائهم" يقول القديس بولس فى ذلك: "ولكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل، قلت لبطرس قدام الجميع: إن كنت وأنت يهودى تعيش أممياً، فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا ؟! (غل 2: 13 ، 14). فى أمور العقيدة، الكنيسة لا تأخذ بالوجوه كما أمر الكتاب. أى أنها لا تجامل على حساب التعليم الصحيح... أما الأمور التى تحدث فى الخفاء، فإن الكنيسة لا تعلنها، وتبقيها فى الخفاء، وهى كثيرة.


--------------------------------------------------------------------------


هل الأسرار الكنسية يمكن أن تُباع؟ بحيث يحدد ثمن مثلاً للمعمودية! أو للقنديل (سر مسحة المرضى)، أو باقى أسرار الكنيسة.. ؟·

الأسرار لا يمكن أن تُباع لأنها من عمل الروح القدس. ومواهب الروح القدس لا يمكن أن تقتنى بدراهم (أع8 : 20). إنما إذا أراد إنسان فى مناسبة المعمودية، أن يقدم شيئاً للكنيسة، لا كثمن وإنما كقربان، كذبيحة شكر.. فيمكن أن يوجد صندوق فى الكنيسة لأمثال هذه القرابين، يضع فيه من يشاء ما يشاء، دون أن يطالب بشىء. وربما لا تعرف الكنيسة هل قدم هذا الشخص شيئاً أو لم يقدم. وإن عرفت أنه وضع شيئاً فى الصندوق، فلا تستطيع أن تحدد هل هو كثير أم قليل.. وعموماً نحن نشجع على المعمودية للزومها للخلاص (مر16 : 16). ومن المحال أن تطلب الكنيسة مقابلاً مادياً لها... بل ندعو الناس بكل قوة أن يذهبوا لتعميد أولادهم، ونلومهم إن تأخروا، ونفرح معهم فى يوم العماد، لأنه يوم يصبح فيه المعمد عضواً فى الكنيسة، عضواً فى جسد المسيح، وابناً لله.. فإن كان أحد فى يوم الفرح هذا، يريد أن يقدم قرباناً لله، فهذا أمر راجع إلى قلبه وشعوره.. ليس هو اضطراراً، ولا هو ثمناً، حاشا... ونفس الوضع نقوله بالنسبة إلى أسرار أخرى مماثلة... فسر مسحة المرضى مثلاً، هو عمل محبة، وطلبة لأجل المريض. ومحال أن يكون مجالاً لجمع مال..! وإلا فإنه يفقد ما فيه من حب، وما فيه من رعاية.. ولا يشعر المريض بقيمة هذه الصلاة التى يدفع ثمنها، والتى لا تتم بدون ثمن!! وليتنا باستمرار نتذكر قول السيد المسيح لتلاميذه: "مجاناً أخذتم. مجاناً أعطوا" (مت10 : 8). ما يدفع للكنيسة أحياناً فى بعض المناسبات، ليس هو ثمناً للسر، إنما هو تقدمة اختيارية للرب، ولا يمكن أن يكون ثمناً. فالأسرار لا تُباع..


------------------------------------------------------------------------


جاءنا هذا السؤال من كثيرين.. هل تتساوى الخطايا أم تختلف فى الدرجة؟ وهل الناس فى جهنم يقاسون عقوبة واحدة ؟ أم هناك درجات فى العقوبة؟ وما الذى يؤيد هذا من آيات الكتاب المقدس ؟·

قال الرب إنه سيأتى ليجازى كل واحد حسبما يكون عمله (رؤ22 :12). ولا شك أن أعمال الناس تختلف، وهكذا تكون المجازاة. وحتى على الأرض، قال فى العظة على الجبل "من قال لأخيه رقاً يكون مستوجب المجمع. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" (مت 5: 22). وواضح هنا أن العقوبة مختلفة لاختلاف درجة الذنب. وقد لاحظ هذه الملاحظة أيضاً القديس أوغسطينوس. ومن جهة اختلاف الخطية فى الدرجة وفى موقف الكنيسة منها، يقول القديس يوحنا الحبيب ".. توجد خطية للموت. ليس لأجل هذه أقول أن يطلب. كل إثم هو خطية. وتوجد خطية ليست للموت" (1يو 5: 16 ،17). والخطية التى ليست للموت، يمكن الصلاة عنها، لكى يعطى صاحبها حياة. والخطايا التى ليست للموت تدخل فى نطاقها الخطايا غير الإرادية، وخطايا الجهل، وخطايا السهو. ولاشك أن هناك فرقاً كبيراً بين الخطية غير الإرادية، والخطية التى تتم بكل إرادة وتصميم. كما أن هناك فرقاً بين خطايا الجهل، والتى بمعرفة.. وعدل الله يقتضى أن تكون العقوبة على قدر الخطية... حقاً إن الخطايا تتشابه فى الحرمان من الملكوت. ولكن حتى الذين يذهبون إلى جهنم تتفاوت درجة عذابهم، ولهذا يقول السيد المسيح عن كل من المدن التى رفضته ورفضت الإيمان ورفضت تلاميذه "الحق أقول لكم ستكون لأرض سدوم وعمورة يوم الدين، حالة أكثر احتمالاً مما لتلك المدينة" (مت10 : 15) (مت11 : 24). وعبارة "حالة أكثر احتمالاً مما.." تدل على تفاوت فى العقوبة، مبنية على التفاوت فى الذنب. والتفاوت فى الذنب واضح من الناحية العملية. فالذى يزنى بالفكر مثلا ليس مثل الذى يزنى بالفعل، لأنه يكون فى هذه الحالة قد نجس جسده وجسداً آخر معه. والذى يزنى بالفعل، ليس مثل الذى يزنى بالاغتصاب، فهذا أبشع. وكذلك الزنى بالمحارم (لا 20). والذى يغضب فكره، ليس مثل الذى يغضب لسانه وأعصابه، ويسىء إلى غيره، ويكون فى غضبه عثرة لآخرين.. والذى يفكر فى السرقة غير الذى يسرق فعلاً بالإكراه. وهناك تكون الخطية مركبة، أى تشمل عدة خطايا معاً. والخطية المركبة عقوبتها أكثر، لأنها فى درجتها ليست خطية واحدة بل جملة خطايا. فالذى يشتم شخصاً، يكون قد وقع فى خطية شتيمة، أما الذى يشتم أباً أو أماً، فإنه يضيف إلى خطية الشتيمة، خطية أخرى وهى كسر وصية إكرام الوالدين، فتصبح خطيئته مركبة. ولهذا فإن عقوبتها أبشع. يقول الكتاب فى ناموس موسى: "من سب أباه أو أمه، فإنه يقتل.. دمه عليه" (لا 20 : 9). كذلك من يضرب شخصاً عادياً، كانت تطبق عليه فى القضاء قاعدة "عين بعين، وسن بسن" (لا24 : 19 ، 20). أما الذى كان يضرب أباه أو أمه، فكانوا يرجمونه بالحجارة. الخطية أيضاً تزداد بشاعتها إن كانت فى الأقداس. فالذى يخطىء فى يوم مقدس كيوم صوم أو يوم التناول مثلاً تكون خطيئته أبشع. ولذلك كانت العقوبة شديدة بسبب خطيئة إبنى عالى الكاهن (1صم 2).


-----------------------------------------------------------------------------


من أنا ؟ ولماذا جئت ؟ ولماذا أعيش ؟ ولماذا أموت ؟·

هذا الموضوع يمكن أن نؤلف فيه كتاباً. ولكننى سأحاول الإجابة على أسئلتك باختصار شديد... 1- من أنا : + أنت إنسان، خُلق على صورة الله ومثاله (تك1 :26)، وينبغى أن تحتفظ بهذه الصورة الإلهية. + وأنت كائن حى، له روح ناطقة، لا تنتهى حياته بالموت، بل تستمر. وله ضمير يميز بين الخير والشر، ويستنير بروح الله الساكن فيه (1كو 3 : 16)... + وأنت تتميز بالعقل عن سائر المخلوقات الأرضية، وما يحويه هذا العقل من فهم وإدراك. + وبعقلك وبحرية إرادتك تكون مسئولاً عن أعمالك، أولاً أمام الله، وثانياً أمام ضميرك، وثالثاً أمام المجتمع الذى تعيش فيه.. + ومسئوليتك يتبعها ثواب أو عقاب فى الأبدية، بعد الدينونة أمام الله. 2- لماذا جئت ؟ من صلاح الله أنه أعطاك نعمة الوجود. من جوده، ومن كرمه، أعطاك فرصة أن توجد، وأن تتمتع بالحياة هنا على الأرض، وأن تكون لك فرصة أيضاً للحياة فى النعيم الأبدى، إن أردت، وعملت ما يجعلك تستحق النعيم. 3- ولماذا أعيش ؟ أنت تعيش لكى تؤدى رسالة نحو نفسك، ورسالة نحو غيرك، لكى تتمتع بالله هنا، وتذوق وتنظر ما أطيب الرب (مز34 : 8). وأيضاً فى حياتك تختبر، ومدى انجذابها نحو الخير والشر. فحياتك فترة اختبار تثبت بها استحقاقك لملكوت السماء، وتتحدد بها درجة حياتك فى الأبدية... فعليك أن تدرك رسالتك وتؤديها، وتكون سبب بركة للجيل الذى تعيش فيه. فبقدر ما تكون رسالتك قوية ونافعة، بقدر ما تكون حياتك ممجدة على الأرض وفى السماء... ولماذا أموت ؟ تموت لكى تنتقل إلى حياة أفضل.. إلى ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر (1كو 2 :9). وتنتقل أيضاً إلى عشرة أفضل، عشرة الله وملائكته وقديسيه. فالموت إذن ليس فناء، وإنما هو انتقال. إن حياتك لو دامت على الأرض، وبقيت متصلاً بالمادة ومتحداً بالجسد المادى، فليس فى هذا الخير لك. ولكن الخير لك أن تنتقل من حياة المادة والجسد، إلى حياة الروح وإلى الأبدية، وتكون مع المسيح فهذا أفضل جداً (فى1 : 23). لذلك اشتهى القديسون الانطلاق من هذا الجسد.. إنما يخاف الموت الذين لا يستعدون له، ولا يثقون أنهم ينتقلون إلى حياة أفضل.. أو الذين لهم شهوات على الأرض، لا يحبون أن يفارقوها!! والإنسان يموت، لأن الموت خير للكون. فمن غير المعقول أن يعيش الناس ولا يموتون، وتتوالى الأجيال وراء الأجيال لا تسعها الأرض، ويتعب الكهول من ثقل الشيخوخة، ويحتاجون إلى من يخدمهم ويعالجهم ويحملهم.. لذلك يموت جيل ليعطى فرصة لجيل آخر يعيش على الأرض ويأخذ مكانه فى كل شىء...


-----------------------------------------------------------------------------


ماذا يفعل الإنسان ليستعيد الثقة فى الناس، بعد أن إنهار أمام عينيه مثله الأعلى؟·

أول نقطة أحب أن أقولها لك هى: ليكن مثلك الأعلى هو السيد المسيح نفسه وسير القديسين. وحتى بالنسبة إلى القديسين، ذكر لنا الكتاب إنهم بشر مثلنا، وكانوا معرضين للسقوط، وسجل بعض خطايا الآباء والأنبياء. بل قال الكتاب عن إيليا الذى أغلق السماء وفتحها، والذى صعد إلى السماء فى مركبة نارية.. قال عنه: "إيليا كان إنساناً تحت الآلام مثلنا" (يع5 :17). ومع ذلك "صلى صلاة أن لا تمطر السماء، فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر. ثم صلى أيضاً فأعطت السماء مطراً". لذلك ليكن قلبك حنوناً على الناس. ولا تقل "إنهار مثلى الأعلى أمام عينى"!! إن بطرس لم يحدث أنه إنهار كمثل أعلى أمام المسيح وأمام التلاميذ، لما أنكر الرب أمام جارية، ولعن وحلف وقال لا أعرف الرجل (مت26 : 69 -74). وداود النبى لم يسقط كمثل أعلى، لما زنى وقتل ولجأ إلى طرق ملتوية من الخداع (1صم 11). وهكذا فى باقى خطايا الأنبياء.. لذلك ما أصعب قولك إن مثلك الأعلى إنهار أمام عينيك!! إن داود يقول عن الرب فى مغفرته "لأنه يعرف جبلتنا، يذكر أننا تراب نحن" (مز103). تذكر أن القديسين معرضون لحروب شديدة. وقد قال الكتاب عن الخطية إنها طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء (أم7 : 26). ومع أنهم سقطوا قتلى، إلا أن الكتاب قال عنهم أنهم أقوياء.. وعلى الرغم من سقوط شمشون أمام إغراء دليلة، إلا أن الرسول ذكره ضمن رجال الإيمان (عب11 : 32 ، 33). أما كيف تستعيد ثقتك بمثلك الأعلى ؟ فعليك أن تتذكر أعماله الفاضلة القديمة التى من أجلها إتخذته كمثل أعلى.. وأيضاً لا يجوز أن تلغى شخصيته كلها من أجل عمل واحد.. أو قل لنفسك "لكل إنسان ضعفاته" أو صلّ من أجله.. وأعرف أنه ليس أحد معصوماً من الخطأ. وإذا حدث أمامك خطأ من مثل أعلى، لا تفقد الثقة بكل الناس. ربما توجد أمثلة عليا أخرى، تعرفها أو لا تعرفها... فلا تعمم المشكلة التى واجهتك، ولا تتعقد من جهة جميع الناس. وهناك نقطة أخرى أقولها لك هى: كثير من الأبرار الذين سقطوا ثم تابوا، رفعتهم التوبة إلى درجة أعلى بكثير من حالتهم الأولى. من الجائز أن مثلاً أعلى قد سقط. ونعمة الرب لا تتركه، مادام يتضع أمامه. وما أسهل أن تقوده النعمة إلى توبة فيها إنسحاق قلب وإتضاع يرفعانه إلى درجة أعلى بكثير مما كان. وعلى أية الحالات، خذ سقوط هذا المثل درساً لك....


----------------------------------------------------------------------------




ما معنى قول الرب فى سفر التكوين "وأنا أطلب دمكم لأنفسكم" (تك9 : 5).·

قال الله فى مناسبة التصريح بأكل لحم الحيوان لأول مرة (تك9 : 3). فصرح بسفك دم الحيوان لأكله. ولكن لا يؤكل بدمه "غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوه" (تك9 : 4). وفى العهد الجديد أيضاً منع أكل الدم (أع15 :29). ومنع الله سفك دم الإنسان، إلا فى عقوبة القاتل. فقال "سافك دم الإنسان (بيد) الإنسان يسفك دمه" (تك9 : 6). ويعتبر هذا تصريحاً بإعدام القاتل، لأنه سفك دم إنسان، فينبغى أن يسفك دمه عقاباً له. ولكن ماذا عن المقتول؟ يقول الرب : "وأطلب أنا دمكم لأنفسكم" (تك9 :5). فكل إنسان يقتله غيره غدراً، الله يطالب بدمه. كما قال الله لقايين أول قاتل على الأرض "صوت أخيك صارخ إلىّ من الأرض. فالآن ملعون أنت من الأرض التى فتحت فاها، لتقبل دم أخيك من يدك" (تك4 : 10 ، 11). وهكذا قال الله لليهود "يأتى عليكم كل دم زكى سفك على الأرض، من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذى قتلتموه بين الهيكل والمذبح" (مت 23 :35). وهكذا أيضا قال الشهداء فى سفر الرؤيا "حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضى وتنتقم لدمائنا من الساكنين فى الأرض" (رؤ 6 : 9 ،10). وأنتم قتلوكم غدراً – يقول الرب – فأنا سأطلب دمكم. أى أطالب قاتليكم بهذا الدم الزكى، كما طالبت قايين: على أن هذه العبارة لا تُقال فقط حرفياً على قتل الجسد وسفك دمه، وإنما أيضاً على القتل الروحى. أى قتل الإنسان روحياً بالغواية أو الإهمال فى الرعاية. وقد ورد هذا المعنى فى سفر حزقيال النبى بصراحة، إذ قال الرب لمن جعله رقيباً على الناس. "إذ قلت للشرير موتاً تموت، وما أنذرته أنت ولا تكلمت انذاراً للشرير من طريقه الرديئة لإحيائه، فذلك الشرير يموت بإثمه. أما دمه فمن يدك أطلبه. وإن أنت أنذرت الشرير ولم يرجع عن شره، ولا عن طريقه الرديئة، فإنه يموت بإثمه. أما أنت فقد نجيت نفسك" (حز3: 18 ، 19). وتكررت نفس العبارة فى (حز33 : 8). "وأما دمه، فمن يدك أطلبه" كأنه قتل روحى. والله يطلب دمه. هذا الكلام لا نقوله فقط لرجال الكهنوت، وإنما أيضاً للآباء والأمهات الذين لا يربون أبناءهم فيهلكون. فيطالب الله آباءهم وأمهاتهم بدم هؤلاء الأبناء.. وهكذا فعل الله مع عالى الكاهن، وعاقبه على خطيئة أولاده (1صم2). ولعل هذا يُقال أيضاً عن العثرات التى نسببها للناس، ويهلكون بها روحياً. إنسان يتسبب فى خطية إنسان آخر فيهلك، فيطالبه الله بدمه، لأنه كان السبب فى هلاكه. ولعلك تذكر كل ذلك فى صلاتك حينما تقول فى المزمور الخمسين "نجنى من الدماء يا الله إله خلاصى" (مز50). بينما أنت لم تقتل أحد جسدياً. ولكن نجنى يارب من الدماء التى تطالبنى بها، التى أعثرتها فسقطت. أو إنسان تغدر به أو تظلمه، أو توقعه فى كارثه، وأنت من خدام الكنيسة، فيترك الله والكنيسة بسببك. وهذا أيضاً يطالبك الرب بدمه.


--------------------------------------------------------------------------------


أنا فتاة أعمل فى مدرسة، وأريد أن أقدم خدمة لربنا وللكنيسة، لأنى مديونة لربنا بالكثير، فماذا أفعل ؟·

نحب أولاً نشكرك على هذا الشعور. ومن جهة الخدمات: + توجد فى كثير من الكنائس فصول تقوية للتلاميذ فى دروسهم، فمن الممكن أن تساهمى فى إلقاء دروس تقوية حسب اختصاصك. + بصفتك مدرسة ومتعودة على حفظ النظام فى الفصول، يمكن أن تساهمى فى حفظ النظام فى النادى التابع للكنيسة. + إن كان لك مواهب أخرى غير التدريس، يمكن أن تشتركى بها فى أنشطة الكنيسة المتعددة. + إن كان يتبع الكنيسة التى تخدمين بها، أو الكنائس المجاورة، بيوت إيواء، مثل بيوت الطالبات المغتربات، أو بيوت المسنات، أو فصول للحضانة، يمكن أيضاً أن تشتركى فى خدمتها. + المهم أن تعرضى خدمتك، وثقى أن أبواباً كثيرة سوف تنفتح أمامك. وليكن الرب معك.


--------------------------------------------------------------------------------


هل الأب المطران أو الأسقف له أب غير السيد المسيح، وأم غير الكنيسة ؟! ما هذا الذى يكتب إذن فى الجرائد عن وفاة أب أو أم أحد المطارنة والأساقفة فى صفحة النعى والعزاء ؟·

طبعاً من الخطأ أن ينشر أحد لكى يعزى الأسقف، فالأسقف هو الذى يعزى الناس. والأسقف طبعاً غير مسئول عما ينشره الناس فى الجرائد. والأفضل أن هؤلاء ينشرون تعزية لأسرة الأسقف لا لشخصه.. أما من جهة عبارة "أب الأسقف وأمه"، فعلى الرغم من أن الأسقف قد مات فى رهبنته عن العالم، وأصبحت له قرابة روحية مع شعبه، إلا أننا لا ننكر أنهما أبواه بالجسد. والسيد المسيح نفسه – وهو على الصليب – اهتم بأمه. ولما انتقلت من هذه الأرض، أصعد جسدها إلى السماء. ونحتفل نحن بهذا العيد فى 16 بشنس (22 أغسطس) من كل عام. وأجلسها عن يمينه فى السماء كما يقول المزمور "قامت الملكة عن يمينك أيها الملك" (مز45).. وأعطانا فى هذا، درساً فى إكرام الأم. الأسقف إذا لم يكرم أباه وأمه فى وفاتهما، لا يعطى للناس قدوة فى إكرام الوالدين. فمهما وصل منصبه الدينى، لا يجوز أن ينسى أن هذه الأم هى التى أرضعته وربته وهو طفل. وأبوه هو الذى اهتم به وعلمه وانفق عليه. ولا يمكنه أن ينسى فضلهما عليه. ولا يجوز – وهو فى رتبة الأسقفية – أن يكون غير وفى لوالديه. وإلا فإنه يعثر الناس فى حفظ هذه الوصية التى هى أولى الوصايا فى العلاقات البشرية، وأول وصية بوعد (خر20 : 12) (أف 6: 1، 2).


--------------------------------------------------------------------------------


ما هو موقف الكنيسة فى تقسيم الميراث بين الرجل والمرأة ؟·

الكنيسة لم تضع للميراث نظاماً محدداً. جاء أحدهم إلى السيد المسيح يقول له "يا معلم، قل لأخى أن يقاسمنى الميراث". فأجابه "من أقامنى عليكما قاضياً أو مقسماً؟!".. ثم قال "انظروا، تحفظوا من الطمع" (يو12 : 13 – 15). المسيحية لم تضع قوانين مالية، إنما وضعت مبادىء روحية، فى ظلها يمكن حل المشاكل المالية وغيرها. وينطبق هذا على موضوع الميراث. إن وجُدت بين الأخوة محبة وعدم طمع، يمكن أن يتفاهموا بروح طيبة فى موضوع الميراث. بل كل واحد منهم يكون مستعداً أن يترك نصيبه لأى واحد من أخوته أو أخواته يرى أنه محتاج أكثر منه. أنظر كيف كانت الأمور تجرى فى الكنيسة أيام الرسل، بنفس هذه الروح: "لم يكن أحد يقول إن شيئاً من أمواله له، بل كان عندهم كل شىء مشتركاً" ولم يكن فيهم أحد محتاجاً" "وكان يوزع على كل أحد، كما يكون له احتياج" (أع4 : 32 – 35). هكذا عاشت الكنيسة مرتفعة عن مستوى القانون، تدبر أمور أولادها فى محبة وقناعة.. حالياً نحن نسير حسب قانون الدولة فى الميراث. ولكن يمكن التصرف قبل وفاة أحد الوالدين. فمثلاً إن وجد الأب أن أولاده موسرين وأغنياء، وابنته محتاجة، يستطيع قبل وفاته أن يكتب لها جزءاً من الميراث، أى أن يتنازل عن جزء بطريقة شرعية تسجل فى الشهر العقارى. وتصبح مالكة لهذا الجزء فى حياته ولا علاقة له بالميراث. أو يعطيها حق الرقبة فى جزء، بحيث يصبح ملكاً لها بعد وفاته، بالإضافة إلى نصيبها فى الميراث.. أى أنه يوجد نوع من التصرف باسم القانون، لتعديل أنصبة الورثة قبل وفاة أحد الوالدين. فالأمور يمكن أن تحل بالمحبة والقناعة، أو بالحكمة، أو بالتصرف القانونى السليم لإقامة العدل بين الورثة، وليس بتنفيذ حرفية القانون.


-----------------------------------------------------------------------------


أجد أمامى أخطاء ضد الإيمان والعقيدة، من خدام داخل الكنيسة، فهل لو أظهرتها للناس، وشرحت لهم ما فيها من خطأ، أكون قد وقعت فى خطية إدانة ؟ وهل أصمت، لكى تمر الأمور فى هدوء، يكون من الحكمة والروحانية ؟·

ينبغى أن نفرق بين الحكم على الخطايا الشخصية، والحكم على الأخطاء العقيدية أو الإيمانية. وليس من حقنا أن نخوض فى حياة الإنسان الشخصية، ونلوك سيرته بأفواهنا. مثل إدانة الفريسى للمرأة الخاطئة التى بللت قدمى المسيح بدموعها (يو7 : 39)، أو طلب رجم المرأة المضبوطة فى ذات الفعل (يو8 : 4)، أو انتقاد الفريسيين لتلاميذ المسيح، لتناولهم الطعام بأيد غير مغسولة (مت15 :2). خطية الإدانة تتناول التصرفات الشخصية والحياة الأدبية.. وهى التى تتعلق بها وصية الرب "لا تدينوا لكى لا تدانوا.. لأنه بالكيل الذى به تكيلون، يُكال لكم" (مت7 : 2).. لأن كل إنسان له خطاياه الشخصية. وعن هذه الخطايا، قال السيد المسيح فى قصة المرأة المضبوطة فى ذات الفعل "من كان منكم بلا خطية، فليرجمها بأول حجر" (يو8 :7). وعن التصرفات الشخصية، قال القديس بولس الرسول "من أنت الذى تدين عبد غيرك ؟ هو لمولاه، يثبت أو يسقط. ولكنه سيثبت، لأن الله قادر أن يثبته" (رو 14 :4). أما أمور. الإيمان، فلا تدخل فى خطية الإدانة. بل على العكس الدفاع عن الإيمان واجب مقدس. هوذا القديس يوحنا الحبيب، الذى هو من أكثر الناس حديثاً عن المحبة، يقول من جهة الأمور الإيمانية "إن كان أحد يأتيكم ولا يجىء بهذا التعليم، فلا تقبلوه فى البيت، ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلّم عليه، يشترك فى أعماله الشريرة" (2يو10).. هل يقع من يرفض السلام على مثال هذا الإنسان فى خطية الإدانة ؟! حاشا. بل لو أنه قبل هذا المنحرف، يقع فى خطية.. وهكذا يقول القديس بولس الرسول: الرجل المبتدع – بعد الإنذار مرة ومرتين – أعرض عنه. عالماً أن مثل هذا قد انحرف وهو يخطىء، محكوماً عليه من نفسه (تى3 : 10 ،11). ويقول أيضاً "أنذروا الذين بلا ترتيب" (1تس5 :4). وأيضاً: "نوصيكم أيها الأخوة باسم ربنا يسوع المسيح: أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب، وليس حسب التعليم الذى أخذه منا" (2تس 3: 6). هنا تعليم الرسل لا يكتفى بمجرد الإدانة، بل يتطور أكثر إلى إنذار الشخص المنحرف، والإعراض عنه، وتجنبه، وعدم قبوله فى البيت وعدم السلام عليه.. المبتدع والمنحرف إيمانياً وعقيدياً، يجب إدانته. وعدم إدانته خطية. لأن عدم إدانة المنحرف، تجعل تعليمه المنحرف ينتشر، ويأخذ دائرة أوسع. ويؤثر على مجموعة أكبر من الناس. ونكون نحن مقصرين من جهة الإيمان الذى قال عنه الرسول "اكتب إليكم واعظاً أن تجتهدوا لأجل الإيمان المُسلّم مرة للقديسين" (يه3). وهنا يبدو فرق جوهرى بين الخطايا الشخصية والانحرافات العقيدية. الخطايا الشخصية تنحصر كل منها فى شخص معين بالذات، وخطرها واقع عليه، وربما يمتد إلى دائرة ضيقة جداً. أما خطايا الفكر والعقيدة فإنها تنتشر بسرعة وسط مجموعات كثيرة، وربما تؤثر على الكنيسة كلها، إلى جوار أنها تمس الإيمان. فيجب مقاومتها ومحاربتها. كل الكنيسة إكليروساً وشعباً أدانت أريوس ونسطور وأوطاخى، وأمثالهم. ولم تكن خطية إدانة. إنما هى إدانة شرعية واجبة. هى أولاً وقبل كل شىء إدانة للفكر، وللعقيدة الخاطئة.. إدانة لكل تفسير منحرف لآيات الكتاب المقدس. والذين تزعموا إدانة المنحرفين فى العقيدة، اعتبرتهم الكنيسة من أبطال الإيمان، أمثال القديس أثناسيوس، والقديس كيرلس الكبير، والقديس باسيليوس، والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات.. وكذلك الشعب الصامد المتمسك بإيمانه، الذى رفض تلك البدع. هل نقصر إذن فى الدفاع عن الإيمان بحجة الإدانة ؟! حاشا. هناك فرق بين الإدانة الواجبة، وخطية الإدانة. أترانا لا ندافع عن الإيمان ضد بدع شهود يهوه والسبتيين وأمثالهم، خوفاً من خطية الإدانة ؟! وإذا وقع أحد داخل الكنيسة فى خطأ إيمانى أو عقيدى، هل نجامله على حساب الإيمان ؟! وهل نتخوف من الوقوع فى الإدانة ؟ كلا، فإدانته فضيلة. وعدم إدانته تقصير فى حق الإيمان. إن الحديث عن الإدانة هنا، حديث عن أمر فى عكس موضعه.


------------------------------------------------------------------------------------------


أنا خاطىء وضال، إقترفت الكثير من الخطايا. واعترفت وتناولت من الأسرار المقدسة. وأب إعترافى لم يعطنى عقوبة. وضميرى يتعبنى لأنى لم آخذ عقوبة لكى أستريح.·

ليس كل آباء الإعتراف يوقعون عقوبات على المعترفين. وبخاصة لو كان المعترف نادماً جداً ومنسحق القلب فى إعترافه، فيرى هؤلاء الآباء أنه يكفيه ذل نفسه من الداخل. ويضعون أمامهم مثال السيد المسيح الذى قال للمرأة المضبوطة فى ذات الفعل "ولا أنا أدينك. أذهبى ولا تخطئى أيضاً" (يو8 :11). وكذلك منحه المغفرة للخاطئة التى بللت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها، دون أن يوقع عليها عقوبة، بل قال لها "إذهبى بسلام" (لو7: 48 ،50). المفروض أن صلاة التحليل هى التى تريحك، وليس العقوبة. فمادمت قد سمعت كلمة المغفرة، هذا يكفى.. ومع ذلك فكثير من الخطاة يشعرون بألم داخلى، لأنهم جرحوا قلب الله بخطاياهم، وليس لأن خطاياهم لم تغفر. فداود النبى بعد أن سمع المغفرة من فم ناثان النبى (2صم 12: 13)، عاد فبلل فراشه بدموعه باكياً على خطاياه (مز6).. على الرغم من أن الله عاقبه أيضاً، لأنه بخطيئته "جعل أعداء الرب يشمتون" (2صم12 : 14). لذلك مادامت العقوبة تريحك، لك عندى نصيحتان: 1- إما أن تصارح أب إعترافك وتطلب منه عقوبة. 2- أو أن تعاقب نفسك بنفسك. وأول عقوبة – وفى نفس الوقت هى علاج – أن تضبط نفسك جيداً من جهة الخطية التى ارتكبتها، وأن تبعد عن كل أسبابها. وأن تبكت نفسك، وتمنع ذاتك عن بعض ما تشتهيه. فأنت تعرف جيداً ما هو الذى يتعبك، ربما أكثر مما يعرف أب إعترافك عنك. ولكن فى معاقبتك لنفسك، ليكن ذلك فى حدود المعقول، وفى حدود إحتمالك. ويمكن أن تستشير أب إعترافك فى ذلك.


----------------------------------------------------------------------------


يوجد خلاف بينى وبين أخى، وحاولت أن أتصالح معه. ولكنه لا يرضى عنى. وأريد أن أتناول. فماذا أفعل لكى أنال بركة التناول ؟·

كونك تريد مصالحته وهو يرفض، معناه أنك أخطأت فى حقه خطأ جسيماً مازال أثره فى نفسه، ولم يستطع أن يغفر. ذلك لأن الخطأ البسيط من السهل التسامح فيه. ومن غير المعقول أن أخاك يرفض مصالحتك لأجل غلطة عابرة أو بسيطة. إنه درس لك، أن تحترس فى المستقبل حتى لا تقع فى مثل تلك الغلطة. ولا تخجل من أن تذهب إليه مرة ثانية وثالثة وأكثر من ذلك وتستسمحه. ولا مانع من أن توسّط والدك أو والدتك، أو بعض أقاربك. وأطلب منهم أن يسألوه ماذا يطلب منك لكى يغفر لك. وثق أنك بعد كل هذا التعب، لن تكرر ذلك الخطأ. فالمعروف أن المغفرة تأتى بسهولة، لا يشعر فيها الإنسان بثقل الخطية، وما أسهل أن يكررها. أما الخطية التى يبذل جهداً كبيراً على مدى طويل لتلافى نتائجها، فهذه من الصعب أن تتكرر، لأنه ذاق مذلتها. وفى كل مرة تشتاق إلى التناول، وبخّ نفسك، وقل : أنا لا استحق لأننى تسببت فى غضب أخى علىّ ، ذلك الغضب الذى لم يستطع أن يتخلص منه، بسبب خطأ منى لم يستطع أن ينساه..!


--------------------------------------------------------------------------------





ما موقفنا من خادم كبير فى الكنيسة، يعطى مواعيد لإلقاء الكلمة. وننتظره فلا يحضر مراراً وتكراراً. ثم يعتذر باعتذارات غير مقبولة !!·

لا شك أن الخادم الذى يعطى ميعاداً لإلقاء كلمة ولا يحضر، هو شخص لا يراعى شعور المخدومين، ولا يراعى مصلحة الإجتماع. لأن تكرار هذا الغياب يجعل الإجتماع غير ثابت، وربما ينحل. وإن كان لديه عذر قهرى، فمن المفروض على هذا الخادم أن يقدم هذا العذر قبل موعد الإجتماع بفترة تسمح بدعوة خادم آخر بديل. أما وقد كرر الغياب فأفضل عقاب له أنكم تمتنعون عن دعوته لإلقاء كلمة مرة أخرى. على الأقل لفترة عدة شهور، لكى يتضع من جهة، ولكى يشعر بخطئه، ويحترم موعد الإجتماع، ويتعلم الإلتزام.. ولا يعتمد على أنه خادم كبير ومعروف... وإن دعوتموه بعد ذلك، اهتموا أن يكون هناك بديل له فى نفس الإجتماع. بحيث إن تأخر يبدأ البديل فى إلقاء الكلمة. وبهذا يأخذ هذا الخادم الكبير درساً ينفعه وينفع الإجتماع. أقول هذا، لأن كثيرين إذا عوقبوا، يستفيدون من العقوبة، مهما كانوا كباراً. وأيضاً لأن المصلحة العامة أهم بكثير من مجاملة الكبار...


---------------------------------------------------------------------------------


ما هى السن المناسبة للشاب أو للشابة للإشتراك فى فصول إعداد خدام ؟·

فى الواقع هذا الأمر يتوقف على مدى النضوج. سواء النضوج الروحى أو الفكرى، وكذلك مدى الإحساس بالمسئولية، ومدى المعرفة الدينية، والقدرة على القيادة. فمقياس السن ليس هو المقياس الوحيد. هناك أشخاص كبار لا يصلحون. وقد يوجد من هم أصغر منهم سناً بكثير، وعلى درجة كبيرة من النضوج. القديس تادرس تلميذ الأنبا باخوميوس كان ناضجاً جداً فى قيادة الأديرة، على الرغم من صغر سنه، وكذلك قيل عن القديس يوحنا القصير إن "الأسقيط كله كان معلقاً بأصبعه" على الرغم من أنه كان شاباً صغيراً. لذلك تعهدوا هذه المواهب، قبل أن يخطفها تيار آخر بعيد عن الخدمة من أنشطة العالم المتعددة. قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف : "لا يستهن أحد بحداثتك" (1تى 4: 12). ونلاحظ أنه فى المدن التى لا توجد بها جامعات. بعد الثانوية العامة يسافر الشاب إلى مدينة كبرى توجد بها جامعة. وهكذا لا تستفيد كنيسته الأصلية بخدمته. وغالباً لا يبدأ الخدمة من الثانوية العامة، لأنها تحتاج إلى مذاكرة مركزة. لهذا غالباً ما تحتاج الكنيسة إلى الشاب وهو فى السنة الأولى أو الثانية الثانوية. وكثير من كبار الخدام حالياً، بدأوا خدمتهم وهم فى تلك المرحلة.


---------------------------------------------------------------------------------


ماذا يفعل الأب الكاهن، إذا اعترف إنسان عليه بأنه ارتكب جريمة قتل، بينما قبض البوليس فى نفس الجريمة على إنسان آخر برئ، وأصبح هذا البرئ معرضاً للحكم عليه بالإعدام.. ؟!·

الإعتراف سرّ لا يمكن للأب الكاهن أن يبوح به. فالسرّ الذى اعترف به هذا القاتل، سيظل سرّاً. غير أن الكاهن أمامه أمران فى مثل هذه الحالة، وهما: أ- بماذا ينصح هذا القاتل المعترف ؟ ب- ماذا يعمل لإنقاذ الشخص البرئ المقبوض عليه ؟ هل ينصح المعترف بأن يسلّم نفسه للبوليس ويقرّ بجريمته ؟ وبهذا ينقذ نفس المتهم البرئ. وأيضاً يريح ضميره هو المثقل بجريمته، حتى لو حكم عليه بالإعدام. لأن الكتاب يقول "نفس بنفس" (تث 19: 21). وقال أيضاً "من يد الإنسان اطلب نفس الإنسان.. سافك دم الإنسان، بالإنسان يُسفك دمه" (تك9 :5 ،6). وموته هنا على الأرض، اخف من عقوبة الموت الأبدى. فإن لم يستطع تسليم نفسه، فماذا يفعل؟ هل يمكن أن يرسل خطاب إلى البوليس وإلى النيابة، يذكر فيه أنه القاتل – دون أن يذكر إسمه – ويشرح تفاصيل معينة تثبت أنه القاتل، وأن الشخص المقبوض عليه برئ. وعلى الأقل تتشكك المحكمة. أما إن لم يفعل، ولم يستطع إقناع المحكمة : فإنه يكون قد أرتكب جريمتين، وقتل إثنين: قتل الشخص الذى اعترف أمام الكاهن بقتله. وأيضاً الشخص البرئ المقبوض عليه، إن حكمت المحكمة بإعدامه. وعلى الكاهن أن يقول له : ابحث عن أبديتك. هل تختار الحياة الحاضرة، التى لابد أن تنتهى بعد حين. أو تختار الأبدية بأن تدفع هنا ثمن جريمتك.


--------------------------------------------------------------------------------


هل البخل خطية، أم هو مجرد نقص ؟·

البخل هو عدة خطايا معاً، أى خطية مركبة. البخل فيه خطية محبة المال وعدم انفاقه. والكتاب يقول إن "محبة المال أصل لكل الشرور. الذى إذا ابتغاه قوم، ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تى6: 10). والسيد المسيح يعتبر محبة المال نوعاً من العبادة تنافس عبادة الله. فيقول "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين.. الله والمال" (مت6: 24). ونعرف أن الشاب الغنى مضى من أمام المسيح حزيناً، لأنه كان ذا أموال كثيرة (مت 19 : 22). والمقصود بالمال هو كل ما يملكه الإنسان سواء من النقد أو من المقتنيات أياً كانت. والبخل يحوى أيضاً عدم محبة الآخرين، والبعد عن فضيلة العطاء. فهو يشمل حرمان الآخرين من أخذ نصيب مما له، مهما كانوا فى أمس الحاجة إلى ذلك! فهو لا ينقذ غيره بشىء من العطاء. ويكسر وصية الرب القائلة "من سألك فاعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده" (مت5 : 42). وبهذا تقف أمامه الآية التى تقول "من يسدّ أذنيه عن صراخ المسكين، فهو أيضاً يصرخ ولا يستجاب" (أم21 : 13). وتكون نهايته كنهاية الغنى الذى لم يشفق على لعازر المسكين، ولم يعطه حتى الفتات الساقط من مائدته (لو16 : 21 ، 23). والبخيل يقف أمامه – من جهة مساعدة الآخرين – قول الكتاب: "من يعرف أن يعمل حسناً ولا يفعل، فتلك خطية له" (يع4 : 17). فلاشك أن الذى عنده مال، يعرف أنه يستطيع أن يستخدمه فى أعمال حسنة كثيرة، مثل أسلوب الكرماء. ولكنه لا يفعل بسبب محبته للمال وعدم رغبته فى الإنفاق. ولاشك أن هذه خطية له. بل إن البخيل، غالباً ما يكون أيضاً بخيلاً على نفسه. إنه يعيش كفقير، على الرغم من كل ما يملكه. لأنه لا يريد أن ينفق حتى على نفسه! لأنه يحب المال أكثر مما يحب نفسه. يحب "الجمع والتكويم" (جا2 : 26) "يذخر ذخائر، ولا يدرى من يضمها" (مز39: 6). "يكنز له كنوزاً على الأرض" (مت6 : 19)، ولا يعرف كيف يستفيد منها، ولا يود أن يكنز له كنوزاً فى السماء. أما كنوزه فتضيع قيمتها. وكما قال الشاعر : فهى بالإنفاق تبقى * وهى بالإمساك تفنى مثله مثل إنسان عنده قدح من الحنطة. إن أبقاه عنده، يأكله السوس. وإن ألقاه فى الأرض يدر عليه آلاف السنابل وأرادب من القمح.. البخيل أيضاً غالباً ما يكون بخيلاً على أسرته! بخيلاً على زوجته وأولاده وباقى أفراد عائلته. لا يعطيهم ما يطلبون، ويقتر عليهم ويكون شحيحاً فى إعطائه. وكثيراً ما يتسبب البخل فى مشاكل عائلية، وأحياناً يؤدى إلى الطلاق. وقد قرأنا كثيراً فى الأخبار أن الحقد على بعض البخلاء أدى إلى قتلهم. البخيل يفقد محبة الناس. لأنه لا يفتح قلبه لهم، ولا يفتح جيبه ولا خزائنه، ولا يساهم فى حل مشاكلهم، ولا يشعرهم بحنو أو بعطف. فيسخطون عليه وعلى ماله، الذى لا يستفيد منه ولا يفيد الآخرين. والكتاب المقدس يذكر لنا كيف أن بخل نابال الكرملى قد أثار سخط داود النبى، فصمم على قتله. لولا أن أبيجايل أنقذت الموقف بحكمتها وكرمها (1صم 25).


---------------------------------------------------------------------------------------


هل أنا مسئول عن خلاص من هم حولى، إذا كانوا.لا ينصتون إلى كلامى. فماذا أفعل؟·

أنت مسئول عن توصيل كلمة الخلاص للذين حولك. ولكنك لست مسئولاً عن قبولهم أو عدم قبولهم... الأنبياء أيضاً كانوا يوصلون رسالة الله إلى الناس. وما أكثر الذين كانوا يرفضون تلك الرسالة، كما حدث أيام ارميا النبى، وأيام إيليا النبى الذى قال للرب "..قتلوا أنبياءك بالسيف وبقيت أنا وحدى. وهو يطلبون نفسى ليأخذوها" (1مل19 : 14). والسيد المسيح نفسه قال فى ذلك "يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها. كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا" (مت23 : 37). السيد المسيح أيضاً : البعض قبل كلامه والبعض تآمروا عليه وصلبوه. وبولس الرسول بشر أهل أثينا بكلام حكيم. ولكنهم سخروا به قائلين: "ماذا يريد هذا المهذار أن يقول؟!" (أع17 : 18). وما أكثر ما كان بولس الرسول يبشر فالبعض "يقبلون الكلمة بكل نشاط" بينما اليهود يهيجون الجموع ضده" (أع17 : 11 ، 13). إذن مسئوليتك هى فقط توصيل الكلمة، وليس الضغط على قبولها. من الأمثلة الجميلة – على ذلك مثل الزارع (مت13). الزارع ألقى البذار: البعض التقطه الطير، والبعض خنقه الشوك. والبعض ظهر قليلاً ثم جف. والبعض أتى بثمر، وحتى الذى أتى بثمر كان على مستويات: ثلاثين وستين ومائة. مع أن الزارع نفس الزارع، والبذار نفس البذار! فلا تملكك عقدة الذنب Sense of guilt إن لم تستطع كسبهم للرب فإن لوطاً البار نصح أهل سادوم، ولم يقبلوا كلامه وهلكوا. ويقول الكتاب عنه إنه "كان كمازح فى وسط أصهاره" (تك19: 14). ولا نستطيع أن نقول إن لوطاً عليه مسئولية فى هلاك أهل سدوم! نفس المبدأ ورد مرتين فى سفر حزقيال النبى، حتى بالنسبة إلى الشخص الذى أقامه الرب رقيباً على الناس. يقول الرب "..وإن أنذرت أنت الشرير، ولم يرجع عن شره ولا عن طريقه الرديئة. فإنه يموت بإثمه، وأما أنت فقد نجيت نفسك" (حز3 : 19) (حز33 : 9) غير أن هناك ملاحظات هامة فى تبليغك كلمة الله للناس. 1- أن نقول كلمة الله، وتكون قدوة فى التنفيذ. لأنه من الجائز أن تبلغهم وصية الله، بينما أعمالك وتصرفاتك تجعلهم لا يستفيدون منك. تعثرهم فلا يقبلون ما تقول. وهنا تكون أنت مسئولاً، لأن حياتك المعثرة أساءت إلى قوة الكلمة، أو افقدت كلمتك قوتها. 2- حينما تبلغ الذين حولك كلمة الله، بلغ إياها فى تواضع وهدوء. لأن النصيحة التى تبلغها فى كبرياء، لا تكون مقبولة. ولا يكون مستمعوك مستعدين لقبول كلامك، إن شعروا أنك تكلمهم من فوق! أو فى احتقار لهم، أو بجرح لشعورهم، أو بعنف.. تذكر كيف كلّم السيد المسيح المرأة السامرية، فقبلت ذلك منه، على الرغم من أن خطاياها صارت مكشوفة قدامه (يو4). 3- فى نصحك لمن هم حولك، تذكر قول الكتاب "رابح النفوس حكيم" (أم11: 30). ومن ضمن الحكمة أنك لا تطلب منهم ما هو فوق مستواهم، حتى لا يشعروا بأن التدين صعب عليهم فيرفضوه. بينما تكون الحكمة أن تقودهم فى تدرج ممكن. تذكر موقف الآباء الرسل حين قالوا "لا يُثقل على الراجعين إلى الله من الأمم" (أع15 : 19). وأرسلوا إليهم يقولون ".. لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة" (أع15 : 28). فإن أردت أن تؤدى رسالة نحو الذين حولك: كن حكيماً، عارفاً بالنفوس. تدرج معهم. كلمهم بحكمة ووداعة. وكما قال الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف: "لا تزجر شيخاً، بل عظه كأب، والعجائز كأمهات، والأحداث كأخوة والحدثات كأخوات، بكل طهارة" (1تى 5 : 1 ، 2). ولا تيأس إن تكلمت مرة أو مرتين ولم تأت بنتيجة.. إن بعض النفوس يلزمها وقت لكى تتخلص مما هى فيه من أخطاء. فاستخدم طول الأناة، وكذلك القدوة، والصلاة حتى يشترك الرب معك، ويعطيك كلمة من عنده، ويعطيهم قبولاً لكلامك وقوة للتنفيذ.


------------------------------------------------------------------------------------


الآباء الرسل فى يوم العشاء الربانى، تناولوا من السرّ المقدس بعد أن احتفلوا بالفصح وأكلوا من خروف الفصح. فهل نفهم من هذا أنهم تناولوا وهم مفطرون؟!·

لم يكن الفصح أكلاً عادياً، إنما كان رمزاً للسيد المسيح. فالسيد المسيح هو فصح العهد الجديد، كما قيل فى الرسالة إلى كورنثوس "لأن فصحنا المسيح قد ذُبح لأجلنا" (1كو 5 : 7). إذن فهم قد تناولوا من الفصح القديم ثم من الفصح الجديد. من الرمز ثم من المرموز إليه. لوكان الفصح طعاماً عادياً، لكان صاحب السؤال محقاً فيما يقول.. ولكن أكل الفصح كان عملاً سرياً، يرمز إلى نفس العشاء الربانى الذى كانوا يتناولونه وقتذاك. ولم يكن إفطاراً. إن ما فعله السيد المسيح وقتذاك هو أنه جعلهم يجمعون بين القديم والجديد فى وقت واحد.


------------------------------------------------------------------------------


هل جنة عدن هى الفردوس التى تذهب إليها أرواح الأبرار ؟·

كلا طبعاً. فجنة عدن كانت على الأرض. وذكر سفر التكوين أربعة أنهار كانت تسقى الجنة، منها نهر الفرات. كما ذكرت الأراضى شرقى آشور وغيرها (تك2 : 10 – 14). أما الفردوس فهى السماء الثالثة، وهى التى صعد إليها القديس بولس الرسول حيث قال "أعرف إنساناً فى المسيح يسوع.. أفى الجسد لست أعلم، أم خارج الجسد لست أعلم. الله يعلم. أختطف هذا إلى السماء الثالثة. وأعرف هذا الإنسان أفي الجسد أم خارج الجسد، لست أعلم. الله يعلم. أنه أختطف إلى الفردوس، وسمع كلمات لا ينُطق بها.." (2كو12 : 2 – 4). فقال عن المكان الذى اختطف إليه إنه الفردوس مرة، والسماء الثالثة مرة أخرى. مما يعنى أن الفردوس هى السماء الثالثة. وليس من المعقول أن تكون الفردوس. هى الجنة التى كان فيها آدم على الأرض. وتكون فى نفس الوقت هى المكان الذى وعد به الرب اللص اليمين أن يكون معه فيه.. حيث قال له : "الحق أقول لك إنك اليوم تكون معى فى الفردوس" (لو23 : 43). كذلك فالجنة – كما يفهم من إسمها، وكما شرح الكتاب – هى حديقة كبيرة فيها كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل (تك2 :9). وطبعاً كل هذه خيرات مادية لا تصلح أن تكون نعيماً للأرواح.. كما أن جنة عدن قد اختفت وانتهى أمرها.


---------------------------------------------------------------------------------




هل توجد آيات صريحة فى الكتاب المقدس تذكر لاهوت المسيح؟ يسرنا إيراد بعض منها..·

نعم، توجد آيات كثيرة، نذكر من بينها: قول بولس الرسول عن اليهود ".. ومنهم المسيح حسب الجسد، الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد آمين" (رو9: 5). مقدمة إنجيل يوحنا واضحة جداً. إذ ورد فيها: "فى البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" (يو1: 1). وفى نفس الفصل ينسب إليه خلق كل شئ، فيقول "كل شئ به كان. وبغيره لم يكن شئ مما كان" (يو1: 3). وعن لاهوت المسيح وتجسده يقول بولس الرسول فى رسالته الأولى إلى تيموثاوس "وبالإجماع عظيم هو سر التقوى، الله ظهر فى الجسد" (1يو 3: 16). وعن هذا الفداء الذى قدمه المسيح كإله يقول بولس الرسول إلى أهل أفسس "أحترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس فيها أساقفة، لترعوا كنيسة الله التى اقتناها بدمه" (أع20: 28) وطبعاً ما كان ممكناً أن الله يقتنى الكنيسة بدمه، لولا أنه أخذ جسداً، سفك دمه على الصليب. ولقد اعترف القديس توما الرسول بلاهوت المسيح، لما وضع أصبعه على جروحه بعد قيامته، وقال له "ربى وإلهى" (يو20: 28). وقد قبل السيد المسيح من توما هذا الإيمان بلاهوته. وقال له موبخاً شكوكه "لأنك رأيتنى يا توما آمنت. طوبى للذين آمنوا ولم يروا". وحتى إسم السيد المسيح الذى بشر به الملاك، قال "ويدعون اسمه عمانوئيل، الذى تفسيره الله معنا" (مت1: 23). وكان هذا إتماماً لقول النبى أشعياء "ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابناً، وتدعو اسمه عمانوئيل" (أش7: 14)، لقد صار الله نفسه آية للناس بميلاده من العذراء. وما أكثر الآيات التى تنسب كل صفات الله للمسيح.


-------------------------------------------------------------------------------


السيد المسيح يأتى فى مجده ليدين الأحياء والأموات. فمن هم الأحياء ومن هم الأموات ؟·

+ الأموات الذين يدينهم الرب هم الأموات وقت مجيئه، الذين سيقيمهم من الموت ويدينهم (يو5 : 28 ، 29). والأحياء هم الذين سيكونون أحياء وقت المجىء الثانى للرب، وهؤلاء سيدخلون الدينونة أيضاً. + عموماً المقصود هو إدانة الجميع : بما فى ذلك البشر الذين يموتون بانفصال أرواحهم عن أجسادهم. أو إدانة الشياطين الذين لا يموتون بالجسد مثل البشر، لكن لهم أرواح حية ينطبق عليها قول الكتاب "لك اسم أنك حى، وأنت ميت" (رؤ3 : 1). + ويمكن أن عبارة أحياء تنطبق على الأبرار، وعبارة (أموات) تنطبق على الأشرار، كما قال الأب عن الابن الضال "ابنى هذا كان ميتاً فعاش" (لو15 : 23 ، 32). + عبارة الأحياء قد تنطبق أيضاً على الأرواح التى لا تموت بطبيعتها، كالأرواح النجسة الشريرة (الشياطين). والأموات تعنى البشر المائتين.


-----------------------------------------------------------------------------------------------


لماذا كان السيد المسيح يلقب نفسه بابن الإنسان؟ هل فى هذا عدم إعتراف منه بلاهوته؟ ولماذا لم يقل إنه ابن الله؟·

السيد المسيح إستخدم لقب ابن الإنسان. ولكن كان يقول أيضاً إنه ابن الله... قال هذا عن نفسه فى حديثه مع المولود أعمى، فآمن به وسجد له (يو9: 35- 38). وكان يلقب نفسه أحياناً [الابن] بأسلوب يدل على لاهوته كقوله "لكى يكرم الجميع الإبن، كما يكرمون الآب" (يو5: 21- 23). وقوله أيضاً "ليس أحد يعرف من هو الإبن إلا الآب. ولا من هو الآب إلا الابن، ومن أراد الابن أن يعلن له" (لو10: 22). وقوله أيضاً عن نفسه "إن حرركم الابن فبالحقيقة أنتم أحرار" (يو8: 36). وقد قبل المسيح أن يدُعى ابن الله، وجعل هذا أساساً للإيمان وطوّب بطرس على هذا الإعتراف. قبل هذا الإعتراف من نثنائيل (يو1: 49)، ومن مرثا (يو11: 27)، ومن الذين رأوه "ماشياً على الماء" (مت14: 33). وطوّب بطرس لما قال له "أنت هو المسيح ابن الله". وقال "طوباك يا سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبى الذى فى السموات" (مت16: 16، 17). وفى الإنجيل شهادات كثيرة عن أن المسيح ابن الله. إنجيل مرقس يبدأ بعبارة "بدء إنجيل يسوع المسيح إبن الله" (مر1: 1). وكانت هذه هى بشارة الملاك للعذراء بقوله "فلذلك القدوس المولود منك يُدعى إبن الله" (لو1: 35). بل هذه كانت شهادة الآب وقت العماد (مت3: 17)، وعلى جبل التجلى (مر9: 7)، (2بط1: 17، 18). وقول الآب فى قصة الكرامين الأردياء "أرسل إبنى الحبيب" (لو20: 13). وقوله أيضاً "من مصر دعوت إبنى" (مت2: 15). وكانت هذه هى كرازة بولس الرسول (أع9: 20)، ويوحنا الرسول (1يو4: 15)، وباقى الرسل. إذن لم يقتصر الأمر على لقب ابن الإنسان. بل إنه دُعى ابن الله، والابن، والابن الوحيد. وقد شرحنا هذا بالتفصيل فى السؤال عن الفرق بين بنوتنا لله، وبنوة المسيح لله. بقى أن نقول: إستخدم المسيح لقب ابن الإنسان فى مناسبات تدل على لاهوته. 1- فهو كابن الإنسان له سلطان أن يغفر الخطايا. وهذا واضح من حديثه مع الكتبة فى قصة شفائه للمفلوج، إذ قال لهم: ولكن لكى تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا، حينئذ قال للمفلوج قم إحمل سريرك وإذهب إلى بيتك (مت9: 2- 6). 2- وهو كابن الإنسان يوجد فى السماء والأرض معاً. كما قال لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذى نزل من السماء، ابن الإنسان الذى هو فى السماء" (يو3: 13). فقد أوضح أنه موجود فى السماء، فى نفس الوقت الذى يكلم فيه نيقوديموس على الأرض. وهذا دليل على لاهوته. 3- قال إن ابن الإنسان هو رب السبت. فلما لامه الفريسيون على أن تلاميذه قطفوا السنابل فى يوم السبت لما جاعوا، قائلين له "هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله فى السبوت" شرح لهم الأمر وقال "فإن ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً" (مت12: 8). ورب السبت هو الله. 4- قال إن الملائكة يصعدون وينزلون على ابن الإنسان. لما تعجب نثنائيل من معرفة الرب للغيب فى رؤيته تحت التينة وقال له "يا معلم أنت ابن الله" لم ينكر أنه ابن الله، إنما قال له "سوف ترى أعظم من هذا.. من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان" (يو1: 48- 51). إذن تعبير ابن الإنسان هنا، لا يعنى مجرد بشر عادى، بل له الكرامة الإلهية. 5- وقال إن ابن الإنسان يجلس عن يمين القوة ويأتى على سحاب السماء. فلما حوكم وقال له رئيس الكهنة "أستحلفك بالله الحى أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله؟ أجابه "أنت قلت. وأيضاً أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء" (مت26: 63- 65). وفهم رئيس الكهنة قوة الكلمة، فمزق ثيابه، وقال قد جدف. ما حاجتنا بعد إلى شهود! ونفس الشهادة تقريباً صدرت عن القديس اسطفانوس إذ قال فى وقت استشهاده "ها أنا أنظر السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائم عن يمين الله" (اع7: 56). 6- وقال إنه كابن الإنسان سيدين العالم. والمعروف أن الله هو "ديان الأرض كلها" (تك18: 25). وقد قال السيد المسيح عن مجيئه الثانى "إن إبن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه، مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" (مت16: 27). ونلاحظ هنا فى قوله "مع ملائكته، نسب الملائكة إليه وهم ملائكة الله. ونلاحظ فى عبارة (مجد أبيه) معنى لاهوتياً هو: 7- قال إنه هو ابن الله له مجد أبيه، فيما هو ابن الإنسان. ابن الإنسان يأتى فى مجد أبيه، أى فى مجد الله أبيه. فهو إبن الإنسان، وهو إبن الله فى نفس الوقت. وله مجد أبيه، نفس المجد.. ما أروع هذه العبارة تقُال عنه كإبن الإنسان. إذن هذا اللقب ليس إقلالاً للاهوته... 8- وقال إنه كابن الإنسان يدين العالم، يخاطب بعبارة (يارب). فقال: ومتى جاء ابن الإنسان فى مجده، وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسى مجده، ويجتمع أمامه جميع الشعوب.. فيقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن يساره. فيقول للذين عن يمينه تعالوا يا مباركى أبى رثو الملكوت المعد لكم.. فيجيبه الأبرار قائلين: يارب متى رأيناك جائعاً فأطعمناك.." (مت25: 31- 37). عبارة (يارب) تدل على لاهوته. وعبارة (أبى) تدل على أنه ابن الله فيما هو ابن الإنسان. فيقول "إسهروا لأنكم لا تعلمون فى أية ساعة يأتى ربكم" (مت24: 42). فمن هو ربنا هذا؟ يقول "إسهروا إذن لأنكم لا تعلمون اليوم ولا الساعة التى يأتى فيها ابن الإنسان" (مت25: 13). فيستخدم تعبير (ربكم) و(ابن الإنسان) بمعنى واحد. 9- كابن الإنسان يدعو الملائكة ملائكته، والمختارين مختاريه، والملكوت ملكوته. قال عن علامات نهاية الأزمنة "حينئذ تظهر علامة ابن الإنسان فى السماء.. ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظم الصوت، فيجمعون مختاريه.." (مت24: 29- 31). ويقول أيضاً "هكذا يكون فى إنقضاء هذا العالم: يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلى الإثم، ويطرحونهم فى أتون النار" (مت13: 40- 41). وواضح طبعاً إن الملائكة ملائكة الله (يو1: 51)، والملكوت ملكوت الله (مر9: 1)، والمختارين هم مختارو الله. 10- ويقول عن الإيمان به كابن الإنسان، نفس العبارات التى قالها عن الإيمان به كابن الله الوحيد. قال "وكما رفع موسى الحية فى البرية، ينبغى أن يرفع ابن الإنسان، لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 14- 16). هل ابن الإنسان العادى، يجب أن يؤمن الناس به، لتكون لهم الحياة الأبدية. أم هنا ما يُقال عن ابن الإنسان هو ما يُقال عن ابن الله الوحيد. 11- نبوءة دانيال عنه كابن للإنسان تحمل معنى لاهوته. إذ قال عنه "وكنت أرى رؤيا الليل، وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان. أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطى سلطاناً ومجداً وملكوتاً. لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول. وملكوته ما لن ينقرض" (دا7: 13، 14). من هذا الذى تتعبد له كل الشعوب، والذى له سلطان أبدى وملكوته أبدى، سوى الله نفسه..؟! 12- قال فى سفر الرؤيا إنه الألف والياء، الأول والآخر... قال يوحنا الرائى "وفى وسط المنائر السبع شبه ابن إنسان.. فوضع يده اليمنى علىّ قائلاً لى: لا تخف أنا هو الأول والآخر، والحى وكنت ميتاً. وها أنا حى إلى أبد الآبدين آمين" (رؤ1: 13- 18). وقال فى آخر الرؤيا "ها أنا آتى سريعاً وأجرتى معى، لأجازى كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر" (رؤ22: 12، 13). وكل هذه من ألقاب الله نفسه (أش48: 12، أش44: 6). +++ ما دامت كل هذه الآيات تدل على لاهوته.. إذن لماذا كان يدعو نفسه ابن الإنسان، ويركز على هذه الصفة؟ دعا نفسه ابن الإنسان لأنه سينوب عن الإنسان فى الفداء. إنه لهذا الغرض قد جاء، يخلص العالم بأن يحمل خطايا البشرية، وقد أوضح غرضه هذا بقوله "لأن ابن الإنسان قد جاء لكى يخلص ما قد هلك" (مت18: 11). حكم الموت صدر ضد الإنسان، فيجب أن يموت الإنسان. وقد جاء المسيح ليموت بصفته ابناً للإنسان، ابناً لهذا الإنسان بالذات المحكوم عليه بالموت. لهذا نسب نفسه إلى الإنسان عموماً.. إنه ابن الإنسان، أو ابن البشر. وبهذه الصفة ينبغى أن يتألم ويصلب ويموت ليفدينا. ولهذا قال "ابن الإنسان سوف يسلم لأيدى الناس، فيقتلونه، وفى اليوم الثالث يقوم" (مت17: 23، 24) (مت26: 45). وأيضاً "ابن الإنسان ينبغى أن يتألم كثيراً، ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم" (مر8: 31). حقاً، إن رسالته كابن الإنسان كانت هى هذه. ابن الإنسان قد جاء لكى يخلص ما قد هلك (مت18: 11).


---------------------------------------------------------------------------------------


قال الرب "إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب، ويتكئون مع ابراهيم واسحق ويعقوب فى ملكوت السموات. وأما بنو الملكوت فيطرحون فى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت8 : 11 ، 12). فمن هم بنو الملكوت الذين سيطرحون فى الظلمة ؟·

بنو الملكوت هم اليهود. هم الذين قال عنهم القديس بولس الرسول "كنت أود لو أكون أنا نفسى محروماً من المسيح، لأجل أخوتى وأنسبائى حسب الجسد. الذين هم إسرائيليون، ولهم التبنى والمجد والعهود والاشتراع والعبادة والمواعيد. ولهم الآباء، ومنهم المسيح حسب الجسد.." (رو9 : 3 – 5). على أنهم لم يقبلوا المسيح، ففقدوا الملكوت. فمع أنهم بنو الملكوت، إلا أنهم سيطرحون فى الظلمة الخارجية، بسبب عدم إيمانهم بالمسيح. بينما على عكس ذلك، كان الأمم. وقد قال السيد هذه العبارة فى مدحه لقائد المائة الأممى، بعد أن قال عنه "الحق أقول لكم: لم أجد ولا فى إسرائيل كلها، إيماناً بمقدار هذا" (مت8 : 10). ولذلك فعبارة "يأتون من المشارق والمغارب" تنطبق هنا على الأمم. الذين بسبب إيمانهم سيتكئون فى أحضان أبراهيم واسحق ويعقوب. ولعل منهم قائد المئة هذا، والقائد الذى آمن به وقت صلبه (يو20 : 34)، ومجد الله قائلاً "بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً" (لو23 : 47). بل أنه هو والذين معه لما رأوا الزلزلة، خافوا جداً وقالوا "حقاً كان هذا الإنسان باراً" (لو23 :47). بل أنه هو والذين معه لما رأوا الزلزلة، خافوا جداً وقالوا "حقاً كان هذا الإنسان ابن الله" (مت27 : 54). ولعل من باكورة الأمم كرنيليوس (أع10) وأولئك الذين قال عنهم السيد المسيح لتلاميذه "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم.." (مت28 : 19) واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها (مر16 : 15).


------------------------------------------------------------------------------


يقول البعض إنه لم تقم قائمة للكنيسة القبطية منذ القرن الخامس. والتاريخ منذ ذلك الحين تاريخ مظلم، لا علماء فيه ولا قديسون..! فما تعليقنا على مثل هذا الكلام.. ؟ ·

لقد مرت على الكنيسة عصور اضطهاد أضعفتها، بدءاً من عصور الإضطهاد الخلقيدونى سنة 451م ، كما قاست اضطهاداً قاسياً فى عهد الحاكم بأمر الله، وفى أيام الدولة العثمانية وفى عصر المماليك. ولكن لم يخلُ عصر فى تاريخ الكنيسة لم تكن متلألئة فيه. حقاً إن القرون الأربعة الأولى لم يكن لها مثيل، ولن يكون. ولكن ليس معنى هذا أن باقى العصور كانت مظلمة. فمثلاً حفل القرنان السادس والسابع بمجموعة ضخمة من الآباء السواح: مثل الأنبا ميصائيل، والأنبا غاليون، ولأنبا موسى، وباقى السواح الذين كتّب سيرتهم الأنبا بقطر، والأنبا اسحق، وأبا مقاره الكاتب وغيرهم. ومن قديسى تلك الفترة الأنبا صموئيل المعترف وتلميذاه يسطس وأبوللو، والأنبا يحنس القمص، والبابا أنا بنيامين، وكل القديسين أبطال الإيمان الذين وقفوا ضد الحركة الخلقيدونية، أو استشهدوا لأجل الإيمان، وهم كثيرون... وحتى فى الأيام الأخيرة التى مرت بالكنيسة، فى القرنين 19 ، 20 ظهرت مجموعة كبيرة من القديسين والعلماء. القديس الأنبا صرابامون أبو طرحة، والقديس الأنبا آبرام أسقف الفيوم، والبابا بطرس الجاولى، والقمص ميخائيل البحيرى، والمعلم ابراهيم الجوهرى، وأخوه جرجس الجوهرى. مع مجموعة من العلماء أمثال القمص فيلوثاوس ابراهيم، والقمص عبد المسيح المسعودى، والأنبا ايسوذورس والأستاذ حبيب جرجس، والأرشيدياكون أسكندر حنا، وعدد كبير من الآباء الأفاضل كهنة ورهباناً.. إن القديسين والعلماء موجودون، ولكن عيبنا أننا لا نسجل، فننسى... والأسماء التى ذكرناها هى مجرد أمثلة، وليست حصراً. والتاريخ التفصيلى يكشف عن أسماء عديدة جداً، إن تذكرناها نشعر أننا نظلم كل تلك الأجيال إن وصفناها بأنها كانت مظلمة جاهلة. ولا نستطيع أن نأخذ فترة معينة ونجعل منها طابعاً لخمسة عشر قرناً بأكملها! والفترة التى بين القرن السابع والقرن التاسع عشر، حافلة أيضاً بكثير من القديسين والعلماء، نذكر من بينهم : القديس الأنبا رويس، القديس الأنبا برسوم العريان، القديس الشهيد مارجرجس المزاحم، القديس الشهيد سيدهم بشاى بدمياط، القديس الأنبا مرقس المتوحد، البابا متاؤس "البطريرك 87" ، البابا ابرآم بن زرعه الذى نقل جبل المقطم، ومعه القديس سمعان الدباغ. هذا إلى جوار عدد كبير جداً من العلماء ازدحم بهم القرنان 13 ، 14 يضاف إليهم الأنبا ساويرس بن المقفع، والأنبا يوساب الأبح، والأنبا بولس البوشى، والأنبا بطرس السدمنتى، وأولاد العسال.. وغيرهم كثيرون. ولم يخل عصر من عصور الكنيسة من شهداء قديسين أضاءوا فى سمائها، كشهداء عصر المماليك مثلاً.. لا يجوز أن يتسرع أحد، ويحكم على خمسة عشر قرناً من الزمان، بكلمة واحدة، دون دراسة مفصلة..!


----------------------------------------------------------------------------


قدم لى أحد الشبان هذا السؤال ، وأنا على باب الكاتدرائية : "يحاربنى أحياناً فكر الإلحاد ، وأقاومه فيعود بشكوك كثيرة فى وجود الله. فأرجو أن تساعدنى على تثبيت إيمانى ، خوفاً من أن تتمكن الشكوك بإيمانى" .·

إنها حرب مشهورة من حروب الشيطان. وهذه الأفكار التى تحاربك ليست منك، وإلا ما كنت تقاومها كما تقول. ولكن الشيطان عنيد لحوح ، لا ييأس ولا يهدأ. وكلما يرد الإنسان على فكر من أفكاره، يعود مرة أخرى ويضغط ويلّح. لذلك يقول القديس بطرس الرسول "قاوموه راسخين فى الايمان" (1بط5: 9). ومع ذلك فإن وجود الله له إثباتات كثيرة. لعل فى مقدمتها ما يسميه الفلاسفة أو المفكرون بالعلة الأولى ، أى السبب الأول . أى أن الله هو السبب الأول لوجود هذا الكون كله. وبدون وجود الله، لا نستطيع أن نفسر كيفية وجود الكون . وهكذا نضع أمامنا عدة أمور لا يمكن أن يفسرها إلا وجود الله . وهى وجود الحياة، ووجود المادة، ووجود الإنسان، ووجود النظام فى كل مظاهر الطبيعة. يضاف إلى كل هذا الاعتقاد العام . ولنبدأ حالياً بنقطة أساسية وهى وجود الحياة . وجود الحياة: سؤالنا هو: كيف وجدت الحياة على الأرض ؟ المعروف أنه مر وقت – كما يقول العلماء – كانت فيه الأرض جزءاً من المجموعة الشمسية، فى درجة من الحرارة الملتهبة التى يمكن أى تسمح بوجود أى نوع من الحياة، لا إنسان ولا حيوان ولا نبات . فمن أين أتت الحياة إذن؟ ! من الذى أوجدها ؟! كيف؟! هنا ويقف الملحدون وجميع العلماء صامتين حيارى أمام وجود الحياة. ولا أقصد حياة الكائنات الراقية كالإنسان ، بل حتى حياة نملة صغيرة ، أو دابة ، أو أية حشرة تدب على الأرض.. مجرد وجود حياة واحدة من هذه الحشرات يثبت وجود الله . بل مجرد خلية حية أياً كانت ، مجرد وجود البلازما ، يثبت وجود الله. لأنه لا تفسير له غير ذلك... إن الحياة حديثة على الأرض، مادامت الأرض كانت من قبل قطعة ملتهبة لا تسمح بوجود حياة. فالحياة إذن بعد أن بردت القشرة الأرضية . أما باطن الأرض الملتهب ، الذى تخرج منه البراكين والنافورات الساخنة، فلا يمكن أن توجد فيه حياة. إذن كيف وجدت الحياة على الأرض بعد أن بردت قشترتها . طبيعى أن المادة الجامدة، التى لا حياة فيها، لا يمكن أن توجد حياة. لأن فاقد الشئ لا يعطيه... ويبقى وجود الحياة لغزاً لا يجد له العلماء حلاً ! حله الوحيد هو قدرة الله الخالق الذى أوجد الحياة... وإن كان هناك تفسير آخر، فليقدمه لنا الملحدون أو علماؤهم... ذلك لأن الكائن الحى لابد أن يأتى من كائن حى. ومهما قدم العلماء من افتراضات خيالية، فإنها تبقى مجرد افتراضات لا ترقى إلى المستوى العلمى. بعد الحياة ، نتكلم عن إثبات آخر وهو وجود المادة. وجود المادة: ونعنى به وجود هذه الطبيعة الجامدة وكل ما فيها من مادة... لا نستطيع أن نقول أن المادة قد أوجدت نفسها ! فالتعبير غير منطقى. إذ كيف توجد نفسها وهى غير موجودة؟! كيف تكون لها القدرة على الإيجاد قبل أن توجد؟! إذن هذا الافتراض مستحيل. لا يبقى إذن إلا أن هناك من أوجدها. فمن هو سوى الله؟ ولا يمكن أن نقول إنها وجدت بالصدفة! كما يدعى البعض... فالصدفة لا تُوجد كائنات. وكلمة (الصدفة) كلمة غير علمية وغير منطقية.. وتحتاج إلى تعريف. فما هى الصدفة إذن؟ وما هى قدراتها؟ وهل الصدفة كيان له خواص، منها الخلق؟! كذلك لا يمكن أن نقول إن أزلية! أو الطبيعة أزلية ! من المحال أن تكون المادة أزلية. لأن الأزلية تدل على القوة بينما المادة فيها ضعف. فهى تتحول من حالة إلى حالة، وتتغير من حالة إلى أخرى. الماء يتحول إلى بخار، وقد يتجمد ويتحول إلى ثلج. والخشب قد يحترق ويتحول إلى فحم، وقد يتحول إلى دخان ويتبدد فى الجو. كما أن كثيراً من المواد مركبة. والمركب هو اتحاد عنصرين أو عناصر، ويمكن أن ينحل ويعود إلى عناصره الأولى. فالطبيعة إذن متغيرة، والتغير لا يدل على قوة. فلا يمكن أن تكون مصدراً لخلق مادة أخرى. كذلك فالطبيعة جامدة، وبلا عقل ولا تفكير، وبهذا لا يمكن أن تكون مصدراً للخلق. وهناك سؤال هام وهو: ما المقصود بكلمة الطبيعة؟ أهى المادة الجامدة؟ أهى الجبال والبحار والأرض والجو؟ إن كانت هكذا، فهى لا تستطيع أن تخلق إنساناً أو حيواناً. فغير الحى لا يخلق حياً، وغير العاقل لا يخلق عاقلاً... فهل طبيعة الإنسان هى التى كونته؟! وهذا غير معقول. لأنه لم تكن له طبيعة قبل أن يكون، وقادرة على تكوينه!! أم أن كلمة الطبيعة تدل على قوة جبارة غير مفهومة؟ إن كان الأمر كذلك، فلتكن هذه القوة غير المدركة هى الله، وقد سمّاها البعض الطبيعة. ويكون الأمر مجرد خلاف حول التسميات، وليس خلافاً فى الجوهر. إن كل الملحدين الذين قالوا إن الطبيعة قد أوجدت الكون، لم يقدموا لنا معنى واضحاً لهذه الطبيعة! نقطة أخرى نذكرها فى إثبات وجود الله، وهى الإنسان. وجود الإنسان: هذا الكائن العجيب، الذى له عقل وروح وضمير ومشيئة ولا يمكن أن توجده طبيعة بلا عقل ولا مشيئة ولا حياة ولا ضمير!! كيف إذن أمكن وجود هذا الكائن، بكل ماله من تدبير ومشاعر؟! الكائن صاحب المبادئ، الذى يحب الحق والعدل، ويسعى إلى القداسة والكمال؟ لابد من وجود كائن آخر أسمى منه ليوجده..لابد من وجود كائن كلى الحكمة، كلى القدرة، بمشيئة تقدر أن توجده..وهذا ما نسميه الله ... وبخاصة للتركيب العجيب المذهل الذى لهذا الإنسان يكفى أن نذكر بصمة أصابعه، وبصمة صوته. عشرات الملايين قد توجد فى قطر واحد. وكل إنسان من هؤلاء تكون لأصابعه بصمة تميزه عن باقى الملايين. فمن ذا الذى يستطيع أن يرسم لكل اصبع خطوطاً تميز بصمته. وتتغير هذه الخطوط من واحد لآخر، وسط آلاف الملايين فى قارة واحدة مثل آسيا، أو مئات الملايين فى قارة مثل افريقيا؟! إنه عجيب!! لابد من كائن ذى قدرة غير محدودة، استطاع أن يفعل هذا.. وما نقوله عن بصمة الأصبع، نقوله أيضاً عن بصمة الصوت. إنسان يكلمك فى التليفون. فتقول له "أهلاً، فلان". تناديه بإسمه وأنت لا تراه، مميزاً بصمة صوته عن باقى الأصوات... قدرة الله غير المحدودة تظهر فى خلقه للإنسان من أعضاء عجيبة جداً فى تركيبها وفى وظيفتها... المخ مثلا وما فيه من مراكز البصر، والصوت، والحركة، والذاكرة، والفهم..إلخ. بحيث لو تلف أحد هذه المراكز، لفقد الإنسان قدرته على وظيفة هذا المركز إلى الأبد..! من فى كل علماء العالم يستطيع أن يصنع مخاً، أو مركزاً واحداً من مراكز المخ؟! إنها قدرة الله وحده. ويعوزنا الوقت إن تحدثنا عن كل جهاز من أجهزة جسد الإنسان، وعن تعاون كل هذه الأجهزة بعضها مع البعض الآخر فى تناسق عجيب. وأيضاً عن العوامل النفسية المؤثرة فى الجسد. وعن النظام المذهل الموجود فى تركيبة هذه الطبيعة البشرية. هنا وأحب أن أتعرض إلى نقطة أخرى لإثبات وجود الله، وهى النظام العجيب الموجود فى الكون كله. نظام الكون: إنك إن رأيت كومة من الأحجار ملقاة فى كل مكان، ربما تقول إنها وجُدت هناك بالصدفة. أما إن رأيت أحجاراًتصطف إلى جوار بعضها البعض، وفوق بعضها البعض، حتى تكون حجرات وصالات بينها أبواب ولها منافذ وشرفات.. فلابد أن تقول: يقيناً هناك مهندس أو بناء وضع لها هذا النظام... هكذا الكون فى نظامه، لابد من أن الله قد نظمه هكذا.حتى أن بعض الفلاسفة أطلقوا على الله لقب (المهندس الأعظم). + ولنضرب المثل الأول بقوانين الفلك. وذلك النظام العجيب الذى يربط بين الشموس والكواكب، والذى تخضع له النجوم فى حركتها وفى اتجاهاتها، مع العدد الضخم من المجرات والشهب... الأرض تدور حول نفسها مرة كل يوم، ينتج عنها النهار والليل. ومرة كل عام حول الشمس، تنتج عنها الفصول الأربعة. وهذا النظام ثابت لا يتغير منذ آلاف السنين، أو منذ خُلقت هذه الأجرام السمائية ووضعت لها قوانين الفلك التى تضبطها... لهذا كان علم الفلك يُدرّس فى كليات اللاهوت، لأنه يثبت وجود الله، وبالمثل كان يُدرس علم الطب، لنفس الغرض. نفس قانون الفلك نلاحظه فى العلاقة بين القمر والأرض، التى تنتج عنها أوجه القمر بطريقة منتظمة من محاق إلى هلال إلى تربيع إلى بدر.. لكل هذا ما أجمل قول المرتل فى المزمور: "السموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه" (مز19: 10). ليس النظام الذى وضعه الله فى الكون قاصراً على السماء وما فيها، إنما أيضاً ما يختص بالحرارة وضغط الهواء والرياح والأمطار. وكل هذا يحدث فى كل بلد بطريقة منتظمة متناسقة، مع ما يتبعه من أنظمة الزراعة والنباتات. بل ما أعجب ما وضعه الله من نظام فى طبيعة النحلة وإنتاجها. إنها مجرد حشرة. ولكنها تعمل فى نظام ثابت ومدهش، وكأنها فى جيش منتظم، سواء الملكة أو العمال، وتنتج شهداً له فوائد كثيرة جداً، وبخاصة نوع غذاء الملكات ذى القيمة الغذائية الهائلة الذى يصنعونه فيما يعرف باسم Royal Jelly ويبيعونه فى الصيدليات. وما أجمل ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقى عن مملكة النحل : مملكة مدبرة بأمراة مؤمرة تحمل فى العمال والصناع عبء السيطرة أعجــب لعمــال يــولــون عليهــم قيصـرة هذه النحلة فى نظامها تثبت وجود الله. وشهدها الذى تنتجه – فى عمق فوائده – يثبت هو أيضاً وجود الله. إثبات آخر لوجود الله هو المعجزات . المعجزات: والمعجزات ليست ضد العقل. ولكنها مستوى فوق العقل. ولكنها سميت معجزات، لأن العقل البشرى عجز عن إدراكها أو تفسيرها. وليس لها إلا تفسير واحد وهو قدرة الله غير المحدودة. هذه التى قال عنها الكتاب "..كل شئ مستطاع عند الله" (مر10: 27). وكذلك قول أيوب الصديق "علمت أنك تستطيع كل شئ ولا يعسر عليك أمر" (أى42: 2). والمعجزات ليست قاصرة على ما ورد فى الكتاب المقدس، وإنما هى موجودة فى حياتنا العملية، وبخاصة من بعض القديسين. إن لم يكن شئ من هذا قد مرّ عليك فى حياتك أو فى حياة بعض أقاربك أو معارفك، فاقرأ عنه فى الكتب التى سجلت بعض هذه المعجزات فى أيامنا، أو فى حياة قديسين قد سبقونا مثل الأنبا ابرام اسقف الفيوم، أو أنبا صرابامون أبو طرحة، أو ما يتكرر حدوثه كثيراً فى أعياد القديسين. فهذه الذكرى تثبت الإيمان فى قلبك... نقطة أخرى فى إثبات وجود الله وهى الإعتقاد العام. الاعتقاد العام: الإعتقاد بوجود الله موجود عند جميع الشعوب، حتى عند الوثنيين: يؤمنون بالألوهية، ولكن يخطئون من هو الله... بل وصل بهم الأمر إلى الإيمان بوجود آلهة كثيرين- وبعضهم آمن بوجود إله لكل صفة يعرفها من صفات الألوهية – وعرفوا أيضاً الصلاة التى يقدمونها لله، وما يقدمونه من ذبائح وقرابين... والإيمان بالله مغروس حتى فى نفوس الأطفال. فإن حدثت الطفل عن الله، لا يقول لك من هو. وإن قلت له "لا تفعل هذا الأمر، لكى لا يغضب الله عليك"، لا يجادلك فى هذا.. إنه بفطرته يؤمن بوجود الله، ولا يهتز هذا الإيمان فى قلبه أو فى فكره، إلا بشكوك تأتى إليه من الخارج: إما كمحاربات من الشيطان أو من أفكار الناس. وذلك حينما يكبر ويدخل فى سن الشك . على أن الإلحاد له أسباب كثيرة ليست كلها دينية. ففى البلاد الشيوعية، كان سبب الإلحاد هو التربية السياسية الخاطئة، مع الضغط من جانب الحكومة، والخوف من جانب الشعب. فلما زال عامل الخوف بزوال الضغط السياسى دخل فى الإيمان عشرات الملايين فى روسيا ورومانيا وبولندا وغيرها. أو أنهم أعلنوا إيمانهم الذى ما كانوا يصرحون به خوفاً من بطش حكوماتهم. نوع من الإلحاد هو الإلحاد الماركسى. وقد وصفه بعض الكتاب بأنه كان رفضاً لله، وليس إنكاراً لوجود الله. نتيجة لمشاكل إقتصادية، وبسبب الفقر الذى كان يرزح تحته كثيرون بينما يعيش الأغنياء فى حياة الرفاهية والبذخ، لذلك إعتقد هؤلاء الملحدون أن الله يعيش فى برج عاجى لا يهتم بآلام الفقراء من الطبقة الكادحة!! فرفضوه ونادوا بأن الدين هو أفيون للشعوب يخدرهم حتى لا يشعروا بتعاسة حياتهم..! نوع آخر من الإلحاد هو إلحاد الوجوديين الذين يريدون أن يتمتعوا بشهواتهم الخاطئة التى يمنعهم الله عنها. وهكذا لسان حالهم يقول "من الخير أن يكون الله غير موجود، لكى نوجد نحن"!! أى لكى نشعر بوجودنا فى تحقيق شهواتنا..! وهكذا سخروا من الصلاة الربانية بقولهم "أبانا الذى فى السموات". نعم ليبقى هو فى السماء، ويترك لنا الأرض... إذن ليس هو اعتقاداً مبنياً على أسس سليمة. إنما هو سعى وراء شهوات يريدون تحقيقها... قصّة: أخيراً أحب أن أقول لك قصة أختم بها هذا الحديث. إجتمع مؤمن وملحد. فقال الملحد للمؤمن: ماذا يكون شعورك لو اكتشفت بعد الموت أنه لا يوجد فردوس ونار، وثواب وعقاب، بينما قد أتعبت نفسك عبثاً فى صوم وصلاة وضبط نفس !! فأجاب المؤمن: أنا سوف لا أخسر شيئاً، لأنى أجد لذة فى الحياة الروحية. ولكن ماذا يكون شعورك إن اكتشفت بعد الموت أنه يوجد ثواب وعقاب، وفردوس ونار..؟! أما أنت أيها الابن العزيز، فليثبت الرب إيمانك.


--------------------------------------------------------------------------------




يسئ الأريوسيون فهم الآية التى قال فيها سيدنا يسوع المسيح "أبى أعظم منى" (يو14: 28). كما لو أن الآب أعظم من الابن فى الجوهر أو فى الطبيعة!! فما تفسيرها الصحيح؟·

هذه الآية لا تدل على أن الآب أعظم من الابن، لأنهما واحد فى الجوهر والطبيعة واللاهوت. وأحب أن أبين هنا خطورة استخدام الآية الواحدة. فالذى يريد أن يستخرج عقيدة من الإنجيل، يجب أن يفهمه ككل، ولا يأخذ آية واحدة مستقلة عن باقى الكتب، ليستنتج منها مفهوماً خاصاً يتعارض مع روح الإنجيل كله، ويتناقض مع باقى الإنجيل. ويكفى هنا أن نسجل ما قاله السيد المسيح: "أنا والآب واحد" (يو10: 30). واحد فى اللاهوت، وفى الطبيعة وفى الجوهر. وهذا ما فهمه اليهود من قوله هذا، لأنهم لما سمعوه "امسكوا حجارة ليرجموه" (يو10: 31). وقد كرر السيد المسيح نفس المعنى مرتين فى مناجاته مع الآب، إذ قال له عن التلاميذ "أيها الآب احفظهم فى اسمك الذين أعطيتنى، ليكونوا واحداً كما أننا واحد" (يو17: 11). وكرر هذه العبارة أيضاً "ليكونوا واحداً"، كما أننا لاهوت واحد وطبيعة واحدة. وما أكثر العبارات التى قالها عن وحدته مع الآب. مثل قوله "من رآنى فقد رأى الآب" (يو14: 9). وقوله للآب "كل ما هو لى، فهو لك. وكل ما هو لك، فهو لى" (يو17: 10). وقوله عن هذا لتلاميذه "كل ما للآب، هو لى" (يو16: 15). إذن فهو ليس أقل من الآب فى شئ، مادام كل ما للآب هو له... وأيضاً قوله "إنى أنا فى الآب، والآب فىّ" (يو14: 11) (يو10: 37، 38)، وقوله للآب "أنت أيها الآب فىّ، وأنا فيك" (يو17: 21).. وماذا يعنى أن الآب فيه؟ يفسر هذا قول الكتاب عن المسيح أن "فيه يحلّ كل ملء اللاهوت جسدياً" (كو2: 9). +++ إذن ما معنى عبارة "أبى أعظم منى"؟ وفى أية مناسبة قد قيلت؟ وما دلالة ذلك؟ قال "أبى أعظم منى" فى حالة إخلائه لذاته. كما ورد فى الكتاب "لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى ذاته، آخذاً صورة عبد، صائراً فى شبه الناس.." (فى2: 6، 7). أى أن كونه معادلاً أو مساوياً للآب، لم يكن أمراً يحسب خلسة، أى يأخذ شيئاً ليس له. بل وهو مساو للآب، أخلى ذاته من هذا المجد، فى تجسده، حينما أخذ صورة العبد. وفى إتحاده بالطبيعة البشرية، صار فى شبه الناس... فهو على الأرض فى صورة تبدو غير ممجدة، وغير عظمة الآب الممجد. على الأرض تعرض لانتقادات الناس وشتائمهم واتهاماتهم. ولم يكن له موضع يسند فيه رأسه (لو9: 58). وقيل عنه فى سفر أشعياء إنه كان "رجل أوجاع ومختبر الحزن" "محتقر ومخذول من الناس" "لا صورة له ولا جمال، ولا منظر فنشتهيه" (أش53: 2، 3). وقيل عنه فى آلامه إنه "ظُلم، أما هو فتذلل ولم يفتح فاه" (اش53: 7). هذه هى الحالة التى قال عنها "أبى أعظم منى". لأنه أخذ طبيعتنا التى يمكن أن تتعب وتتألم وتموت. ولكنه أخذها بإرادته لأجل فدائنا، أخذ هذه الطبيعة البشرية التى حجب فيها مجد لاهوته على الناس، لكى يتمكن من القيام بعمل الفداء .. على أن احتجاب اللاهوت بالطبيعة البشرية، كان عملاً مؤقتاً انتهى بصعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب.. ولذلك قبل أن يقول "أبى أعظم منى" قال مباشرة لتلاميذه: "لو كنتم تحبوننى ، لكنتم تفرحون لأنى قلت أمضى إلى الآب، لأن أبى أعظم منى" (يو 14: 28) . أى أنكم حزانى الآن لأنى سأصلب وأموت. ولكننى بهذا الأسلوب: من جهة سأفدى العالم وأخلصه. ومن جهة أخرى، سأترك إخلائى لذاتى، وأعود للمجد الذى أخليت منه نفسى. فلو كنتم تحبوننى لكنتم تفرحون إنى ماضٍ للآب.. لأن أبى أعظم منى. أى لأن حالة أبى فى مجده، أعظم من حالتى فى تجسدى . إذن هذه العظمة تختص بالمقارنة بين حالة التجسد وحالة ما قبل التجسد. ولا علاقة لها مطلقاً بالجوهر والطبيعة واللاهوت، الأمور التى قال عنها "أنا والآب واحد" (يو10: 3). فلو كنتم تحبوننى، لكنتم تفرحون أنى راجع إلى تلك العظمة وذلك المجد الذى كان لى عند الآب قبل كون العالم (يو17: 5) . لذلك قيل عنه فى صعوده وجلوسه عن يمين الآب إنه" بعد ما صنع بنفسه تطهيراً عن خطايانا، جلس فى يمين العظمة فى الأعالى" (عب1: 3). وقيل عن مجيئه الثانى أنه سيأتى بذلك المجد الذى كان له. قال إنه "سوف يأتى فى مجد ابيه، مع ملائكته. وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" (مت16: 27). ومادام سيأتى فى مجد أبيه، إذن ليس هو أقل من الآب... وقال أيضاً إنه سيأتى "بمجده ومجد الآب" (لو9: 26). ويمكن أن تؤخذ عبارة "أبى أعظم منى" عن مجرد كرامة الأبوة. مع كونهما طبيعة واحدة ولاهوت واحد. فأى ابن يمكن أن يعطى كرامة لأبيه ويقول "ابى أعظم منى" مع أنه من نفس طبيعته وجوهره. نفس الطبيعة البشرية، وربما نفس الشكل، ونفس فصيلة الدم.. نفس الطبيعة البشرية، ونفس الجنس واللون. ومع أنه مساو لأبيه فى الطبيعة، إلا أنه يقول إكراماً للأبوة أبى أعظم منى. أى أعظم من جهة الأبوة، وليس من جهة الطبيعة أو الجوهر. أنا – فى البنوة – فى حالة من يطيع. وهو – فى الأبوة – فى حالة من يشاء. وفى بنوتى أطعت حتى الموت موت الصليب (فى2: 8).


-------------------------------------------------------------------------------------


قال السيد المسيح فى بدء بشارة مرقس "قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر1 : 15). ما هو هذا الإنجيل. وهل كان يوجد إنجيل بشر به المسيح ؟·

كلمة إنجيل تعنى أحد البشائر الأربع، التى كتبها متى ومرقس ولوقا ويوحنا، وتعنى أيضاً مجرد عبارة "بشارة مفرحة". الذى أراد المسيح أن يؤمن به الناس هو هذه البشارة المفرحة، بشرى الخلاص، أو بشرى اقتراب الملكوت.. ولكنه لم يقصد مطلقاً الإيمان ببشارة مكتوبة كأحد الأناجيل الأربعة. ولهذا قبل صعوده إلى السماء، لم يطلب من تلاميذه أن يبشروا بإنجيل مكتوب، وإنما قال "تلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم.. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت28 : 19 ، 29). وهكذا قيل عن السيد المسيح كان يعلم الجموع، ويكرز ببشارة الملكوت (مت4 : 23). ونفس عبارة الإنجيل بهذا المعنى: كما قيلت عن السيد المسيح، قيلت عن بولس الرسول. فكتب إلى أهل غلاطية يقول "إن الإنجيل الذى بشرت به، ليس هو بحسب إنسان، لأنى لم أقبله من عند إنسان ولا عُلمته، بل باعلان يسوع المسيح" (غل1 : 11 ، 12). ولا يوجد إنجيل بشر به بولس، إنما يعنى هذه الكرازة، أو هذه البشارة المفرحة. ومع ذلك قال: صعدت إلى الرسل فى أورشليم. وعرضت عليهم الإنجيل الذى أكرز به بين الأمم" (غل2 : 2). ويقصد كرازته وبشارته وليس إنجيلاً مكتوباً... فتؤخذ كلمة إنجيل بمعناها اللغوى، وليس الاصطلاحى. وهكذا قال "لما رأيتهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل.." (غل1 : 14). أى حسب تعليم الرب، وليس حسب كتاب مكتوب.


----------------------------------------------------------------------------------------


نقول إن المسيح ابن الله. فهل هو أصغر منه، لأن الابن عادة يكون أصغر من الآب. وقد رأيت أيقونة فى كاتدرائية بالخارج. فيها صورة الآب بلحية بيضاء، والابن بلحية سوداء.·

أولاً: الأيقونة التى رأيتها فى الخارج، فيها أكثر من خطأ: أ- الخطأ الأول هو تصوير الآب. بينما الإنجيل يقول "الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذى فى حضن الآب هو خبّر" (يو1: 18). ولذلك لما أراد الآب أن نراه، رأيناه فى ابنه الظاهر فى الجسد (1تى3: 16). وهكذا قال السيد المسيح "من رآنى فقد رأى الآب" (يو14: 9). ب- الخطأ الثانى هو تصوير الآب بلحية بيضاء، والابن بلحية سوداء، مما يوحى بأن الآب أكبر من الابن سناً. وهذا خطأ لاهوتى، لأنهما متساويان فى الأزلية. ولم يحدث فى وقت من الأوقات أن الآب كان بغير الابن. فالابن اللوجوس Logos هو عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل (الكلمة). وعقل الله كان فى الله منذ الأزل، بلا فارق زمنى. ولهذا فإننى عندما رأيت هذه الصورة فى مشاهدتى لكنائس الفاتيكان سنة 1973 – قلت للكاردينال الذى يرافقنى "هذه الصورة أريوسية. ربما الفنان الذى رسمها كانت له موهبة فنية كبيرة. ولكن بغير دراسة لاهوتية سليمة"... +++ ثانياً: الابن يكون أصغر من الآب فى الولادة الجسدانية، ولكن ليس فى الفهم اللاهوتى. وممكن أن توجد ولادة طبيعية بغير فارق زمنى. فمثلا الحرارة تولد من النار، بدون فارق زمنى. لأنه لا يمكن أن توجد نار بدون حرارة تتولد منها. إنها ولادة طبيعية، لا نقول فيها إن المولود أقل عمراً أو زمناً. +++ مثال آخر هو ولادة الشعاع من الشمس، بلا فارق زمنى على الإطلاق. هذه هى خصائص الولادة الطبيعية، وهى غير الولادة الجسدية الزمنية. إنها كولادة النبض من القلب، وولادة الفكر من العقل، والقياس مع الفارق...


-------------------------------------------------------------------------------------------


توجد قصتان فى سفر أعمال الرسل لظهور الرب لشاول الطرسوسى، يبدو بينهما بعض التناقض، سواء من جهة الرؤية، أو من جهة السماع. نرجو التوضيح.·

وردت قصة ظهور الرب لشاول فى الإصحاح التاسع. وجاء فيها: "وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين، يسمعون الصوت، ولا ينظرون أحداً" (أع9 : 7). كما وردت نفس القصة فى الإصحاح الثانى والعشرين. وفيه قال القديس بولس "والذين كانوا معى، نظروا النور وارتعبوا. ولكنهم لم يسمعوا صوت الذى كلمنى" (أع22 : 9). ومفتاح المشكلة هو أن الرجال المرافقين للقديس بولس الرسول، لم يكونوا فى نفس الدرجة الروحية، التى بها يبصرون ما يبصره، ويسمعون ما يسمعه. كما أن الرؤيا لم تكن لهم، وظهور الرب لم يكن لهم، وحديث الرب لم يكن لهم، إنما المقصود بذلك كله شاول الطرسوسى وحده. ومع ذلك ليس فى القصتين أى تناقض من جهة السماع أو الرؤيا، كما سنرى فى فحص القصتين بتدقيق. ومن ذلك يتبين أن: الرجال المرافقون سمعوا صوت شاول يتكلم مع الرب. ولكنهم لم يسمعوا صوت الرب الذى كان يكلمه. وإذا قرأنا العبارتين بالتدقيق، نرى ما يؤيد هذا بلا تناقض: 1- يسمعون الصوت، ولا ينظرون أحداً. 2- نظروا النور، ولكنهم لم يسمعوا صوت الذى يكلمنى. الصوت الذى ورد فى العبارة الأولى، هو صوت شاول، سمعوه يتكلم، دون أن يبصروا مع من كان يتكلم. أما الصوت الذى لم يسمعوه فهو صوت الذى كان يكلمه... إذن لا تناقض من جهة الصوت. وكان يمكن أن يوجد تناقض، لو قليل فى العبارة الأولى "يسمعون صوت الذى يكلمنى" أو "يسمعون ما أسمعه". أما عبارة (الصوت) فقط، فهى تعنى هنا صوت شاول. لأن مستوى أولئك الرجال هو أن يسمعوا صوت إنسان وليس صوت الرب... كذلك من جهة الرؤية، نفس الوضع: لقد رأوا النور. ولم يروا الشخص الذى يكلم شاول... وهذا واضح من أسلوب العبارتين فى تدقيق: 1- ولا ينظرون أحداً (أع9 : 7). 2- نظروا النور وارتعبوا (أع22 : 9). إن النور شىء، ووجه وشكل الشخص الذى يتكلم، شىء آخر.


-----------------------------------------------------------------------------------


يقول القديس بولس الرسول "وأعرفكم أيها الأخوة أن الإنجيل الذى بشرت به، إنه ليس بحسب إنسان.. بل بإعلان يسوع المسيح" (غل1 : 11 ، 12). فهل كان هناك إنجيل لبولس ؟!·

الإنجيل كلمة يونانية معناها بشرى. وقد استعملها بولس الرسول بهذا المعنى، دون أن يقصد كتاباً معيناً. فقال فى بعض الأوقات "إنجيل خلاصكم" (أف1 : 3) أى بشرى خلاصكم وقال "إنجيل السلام" (أف6 : 15) أى بشرى السلام أو البشارة بالسلام. وقال "إنجيل مجد المسيح" (2كو 4 : 4) و"إنجيل مجد الله" (1تى 1 : 11) أى البشارة بهذا المجد... ولم تكن توجد طبعاً أناجيل بهذه الأسماء وبغيرها. فعندما يقول بولس الرسول "إنى قد أؤتمنت على إنجيل الغرلة، كما بطرس على إنجيل الختان" (غل2 : 7). إنما يقصد أنه اؤتمن على حمل البشارة لأهل الغرلة أى الأمم، كما اؤتمن بطرس على حمل البشارة إلى أهل الختان أى اليهود.. بشرى الخلاص وبشرى الفداء. دون أن يعنى طبعاً وجود كتاب إسمه إنجيل الغرلة، وكتاب إسمه إنجيل الختان.. ونفس المعنى يؤخذ فى كل تعبيرات الرسول. حينما يقول "قيود الإنجيل" (فل13). إنما يقصد السجن الذى يكابده بسبب مناداته بهذه البشارة. وعندما يقول "أمورى قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل" (فى1 : 12) يقصد تقدم البشارة بالخلاص. وعندما يقول "ولدتكم بالإنجيل" (1كو 4 : 15) إنما يقصد بهذه البشارة التى بشرتكم بها.. وهكذا فى باقى النصوص، لأنه لم تكن هناك أناجيل مكتوبة فى ذلك الزمان. والسيد المسيح نفسه إستخدم هذا التعبير. ففى أول كرازته، حينما كان يوحنا المعمدان فى السجن، كان المسيح "يكرز ببشارة الملكوت. ويقول قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل (مر1 : 14 ، 15). أى إنجيل هذا الذى كان يقصده المسيح؟ ولم تكن هناك أناجيل مكتوبة، ولم يكن قد أختاره تلاميذه بعد ؟ إنما كان يقصد : آمنوا ببشارة الملكوت هذه. هذه البشرى المفرحة بأن ملكوت الله قد اقترب.. لقد جاءت المسيحية تبشر بالخلاص.. بالخلاص من عقوبة الخطية ومن سلطان الشيطان. الخلاص الأبدى بالفداء. وسميت هذه البشرى إنجيلاً. ونفس الوضع فى كل استخدامات المسيح لكلمة (إنجيل) وهى كثيرة. ولعل من أمثلتها قوله لتلاميذه: "إذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر16 : 15). ولم يكن هناك أى إنجيل مكتوب فى ذلك الوقت، إنما قصد السيد المسيح إكرزوا ببشرى الخلاص هذه للخليقة كلها. نفس الكلام ينطبق على بولس الرسول فى قوله "الإنجيل الذى بشرت به" أى بشرى الخلاص التى بشرت بها.. وبنفس المعنى قوله : "صعدت أيضاً إلى أورشليم.. وعرضت عليهم الإنجيل الذى أكرز به بين الأمم" (غل2 : 1 ، 2). أى عرضت عليهم الكرازة التى أكرز بها بين الأمم، البشرى التى أبشر بها الأمم، إنه صار لهم الخلاص أيضاً. وهكذا حينما يقول فى رسالته إلى رومية "الله الذى أعبده بروحى فى انجيل إبنه، هو شاهد لى" (رو1 : 9). يقصد فى بشارة إبنه. وليس فى كتاب إسمه إنجيل إبنه أو إنجيل المسيح...


---------------------------------------------------------------------------------


ذكرتم قداستكم أن بولس الرسول دُعى من الأقانيم الثلاثة، كل أقنوم على حده. والمعروف أن الابن دعاه فى (أع9). والروح القدس دعاه فى (أع13 : 2). ولكن أين توجد فى الكتاب دعوة الآب له ؟·

توجد فى (غل1 : 15 ، 16) فى قوله "ولكن لما سرّ الله الذى أفرزنى من بطن أمى، ودعانى بنعمته، أن يعلن ابنه فىّ لأبشر به بين الأمم، للوقت لم استشر لحماً ولا دماً.."


------------------------------------------------------------------------------------------


قال السيد المسيح "مجدنى أنت أيها الآب عند ذاتك، بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم" (يو17: 5). وهنا يسأل الأريوسيون: هذا الذى يطلب من الآب أن يمجده، هل من المعقول أن يكون مساوياً للآب الذى يمجده؟·

1- هذه العبارة ذاتها تثبت لاهوت المسيح. فهو يقول "المجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم". إذن فهو موجود قبل كون العالم، وموجود فى مجد. ذلك لأن العالم به كان، بل كل شئ به كان (يو1: 10، 3). أما هذا المجد الذى كان له عند الآب، فهو أنه "بهاء مجده، ورسم جوهره" (عب1: 3). ولا شك أن هذا يعنى المساواة... 2- إن كان الآب يمجد الابن، فالابن يمجد الآب أيضاً. فهو قبل عبارة "مجدنى" يقول "أنا مجدتك على الأرض" (يو17: 4) إذن هو تمجيد متبادل بين الآب والابن. لذلك هو يقول فى بدء هذه المناجاة "أيها الآب قد أتت الساعة. مجد ابنك، ليمجدك ابنك أيضاً" (يو17: 1). 3- وهنا نسأل ما معنى التمجيد، إذا ذُكر عن الآب أو عن الابن؟! بل ما معنى أن البشر أنفسهم يمجدون الله؟ كما يقول الرسول "مجدوا الله فى أجسادكم وفى أرواحكم التى هى لله" (1كو6: 20). أو كما يقول الرب فى العظة على الجبل "..ليروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذى فى السموات" (مت5: 16). 4- تمجيد الله لا يعنى اعطاءه مجداً ليس له!! حاشا. إنما معناه الاعتراف بمجده أو اظهار مجده. فعبارة "أنا مجدتك على الأرض" معناها: أظهرت مجدك، أعلنته، جعلتهم يعترفون بمجدك. عرّفتهم اسمك. اعطيتهم كلامك" (يو17). تماماً مثل عبارة "باركوا الرب "أى اعترفوا ببركته، أو اعلنوا بركته. وهكذا قول السيد المسيح "أيها الآب مجّد اسمك" (يو12: 28)، أى أظهر مجده، أعلنه. وبنفس الوضع إجابة الآب "مجدت، وأمجد أيضاً"، أى أظهرت ذلك. كذلك عبارة "مجدنى" لا تعطنى مجداً جديداً، فهو مجد كان لى عندك قبل كون العالم. فما معناها؟ 5- تعنى إظهر هذا المجد الذى احتجب بإخلاء الذات (فى2: 7). حينما أخذت شكل العبد، وصرت فى الهيئة كإنسان "لا صورة له ولا جمال. محتقر ومخذول من الناس" (أش53: 2، 3). إذن يتمجد يعنى يسترد المجد الذى أخلى ذاته منه، الذى حجبه بتجسده. اسمح الآن – بعد الصليب، وفى الصعود – أن فترة الإخلاء تنتهى لأن "العمل الذى أعطيتنى لأعمل قد أكملته" (يو17: 4). 6- اسمح أن الناسوت يشترك مع اللاهوت فى المجد. وهكذا يشير الرسول إلى "جسد مجده" (فى3: 21)... هذا الجسد الممجد الذى صعد به إلى السماء ليجلس عن يمين الآب. 7- مجده، يشير أيضاً إلى صلبه. الذى اتحد فيه مجد الحب الباذل، ومجد العدل المتحد بالرحمة. مجده حينما ملك على خشبة (مز95)، واشترانا بثمن. وهكذا نرتل له يوم الجمعة العظيمة قائلين "لك القوة والمجد.. عرشك يا الله إلى دهر الدهور" (مز45: 6) (عب1: 8). لهذا لما خرج يهوذا ليسلمه قال "الآن تمجد ابن الإنسان، وتمجد الله فيه" (يو12: 31). أى بدأ مجده كمخلص وفادِِ ومحب.. وقال بعدها "فإن كان الله قد تمجد فيه، فإن الله سيمجده فى ذاته، ويمجده سريعاً". 8- نلاحظ ذلك أيضاً فى علاقة الابن بالروح القدس: قال عن الروح القدس "ذاك يمجدنى، لأنه يأخذ مما لى ويخبركم" (يو16: 14). يمجدنى هنا، لا تعنى أن الروح القدس أكبر من الابن فيعطيه مجداً، لأن الابن يقول عنه "يأخذ مما لى". ولا تعنى أن الابن أعظم، فهما أقنومان متساويان. إنما تعنى يظهر مجده للناس. 9- وظهر ذلك أيضاً من جهة استجابة الآب للصلاة عن طريق الابن. إذ قال الرب لتلاميذه "ومهما سألتم باسمى، فذاك أفعله. ليتمجد الآب بالابن" (يو14: 13). يتمجد الآب تعنى يظهر مجده فى استجابته. وعبارة بالابن، لأن الصلاة باسمه، أى عن طريقه... 10- إن الله لا يزيد ولا ينقص. سواء من جهة المجد أو غيره. لا يزيد، لأنه لا يوجد أزيد مما هو فيه. لا يأخذ مجداً أزيد، لأن طبيعته لا حدود لها. ولا ينقص، لأن هذا ضد كمال لاهوته... فعبارة مجدنى لا تعنى أعطنى مجداً ليس لى، إنما أظهر مجدى الأزلى وبالمثل عبارة "مجدتك"، وكل تمجيد متبادل بين الأقانيم.


--------------------------------------------------------------------------------------






ما المقصود بكلمة الزمان فى عبارات كتابية مثل: (مر1 : 15) قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل. (غل4 : 4) لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً من إمراة.·

المقصود هو الزمان الخاص بهذا الموضوع. لما بدأ السيد المسيح يبشر، قال "قد كمل الزمان"، أى الزمان الخاص بمجئيه، وبنشر ملكوت الله على الأرض.. (وليس الملكوت الأبدى، أو ملكوت السموات).. كمل الزمان الخاص بالعهد القديم، الخاص بالنبوءات والرموز. وحان الوقت لإتمام كل ما هو مكتوب، وكل ما أشار إليه الناموس والأنبياء. وبالمثل قيل "ملء الزمان" بنفس المعنى.. لقد كمل وإمتلأ زمان الإستعداد والإشارة إلى التجسد. وبدأ تنفيذ ما هو مكتوب... وكلمة زمان تعنى فترة محددة. وهكذا قيل عن أليصابات بعد حبلها "وأما أليصابات فتم زمانها لتلد، فولدت إبناً" (لو1 : 57). وقال السيد المسيح لتلاميذه قبيل صلبه "يا أولادى، أنا معكم زماناً قليلاً بعد" (يو13 : 33). وقيل عن عمر الإنسان إنه زمان. فقال القديس بطرس الرسول "سيروا زمان غربتكم بخوف" (1بط1 : 17). وقد تعنى كلمة (زمان) فترة محددة. كما قال الرب عن الخاطئة إيزابل "أعطيتها زماناً لكى تتوب.. ولم تتب" (رؤ2 : 21).. أى فترة فى علم الله لم يحددها... وكلمة زمان قد تعنى وقتاً جميلاً. كما قيل عن ملاقاة يعقوب لإبنه يوسف "وبكى على عنقه زماناً" (تك46 : 29) وعملياً قد تعنى الكلمة هنا بضعة دقائق، عبّر عنها بزمان. وكذلك قيل فى سفر الجامعة "لكل شىء زمان، ولكل أمر تحت السموات وقت" (جا3 : 1). ولذلك عبارة "فى الزمان الحاضر" (رو8 : 18) تعنى الوقت الحاضر، أو العمر الحاضر، أو العصر الحاضر كما فى (رو11 : 5). ولذلك فكلمة (زمان) تجمع وتثنى وتنصف. كما قيل فى سفر دانيال النبى " إلى زمان وأزمنة ونصف زمان" (دا 7 : 25). وأيضاً "إلى زمان وزمانين ونصف" (دا 12 : 7). ووردت نفس العبارة تقريباً فى سفر الرؤيا "زماناً وزمانين ونصف زمان" (رؤ12 : 14). إذن لا يوجد قياس معين لكلمة (زمان) فى كل النصوص السابقة. قد تعنى وقتاً، أو عمراً، أو جيلاً، أو فترة محددة، أو فترة فى علم الله، أو عصراً...


---------------------------------------------------------------------------------------


هل هناك تشابه بين الثالوث المسيحى و (الثالوث) الوثنى؟ وإلا فما هو الفرق بينهما؟ وهل من أسباب إنتشار المسيحية فى مصر، التشابه بين عقيدة الثالوث فيها، وعقيدة (الثالوث) فى قصة أوزوريس وإيزيس وحورس؟·

لو كان سبب انتشار المسيحية بسرعة فى مصر، هو التشابه بين عقائدها والعقائد المصرية الفرعونية... فما سبب إنتشار المسيحية فى باقى بلاد العالم؟ هل هو تشابه أيضاً فى العقائد؟! وإن كان هناك تشابه، فلماذا اضطهدت الوثنية المسيحية؟ ولماذا قتل الوثنيون القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية؟! ولماذا حدث صراع عنيف بين الوثنية والمسيحية على مدى أربعة قرون، إنتهى بانقراض الوثنية، فتركها عابدوها، وتحطمت الأوثان..! لاشك أن المسيحية كشفت ما فى الوثنية من زيف وخطأ، وليس ما بينها من تشابه! وإلا فما الداعى لدين جديد يحل محل الوثنية؟ ومن جهة عقيدة الثالوث، فالواضح أن الوثنية لا تؤمن بها. الوثنية تؤمن بتعدد الآلهة فى نطاق واسع، وليس بثالوث. فمصر الفرعونية كانت تؤمن بالإله (رع)، الذى خلق الإله (شو) والالهة (نفتوت). وباقترانهما أنجبا الإله جب (إله الأرض)، والإلهة نوت (إلهة السماء)، اللذين تزوجا وأنجبا أوزوريس، وإيزيس، وست، ونفتيس، وبزواج أوزوريس وإيزيس أنجبا الإله حورس.. إلى جوار آلهة آخرى كثيرة كان يعبدها المصريون.. فأين عقيدة (الثالوث) فى كل هذه الجمهرة من الآلهة؟! هل يمكن إنتقاء أية ثلاثة آلهة وتسميتهم ثالوثاً؟! وفى مثال قصة أوزوريس وإيزيس، ذكرنا عشرة آلهة مصرية، لو أردنا أن نأخذ هذه القصة كمثال.. كما أن فى قصة تخليص إيزيس لزوجها المقتول أوزوريس، وإعادته إلى الحياة، ساعدها تحوت إله الحكمة، وأنوبيس إله التحنيط، وأيضاً ساعدتها أختها نفتيس.. فليست القصة (ثالوثاً). وليست فى عقائد المصريين القدماء عقيدة تسمى التثليث على الإطلاق.. ومع كل ذلك نقول: إن المسيحية لا تؤمن بتثليث فقط، إنما بتثليث وتوحيد. وهذا التوحيد لا توافق عليه العبادات المصرية التى تنادى بالتعدد. ففى قانون الإيمان المسيحى نقول فى أوله "بالحقيقة نؤمن بإله واحد". وحينما نقول باسم الآب والابن والروح القدس، نقول بعدها "إله واحد.آمين". وفى الرسالة الأولى للقديس يوحنا الإنجيلى يقول "الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد" (1يو5 : 7). ووردت عبارة "الله واحد" فى مواضيع كثيرة من الكتاب المقدس. وردت فى (غلاطية3: 20)، وفى يعقوب (2: 19)، وفى (أفسس4: 5). وفى (1تى2: 5). وأيضاً فى (يو5: 44)، (رومية3: 30)، (مت19: 17)، (مر12: 29 ، 30). كما أنها كانت تمثل الوصية الأولى من الوصايا العشر (خر20: 3). وما أوضح النص الذى يقول "الرب إلهنا رب واحد" (تث6: 4). وعبارة الإله الواحد ترددت مرات عديدة فى سفر أشعياء النبى على لسان الله نفسه، كما فى (أش43: 10، 11)، (أش45: 6، 18، 21)، (أش46: 9). والمسيحية تنادى بأن الأقانيم الثلاثة إله واحد. كما وردت فى (1يو5: 7). وكما وردت فى قول السيد المسيح "وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت28: 19)، حيث قال باسم، ولم يقل بأسماء. ولعل سائلاً يسأل كيف أن 1+1+1= 1 فنقول 1×1×1= 1 . الثالوث يمثل الله الواحد، بعقله وبروحه، كما نقول إن الإنسان بذاته، وبعقله وبروحه كائن واحد، وإن النار بنورها وحرارتها كيان واحد... ولكن أوزوريس وحورس ليسوا إلهاً واحداً بل ثلاثة. وهذا هو أول خلاف بين هذه القصة والثالوث المسيحى. والخلاف الثانى إنها تمثل قصة زواج إله رجل (هو أوزوريس)، وإلهة إمراة (هى إيزيس) أنجبا إلهاً إبناً (هو حورس). وليس فى الثالوث المسيحى إمرأة، ولا زواج، حاشا.. ! ولو كل أب وأم وابن يكونون ثالوثاً.. لكان هذا الأمر فى كل مكان، وفى كل بلد، وفى كل أسرة. ولكنه فى كل ذلك لا علاقة له بالثالوث المسيحى. فالإبن فى المسيحية ليس نتيجة تناسل جسدانى. حاشا أن تنادى المسيحية بهذا، فالله روح (يو4: 24). وهو منزه عن التناسل الجسدى. والابن فى المسيحية هو عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل. وبنوة الابن من الآب فى الثالوث المسيحى، مثلما نقول "العقل يلد فكراً" ومع ذلك فالعقل وفكره كيان واحد. ولا علاقة لهما بالتناسل الجسدانى... الفكر يخرج من العقل، ويظل فيه، غير منفصل عنه. أما فى التناسل الجسدانى، فالإبن له كيان مستقل قائم بذاته منفصل عن أبيه وأمه. وكل من الأب والأم له كيان قائم بذاته، منفصل عن الآخر. وهنا نجد خلافاً مع الثالوث المسيحى. فالأقانيم المسيحية، متساوية فى الأزلية. لا تختلف فى الزمن. الله بعقله وبروحه منذ الأزل. أما فى قصة أوزوريس وإيزيس، فحدث أن ابنهما حورس لم يكن موجوداً قبل ولادته، وهو أقل منهما فى الزمن. كذلك قد يوجد اختلاف فى العمر بين أوزوريس وايزيس. وهما الإثنان لم يكونا موجودين قبل ولادتهما من جب ونوت.. أما الله فى الثالوث المسيحى فهو كائن منذ الأزل، وعقله فيه منذ الأزل، وروحه فيه منذ الأزل. لم يمر وقت كان فيه أحد هذه الأقانيم غير موجود. لكل الأسباب السابقة لا يمكن أن نرى لوناً من التشابه بين الثالوث المسيحى، وما فى الوثنية من تعدد الآلهة، واختلاف فى الجنس بين الآلهة، هذا ذكر وتلك أنثى، وأيضاً ما فى الوثنية من تزاوج بين الآلهة، وإنجاب...


----------------------------------------------------------------------------------------


ما معنى قول القديس بولس الرسول "أكمل نقائص شدائد المسيح فى جسمى" (كو1 : 24) ؟·

لا شك أن هناك أنواعاً من الشدائد لم يتعرض لها السيد المسيح. فمثلاً السيد المسيح لم يرجم مثلما رجم الشهيد إسطفانوس (أع7). وكما رجم بولس الرسول (2كو 11: 25). وكثير من الشهداء قطعت أعضاؤهم. مثل الشهيد يعقوب المقطع، أو نشروا، أو قطعت رؤوسهم بالسيف (عب11 : 37). والسيد المسيح لم يتعرض لمثل هذه الأنواع، على الرغم من أن صلبه كان أكثر إيلاماً من كل تلك الأنواع وأكثر سخرية من مشاهديه.. أما تكميل أنواع الشدائد، فيعنى أن جسد المسيح الذى هو الكنيسة، قد اكتملت فى أعضائه كل أنواع الآلام. وهكذا قال الرسول "أفرح فى آلامى لأجلكم، وأكمل نقائص شدائد المسيح فى جسمى، لأجل جسده الذى هو الكنيسة" (كو1 : 24).


---------------------------------------------------------------------------------------


هل ضد لاهوت المسيح، أنه كان يصلى، وأنه كان أحياناً يتعب؟ كيف نفسر صلاته وتعبه وأمثال تلك الأمور؟·

أصحاب هذا السؤال يركزون على لاهوت المسيح، وينسون ناسوته! إنه ليس مجرد إله فقط، وإنما أخذ طبيعة بشرية مثلنا، ناسوتاً كاملاً، بحيث قال عنه الكتاب إنه شابهنا فى كل شئ ما عدا الخطية (عب2: 17). ولولا أنه أخذ طبيعتنا، ما كان ممكناً أن يوفى العدل الإلهى نيابة عنا. إنه صلى كإنسان، وليس كإله. لقد قدم لنا الصورة المثلى للإنسان. ولو كان لا يصلى، ما كان يقدم لنا ذاته مثالاً. لذلك صلى... وفى صلاته علمنا أن نصلى، وعلمنا كيف نصلى. وأعطانا فكرة عملية عن أهمية الصلاة وقيمتها فى حياتنا.. وفى بعض صلواته – كما فى بستان جثسيمانى، عرفنا كيفية الجهاد فى الصلاة (لو22: 44). ولو كان المسيح لا يصلى، لاعتبرت هذه تهمة ضده. ولاعتبره الكتبة والفريسيون بعيداً عن الحياة الروحية، وصار لهم بذلك عذر فى أن لا يتبعوه، إذ ليست له صلة بالله! وبنفس الطبيعة البشرية كان يتعب ويجوع ويتألم. لأنه لو كان لا يتعب ولا يجوع ولا يعطش ولا يتألم، ولا ينعس وينام، ما كنا نستطيع أن نقول أنه ابن الإنسان، وإنه أخذ الذى لنا، وأخذ نفس الطبيعة المحكوم عليها بالموت، لكى بها ينوب عنا فى الموت، ويفدى الإنسان. إنه لم يتعب كإله. فاللاهوت منزه عن التعب. ولكن هذه الطبيعة البشرية التى اتحد بها لاهوته، والتى لم ينفصل عنها لحظة واحدة ولا طرفة عين، هى التى تعبت، لأنها طبيعة قابلة للتعب.. والسيد المسيح لكى يكون تجسده حقيقة ثابتة، يمكنها القيام بالفداء، سار على هذه القاعدة: لم يسمح أن لاهوته يمنع التعب عن ناسوته. وذلك لكى يدفع ثمن خطايانا، ويكفر عن خطايا الشعب (عب2: 17). ونحن نشكره إذ تحمل التعب والألم لأجلنا. وبتعبه قدس التعب، وصار كل إنسان يكافأ بحسب تعبه (1كو3: 8).


------------------------------------------------------------------------------------


أنا باستمرار مصاب بحالة من التردد الشديد عند عمل أى شىء! فما نصيحة قداستكم لى ؟!·

التردد يأتى من الشك والخوف وعدم المعرفة الوثيقة. فأنت خائف لئلا يكون عملك فيه خطأ، أو يكون ضاراً، أو لا يليق. وأنت خائف من النتائج ومن ردود الفعل. وغير واثق مما تعمله، لئلا يصيبك الندم إن فعلته. لذلك أنت متردد: تعمل أو لا تعمل... التردد إذن فيه عامل عقلى، وعامل نفسى. ومن الجائز أن العامل العقلى يؤدى إلى العامل النفسى. فمادام عقلك غير واثق من صحة أو فائدة ما تعمله، لذلك تصاب نفسيتك بالارتباك والخوف فتتردد. لذلك عليك أن تفكر جيداً وتدرس، حتى تتأكد قبل أن تعمل عملاً... وإن كان فكرك لا يساعدك، فاستشر غيرك. على أن تستشير شخصاً موثوقاً بمعرفته. وكما يقول الشاعر : إذا كنت فى حاجة مرسلاً فإرسل حكيماً ولا توصهِ وإن باب أمر عليك التوى فشاور لبيباً ولا تعصــــهِ وعودّ نفسك أن تبتّ فى الأمور، ولا تستغرق وقتاً طويلاً أزيد مما يجب فى الفحص والتأكد. الفحص لازم إن كان يأتى بنتيجة. أما الفحص المتردد الذى ينحرف يمنة ثم يسرى دون استقرار، وإنما يتوه فى متناقضات بغير نتيجة.. فهذا هو التردد ولا ينفعك بشىء.. واعرف أن كل الأمور ليست خطيرة كما تتوقع. فهناك أمور بسيطة لا تخسر فيها شيئاً إن اتخذت قراراً ما أو عكسه. لذلك جرّب البت فى الأمور البسيطة. وقل لنفسك إن حوربت بالتردد فيها. إن كان تصرفى حسناً، فهذا خير. وإن ظهر أنه خطأ، سأستفيد منه خبرة تنفعنى فى أمور مماثلة. ثم أدرس متاعب التردد ونتائجه السيئة. من جهة ما يستغرقه من وقت، ربما بذلك يضيع أمامك فرصة ثمينة تفقدها بترددك. وأيضاً من جهة ما يوقعك فيه التردد من حيرة، ومن تعب ذهنى ونفسى. وأيضا يجعل شخصيتك مهزوزة لا تستطيع التصرف، أو أنك تستقر على أمر، ثم تعود وترجع فيه لتسير فى طريق عكسى وهكذا تقع فى مشاكل اجتماعية من جهة ثقة الناس وعدم إحترامهم لشخصيتك. تعود إذن التفكير المتزن والجرأة والاستشارة، وعدم العودة إلى مناقشة أمر استقر رأيك عليه ورأى محبيك ومشيريك.وليكن الرب معك.


------------------------------------------------------------------------------------


ورد فى (مت9 : 14، 15) "حينئذ أتى إليه تلاميذ يوحنا قائلين: لماذا نصوم نحن والفريسيون كثيراً، وأما تلاميذك فلا يصومون ؟ فقال لهم يسوع : هل يستطيع بنو العرس أن ينوحو مادام العريس معهم ؟ ولكن ستأتى أيام حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون". فهل كان ليوحنا تلاميذ يصومون صوماً غير تلاميذ المسيح ؟·

طبعاً كانت هناك أصوام فى اليهودية، صامها تلاميذ يوحنا. هذه الأصوم وردت فى سفر زكريا النبى : صوم الشهر الخامس والشهر السابع (زك7 : 5). كما ورد فى نفس السفر "صوم الشهر الرابع، وصوم الخامس وصوم السابع، وصوم العاشر" (زك8 : 19)... + تلك الأصوام كان تلاميذ يوحنا يصومونها، وكل الناس أيضاً. + أما تلاميذ المسيح، فقد بدأوا صوماً آخر مسيحياً، بعد صعود السيد المسيح، وانتهت صلتهم تماماً بأصوام اليهود التى كثيراً ما كان يرفضها الرب.. الذى وبخهم قائلاً "لما صمتم ونحتم فى الشهر الخامس والشهر السابع.. هل صمتم لى أنا ؟!" (زك7 : 5). وقد ورد فى سفر أشعياء عن توبيخ الرب لهم "يقولون لماذا صمنا ولم تنظر؟ ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ؟.. ها أنكم للخصومة وللنزاع تصومون.. لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم فى العلاء. أمثل هذا يكون صوماً أختاره..؟" (أش58 : 3 – 5). وقد بدأ الرب بتدريب تلاميذه على رفض صوم اليهود.. وقال عنهم "حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون" (مت9 : 15).


-----------------------------------------------------------------------------


لماذا لم تذكر البشارة بميلاد المسيح، إلا فى إنجيل لوقا؟·

ليس من الضرورى أن يُذكر كل شئ فى كل الأناجيل. ومع ذلك فإنجيل مرقس بعثه للرومان أصحاب الدولة الرومانية. وأولئك الرومان لا يهمهم أن يولد طفل أبناً لابراهيم، لذلك بدأ مارمرقس انجيله بعبارة "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله" (مر1: 1). وبهذه البداية المعلنة للاهوته، ما كان يهم أن يذكر البشارة بميلاده الجسدى. أما إنجيل يوحنا فقد كتب بعد سنة 90م وكانت قصة البشارة والميلاد معروفة للكل. فاهتم يوحنا بتسجيل الميلاد الأزلى فقال "فى البدء كان الكلمة (اللوجوس)، والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة الله" (يو1: 1). ومجرد الميلاد، ذكره فى عبارة مختصرة تدل على لاهوته أيضاً. فقال: "والكلمة صار جسداً، وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب" (يو1: 14). وانجيل متى اكتفى بالبشارة للقديس يوسف النجار (بعد الحبل المقدس): إذ قال له ملاك الرب "..لأن الذى حُبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد إبناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم.." (مت1: 20- 23). وهذه بلاشك بشارة، تضاف إلى البشارة فى إنجيل لوقا.


-------------------------------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010